
طوفان الفردانية!
في زمنٍ يُمجَّد فيه الاستقلال الشخصي، وحرية القرار، وتحقيق الذات، يصعب أحيانًا التفريق والفصل بين كل ما سبق من قِيَم محمودة، ووجه آخر مقيت للفردانيَّة، ذلك الوجه الأناني الذي قد يتحوَّل مع الوقت إلى قنبلة موقوتة داخل المجتمعات.لا أحد ينكر أنَّ حرية الفرد، وحقه في تقرير مصيره، والاهتمام بمصالحه، ركائز أساسيَّة للتقدُّم.. هذه ليست تهمة، بل فضيلة، خصوصًا حين تأتي في إطار اقتصاديٍّ أو فكريٍّ منضبط، كما أشار كثير من الفلاسفة والاقتصاديِّين منذ قرون.. لكنَّها تفقد قيمتها، بل تتحوَّل إلى خطر حقيقيٍّ، حين تنزلق إلى حالة من الأنانيَّة الجامحة التي ترى العالم من ثقب إبرة الذات (أنا ومن بعدي الطوفان)!.تتعقَّد المشكلة حين تصبح الفردانيَّة فلسفة حياة شاملة، تتجاوز حدود السوق والعمل والإبداع، لتتسلَّل إلى تفاصيل العلاقات اليوميَّة، وإلى نسيج المجتمع بأكمله.. فعندما يفقد الإنسان حسَّه بالآخرين، وحين ينظر لكلِّ شيء من زاوية «ماذا سأكسب؟»، فإنَّه لا يقطع فقط خيوط التضامن الاجتماعي والإنساني، بل يبدأ بنسف البنية الأخلاقيَّة التي لا تقوم المجتمعات بدونها.ما يثير القلق أكثر أنَّ هذه النزعة تجد اليوم ما يُغذِّيها من ثقافة استهلاكيَّة متوحشة؛ تضع الغرائز في قلب كل شيء، وشبكات اجتماعيَّة تجعلنا نُقيِّم العالم من خلال «الأنا» الافتراضيَّة، وسوق عمل يقيس القيمة بالكفاءة الفرديَّة لا الجماعيَّة، لنجد أنفسنا في النهاية، أمام جيل قد يجيد اللعب بمفاتيح النجاح الشخصيِّ، لكنَّه يشعر بعجز مُخجل أمام فكرة التضامن العام!.الأخطر.. أنَّ هذا النوع من الفردانيَّة لا يحتاج إلى شرٍّ خارجيٍّ ليفتك بالمجتمع، فهو ينخر فيه من الداخل ببطءٍ وصمت.. فتفقد الأسر تماسُكها، وتضعف الروابط بين الجيران، ويصبح العمل مجرَّد سباق (ميكافيلي) دون ضوابط ولا معايير، وتتحوَّل السياسة الدوليَّة إلى حفلات مصالح متنكِّرة في خطابات دبلوماسيَّة!.لا أقول هذا دفاعًا عن الجماعيَّة القسريَّة بالطبع (كما كان يحلم البعثيون والناصريون في زمنهم الأغبر)، ولا هجاءً لحلم الاستقلال الشخصيِّ، بل هي دعوة لإعادة الاعتبار لفكرة إنسانيَّة بسيطة تقول: لا قيمة للفرد إذا تحوَّل إلى جزيرة معزولة، فالحريَّة الحقيقيَّة لا تعني أنْ نعيش وحدنا مثل (روبنسون كروزو) في جزيرته المعزولة، بل أنّْ نعيش معًا، بتعاونٍ وتكامل وكرامة.ربما لا تكمن أكبر خسائرنا اليوم -كمجتمعاتٍ إنسانيَّة- في نقص الموارد، أو انكماش الاقتصاد، بل في هذا التآكل الخفيِّ لمعنى (نحن)، مقابل تمدُّد مطّرد للـ(أنا).. ومن هنا بالضبط يبدأ الطوفان!.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المدينة
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- المدينة
طوفان الفردانية!
