
فخ المغالطات عبر تشويه الحقيقة باستهداف وزير التجهيز والماء بين أروقة البرلمان المغربي
شهدت قبة البرلمان المغربي بجلسة 21 يوليوز 2025، مشهدًا مؤسفًا وجريمة سياسية مكتملة الاركان مع سبق الاصرار، والتي جسّدت انحدارًا خطيرًا في الخطاب السياسي، فبدلاً من النقاش الجاد حول السياسات العمومية والاهتمام بانشغالات المواطنين، تحوّل المنبر البرلماني إلى ساحة لاستعراض المغالطات والتضليل، في محاولة مكشوفة لاستغلال الفضاء العام لخلق'البوز' السياسي على حساب الحقيقة والمصداقية 'والكرامة'، وبأسف شديد كان المستهدف هذه المرة، وبشكل ظالم، هو السيد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، الرجل الحكيم، وذلك من خلال افتراءات وكذب مكشوف في خطاب النائبة البرلمانية، والتي جسدت من خلال خطابها تاريخ من الجهل كنا نعتقد أننا تجاوزناه منذ عقود تحت الرعاية الشاملة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، فعندما يغيب الوعي وتسيطر الشعبوية، تتسيد لغة التافهة والجهل وهو ما قامت به النائبة البرلمانية مع سلسلة من المغالطات والتحيزات التي لا تتفق مع مقتضيات العمل البرلماني النزيه، و القانون الداخلي للبرلمان المغربي.
فلقد عمدت السيدة النائبة إلى تحريف الواقع وتشويه صورة الوزير، متهمةً إياه بالغياب عن جلسة لم يكن قطاعه مبرمجًا فيها أصلاً، هذا التشويه المتعمد يهدف إلى بناء صورة غير حقيقية تجعل من السيد الوزير هدفا صائغا يمكن الهجوم عليه بسهولة، بعيدًا عن الحقيقة، وبهذا تكون السيدة النائبة قد تجاوزت النقد الموضوعي للعمل الحكومي لتطوره إلى مهاجمة شخص الوزير والتشكيك في التزامه ونزاهته مستسلمة بذلك للانتقام داخل قبة البرلمان بدافع سياسي، وهو سلوك يندرج تحت مغالطة الشخصنة، التي تسعى لتقويض مصداقية الخصم بدلاً من دحض حججه (التي لم تكن موجودة أساسًا، هناك أيضا مغالطة الانحياز التأكيدي والتعامي عن الحقائق، بدا واضحًا أن النائبة كانت تبحث عن أي ثغرة، حتى لو كانت واهية، لتأكيد قناعاتها المسبقة أو أجندتها السياسية، فمعرفة جدول أعمال الجلسة كان كافيًا لدحض ادعائها، لكن الانحياز التأكيدي يدفع صاحبه لتجاهل الحقائق التي تتعارض مع روايته، مع التفكير المتمني والقفز إلى الاستنتاجات من أجل تبرير الهجوم، ربما كانت هناك رغبة لدى النائبة في إيجاد 'خطأ' لوزير يُعرف بجديته، مما دفعها إلى القفز المتسرع إلى استنتاج غيابه دون أدنى تحقق، مدفوعةً بأمنية سياسية لتحقيق مكسب إعلامي، لم تكتفي بذلك بل سارعت إلى مغالطة الاحتكام إلى العاطفة والجماهير وعلى ما يبدو أن الهدف الأسمى من هذا الخطاب لم يكن إثراء النقاش البرلماني، بل استثارة عواطف الجمهور وخلق الإثارة الإعلامية الرخيصة لاستجداء اللايكات الافتراضية من مناضلين تابعين لها، هذه الشعبوية تتجاهل العقلانية وتستهدف الغرائز لتحقيق مكاسب انتخابية، مما يلحق الضرر بأطر عليا للدولة وخزان أمنها وأمانها، فالسيد نزار بركة، عرف بحصانة الموقف وحكمة الأداء، ورقي الحضور وسعة الصدر وبهية الاعتراف للجميع، على النقيض من هذه الممارسات المخلة بتاريخه ومواقفه، فللعلم فالسيد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، يعد نموذجًا للالتزام والجدية في العمل الحكومي، بانتهاجه لسياسة رزينة وشفافية في الأداء، وسجل السيد الوزير شاهد عليه في هذه الحكومة، ومن قبل في مسؤولياته السابقة، ويشهد له بمقاربة رشيدة وعمل دؤوب في قطاع حيوي كالتجهيز والماء، فالقرارات المتخذة في قطاعه تستند إلى دراسات معمقة ورؤية استراتيجية واضحة، تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتلبية احتياجات المواطنين، بعيدًا عن المزايدات، فلابد من حضور واعي ومسؤول للسيدة البرلمانية، خلافًا للادعاءات، فإن سجل حضور الوزير بركة في الجلسات البرلمانية والمواعيد الدستورية يؤكد التزامه التام بواجباته.
