
قصر "المصمك".. ذاكرة الوطن بلغة المتاحف الحديثة
ويواصل "المصمك" رسالته التثقيفية والوطنية تحت إشراف وزارة الثقافة ممثلةً بهيئة المتاحف، عقب الانتهاء من أعمال تحديث شاملة شملت تأهيل المبنى وترميمه وتطوير بنيته التحتية، بوصفه أحد أبرز المعالم التاريخية التي شهدت تحولات مفصلية في تاريخ المملكة، وإسهامًا في تعزيز المشهد الثقافي الوطني، وفق المعايير الحديثة لإثراء تجربة الزائر للمتاحف.
وأطلق المؤرخون أسماء عدة على "المصمك" منها: الحصن، والقلعة، والحصن الداخلي، والمسمك، والمصمك، غير أن الاسم الأخير هو الأكثر تداولًا، ويرى بعض الباحثين أن التسمية تعود إلى "سماكة جدرانه وقوة تحصينه"، مما جعله حصنًا دفاعيًّا بارزًا في المنطقة.
ويحظى بأهمية استثنائية في تاريخ المملكة، فقد شهد في فجر الخامس من شوال عام (1319هـ)، الموافق (15) يناير (1902م)، لحظة حاسمة باسترداد الرياض من قبل الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، إيذانًا ببدء مسيرة التوحيد الكبرى، وعلى فترات متعاقبة استخدم الحصن مستودعًا للأسلحة والذخائر مدة سنتين، إلى أن تقرر ترميمه، وتحويله إلى معلم تاريخي وتراثي يعكس أمجاد الماضي.
ويمتد قصر المصمك على مساحة (3885 م2)، في حي الثميري وسط الرياض، وشُيّد من الطين المخلوط بالتبن، ووضعت أساساته من الحجر، واستخدم الطين لتلييس الجدران من الخارج، أما من الداخل فاستخدم لها الجص.
وقُسم "المصمك" في بنائه إلى طابقين موزعين إلى قسمين، ويضم نحو (44) غرفة، يتألف الطابق الأرضي من (6) أفنية تحيط بها الغرف السفلية والعلوية، وله مدخلان، كما يضم مجلسين ومسجدًا وبئرًا للمياه، إلى جانب (3) أجنحة سكنية ومقرٍ للخدمات، استخدم أول الأجنحة لإقامة الحاكم، والثاني كان بيتًا للمال، وخُصص الأخير لنزول الضيوف. أما الدور الأول فيحتوي على روشن ومجلس، وغرف عدة مطلة على الفناء الرئيس.
وزُخرفت جدران المصمك بفتحات ذات أشكال مثلثة ومستطيلة، وظهرت على جدران الغرف الداخلية زخارف جصية على هيئة مثلثات ودوائر، ورسومات بسيطة مستوحاة من عناصر البيئة المحيطة، كالنخيل والنجوم والأهلّة، وتتميز الجدران الخارجية بنتوءات تسمى "طرمات"، وهي فتحات ذات بروز خشبي تشبه الصندوق، استخدمت للمراقبة.
ويضم الحصن معالم بارزة من بينها البوابة الغربية المصنوعة من جذوع النخل والأثل، ويبلغ ارتفاعها (3.60)م، وعرضها (2.65)م، وبها فتحة صغيرة تُعرف بـ "الخوخة"، كما يحتوي على مسجد داخلي يتوسطه عدد من الأعمدة، ومحراب مجوف، ومجلس تقليدي بديكورات نجدية، إضافةً إلى "بئر" تقع في الركن الشمالي الشرقي، وأربعة أبراج دفاعية في أركانه، وبرج خامس مربع الشكل يُعرف بـ "المربعة" يطل على كامل المبنى.
وفي عام (1400هـ)، وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، أمير منطقة الرياض آنذاك، بالمحافظة على الحصن وترميمه؛ ليكون معلمًا وطنيًّا يعكس مرحلة مهمة في تاريخ المملكة، حيث نفذت أمانة منطقة الرياض مشروع الترميم الكامل في عام (1399هـ)، وسلمته للإدارة العامة للآثار والمتاحف آنذاك عام (1403هـ)، ثم وجه -رعاه الله- بتحويله إلى متحف متخصص يحكي مراحل تأسيس المملكة وتوحيدها، وافتُتح رسميًّا في (13) محرم (1416هـ) الموافق (11) يونيو (1995م).
