
العاملون عبر التطبيقات الرقمية بالأردن يعانون غياب الأمان الوظيفي
وزاد الإقبال على العمل في تطبيقات النقل الذكية بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، من الأردنيين، باعتبارها توفر فرص عمل بمداخيل جيدة، خاصة للعاطلين عن العمل أو الباحثين عن تحسين أوضاعهم المعيشية، في ظل ارتفاع الأسعار ومتطلبات الإنفاق على الحاجات الأساسية.
وظائف إلكترونية
تتوزع وظائف العمل الرقمي في الأردن بين توصيل الطعام والبضائع، والعمل عبر تطبيقات النقل الذكي، إلى جانب أعمال تقنية وتكنولوجية وإبداعية تُنجز عن بُعد.
وعلى الرغم من أن هذه الوظائف تمثل مصدر دخل أساسيًا لآلاف الشباب، إلا أن غياب العقود الرسمية، وعدم شمول المعنيين في مظلة الضمان الاجتماعي، يتركهم عرضة للفصل التعسفي، أو فقدان مصادر أرزاقهم من دون إنذار أو تعويض.
ووفقا لتحذيرات أطلقها المركز الأردني لحقوق العمال "بيت العمال"، فإن ما لا يقل عن 50 ألف عامل في الأردن ينشطون في أعمال رقمية مثل توصيل الطلبات، وخدمات النقل، والعمل الحر عبر الإنترنت، من دون أي ضمانات تحمي حقوقهم أو توفر لهم شبكات أمان اجتماعي، كالتأمين الصحي وغيره.
وأشارت الدراسة التي حملت عنوان "العمل على المنصات الرقمية في الأردن" إلى أن العاملين على المنصات الرقمية يفتقدون لأي مظلة تنظيمية مهنية أو نقابية تدافع عن حقوقهم أو تفاوض باسمهم، واعتبرت الدراسة أن هذه الفجوة التنظيمية تزيد من هشاشتهم في سوق العمل وتجعلهم عرضة لاستغلال مضاعف مقارنة بالعاملين في القطاعات التقليدية.
وأظهرت الدراسة -التي اعتمدت على مراجعات قانونية ومقاربات مقارنة مع تجارب دولية- أن قطاع العمل عبر المنصات الرقمية، سواء في توصيل الركاب والطلبات أو في تقديم الخدمات التقنية عن بعد، يمثل متنفسا حيويا لآلاف الباحثين عن فرص دخل، لكنه في الوقت ذاته يفتقر لغطاء قانوني فعّال يضمن حقوق العاملين فيه.
وقدّر المركز العمالي، عدد العاملين في توصيل الطلبات والسلع بنحو 25 ألف أردني معظمهم من الشباب، والعاملين في النقل الذكي بنحو 13 إلى 15 ألفا، بينما يشتغل ما يقارب 10 إلى 15 ألفا في خدمات العمل الرقمي مثل البرمجة والتصميم والترجمة، معظمهم دون أي اشتراك في الضمان الاجتماعي أو تنظيم نقابي أو حماية من الفصل التعسفي.
مواكبة التطورات
أوضح التقرير أن قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 لا يتضمن تعريفًا أو تنظيمًا خاصًا للعمل عبر المنصات الرقمية، ويقتصر تعريف العامل على من يعمل تحت إشراف وإدارة مباشرة من صاحب العمل، من دون مراعاة للأشكال الحديثة من الرقابة الخوارزمية التي تمارسها التطبيقات.
في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، توقع المركز -استنادًا إلى معدلات النمو العالمية والإقليمية في القطاع- أن يرتفع عدد العاملين على المنصات في الأردن بنسبة تتراوح بين 60% و80% خلال السنوات الخمس المقبلة، ما سيجعل هذا القطاع مكونا رئيسيّا في سوق العمل الأردني.
لكن الدراسة حذّرت في الوقت ذاته من أن استمرار هذا النمو من دون أطر تشريعية مناسبة سيعمّق من أزمات الاقتصاد غير المنظم ويرسّخ غياب العدالة الاجتماعية الرقمية.
