
كشمير.. حيث يعانق النهر الجبل وتبتسم الطبيعة
كشمير – بين سلاسل جبال الهيمالايا الممتدة شمالي باكستان ، تختبئ كشمير كجوهرة في قلب الطبيعة، تحيط بها الأنهار الرقراقة، والغابات الكثيفة، والوديان التي تنساب في حضن السحاب.
كشمير تزخر بالأنهار الجارية، والشلالات المدهشة، والبحيرات الصافية التي تعكس زرقة السماء وصفاء الروح. أينما التفت، تجد الجبال الخضراء تملأ الأفق، والهواء النقي ينعش الأنفاس.
تملك كشمير الباكستانية كل المقومات الطبيعية التي تجعلها مقصدا رئيسيا لمحبي الطبيعة والمغامرة. من وادي نيلم الشهير بجماله الأخضر، إلى بحيرة شونتار ذات المياه الفيروزية، ومن الشلالات الهادرة إلى المراعي الهادئة، يجد الزائر هنا لوحة طبيعية لا مثيل لها. ورغم التحديات السياسية واللوجستية التي تمر بها المنطقة، فإن كشمير تبقى من أجمل البقاع التي يمكن أن يقصدها السائح، إذ تقدم فرصة للهروب من صخب المدن إلى عالم من الهدوء، والصفاء، والطبيعة العذراء.
تأخذكم عدسة الجزيرة نت في جولة مصوّرة إلى كشمير الباكستانية، أرض الجمال الهادئ والمشاهد التي تُشبه اللوحات.
من مدينة مظفر آباد (عاصمة كشمير الباكستانية) إلى وادي نيلم، تنتقل بك كشمير من مشهد إلى آخر وكأنك في فيلم وثائقي حي يجسد جمال الطبيعة.
مظفر آباد حيوية المدينة في قلب الطبيعة
أبرز معلم يصادفك وأنت متجه من العاصمة الباكستانية إسلام آباد إلى كشمير مدينة مظفر آباد عاصمة كشمير، حيث يمكن للزائر أن يتأمل عناق العمران بالمشاهد الطبيعية الخلابة.
ووسط مظفر آباد، يلتقي نهر نيلم ونهر جهلم ليشكلا معا نهر جهلم الكبير، وتنتشر البيوت ذات الأسقف الحمراء حوالي النهر.
الطريق إلى وادي نيلم رحلة بين الجبال
الطريق إلى وادي نيلم ليس مجرد انتقال جغرافي، بل رحلة حسّية عبر ممرات ضيقة تحفها الجبال الشاهقة. كل منعطف يكشف عن مشهد جديد: نهر بعيد، أو قرية معلّقة، أو صقور تحلق في السماء.
عند هذه النقطة البانورامية المطلة على وادي نيلم، تستقبلك لافتة ضخمة كُتب عليها "نحن نحب نيلم"، وكأنها تلخص مشاعر كل من زار هذا المكان. المشهد خلف اللافتة يسرق الأنفاس، جبال خضراء يغمرها الضباب، ونهر نيلم يشق الوادي بهدوء آسر.
من القرى الجبلية الصغيرة التي تحتضنها قمم شامخة إلى المروج الواسعة التي تتزين بالأزهار البرية، تقدم كشمير مناظر تأسر العين وتسحر القلب. سواء كنت من عشاق التصوير أو من محبي المغامرة، ستجد نفسك هنا في عالم آخر من الجمال.
يقول الكشميري أحمد علي الذي يسكن في وادي نيلم، للجزيرة نت، إن الناس هنا معتادون على رؤية الطبيعة بأبسط صورها، أنهار صافية، وغابات كثيفة، وقرى تحافظ على تراثها منذ مئات السنين، مضيفا أن السياح "يندهشون دائما من البساطة والجمال في الوقت نفسه".
يمتد وادي نيلم -بوصفه أشهر وجهة سياحية في كشمير الباكستانية- بشلالاته المدهشة وجباله الخضراء. إلى جانب ذلك، تشتهر بحيرة شونتار بمياهها الفيروزية اللامعة، بينما تجذب وديان -مثل كيل وراولاكوت- عشاق التسلق والتخييم وسط الطبيعة.
صراع ممتد لعقود
لا يمكن الحديث عن كشمير من دون الإشارة إلى الصراع الطويل الذي ألقى بظلاله على هذه المنطقة، حيث تتنازع الهند وباكستان على هذا الإقليم منذ عام 1947، حين قُسِّمت شبه القارة الهندية. وتسبب النزاع في عدم استقرار كشمير وعدم تطويرها وتأهيلها لتكون قبلة للسياح من شتى أقطار العالم.
سحر الطبيعة وسخاء السكان
لا تقتصر تجربة الزائر على المناظر الطبيعية، بل تشمل أيضًا التفاعل مع السكان المحليين الذين يُعرفون بكرمهم وحفاوتهم. فكشمير لا تُدهشك فقط بمناظرها، بل بطبيعة أهلها أيضًا. الكشميريون ودودون، يرحبون بالضيف بابتسامة صادقة. في السوق المحلي، تُعرض المطرزات والمنسوجات اليدوية التي تحكي تاريخا غنيا.
يقول أحد الزوار -وهو قادم من إسلام آباد- للجزيرة نت: "لم أتوقع أبدًا هذا المستوى من الترحيب. الناس هنا يُعاملونك كأنك فرد من عائلتهم. إنها واحدة من أجمل التجارب الإنسانية التي مررت بها".
التجول وسط الأسواق التقليدية والحرف اليدوية المحلية:
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
الجنرال عاصم منير.. التهديد الباكستاني الذي تخشاه الهند
في الأول من مايو/أيار الماضي، وقف قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير (رُقي إلى رتبة فيلد مارشال "مشير" بعد ذلك بأيام) فوق دبابة أثناء مناورة عسكرية، مُوجِّها خطابا تحذيريا للهند بعدما تصاعدت حدة التوترات بين البلدين، حيث أعلنت نيودلهي عن نيتها شن هجومٍّ على مواقع عسكرية باكستانية. خطب قائد الجيش في قواته حينها قائلا: "أي مغامرة عسكرية غير محسوبة من جانب الهند ستقابلها باكستان برد سريع وحازم وصاعق". اعتُبرَت كلمات منير الظهور الإعلامي الأشهر والأكثر حدة له، رغم ما عُرِف عنه من تفضيله العمل بعيدا عن عدسات الإعلام، واقتصار ظهوره على المناسبات العسكرية الرسمية منذ توليه المنصب الأعلى في الجيش الباكستاني في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. حظي خطاب منير باهتمام واسع النطاق، لا سيما بعدما تعهد بالوقوف إلى جانب الكشميريين الذين يخوضون "نضالا بطوليا" ضد "الاحتلال" الهندي حسب وصفه، وهو ما دفع بعض المحللين إلى اعتبار كلماته تحوُّلا في الموقف الباكستاني الذي بات يتخذ طابعا أكثر تحديا وميلا إلى المواجهة المباشرة مع الهند. وفي 6 مايو/أيار، منح رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف تفويضا كاملا من الحكومة للجيش الباكستاني كي يرد ردا مناسبا على الهجوم الهندي، ومن ثم صار عاصم منير مهندس الهجوم المضاد الذي شنته باكستان على عدة مواقع عسكرية في الهند. خلال الحرب التي استمرت زهاء 4 أيام فقط، وقبل أن يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، صرَّح المتحدث باسم الجيش الباكستاني عن تحليق مُسيَّرات بلاده فوق العاصمة الهندية نيودلهي، وإسقاط 5 مقاتلات هندية بينها 3 من طراز " رافال" الفرنسية. وفي يوم 10 مايو/أيار، خرج رئيس الوزراء شهباز شريف مُعلنا انتصار بلاده في صدِّ العدوان الهندي، ومُوجِّها الشكر لقائد الجيش عاصم منير (إضافة إلى قائدي القوات البحرية والجوية) قائلا إنه "لولا عزيمته القوية وذكاؤه الحاد وقيادته البطولية لما تمكنت البلاد من تحقيق هذا الانتصار التاريخي على الهند". وفي أعقاب ذلك خرج سكان المدن الكبرى إلى الشوارع مُعبِّرين عن فرحتهم وواصفين منير بأنه "بطل الأمة الباكستانية"، وقد زَينت صوره شوارع العاصمة الباكستانية إسلام آباد مع العلم الأخضر ولافتات النصر. "الملا منير" في عام 2023، وفي قاعة فندق مكتظة بالوزراء والدبلوماسيين والجنرالات بالعاصمة الباكستانية إسلام آباد، وصف مراسل هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فرحات جاويد مقابلته الأولى مع الجنرال عاصم منير قائلا: "كان يتحرك بين الجمع بهدوء وثقة، ويرتدي ملابس مدنية، وقد بدا عليه أنه شخص قليل الكلام ومهذب". لكن بمجرد أن صعد منير إلى المنصة لإلقاء كلمته، تحوَّلت نظرته الهادئة إلى مزيج من الصرامة والحزم، وافتتح خطبته بتلاوة آيات من القرآن الكريم، والتي أصبحت عادة مُميِّزة له بوصفه "حافظ القرآن" الأول الذي يصل إلى منصب رئيس الأركان. كان منير قد أكمل حفظ القرآن كاملا أثناء وجوده في المملكة العربية السعودية وهو ابن 38 عاما، حيث شارك في برنامج التعاون الدفاعي بين الرياض وإسلام آباد. ولد سيد عاصم منير أحمد شاه في مدينة راوَلبندي بإقليم البنجاب في يونيو/حزيران 1966، وهو ينحدر من عائلة متدينة مرموقة تعود