من هو "أبو شباب"؟ .. تحقيق يُعرّي الميليشيا التي تحكم بالمساعدات التي تنهبها وتُهدد مستقبل غزة
"أبو شباب" ظهر إلى الواجهة خلال انهيار النظام الأمني في غزة عقب العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر 2023. وخلال هذه الفوضى، أنشأ شبكة مسلحة صغيرة، سرعان ما اتُهمت بالنهب والترويع وتنفيذ عمليات تهجير قسري للفلسطينيين.
وقد حاول أكثر من مرة تبرير نشاطه عبر تصريحات لوسائل إعلام عبرية، مدّعيًا أن مجموعته توزع المساعدات، إلا أن تقارير أممية، وأخرى صحفية، وثّقت انتهاكات خطيرة ارتكبها هو وعناصره، وسط حماية إسرائيلية مباشرة.
وفي تصريحات مثيرة للجدل، قال "أبو شباب" إنه يعمل بتنسيق مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية. هذا الادعاء دفع السلطة للخروج علنًا لنفي علاقتها به، مما زاد الغموض حول حقيقة دوره ومن يقف خلفه، خاصة في ظل حديثه المتكرر عن استعداده لتسلّم إدارة غزة بعد سقوط "حماس".
تحقيق موسّع أجرته منصة 'إيكاد' كشف لأول مرة عن الهيكل التنظيمي للمجموعة، ونشاطها الميداني، وارتباطاتها العلنية وغير العلنية مع الاحتلال، إضافة إلى دعم إداري من السلطة الفلسطينية في بعض المناطق.
الميليشيا نشأت في ظل انهيار الخدمات والمؤسسات الرسمية، لتملأ فراغًا أمنيًا واجتماعيًا خطيرًا. وتشير التحقيقات إلى أن هدفها يتجاوز السيطرة على المساعدات أو فرض الأمن، إلى تنفيذ خطّة هندسة سكانية، تتقاطع مع خطط إسرائيلية لتغيير ديمغرافية غزة.
ووفق التحقيق، فإن "أبو شباب" كان معتقلًا في غزة على خلفية قضايا تهريب سلاح ومخدرات، لكنه فرّ من أحد سجون الداخلية عقب قصف إسرائيلي. وظهر لاحقًا على قناة 'كان' العبرية في 6 يوليو 2025 مؤكدًا تعاونه مع جيش الاحتلال في توزيع المساعدات، بل وأعلن استعداده لحكم غزة في حال سقوط "حماس".
اتهامات الأمم المتحدة – التي نقلتها صحيفة "واشنطن بوست" – وثّقت أن ميليشيا "أبو شباب" استولت على 80 شاحنة مساعدات من أصل 100 دخلت القطاع، وتورطت في جرائم قتل ضد سائقي شاحنات، إلى جانب انتشار مقاطع فيديو تُظهر عناصره وهم ينهبون ويستعرضون الغنائم.
فريق "إيكاد" اعتمد على منهجية التحقيق المفتوح، وحلل أكثر من 50 حسابًا رقميًا على فيسبوك وتيك توك، بالإضافة إلى صور أقمار صناعية، لتحديد مواقع انتشار الميليشيا ورسم خريطتها التنظيمية.
ووفق المعلومات التي جُمعت عبر تتبع رقمي وميداني، تتضح معالم بنية ميليشيا باتت لاعبًا غير شرعي لكنه فاعل على الأرض في ظل انهيار السلطة وانفلات الوضع الأمني بعد الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة.
يتربع ياسر أبو شباب على رأس هذه الشبكة المسلحة بوصفه القائد العام، إلى جانبه نائبه غسان الدهيني، المعروف بسجله في التهريب وارتباطه بجماعات مسلحة في سيناء، وكذلك عصام النباهين، الذي قاتل سابقًا في صفوف تنظيم داعش قبل أن يعود إلى غزة مع اندلاع الحرب.