في زمنٍ يُمجَّد فيه الاستقلال الشخصي، وحرية القرار، وتحقيق الذات، يصعب أحيانًا التفريق والفصل بين كل ما سبق من قِيَم محمودة، ووجه آخر مقيت للفردانيَّة، ذلك الوجه الأناني الذي قد يتحوَّل مع الوقت إلى قنبلة موقوتة داخل المجتمعات.لا أحد ينكر أنَّ حرية الفرد، وحقه في تقرير مصيره، والاهتمام بمصالحه، ركائز أساسيَّة للتقدُّم.. هذه ليست تهمة، بل فضيلة، خصوصًا حين تأتي في إطار اقتصاديٍّ أو فكريٍّ منضبط، كما أشار كثير من الفلاسفة والاقتصاديِّين منذ قرون.. لكنَّها تفقد قيمتها، بل تتحوَّل إلى خطر حقيقيٍّ، حين تنزلق إلى حالة من الأنانيَّة الجامحة التي ترى العالم من ثقب إبرة الذات (أنا ومن بعدي الطوفان)!.تتعقَّد المشكلة حين تصبح الفردانيَّة فلسفة حياة شاملة، تتجاوز حدود السوق والعمل والإبداع، لتتسلَّل إلى تفاصيل العلاقات اليوميَّة، وإلى نسيج المجتمع بأكمله.. فعندما يفقد الإنسان حسَّه بالآخرين، وحين ينظر لكلِّ شيء من زاوية «ماذا سأكسب؟»، فإنَّه لا يقطع فقط خيوط التضامن الاجتماعي والإنساني، بل يبدأ بنسف البنية الأخلاقيَّة التي لا تقوم المجتمعات بدونها.ما يثير القلق أكثر أنَّ هذه النزعة تجد اليوم ما يُغذِّيها من ثقافة استهلاكيَّة متوحشة؛ تضع الغرائز في قلب كل شيء، وشبكات اجتماعيَّة تجعلنا نُقيِّم العالم من خلال «الأنا» الافتراضيَّة، وسوق عمل يقيس القيمة بالكفاءة الفرديَّة لا الجماعيَّة، لنجد أنفسنا في النهاية، أمام جيل قد يجيد اللعب بمفاتيح النجاح الشخصيِّ، لكنَّه يشعر بعجز مُخجل أمام فكرة التضامن العام!.الأخطر.. أنَّ هذا النوع من الفردانيَّة لا يحتاج إلى شرٍّ خارجيٍّ ليفتك بالمجتمع، فهو ينخر فيه من الداخل ببطءٍ وصمت.. فتفقد الأسر تماسُكها، وتضعف الروابط بين الجيران، ويصبح العمل مجرَّد سباق (ميكافيلي) دون ضوابط ولا معايير، وتتحوَّل السياسة الدوليَّة إلى حفلات مصالح متنكِّرة في خطابات دبلوماسيَّة!.لا أقول هذا دفاعًا عن الجماعيَّة القسريَّة بالطبع (كما كان يحلم البعثيون والناصريون في زمنهم الأغبر)، ولا هجاءً لحلم الاستقلال الشخصيِّ، بل هي دعوة لإعادة الاعتبار لفكرة إنسانيَّة بسيطة تقول: لا قيمة للفرد إذا تحوَّل إلى جزيرة معزولة، فالحريَّة الحقيقيَّة لا تعني أنْ نعيش وحدنا مثل (روبنسون كروزو) في جزيرته المعزولة، بل أنّْ نعيش معًا، بتعاونٍ وتكامل وكرامة.ربما لا تكمن أكبر خسائرنا اليوم -كمجتمعاتٍ إنسانيَّة- في نقص الموارد، أو انكماش الاقتصاد، بل في هذا التآكل الخفيِّ لمعنى (نحن)، مقابل تمدُّد مطّرد للـ(أنا).. ومن هنا بالضبط يبدأ الطوفان!.


