
يوم كاد "المواطن كين" أحد أعظم الأفلام في التاريخ أن يُنسى
عندما عُرض فيلم "المواطن كين" (Citizen Kane) لأول مرة في الأول من أيار/مايو عام 1941، لم يكن ذلك في أحد المسارح التاريخية في هوليوود، ولا حتى في إحدى دور السينما الفاخرة في نيويورك. بل افتُتح الفيلم، الذي كان مقدّراً له أن يصبح الأكثر تقديراً على الإطلاق، في قاعة عروض فودفيل سابقة على مسرح برودواي، بعد أن أُلغيت جميع الخطط الأخرى بسبب معارضة إمبراطور الصحافة ويليام راندولف هيرست.
فقد أدرك هيرست، عن حق، أنّ الفيلم كان إدانة مستترة له، فحظر على جميع صحفه التطرّق إلى الفيلم أو إلى مخرجه أورسون ويلز، وفي بعض الروايات، يُقال إنه عرض مكافأة مجزية، تفوق ميزانية الفيلم، لشراء النسخ الأصلية فقط من أجل تدميرها، وفق ما أورد تقرير لمجلة " سميثسونيان".
لاحقاً، صرّح ويلز أنّ أحد رجال هيرست حاول الإيقاع به عبر إرسال فتاة في الرابعة عشرة من عمرها إلى غرفته في الفندق، في محاولة بائسة لتشويه سمعته. كانت حملة ممنهجة للقضاء على مسيرة المخرج الشاب قبل أن تبدأ.
بسبب مقاطعة هيرست، كان "المواطن كين" فشلاً في شباك التذاكر، إذ خسر استوديو "RKO" ما لا يقلّ عن 150 ألف دولار، أي ما يعادل أكثر من 3 ملايين دولار اليوم، رغم أن العديد من النقاد الأوائل كانوا مبهورين. كتب الناقد بوسلي كروذر في "نيويورك تايمز" مادحاً طموح كاتب الفيلم ومخرجه ومنتجه وبطله، أورسون ويلز، مشيراً إلى أنّ أسلوبه الجريء أظهر "حيوية وابتكاراً ملهماً أكثر مما قدّمه أي من الحرفيين المخضرمين خلال سنوات".
يجمع الفيلم بين حكاية نجاح ذاتي على طريقة هوراشيو ألجر وبين مأساة على نمط دكتور فاوست، حيث يروي قصة حياة تشارلز فوستر كين، الذي يرتقي من منزل متواضع في كولورادو إلى قمة النفوذ في الولايات المتحدة كإمبراطور إعلامي مغرور يستطيع بأصابعه الثقيلة أن يغيّر موازين القوى العالمية. ومع ذلك، فإن كلمته الأخيرة الغامضة قبل وفاته، "روزبد"، هي التي تخلق اللغز الذي يدفع حبكة الفيلم.
لكن ما ميّز "المواطن كين" عن غيره هو النهج البصري الثوري الذي اعتمده ويلز، والذي حوّل القصة التقليدية من فقر إلى ثراء إلى مأساة كبرى وسخرية لاذعة. خرج ويلز عن كلّ القواعد، متجاوزاً التسلسل الزمني بحرية، مستخدماً تقنيات مبتكرة في التلاشي والمونتاج لنقل المشاهد بين الأزمنة. حتى التفاصيل الصغيرة كانت سابقة لعصرها: أحد المشاهد الشهيرة في الدقائق الأولى من الفيلم، الذي يظهر انعكاسات في كرة ثلجية محطمة، يلمّح إلى مواضيع الفيلم الكبرى مثل الطموح والإرث، وصورة الذاكرة المشوهة. أرجع ويلز هذه الابتكارات إلى جهله بصناعة السينما، حيث قال في أحد لقاءاته: "فقط عندما تعرف شيئاً عن المهنة تصبح متردداً أو حذراً".
يروي تقرير "سميثسونيان" أنّه بعد عرضه المخيب للآمال في الولايات المتحدة، اختفى الفيلم تقريباً، إلى أن كتب الناقد الفرنسي أندريه بازان، الذي شارك لاحقاً في تأسيس مجلة "دفاتر السينما" الرائدة، مقالة تحليلية عام 1947 وصف فيها "المواطن كين" بأنه "ثورة في لغة السينما". احتفى به النقاد والمخرجون الفرنسيون، ممّا دفع الجمهور الأميركي لإعادة اكتشافه. وأُعيد إصداره في الولايات المتحدة عام 1956، حيث لقي استقبالاً أوسع وأكثر تقديراً.