تضم الدائرة الميدانية نخبة من العناصر الذين ظهروا مرارًا في مقاطع فيديو وصور متداولة، يحملون السلاح ويؤمّنون قوافل المساعدات بأساليب تؤشر إلى سيطرة شبه كاملة على نقاط التوزيع، من بينهم بكر الوقيلي، يوسف أبو ناصر، صدام أبو زكار، وطارق أبو حسن.
أما الطبقة التنفيذية، فتضم مجموعة من العناصر المنفذين الذين شاركوا صراحة في عمليات نهب وتوزيع مساعدات مشروطة، ووثّقوا تلك الأفعال على وسائل التواصل دون إظهار أي خشية من المساءلة. ومن بين هؤلاء: نمر، كريم، عبود أبو الحصين، وأبو أنيس.
وتتمركز هذه الميليشيا في مناطق محددة من جنوب القطاع مثل الشوكة، البيوك، وشرق رفح، وهي مناطق تخضع لمراقبة مباشرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي. وتشير صور أقمار صناعية إلى أن عناصر "أبو شباب" أقاموا سواتر ترابية قرب معبر كرم أبو سالم لاعتراض شاحنات المساعدات، كما أنشأوا مخيمات مؤقتة في رفح الشرقية، ظهروا فيها وهم يوزعون مساعدات تحمل شعار برنامج الأغذية العالمي.
المثير أن هذه المخيمات أُنشئت في الموقع ذاته الذي دعا وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، إلى استخدامه كمركز لإعادة توطين نازحي غزة ضمن خطة تهجير ناعمة تحت غطاء الإغاثة.
رغم أن السلطة الفلسطينية نفت رسميًا علاقتها بأبو شباب، إلا أن تقارير عبرية تحدثت عن "دعم إداري غير مباشر" تلقّته هذه الميليشيا، في إطار تفاهمات مع الاحتلال لملء الفراغ الأمني في المناطق الخارجة عن سيطرة "حماس".
وقد لمح الوزير الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان إلى مثل هذه التفاهمات حين أشار إلى "تسليح جماعات محلية" في غزة للمساعدة في إدارة القطاع وفق الرؤية الإسرائيلية.
ويظهر التحقيق أن المساعدات الإنسانية لم تُستخدم فقط لأغراض الإغاثة، بل تحوّلت إلى وسيلة ضغط سياسي وأداة هيمنة ميدانية. المساعدات تُوزّع وفق الولاء، أو تُصادر علنًا تحت حماية الاحتلال، ما يعكس حالة من التواطؤ المكشوف في استغلال معاناة المحاصرين.
هذه الممارسات ترسم ملامح "هندسة أمنية" جديدة تقودها إسرائيل بأدوات محلية، تهدف إلى تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وفرض وقائع ميدانية تخدم مشروع الاحتلال في تقويض كل أشكال المقاومة المنظمة.
أدوات الاحتلال الناعمة: الإغاثة، الفوضى، والميليشيات ما جرى توثيقه يتجاوز مجرد حالة فوضى أو نهب جماعي، نحن أمام نموذج جديد من الحرب يُدار عبر واجهات محلية؛ حيث الاحتلال هو المُخرج، الميليشيا هي الأداة، المعابر والمساعدات هي وسائل السيطرة، والضحية هو الشعب الفلسطيني.
أسئلة كبرى بلا إجابات في ظل غياب رقابة دولية أو محاسبة حقيقية، تبقى أسئلة ملحّة بلا إجابات واضحة ما مصير ياسر أبو شباب؟ وهل دوره مؤقت في مرحلة انتقالية؟ أم أن المشروع أكبر من مجرد فرد، ويهدف إلى إعادة صياغة من يحكم غزة؟ وهل سيتحرّك المجتمع الدولي قبل أن تُكرّس معادلة الاحتلال والميليشيا كبديل عن الحكم الشرعي والمقاومة؟.
