logo
القميص والمعادن والنائب.. 3 ضربات تلقاها زيلينسكي من ترامب

القميص والمعادن والنائب.. 3 ضربات تلقاها زيلينسكي من ترامب

رؤيا نيوز٠١-٠٣-٢٠٢٥

شهد المكتب البيضاوي الجمعة مواجهة صاخبة وصادمة، لكنها لم تكن مفاجئة لمن هم على مقربة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب أو نائبه جي دي فانس.
حسب موقع 'أكسيوس'، يعتبر ترامب، بشكل خاص، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شخصية مؤيدة لبايدن، غير ممتنة، ومقدر لها أن تخسر أمام روسيا.
في المقابل، يعتقد مستشارو ترامب أن زيلينسكي يرى ترامب بأنه مؤيد لبوتين، ومخدوع، ومحكوم عليه بجعل أوكرانيا تخسر الحرب.
وبالنسبة لفريق ترامب، كانت هذه 'الضربة الثالثة' التي أخرجت زيلينسكي من دائرة الدعم، إذ كان لديه بالفعل 'ضربتين' ضده قبل أن يجلس مع ترامب وفانس.
وقد كانت هذه الخلفية لمحادثة أصبحت ربما أكثر الخلافات علانية في السياسة الخارجية الأميركية، مما هز أوروبا وأظهر تحولا حادا في موقف واشنطن تجاه روسيا.
مشادات مع نائب الرئيس
وقد ظهر اختلاف زيلينسكي علنا مع نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، الذي اتهمه بمحاولة 'عرض قضيته' على وسائل الإعلام.
وخلال اللقاء في البيت الأبيض اعتبر فانس أن زيلينسكي لم يظهر الامتنان الكافي للدعم الأميركي أو لجهود ترامب في تحقيق السلام.
وحسب 'أكسيوس' فإن ترامب سريع الغضب ويتوقع الولاء المطلق، وهو أمر لم يظهره زيلينسكي، ما دفع فانس لمحاولة 'وضعه في مكانه'.
وأوضحت أن فانس أبدى منذ فترة طويلة عداء تجاه زيلينسكي والمعونات الأميركية لأوكرانيا. وخلال حملته الانتخابية لمجلس الشيوخ في أوهايو عام 2022، وعد بإنهاء تمويل الحرب.
كما استشهد في اجتماع الجمعة بزيارة زيلينسكي لمصنع أسلحة في بنسلفانيا حيث وقع صواريخ مع بايدن، معتبرا ذلك 'ترويجا انتخابيا مع المعارضة'.
قميص زيلينسكي
قبل الاجتماع مباشرة، وصل زيلينسكي إلى البيت الأبيض دون ارتداء بدلة أو سترة رسمية، كما طلب منه. واعتبر موظفو البيت الأبيض ذلك إهانة.
وعندما وصل زيلينسكي بملابسه غير الرسمية، لاحظ ترامب ذلك وسخر قائلا: 'واو، انظر، أنت متأنق اليوم'، بطريقة بدت ودية لكنها كانت تخفي استياء.
وقد سأل أحد الصحفيين زيلينسكي مباشرة: 'لماذا لا ترتدي بدلة؟ … هل تمتلك واحدة أصلًا؟'، فضحك فانس بصوت عالٍ.
رد زيلينسكي: 'سأرتدي بدلة بعد انتهاء هذه الحرب. ربما شيء مثل ملابسك، ربما أفضل … ربما أرخص'.
صفقة المعادن
ووفقا لموقع 'أكسيوس'، فقد حدثت الضربة الخاصة بصفقة المعادن في 15 فبراير، عندما انتقد زيلينسكي علنا اتفاقا مقترحا بشأن حقوق التعدين في أوكرانيا، رغم أنه ناقشه سرا قبل ذلك بيوم واحد في ميونيخ مع فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو.
وكان من المفترض أن يوقع زيلينسكي نسخة جديدة من الاتفاق كجزء من خطة لإنهاء الحرب، لكنه لم يفعل.
مشادات كلامية
والجمعة، شهد المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، مواجهة وصفت بـ'التاريخية'، بين الرئيس ترامب ونظيره الأوكراني زيلينسكي، انتهت بمغادرة الأخير بشكل مبكر بعد تصاعد التوتر بين الطرفين.
وبدأت المواجهة عندما كان الرئيسان يتحدثان أمام وسائل الإعلام، قبل أن تتصاعد لهجتهما بشكل ملحوظ. وكان ترامب ونائبه جيه دي فانس يتبادلان الحديث مع زيلينسكي، قبل أن يتهم فانس الرئيس الأوكراني بالقيام بجولات دعائية. وردّ زيلينسكي بدعوة فانس لزيارة أوكرانيا، الأمر الذي لم يلقَ ترحيبا من الأخير.
بدوره، صعّد ترامب من حدة خطابه قائلا: 'أنت تقامر بإشعال حرب عالمية ثالثة.. إما أن تبرم اتفاقا أو أننا سنبتعد'، مضيفا: 'أنت لا تتصرف على الإطلاق وكأنك ممتن. هذا ليس تصرفا لطيفا'.



Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هجمات أوكرانية تشل حركة الطيران في موسكو وروسيا تتقدم في دونيتسك
هجمات أوكرانية تشل حركة الطيران في موسكو وروسيا تتقدم في دونيتسك

البوابة

timeمنذ ساعة واحدة

  • البوابة

هجمات أوكرانية تشل حركة الطيران في موسكو وروسيا تتقدم في دونيتسك

شهدت العاصمة الروسية موسكو، يوم الخميس، حالة من الاستنفار الأمني بعد تعرضها لهجمات مكثفة بطائرات مسيّرة أوكرانية، أجبرت السلطات على تعليق حركة الطيران مؤقتاً في عدد من مطاراتها الكبرى، من بينها مطارات شيريميتييفو، فنوكوفو، دوموديدوفو وجوكوفسكي، حسب ما أفادت به وكالة الطيران المدني الروسية. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن منظومات الدفاع الجوي أسقطت نحو 100 طائرة مسيّرة أوكرانية، من بينها 35 طائرة تم اعتراضها قرب موسكو، فيما أكد رئيس بلدية العاصمة سيرغي سوبيانين أن فرق الإغاثة تعمل في أماكن سقوط الحطام. وتشن القوات الأوكرانية هجمات منتظمة باستخدام مسيّرات محمّلة بالمتفجرات ضد أهداف داخل الأراضي الروسية، كرد على القصف الروسي المتواصل منذ بدء الغزو في فبراير/شباط 2022، لكن استهداف موسكو يُعدّ نادراً نسبياً. تقدم روسي على جبهة دونيتسك وتصعيد في دنيبروبتروفسك في موازاة الهجمات الجوية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها أطلقت صاروخاً من طراز "إسكندر-إم" على مدينة بوكروف في منطقة دنيبروبتروفسك الأوكرانية، أسفر عن تدمير منظومتين صاروخيتين من طراز "باتريوت" إلى جانب رادار، وفق مزاعم موسكو. بينما أكدت القوات الجوية الأوكرانية وقوع أضرار، دون تحديد نوع السلاح المستخدم. كما أفاد مدوّنون عسكريون موالون لروسيا بأن القوات الروسية اخترقت الخطوط الدفاعية الأوكرانية بين بوكروفسك وكوستيانتينيفكا في منطقة دونيتسك شرقي البلاد. ورغم اشتداد المعارك، لم يعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال خطابه الليلي بوجود أي تقدم للقوات الروسية. في سياق آخر، كشفت مصادر استخبارية أوكرانية عن استعدادات لتبادل كبير للأسرى، يشمل ألف أسير من كل طرف، بعد محادثات تمت في إسطنبول يومي 15 و16 مايو/أيار الجاري. وذكرت كييف أنها سلّمت موسكو قائمة تضم ألف أسير، فيما نقلت وكالة "إنترفاكس" عن الكرملين أن روسيا سلّمت أوكرانيا قائمة مماثلة. وأكد زيلينسكي أنه ترأس اجتماعًا أمنيًا رفيع المستوى لبحث تفاصيل عملية التبادل. جدل حول الحدود الأوكرانية وتصريحات مفاجئة من زالوجني وفي تطور لافت، نقل موقع "آر بي كيه أوكرانيا" تصريحات عن القائد العسكري السابق فاليري زالوجني، حذر فيها من التمسك بأمل "غير واقعي" في استعادة حدود أوكرانيا لعام 1991 أو حتى تلك التي سبقت الحرب في 2022. ويشغل زالوجني حاليًا منصب سفير أوكرانيا في لندن بعد إعفائه من منصبه العسكري في فبراير/شباط الماضي بسبب توترات مع الرئيس زيلينسكي. بوتين يعلن عن "منطقة عازلة" لحماية الحدود الروسية من جانبه، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع حكومي في موسكو أن الجيش الروسي بصدد إنشاء "منطقة عازلة" على الحدود مع أوكرانيا، مشيرًا إلى أن مناطق بريانسك وكورسك وبيلغورود غربي روسيا تعرضت مرارًا لهجمات أوكرانية. وأكد بوتين أن هذا الإجراء يأتي ضمن خطوات تهدف إلى تعزيز أمن الحدود الروسية، في ظل استمرار النزاع الذي بدأ في فبراير 2022، والذي تشترط موسكو لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام إلى التحالفات العسكرية الغربية.