أصولها إلى مدينة جالَندَر في الهند، لكنها هاجرت إلى باكستان في أعقاب استقلال باكستان عن الهند عام 1947. لم تخلُ نشأة منير من تربية دينية، فقد كان أشقاؤه من حفظة القرآن الكريم، أما والده سيد منير فكان معلما وإماما، وعمل مديرا لمدرسة "إف جي" الفنية بمدينة طارق آباد، وهي المدرسة التي تلقى فيها منير تعليمه الأساسي قبل أن يلتحق بمدرسة "دار التجويد" المركزية حيث درس القرآن والتجويد. ولهذا السبب تطلق عليه وسائل الإعلام الهندية لقب "الجنرال الملا" أو "الملا منير"، وهو اللقب الذي اشتهر به بين نقاده، إذ أبدى البعض تحفظه على مرجعيته الدينية واستشهاده المتكرر بالقرآن الكريم في خطاباته، معتبرين أن ذلك دلالة على التوجه الديني المحافظ للجنرال الباكستاني. بدأ منير حياته العسكرية عام 1986 عندما التحق بمدرسة تدريب الضباط في مانغلا، ثم انضم إلى "أكاديمية كاكول العسكرية" شمال غربي البلاد حيث أصبح متدربا في كتيبة من حرس الحدود. وقد واصل منير تعليمه في العديد من المؤسسات والمعاهد العسكرية حول العالم، كان منها مدرسة فوجي في اليابان، وكلية القوات المسلحة الماليزية، وكلية القيادة والأركان في كويتا الباكستانية. وعلاوة على ذلك، نال منير درجة الماجستير في السياسات العامة وإدارة الأمن الإستراتيجي من جامعة الدفاع الوطني في إسلام آباد. تقلد منير العديد من المناصب، إذ خدم تحت قيادة الجنرال قمر جاويد باجوا الذي كان آنذاك قائدا للفرقة العاشرة، وتدرج في المناصب حتى أصبح قائد الفيلق الأول في مانغلا. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014 رُقي إلى رتبة لواء عندما تولى قيادة قوات الجيش الباكستاني في المنطقة الشمالية، وهو منصب ظل فيه حتى عام 2017، عندما نال رتبة فريق بعد تعيينه مديرا عاما للاستخبارات العسكرية، وهي الوحدة المكلفة بالشؤون الداخلية للجيش. وبعد عام واحد، تولى منير منصب مدير المخابرات العامة الباكستانية، ليصبح بذلك أول قائد للجيش يتولى رئاسة أهم جهازين استخباريَّيْن، الأمر الذي منحه خبرة كبيرة في فهم ديناميات الجيش الداخلية، إلى جانب ملفات الأمن القومي. لم يستمر الجنرال عاصم منير في هذا المنصب إلا ثمانية أشهر فقط، إذ أقاله رئيس الوزراء السابق عمران خان دون أن يعلن عن سبب إقالته، لكن مصادر إعلامية تكهنت بوجود خلافات بين الرجلين. وفي أثناء الفترة التي فصلت بين تعيينه مديرا للمخابرات العامة وتوليه رئاسة الأركان، تقلَّد منير منصبين هامين هما منصب قائد الفيلق 30 في مدينة كوجرانوالا بإقليم البنجاب عام 2019، ومنصب المدير العام للإمداد والتموين في القيادة العامة للقوات المسلحة الباكستانية عام 2021. حين خرج عمران خان من السلطة في أبريل/نيسان 2022، لم يثنِه ذلك عن معارضة ترقية عاصم منير إلى منصب قائد الجيش، واتهم خانُ المؤسسة العسكرية بقيادة الجنرال جاويد باجوا بأنها هي من أطاحت به، ومن ثم تفجرت أزمة سياسية كبيرة سرعان ما أفضت إلى محاكمة عمران خان وسجنه مدة عامين. ونتج عن ذلك اضطرابات سياسية حيث خرج مؤيدو خان في احتجاجات خلال مايو/أيار 2023 انتهت بأعمال شغب أضرموا خلالها النيران في بعض المباني الرسمية والمنشآت العسكرية. وفي خضم هذه الأزمة السياسية الكبيرة، تولى عاصم منير رئاسة الأركان يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024 أقر البرلمان الباكستاني تعديلا على قانون الجيش يقضي بتمديد فترة ولاية قادة القوات المسلحة من ثلاث إلى خمس سنوات، وهو تعديل رسَّخ وجود منير على رأس القيادة العسكرية حتى عام 2027. وبالنظر إلى الدور الموسع للجيش الباكستاني، والذي يعتقد محللون وخبراء أنه يمتد إلى الشؤون السياسية والاقتصادية للبلاد، وصفت صحيفة نيويورك تايمز منير بأنه بات "الرجل الأقوى في باكستان"، في إشارة إلى أن الجيش الذي حكم البلاد مباشرة قرابة 4 عقود، لا يزال السلطة الأثقل فيها. في المقابل، واجه عاصم منير ضغوطا سياسية تتعلق بإثبات جدارته واستعادة ثقة الشعب بالجيش مرة أخرى، إلى جانب التوترات الإقليمية والأزمة الاقتصادية الطاحنة التي أعقبت جائحة كورونا، وتفاقُم الوضع الاقتصادي بعدما اجتاحت البلاد موجة فيضانات كارثية. ووفقا للخبراء فإن هذه التحديات الكبيرة أثقلت كاهله وجعلت الإستراتيجيات الطويلة الأمد والمعقدة التي اتبعها سلفه في احتواء الأزمات الإقليمية غير ممكنة، ولهذا كان على منير تبني إستراتيجية جديدة أكثر حزما تعتمد على الاستجابة السريعة للأزمات. كشمير.. شريان الحياة لطالما عُرف عن الجنرال عاصم منير حرصه على صورته العامة، فالرجل عادة ما يتجنب التصريحات العفوية والأضواء، لكن خطاباته في الأشهر الأخيرة اتسمت بالقوة والحزم، وتردَّد صداها إلى خارج باكستان، وأثارت حفيظة العديد من عواصم العالم وعلى رأسها نيودلهي. ففي 17 أبريل/نيسان 2025، ألقى منير كلمة أثناء مؤتمر للمغتربين الباكستانيين في إسلام آباد، وصف فيه إقليم كشمير المتنازع عليه مع الهند بأنه "شريان الحياة" لباكستان، قائلا: "لن نتخلى عن إخواننا الكشميريين وهم يخوضون نضالهم البطولي ضد الاحتلال الهندي". وفي الخطاب نفسه، استشهد منير "بنظرية الأمتين" التي تأسست على أثرها جمهورية باكستان عام 1947، إذ أشار إلى أن المسلمين والهندوس شعبان منفصلان، مما يستوجب أوطانا منفصلة لكل منهما. جاء الخطاب قبل أيام من الهجوم الذي وقع في الجزء الهندي من كشمير يوم 22 أبريل/نيسان، وأسفر عن مقتل 26 شخصا، وزعمت الهند دون تقديم أي دليل رسمي أن باكستان تقف وراءه، واستغلت في ادعاءاتها خطاب منير الأخير الذي اعتبرته الخارجية الهندية "تحريضيا". رفض المسؤولون الباكستانيون ربط تصريحات منير بالهجوم في كشمير، ورد المندوب الباكستاني لدى الأمم المتحدة قائلا إن الادعاءات الهندية لا أساس لها، كما طالبت إسلام آباد رسميا بإجراء تحقيق دولي مستقل. لكن نيودلهي تمادت في اتهاماتها، وأكثر من ذلك علَّقت معاهدة تقاسم مياه نهر السند ، وأغلقت الجارتان النوويتان مجالهما الجوي في وجه شركات الطيران التابعة للدولة الأخرى، في حين صرح وزراء باكستانيون بأن أي محاولة من الهند لتحويل مسار المياه المتدفقة إلى باكستان ستندرج ضمن نطاق التصعيد العسكري. وأشار محللون إلى أن خطاب منير لا يختلف عن خطابات القادة العسكريين الباكستانيين على مر السنين، ويرى المحلل السياسي أمير ضياء أن كشمير تُعَد قضية أمن قومي بالنسبة لباكستان وجزءا من الهوية الوطنية، ومن ثم لا يمكن لأي قائد سياسي أو عسكري أن يُظهر ضعفا تجاهها. كما أرجع أستاذ الشؤون الدولية بجامعة جونز هوبكنز جوشوا وايت، الجدل الدائر حول خطاب منير الأخير إلى مسألة التوقيت، مشيرا إلى أن تعليقاته تتماشى في جوهرها مع الخطاب القومي الباكستاني. ورغم تماشي تصريحات منير في جوهرها مع مواقف أسلافه، يَعتقد مراقبون أنها باتت أكثر جرأة وحِدة، وهو ما يظهر على أنه ردة فعل باكستانية على تبني رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي -بشكل متزايد- سياسة هندوسية متطرفة مناهضة للمسلمين. وكان حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي فاز في الانتخابات الهندية بأغلبية ساحقة في الأعوام 2014 و2019 و2024، ونجح في تشكيل الحكومة برئاسة مودي والتي ألغت وضع الحكم شبه الذاتي في منطقة كشمير ذات الأغلبية المسلمة. وفي غضون ذلك، روجت الحركة القومية الهندوسية طوال العقود الفائتة لاضطهاد مسلمي البلاد ومسيحييها بوصفهم خطرا على الهوية الثقافية والدينية الهندوسية. وفي الآونة الأخيرة، تعرض مودي لضغط سياسي من أنصار حزبه الذين نادوا برد