وبحلول عام 1962، اختاره نحو 70 ناقداً سينمائياً بارزاً كأعظم فيلم أُنتج على الإطلاق. كما أصبح من أكثر الأفلام تأثيراً في تاريخ السينما، خاصة بفضل نزعة ويلز الدائمة للتجريب وشخصيته العنيدة، مما جعله مصدر إلهام رئيسي لمخرجي هوليوود الجدد في السبعينيات. قال المخرج مارتن سكورسيزي ذات مرة: "العنصر الأساسي الذي تعلمناه من ويلز هو قوة الطموح. لقد ألهم عدداً من الناس ليصبحوا مخرجين أكثر من أي شخص آخر في تاريخ السينما".
لكن كراهية هيرست لويلز تسبّبت في ضرر دائم لمسيرته: فبعد نجاحه المبكر، وجد المخرج العبقري نفسه في صراع دائم مع استوديوهات الإنتاج من أجل السيطرة الإبداعية، وكافح مراراً لتأمين التمويل لأعماله، ولم يحقق أي من أفلامه أرباحاً خلال حياته. حتى أنه قال ساخراً عن مسيرته: "بدأت من القمة، وما زلت أشق طريقي نحو الأسفل". هذه اللعنة التي ألقاها هيرست على ويلز زادت فقط من الهالة الغامضة المحيطة بأشهر أفلامه وأكثرها تعقيداً.
يمكن القول إنّ ويلز انتصر على هيرست في معركة الإرث، وهو ما اعترفت به مؤسسة هيرست نفسها عام 2015، عندما عرضت "المواطن كين" في قصر سان سيميون الشهير، الذي كان مقرّ هيرست الفخم في كاليفورنيا. ومع ذلك، تبقى القصة المثيرة للجدل وراء الفيلم عنصراً أساسياً في عظمته الأميركية الفريدة.
في مقالها الشهير عام 1971 عن إنتاج الفيلم، رأت الناقدة بولين كايل أنّ هيرست كان في النهاية "ضحية لأسلوبه الصحفي نفسه". بعبارة أخرى، واجهه ويلز بسلاحه ذاته، حيث صنع فيلماً مذهلاً شكّل نوعاً من الصحافة الصفراء بأسلوب فني راقٍ. وبهذا المعنى، لم يكن المواطن كين مجرد علامة فارقة في السينما الأميركية لعام 1941، بل كان أيضاً نذيراً بظهور تلفزيون الواقع وثقافة الفضائح التي تمثلها اليوم مواقع مثل "TMZ"، إلى جانب اتجاهات أخرى أقل شأناً في المشهد الترفيهي والحياة العامة الأميركية. إنه إنجاز فني ساحق، مشبع بروح الإثارة التي لطالما غذّت الصحافة الشعبية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 5 ساعات
- ليبانون 24
تيليغرام تحفّز صناع المحتوى بجائزة مالية ضخمة
جولة أخرى من المنافسة المثيرة بين Telegram وWhatsApp، وقد ينتهي الأمر بشخص ما بحصوله على 50 ألف دولار إضافية في حسابه المصرفي إذا فاز في أحدث مسابقة التي أعلنت عنها منصة تيلجرام حديثًا. وتقوم هذه المسابقة الموجهة إلى منشئ المحتوى، والتي تطالب المتسابق بإنشاء مقطع فيديو فيروسي يكشف كيف أن Telegram كان دائمًا متقدمًا بسنوات على نسخته الرخيصة واتساب. ومن جانبه أكد بافيل دوروف ، المدير التنفيذي ومؤسس Telegram ، أن المنصة خصصت حوالي 50 ألف دولار مقابل هذه الفيديو، موضحًا بأن المسابقة تأتي ردًا على التقارير التي تفيد بأن واتساب انخرط في حملات تشويه تستهدف تيليجرام. ويقول المنظمون إن الحملة الجديدة تهدف إلى زيادة الوعي بين مستخدمي واتساب، والذين قد لا يكون الكثير منهم على دراية بأن الميزات التي يعتمدون عليها كانت رائدة في تيليجرام قبل سنوات. ولمساعدة المشاركين، شاركت Telegram قائمة تضم 30 ميزة بارزة قدمتها أولاً - وتم تنفيذها جميعًا لاحقًا بواسطة WhatsApp القائمة ليست شاملة ولا تتضمن العديد من ميزات Telegram التي لا يزال ليس لها مثيل على WhatsApp. تصل قيمة جائزة المسابقة إلى 50 ألف دولار، والموعد النهائي للتقدم اليها سيكون الموافق من 26 أيار 2025، ويمكن للجميع المشاركة وسيتم الإعلان عن النتائج في شهر يونيو المقبل. ونصت المسابقة على حزمة من الشروط أهمها يجب أن تكون جميع النصوص على الشاشة والمحتوى المنطوق باللغة الإنجليزية ، ويجب ألا يتجاوز الفيديو 180 ثانية (أي ثلاث دقائق، ويُسمح باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كمساعدة تكميلية وستقوم عملية التقييم باختيار مقاطع الفيديو التي تحصل على درجات عالية من الوضوح والتأثير البصري وإمكانية تحويلها إلى ميم وانتشارها، كما يقول المنظمون يجب أن يكون الفيديو مناسبًا للمنصات مثل Tik-Tok وIG Reels وYouTube Shorts والمزيد.