الاستراتيجية الأردنية بعيد الاستقلال تحول لا ثبات!
الاستراتيجية الأردنية بعيد الاستقلال تحول لا ثبات!

عمون

timeمنذ ساعة واحدة

  • عمون

الاستراتيجية الأردنية بعيد الاستقلال تحول لا ثبات!

في أقل من أسبوعين، كان مسؤولان بريطانيان عسكريان في عمّان؛ الأول مستشار مجلس الأمن القومي البريطاني، والثاني كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية. وقد يكون رئيس وزراء مالطا في عمّان ومباحثاته الموسعة مع أعلى مراتب المسؤولية السياسية الأردنية في الدولة ما يتفق ضمنيًا مع عنوان المقالة. في الفصل التمهيدي، يمكن أن زوّار عمّان، في أعلى مستوياتهم، يرون أن هذه العاصمة في استراتيجيتها تحمل سؤالًا وجوابًا: كيف أن النظام العربي يُعاد تشكيله بعد 7 أكتوبر، حرب الإبادة وتطوّرها إلى حرب التجويع على غزة، وعودة ترامب للبيت الأبيض بعنفوان بارز، مُلخصة بإعادة هيبة أمريكا في العالم.! وبعد سقوط نظام الأسد التابع لطهران، ونزع أنياب حزب الله، وتصفيات متتالية لقيادات سياسية وعسكرية من طراز رفيع لحركة حماس، وببزوغ مشروع عقاري للحل في غزة من بين رُكامها الحجري والبشري، تطوّر إلى "ريفييرا غزة"، ثم مشروع عربي تمويلي، ليكون سؤال وجواب زوّار عمّان قد صاغته جولات متواصلة مرهقة للملك في أوروبا، ودول اجتماع العقبة، وداخل المؤسسات الأمريكية التمثيلية: الاقتصادية، المالية، الاستخبارية، العسكرية، الدفاعية، وصنّاع الرأي العام، للوقوف على أبعاد المرحلة الجديدة لأمريكا، وقراءة دقيقة للقوى والتيارات التي تصنع التغيير وتدير دفة إدارة البيت الأبيض، خصوصًا المجمع الصناعي العسكري المالي الأمريكي ودوره في عسكرة السياسة. ولا ننسى استفزازات متتالية للكيان ضد الأردن ونهجه الإنساني، الذي أراد أردنًا يصبغ ويطبع البعد الإنساني على تنازع البقاء وصراع الأمم والشعوب والمصالح. قد تكون عمّان واستراتيجيتها، منذ تحول الثقل والوزن نحو موسكو (الاتحاد السوفيتي السابق) ونحو الاتحاد الأوروبي، قد قادها الراحل الكبير الحسين بن طلال الباني منذ عام 1964، واستمرت في عهد الملك عبد الله الثاني، وخصوصًا حين تم تدويل ربيع سوريا بفوضاها وكثافة فصائل التطرف التي عشّشت في سوريا، وهي من كل حدب وصوب. وبالضرورة، كان واجبًا أن تقفز أمن حدودنا الشمالية وضمان عدم اختراق السيادة الأردنية إلى المقدمة، أما من الميليشيات أو من تجّار ومروّجي المخدرات، فكان لا مناص من التنسيق السياسي والأمني، وبالضرورة البحث الجدي عن صناعة أفق للتسوية في سوريا وعودة السلم الأهلي لربوعها، دون أن يكون ذلك على حساب القضية الأم وأحداث لبنان المتتالية. هذا كان في زمن وفترة التحولات الجيوسياسية والحرب الباردة، بحيث امتلك رؤى تعزيز مواقف الأردن على الساحة الدولية، وسعى لضمان دعم روسيا (الاتحاد