حازم وقاطع على الهجوم المسلح في كشمير. وذكرت مجلة "ذي إيكونومست" البريطانية أن الانتهاكات الهندية الممنهجة لحقوق الإنسان أحد العوامل التي أججت العنف في المنطقة، بينما أعرب مستشار الأمن القومي الباكستاني السابق معيد يوسف، عن قلقه من الدعوات العلنية للحرب الشاملة التي يروجها القوميون الهندوس، وهو قلق شاركه فيه الكاتب والصحفي الهندي أديتيا سينها الذي قال لصحيفة "الشرق الأوسط" إن ضربة عابرة للحدود على مواقع عسكرية باكستانية لن ترضي عطش الدم لدى مؤيدي اليمين الهندوسي. لفهم سياق النزاع الإقليمي بين الهند وباكستان على إقليم كشمير، علينا أن نعود إلى تاريخ الاستقلال عن الاستعمار البريطاني عام 1947، حيث انقسم الإقليم حينذاك إلى عدة مناطق خاضعة لسيطرة ثلاث دول نووية، منطقة اتحاد جامو وكشمير الخاضعة للسيطرة الهندية، ومنطقة آزاد كشمير تحت السيادة الباكستانية، والمناطق الخاضعة للسيطرة الصينية المعروفة بأكساي تشين، وكل منطقة منها تمتعت بحكم ذاتي. وتقطن إقليم كشمير أغلبية مسلمة مقابل أقلية هندوسية، وكان الأساس الذي اعتمد عليه تقسيم الهند إلى منطقتين هو الأساس الديني، وعليه تنازعت باكستان مع الهند على المنطقة على اعتبار أنها منطقة تحوي أغلبية مسلمة. ويُشكِّل الإقليم أهمية إستراتيجية للهند، إذ يُعَد حدودا طبيعية تحميها من أي تهديدات صينية أو باكستانية محتملة، في حين تعتبر باكستان كشمير امتدادا طبيعيا لحدودها الجغرافية والدينية والبشرية، لا سيما وأن الإقليم يضم الأنهار الحيوية الثلاثة التي تمد البلاد بالموارد المائية، وهي السند وجيلُم وتشِناب، مما يمنح الهند القدرة على تشكيل تهديد مباشر للموارد المائية الباكستانية. مستقبل باكستان بين يدي الجنرال في 6 مايو/أيار، شنَّت الهند غارات جوية على 9 مواقع عسكرية في باكستان. ولم يتأخر الرد الباكستاني كثيرا؛ إذ تصاعدت الاشتباكات بين الجارتين وقصفت إسلام آباد عدة مواقع عسكرية في كشمير الخاضعة لسيطرة الهند، وأعلنت عن إسقاط مقاتلات هندية وطائرات مسيرة، وقتل في هذا الهجوم 31 شخصا في باكستان وأصيب 57، في حين سقط 12 قتيلا هنديا و48 جريحا، وذلك وفقا للإحصاءات الرسمية. وقبل أيام من الهجوم، كانت مجلة "ذي إيكونومست" البريطانية تناولت سياق الصراع الأخير قائلة إنه لا يشبه أيا من المواجهات العسكرية السابقة بين البلدين، وأرجعت ذلك إلى عدة أسباب، أهمها شخصية عاصم منير التي تختلف كليا عن سلفه باجوا الذي قاد الرد الباكستاني على الغارات الجوية الهندية عام 2019. وكتب وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو عن تلك المواجهة في مذكراته، قائلا إنه أمضى ساعات في اتصالات هاتفية بين وزير هندي والجنرال قمر جاويد باجوا لإقناع كل طرف بأن الآخر لا يُعِد لشن حرب نووية. وعن ذلك أشارت المجلة البريطانية إلى أنه بينما كان باجوا يُعد للرد على الهجوم الهندي، فتح قنوات دبلوماسية مع الولايات المتحدة، وعندما أسقطت القوات الباكستانية طائرة هندية وأسرت طيَّارها تعامل باجوا مع الأزمة بهدوء حذر، وأعاد الطيار الهندي إلى بلاده بعد عدة أيام لتجنُّب تصعيد الصراع بين البلدين إلى حرب شاملة. وعلى العكس تماما يقف عاصم منير، الذي وصفته "ذي إيكونوميست" بأنه أقوى من سلفه وأكثر تشدُّدا تجاه الهند، مما جعله مستعدا للرد على الهجوم الهندي بقوة وحزم ودون أي قيود. وتشير تقارير إلى أن هذا الصراع وكيفية تعامل منير معه لم يُحدِّد شخصيته كقائد عسكري ولاعب سياسي مؤثر فحسب، بل وحدّد الدور الإقليمي الذي تسعى باكستان إلى لعبه في المستقبل. من جهة أخرى، ذكرت صحيفة "غارديان" أن الجيش الهندي عانى في السنوات الأخيرة من عدة تحديات، فمع أن عدد جنود الجيش البالغ 1.2 مليون جندي أكبرُ من عدد أفراد الجيش الباكستاني البالغ 650 ألف جندي، تسبَّب نشر الهند لأعداد هائلة من الجنود والمعدات العسكرية على الحدود الجبلية مع الصين عام 2020 في إحداث نوع من التوازن بين الجيشين الهندي والباكستاني، وذلك بحسب تصريحات المحاضر بجامعة "ييل" سوشانت سينغ، الذي أضاف أن نيودلهي عانت في السنوات الأخيرة من صعوبات في تحديث قواتها المسلحة، كما واجهت مشكلات في التجنيد أدت إلى نقص أعداد الجنود، الأمر الذي حرمها من أسباب التفوُّق النظري على باكستان أو القدرة على تحقيق نصر سريع في مواجهة تقليدية. أما السبب الآخر الذي يجعل المواجهة الأخيرة مختلفة عن المواجهات العسكرية الأخرى، فهو التحولات التي شهدها المشهد الجيوسياسي منذ عام 2019، حيث تغيرت البيئة الدولية، لا سيَّما بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021، وهو ما أثر بدوره في نفوذ واهتمام واشنطن بباكستان، وفقا للباحثة في برنامج السياسة الخارجية بمعهد بروكينغز، تانفي مادان. ومع تراجع النفوذ الروسي في المنطقة، أصبحت العلاقات الأميركية الهندية أكثر تقاربا. وفي خضم الحرب التجارية التي يشنها ترامب على الصين، بدأت واشنطن ترى في نيودلهي فائدة إستراتيجية أكبر وبديلا اقتصاديا محتملا لبكين، وأخذت إسلام آباد هذا التحول الجيوسياسي في الحسبان، وعملت على توطيد علاقاتها مع الصين، الأمر الذي ظهر جليا في الأسلحة التي استخدمها الطرفان في المواجهة الأخيرة. في الوقت الذي عملت فيه الهند على تحديث ترسانتها من الأسلحة الروسية واستبدلت بها ذخائر غربية مثل طائرات "رافال" الفرنسية المتعددة المهام، وطائرات " إف 16" الأميركية، اعتمدت باكستان في 80% من ترسانتها العسكرية على الأسلحة الصينية، بعدما أصبحت بكين أكبر مورد أسلحة لإسلام آباد. وبحسب ما ورد في صحيفة "غارديان"، صرح الجيش الباكستاني في مايو/أيار أنه استخدم صواريخ "بي إل 15" الصينية الأكثر تطورا في إسقاط الطائرات الهندية، وهو صاروخ جو/جو يصل مداه إلى 200 كلم، وتبلغ سرعته 5 أضعاف سرعة الصوت. وجرى اختبار تلك الذخائر عمليا لأول مرة في ساحة المعركة خلال الرد الباكستاني على الهجوم الهندي، وهو ما علّق عليه خبراء عسكريون قائلين إن الصين لم تساعد باكستان في حربها الأخيرة فحسب، بل استخدمتها حقل تجارب لأسلحتها. ثم جاءت الطائرات المسيرة التي استُخدِمَت على نطاق واسع في الصراع الأخير، وعملت على تغيير طبيعة الاشتباكات بين البلدين، حيث عملت فرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة على تزويد الهند بالتكنولوجيا العسكرية التي تحتاج إليها، بينما اعتمدت باكستان على الطائرات المسيرة القادمة من تركيا، وهو ما جعل أنقرة شريكا مهما لإسلام آباد. ورغم توقعات البعض بتصاعد حدة الصراع بين البلدين إلى حدِ التهديد النووي، أتى الإعلان المفاجئ لإدارة ترامب عن وقف إطلاق النار وأربك نيودلهي، وجاءت الوساطة التي عرضتها الإدارة الأميركية لإخماد نيران الحرب بطريقة ساوَت بين الهند وباكستان، ولعلها لم تلق استحسان نيودلهي، بحسب ما أشارت إليه الباحثة تانفي مادان. ووفقا لتصريحات المفوض السامي الهندي السابق لدى باكستان أجاي بيساريا، فإن الهند قد تسعى للرد من خلال استغلال تقاربها مع الولايات المتحدة لدفع الإدارة الأميركية نحو عقاب باكستان بفرض عقوبات على ضباط باكستانيين، أو تعطيل خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي لإسلام آباد والتي تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار. ولكنْ أيا كان ما سيحدث في المستقبل، فإن المواجهة الأخيرة ربما وضعت قواعد جديدة للصراع الهندي الباكستاني، خطها ببراعة جنرال يمتلك الجرأة لتحدي القواعد القائمة والقفز على الحذر العسكري الذي ميّز ردود أفعال الجيش الباكستاني خلال السنوات الماضية.


