
لماذا أوقف ترامب ضرباته على اليمن؟
كان مفاجئاً إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، من المكتب البيضاوي، وهو يجلس بجانب رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، أن الولايات المتحدة ستوقف
الغارات على الحوثيين
في اليمن، بعد أن أبلغت الجماعة واشنطن بأنها "لا تريد القتال بعد الآن"، قائلاً: "سنحترم ذلك، وسنوقف الغارات". هكذا وبدون مقدمات ولا تفاصيل، قدم ترامب هذا الإعلان وكأنه انتصار شخصي له وللإدارة الأميركية عبر إجبار الحوثيين على ما يشبه الاستسلام، وطلب وقف الغارات عليهم مقابل عدم استهداف السفن في البحر الأحمر، وهو أمر ينفيه الحوثيون، بل على العكس يستخدمون الأمر في المقابل وكأنه انتصار لهم عبر "إجبار الأميركي" على التخلي عن إسرائيل ووقف غاراته.
المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، قال في تصريحات لقناة المسيرة التابعة للجماعة، عقب إعلان ترامب، إنهم لم يقدموا أي طلب لأميركا لوقف الغارات "بل نحن من تلقينا الطلبات والرسائل عبر سلطنة عمان خلال الأسابيع الماضية". وهو تصريح يناقض ما قاله ترامب في البيت الأبيض: "لقد قالوا من فضلك توقف عن قصفنا، وسنتوقف عن قصف السفن فوافقت". وبين تصريحات ترامب المتباهية ورد الحوثيين وتأكيدهم مواصلة إسناد غزة، الكثير من الأسئلة والنقاط التي تحتاج إلى فهم سياق هذا التوجه الأميركي في اليوم الـ52 للغارات غير المسبوقة على اليمن (بدأت في 15 مارس/آذار الماضي).
إذا ما نفذ الحوثيون تهديداتهم وردوا على الغارات الإسرائيلية، فذلك يعني أننا أمام رد ورد مماثل وتصعيد إسرائيلي قادم قد يكون أشد عنفاً
تؤكد مصادر إعلامية، منها "سي أن أن"، وأخرى مقربة من جماعة الحوثيين تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن لقاءات عقدت في العاصمة العمانية مسقط جمعت بين مبعوث ترامب الخاص، ستيف ويتكوف، وبين وفد تفاوض الحوثيين برئاسة محمد عبد السلام، على هامش المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران (بدأت في 12 إبريل/نيسان الماضي)، وهو ما يعني أن التوجه الأميركي لوقف هذه الغارات كان متوفراً منذ أسابيع، لكن كان ينقصه الإخراج المناسب لإظهار الأمر وكأنه انتصار، رغم أن هذا التدخل الأميركي في اليمن كان معداً له أن يدخل في مرحلة ثانية تتمثل في استهداف قادة الحوثيين بالطيران المسيّر، وفق ما ذكر مسؤولون أميركيون، لكن مقاومة الحوثيين وضرباتهم في البحر الأحمر أحبطت هذا الأمر.
ويبدو أن الكلفة الهائلة التي أنفقتها الإدارة الأميركية في غاراتها على اليمن قد أجبرت ترامب على إعادة التفكير جدياً في جدوى هذا التدخل، والبحث عن مخرج يوقف هذا الاستنزاف في الأموال، الذي لا يحبذه الرجل، فكان قرار وقف هذه الغارات سريعاً، رغم أن المقابل كان واقعاً في الأصل، إذ لم يستهدف الحوثيون أي سفينة تجارية في البحر الأحمر منذ وقت طويل. وبالحديث عن الكلفة فقد خسرت الولايات المتحدة في اليمن نحو ثماني مسيرات قيمة كل واحدة 30 مليون دولار، بخلاف طائرة "إف 35"، قيمتها، كما أعلن، 60 مليون دولار. واليوم الأربعاء، قال مسؤولان أميركيان إن مقاتلة أميركية من طراز "إف 18" فُقدت في البحر الأحمر، بعدما انحرفت عن مدرج حاملة الطائرات "هاري إس ترومان"، في ثاني حادث من نوعه خلال أسبوع، حيث لم تتمكن الطائرة من التوقف بشكل صحيح بعد هبوطها على حاملة الطائرات، بحسب ما قال المسؤولان. وتبلغ كلفة المقاتلة الأميركية 60 مليون دولار أو أكثر، ما يدعم هذا التوجه لترامب في الخروج سريعاً من اليمن قبل أن يخسر ملايين أخرى من الدولارات.