الرياض
٠٥-٠٥-٢٠٢٥
- الرياض
لو قلنا كلنا لا.. من يقول نعم؟
في السنوات الأخيرة، انتشرت ثقافة «قدّر نفسك، ولا تقبل إلا بما تستحق»، حتى كادت تتحول من دعوة للتوازن النفسي إلى وصفة جاهزة للأنانية والقطيعة. صرنا نقرأ -ونردد- شعارات من قبيل: «لا تقل نعم، تعلّم أن تقول لا»، «لا تضحي لأجل أحد، فالكل يختار نفسه»، «ارفع استحقاقك، ولا ترضَ بالقليل». جميل، نظريًا، لا غبار على المفاهيم، لكن المشكلة لم تكن يومًا في الشعار، بل فيمن يحمله، وفي كيف يترجمه على أرض الواقع. فما حدث فعلًا، أن تلك العبارات انتُزعت من سياقها العلاجي، وغُلفت بورق لامع من «الوعي»، ثم أُلقيت في يد شخص لم يعرف أصلاً كيف يقول «نعم» دون أن يشعر بالانكسار. والنتيجة؟ جيل كامل يرى في كل علاقة فرصة للهرب، وفي كل خلاف مبررًا للانسحاب، وفي كل تضحية خيانة للذات. تحوّل مفهوم الاستحقاق من إدراك لقيمتي كإنسان، إلى مقارنة يومية بإنجازات غيري، وتحوّل رفض الاستغلال إلى رفض للمسؤولية، ورفض التنازل إلى تمرّد على كل شيء لا يُلبّي هواي فورًا. حتى كلمة «نعم» البسيطة، تلك التي تُبنى بها الصداقات، وتُرمم بها الخلافات، وتُحفظ بها العلاقات.. صارت متهمة بالضعف والخنوع! لكن مهلاً.. لو قلنا كلنا «لا» -لا أقدر أحدًا لا يقدرني أولًا، لا أتصل إن لم يتصل هو، لا أعتذر إن لم أُخطئ بنسبة 100 %، لا أبذل جهدًا إن لم يُقابل بمثلِه- فمن الذي سيقول «نعم»؟ من الذي سيسامح أولاً؟ من الذي سيتنازل عن كبريائه ليحافظ على الود؟ من الذي سيبادر إذا ظللنا ننتظر المبادرة من الطرف الآخر؟ الاستحقاق الحقيقي لا يعني أن أعيش في برج عاجي لا أمدّ منه يدًا ولا أفتح فيه بابًا، بل أن أعرف متى أقول «لا» بكرامة، ومتى أقول «نعم» بنُبل. فالناس لا تلتف حول الأناني، حتى لو كان «يحب نفسه»، ولا تأنس بالمترفّع، حتى لو كان «واعيًا». الحياة لا تبنى بالشروط، بل بالمواقف، ولا تستقيم بالمساواة المطلقة، بل بشيء من التغاضي، وكثير من الطيبة. في زمن أصبح فيه الجميع مشغولًا بتحديد «ما لا يريد»، صار من النادر أن نجد من يعرف ما الذي يريد فعلاً أن يعطيه. فلا بأس أن تقول «لا» أحيانًا… لكن لا تجعلها جوابك الافتراضي، لئلا تستيقظ يومًا وتجد نفسك محاطًا بذاتك فقط، وقد رحل عنك كل من كان ينتظر منك.. «نعم».


حضرموت نت
٢٤-٠١-٢٠٢٥
- حضرموت نت
احتفالية تكريمية في مدرسة جيل المستقبل لتكريم اوائل الطلاب والتلاميذ فيها
أقامت مدرسة جيل المستقبل الأهلية في سهدة مديرة قعطبة محافظة الضالع احتفالية تكريمية لأوائل الطلاب والتلاميذ فيها بحضور كل مننائب مدير إدارة التربية والتعليم في مديرة قعطبة الأستاذ احمد طاهر حسين و د . أحمد الليث رئيس مجلس الإدارة والأستاذ لطف المرح مدير إدارة مدرسة جيل المستقبل الأهلية والمشرف التربوي الأستاذ حمود الحذيفي والاخ الشيخ/صادق القاضي رئيس مجلس الآباء ، والاخت عزيه رئيسة مجلس الامهات في المدرسة . بدأت الفعالية بآي من الذكر الحكيم تلاها أحد طلاب المدرسة ، ثم كلمة ترحيبية وتوجيهيه ألقاها الأستاذ لطف الفرح مدير المدرسة رحب في مستهلها بالضيوف الحاضرين من التربويين والتربويات وأولياء الأمور والشخصيات المجتمعية العامة مهنيا بهذه المناسبة الطلاب والتلاميذ المتفوقين في امتحانات الفصل الدراسي الاول وقال حقا من