النهار
منذ 10 ساعات
- النهار
بعد إطلاق "وردة كاثرين"... ميغان ماركل تنسق باقة وردية (فيديو)
تتواصل فصول التوتر غير المعلن بين كيت ميدلتون وميغان ماركل، حتى بعد انتقال الأخيرة إلى الولايات المتحدة، وسط مراقبة دقيقة من الجمهور لكل تحرك أو ظهور لهما، ما يضعهما باستمرار في دائرة المقارنة. وزادت أخيراً وتيرة هذا التباين بعدما أُطلقت "وردة كاثرين"، وهي نوع جديد من الورود تكريماً لأميرة ويلز كيت ميدلتون، احتفاء بقوة الطبيعة الشافية وتعزيز أهمية التواجد في المساحات الخضراء من أجل الصحة النفسية والجسدية. وقد تمّت زراعة الوردة الجديدة، التي أطلق عليها اسم "Rosa"، من قبل شركة "هاركنس روزز". بعد أسبوع فقط، شاركت دوقة ساسكس ميغان ماركل مقطع فيديو عبر إنستغرام ظهرت فيه وهي تنسّق باقة زهور وردية على أنغام أغنية "Doin' It"، مرفقة بتعليق: "يوم أحد سعيد يا أصدقائي"، وهي خطوة أعادت إشعال المقارنة بين أميرة ويلز والدوقة. View this post on Instagram A post shared by Meghan, Duchess of Sussex (@meghan) ورغم هذه المقارنات، كانت ماركل قد كشفت في مسلسلها الوثائقي "مع الحب، ميغان" عبر نتفليكس، عن شغفها الشخصي بالزهور، قائلة: "تعلمت الكثير من هذا عندما كنت حاملاً بآرتشي... بدأت أجد هذا الأمر مريحاً وتأملياً، وغالباً ما أنهي يومي بكأس من النبيذ وتنسيق الزهور". من جهته، نشر حساب أمير وأميرة ويلز صوراً لـ"وردة كاثرين"، وأرفقها بتعليق عبّر عن تقديرهما للطبيعة: "قضاء الوقت في الطبيعة كان دائماً مصدراً للراحة والقوة. فالحدائق لا توفّر الجمال فقط، بل تساهم في دعم صحتنا النفسية والجسدية والروحية". View this post on Instagram A post shared by The Prince and Princess of Wales (@princeandprincessofwales)


بيروت نيوز
منذ 13 ساعات
- بيروت نيوز
ابرزها سقوط طائرة فوق المتوسط.. احداث طبعت 19 أيار هذه اهمها
شهد تاريخ 19 أيار العديد من الأحداث حول العالم، أكانت سياسية أم اجتماعية أم فنية. ونشر موقع 'History' الأميركي المتخصص بالشؤون التاريخية أبرز الأحداث التي طبعت هذا التاريخ. وبحسب الموقع، 'في 19 أيار 1536، تم إعدام آن بولين، الزوجة الثانية السيئة السمعة للملك هنري الثامن، بتهم تشمل الزنا والتآمر ضد الملك. وكان الملك هنري وقع في حب آن بولين في منتصف عشرينيات القرن السادس عشر، عندما عادت من خدمتها في البلاط الفرنسي وأصبحت وصيفة زوجته الأولى، كاثرين الأراغونية. ولكن في صباح ذلك اليوم، تجمع حشد صغير في تاور غرين (Tower Green) بينما كانت آن بولين تقترب من مصيرها النهائي، مرتدية ثوبًا رماديًا داكنًا، وشعرها مغطى بغطاء رأس فوق قبعة بيضاء من الكتان. وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة على تنفيذ حكم الإعدام، خُطِبَ هنري رسميًا لجين سيمور وصيفة آن، وتزوجا بعد حوالى عشرة أيام من وفاة بولين. وفي حين أن الملكة جين أنجبت الابن الذي