رأي اليوم

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 39 دقائق
- عمون
ملص يوجه نداءً إلى مدير الأمن العام
عمون - وجه الناشط النقابي المهندس ميسرة ملص نداء لمدير الأمن العام. وقال في منشور له على موقع فيس بوك: "علمت من خلال أعمال المسح الهندسيّ الميدانيّ أَنَّ هنالك نيّة لبناء مركز أَمنيّ ( مخفر ) لضاحية الرشيد مُجاور لمنزلي وقد سررت لأنَّ هذا سيعطي أَماناً أكبر لمنطقة سكني فوق الأَمان الذي يعم أرجاء المملكة بحمد الله. ولكن أتمنى على المدير الإيعاز لمن يلزم (العمل بمرحله التصميم كما اعتقد) بتوفير مَصَف أَو مواقف لسيارات مَرَّتب ( ضباط وافراد ) المركز داخل حدود المركز لأَنَّ المنطقة سكنية ولا تتحمل إصطفاف عشرات السيارات فيها، حيث بالكاد أَصحاب العمارات القائمة بالمنطقة يجدون مكانا لصف سيارتهم على الرغم من وقوع احد جوانب المركز على شارع عريض ويمكن ذلك إِمّا بإستحداث طابق أسفل المركز للكراجات أو عمل مواقف داخل حدود المركز الامنيّ المُقترح من خلال تنفيذ ساحات لذلك حيث تستصطف سيارات مُرّتب المركز بداخل حَرَمه وتبقى سيارات المراجعين خارجه حسب الإجراءات المُتبعة عادة في مثل هذه الحالة".

عمون
منذ ساعة واحدة
- عمون
هجوم على برمجيات خوادم مايكروسوفت طال 100 مؤسسة
عمون - قال أحد الباحثين الذين ساعدوا في الكشف عن هجوم إلكتروني واسع النطاق استهدف برمجيات خوادم مايكروسوفت في تصريحات امس "الاثنين" إن الهجوم طال نحو 100 مؤسسة مختلفة حتى مطلع هذا الأسبوع. وأصدرت شركة مايكروسوفت يوم "السبت" تنبيها بشأن "هجمات نشطة" على برمجيات الخوادم التي تستخدمها الأجهزة الحكومية والشركات لمشاركة المستندات داخل المؤسسات، قائلة إن الثغرات الأمنية تنطبق فقط على خوادم شيربوينت المستخدمة داخل المؤسسات. وقال فايشا برنارد، كبير المختصين بعمليات خرق البيانات في شركة آي سيكيوريتي، وهي شركة أمن إلكتروني مقرها هولندا اكتشفت حملة الاختراق التي استهدفت أحد عملائها يوم "الجمعة"، إن مسحاً عبر الإنترنت كشف عن ما يقرب من 100 ضحية في المجموع وذلك قبل أن تُعرف التقنية التي تقف وراء الاختراق على نطاق واسع. ورفض الباحث تحديد المؤسسات المتضررة، قائلا إنه تم إخطار السلطات الوطنية المعنية. وقال باحث آخر إنه حتى الآن، يبدو أن الاختراق من عمل مهاجم واحد أو مجموعة واحدة من المهاجمين. وقال مكتب التحقيقات الاتحادي "الأحد" إنه على علم بالهجمات ويعمل عن كثب مع شركائه من القطاعين الاتحادي والخاص، لكنه لم يقدم أي تفاصيل أخرى. وقالت صحيفة واشنطن بوست، التي كانت أول من أورد نبأ التسلل الإلكتروني، إن جهات مجهولة الهوية استغلت في الأيام القليلة الماضية ثغرة في شن هجوم استهدف أجهزة وشركات أمريكية ودولية. وقالت الصحيفة نقلا عن خبراء إن التسلل يُعرف بهجوم "يوم الصفر" لأنه استهدف ثغرة لم تكن معروفة من قبل. وكانت عشرات الآلاف من الخوادم معرضة للخطر. وأعلنت مايكروسوفت أمس "الأحد" إصدار تحديث أمني، مضيفة أنه يجب على العملاء تطبيقه على الفور. وقالت إنها تعمل على تحديثات لإصدارات 2016 و2019 من برنامج شيربوينت. واضافت، إنه إذا لم يتمكن العملاء من تطبيق الحماية الموصى بها من البرمجيات الخبيثة، فيتعين عليهم فصل خوادمهم عن الإنترنت لحين توفر تحديث أمني.

