
تدهور الكهرباء وتدني الخدمات أنهت آمال السوداني بالولاية الثانية
يؤكد متابعون سياسيون رفيعو المستوى مقربون من قوى الإطار ومن خارجه أن أزمة تدهور الكهرباء والخدمات الى أدنى مستوياتها أنهت آمال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالحصول على الولاية الثانية ، وإن حكومته الان أمام امتحان خطير أسهم بتفاقم السخط الشعبي والغضب العارم في مختلف المحافظات العراقية وبغداد منها على وجه التحديد ، وقد أصبحت ازمة مستعصية على الحل على عكس وعود حكومة السوداني بأنها ستنهي تبعات الأزمة الثقيلة للكهرباء قبل الصيف وإذا بوعودها سرعان ما تنهار وتصل ساعات الانقطاع الى عشرين أو إثنين وعشرين ساعة حاليا في بغداد وحدها.
ويؤكد سياسيون عراقيون مقربون من الإطار أنه لا يمكن فصل الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة حاليًا عن حالة الغليان التي يشهدها الشارع العراقي، وقد وصلت حالة الانتقام والغضب الشعبي الى مستويات مرعبة لم يكن بمقدور حكومة السوداني أو وزارة الكهرباء على وجه التحديد إيجاد معالجات سريعة لها ولو في الحدود الدنيا.
وكانت جهات سياسية من الاطار قد حذرت من احتمال دخول البلاد في موجات فوضى مدفوعة من الخارج، بهدف زعزعة الاستقرار الداخلي وخلط الأوراق، متهمة ما وصفته بـجهات صهيونية بالسعي لاستغلال الاحتجاجات لتأجيج الشارع، الذي اعتبرته أصوات مدنية مستقلة إنه تمهيد لسيناريوهات قمع أو تغييرات مدروسة تحفظ مصالح الطبقة السياسية القائمة، في وقت عبر نشطاء مدنيون ومدافعون عن حقوق الانسان عن خشيتهم من تكرار ما جرى في احتجاجات تشرين، مؤكدين أن أي محاولة لقمع الشارع أو احتوائه بالقوة تحت ذريعة 'المؤامرة الخارجية' ستكون امتدادًا لسياسات إنكار المطالب، داعين إلى حماية الحق في التظاهر والاعتراف بشرعية الغضب الشعبي المتصاعد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حزب الإتحاد الديمقراطي
منذ ساعة واحدة
- حزب الإتحاد الديمقراطي
غريب حسو: لن نسمح لأنفسنا بأن نكون متفرجين على إبادة أي مكون سوري
في تعليق على أحداث السويداء، قال غريب حسو الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطيPYD، اليوم الاثنين 28 يوليو، في تصريح خاص لموقع 'المبادرة': 'إن شعورنا الوطني سواء في الحزب أو كإدارة ذاتية ديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا يتمحور حول أننا لا نسمح لأنفسنا ولا نقبل أخلاقياً ووجدانياً أن نكون متفرجين على ما يطال المكونات السورية من إبادة وجرائم'. وأضاف حسو: 'حاولنا مراراً وتكراراً جاهدين أن نتفادى هذا القتال، وهذا الصراع، ولو كان بأيدينا الأمر لفعلنا ذلك'، مشدداً على أن تقديم الإدارة الذاتية لمساعدات إلى أهالي السويداء ومن قبل في الساحل السوري أمر 'ينبع من أخلاقنا'، منوهاً إلى أنه سبق للإدارة أن قدمت مساعدات إنسانية أخلاقية 'لأهلنا في شنكال عام 2014، عندما تعرض الإيزيديون لهجمات الإبادة'. وقال حسو إن هذه التحركات تنبع من الروح الوطنية الحقيقية، والروح التي يجب أن تتحلى بها المجتمعات الثقافية القائمة على التنوع، معتبراً أن هذا هو 'ما يمثل النخوة الوطنية الحقيقية'، مضيفاً: 'لا نتمنى أن تتكرر هذه الهجمات، أو يتعرض أي مكون من المكونات السورية لمثل هذه الجرائم لنقوم بمساعدتها'. ويؤكد الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD على أن المساعدة الحقيقية هي أن نبني سوريا لكل السوريين، وتكون فيها الوطنية للجميع، فالدروز سوريون والكرد سوريون والعرب سوريون والآشوريون والأرمن والسريان، قائلاً: 'سوريا للكل، والمساعدة الإنسانية والأخلاقية والوطنية الكبرى ستكون عندما نجتمع معاً ونرسم صورة جديدة من خلال وجود كل الثقافات والمكونات على الطاولة المشتركة، ونضع برنامجاً لسوريا المستقبل، ونحل أمورنا بيننا'. وفي ختام تصريحاته، وجه غريب حسو رسالة إلى الحكومة قائلاً: 'على الحكومة أن تقوم بما يلزم من المبادئ الوطنية الحقيقية، والنظر في هذه المبادئ، وما يجب على الحكومة الانتقالية في دمشق القيام به، هو تنفيذ هذه المبادئ'، مشدداً على أن المشكلة ليست في إرسال المساعدات التي هي واجب إنساني وأخلاقي لمكون ما وإنما التحدي الأكبر 'أن نبني هذا الوطن، ونصل إلى البناء الذي نريده'. وفي ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في مدينة السويداء وتدهور الأوضاع المعيشية فيها، استجابت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لمناشدات الأهالي، وأعلنت عن استعدادها الكامل لإرسال مساعدات إغاثية وطبية عبر هيئة الشؤون الاجتماعية والكادحين، وسط ترحيب درزي. وعلى الرغم من تجهيز القوافل وانتهاء التحضيرات، فإن المساعدات ما تزال حتى الآن في المستودعات، بانتظار توفر ممر إنساني آمن يسمح بوصولها إلى السويداء، وتشير المعلومات الواردة إلى وجود تعقيدات من قبل سلطات الحكومة الانتقالية في سوريا، التي لم تصدر حتى اللحظة أي رد رسمي بشأن السماح بدخول القوافل.


موقع كتابات
منذ ساعة واحدة
- موقع كتابات
دور الإعلام السيبراني في تشكيل الرأي العام خلال الأزمات السياسية
في عصرنا الرقمي الحديث، أصبح الإعلام السيبراني أحد أبرز الادوات التي تلعب دوراً حيوياً في تشكيل الرأي العام، لا سيما خلال الازمات السياسية. فمع التوسع الهائل في استخدام الانترنت ووسائل التوصل الاجتماعي، تغير مفهوم الإعلام بشكل جذري ، حيث لم يعد الإعلام حكراً على المؤسسات التلقيدية فقط، بل أصبح متاحاً لأي فرد أو جهة تمتلك القدرة على بث المعلومات عبر الفضاء السيبراني. يعرّف الإعلام السيبراني: هو كل ما يُنقل وينشر من أخبار وآراء وتحليلات، عبر الوسائل الرقمية، خاصة عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، أضافة الى استخدام الادوات الرقمية المتقدمة في جمع ونشر المعلومات. كما يختلف الإعلام السيبراني عن الإعلام التقليدي في سرعته الفائقة وقدرته على الوصول الى جمهور واسع في وقت قصير، كما يتيح تفاعلاً مباشراً بين المصدر والمتلقي. وخلال الازمات السياسية، يصبح الاعلام السيبراني أداة مؤثرة في توجيه الرأي العام، إذ يتم استغلاله من قبل أطراف متعددة لتشكيل مواقف سياسية، أو نشر المعلومات أو التضليل والتأثير على مسار الاحداث. لذلك، فهم هذا الدور أصبح ضرورة ملحة لكل باحث أو مهتم بالشأن السياسي والاعلامي. تشكيل الرأي العام من الاعلام التقليدي الى السيبراني يقدم علماء الإعلام والإتصال مفهوم الرأي العام: بأنه مجموعة المواقف والاتجاهات التي يحملها أفراد المجتمع تجاه قضايا معينة. ولقد كان الاعلام التقليدي مثل الصحف والتلفزيون والاذاعة، يسيطرون على تشكيل هذا الرأي من خلال ما يُقدم من تقارير وأخبار، لكن هذا الدور