وحثّ التقرير الجهات الرسمية على الانخراط بفعالية في مسار منظمة العمل الدولية لإعداد الصك الدولي الجديد بشأن العمل على المنصات، والمصادقة على الاتفاقية الصادرة عن منظمة العمل العربية بشأن الأنماط الجديدة للعمل، بما يواكب التحولات الرقمية ويضمن عدالة اجتماعية أوسع.
ربط إلكتروني
وقال مسؤول التطبيقات الذكية في هيئة تنظيم قطاع النقل البري، نضال العساف، إن الهيئة تولي ملف العاملين عبر التطبيقات الذكية أهمية خاصة، وتتابع عن كثب أداء الشركات العاملة في هذا القطاع، في ظل وجود نحو 13 ألف سيارة مرخصة تُشغَّل من خلال 4 شركات معتمدة.
وأضاف العساف، في حديثه للجزيرة نت أن الهيئة تعمل حاليًا على تنفيذ مشروع رئيسي للربط الإلكتروني مع جميع الشركات العاملة بالتطبيقات الذكية، بهدف تعزيز التعاون المؤسسي، وتطوير آليات المتابعة المتعلقة بالشكاوى، وتحديد أسعار الرحلات، ومطالب المشغلين، بما يضمن علاقة تشغيل متوازنة تشمل الشركات، والسائقين، والركاب، وتمنع أي ممارسات استغلالية أو انفراد بالتحكم من أي طرف.
وفيما يتعلق بالتطبيقات غير المرخصة، أوضح العساف أن الهيئة تتحرك ضمن مسارات متعددة، من ضمنها تحديث الأطر التنظيمية، والاستمرار في الإجراءات الرقابية، والتنسيق مع هيئة تنظيم قطاع الاتصالات لحجب التطبيقات غير النظامية، بما يحافظ على التنافس العادل، ويصون حقوق الجهات المرخصة، ويعزز بيئة تشغيلية منظمة تحاكي الواقع وتستجيب لتطوره.
من جانبه، قال عضو لجنة النقل في مجلس النواب الأردني وليد المصري إن ملف العاملين في التطبيقات الذكية وآليات عمل هذه التطبيقات وتشريعاتها يعد ملفا مهما وضروريا، لافتًا إلى أن العالم المتقدم يتجه نحو المنصات الرقمية بشتى أنواعها.
وطالب في حديث للجزيرة نت بوضع تشريعات حقيقية تنظم العلاقة بين العاملين في المنصات الرقمية والقائمين عليها وتحمي الجميع، مشيرًا إلى أنه ستتم بلورة ملف التطبيقات الذكية بما يضمن حقوق العاملين.
وأكد الخبير الاقتصادي حسام عايش هو الآخر ضرورة وجود تشريعات واضحة لعمل التطبيقات الذكية في الأردن، منوهًا بأن عمل التطبيقات الذكية بشكل غير قانوني يكبح شهية المستثمرين لعدم وجود منافسة حقيقية بين صاحب التطبيق المرخص، والآخر غير المرخص.
وأوضح عايش في حديث للجزيرة نت أن عدم ضبط التطبيقات الذكية والمنصات الرقمية بصورة واضحة ينذر بأضرار بالغة للاقتصاد المحلي، من بينها حرمان خزينة الدولة من إيرادات إضافية.
مستقبل غامض
ودعا مؤيد مراد (30 عاما)، عامل توصيل عبر أحد التطبيقات الشهيرة، الحكومة الأردنية للتفاعل أكثر مع ملف العاملين في التطبيقات الذكية بمختلف أنواعها، نظرًا لأهميتها واتساع رقعة العاملين فيها.
وأضاف في حديث للجزيرة أن أغلب العاملين في تطبيقات شركات التوصيل، طلبة جامعات ممن يشترون سياراتهم عن طريق البنوك بالأقساط، مشيرا إلى أنهم يخشون من أن تفصلهم تلك الشركات لا سيما غير المرخصة منها.