طال انتظاره، والذي سيخلف هنري كملك إدوارد السادس في سن التاسعة، فإن ابنته من آن بولين هي التي ستحكم إنكلترا لأكثر من 40 عامًا وهي الملكة إليزابيث الأولى'. وتابع الموقع، 'في تاريخ 19 أيار من العام 1897 تم إطلاق سراح الشاعر والكاتب المسرحي الإيرلندي أوسكار وايلد بعد عامين في السجن. وكانت تجاربه في السجن هي الأساس لعمله الأخير، قصيدة سجن ريدينغ The Ballad of Reading Gaol (1898). وفي هذا التاريخ من عام 1935، توفي توماس ادوارد لورانس، المعروف عالميًا باسم لورانس العرب (Lawrence of Arabia). وكان بطل الحرب الأسطوري والمؤلف وعالم الآثار قد لقي حتفه متأثرًا بإصابات تعرض لها في حادث دراجة نارية قبل ستة أيام. وفي 19 أيار 1943، خطط رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت لعملية إنزال عبر القناة الإنكليزية والتي سيتم تفيذها بتاريخ 1 أيار 1944، لكن بسبب سوء الأحوال الجوية، تم تنفيذ خطة يوم النصر في السادس من حزيران 1944'. وأضاف الموقع، 'في ذلك اليوم من العام 1962، غنت مارلين مونرو أغنية 'عيد ميلاد سعيد' لجون إف كينيدي خلال حفل عيد ميلاده. وأصبح فستانها المزين بالترتر، الذي ارتدته في الحفل، أغلى فستان بيع في مزاد عام 2016، حيث بيع بـ 4.8 مليون دولار. وفي العام 1967، دخلت إحدى أولى المعاهدات الرئيسية المصممة للحد من انتشار الأسلحة النووية حيز التنفيذ بتصديق الاتحاد السوفيتي على اتفاقية تحظر الأسلحة النووية من الفضاء الخارجي. وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وعشرات الدول الأخرى قد وقّعت و/أو صادقت على المعاهدة'. وبحسب الموقع، 'في 19 أيار 2016، اختفت طائرة مصر للطيران رقم 804، وعلى متنها 66 راكبًا وطاقمًا، متجهة من القاهرة إلى باريس، فوق البحر الأبيض المتوسط، واستغرق العثور على حطام الطائرة شهرًا. في البداية، ساد الاعتقاد بأن الحادث سببه عمل إرهابي، لكن السبب الحقيقي كُشف في العام التالي. بعد نقاش وتحقيق، نفت السلطات الفرنسية الادعاء المصري بالعثور على مواد متفجرة في البقايا، بل توصلت إلى أن حريقًا تسبب في سقوط الطائرة. وقد أدى اختفاء الطائرة، إلى جانب حادث إسقاط طائرة ركاب روسية فوق شبه جزيرة سيناء قبل بضعة أشهر فقط، إلى تجدد المخاوف الأمنية من الإرهاب'. وتابع الموقع، 'في مثل هذا اليوم من العام 2018، تزوج الأمير هاري، أمير بريطانيا، من الممثلة الأميركية ميغان ماركل، في كنيسة القديس جورج في قلعة وندسور (Windsor Castle)، وحضر الحفل نحو 600 ضيف، وشاهده ما يقرب من ملياري شخص حول العالم عبر شاشات التلفزيون. واعتبر الكثيرون آنذاك زواج الأمير هاري وميغان ماركل، المطلّقة ومن عرق مختلف، دليلاً على دخول العائلة المالكة البريطانية عصراً حديثاً جديداً ومتكاملاً. وبعد مرور عام تقريبًا على زواجهما، رُزق الزوجان بمولودهما الأول، آرتشي، في 6 أيار 2019. وأنجبت ميغان ابنتهما، ليليبت، في 4 حزيران 2021'.