الجزيرة
منذ 18 ساعات
- الجزيرة
أسعار الأضاحي 2025 عربيا.. كم ستدفع في بلدك؟
تتجه أنظار العالم العربي والإسلامي مع قرب عيد الأضحى المبارك إلى أسعار المواشي في ظل رغبة في أداء الشعيرة الدينية لكن يظل تحدي ارتفاع الأسعار ماثلا في العديد من البلدان مما دفع الناس إلى العزوف عن الذبح أو اللجوء لبدائل أخرى. في هذا التقرير يلقي مراسلو الجزيرة نت في العالم العربي الضوء على أسعار أسعار الأضاحي والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لذلك جراء موجة التضخم التي لم تنحسر بعد في العديد من بلدان المنطقة. الأردن سعر الأضحية (الخروف) في المتوسط: 250 دينارا (352 دولارا). تشير تقارير رسمية إلى أن أسعار الأضاحي في الأردن ارتفعت بنسبة تتراوح من 15% إلى 25% مقارنة بالعام الماضي 2024. يعتمد سعر الأضحية على الوزن في كل الأحوال لكن في المتوسط أصبح سعر الخروف الروماني (المستورد) 220 دينارا (310 دولارات) في حين يبلغ سعر الخروف البلدي 280 دينارا (394 دولارا). يشار إلى أن عدد رؤوس الأغنام في الأردن يبلغ 1.78 مليون رأس. ويقول خالد العقرباوي الموظف في أحد البنوك للجزيرة نت إنه رغم قدوم عيد الأضحى على الأردنيين محمّلا بالأجواء الروحانية والتقاليد الاجتماعية، فإن أعباءه الاقتصادية باتت تثقل كاهلهم، في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية. ويؤكد خالد العقرباوي لمراسل الجزيرة نت حبيب أبومحفوظ أن أسعار الأضاحي أصبحت تشكّل عبئا كبيرا وإضافيا على الأردنيين هذا العام، لا سيما مع تزامن حلول عيد الأضحى المبارك مع التزامات مالية أخرى لها علاقة بالأقساط المدرسية، ومصاريف الحياة اليومية. ودعا العقرباوي القصابين (الجزارين)، ووزارة الزراعة، والمؤسسات المعنية لضبط سوق اللحوم الحية قبل اقتراب عيد الأضحى. من جانبه، توقع عايد المشاقبة، تاجر ماشية أن يكون الإقبال على الأضاحي للعام الحالي أقل من العام الماضي بسبب ارتفاع أسعار الأضاحي. وأرجع المشاقبة في حديثه لـ(الجزيرة نت) أسباب ارتفاع أسعار الأضاحي لعدة أمور أهمها تراجع حجم الإنتاج في عدد من الدول المصدرة مما أدى إلى انخفاض حجم المعروض المحلي من اللحوم، بالإضافة إلى التغيرات البيئية والمناخية السلبية التي أثرت على قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية. وأكّد المشاقبة أن الارتفاع الكبير في تكاليف الشحن عبر البحر الأحمر، بالإضافة للخدمات اللوجستية الأخرى، انعكس بصورة مباشرة على أسعار اللحوم المستوردة والمحلية. من جانبها، كشف رئيس جمعية مربي المواشي، زعل الكواليت، عن ارتفاع أسعار الخراف المستوردة من رومانيا، لتقترب في سعرها من الخراف البلدية، وذلك مع اقتراب عيد الأضحى المبارك. وعزا الكواليت في حديث لـ(الجزيرة نت) ارتفاع أسعار الخراف المستوردة إلى تراجع وتيرة التصدير من رومانيا، نتيجة تفشي بعض الأمراض بين المواشي، لكنه لم يستبعد في الوقت ذاته وجود مغالاة من قبل بعض التجار في تسعير الخروف الروماني. وأكد رئيس جمعية مربي المواشي أن الجاهزية متوفرة وبكثرة في السوق المحلية، وقدر عدد الخراف البلدية قرابة 450 ألف رأس، مقابل ما لا يزيد عن 150 ألف رأس من الخراف الرومانية المستوردة. وأضاف أن العدد الإجمالي يتراوح بين نصف مليون إلى مليون رأس من الأضاحي البلدية والمستوردة، وهي كميات تفيض عن حاجة السوق. قطر سعر الأضحية في المتوسط (الخروف): 1300 ريال (356.16 دولارا). إعلان يتراوح سعر الخروف المحلي والمستورد في قطر وزن (40 كيلوغراما فأكثر) بين 1000 ريال (274 دولارا) و1600 ريال (438.35 دولارا)، ويتوقف ذلك على المنشأ والوزن. لا تختلف أسعار الأضاحي في 2025 كثيرا عن تلك المسجلة العام الماضي 2024. ويقول عمرو بابكر، مقيم سوداني: "الدعم والرقابة الحكومية على الأسعار يمنعان زيادة أسعار الأضاحي خلال عيد الأضحى المبارك". ويضيف للجزيرة نت "الخدمات التي تقدمها شركة ودام تسهل على الجميع الأضحية من خلال شراء صك الأضحية واستلامها مذبوحة وجاهزة خلال أيام العيد". السعودية سعر الأضحية في المتوسط (الخروف): 1750 ريالا (466.66 دولارا). تعد السعودية أكبر أسواق الأضاحي في العالم العربي، بسبب عدد الحجاج الكبير في موسم الحج. يتراوح سعر الأضحية في السعودية للعام 2025 بين ألف ريال (266.54 دولارا) و2500 ريال (666.35) للأغنام. يبلغ سعر الأضحية البقرة بين 7 آلاف (1865.79 دولارا) و11 ألف ريال (2931.95 دولارا). يتراوح سعر الأضحية الماعز بين 800 (213.23 دولارا) إلى 1300 ريال (346.50 دولارا). الإمارات سعر الأضحية في المتوسط (الخروف): 1700 درهم (462.84 دولارا). يتراوح سعر الأضاحي الأغنام في الإمارات هذا العام بين 900 (245.03 دولارا) و2500 درهم (680.65 دولارا) وهي نفس أسعار العام الماضي تقريبا. الكويت سعر الأضحية في المتوسط (الخروف): 150 دينارا (488.76 دولارا). تتراوح أسعار الأضاحي الأغنام في الكويت بين 75 دينارا (244.38 دولارا) للخروف الأسترالي و 150 دينارا (488.76 دولارا) للخروف الخليجي يبلع سعر الخروف السوري والأردني قرابة 100 دينار (325.84 دولارا) ظلت أسعار العام 2025 هي نفسها المسجلة في العام 2024. سلطنة عُمان سعر الأضحية في المتوسط (الخروف): 140 ريالا (364.09 دولارا). إعلان يتراوح ثمن الأضحية من الأغنام في سلطنة عمان ما بين 120 ريالا (312.08 دولارا) و160 ريالا (416.10 دولارا)، وهي مثل أسعار العام الماضي. العراق سعر الأضحية في المتوسط (الخروف): 500 ألف دينار (381.69 دولارا). يشهد سوق المواشي في العراق ارتفاعا ملحوظا في أسعار الأضاحي مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، مما يثير قلق المواطنين ويفرض تحديات اقتصادية عليهم. أكّد المختص بالثروة الحيوانية في العراق، تحسين الموسوي أن تقديرات المواشي في العراق تتراوح بين 13 إلى 16 مليون رأس، تشمل 10-12 مليون رأس من الأغنام والماعز، 1.5 مليون رأس أبقار، 400 ألف رأس جاموس، و200 ألف رأس إبل. وقال الموسوي لمراسل الجزيرة نت فارس الخيام، إن هذه الأرقام تختلف بين المصادر الرسمية وغير الرسمية بسبب منهجيات الإحصاء وعمليات التهريب. وأوضح أن أسعار المواشي تشهد ارتفاعا ملحوظا بمقدار يتراوح بين 40 و50 ألف دينار (نحو 30-37 دولارا) عن أسعار الأضحية في العام الماضي. وعزا الموسوي الارتفاع إلى عدة عوامل منها الجفاف المتكرر الذي أثر على المراعي وزراعة الأعلاف، إضافة إلى انتشار الأمراض مثل الحمى النزفية وقلة الأدوية واللقاحات، منتقدا استيراد الأبقار للتربية، واعتبر أنه قد يكون سببا في انتشار أمراض وبائية جديدة. من جانبه، عبّر بائع المواشي عمر الجبوري عن قلقه من الارتفاع المستمر في أسعار الأضاحي وتأثيره على نشاط السوق. وقال للجزيرة نت إن أسعار الأضاحي في العراق تتراوح حاليًا: بين 400 و600 ألف دينار عراقي (نحو 303- 450 دولارا) للخروف. بين 300 و550 ألف دينار عراقي (نحو 225- 415 دولارا) للماعز. ولفت إلى ثبات في أسعار العجول وتتراوح أسعارها بين مليون و500 ألف دينار و3 ملايين و500 ألف دينار عراقي (نحو 1135 – 2650 دولارا)، متوقعا أن تستمر هذه الأسعار في نفس المستوى خلال الفترة القادمة نظرا لقلة الطلب عليها من المواطنين للأضاحي. وأكد أن التحديات التي يواجهها قطاع المواشي تتطلب اتخاذ إجراءات حكومية فورية لضبط الأسعار وتوفير المواشي بكميات كافية لتلبية الطلب المتزايد خلال موسم الأضاحي، وذلك لضمان قدرة المواطنين على أداء شعيرة الأضحية من دون أعباء مالية مرهقة. من جانبه، أكد المواطن جاسم محمد أن أسعار المواشي كانت مرتفعة قبل العيد، لكنها ارتفعت هذه الأيام أكثر نظرًا إلى زيادة الإقبال عليها، مرجعًا هذا الارتفاع إلى أصحاب الأغنام. وقال محمد -للجزيرة نت- إن هذا الوضع دفع فئة كبيرة من المواطنين إلى العزوف عن شراء الأضاحي، بينما اتجه آخرون إلى المشاركة بالأسهم في الأضحية الواحدة بما يتناسب مع وضعهم المادي. يترواح سعر الأضحية في المتوسط (الخروف) بين 2300 دينار (529.14 دولارا) و 4500 دينار (638.61 دولارا) وبصورة عامة، تعاني ليبيا من نقص في الثروة الحيوانية إلى جانب ارتفاع سعر النقد الأجنبي وزيادة كلفة الأعلاف. وحسب مراسلة