جد وجد ومن زرع حصد بهذه الحكمة العظيمة التي تعد مبدأ مهما من مبادئ الحياة وتعلمنا أهمية الجد والاجتهاد والمثابرة يكون مقياس التفوق الدراسي ، ومن لم ينل الإمتياز اليوم أمامه الفرصة المتاحة لنيل ذلك الامتياز ولكن بالجد والاجتهاد ولكل مجد من الحظ نصيب ومثل ذلك فليتنافس المتنافسون ونحن نحتفل بهذه المناسبة لابد أن نشكر من علمنا حرفا المعلمين والمعلمات لولا جهودهم لما كان هذا الحصاد مثمرا ومتميزا وهم اليوم يشعرون بأنهم اوصلوا رسالتهم التعليمية والتربوية السامية وهم يرون النخبة المتميزة من الطلاب والطالبات وهم ينالون المراكز العالية تفوقا وتميزا وامتيازا ولاننسى الفضل والشكر لأولياء الأمور الذين تكرموا بحضورهم اللافت هذا التكريم وهذا حصاد جهودهم الطيبة معنا فالاسرة هي البيئة الأولى للطفل والتلميذ والطالب منها يتشرب معنى العمل والالتزام والتفوق والنجاح والتميز ونقول لأولياء أمور ابنائنا وأطفالنا التلاميذ والطلاب باب الإدارة مفتوحا لكل مقترحاتكم وتساؤلاتكم فنحن معكم نشكل منظومة عمل متكاملة في سبيل تحقيق اتجاهات عملنا التعليمية والتربوية وإيجاد المخرجات التعليمية والتربوية المفيدة التي نسعى جاهدين إلى تحقيقها بتوفيق من الله سبحانه وتعالى . كما ألقى الأستاذ أحمد طاهرحسين نائب مدير إدارة التربية والتعليم في مديرية قعطبة كلمة شكر في مستهلها الطاقم التربوي التعليمي في المدرسة للجهود الطيبة في سبيل تجويد العملية التربوية والتعليمية ..مفيدا وما هذه الفعالية المتميزة التي نحضرها اليوم إلا انعكاس لحالة ذلك الفعل الحراكي التربوي التعليمي المتميز الذي يهدف إلى تحقيق أهداف الجودة التعليمية والتربوية المفيدة التي نسعى جاهدين إلى تحقيقها بتوفيق من الله سبحانه وتعالى في الختام ألف مبروك للطلاب والتلاميذ المتميزين وشكرا لهذه الجهود الطيبة مضيفا.. ونحن سنعمل بما فيه تذليل اي صعاب ومواجهة أي تحديات مادامت جهودكم الطيبة مثمرة وتحقق الأهداف التربوية والتعليمية آلتي نسعى جاهدين إلى تحقيقها ، وحث في ختام كلمته التوجيهية المفيدة على ضرورة التدقيق في حسن اختيار الكادر التربوي التعليمي لما لذلك من أهمية في تجويد وتطوير العملية التعليمية والتربوية . عقب ذلك قدمت زهرات المدرسة انشودة ترحيبية نالت استحسان الجميع واسكتشا مسرحيا هادفا تربويا وتعليميا عن العلم والجهل وكيف تظل حتمية انتصار العلم على الجهل .. وقصيدة شعرية ألقاها د. عبد الفتاح العودي عن المعلم وكان مطلعها : أنا المعلم وافخر أن أكون أنا وأن أكون معلما شرف لسماتي أنآ المعلم ولي أنوار ساطعة فاضت بها اضاءات من ذاتي وفي الختام تم تكريم الطلاب والطالبات والتلاميذ والتلميذات من جهة رئيس مجلس إدارة المدرسة وكبار الضيوف ومدير إدارة المدرسة لجهود الطلاب والتلاميذ الطيبة في سبيل النجاح والتميز الذي نالوه بجهودهم المتميزة التي اتت هذه الفعالية تكريما لهم وتحفيزا لامكاناتهم المتميزة التي اهلتهم للتفوق ونيل الدرجات العالية . حضر الفعالية كل من الأستاذ د. بشير الشعيبي مدير مدرسة جيل النهضة سهدة والأستاذ ناصر بدير وكيل إدارة مدرسة جيل النهضة سهدة وأولياء ووليات أمور الطلاب والطالبات والتلاميذ والتلميذات في المدرسة وعدد من الشخصيات التربوية والمجتمعية والطلاب والتلاميذ في المدرسة .