logo
السودان..عندما تخذل القوات المسلحة شعبها

السودان..عندما تخذل القوات المسلحة شعبها

العربية١٢-٠٥-٢٠٢٥

السودان بلد عظيم، جمع كل خيرات الأرض، ولديه شعب يمتلك كل مفاتيح العمل والمعرفة والحكمة، استقل رسمياً في الأول من يناير عام 1956 بعد حراك شعبي ومجتمعي. ولكن مع الأسف ابتلي السودان بقادة عسكريين سلموا بلادهم وشعبهم لتنظيم دولي إرهابي، قاد بلادهم إلى حرب حصدت أرواح المدنيين، وإلى دمار عمّ كل إرجاء البلاد.
لم ينعم السودان باستقلاله كثيراً، وانتهى الأمر بعد عامين من الاستقلال بانقلاب عسكري والإطاحة بالحكومة المدنية في العام 1958. وقادت القوات المسلحة السودانية البلاد وفق نظرية خطيرة رسمت المشهد السياسي والاقتصادي والتنموي منذ ذلك التاريخ، فقد أدركت التحدي الخطير الذي يواجهها أمام تطلعات الشعب للتنمية وشغف السودانيين بالعمل والاقتصاد، فسعت إلى فرض سياسات خطيرة عطلت عجلة الاقتصاد والتنمية، وقتلت الروح والطموح لدى أجيال ممتدة من الشعب السوداني، وانتهت بإفشال منظومة العمل والتعليم والمعرفة، وبتردي كل مظاهر وأنشطة الاقتصاد والتنمية والنهضة بالبلاد.
استعاد الشعب السوداني دولته من الانقلاب العسكري عام 1964 بعد ثورة شعبية أطاحت بحكم العسكر، وعاد المدنيون للحكم في العام 1965، لكن لم يكتب لها الاستقرار نتيجة تدخلات القوات المسلحة ومحاولاتها لبسط نفوذها على المشهد السياسي بالبلاد والسيطرة على مقدرات السودان وموارده وقدراته.
استغلت القوات المسلحة السودانية هذا الوضع، لتقود البلاد إلى انقلاب آخر أطاح بالحكومة المدنية عام 1969، وقاد البلاد طوال 16 عاماً كانت مليئة بالانقلابات والتجاذبات والتحالفات مع الأحزاب السياسية التي كان لها النفوذ الأوسع في الساحة، وانتهت هذه المرحلة بثورة شعبية استجاب لها وزير الدفاع المشير عبدالرحمن سوار الذهب الذي أطاح بحكم الجيش وقاد فترة انتقالية لمدة عام، سلم بعدها السلطة إلى حكومة مدنية، لم تستطع الصمود إلا ثلاثة أعوام كان التجاذب وعدم الاستقرار عنوانها الرئيسي، ومهدت الطريق إلى سيطرة «الجبهة الإسلامية» على المشهد السياسي والعسكري والاقتصادي والتنموي للسودان، وتعزيز سيطرتها ونفوذها وتنظيمها على الدولة، وقادت انقلاباً عسكرياً للسيطرة على الدولة في 30 يونيو 1989، ولتستمر في رسم وقيادة المشهد السياسي للسودان طوال أكثر من 30 عاماً، وكان الرئيس المخلوع عمر حسن البشير عنوانها الأبرز وقائدها الأعلى، حيث ازدهر النشاط السياسي للإخوان، حتى أصبحوا القوة الحزبية الرئيسية بالدولة، وانفردوا بحكم السودان، رغم الانقسامات الكثيرة التي صاحبت سيطرتهم، واضطروا إلى إعادة ترتيب تنظيماتهم من «جبهة الميثاق الإسلامية» إلى «الجبهة الإسلامية القومية»، ثم إلى حزب «المؤتمر الوطني» الذي شهد انقساماً أدى إلى ظهور حزب «المؤتمر الشعبي» ومن ثم أطاح الشعب السوداني عام 2019 بحزب «المؤتمر الوطني»، لتنهي بذلك ثلاثة عقود، هي الأصعب على السودانيين والدولة السودانية، حيث الإبادة في دارفور، 3 ملايين قتيل أغلبهم في الجنوب، وملايين اللاجئين والمشردين، وخسارة ربع مساحة السودان وأكثر من نصف ثرواته الطبيعية وثلثي إنتاجه النفطي، ليصبح السودان بعدها من بين أكثر الدول فشلاً وتراجعاً على كافة المستويات.لم تستجب القوات المسلحة السودانية لمطالب الشعب السوداني واستحقاقاته هذه المرة، بل انقلبت على الحكومة المدنية الوليدة التي شكلت تحت ولايته أساساً، فأطاحت بها في أكتوبر 2021، وأعادت سيطرتها على كل مقدرات الدولة، قبل أن ينتهي إلى إعلان الحرب على شريكها العسكري في السلطة، وتقود السودان إلى أسوأ كارثة إنسانية بحسب تصنيف الأمم المتحدة، حيث سقط عشرات الآلاف من القتلى وأضعافهم من المصابين، وتدمير كل مقدرات ومقومات البلاد ومنشآتها، وأكثر من 8 ملايين مشرد وضعفهم من اللاجئين، والقضاء على كل فرص التنمية والتحضر الإنساني والاقتصادي والعمراني.
وبعد، هل تتحمل الأمم المتحدة مسئوليتها وتقود جهداً دولياً يفضي لإنهاء سيطرة القوات المسلحة السودانية على السلطة بالسودان، وتعيد البلاد إلى شعبها في ظل حكومة مدنية تحقق للسودانيين الازدهار والتنمية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تصنيع عربي
تصنيع عربي