الجزيرة نت رشا الدرسي، ارتفعت أسعار الأغنام بشكل كبير عن العام الماضي نتيجة تدهور الوضع الأمني في طرابلس، إلى جانب ارتفاع الدولار وسعر الأعلاف. ويُقدَّر عدد رؤوس الماشية في ليبيا بنحو 7 ملايين وفق قول رئيس المركز الوطني للإرشاد والتعاون الزراعي، حسين البشير: منها 6 ملايين من الأغنام. نحو 150 ألف رأس من الإبل. و45 ألفا من الأبقار. إلى جانب 1.5 مليون رأس ماعز. غير أن هذه الأرقام تبقى تقديرية، إذ أقرّ البشير بوجود قصور في آليات جمع البيانات، لغياب الأساليب العلمية والمنهجية الدقيقة، وسط مطالبات متكررة بتوفير الإمكانيات اللازمة لإجراء إحصاءات أكثر دقة وشمولا. وحسب أحد التجار فإن سوق الأضاحي في ليبيا يشهد تفاوتا في الأسعار بين المنطقتين الشرقية والغربية، إذ تراوحت بين 2300 و4500 دينار، وسط نقص واضح في المعروض بسبب التدهور الأمني وارتفاع تكلفة الأعلاف وسعر النقد الأجنبي. ويؤكد أن أن الخوف من نقل المواشي إلى طرابلس أضعف الإمداد وزاد الضغط على السوق. ويخشى التجار من ارتفاع إضافي في الأسعار إذا استمرت الاضطرابات، بينما يُنتظر انخفاض محتمل في حال تحسن الوضع الأمني واستئناف حركة النقل. مصر سعر الأضحية في المتوسط (الخروف): 15 ألف جنيه (302 دولار). تشهد أسعار الأضاحي بجميع أنواعها في مصر استقرارا هذا العام، بعد سنوات من الارتفاعات الكبيرة التي بلغت ذروتها العام الماضي، عندما لامس الدولار حاجز 70 جنيهًا، مما أدى إلى قفزة غير مسبوقة في أسعار الأعلاف ومن ثم الماشية والأغنام. وتراجعت أعداد رؤوس الماشية الحية في مصر، بما يشمل الأبقار والجاموس والأغنام والماعز والجمال، من 8.3 ملايين رأس في عام 2022 إلى نحو 7.6 ملايين رأس في 2023، بانخفاض نسبته 8.4%، حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. متوسط أسعار الأضاحي في مصر يبلغ متوسط سعر الأضحية من الأبقار 80 ألف جنيه (1608 دولارات). متوسط سعر الأضحية من الجاموس 65 ألف جنيه (1306 دولارات). متوسط سعر الأضحية من الماعز 7 آلاف جنيه (141 دولارًا). متوسط سعر الأضحية من الخراف 15 ألف جنيه (302 دولار). ويقول المواطن السيد أحمد الشناوي"نشتري أوزانا أقل، أو نشارك آخرين لتخفيف العبء، لكن ذلك يؤثر على حجم اللحوم الموزعة، ويقلل من عدد المستفيدين المحتاجين مقارنة بالسنوات السابقة". وفي سوق الأضاحي، يتحدث أبو كريم، أحد كبار تجار المواشي في محافظة الجيزة، عن حركة الإقبال قائلا: "الإقبال هذا العام متوسط. ارتفاع الأسعار يحد من رغبة الناس في شراء الأضاحي بنفس الكميات المعتادة". ويضيف لمراسل الجزيرة نت محمد عبد الله أن الأنواع الأكثر إقبالا هي الأبقار، يليها الغنم والماعز، ثم الإبل. من جهته، يقول رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية في القاهرة، مصطفى وهبة بخصوص الوضع العام لسوق الأضاحي: "لم تشهد أسعار الأضاحي ارتفاعا عن العام الماضي، وذلك بفضل هبوط أسعار الأعلاف. كانت الأسعار مرتفعة بشكل كبير عندما لامس الدولار حاجز الـ70 جنيها، واليوم هو أقل من 50 جنيهًا للدولار". سعر الأضحية في المتوسط (الخروف) في الضفة الغربية: 850 دولارا. ارتفعت أسعار الأضاحي من الخراف في الضفة الغربية بنحو 20% لتصل إلى ما بين 700 دولار و1050 دولارا. يبلغ عدد رؤوس الأغنام والماشية في البلاد (نحو 770 ألفا)، في حين أن المتاح للذبح يبلغ 140-160 ألفا. ويقول فؤادي علي، عامل بناء، لمراسل الجزيرة نت عوض الرجوب: "قبل الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 كنت أشتغل عامل بناء في إسرائيل منذ 20 عاما، وأتقاضى شهريا مبلغا يعادل 2000 دولار، ولدي في البيت بعض الأغنام، واعتدت سنويا على ذبح أضحية. لكن بعد فقدان عملي بعت أغنامي تدريجيا ولن أستطيع ذبح أضحية هذا العام، ومنذ شهور لم نذق طعم اللحم في البيت، وأعتقد أن أغلب جيراني يعيشون نفس الظروف". من جانبه يقول إسحاق العواودة، تاجر المواشي بالضفة الغربية:"رغم اقتراب العيد نلحظ تراجعا بنسبة 70% في شراء الأضاحي مقارنة مع سنوات ما قبل الحرب على غزة، فالأسعار مرتفعة جدا، نجو 750 دينارا أردنيا (1057 دولارا) للأضحية الواحدة، في ارتفاع وصل 25% عن العام الماضي". ويقول الناطق باسم وزارة الزراعة الفلسطينية، محمود فطافطة: "نعيش ظروفا استثنائية، ولا يمكننا توقع أعداد المضحين نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة هذا العام والعام الماضي، فهناك 250 ألف عامل بلا عمل، وعلى الأقل 10% منهم كانوا يضحون، يضاف إليهم ظروف موظفي القطاع الصعبة ماليا، وحتى القطاع الخاص تأثر.. من حيث الثروة الحيوانية لدينا الكفاية وهناك بين 140 و160 ألف رأس في الضفة الغربية". الجزائر متوسط سعر الأضحية (الخروف): 100 ألف دينار (755.46 دولارا) عيد الأضحى في الجزائر يحمل هذا العام مؤشرات مختلفة بعدما قررت السلطات استيراد مليون رأس من الأغنام لتغطية الطلب المرتفع وكبح الأسعار التي أنهكت الأسر خلال الموسم الماضي. وراهنت الجزائر على استباق أزمة ارتفاع الأسعار الأضاحي بتحديد مع سعر الأضحية المستودرة بـ40 ألف دينار جزائري (302.19 دولار). وتقدّم السلطات خيار استيراد مليون راس كحلّ عملي لضمان حصول المواطنين من أضحية بأسعار مناسبة، وتخفيف الضغط عن السوق المحلية، خاصة في ظل ارتفاع مؤشرات المضاربة بالأغنام في الأشهر الماضية وتراجع الثروة الحيوانية إلى ما يقارب 17 مليون رأس من الأغنام وفق آخر إحصاء معلن عنه سنة 2023. وتتباين أسعار بيع الأضاحي المحلية في الجزائر بين 70 ألف دينار (528.83 دولارا) إلى 160 ألف دينار (1208.74 دولارات)، وتزيد في بعض الأحيان حسب نوع وحجم وسلالة الأضحية. وقال المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية و إرشاد المستهلك، فادي تميم، إن أسعار الأغنام المحلية انخفضت في شهر رمضان بعد قرار استيراد مليون رأس بنحو 15 ألف دينار (113.32 دولارا) لكنها ارتفعت بعده قليلا، لتعود مرة أخرى للانخفاض مع انطلاق عملية بيع الأضاحي المستوردة لما بين 25 إلى 30 ألف دينار للرأس الواحد (188.87 دولارا إلى 226.64 دولارا). وأضاف لـ(الجزيرة نت) أنه من الخطأ أن يبقى المستهلك في حالة ترقّب للمليون رأس التي سيتم استيرادها في ظل الأنباء عن تراجع أسعارها. وتوقع أن تتوجه العديد من العائلات، مع اقتراب العيد، مباشرة إلى السوق المحلي، مما سيزيد الطلب ويرفع الأسعار. لكن تميم أكد لمراسلة الجزيرة نت، إلهام قرباج أن أسعار الخراف المحلية تراجعت هذا العام لتصل في الفترة الأخيرة إلى ما بين 60 و70 ألف دينار(453.28 دولارا و528.83 دولارا). من جهته، اعتبر سمير أحد المقبلين على انتقاء الأضحية المحلية، أن الأسعار بدأت ترتفع بصورة ملحوظة، وقال لمراسلة الجزيرة نت إن سبب عدم شرائه الأضحية حتى الآن يرجع إلى كونه يترقب خفض الأسعار. إعلان وخلافا لذلك، يرى محمد بن العربي، أحد المواطنين الذين اشتروا الأغنام المستوردة، أن الأضحية المستوردة هي الحل الأفضل للهروب من جشع بعض التجار الذين يحاولون استغلال الشعيرة الدينية لرفع الأسعار. ويقول لـ(الجزيرة نت) إنه اشترى أضحية مستوردة من رومانيا نظرا لثمنها المعقول الذي يتناسب مع قدرته الشرائية. تونس متوسط سعر الأضحية (الخروف): 1050 دينارا (351.88 دولارا) ارتفعت أسعار الأضاحي بصورة ملحوظة في تونس وتتراوح أسعار الخرفان بين 700 دينار (234.92 دولارا) للأنواع الصغيرة، وتتجاوز 1400 دينار (469.17 دولارا) للخرفان الكبيرة، حسب النوع والميزان ومكان العرض. وأثار هذا الارتفاع في الأسعار جدلا واسعا في الأوساط الشعبية، في ظل ظروف اقتصادية صعبة وغلاء معيشة يثقل كاهل التونسيين. ويقول المواطن عبد الحميد بن رمضان وهو موظف حكومي إن سعر الخروف متوسط الحجم يقل وزن لحمه الصافي عن 20 كيلوغراما يتجاوز عتبة 1000 دينار (300 دولار)، مشيرا إلى أن شراء أضحية العيد أصبح عبئا متجددا يرهق كاهله كل عام جراء غلاء أسعار الأضاحي. ويضيف في حديث مراسل الجزيرة نت خميس بن بريك "العيد لم يعد مناسبة فرح كما كان من قبل بل صار معاناة نفسية ومادية". وحول ارتفاع أسعار الأضاحي يقول رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي لمراسل الجزيرة