تغير اليوم مع صعود الاعلام السيبراني. ففي الاعلام السيبراني، لم يعد الجمهور مجرد متلق سلبي، بل أصبح مشاركاً في إنتاج ونشر المعلومات، ما يعزز تأثير الاعلام على الرأي العام. إذ يمكن لأي شخص نشر محتوى يمكن أن يتحول بسرعة الى ظاهرة إعلامية تؤثر في أعداد هائلة من الناس. الاعلام السيبراني خلال الازمات السياسية: أدوات وآليات فمن خلال الازمات السياسية، يستخدم الاعلام السيبراني مجموعة من الادوات التي تساعد على تشكيل الرأي العام بفعالية: فوسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والإنستغرام ومنصة X وغيرها، تُستخدم لنشر الاخبار والتعليقات بشكل فوري، مما يخلق أجواء من التفاعل الحي بين المواطنين والسياسيين. كذلك الحال المدونات والقنوات الرقمية التي تتيح لتحليلات متعمقة وأصوات بديلة بعيداً عن الاعلام الرسمي، أضافة الى الذكاء الاصطناعي والتحليلات الرقمية، حيث تُستخدم لمراقبة اتجاهات الرأي العام، واستهداف الجماهير برسائل مخصصة، فضلاً عن ما يعرف بالذباب الالكتروني والبروباغندا، التي تُوظف للتأثير على الجمهور من خلال نشر معلومات مضللة ومشوهة. ايجابيات الاعلام السيبراني في الازمات السياسية على الرغم من المخاطر، فإن الاعلام السيبراني يحمل فرصاً كبيرة لتعزيز الديمقراطية ورفع مستوى الوعي السياسي، وذلك من خلال نشر المعلومات بسرعة وشفافية، حيث يمكن للاعلام السيبراني كشف الاحداث والتطوررات السياسية فور وقوعها، مما يحد الاحتكار الاعلامي التقليدي. كذلك تمكين المواطنين في الاطلاع على ما يدور من حولهم، إذا يتيح للأفراد التعبير عن آرائهم، والمشاركة في الحوار العام ومحاسبة السياسيين. فضلاً عن تنويع المصادر الاعلامية: بغية التقليل من الاحتكار الاعلامي ورفع مستوى التعددية في وجهات النظر التي تُعد جزءاً من أجواء الديمقراطية. التحديات والمخاطر رغم ايجابياته التي صاحبت الثورة التكنولوجية، فإن الاعلام السيبراني يحمل معه تحديات كبيرة، تقف في مقدمتها: انتشار الاخبار الكاذبة والتضليل، فقد تستخدم الجهات المختلفة الاعلام السيبراني لنشر معلومات مغلوطة تهدف الى تزييف الواقع وتشويه سمعة الخصوم. ومنها ايضا تأجيج الخلافات والانقسامات، التي تسهل انتشار الخطابات التحريضية والكراهية وربما العنف عبر المنصات الرقمية، مما يفاقم الازمات السياسية. ومن التحديات والمخاطر، التلاعب بالرأي العام عبر الذكاء الاصطناعي، فاستخدام تقنيات متقدمة مثل البوتات والروبوتات لنشر رسائل مؤثرة مصممة خصيصا للتلاعب بالمشاعر والتجاهات السياسية. لقد شهد العالم العديد من الامثلة التي تظهر كيف يؤثر الاعلام السيبراني في الازمات السياسية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، في الانتخابات الرئاسية الامريكية عام 2016، استخدمت مجموعات متخصصة وسائل التواصل الاجتماعي لنشر معلومات مضللة بهدف التأثير على نتائج الانتخابات. أما خلال الثورة التونسية، فقد لعب الاعلام السيبراني دوراً رئيسيا في نقل الاخبار وتنظيم التظاهرات عبر شبكات التواصل، مما ساهم في إشعال شرارة التغيير السياسي. كيف التعامل مع الاعلام السيبراني أثناء الازمات السياسية؟ إن مواجهة التحديات المرتبطة بالإعلام السيبراني، ينبغي أن تبني استراتيجيات شاملة: منها تعزيز التوعية الاعلامية، فتعليم الجمهور بكيفية التحقق من الأخبار والمصادر والموثوقة، كذلك التمييز بين المعلومات الحقيقية والمزيفة التي تقود الى انهيارات وخلافات في غنى عنها. أضافة الى تنظيم الفضاء الرقمي، وذلك من خلال وضع أطر قانونية تحكم نشر المعلومات وتحارب التضليل الالكتروني. كما يمكن استخدام التكنولوجيا الذكية، من خلال الاستعانة بأدوات الذكاء الاصطناعي لرصد التحركات الاعلامية المشبوهة ومكافحة الاخبار الكاذبة. ومن الجدير الاشارة اليه، هو تشجيع الشفافية والمصداقية، فعلى وسائل الاعلام التقليدية والرقمية الالتزام بالقواعد المهنية لتقديم معلومات دقيقة وموثوقة. أما الاهتمام بالتعاون الدولي ففي هذا المجال من الاهمية الكبيرة: نظراً لطبيعة الاعلام السيبراني العابرة للحدود، فإن التعاون بين الدول ضروري لمواجهة الهجمات السيبرانية والتضليل الاعلامي، من مؤسسات لا تعد ولا تحصى تنتشر حول شبكات العالم. لقد أصبح الاعلام السيبراني أحد الاعمدة الاساسية التي تشكل الرأي العام في ظل الازمات والتحديات السياسية، فقوته تكمن في آنتشاره الواسع وسرعته الفائقة، لكن هذه القوة تحمل معها مخاطر كبيرة تتمثل في التضليل والتلاعب. لذلك، فإن بناء مجتمع رقمي واع ومدرك لكيفية استخدام هذه الوسائل هو السبيل الامثل لتوجيه الاعلام السيبراني نحو دعم الديمقراطية والاستقرار السياسي، بدلاً من أن يكون أداة للنزاعات والانقسامات. إن مستقبل الإعلام والسياسة مرتبط ارتباطا وثيقا بكيفية تعاملنا مع الإعلام السيبراني، مما يجعل دراسة هذا المجال وفهم تأثيراته ضرورة لا غنى عنها في عالمنا المعاصر.


موقع كتابات
منذ ساعة واحدة
- موقع كتابات
المقدم إبراهيم كاظم الموسوي… نبيلُ الحلة ودرعُ الثورة الذي انكسر بصمت
في مدينة الحلة، حيث ينبت الورد على ضفاف الفرات وتفوح من الأزقة رائحة الطيبة والنخوة، وُلد الشهيد المقدم إبراهيم كاظم الموسوي سنة 1924، في بيتٍ عريق النسب، متواضع الحال، مشبع بالقيم والوفاء. لم تكن ولادته حدثًا عابرًا، بل انبثاق نواةٍ لضميرٍ حيٍّ سيحمل على كتفيه همّ وطنه، وينذر حياته من أجل شعبه. أكمل دراسته الأولى في مدينته، ثم انطلق نحو الكلية العسكرية، حيث التحق بالدورة (24) بتاريخ 12 أيلول 1945، فاختار صنف الدروع، وكأن القدر كان يُهيئه ليكون درعًا حقيقيًا في وجه الطغيان. وبعد تخرجه برتبة ملازم، كان من أوائل المشاركين في حرب فلسطين عام 1948، مقاتلاً لا يُهادن، ومؤمنًا بعدالة القضية. نبوغه العسكري وكفاءته اللافتة في صنف الدروع، فتحا له أبواب المشاركة الدولية، فاختير ضمن الوفد العراقي بقيادة العقيد داود الجنابي للإسهام في تأسيس وتدريب الجيش الليبي في زمن الملك السنوسي. وفي ليبيا، بين عامي 1955 و1956، لم يكن مجرد مدرب عسكري، بل كان ملهمًا ومؤسسًا، غرس في قلوب الليبيين روح الانضباط وحب الوطن، حتى أن الحكومة الليبية قلّدته وسام الدرجة الأولى، وحيّته بكتب شكر تقديرًا لمساهمته اللافتة في تأسيس صنفها المدرع. لكنّ درب النضال عند إبراهيم لم يكن محصورًا بالميدان العسكري، فقد انتمى، أثناء دراسته الثانوية، إلى اتحاد الطلبة العام، وبدأت تتبلور لديه ملامح الوعي السياسي، وسرعان ما انخرط في التنظيمات العسكرية للحزب الشيوعي، عاملًا بصمت وجهد ووفاء لا يشوبه تردّد. وحين أخذ الغليان يعلو في صفوف الضباط الساخطين على فساد العهد الملكي، كان إبراهيم في طليعة الضباط الأحرار. انضم إلى