عمون
منذ ساعة واحدة
- عمون
"لجنة فلسطين" في الأعيان: قرار الكنيست يقوض حل الدولتين
عمون - ناقشت لجنة فلسطين في مجلس الأعيان، برئاسة العين مازن دروزة، قرار الكنيست الإسرائيلي بضم الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال، والمقدم من الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم في إسرائيل، والذي جاء بعد نحو عام من تصويت الكنيست بالأغلبية لصالح قرار يرفض إقامة دولة فلسطينية، وقبل أيام قليلة من انعقاد مؤتمر دولي في الأمم المتحدة لتطبيق حل الدولتين، في تجاهلٍ صارخ لهذا المؤتمر وجهوده. وأكدت اللجنة في بيان صدر عنها اليوم الخميس، أن مشروع القرار، وإن لم يكن قانونًا نافذًا بعد، يأتي في وقت تتوالى فيه الإجراءات الإسرائيلية الاستيطانية على الأرض الفلسطينية، بما من شأنه سحب البساط من تحت السلطة الفلسطينية وإفشال إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة، والدفع نحو تشكيل كيانات بديلة. وبيّنت اللجنة أن القرار يندرج ضمن ما يسمى بـ'خطة الحسم' التي يعمل عليها اليمين المتطرف منذ توليه الحكم في إسرائيل، حيث يمعن هذا الائتلاف في الضم والقضم التدريجي بشكل يومي من خلال ممارسات وانتهاكات وجرائم وتقطيع أوصال الضفة الغربية المحتلة، والانتهاكات المتكررة للقدس الشريف، إضافة إلى توسيع وتعميق الاستيطان، واستمرار جرائم حرب الإبادة الجماعية والتجويع والحصار في غزة. وأشارت اللجنة إلى أن حكومة الاحتلال الاسرائيلي تواصل تمردها على الشرعية الدولية والمجتمع الدولي، مثمّنةً في هذا السياق الدور الكبير الذي يقوم به جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في المحافل الدولية، وجهوده المتواصلة لنقل صورة وتحديات الوضع الفلسطيني إلى المجتمع الدولي. ودعت اللجنة في بيانها الجامعة العربية والمجتمع الدولي إلى الوقوف بحزم لمواجهة المخططات الاستيطانية الإسرائيلية، وفضح المخطط الذي تنفذه الحكومة الإسرائيلية واليمين المتطرف، والذي لن يؤدي سوى إلى مزيد من تعميق نظام الفصل العنصري الأبارتهايد في فلسطين المحتلة. وأكدت اللجنة أن استمرار الحكومة الإسرائيلية في خرقها للقانون الدولي وتمردها على قرارات مجلس الأمن الدولي، وخاصة القرار 2334 الذي يدين جميع الإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي ووضع الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية منذ عام 1967، وكذلك الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أكد عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي وبطلان المستوطنات وإجراءات ضم الأراضي في الضفة الغربية، يمثل تحديًا صارخًا للإرادة الدولية. كما دعت اللجنة المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، وإلزام إسرائيل بوقف العدوان وحرب الإبادة على غزة، ووقف التصعيد الممنهج الذي تمارسه حكومة الاحتلال في الضفة الغربية والقدس، وتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني، وتمكينه من نيل حقوقه في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، لتكون حجر الأساس لتحقيق السلام الشامل والدائم الذي يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة. واختتمت اللجنة بيانها بالتأكيد على وقوفها خلف قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، مجددة الولاء والانتماء، ومبتهلة إلى الله أن يحفظ الأردن أرضًا وقيادةً وشعبًا.