من جهته، يقول أحد خريجي كلية الهندسة الإلكترونية، فضَّل عدم الكشف عن اسمه: "أعمل منذ أكثر من عامين عبر تطبيقات رقمية لتقديم خدمات البرمجة والتطوير الإلكتروني، لكنني لا أشعر بأي أمان وظيفي، فلا يوجد عقد واضح يضمن حقي، ولا أي جهة تضمن استمرارية العمل".
وأضاف في حديث للجزيرة نت "كل ما يتم عرضه عليّ هو مهمات مؤقتة، وفي أي لحظة يمكن إنهاء التعاون مع الجهة التي أتعامل معها خارج الأردن دون سابق إنذار، وبالتالي قد أخسر سنوات العمل في المستقبل القريب، من دون الحصول على الضمان الاجتماعي، أو التأمين الصحي، بل من دون الحصول على التعويض المناسب عند التوقف المفاجئ".
وأوضح أن هذا النوع من العمل قد يبدو مرنا ومجزيا من الناحية المادية في المرحلة الحالية، لكنه في الحقيقة مرهون بمزاج أهواء أصحاب التطبيقات، في ظل غياب أي تشريع ينظم العلاقة بيني وبينهم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
100 موظف من مايكروسوفت يتعهدون بعدم الرد على طلبات إسرائيل
أطلق عدد من موظفي الدعم الفني في "مايكروسوفت" وبالتعاون مع حملة "لا آزور للفصل العنصري" (No Azure for Apartheid) والتي تتكون من مجموعة من موظفي مايكروسوفت الذين فصلوا بسبب اعتراضهم على سياسة الشركة في غزة تعهدا أعلنوا فيه رفضهم العمل مع طلبات الدعم الفني والتقني الواردة من الجيش الإسرائيلي ومصنعي الأسلحة الإسرائيلين، وذلك وفق نسخة من البيان الصحفي الذي حصلت الجزيرة.نت على نسخة منه. وجاء نص البيان كالتالي: " استجابةً لنداء غزة، يتعهد عمال مايكروسوفت برفض التعامل مع طلبات الدعم من الجيش والحكومة الإسرائيلية. في يوم الثلاثاء، 22 يوليو/تموز، أطلق عمال مايكروسوفت بالتعاون حملة "لا أزور للفصل العنصري" تعهداً على مستوى الشركة برفض امتلاك أو العمل على أو المساعدة في أو تقديم المساعدة عبر طلبات وتذاكر الدعم الفني التي يمكن أن تساهم في الإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية في فلسطين". ويأتي إطلاق التعهد في نفس اليوم الذي دعا فيه الفلسطينيون في غزة إلى يوم عمل دولي لإجبار إنهاء الحصار الإسرائيلي غير القانوني وسط مستويات غير مسبوقة من المجاعة الجماعية عبر قطاع غزة، بحسب البيان. وأكدت حملة "لا أزور للفصل العنصري" في تعهدها:" أن الاستمرار في تقديم الدعم للأسلحة الرقمية للعملاء الذين قادتهم مجرمو حرب معترف بهم دولياً، والذين يحاكمون بتهمة الإبادة الجماعية، مع علمنا بكل ما نعرفه عن تواطؤ مايكروسوفت ومدى الوحشية التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، هو أمر غير أخلاقي وغير قانوني وانتهاك لسياسات مايكروسوفت." واستندت الحملة في بناء تعهدها على سياسة مايكروسوفت التي تكافح الانتقام من الموظفين والتي تنص على أن "الموظفين لن يعانوا من عواقب سلبية أو انتقام بسبب: رفض القيام بشيء ينتهك معايير السلوك التجاري لمايكروسوفت أو السياسات أو القانون، حتى لو أدى هذا الرفض إلى خسارة في الأعمال لمايكروسوفت"، وتؤكد حملة "لا أزور للفصل العنصري" أن المتعهدين الذين يرفضون العمل على تذاكر الدعم لأسباب قانونية وأخلاقية محميون رسمياً بموجب سياسة مايكروسوفت لمكافحة الانتقام". واختتم البيان بالقول:"لقد مضى وقت طويل على زمن التوسل للمديرين التنفيذيين للحصول على مجاملات فارغة. نحن ندعو من يملكون القوة الحقيقية، العمال، للانضمام إلينا في سحب عملنا من اقتصاد الاحتلال والإبادة الجماعية لفلسطين." وعلمت الجزيرة.نت من مصدر فضل عدم ذكر اسمه أن الموقعين على التعهد وصلوا لحد الآن 100 موظف يتوزعون في عدد من الدول منها الولايات المتحدة الأميركية و أسبانيا وإيرلندا والمملكة المتحدة و فرنسا وألمانيا وكندا كما أن هناك عدد من الموظفين في الوطن العربي.