الإعلان الأميركي جاء بعد ساعات قليلة من غارات إسرائيلية استهدفت مواقع حيوية وعسكرية ومنشآت نفطية ومراكز وقود ومحطات كهرباء ومصانع، في محافظتَي صنعاء وعمران، كما أنها جاءت بعد عدوان أميركي إسرائيلي، استهدف (فجراً) مصنع إسمنت باجل وميناء الحديدة غربي اليمن. وكانت هذه الغارات بمثابة عقاب إسرائيلي عبر استهداف البنية التحتية اليمنية وتدميرها رداً على صاروخ الحوثيين صوب مطار بن غوريون في تل أبيب (4 مايو/أيار الحالي). وتدمير كل هذه المنشآت المدنية في بلد يعاني من حرب مدمرة منذ أكثر من عشر سنوات ويفتقر إلى خدمات مثل هذه المؤسسات المستهدفة، يعني أن السكان ستتضاعف معاناتهم، خصوصاً الموجودين في مناطق سيطرة الحوثيين.
الكلفة الهائلة التي أنفقتها الإدارة الأميركية في غاراتها على اليمن أجبرت ترامب على إعادة التفكير جدياً في جدوى هذا التدخل
إسرائيلياً، شعرت حكومة الاحتلال بما يشبه الخديعة من ترامب، ففي زخم الغارات الأميركية وبدء الاحتلال بضرب الحوثيين، جاء هذا الإعلان الترامبي غير المفهوم بالنسبة لنتنياهو وحكومته، وهو ما يؤكده مسؤول إسرائيلي رفيع لموقع أكسيوس الأميركي، بأن الولايات المتحدة لم تخطر إسرائيل مسبقاً بإعلان ترامب عن الهدنة مع الحوثيين، ما يعني أن إسرائيل لم تهمش أميركياً فقط في هذا الاتفاق، بل إنها غير مشمولة به، وهو الأهم. وهو ما يؤكده الحوثيون بأن الاتفاق يشمل وقف استهداف السفن الأميركية فقط في البحر الأحمر، ما يعني أن الحوثيين لا يزال بمقدورهم استهداف السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، وأيضاً إطلاق الصواريخ والمسيرات على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
المتحدث باسم الحوثيين أكد أن استهداف السفن الإسرائيلية مستمر حتى إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. بيان الخارجية العمانية، الوسيط في هذا الاتفاق، كان أيضاً يفيد بمثل هذا، حيث أكدت "الاتفاق على أنه في المستقبل لن يستهدف أي من الطرفين الآخر، بما في ذلك السفن الأميركية في البحر الأحمر وباب المندب، مما يضمن حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي". وليس مفهوماً ماذا يحصل بين ترامب ونتنياهو، فإضافة إلى الاتفاق مع الحوثيين، فقد أعلن الرئيس الأميركي أنه "لن يتوقف في إسرائيل" خلال زيارته للمنطقة الأسبوع القادم، وهو إعلان له أهميته في توقيته ودلالته.