السوفيتي سابقًا) للأردن. وفي ظل توترات العالم العربي، مرّت في الثمانينات تغييرات كبيرة بفعل الأحداث في فلسطين والضفة ولبنان والعراق والسودان ومصر وليبيا وتونس، ومن زاوية توزيع وتنويع خيارات الأردن الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية وتحقيق التوازن في السياسة الخارجية، ودور الأردن كطرف مؤثر في القضايا الإقليمية والدولية، مما أثْرى علاقات الأردن مع القوى الكبرى في العالم. وخارج إطار السيطرة السياسية، إما بالولاء أو التبعية أو كليهما، وبالاتفاق الضمني أو التقاسم المصلحي، لكل من الدولتين العظميين: بريطانيا وأمريكا. ولأجل ذلك كانت نشأته (أي الأردن) وازدهاره، بخلاف استمراره تحت رحمة الإنعاش الاقتصادي الخارجي، إما من أمريكا أو بريطانيا، وكلاهما تملكان استراتيجية التحول لا الثبات، وفق متغيرات العصر ومصالحهما العليا.! أن ندرك، والعام الجديد على الأبواب، أن التغيير الحقيقي الصحيح لا يكون إلا بتطبيق حرفي لمنظومة التحديث السياسي، والرؤية الاقتصادية، والتحديث الإداري، التي بين طيّاتها الحرص على السيادة الوطنية، والقرار المستقل، والتحالفات والاتفاقيات الاستراتيجية. هي ما نذهب إليه إلا لخدمة مصالح الأردن، وبتزامن مع تمتين لحمة النسيج الاجتماعي ووحدة الأردنيين، مقدمةً لمشروع وحدة الأمة، بمزيد من الحكم الرشيد، وبالاستمرار في تنقيح الدستور الأنقى وتعديله، وتجهيز برامج للحكم الإداري والاقتصادي والتعليم والسياسة الخارجية المتوازنة، بالطبع لا تخرج إلا عن استراتيجية وطنية لا تراعي أحدًا ولا تتزلف لأحد، ولا هي "في جيب أحد"، اللهم مع ما يجري من مستجدات في الإقليم من حولنا بوعي، فنتجنّب أن نضل أو نُستغل.! واضح أنه من الغباء الاعتقاد أن استراتيجية الأردن خاضعة أو منجذبة تارةً لأمريكا، وحين تدير ظهرها له أو تختلف الرؤى السياسية، فيُحتل "مسك الأردن من الكتف الذي يؤلمه"، فيلوذ نحو لندن أو بروكسل. وربما تذهب ببعض خبثاء السياسة والمتآمرين عليه تاريخيًا، إلى أنه يمارس دورًا وظيفيًا صنعه دهاقنة تل أبيب وجنرالات التلمود – لا سمح الله. وكأننا دولة وكيان كرتوني تتقاذفه الرياح، بينما مئة وخمس سنوات من عمره، وتسع وسبعون سنة مضت على استقلاله، وربع قرن من حكم الملكية الرابعة، لا ندرك أننا نصنع من تلاشي مفهوم الدولة – بفعل كثافة التدخلات الآتية من النظام الدولي وسرعة الأحداث التي تنذر بالانهيار – إلى دولة كأمر منطقي بالنظر إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي والمصالح الاقتصادية والسياسية، إلى دولة "فاتحة طريق" على خيارات تعزيز السيادة، وتعظيم وتفعيل القرار المستقل، وتحولات للثبات في كل شيء، إلا خلع ثوابتنا بالمقامرة بمصالح الأردن شعبًا ودولة، وأنه ارتسم على خارطة الشعوب الحية المؤمنة بالمستقبل.!