كما أنه بشكل وثيق ومؤكد حسب جدول أعمال الجلسات والأسئلة المبرمجة لقطاعه، وهو إجراء روتيني ومنظم داخل قبة البرلمان يمكن الإطلاع عليه بكل شفافية عبر البوابة الرسمية للمجلسين، وهذا الالتزام يعكس تقديره العميق للمؤسسة التشريعية ولدورها في الرقابة والمحاسبة، ثم إن التركيز على الجوهر لا الشكليات حيث يُعرف الوزير بركة بتركيزه على العمل الجوهري وتقديم الحلول الملموسة واستكشاف خبرات وتقنيات حديثة داخل وخارج الوطن، ومثل تلك المتعلقة بإدارة الموارد المائية أو تطوير البنى التحتية، وهو ما يُبرهن على كفاءة إدارية عالية ورؤية مستقبلية بدلاً من الانخراط في السجالات الهامشية.
وفي الشق القانوني لا يوجد ما يعيب تصرف السيد الوزير بركة حيث لم يكن مبرمجا للحضور، في المقابل فقد أخلت السيدة النائبة بالمواد التنظيمية الداخلية حيث تنص المادة 124 على أن جدول أعمال الجلسة العمومية يحدد من قبل مكتب المجلس، ويُبلغ إلى الأعضاء قبل انعقاد الجلسة بأربع أيام، وحسب المادة 127: والتي تتعلق بالأسئلة الشفهية، وتنص على أن يُوجه النواب أسئلتهم الشفهية إلى الوزراء وفقًا للقطاعات الحكومية 'ويُحدد الوقت المخصص للأسئلة الشفهية مسبقًا، والمادة 128: تشير إلى أن للوزراء الحق في تأجيل الإجابة عن الأسئلة الشفهية مرة واحدة بشرط إعلام رئيس المجلس مسبقًا.
وبناء عليه فالسيدة النائبة لم تحترم النقد المسموح به والتهجم الممنوع، وفق المادة 104 في السلوك البرلماني، والتي تنص على أن 'على النواب الالتزام بالأخلاق البرلمانية والامتناع عن كل ما من شأنه الإخلال بسير العمل في المجلس'، وبهذا نطلب حسب المادة 105 في العقوبات التأديبية نطلب من السيد رئيس المجلس بإنذار السيدة النائبة و الإلتزام بعدم التكرار.
ختاما : متى يرتقي النقاش البرلماني في بلادنا؟ إن مثل هذه الادعاءات المغلوطة لا تضر بسمعة وزير معين فحسب، بل تُقوّض مصداقية المؤسسة البرلمانية بأسرها وتُساهم في تآكل ثقة المواطن، فالنصوص القانونية المنظمة للعمل البرلماني، كما يُفصّلها النظام الداخلي لمجلس النواب، وُضعت لضمان نقاش مسؤول ومؤسساتي، لا لتمكين استغلال المنابر في حملات انتخابية سابقة لأوانها أو تصفية حسابات شخصية.
فالمواطن المغربي، اليوم وأكثر من أي وقت مضى، يُميّز بين الخطاب الجاد الذي يخدم قضاياه وبين الضجيج الفارغ الذي يبحث عن 'البوز' المؤقت، لقد حان الوقت لأن يرتقي النقاش السياسي في قبة البرلمان إلى مستوى التحديات، وأن يُدرك الجميع أن المصلحة العليا للوطن ومؤسساته تتطلب احترام الحقيقة والالتزام بالمسؤولية، وليس ترديد المغالطات والافتراءات المفضوحة.