وإذا ما نفذ الحوثيون تهديداتهم وردوا على الغارات الإسرائيلية، فذلك يعني أننا أمام رد ورد مماثل وتصعيد إسرائيلي قادم قد يكون أشد عنفاً، وإذا كانت غارات الثلاثاء على صنعاء وعمران، قد دمرت خلال 15 دقيقة فقط، كما تقول وسائل الإعلام العبرية، أهم المنشآت المدنية في العاصمة اليمنية، فذلك يعني أنه إذا ما استمر العدوان الإسرائيلي أكثر فقد يدمر كل المنشآت الخدمية ويعقّد حياة اليمنيين أكثر، وهو أمر لا يبدو أن الحوثيين يكترثون له، فصورة الجماعة التي لا تهزم أهم من هذا الأمر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
مكتب اللاجئين يتولى إحدى مهام الوكالة الأميركية للتنمية الدولية
سيقود مكتب وزارة الخارجية الأميركية للتعامل مع قضايا اللاجئين، والذي يعمل على الحدّ من الهجرة غير النظامية ، استجابة الولايات المتحدة للكوارث الخارجية وفقاً لمقتطفات من برقية داخلية للوزارة، وهو دور يقول الخبراء إنه يفتقر إلى المعرفة والموظفين اللازمين له. ويتولّى مكتب السكان واللاجئين والهجرة هذه المهمة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ، وهي وكالة المساعدات الخارجية الأميركية الرئيسية التي تعمل إدارة الرئيس دونالد ترامب على تفكيكها، وفقا لمقتطفات اطّلعت عليها رويترز. وأدى تفكيك الوكالة - التي يشرف عليها إلى حد كبير الملياردير إيلون ماسك في إطار حملة ترامب لتقليص الحكومة الاتحادية - إلى ما وصفه العديد من الخبراء باستجابة الإدارة الأميركية المتأخرة وغير الملائمة للزلزال الخطير الذي ضرب ميانمار يوم 25 مارس/ آذار الماضي. وترد هذه المقتطفات في برقية تُعرف باسم "جميع المراكز الدبلوماسية والقنصلية"، والتي أُرسلت هذا الأسبوع إلى السفارات الأميركية وغيرها من المراكز الدبلوماسية في جميع أنحاء العالم. ولم تتمكن رويترز من معرفة التاريخ الدقيق للبرقية. وأشارت البرقية إلى ضرورة تشاور جميع البعثات الأميركية في الخارج مع مكتب السكان واللاجئين والهجرة بشأن إعلانات الكوارث الخارجية، بموجب الترتيب الجديد. وورد فيها أنه "بموافقة مكتب السكان واللاجئين والهجرة وإدارة الكوارث بناء على المعايير المحددة للمساعدة الدولية في حالات الكوارث ، يمكن تخصيص ما يصل إلى 100 ألف دولار لدعم الاستجابة الأولية". وأضافت: "قد تتوفر موارد إضافية بناء على الحاجة الإنسانية المقررة" بالتشاور مع مكاتب وزارة الخارجية الأخرى. ولم ترد وزارة الخارجية على الفور على طلب للتعليق، بحسب "رويترز". قضايا وناس التحديثات الحية إدارة ترامب تلغي 90% من التمويل المخصص لبرامج وكالة التنمية الدولية وفي 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، جمّدت وزارة الخارجية الأميركية جميع المساعدات الخارجية تقريباً في مختلف أنحاء العالم، بعدما أصدر ترامب أمراً تنفيذياً يقضي بوقف مثل هذه المساعدات لمدة 90 يوماً. وتعد الدول العربية من بين الأكثر تضرراً، بالإضافة إلى غيرها من الدول النامية، إذ يعتمد بعضها اعتماداً شديداً على مساعدات الوكالة. والوكالة الأميركية للتنمية الدولية