جمال القيسي : حين تصمت الدولة يعلو صوت الفراغ
جمال القيسي : حين تصمت الدولة يعلو صوت الفراغ

أخبارنا

timeمنذ 2 ساعات

  • أخبارنا

جمال القيسي : حين تصمت الدولة يعلو صوت الفراغ

أخبارنا : في المشهد الإعلامي الأردني اليوم، تتعاظم الحاجة إلى مراجعة جذرية لطريقة تعاطي الدولة مع الفضاء الرقمي ومنصات التعبير. فالعالم يتغير بسرعة، والصراع لم يعد على الجغرافيا فقط؛ بل على المعنى، وعلى من يملك القدرة على رواية القصة أولًا وبذكاء. في هذا السياق، لا يكفي أن تكون الدولة محقة في سياساتها، بل يجب أن تكون حاضرة في خطابها، واثقة في رسالتها، وقادرة على الوصول إلى مواطنيها وإقناع الرأي العام الإقليمي والدولي بلغة هادئة ومؤثرة. لكن، ماذا لو غابت الدولة عن هذا الميدان؟ من يملأ الفراغ؟ ومن يصوغ روايتها؟. إن التراخي والارتجال في إدارة إعلام الدولة قد يتحول إلى مأزق سياسي، فإننا نستذكر هنا حادثة مفصلية: ففي عام 2004، ألقى المهندس علي حتر محاضرة في مجمع النقابات المهنية بعنوان "لماذا نقاطع أمريكا". ما لبث أن تم توقيفه على خلفية تصريحاته، وسُجّلت بحقه دعوى جزائية، وفي يناير 2005، سأل الرئيس الأمريكي جورج بوش جلالة الملك عبد الله الثاني خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض عن قضية توقيف حتر، في إشارة واضحة إلى أن إجراءات التضييق على الإعلام لا تبقى محلية، بل هي قابلة دائما للتحول إلى عبء دبلوماسي. في قرار حجب عدد من المواقع الإلكترونية الأردنية مؤخرًا، لم نخسر فقط معركة إعلامية، بل كشفنا عن ارتباك في علاقتنا مع الحريات، وخلل أعمق في قدرتنا على إدارة الصورة الإعلامية العامة للأردن. والمشكلة لا تقف عند هذا القرار، بل تمتد إلى غياب المنهجية الاتصالية الوطنية الواضحة التي تعرف متى تتحدث، ومتى تصمت، ومتى تشرح. وهذا ما يجعلنا عرضة للاجتهادات غير المتخصصة والارتجال العاطفي المشحون. ما يجعل المشهد أكثر تعقيدًا أن الرواية السياسية الأردنية ليست هشّة، بل تتمتع بالتماسك والرصانة في المضمون، ولها ما تسنده من مشروعية دستورية وسياسية وتاريخية. لكنّ هذا العمق لا يجد طريقه إلى المنصات الإعلامية الرسمية، التي غالبًا ما تكتفي بردود فعل متشنجة، أو تغيب تمامًا حين تشتد الحاجة إلى صوتها. في هذه المساحة الفارغة، تتسلل روايات بديلة، مغرضة وعدائية ومجتزأة، لكنها تجد من يصغي إليها، لأنها فراغ حل مكان صمت الدولة. الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني قالها بوضوح في بيانه الأخير، المنشور على موقع عمون الأربعاء: إن قرار الحجب لا يدحض الأخبار الكاذبة، بل يزيد من مساحات الغموض ويعمق أزمة الثقة بين الدولة