ويحتوي المتحف على أقسام متنوعة، من بينها قاعة اقتحام المصمك التي تسرد المعركة التاريخية، وتعرض خرائط، وأسلحة قديمة، وصورًا نادرة، إضافةً إلى قاعة العرض المرئي التي تقدم فيلمًا وثائقيًا بلغتين، وقاعة الرواد التي تحتفي بالرجال الذين شاركوا في استرداد الرياض، وقاعة الرياض التاريخية التي توثق مراحل تطور المدينة عبر خرائط وصور تاريخية، علاوةً على "فناء البئر" الذي يعرض أدوات تراثية، ومدافع استخدمت في الجيش، وقاعة حصن المصمك التي تحتوي على مجسمات، ولوحات تعريفية، وقاعة استخدامات المصمك التي تقدم لمحة عن تحولات استخدام الحصن عبر العصور، إلى جانب خزائن تحتوي على أسلحة، وملابس تراثية، وأدوات بناء قديمة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 2 ساعات
- عكاظ
«قبول»: 339 ألف طالب وطالبة حجزوا مقاعدهم في الجامعات والكليات
تمكن أكثر من 339 ألف طالب وطالبة من خريجي الثانوية العامة من الحصول على مقاعد في الجامعات والكليات بجميع مناطق المملكة للعام الدراسي الجديد 1447هـ وتأكد قبولهم بصفة نهائية، من خلال المنصة الوطنية للقبول الموحد «قبول». وأوضحت منصة قبول في بيان لها، أن توحيد إجراءات القبول على مستوى المملكة ساهم في تحسين الحوكمة ورفع مستوى الشفافية، من خلال الاعتماد على بيانات محدثة ونظم مؤتمتة بالكامل، مما أتاح فرصاً متكافئة للطلبة والطالبات دون تدخل بشري، ووسع نطاق الخيارات المتاحة أمامهم عبر أكثر من 4000 تخصص أكاديمي، مبينة أن مرحلة الفرص الإضافية تمّت استناداً إلى بيانات رسمية مقدّمة من الجهات التعليمية، بما يضمن دقة المفاضلة بين المتقدمين، مشيرةً إلى أنه منذ انطلاق المرحلة الأولى في 28 مايو، تم قبول المتقدمين في أكثر من 339 ألف فرصة تعليمية، بينهم 2,566 طالباً وطالبة من ذوي الإعاقة، و 77,970 من مستفيدي الضمان الاجتماعي، و534 من أبناء وبنات الشهداء. وقدمت منصة قبول، شكرها لشركائها في الجامعات والكليات والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وهيئة تقويم التعليم والتدريب «قياس» وبرنامج الابتعاث، على تعاونهم في مختلف مراحل القبول، مؤكدة استمرار العمل على تحسين تجربة القبول الموحد وتطوير الإجراءات خلال الأعوام القادمة. الجدير بالذكر أن المنصة تعد نموذجاً وطنياً يسهم في تبسيط إجراءات القبول الجامعي وتكافؤ الفرص، بما يمكّن الطلبة من اتخاذ قراراتهم الأكاديمية بثقة ووضوح، ويواكب جهود المملكة في تطوير الخدمات التعليمية ورفع جودتها. أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 3 ساعات
- الرياض
تزامناً مع الموسم السياحيبيئة الطائف تنفذ مبادرة تطوعية لتنظيف منتزه الوهط والوهيط
نفذ مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بمحافظة الطائف هذا اليوم الثلاثاء مبادرة تطوعية لتنظيف منتزه الوهط والوهيط، وذلك تزامناً مع الموسم السياحي في المحافظة، وحرصًا على استقبال الزوار في بيئة نظيفة وآمنة تعكس جمال الطبيعة المحلية. وتأتي هذه المبادرة ضمن جهود المكتب المستمرة في تحسين المشهد البيئي وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على المواقع الطبيعية، خاصة في ظل الإقبال الكبير الذي يشهده الموقع من الزوار خلال موسم الصيف، وقد شملت أعمال المبادرة إزالة المخلفات والنفايات المتراكمة، وتهيئة الموقع لاستقبال المتنزهين، وتوعيه المتنزهين بثقافة الحفاظ على البيئة. ويُعد منتزه الوهط والوهيط من أبرز الوجهات الطبيعية في محافظة الطائف، لما يتميز به من مناظر خلابة وأجواء معتدلة، مما يجعله مقصداً للزوار والسياح من داخل المحافظة وخارجها. ودعا المكتب عموم الزوار إلى التعاون في الحفاظ على نظافة المنتزه والمشاركة الفاعلة في دعم مثل هذه المبادرات البيئية التي تسهم في استدامة الموارد الطبيعية وتعزيز جودة الحياة.


صحيفة سبق
منذ 3 ساعات
- صحيفة سبق
أكثر من نصف مليون مستفيد من برامج التوعية بالمسجد الحرام خلال شهر محرم
بلغ عدد المستفيدين من البرامج الدعوية والتوعوية التي قدّمتها رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، ممثلةً في وكالة الشؤون الدعوية والإرشادية، خلال شهر محرم من العام 1447هـ، نحو 594,073 مستفيدًا، وذلك ضمن جهودها المتواصلة في تعزيز الوعي الديني ونشر قيم الوسطية والاعتدال. وتنوعت البرامج المقدّمة، حيث استهدف برنامج "ذَكّر"، المعني بتعظيم مكانة بيت الله الحرام والحد من المخالفات السلوكية فيه، 127,905 مستفيدين. كما قدّم برنامج "توعية قاصدينا عزٌّ لمنسوبينا" خدماته الإرشادية من خلال المطبوعات والشاشات الرقمية لأكثر من 465,400 مستفيد. وفي جانب الترجمة والتواصل، أسهمت مبادرة "بِلُغاتهم"، الهادفة إلى تمكين منسوبي الميدان من التفاعل مع الزوار بلغاتهم، باستخدام أجهزة ترجمة إلكترونية محمولة، في خدمة 768 مستفيدًا. وأكدت الرئاسة أن هذه الجهود تأتي امتدادًا لتوجيهات القيادة الرشيدة – حفظها الله – في خدمة قاصدي الحرمين الشريفين من معتمرين ومصلين وزائرين، وتماشيًا مع توجيهات معالي الرئيس العام للشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، في تسخير الطاقات البشرية والتقنية لتقديم خدمات متميزة ترتقي بتجربة ضيوف الرحمن.