هي أكبر جهة مانحة منفردة في العالم. وصرفت الولايات المتحدة في السنة المالية 2023 نحو 72 مليار دولار من المساعدات على مجالات واسعة مثل صحة المرأة في مناطق الصراعات وتوفير المياه النظيفة وأمن الطاقة ومكافحة الفساد، وغير ذلك. وتأسست الوكالة في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1961 بأمر تنفيذي من الرئيس جون كينيدي، وتعمل في أكثر من 100 دولة حول العالم. (رويترز، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 7 ساعات
- العربي الجديد
الجزائر تودع رسالة انضمامها إلى بنك بريكس بمساهمة 1.5 مليار دولار
بدأت الجزائر الإجراءات العملية للانضمام رسمياً إلى بنك التنمية الجديد لمجموعة بريكس اليوم الخميس، وذلك بعد أشهر من إعلان الرئيس عبد المجيد تبون عن قرار الانضمام إلى هذا البنك. وأعلنت السفارة الجزائرية في البرازيل، أن السفير عبد العزيز بن علي الشريف، أودع وثيقة الانضمام الرسمي للجزائر إلى بنك التنمية الجديد لمجموعة البريكس، حيث سلمها الى أمين الشؤون الاقتصادية والمالية بوزارة الخارجية البرازيلية وممثل البرازيل لدى مجموعة بريكس السفير ماوريسيو كافالهو ليريو. وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن الرئيس الجزائري أنه بلاده توجه اهتمامها في الوقت الحالي للانضمام إلى بنك بريكس الذي لا يقل أهمية عن البنك الدولي، بحسب تعبيره، وقدر مساهمة الجزائر المالية بمبلغ 1.5 مليار دولار. وتأتي خطوة الجزائر هذه فيما تُكثّف دول مجموعة بريكس جهودها للدفاع عن التعددية، في ظل الحرب التجارية التي يشنّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على دول العالم وخصوصا الصين، القوة الاقتصادية الأبرز في مجموعة الدول الناشئة هذه، علماً أن من المقرر أن يعقد رؤساء الدول قمة في ريو يومي 6 و7 يوليو/تموز القادم. وهذا العام، تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة بريكس التي تضم، إضافة إلى الصين، كلا من روسيا والهند وجنوب أفريقيا والسعودية ومصر والإمارات وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران. ومن المزمع أن تنعقد القمة في وقت حرج للاقتصاد العالمي، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل النمو العالمي إلى 2.8% هذا العام، وهي نسبة تم خفضها مع الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب والإجراءات الانتقامية التي اتخذتها دول أخرى. اقتصاد دولي التحديثات الحية مشاركة سعودية في اجتماع بريكس الأخير.. هل انضمت المملكة للمجموعة؟ وقال كبير المفاوضين البرازيليين ماوريسيو ليريو الشهر الماضي إن "الوزراء المعنيين كانوا يتفاوضون، قبل القمة، على إعلان يهدف إلى إعادة تأكيد مركزية النظام التجاري متعدد الأطراف وأهميته". وأضاف للصحافيين أن مجموعة بريكس التي تمثل ما يقرب من نصف سكان العالم و39% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ستسعى إلى ترسيخ مكانتها مدافعة عن التجارة القائمة على قواعد في مواجهة الإجراءات الأحادية "من أينما أتت"، على حد تعبيره.