بقلم الاستاذ يونس ابوسكسو المحامي بهيئة مراكش

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


برلمان
منذ 2 ساعات
- برلمان
سفير إسباني سابق: المغرب يفرض نفسه كنموذج لـ'حكامة متبصرة'
الخط : A- A+ إستمع للمقال قال السفير الإسباني السابق في الرباط، ريكاردو دييز هوشلايتنر، إن مسلسل التحول الشامل الذي انخرط فيه المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس يجعل منه نموذجا لـ 'حكامة متبصرة وإصلاحات مستدامة'. وأضاف ريكاردو دييز هوشلايتنر، في حديث خص به مكتب وكالة المغرب العربي للأنباء بمدريد، بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين، 'لقد كنت شاهدا على التطور اللافت الذي شهده المغرب بفضل رؤية ملكية مستنيرة والتزام موصول من جلالة الملك بالتنمية والاستقرار'. ونوه الدبلوماسي الإسباني، في هذا السياق، بدينامية التحديث التي يقودها الملك محمد السادس، مشددا على أن المملكة أرست نموذجا 'مثاليا' للتنمية والتقدم ما فتئ يؤتي ثماره على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي. معتبرا أن المنجزات الكبرى التي حققتها المملكة في كافة المجالات تجعل منها فاعلا مؤثرا وشريكا استراتيجيا أساسيا في الفضاء الأورو-متوسطي. وأوضح الدبلوماسي الإسباني متانة العلاقات المغربية الإسبانية، مؤكدا أن الروابط التي تجمع بين المملكتين ما فتئت تتعزز بفضل علاقة الثقة والتقدير المتبادل بين قائدي البلدين، وتعاون ثنائي متعدد القطاعات 'نشط للغاية'. وأكد على تميز الشراكة الإستراتيجية بين الرباط ومدريد، لاسيما في مجالات التجارة والأمن والطاقة والهجرة، وذكر في هذا السياق بأن إسبانيا تُعد، منذ سنة 2012، الشريك التجاري الأول للمغرب، في حين يرسخ المغرب مكانته بصفته أحد أبرز الشركاء الاقتصاديين لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي. وسياق حديثه عن الأواصر الإنسانية والثقافية العميقة القائمة بين الشعبين، أبرز دييز هوشلايتنر غنى التبادلات في مجالات متنوعة مثل الموسيقى وفن الطبخ والرياضة، مشيرا إلى أن 'كرة القدم تظل مصدر شغف مشترك بين المغاربة والإسبان'. وفي هذا الإطار، أعرب عن ثقته في قدرة المملكة على إنجاح تنظيم كأس العالم 2030 بمعية إسبانيا والبرتغال، وهو حدث عالمي يشكل 'فرصة رائعة لتعزيز المعرفة المتبادلة والصداقة بين مجتمعينا'.


صوت العدالة
منذ 7 ساعات
- صوت العدالة
عامل إقليم شيشاوة بوعبيد الكراب يُعطي انطلاقة احتفالات عيد العرش بتدشين مؤسسات تعليمية جديدة بدائرة إمنتانوت
في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله عرش أسلافه المنعمين، يُشرف عامل إقليم شيشاوة، السيد بوعبيد الكراب، يوم غد الإثنين 28 يوليوز، على إعطاء الانطلاقة الرسمية لاحتفالات عيد العرش المجيد بالإقليم، وذلك من خلال تدشين مجموعة من المشاريع التعليمية المهمة بدائرة إمنتانوت. وسيشهد اليوم الأول من هذه الاحتفالات الرسمية حضور وفد عامل الإقليم، يضم كلاً من الكاتب العام لعمالة شيشاوة سعيد أومهرير، ورئيس قسم الشؤون العامة، إلى جانب رؤساء المصالح والأقسام بالعمالة، ومسؤولي المصالح الخارجية والأمنية، بالإضافة إلى عدد من البرلمانيين وممثلي الإقليم. وتنطلق جولة التدشينات من جماعة انفيفة، حيث سيُشرف الوفد الرسمي على افتتاح الإعدادية الجديدة التي انتهت بها أشغال البناء والتجهيز، على أن تفتح أبوابها أمام التلاميذ مع بداية الموسم الدراسي المقبل، في خطوة من شأنها تعزيز البنية التحتية التربوية بالمنطقة. كما سيتواصل برنامج التدشينات بوضع حجر الأساس لبناء ثانوية تأهيلية جديدة بمدينة إمنتانوت، أُطلق عليها اسم 'المختار السوسي'، في استجابة ملموسة لحاجيات التوسع العمراني والارتفاع المتزايد في عدد السكان والتلاميذ بالمنطقة. ويجري إنجاز هذين المشروعين التعليميين من طرف الوكالة الوطنية للتجهيزات العامة، ضمن رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز العرض المدرسي بالإقليم، وتوسيع قاعدة الولوج إلى التعليم الإعدادي والثانوي في إطار العدالة المجالية. ويُجسد افتتاح احتفالات عيد العرش من خلال هذه المشاريع التعليمية الرمزية العميقة لمكانة التعليم في المشروع المجتمعي المغربي، باعتباره رافعة أساسية للتنمية، وورشاً وطنياً يحظى بعناية خاصة من لدن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في إطار التوجهات الملكية السامية الرامية إلى تأهيل المنظومة التربوية ودعم التنمية المجالية المستدامة.