الجزيرة
منذ 13 ساعات
- الجزيرة
شاومي تتفوق حيث فشلت آبل.. من الهواتف إلى السيارات فالهيمنة العالمية
قالت صحيفة الإيكونوميست إن الرئيس التنفيذي لشركة "شاومي" الصينية لي جون، أثبت نفسه منذ تأسيس الشركة عام 2010 كواحد من أنجح المسوّقين في العالم، بعد أن حطّم الرقم القياسي العالمي ببيع 2.1 مليون هاتف ذكي عبر الإنترنت خلال 24 ساعة فقط. لكن اليوم، لم يعد الرجل يبيع هواتف فقط، بل سيارات كهربائية تُحدث صدى واسعا. ففي الشهر الماضي، وخلال 3 دقائق فقط من إطلاقها، باعت شاومي أكثر من 200 ألف وحدة من طراز "يو7″، وهو ثاني طراز كهربائي تنتجه الشركة بعد سيارة "سو7" الرياضية التي أُطلقت في مارس/آذار من العام الماضي. وبذلك، تُسجّل شاومي اختراقا في قطاع السيارات، كان محور إخفاق لآبل، التي أنهت مشروعها بعد خسائر بمليارات الدولارات امتدت لعقد كامل. 300 ألف سيارة كهربائية وطوابير انتظار لعام وأشارت الصحيفة إلى أن شاومي، التي أعلنت دخولها سوق السيارات الكهربائية في 2021، وضعت حتى الآن أكثر من 300 ألف سيارة كهربائية على الطرقات الصينية خلال 15 شهرا فقط، مع وجود قوائم انتظار تمتد لأكثر من عام. ورغم أن قطاع السيارات في الشركة لا يزال يسجّل خسائر، فإن "لي جون" صرّح بأن الربحية ستبدأ في وقت لاحق من هذا العام، وهي نتيجة تُعد استثنائية في سوق السيارات الصينية المعروفة بضراوة المنافسة. ويرى محللو الإيكونوميست أن نجاح شاومي يعود جزئيا إلى توفّر الخبرات الصينية الضخمة في تصنيع السيارات، وسهولة إنشاء المصانع في وقت قياسي مقارنة بالدول الغربية، فضلا عن انخفاض أسعار المكونات والمعدّات نتيجة فائض الإنتاج المحلي. لكن جزءا كبيرا من النجاح يعود، بحسب الصحيفة، إلى القيادة الشخصية للي جون، الذي تولّى بنفسه إدارة المشروع، بخلاف ما فعله تيم كوك في آبل. وقبل دخول قطاع السيارات، كانت شاومي تعتمد على التصنيع الخارجي، كما تفعل آبل. لكن عند دخولها سوق السيارات، أنشأت مصنعا مملوكا بالكامل لها في بكين، وتعمل حاليا على توسيعه. وقد تبنّت هذا النموذج لاحقا في قطاعات أخرى، حيث بدأت الشركة في تصنيع هواتفها بنفسها العام الماضي داخل منشأة جديدة في بكين، وتبني حاليا مصنعا في ووهان لإنتاج الأجهزة المتصلة، بدءا بمكيفات الهواء. إعلان وتشير الإيكونوميست إلى أن هذه الخطوة تمثل تحولا هيكليا عميقا في نموذج أعمال شاومي، يهدف إلى تعزيز الرقابة وتوفير الكفاءة، كما يسهم في تقليل الاعتماد على الموردين الخارجيين ورفع حواجز المنافسة. قاعدة جماهيرية هائلة وبفضل شعبية لي جون شبه الأسطورية في الصين، نجحت شاومي في خلق ولاء جماهيري فريد، شبيه بما تمتع به ستيف جوبز سابقا. يُعرف معجبو شاومي بـ"مي فانس"، ويقتنون تذكارات الشركة ويتسابقون لشراء كل منتج