أرقام

timeمنذ 35 دقائق

  • أرقام

تصنيع عربي

كانت شعوب العالم بدائية وتعتمد على رعي الماشية، وتتبع المطر والحل والترحال أينما وُجد الكلأ، ووفق ابن خلدون، فإن المدن بناها البدو، حيث إنهم في حلهم وترحالهم إذا وجدوا الماء تحولوا من رعي الماشية إلى الزراعة، أي تحضروا، والعرب مثلهم مثل شعوب الأرض، تحولوا من البادية إلى الزراعة والتحضر، بعد ذلك قامت الثورة الصناعية، وللأسف تخلف العرب صناعياً، وفي بداية استقلال الدول العربية، بدأ زعماؤها يبشرون من على المنابر، وبخطب نارية، بقدوم ثورة صناعية تنقل العالم العربي من ضفة الدول المتخلفة إلى ضفة الدول المتقدمة، لكن ذلك مع الأسف لم يحدث، بل زاد تخلفنا الصناعي، العالم العربي لا ينقصه شيء، فلديه الموارد والمال والبشر، وكل الذي ينقصه التكامل والتشريعات التي تحمي حقوق المستثمرين، وقبل ذلك الإرادة السياسية التي تقرر التحول للصناعة، صحيح أن العالم العربي يمر بأوضاع سيئة للغاية وهو في طريقه للتشظي، لا سمح الله، ولكن هذا هو المتوقع في ظل الظروف الراهنة، فلا الأوضاع في ليبيا جيدة، ولا هي في السودان طيبة، ولكن، لعلّ الله يحدث بعد ذلك أمراً. المهم، نعود لموضوعنا، فلو قامت الجامعة العربية بحصر فرص التصنيع في الدول العربية وحددت طرق التكامل لوجدت هذه الفرص الصناعية مستثمرين يقبلون عليها، والتصنيع يفتح الفرص الوظيفية أمام الناس، ويزيد الدخل القومي للشعوب، ويجلب العملة الصعبة للبلد عبر تصدير منتجات هذه المصانع، ويمكن للجامعة العربية فتح مركز لتدريب القوى العاملة بالتعاون مع الدول المحتاجة لهذه اليد العاملة في نشاط معين، ويمكن تصدير هذه العمالة خارج الوطن العربي، فمن المعيب أن يستقدم العالم العربي ممرضاً أو ممرضة للعمل في مركز صحي في أمة تعدادها 400 مليون نسمة. للأسف غالبية اقتصادات العالم العربي قائمة على الخدمات وقليل من الصناعات، وهذا لا يكفي، فيمكن للعالم العربي أن يتقدم صناعياً، وكل الظروف مهيأة لذلك إذا توفرت الإرادة السياسية، ووضعت نظم الحماية التي تحمي الصناعة من ظروف التقلبات السياسية. العالم يمر بثورة علمية شاملة، ونحن العرب لم نستطع اللحاق بالثورة الصناعية لنلحق بالركب، وذلك لكثرة خلافاتنا وعدم السعي لتكاملنا الصناعي والاقتصادي والعلمي، والشعوب العربية تتطلع للتقدم الصناعي الذي يحقق لها الرفاه. ودمتم.