بلبريس
منذ 7 ساعات
- بلبريس
د. بركة و المسار التنموي المتفرد الذي يقوده صاحب الجلالة
في الذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس، أيده الله ونصره، عرش أسلافه الميامين، نقف وقفة تأمل واعتزاز وانخراط أمام المسار التنموي المتفرد الذي تدرج عليه المملكة المغربية بثبات، وإصرار لا يَفتُر، وطموحات مشروعة تجسد إرادة ملك وشعب نحو مغرب مزدهر ومتقدم وفاعل في محيطه الإقليمي والدولي. لقد تحوّل المغرب، تحت القيادة الملكية الرشيدة والمتبصرة، إلى ورش مفتوح للبناء والإصلاح والتغيير الداعم للتطور في انسجام مع خصوصياتنا التاريخية والحضارية والروافد المتنوعة لإنسيتنا المغربية الموحدة. ويكفي أن نلقي اليوم نظرة على جواراتنا وعلى ما يجري في عدد من مناطق العالم لنعرف أن المؤسسة الملكية، الوطنية والمواطنة، كانت دائما وما تزال الضامن للوحدة والاستقرار والتطور بالنسبة لبلادنا، وبوصلة للاختيارات والتوجهات التي تقود الوطن نحو بر الأمان في زمن اللايقين. لا يمكننا إلا أن نقف وقفة امتنان واعتزاز وتعبئة ونحن نرى المملكة المغربية قد أصبحت في مصاف الكبار من الدول التي تحظى بالتقدير والثقة والاعتبار على الصعيد الدولي، وتساهم بفعالية في صناعة المستقبل، وتحمل صوت إفريقيا. فمن مبادرة فتح منفذ استراتيجي نحو المحيط الأطلسي لفائدة بلدان الساحل من خلال ميناء الداخلة، وانتظام دول الواجهة الأطلسية الإفريقية في إطار مشروع واعد من أجل توطيد الأمن والاستقرار والازدهار المشترك، وهذا فضلا عن خط أنبوب الغاز المغرب- نيجيريا للاندماج الجهوي والإقلاع الاقتصادي المشترك وتشجيع دينامية التنمية على الشريط الأطلسي، وكذا المبادرة الطموحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره نحو أوروبا، وهو ما يبرهن على التزام المغرب غير المشروط بقضايا قارةٍ تؤمن بالاندماج والتكامل والتضامن، وتطمح لتوفير مستقبل أفضل لشعوبها. قبل سنوات قليلة فقط، كان مشروع تقديم دعم نقدي مباشر للفئات المعوزة في حدود 500 درهم على الأقل لكل أسرة من قبيل المشاريع التي لا يمكن تصورها ولا تنفيذها ، لكن بفضل جلالة الملك وحرصه على توزيع منصف لمنافع النمو لكي تصل إلى الشرائح والمجالات الترابية الأكثر خصاصا، تم تفعيل نظام الدعم الاجتماعي المباشر الذي يستفيد منه اليوم أكثر من 12 مليون مغربي ومغربية، في خطوة غير مسبوقة تؤسس لنموذج تضامني أكثر عدالة وإدماجا للمواطنات والمواطنين الموجودين في وضعيات الفقر والهشاشة. كما أن ما يشهده المغرب من نهضة في البنيات التحتية، من موانئ وطرق سريعة وطرق سيارة وتجهيزات وسدود ومحطات لتحلية ماء البحر، كلها مؤشرات على أن الحلم الذي كان بالأمس بعيد المنال، قد أصبح واقعًا تعيشه المواطنة والمواطن في تفاصيل اليومي، وفي تصور مغرب الغد كما يريده جلالة الملك حفظه الله لشعبه الوفي.