نت إن المنظمة تستنكر الارتفاع الكبير في أسعار الأضاحي واللحوم رغم التخفيض في كلفة الإنتاج. وأكد وجود انفلات في الأسعار لدى عدد من تجار التقسيط بسبب الممارسات الاحتكارية والمضاربة التي تؤثر سلبا على القدرة الشرائية للمستهلك، داعيا المواطنين إلى عدم الشراء من البائعين العشوائيين والتوجه حصريا إلى منافذ البيع الرسمية التي تلتزم بالسعر المرجعي لبيع الأضاحي بالميزان بنحو 22 دينارا للكيلوغرام الواحد (7 دولارات). من جهته يرجع رضا العياري -وهو مربّ من ولاية سليانة (شمال غرب) يعرض مجموعة من الأضاحي للبيع بمحافظة منوبة المحاذية للعاصمة تونس- ارتفاع أسعار الأضاحي إلى زيادة كلفة تربية الخروف الواحد مع ارتفاع أسعار العلف ونقص الموارد المائية وتراجع المراعي بسبب التغيرات المناخية، إضافة إلى مصاريف الرعاية الطبية والنقل والحراسة وغيرها. ويؤكد العياري للجزيرة نت أن المربين لا يجنون أرباحا طائلة كما يتصور البعض، مؤكدا أن المحتكرين والمضاربين هم المتسببون في اشتعال الأسعار في السوق، وفق تعبيره. موريتانيا سعر الأضحية (الخروف) في المتوسط: 92 ألفا و500 أوقية (278 دولارا). ارتفعت أسعار الأضاحي في موريتانيا بصورة كبيرة هذا العام مقارنة بالعام الماضي في الوقت الذي صدرت فيه البلاد أعدادًا كبيرة من الأضاحي لعدد من دول الجوار أبرزها السنغال. وحسب مراقبين، فإن الجفاف وغلاء الأعلاف وغياب الرقابة الرسمية، وفوضى قطاع التنمية الحيوانية من بين أبرز العوامل وراء صعود الأسعار. وأكد تجار مواشي في جولة لمراسل الجزيرة في موريتانيا خضر عبد العزيز شملت سوق (المربط) أكبر أسواق الغنم في نواكشوط أن أسعار الأضاحي تتراوح هذا العام ما بين 50 ألف أوقية (150 دولارا) كحد أدنى لشاة صغيرة إلى 75 ألف أوقية (190 دولارا) لكبش متوسط الحجم سمين، إلى 110 آلاف أوقية لكبش كبير (330 دولارا). وأثناء تسوقه في سوق الماشية بنواكشوط اشتكى محمد أنبارك من ارتفاع أسعار الأضاحي، موضحًا أن أسواق المواشي لهذا العام لا يمكن الاقتراب منها، وأضاف في لحظة اندهاش: "السنة الماضية اشتريت أضحيتي بـ53 ألف أوقية وكنت غالية عليّ بينما وجدت مثيلاتها اليوم لا تقل عن 70 ألف أوقية". وانتقد محمد غياب السلطات "التي لم تقم بدورها في ضبط الأسعار في السوق"، حسب تعبيره. إعلان وفي عيد الأضحى الماضي تراوح سعر الأضاحي في نواكشوط من المتوسط إلى الجيد من 50 (150 دولارا) إلى 65 ألف أوقية (195 دولارا)، بينما وصل سعر الأجود والمثالي منها إلى 70 ألف أوقية (210 دولارات)، و90 ألف أوقية (270 دولارا). ويتفق البائع سيدي المختار مع المتسوقين ويؤكد أن الأسعار هذا العام مرتفعة جدا، أما زميله في السوق أحمد دي فأكد أن كثيرا من ملاك المواشي فضلوا بيع ماشيتهم هذا العام في أول السنة خوفا من زيادة تكاليف الأعلاف في الصيف. وقال أحمد دي لمراسل الجزيرة نت: "بعت أغلب ثروتي من الماشية في السنغال قبل 3 أشهر وخلال إقامتي هناك رأيت تدفقا منقطع النظير للأغنام الموريتانية". ويرجع الاقتصادي الأستاذ محمد مختار هذا الغلاء إلى "غياب دور السلطات في تنظيم الأسعار و مراقبة الأسواق حيث أدى ذلك إلى تفشي الاحتكار والمضاربات بين تجار المواشي بشكل واسع". وأضاف في حديث لمراسل الجزيرة نت أن عمليات الدعم التي تقدمها الحكومة في زمن الجفاف للمربين ليست دائمة، ولا تسهم في خفض الأسعار ولا حتى في خفض تكاليف الأعلاف وهو ما يدفع ثمنه المستهلك". وحسب آخر إحصائيات رسمية للثروة الحيوانية، تملك موريتانيا أكثر من نحو 29 مليونا من الماشية، بينها 21 مليون رأس من الغنم و نحو مليوني رأس من الإبل، و 6 ملايين رأس من الأبقار. لبنان متوسط سعر الأضحية (الخروف): 400 دولار ارتفع الإقبال على شراء الأضاحي هذا العيد في لبنان مقارنة بالعام الماضي، وبدأ الناس بالحجز مبكرا، وفق قول الجزار أبو ماهر حسين، صاحب ملحمة وبائع أغنام. ويوضح حسين لمراسلة الجزيرة نت نجية دهشة أن الأسعار رغم ارتفاعها في السنوات السابقة، فقد شهدت هذا العام انخفاضا طفيفا، مما شجّع المواطنين على الشراء، ويضيف: "بعض الزبائن يطلبون أن نذبح الأضحية ونوزعها بأنفسنا على المحتاجين، ويكتفون بحصتهم الشرعية فقط، نحن نبادر بذلك لأن الحاجة كبيرة، ونسعى لأن تصل الحصص لأكبر عدد ممكن من الأسر المحتاجة". ويبلغ الحد الأدنى لسعر الأضحية (الخروف) في لبنان 300 دولار في حين يبلغ الحد الأقصى 500 دولار، بعد أن كان السنة الماضية بين 350 و560 دولارًا. يقول أحمد الحاج، وهو أحد المواطنين الذين حجزوا أضحيته هذا العام، لمراسلة الجزيرة نت: "رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، قررت أن أضحي هذا العام لأن الأسعار كانت مقبولة مقارنة بالسنوات الماضية، الأضحية شعيرة مهمة وأيضا فرصة لمساعدة المحتاجين". ويضيف: "نحن نعيش في مجتمع متكاتف، وكلنا نحاول أن نكون سبب فرحة لعائلة ما في العيد ولو بحصة لحم بسيطة، وهذا ما يجعلنا نُصر على إحياء هذه السنة وكل سنة رغم كل التحديات". سوريا سعر الأضحية (الخروف) في المتوسط: 235 دولارا تراجع سعر الخروف في سوريا من نطاق بين 5.5 و6 ملايين ليرة (370 و400 دولار) العام الماضي إلى نطاق 1.75 مليون ليرة (195 دولارا) و2.5 مليون ليرة (275 دولارا)، وفق جولة لمراسلة الجزيرة نت شام السبسبي. تقدّر منظمة الفاو في أحدث تقاريرها (2024) عدد الأغنام في سوريا بنحو 18.8 مليون رأس. السودان سعر الأضحية (الخروف) في المتوسط: 220 دولارا بلغ سعر الخروف في الخرطوم 550 ألف جنيه للرأس (220 دولارا). وحسب جولة لمراسل الجزيرة نت عبد الرؤوف طه، تباينت أسعار خراف الأضاحي في الولايات السودانية، فقد سجلت الأسعار ارتفاعا يوصف بالكبير، في حين سجلت ولايتا القضارف وكسلا 750 ألف جنيه سوداني (300 دولار) للرأس. في ولاية سنار والنيل الأبيض والنيل الأزرق بلغ سعر الخروف الواحد 500 ألف جنيه (200 دولار). في ولاية الجزيرة بلغ سعر رأس الخروف ما بين 350 إلى 450 ألف جنيه (140 دولارا – 180 دولارا)


الجزيرة
منذ 20 ساعات
- الجزيرة
عاصم منير.. الجنرال الباكستاني الذي تخشاه الهند
في الأول من مايو/أيار الماضي، وقف قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير (رُقي إلى رتبة فيلد مارشال "مشير" بعد ذلك بأيام) فوق دبابة أثناء مناورة عسكرية، مُوجِّها خطابا تحذيريا للهند بعدما تصاعدت حدة التوترات بين البلدين، حيث أعلنت نيودلهي عن نيتها شن هجومٍّ على مواقع عسكرية باكستانية. خطب قائد الجيش في قواته حينها قائلا: "أي مغامرة عسكرية غير محسوبة من جانب الهند ستقابلها باكستان برد سريع وحازم وصاعق". اعتُبرَت كلمات منير الظهور الإعلامي الأشهر والأكثر حدة له، رغم ما عُرِف عنه من تفضيله العمل بعيدا عن عدسات الإعلام، واقتصار ظهوره على المناسبات العسكرية الرسمية منذ توليه المنصب الأعلى في الجيش الباكستاني في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. حظي خطاب منير باهتمام واسع النطاق، لا سيما بعدما تعهد بالوقوف إلى جانب الكشميريين الذين يخوضون "نضالا بطوليا" ضد "الاحتلال" الهندي حسب وصفه، وهو ما دفع بعض المحللين إلى اعتبار كلماته تحوُّلا في الموقف الباكستاني الذي بات يتخذ طابعا أكثر تحديا وميلا إلى المواجهة المباشرة مع الهند. وفي 6 مايو/أيار، منح رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف تفويضا كاملا من الحكومة للجيش الباكستاني كي يرد ردا مناسبا على الهجوم الهندي، ومن ثم صار عاصم منير مهندس الهجوم المضاد الذي شنته باكستان على عدة مواقع عسكرية في الهند. خلال الحرب التي استمرت زهاء 4 أيام فقط، وقبل أن يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، صرَّح المتحدث باسم الجيش الباكستاني عن تحليق مُسيَّرات بلاده فوق العاصمة الهندية نيودلهي، وإسقاط 5 مقاتلات هندية بينها 3 من طراز " رافال" الفرنسية. وفي يوم 10 مايو/أيار، خرج رئيس الوزراء شهباز شريف مُعلنا انتصار بلاده في صدِّ العدوان الهندي، ومُوجِّها الشكر لقائد الجيش عاصم منير (إضافة إلى قائدي القوات البحرية والجوية) قائلا إنه "لولا عزيمته القوية وذكاؤه الحاد وقيادته البطولية لما تمكنت البلاد من تحقيق هذا الانتصار