والمواطن. هذا النوع من القرارات يعطي إشارات سلبية إلى الداخل والخارج معًا، ويغذّي الانطباع أن الدولة تخشى النقد أو لا حجة لديها للرد. المؤشرات العالمية في هذا السياق تتحدث بوضوح: تقرير "مراسلون بلا حدود" لعام 2024 وضع الأردن في المرتبة 122 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة. أما Freedom House فصنّف الإنترنت لدينا بأنه "جزئي الحرية". هذه المؤشرات لا تُقرأ في معزل عن السياق الاقتصادي والسياسي؛ المستثمر الدولي اليوم لا ينظر فقط إلى معدل النمو أو الضرائب، بل إلى البيئة السياسية: هل تسمح بحرية التعبير؟ هل تُدار الأزمات بالمكاشفة أم بالحجب؟. لقد باتت حرية الإعلام جزءًا من سمعة الدولة (Country Brand)، وعنصرًا مؤثرًا في ثقة الأسواق، وفي تصنيف مؤسسات التصنيف الائتماني. وإذا كان الأردن حريصًا على جذب الاستثمارات، فإن عليه أن يدرك أن الحريات العامة لم تعد ترفًا، بل ضمانة للاستقرار. اليوم يتجاوز الإعلام وظيفته التقليدية، فلم يعد مجرد مرآة تعكس المواقف، بل منصة لتسويق الرؤية الوطنية للدولة. وليس من وظائف الإعلام أن يعكس ما تقوله الدولة فقط، بل أن يُحسن صياغته وتسويقه في "سوق الأفكار" العالمية. الإعلام المحترف لا يكتفي بالبث الرسمي، بل يبني محتوىً ذكيًا، ومتفاعلًا، وقادرًا على تحويل الثوابت الوطنية إلى خطاب مقنع ومؤثر ودائم. ومن هنا، فإن الإعلام ركيزة أساسية وليس ترفا أو ملحقا بسياسة الدولة، بل صار في قلبها، يروّج لهويتها، ويصوغ صورتها في الخارج، ويعيد تشكيل الثقة الداخلية. وإن غياب هذا الدور، أو اختزاله، هو ما يفتح الباب للفراغ السردي، الذي تملؤه الجهات المضادة أو الأصوات المتربصة. وإذا كان هناك من يخشى الانفتاح الإعلامي، بحجة الحفاظ على الأمن أو الاستقرار، فإن التجارب الدولية تثبت العكس. في العام 1975، بعد نهاية عهد الجنرال فرانكو، لم تلجأ إسبانيا إلى قمع الإعلام لضبط المرحلة الانتقالية، بل على العكس: تأسست صحيفة El País كمنبر للحرية والتعددية، وساهمت في ترسيخ الديمقراطية، وأصبحت اليوم من كبريات الصحف الأوروبية التي تُمثّل صوتًا وطنيًا وحقوقيًا في آن. وفي أوروبا الشرقية، بعد سقوط جدار برلين، كانت الحريات الإعلامية أحد أعمدة إعادة بناء الثقة بالدولة. حين تغيب الدولة عن الفضاء الإعلامي، لا يبقى الحيز فارغًا، بل تمتلئ ساحاته بأصوات أخرى، تحمل أجندات أخرى، وقدرة على التأثير. لذلك، فإن التحدي ليس في إسكات هذه الأصوات، بل في أن تكون روايتنا كدولة محكمة وعميقة، وأقدر على الإقناع، وهذا لا يتحقق بالحجب، بل بالحضور وتفكيك الخطاب المضاد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store