جديد. وقد حافظت الشركة على زخم منتجاتها حتى بعد حادث مأساوي في مارس/آذار، عندما قُتل 3 طلاب جامعيين في حادث سيارة "سو7" أثناء تفعيل نظام القيادة الذاتية. ورغم الانتقادات التي طالت معايير السلامة، وهبوط مؤقت في سعر السهم، فإن الطلب على سيارة "يو7" لم يتأثر عند إطلاقها بعد 3 أشهر فقط. ووفقا لتقرير الإيكونوميست، فإن هذه القدرة على تجاوز الأزمات تعكس قوة العلامة وثقة السوق في نموذج شاومي. 700 مليون مستخدم وأسواق واعدة في الخارج وقالت الصحيفة إن شاومي تستفيد من قاعدة مستخدمين عالمية ضخمة بلغت 700 مليون مستخدم شهري بنهاية 2024، بزيادة 10% عن العام السابق. ونصف أرباح الشركة تقريبا تأتي من الإعلانات والألعاب على متجر التطبيقات الخاص بها، كما يشتري العديد من المستخدمين منتجاتهم مباشرة من تطبيق شاومي، مما يُسهّل على الشركة الترويج والتسويق للمنتجات الأعلى ثمنا مثل السيارات. وتضيف الإيكونوميست أن كثيرا من هؤلاء المستخدمين الصينيين كانوا في أوائل العشرينيات عندما اشتروا أول هاتف شاومي، وهم اليوم في منتصف الثلاثينيات، وهم الفئة العمرية المثالية لاستهدافها بالسيارات. 10 آلاف متجر جديد والتصدير في 2027 وتخطط الشركة لافتتاح 10 آلاف متجر جديد في الخارج خلال السنوات المقبلة، مقارنة بعدد لم يتجاوز بضع مئات فقط في العام الماضي. وتهدف من ذلك إلى رفع الوعي بعلامتها التجارية، خاصة في الأسواق التي لا تتمتع فيها بالولاء نفسه الموجود في الصين. وبحسب الإيكونوميست، فإن التوسع الخارجي سيبدأ فعليا بتصدير السيارات في عام 2027. ورغم الشكوك حول ضعف معرفة المستهلك الأجنبي باسم شاومي أو شخصية لي جون، فإن الشركة تعوّل على إستراتيجية التجزئة المباشرة لبناء الثقة تدريجيا. وتشير الإيكونوميست إلى أن شاومي وسعت طموحاتها لتشمل الروبوتات والشرائح الإلكترونية المتقدمة، حيث كشفت في مايو/أيار عن شريحة بتقنية ثلاثية النانومتر من تصميمها، كما طورت روبوتا بشري الشكل باسم "سيبر ون". وتمثل فرق البحث والتطوير نحو نصف عدد موظفي الشركة، مع إنفاق بلغ 3.4 مليارات دولار في عام 2024، بزيادة 26% عن العام السابق، وهو رقم يتجاوز صافي أرباح الشركة نفسها، مما يُبرز التزامها العميق بتطوير تقنياتها من الداخل. التحدي الأكبر.. تعدد الجبهات ورغم كل هذا الصعود، تؤكد صحيفة الإيكونوميست أن الخطر الأكبر الذي يواجه شاومي هو خوضها معارك كثيرة في وقت واحد. إعلان فالشركة لا تزال لاعبا صغيرا في سوق السيارات الكهربائية، إذ تبيع فقط 20 ألف سيارة شهريا مقارنة بـ200 ألف لدى "بي واي دي" الرائدة في السوق. أما في سوق الهواتف، فتواجه عودة قوية لمنافسها المحلي هواوي. ومع ذلك، تختم الصحيفة بتحذير واضح: "لا ينبغي الاستهانة بقدرات لي جون في التسويق والهيمنة التدريجية".