خلاياهم منذ عام 1954، وأدى دورًا محوريًا في ثورة 14 تموز 1958، إذ كان من بين القوات التي زحفت على بغداد فجرًا، وتمركزت قرب دار الإذاعة، ثم أوكلت إليه مهمة محاصرة قصر الرحاب لمنع وصول أي دعم قد يجهض ولادة الثورة. بعد النجاح، خدم إبراهيم في مكتب الزعيم عبد الكريم قاسم، ثم نُسب في 16 كانون الأول 1959 عضوًا في هيئة السيطرة بالمحكمة العسكرية العليا الخاصة، لما عُرف به من خلقٍ رفيع، وضبطٍ صارم، وسيرة نزيهة تشهد بها صدور زملائه. ولم تكتفِ روحه الحرة بثورة واحدة، فحين اشتعلت الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، لبّى النداء متطوعًا، وكان في طليعة المقاتلين الذين ساهموا في دحر المحتل وإعلاء راية الجزائر المستقلة، متجاوزًا الحدود الجغرافية ليؤكد وحدة الدم العربي في معارك الحرية. وفي صباح 8 شباط 1963، ذلك اليوم الذي أسدل فيه ليل الانقلاب الأسود ستائره على العراق، سمع إبراهيم البيان الأول، فلم يهرب أو يتوارَ، بل توجّه فورًا إلى وحدته العسكرية ليدافع عن الثورة التي ساهم في بنائها. هناك، عند بوابة وزارة الدفاع، حيث كان الزعيم يعتصم مع رفاقه، اعتُقل إبراهيم وأودع سجن معسكر الرشيد. لم تُمنح له محاكمة، ولم يُسمح له بكلمة وداع، بل صدر عليه حكم الإعدام فورًا، ونُفذ فيه بتاريخ 11 شباط 1963 في مقر اللواء التاسع عشر، إلى جانب العقيد حسين خضر الدوري، والزعيم داود الجنابي، في مشهد قيل إنّ عبد السلام عارف، رئيس الجمهورية الانقلابية، هو من أمر به، مدفوعًا بحقد قديم على كل من بقي وفيًا لعبد الكريم قاسم. لكن الحلة لم تنس ابنها. يروي الدكتور عدنان الظاهر ملامح شخصية إبراهيم، فيقول: 'كان شابًا شهمًا، خفيض الصوت، وفيًّا لأهله وأصدقائه، كثير التواضع، يختلط بالناس في المقاهي، ويشارك شباب مدينته في رياضة الزورخانة'. ويذكر كيف كان يراه، وهو ملازم ثانٍ، يمارس السباحة في شط الحلة، أو يجلس في مقهى أبو سراج على ضفة الفرات، قريبًا من الجسر القديم. تزوّج من الست وفيقة، كريمة رئيس محاكم الحلة مصلح الدين الدراجـي، وأنجب منها ابنهما البكر حيدر. وعلى الرغم من مسؤولياته العائلية والعسكرية، لم يقطع صلته بالحلة، بل بقي يعود إليها بشوق التلميذ لمدرسته الأولى. ولعلّ أكثر المشاهد تأثيرًا ما رواه الدكتور عدنان عن زيارته لمكتبة قرطاسية في طرابلس عام 1978، حيث سأله صاحب المكتبة، وهو ضابط ليبي سابق: ــ 'من أين أنت؟' ــ 'من العراق'. ــ 'ومن أي مدينة؟' ــ 'من الحلة'. فصمت الرجل، نكّس رأسه، وقال بحزنٍ مفاجئ: ــ 'هل تعرف الضابط إبراهيم الموسوي؟' فردّ الدكتور متأثرًا: 'كيف لا أعرفه؟ إنه صديقي وقريب بعض أقاربي.' فأجاب الليبي: 'كان معلّمي… وقد بلغني أنه استُشهد في انقلاب 1963، فهل هذا صحيح؟' قال: 'نعم، للأسف الشديد.' وغصّت الكلمات في الحلق، فذاك الضابط الليبي، الذي أصبح بائعًا للقرطاسية بعد تقاعده المبكر بسبب ميوله اليسارية، ظل وفيًا لذكرى من علّمه أولى دروس العسكرية والشرف. رحل إبراهيم كاظم الموسوي كما يرحل الكبار، صامتًا، شجاعًا، مرفوع الرأس، لم يساوم، ولم يغيّر جلده، ظل حتى اللحظة الأخيرة وفيًا للحلم الذي رآه مع رفاقه فجر 14 تموز. ولئن لم يحمل جسده النبيل وسامًا عند رحيله، فقد حملته ذاكرة المدن، ورفوف المكتبات، وقلوب الرجال، نسرًا من الحلة، ودرعًا من العراق، وسيرةً لا تموت.