«التنافسية» يستعرض تمكين الكفاءات ومقترحات تحديات البيئة التشريعية
«التنافسية» يستعرض تمكين الكفاءات ومقترحات تحديات البيئة التشريعية

عكاظ

timeمنذ ساعة واحدة

  • عكاظ

«التنافسية» يستعرض تمكين الكفاءات ومقترحات تحديات البيئة التشريعية

تابعوا عكاظ على عقدت اللجنة القانونية بالمركز الوطني للتنافسية، اليوم، اجتماعها الثامن في مقر المركز برئاسة رئيس مجلس إدارة المركز الدكتور ماجد القصبي، ومشاركة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء محمد آل الشيخ، وتضم اللجنة في عضويتها مسؤولي الوكالات والإدارات القانونية في 32 جهة حكومية. واستعرضت اللجنة مبادراتها الـ27 التي تعمل عليها وما نتج عنها من أعمال، ومنها: «دراسة حوكمة التفويض التشريعي»، والأدلة الاسترشادية الـ6 لدعم أعمال الإدارات القانونية بالجهات الحكومية، إضافة إلى مبادرة «دليل المصطلحات التشريعية»، التي تهدف إلى إيجاد أدلة مرجعية للمصطلحات التشريعية باللغتين العربية والإنجليزية، بما يسهم في تحسين جودة المخرجات التشريعية، ويزيد استقرار البيئة التشريعية في المملكة. واطلع المشاركون على جهود اللجنة الهادفة إلى نشر المعرفة، وتمكين الكفاءات لدعم تنافسية البيئة التشريعية، إذ استُعرضت مخرجات 5 جلسات وورش عمل عقدتها اللجنة، منها «تجربة لجنة إعداد التشريعات القضائية في دراسة المشروعات المنوطة بها»، و«مستقبل الوسائل البديلة لتسوية المنازعات في ضوء التحول الرقمي ونصوص الأونسيترال». وتضمن جدول الاجتماع عدداً من المقترحات والتوصيات المرتبطة بتحديات تنافسية البيئة التشريعية في المملكة، إذ وُجّه بدراستها، واستكمال اللازم حيالها. يذكر أنّ المركز الوطني للتنافسية يهدف إلى تطوير البيئة التنافسية في المملكة وتحسينها، والارتقاء بترتيب المملكة في المؤشرات والتقارير العالمية ذات العلاقة، وذلك من خلال دراسة المعوقات والتحديات التي تواجه القطاع العام والخاص، وتحديدها وتحليلها، واقتراح الحلول والمبادرات والتوصيات ومتابعة تنفيذها، وذلك باتباع أفضل الأساليب والممارسات التي تؤدي إلى تعزيز تنافسية المملكة عالمياً. أخبار ذات صلة /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}

المبعوث الأميركي لسوريا: حقبة التدخل الغربي في الشرق الأوسط انتهت
المبعوث الأميركي لسوريا: حقبة التدخل الغربي في الشرق الأوسط انتهت

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

المبعوث الأميركي لسوريا: حقبة التدخل الغربي في الشرق الأوسط انتهت

قال المبعوث الأميركي لسوريا توماس برّاك، اليوم الأحد، إن حقبة التدخل الغربي في الشرق الأوسط انتهت، مشيراً إلى أن الأمر أصبح متروكاً للحلول الإقليمية والشراكات والدبلوماسية القائمة على الاحترام. وأضاف برّاك، في حسابه على منصة «إكس»، أن «مأساة سوريا وُلدت مِن رحم الانقسام. ويجب أن تأتي ولادتها الجديدة من خلال الكرامة والوحدة والاستثمار في الشعب». وشدّد المبعوث الأميركي على أن سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد فتح الباب أمام السلام، مضيفاً أن رفع العقوبات سيفتح أمام الشعب السوري «باب الرخاء والأمن». A century ago, the West imposed maps, mandates, penciled borders, and foreign rule. Sykes-Picot divided Syria and the broader region for imperial gain—not peace. That mistake cost generations. We will not make it again. The era of Western interference is over. The future… — Ambassador Tom Barrack (@USAMBTurkiye) May 25, 2025 وعينت إدارة ترامب، توم باراك، السفير الأميركي الحالي لدى تركيا، ليكون المبعوث الخاص المقبل لوزارة الخارجية إلى سوريا. وجاء في بيان لباراك نشرته السفارة الأميركية في أنقرة يوم الجمعة: "لقد حدد الرئيس ترامب رؤيته الواضحة لشرق أوسط مزدهر وسوريا مستقرة تعيش في سلام مع نفسها وجيرانها". "بصفتي ممثل الرئيس ترامب في تركيا، أشعر بالفخر بتولي دور المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى سوريا ودعم وزير الخارجية روبيو في تحقيق رؤية الرئيس".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store