الجزيرة
منذ 16 ساعات
- الجزيرة
إسلام قلعه-دوغارون.. شريان تجاري بين أفغانستان وإيران
في ظل تحولات جيوسياسية معقّدة تشهدها المنطقة، تبرز أهمية معبر إسلام قلعه-دوغارون كأحد أبرز الممرات التجارية بين أفغانستان وإيران ، في وقت يتزايد فيه التنافس الإقليمي، وتتعمق التحديات البنيوية والضغوط السياسية والإنسانية على الجانبين. فقد أصبح هذا المعبر الصحراوي الواقع في أقصى غرب أفغانستان ليس قناة لعبور الشاحنات فحسب بل بات يعكس أيضا ميزانا اقتصاديا متقلبا بين بلدين يعانيان من العقوبات والاضطراب الهيكلي. معبر تاريخي يتحوّل إلى مركز حيوي للتجارة يقع معبر إسلام قلعه-دوغارون على الحدود الأفغانية الإيرانية، ويعود تاريخه لأكثر من 110 سنوات. ومع مرور الزمن، تطوّر من مجرد نقطة عبور محلية إلى أحد أهم الممرات التجارية في المنطقة، لا سيما بعد سيطرة حركة طالبان على كابل في أغسطس/آب 2021 وتزايد الضغوط الاقتصادية على إيران بفعل العقوبات الغربية. ويلعب المعبر اليوم دورا محوريا في تدفق النفط والسلع الغذائية من إيران، في مقابل صادرات أفغانية مثل الفواكه المجففة والزعفران. وبحسب إحصاءات رسمية من هيئة الجمارك الإيرانية ووزارة التجارة والصناعة الأفغانية، بلغ حجم التبادل التجاري عام 2024 ما بين 3.1 إلى 3.2 مليارات دولار، مسجّلا نموا يتراوح بين 50% و80% مقارنة بـ1.714 مليار دولار في 2023. أرقام النمو التجاري ومؤشرات الصعود شهد المعبر توسعا في حجم التبادل التجاري خلال النصف الأول من عام 2024، وفق البيانات التالية: 1.3 مليون طن من الصادرات الإيرانية عبر المعبر، بزيادة 25% مقارنة بـ2023. مليونا طن من حركة الترانزيت، بارتفاع 20% عن العام الماضي. 190.4 مليون دولار قيمة صادرات إيران، بزيادة 60% عن النصف الأول من 2023. يشهد المعبر يوميا مرور 500 إلى ألف شاحنة، مدعومة بتحسينات لوجيستية قلصت مدة التوقف، مما عزز من تنافسية المنطقة تجاريا. اختناقات هيكلية رغم هذا النمو اللافت، يواجه المعبر تحديات هيكلية عميقة تهدد استدامة التوسع التجاري. وتؤكد وزارة التجارة والصناعة الأفغانية أن ضعف البنية التحتية يعوق الأداء، خاصة مع غياب مستودعات تبريد للسلع القابلة للتلف، وهو ما يضر بسلاسل التوريد. كما يعاني التجار من غياب أنظمة الدفع الإلكتروني، وهذا يدفعهم إلى استخدام قنوات غير رسمية مثل الحوالات، وهو ما يرفع التكاليف بنسبة 5% إلى 10%. ويشير عبد السلام جواد آخوندزاده، المتحدث باسم الوزارة في حديث للجزيرة نت إلى أن تعقيدات النظام المصرفي في كل من أفغانستان وإيران تعود في جزء كبير منها إلى العقوبات الغربية على طهران ، مما يجعل من شبه المستحيل تنفيذ التحويلات عبر قنوات رسمية. ويؤكد المحلل الاقتصادي الأفغاني آصف إستانكزي أن البلدين يعتمدان على "نظام تجاري غير رسمي يفتقر إلى الشفافية والاستقرار، وهذا يعقّد المعاملات ويرفع كلفتها". ويقول للجزيرة نت: "يرى مراقبون أنه في ظل غياب منصات دفع إلكترونية ثنائية، فإن التبادل