العربي الجديد
منذ 7 ساعات
- العربي الجديد
لماذا يضخّم ترامب أرقام الدعم الخليجي وتكاليف القبة الذهبية؟
بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 ، بعد عودته من الخليج، في تضخيم الأرقام المتعلقة بما حصل عليه من أموال واستثمارات، كما ضخم أرقام تكاليف مشروع الدرع الصاروخي (القبة الذهبية) الذي اقترحه، ما أثار انتقادات اقتصاديين وصحف أميركية، ودفع نواب حزبه (الجمهوري) للتخوف من عقبات تواجه قانون إنفاق كبير يتضمن العديد من وعود حملته الانتخابية، ستُضاف إليه التكاليف الباهظة للقبة. وسأل مراسلو الشبكات الأميركية يوم 20 مايو/أيار الجاري: "لماذا مشروع القبة الذهبية بينما النقاد يقولون إن تكلفته ستكون باهظة؟" رد ترامب قائلًا: "بإمكاننا تحمّل ذلك، كما تعلمون، حصلنا على 5.1 تريليونات دولار في الأيام الأربعة الماضية من الشرق الأوسط (دول الخليج)". وقد وصف الصحافي الاستقصائي آرون روبار، ذلك عبر حسابه على منصة "إكس"، وموقع "ببليك نوتس"، بتاريخ 20 مايو/أيار، بأنه "أكاذيب"، مستغربًا تكرار الرئيس الأميركي الكذب في كل تصريحاته الاقتصادية، وذكر أرقام غير صحيحة لما حصل عليه من الخليج وتكاليف القبة الذهبية. وقالت صحيفة "بيزنس ستاندرد" يوم أمس، إن ترامب يواصل مزاعمه بشأن حجم استثمارات دول الشرق الأوسط في الولايات المتحدة، وأنه منذ انتهاء زيارته للخليج، رفع الرقم من 2 تريليون دولار إلى 7 تريليونات دولار، وفقًا لتصريحاته وبيانات البيت الأبيض. كما زعم ترامب أن التكلفة الإجمالية للقبة الذهبية 175 مليار دولار، لكن مراجعة أجراها "مكتب الميزانية في الكونغرس" قدّرت أن تكلفة العناصر العسكرية الفضائية وحدها قد تصل إلى 542 مليار دولار لنشرها وتشغيلها على مدى العشرين عامًا القادمة. وقد خصص الكونغرس 25 مليار دولار للقبة الذهبية في ميزانية الدفاع للعام المقبل. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في التاريخ نفسه، أن المشروع لن يكون سهلًا أو رخيصًا، حيث سيتكلف مليارات الدولارات، ويشمل أنظمة جوية وبرية وبحرية وفضائية، وسيستغرق 20 عامًا. وأكدت أن القبة الذهبية ليست برنامجًا منفردًا، بل ستتكون من 100 برنامج أو أكثر تُدمج معًا لتشكّل درعًا شاملًا من الساحل إلى الساحل، ومن الحدود إلى الحدود ضد الهجمات الجوية، وتتضمن أنظمة لكشف صواريخ الأعداء وتتبعها وتدميرها قبل أن تضرب، وكل هذا مُكلف جدًّا. وتضع شركات المقاولات العسكرية وشركات الصواريخ الأميركية، بما في ذلك شركة "سبيس إكس" المملوكة لإيلون ماسك، استراتيجياتها للفوز بمنافسات عقود بناء النظام. وأنفقت الحكومة الأميركية ما يقرب من 300 مليار دولار على أنظمة الدفاع الصاروخي على مدى العقود الأربعة الماضية، وفقاً لـ"نيويورك تايمز". اقتصاد دولي التحديثات الحية رئيس جهاز قطر: نريد مضاعفة الاستثمارات في الولايات المتحدة كيف زيّف أرقام الخليج؟ وأشارت صحيفة "بيزنس ستاندرد"، إلى أن ترامب ذكر للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية يوم 15 مايو/أيار، وقبل أن تنتهي جولته في الخليج: "لقد حصلنا للتو على 4 تريليونات دولار". لكن بيانًا للبيت الأبيض في اليوم نفسه قال إن الزيارة الرسمية الأولى لترامب "أسفرت عن إبرام صفقات رائعة بقيمة تزيد عن تريليوني دولار". ولكن عاد ترامب ليقول في تصريحاته أمام قيادة مركز كينيدي بتاريخ 19 مايو/أيار: "لقد جلبنا حوالي 5.1 تريليونات دولار"، بل ورفع المبلغ إلى 7 تريليونات، قبل اجتماع في مبنى الكابيتول الأميركي مع أعضاء مجلس النواب الجمهوريين، حيث قال إنهم (دول الخليج) ينفقون (أعطونا) 5.1 تريليونات دولار، وربما يصل المبلغ إلى 7 تريليونات دولار بحلول الوقت الذي نتوقف فيه. وقدّم البيت الأبيض تفصيلًا لقيمة الـ 2 تريليون دولار في بيانه الصادر يوم 16 مايو/أيار ، وشمل ذلك استثمارات بقيمة 600 مليار دولار من المملكة العربية السعودية ضمن التزام مدّته أربع سنوات، وتبادل اقتصادي بقيمة 1.2 تريليون دولار مع قطر، إلى جانب صفقات تجارية ودفاعية بقيمة 243.5 مليار دولار. أما صفقات الإمارات، فقُدّرت بـ 200 مليار دولار مع الولايات المتحدة، ليصل إجمالي ما تعهّد به البيت الأبيض مبدئيًّا إلى 2.24 تريليون دولار، شريطة الوفاء بجميع هذه الالتزامات. وليس من المؤكد أن تتحقق كل الالتزامات الاستثمارية أو الوظائف الموعودة، وبالتالي فإن الحصيلة النهائية قد لا تكون بقدر ما جرى الوعد به، بحسب ما نقلته "بيزنس ستاندرد". صفقات الخليج والقبة الذهبية وفي مؤتمره الصحافي، قال ترامب: "حصلنا على 5.1 تريليونات دولار من الشرق الأوسط (دول الخليج)، وتكلفة بناء القبة الذهبية لا تمثّل إلا جزءًا صغيرًا من تلك العوائد"، ما أثار تساؤلات عن علاقة جولته الخليجية بالقبة الذهبية، وهل يقصد أنه سيبنيها بأموال الخليج. في السياق، قالت المحللة الاقتصادية في قناة "أي أس تي في" الإسبانية إيتي كنور إيفانز، يوم أمس، إن ترامب يبالغ في تكاليف القبة الذهبية، في حين يكافح الجمهوريون في الكونغرس لإقرار مشروع قانون إنفاق كبير يتضمن العديد من وعود حملته الانتخابية، واعتبرت أن تقديم البيت الأبيض مبادرة أخرى مكلفة يزيد الضغوط على الجمهوريين في الكونغرس لتمرير صفقات كهذه تتطلب مبالغ ضخمة. وذكرت صحيفة "ذا نيو ريبابليك"، أن قادة قيادة الدفاع الجوي الفضائي لأميركا الشمالية (نوراد) وصفوا النظام الحالي بأنه مناسب، ما يعني أن الولايات المتحدة ليست في حاجة لتكاليف مشروع ترامب، لكن الرئيس ردّ عليهم بقوله إنّ الوضع الحالي لقدرات الدفاع الصاروخي الأميركية ليس نظامًا، قائلًا: "لدينا بعض المجالات للصواريخ والدفاع الصاروخي، ولكن لا يوجد نظام". وعندما سأل أحد المراسلين دونالد ترامب عما إذا كان القادة العسكريون يريدون بالفعل تحديث النظام الصاروخي بمشروع القبة الذهبية، لم يتمكّن من الردّ أو تفسير ذلك، وحين سأله مرة أخرى إذا كان الجيش قد طلب بالفعل نظام الدفاع الصاروخي الفضائي، أجاب ترامب بأنه هو من اقترح ذلك، وأن القادة العسكريين "أحبّوا الفكرة". وتوقّع المحللون تكاليف أعلى بكثير للمشروع، تتجاوز 500 مليار دولار، وحذّروا من تحديات تكنولوجية هائلة، بحسب تقارير أميركية. وفي السياق نفسه، تقول صحيفة "بيزنس ستاندرد" إن سبب تزييف ترامب للأرقام، يرجع لاستراتيجية يتبعها، فهو الذي صاغ مصطلح "المبالغة الصادقة" في كتابه "فن إبرام الصفقات"، لذا زاد بشكل مطرد خلال الأيام القليلة الماضية حجم الأموال التي يقول إن دولًا في الشرق الأوسط تعهّدت بها.