التاريخي على الهند". وفي أعقاب ذلك خرج سكان المدن الكبرى إلى الشوارع مُعبِّرين عن فرحتهم وواصفين منير بأنه "بطل الأمة الباكستانية"، وقد زَينت صوره شوارع العاصمة الباكستانية إسلام آباد مع العلم الأخضر ولافتات النصر. "الملا منير" في عام 2023، وفي قاعة فندق مكتظة بالوزراء والدبلوماسيين والجنرالات بالعاصمة الباكستانية إسلام آباد، وصف مراسل هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فرحات جاويد مقابلته الأولى مع الجنرال عاصم منير قائلا: "كان يتحرك بين الجمع بهدوء وثقة، ويرتدي ملابس مدنية، وقد بدا عليه أنه شخص قليل الكلام ومهذب". لكن بمجرد أن صعد منير إلى المنصة لإلقاء كلمته، تحوَّلت نظرته الهادئة إلى مزيج من الصرامة والحزم، وافتتح خطبته بتلاوة آيات من القرآن الكريم، والتي أصبحت عادة مُميِّزة له بوصفه "حافظ القرآن" الأول الذي يصل إلى منصب رئيس الأركان. كان منير قد أكمل حفظ القرآن كاملا أثناء وجوده في المملكة العربية السعودية وهو ابن 38 عاما، حيث شارك في برنامج التعاون الدفاعي بين الرياض وإسلام آباد. ولد سيد عاصم منير أحمد شاه في مدينة راوَلبندي بإقليم البنجاب في يونيو/حزيران 1966، وهو ينحدر من عائلة متدينة مرموقة تعود أصولها إلى مدينة جالَندَر في الهند، لكنها هاجرت إلى باكستان في أعقاب استقلال باكستان عن الهند عام 1947. لم تخلُ نشأة منير من تربية دينية، فقد كان أشقاؤه من حفظة القرآن الكريم، أما والده سيد منير فكان معلما وإماما، وعمل مديرا لمدرسة "إف جي" الفنية بمدينة طارق آباد، وهي المدرسة التي تلقى فيها منير تعليمه الأساسي قبل أن يلتحق بمدرسة "دار التجويد" المركزية حيث درس القرآن والتجويد. ولهذا السبب تطلق عليه وسائل الإعلام الهندية لقب "الجنرال الملا" أو "الملا منير"، وهو اللقب الذي اشتهر به بين نقاده، إذ أبدى البعض تحفظه على مرجعيته الدينية واستشهاده المتكرر بالقرآن الكريم في خطاباته، معتبرين أن ذلك دلالة على التوجه الديني المحافظ للجنرال الباكستاني. بدأ منير حياته العسكرية عام 1986 عندما التحق بمدرسة تدريب الضباط في مانغلا، ثم انضم إلى "أكاديمية كاكول العسكرية" شمال غربي البلاد حيث أصبح متدربا في كتيبة من حرس الحدود. وقد واصل منير تعليمه في العديد من المؤسسات والمعاهد العسكرية حول العالم، كان منها مدرسة فوجي في اليابان، وكلية القوات المسلحة الماليزية، وكلية القيادة والأركان في كويتا الباكستانية. وعلاوة على ذلك، نال منير درجة الماجستير في السياسات العامة وإدارة الأمن الإستراتيجي من جامعة الدفاع الوطني في إسلام آباد. تقلد منير العديد من المناصب، إذ خدم تحت قيادة الجنرال قمر جاويد باجوا الذي كان آنذاك قائدا للفرقة العاشرة، وتدرج في المناصب حتى أصبح قائد الفيلق الأول في مانغلا. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014 رُقي إلى رتبة لواء عندما تولى قيادة قوات الجيش الباكستاني في المنطقة الشمالية، وهو منصب ظل فيه حتى عام 2017، عندما نال رتبة فريق بعد تعيينه مديرا عاما للاستخبارات العسكرية، وهي الوحدة المكلفة بالشؤون الداخلية للجيش. وبعد عام واحد، تولى منير منصب مدير المخابرات العامة الباكستانية، ليصبح بذلك أول قائد للجيش يتولى رئاسة أهم جهازين استخباريَّيْن، الأمر الذي منحه خبرة كبيرة في فهم ديناميات الجيش الداخلية، إلى جانب ملفات الأمن القومي. لم يستمر الجنرال عاصم منير في هذا المنصب إلا ثمانية أشهر فقط، إذ أقاله رئيس الوزراء السابق عمران خان دون أن يعلن عن سبب إقالته، لكن مصادر إعلامية تكهنت بوجود خلافات بين الرجلين. وفي أثناء الفترة التي فصلت بين تعيينه مديرا للمخابرات العامة وتوليه رئاسة الأركان، تقلَّد منير منصبين هامين هما منصب قائد الفيلق 30 في مدينة كوجرانوالا بإقليم البنجاب عام 2019، ومنصب المدير العام للإمداد والتموين في القيادة العامة للقوات المسلحة الباكستانية عام 2021. حين خرج عمران خان من السلطة في أبريل/نيسان 2022، لم يثنِه ذلك عن معارضة ترقية عاصم منير إلى منصب قائد الجيش، واتهم خانُ المؤسسة العسكرية بقيادة الجنرال جاويد باجوا بأنها هي من أطاحت به، ومن ثم تفجرت أزمة سياسية كبيرة سرعان ما أفضت إلى محاكمة عمران خان وسجنه مدة عامين. ونتج عن ذلك اضطرابات سياسية حيث خرج مؤيدو خان في احتجاجات خلال مايو/أيار 2023 انتهت بأعمال شغب أضرموا خلالها النيران في بعض المباني الرسمية والمنشآت العسكرية. وفي خضم هذه الأزمة السياسية الكبيرة، تولى عاصم منير رئاسة الأركان يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024 أقر البرلمان الباكستاني تعديلا على قانون الجيش يقضي بتمديد فترة ولاية قادة القوات المسلحة من ثلاث إلى خمس سنوات، وهو تعديل رسَّخ وجود منير على رأس القيادة العسكرية حتى عام 2027. وبالنظر إلى الدور الموسع للجيش الباكستاني، والذي يعتقد محللون وخبراء أنه يمتد إلى الشؤون السياسية والاقتصادية للبلاد، وصفت صحيفة نيويورك تايمز منير بأنه بات "الرجل الأقوى في باكستان"، في إشارة إلى أن الجيش الذي حكم البلاد مباشرة قرابة 4 عقود، لا يزال السلطة الأثقل فيها. في المقابل، واجه عاصم منير ضغوطا سياسية تتعلق بإثبات جدارته واستعادة ثقة الشعب بالجيش مرة أخرى، إلى جانب التوترات الإقليمية والأزمة الاقتصادية الطاحنة التي أعقبت جائحة كورونا، وتفاقُم الوضع الاقتصادي بعدما اجتاحت البلاد موجة فيضانات كارثية. ووفقا للخبراء فإن هذه التحديات الكبيرة أثقلت كاهله وجعلت الإستراتيجيات الطويلة الأمد والمعقدة التي اتبعها سلفه في احتواء الأزمات الإقليمية غير ممكنة، ولهذا كان على منير تبني إستراتيجية جديدة أكثر حزما تعتمد على الاستجابة السريعة للأزمات. كشمير.. شريان الحياة لطالما عُرف عن الجنرال عاصم منير حرصه على صورته العامة، فالرجل عادة ما يتجنب التصريحات العفوية والأضواء، لكن خطاباته في الأشهر الأخيرة اتسمت بالقوة والحزم، وتردَّد صداها إلى خارج باكستان، وأثارت حفيظة العديد من عواصم العالم وعلى رأسها نيودلهي. ففي 17 أبريل/نيسان 2025، ألقى منير كلمة أثناء مؤتمر للمغتربين الباكستانيين في إسلام آباد، وصف فيه إقليم كشمير المتنازع عليه مع الهند بأنه "شريان الحياة" لباكستان، قائلا: "لن نتخلى عن إخواننا الكشميريين وهم يخوضون نضالهم البطولي ضد الاحتلال الهندي". وفي الخطاب نفسه، استشهد منير "بنظرية الأمتين" التي تأسست على أثرها جمهورية باكستان عام 1947، إذ أشار إلى أن المسلمين والهندوس شعبان منفصلان، مما يستوجب أوطانا منفصلة لكل منهما. جاء الخطاب قبل أيام من الهجوم الذي وقع في الجزء الهندي من كشمير يوم 22 أبريل/نيسان، وأسفر عن مقتل 26 شخصا، وزعمت الهند دون تقديم أي دليل رسمي أن باكستان تقف وراءه، واستغلت في ادعاءاتها خطاب منير الأخير الذي اعتبرته الخارجية الهندية "تحريضيا". رفض المسؤولون الباكستانيون ربط تصريحات منير بالهجوم في كشمير، ورد المندوب الباكستاني لدى الأمم المتحدة قائلا إن الادعاءات الهندية لا أساس لها، كما طالبت إسلام آباد رسميا بإجراء تحقيق دولي مستقل. لكن نيودلهي تمادت في اتهاماتها، وأكثر من ذلك علَّقت معاهدة تقاسم مياه نهر السند ، وأغلقت الجارتان النوويتان مجالهما الجوي في وجه شركات الطيران التابعة للدولة الأخرى، في حين صرح وزراء باكستانيون بأن أي محاولة من الهند لتحويل مسار المياه المتدفقة إلى باكستان ستندرج ضمن نطاق التصعيد العسكري. وأشار محللون إلى أن خطاب منير لا يختلف عن خطابات القادة العسكريين الباكستانيين على مر السنين، ويرى المحلل السياسي أمير ضياء أن كشمير تُعَد قضية أمن قومي بالنسبة لباكستان وجزءا من الهوية الوطنية، ومن ثم لا يمكن لأي قائد سياسي أو عسكري أن يُظهر ضعفا تجاهها. كما أرجع أستاذ الشؤون الدولية بجامعة جونز هوبكنز جوشوا وايت، الجدل الدائر حول خطاب منير الأخير إلى مسألة التوقيت، مشيرا إلى أن تعليقاته تتماشى في جوهرها مع الخطاب القومي الباكستاني. ورغم تماشي تصريحات منير في جوهرها مع مواقف أسلافه، يَعتقد مراقبون أنها باتت أكثر جرأة وحِدة، وهو ما يظهر على أنه ردة فعل باكستانية على تبني رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي -بشكل متزايد- سياسة هندوسية متطرفة مناهضة للمسلمين. وكان حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي فاز في الانتخابات الهندية بأغلبية ساحقة في الأعوام 2014 و2019 و2024، ونجح في تشكيل الحكومة برئاسة مودي والتي ألغت وضع الحكم شبه الذاتي في منطقة كشمير ذات الأغلبية المسلمة. وفي غضون ذلك، روجت الحركة القومية الهندوسية طوال العقود الفائتة لاضطهاد مسلمي البلاد ومسيحييها بوصفهم خطرا على الهوية الثقافية والدينية الهندوسية. وفي الآونة الأخيرة، تعرض مودي لضغط سياسي من أنصار حزبه الذين نادوا برد حازم وقاطع على الهجوم المسلح في كشمير. وذكرت مجلة "ذي إيكونومست" البريطانية أن الانتهاكات الهندية الممنهجة لحقوق الإنسان أحد العوامل التي أججت العنف في المنطقة، بينما أعرب مستشار الأمن القومي الباكستاني السابق معيد يوسف، عن قلقه من الدعوات العلنية للحرب الشاملة التي يروجها القوميون الهندوس، وهو قلق شاركه فيه الكاتب والصحفي الهندي أديتيا سينها الذي قال لصحيفة "الشرق الأوسط" إن ضربة عابرة للحدود على مواقع عسكرية باكستانية لن ترضي عطش الدم لدى مؤيدي اليمين الهندوسي. لفهم سياق النزاع الإقليمي بين الهند وباكستان على إقليم كشمير، علينا أن نعود إلى تاريخ الاستقلال عن الاستعمار البريطاني عام 1947، حيث انقسم الإقليم حينذاك إلى عدة مناطق خاضعة لسيطرة ثلاث دول نووية، منطقة اتحاد جامو وكشمير الخاضعة للسيطرة الهندية، ومنطقة آزاد كشمير تحت السيادة الباكستانية، والمناطق الخاضعة للسيطرة الصينية المعروفة بأكساي تشين، وكل منطقة منها تمتعت بحكم ذاتي. وتقطن إقليم كشمير أغلبية مسلمة مقابل أقلية هندوسية، وكان الأساس الذي اعتمد عليه تقسيم الهند إلى منطقتين هو الأساس الديني، وعليه تنازعت باكستان مع الهند على المنطقة على اعتبار أنها منطقة تحوي أغلبية مسلمة. ويُشكِّل الإقليم أهمية إستراتيجية للهند، إذ يُعَد حدودا طبيعية تحميها من أي تهديدات صينية أو باكستانية محتملة، في حين تعتبر باكستان كشمير امتدادا طبيعيا لحدودها الجغرافية والدينية والبشرية، لا سيما وأن الإقليم يضم الأنهار الحيوية الثلاثة التي تمد البلاد بالموارد المائية، وهي السند وجيلُم وتشِناب، مما يمنح الهند القدرة على تشكيل تهديد مباشر للموارد المائية الباكستانية. مستقبل باكستان بين يدي الجنرال في 6 مايو/أيار، شنَّت الهند غارات جوية على 9 مواقع عسكرية في باكستان. ولم يتأخر الرد الباكستاني كثيرا؛ إذ تصاعدت الاشتباكات بين الجارتين وقصفت إسلام آباد عدة مواقع عسكرية في كشمير الخاضعة لسيطرة الهند، وأعلنت عن إسقاط مقاتلات هندية وطائرات مسيرة، وقتل في هذا الهجوم 31 شخصا في باكستان وأصيب 57، في حين سقط 12 قتيلا هنديا و48 جريحا، وذلك وفقا للإحصاءات الرسمية. وقبل أيام من الهجوم، كانت مجلة "ذي إيكونومست" البريطانية تناولت سياق الصراع الأخير قائلة إنه لا يشبه أيا من المواجهات العسكرية السابقة بين البلدين، وأرجعت ذلك إلى عدة أسباب، أهمها شخصية عاصم منير التي تختلف كليا عن سلفه باجوا الذي قاد الرد الباكستاني على الغارات الجوية الهندية عام 2019. وكتب وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو عن تلك المواجهة في مذكراته، قائلا إنه أمضى ساعات في اتصالات هاتفية بين وزير هندي والجنرال قمر جاويد باجوا لإقناع كل طرف بأن الآخر لا يُعِد لشن حرب نووية. وعن ذلك أشارت المجلة البريطانية إلى أنه بينما كان باجوا يُعد للرد على الهجوم الهندي، فتح قنوات دبلوماسية مع الولايات المتحدة، وعندما أسقطت القوات الباكستانية طائرة هندية وأسرت طيَّارها تعامل باجوا مع الأزمة بهدوء حذر، وأعاد الطيار الهندي إلى بلاده بعد عدة أيام لتجنُّب تصعيد الصراع بين البلدين إلى حرب شاملة. وعلى العكس تماما يقف عاصم منير، الذي وصفته "ذي إيكونوميست" بأنه أقوى من سلفه وأكثر تشدُّدا تجاه الهند، مما جعله مستعدا للرد على الهجوم الهندي بقوة وحزم ودون أي قيود. وتشير تقارير إلى أن هذا الصراع وكيفية تعامل منير معه لم يُحدِّد شخصيته كقائد عسكري ولاعب سياسي مؤثر فحسب، بل وحدّد الدور الإقليمي الذي تسعى باكستان إلى لعبه في المستقبل. من جهة أخرى، ذكرت صحيفة "غارديان" أن الجيش الهندي عانى في السنوات الأخيرة من عدة تحديات، فمع أن عدد جنود الجيش البالغ 1.2 مليون جندي أكبرُ من عدد أفراد الجيش الباكستاني البالغ 650 ألف جندي، تسبَّب نشر الهند لأعداد هائلة من الجنود والمعدات العسكرية على الحدود الجبلية مع الصين عام 2020 في إحداث نوع من التوازن بين الجيشين الهندي والباكستاني، وذلك بحسب تصريحات المحاضر بجامعة "ييل" سوشانت سينغ، الذي أضاف أن نيودلهي عانت في السنوات الأخيرة من صعوبات في تحديث قواتها المسلحة، كما واجهت مشكلات في التجنيد أدت إلى نقص أعداد الجنود، الأمر الذي حرمها من أسباب التفوُّق النظري على باكستان أو القدرة على تحقيق نصر سريع في مواجهة تقليدية. أما السبب الآخر الذي يجعل المواجهة الأخيرة مختلفة عن المواجهات العسكرية الأخرى، فهو التحولات التي شهدها المشهد الجيوسياسي منذ عام 2019، حيث تغيرت البيئة الدولية، لا سيَّما بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021، وهو ما أثر بدوره في نفوذ واهتمام واشنطن بباكستان، وفقا للباحثة في برنامج السياسة الخارجية بمعهد بروكينغز، تانفي مادان. ومع تراجع النفوذ الروسي في المنطقة، أصبحت العلاقات الأميركية الهندية أكثر تقاربا. وفي خضم الحرب التجارية التي يشنها ترامب على الصين، بدأت واشنطن ترى في نيودلهي فائدة إستراتيجية أكبر وبديلا اقتصاديا محتملا لبكين، وأخذت إسلام آباد هذا التحول الجيوسياسي في الحسبان، وعملت على توطيد علاقاتها مع الصين، الأمر الذي ظهر جليا في الأسلحة التي استخدمها الطرفان في المواجهة الأخيرة. في الوقت الذي عملت فيه الهند على تحديث ترسانتها من الأسلحة الروسية واستبدلت بها ذخائر غربية مثل طائرات "رافال" الفرنسية المتعددة المهام، وطائرات " إف 16" الأميركية، اعتمدت باكستان في 80% من ترسانتها العسكرية على الأسلحة الصينية، بعدما أصبحت بكين أكبر مورد أسلحة لإسلام آباد. وبحسب ما ورد في صحيفة "غارديان"، صرح الجيش الباكستاني في مايو/أيار أنه استخدم صواريخ "بي إل 15" الصينية الأكثر تطورا في إسقاط الطائرات الهندية، وهو صاروخ جو/جو يصل مداه إلى 200 كلم، وتبلغ سرعته 5 أضعاف سرعة الصوت. وجرى اختبار تلك الذخائر عمليا لأول مرة في ساحة المعركة خلال الرد الباكستاني على الهجوم الهندي، وهو ما علّق عليه خبراء عسكريون قائلين إن الصين لم تساعد باكستان في حربها الأخيرة فحسب، بل استخدمتها حقل تجارب لأسلحتها. ثم جاءت الطائرات المسيرة التي استُخدِمَت على نطاق واسع في الصراع الأخير، وعملت على تغيير طبيعة الاشتباكات بين البلدين، حيث عملت فرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة على تزويد الهند بالتكنولوجيا العسكرية التي تحتاج إليها، بينما اعتمدت باكستان على الطائرات المسيرة القادمة من تركيا، وهو ما جعل أنقرة شريكا مهما لإسلام آباد. ورغم توقعات البعض بتصاعد حدة الصراع بين البلدين إلى حدِ التهديد النووي، أتى الإعلان المفاجئ لإدارة ترامب عن وقف إطلاق النار وأربك نيودلهي، وجاءت الوساطة التي عرضتها الإدارة الأميركية لإخماد نيران الحرب بطريقة ساوَت بين الهند وباكستان، ولعلها لم تلق استحسان نيودلهي، بحسب ما أشارت إليه الباحثة تانفي مادان. ووفقا لتصريحات المفوض السامي الهندي السابق لدى باكستان أجاي بيساريا، فإن الهند قد تسعى للرد من خلال استغلال تقاربها مع الولايات المتحدة لدفع الإدارة الأميركية نحو عقاب باكستان بفرض عقوبات على ضباط باكستانيين، أو تعطيل خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي لإسلام آباد والتي تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار. ولكنْ أيا كان ما سيحدث في المستقبل، فإن المواجهة الأخيرة ربما وضعت قواعد جديدة للصراع الهندي الباكستاني، خطها ببراعة جنرال يمتلك الجرأة لتحدي القواعد القائمة والقفز على الحذر العسكري الذي ميّز ردود أفعال الجيش الباكستاني خلال السنوات الماضية.