التجاري يظل مرهونا بشبكات غير رسمية، وهو ما يفتح الباب أمام التهريب، ويقوّض قدرة الدولتين على تنظيم السوق أو تحصيل الضرائب. وحتى لو استمر نمو التبادل، فإنه سيبقى محصورا ضمن اقتصاد موازٍ ما لم تُعالج الأطر المصرفية والجمركية بجدية". أزمة المياه والجفاف.. عبء إضافي من جهة أخرى، تسهم النزاعات البيئية في إضعاف صادرات أفغانستان الزراعية، إذ يشكّل الجفاف المتكرر ونزاع المياه حول نهر هلمند عاملا إضافيا في تقليص حجم المنتجات الزراعية العابرة عبر المعبر. وانخفض إنتاج الفواكه والخضروات بنسبة 25% خلال عام 2024، الأمر الذي أثر سلبا على صادرات الزعفران والبطيخ والرمان وغيرها من المحاصيل نحو السوق الإيرانية. وتتهم طهران كابل بعدم الالتزام باتفاقية 1973 الخاصة بتقاسم مياه نهر هلمند، ما يزيد التوترات. وفي هذا السياق، يقول المزارع شير علي عباس من ولاية فراه للجزيرة نت: "فقدنا أكثر من نصف إنتاج البطيخ والرمان بسبب نقص المياه، وهو ما أثّر على تلبية السوق الإيرانية". أزمة اللاجئين تضغط على المعبر إضافة إلى التحديات التجارية، يشهد المعبر ضغطا بشريا متزايدا مع ترحيل متوقّع لمليون أفغاني في عام 2025، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويوضح عبد الغني كامل، حاكم مديرية إسلام قلعه: "في فترات الذروة، يصل عدد العابرين إلى 40 ألف شخص يوميا، مما يضغط بشدة على البنية التحتية ويؤخر حركة الشاحنات". ويضيف للجزيرة نت أن "المبادرات الشعبية تفوقت على الاستجابة الرسمية، إذ وفرت المأوى والطعام للعائدين في غياب حلول حكومية كافية". بين التوسّع الإيراني والتنافس الإقليمي ورغم التحديات، هناك مشاريع إستراتيجية طموحة تسعى لتعزيز موقع المعبر في التجارة الإقليمية، أبرزها: ميناء تشابهار: مشروع إيراني تدعمه الهند باستثمارات بلغت 250 مليون دولار عام 2024، كمنافس لميناء جوادر الباكستاني. سكة حديد خواف-هرات: من المتوقع أن تنقل 6 ملايين طن سنويا بحلول 2026، ما يعزز الربط بين إيران وأفغانستان. مشروع كاسا-1000: لنقل الكهرباء من آسيا الوسطى إلى أفغانستان، وهو ما يزيد الاعتماد الإقليمي على المعبر. التنافس الإيراني – الباكستاني باتت إيران تتقدم على باكستان في حجم التبادل التجاري مع أفغانستان، مستفيدة من استقرار نسبي في المعابر وتوسعات البنية التحتية. وفي المقابل، تعاني باكستان من توترات حدودية متكررة وخطوط إمداد مغلقة. ويُعد دعم الهند لمشاريع البنية التحتية الإيرانية إضافة إستراتيجية تزيد من نفوذ طهران في أفغانستان وآسيا الوسطى، وتدفع بكابل نحو تعزيز الاعتماد على المعابر الإيرانية. ويُعد معبر إسلام قلعه-دوغارون نموذجا حيويا لتقاطع المصالح الاقتصادية والضغوط الجيوسياسية، في منطقة تعيش على وقع العقوبات والتقلبات المناخية والضغوط الإنسانية. ورغم أن أرقام التجارة تنمو، فإن مستقبل هذا الشريان مرهون بمدى قدرة الطرفين على معالجة مشكلاته البنيوية وتنظيمه ماليا وجمركيا بما يحقق استقرارا طويل الأمد.