
اكتشف لشبونة: جوهرة أوروبا المخفية
بين سبعة تلالٍ تغمرها أشعة الأطلسي الذهبية ونسائم نهر التاجة العليلة، تقف لشبونة كمدينةٍ تجمع نقيضين يندر اجتماعهما: حداثةٌ لا تكفّ عن التطور، وتاريخٌ ينساب في أزقتها المرصوفة بالحجر كالموسيقى التي يصدح بها فادو المساء. رغم أنها إحدى أقدم العواصم الغربية، ظلّت لشبونة طويلًا تختبئ خلف ستار مدنٍ أوروبية أكثر صخبًا وشهرة.
لكن في السنوات الأخيرة، بدأ السائحون-والفنانون وروّاد الأعمال على حدّ سواء-يكتشفون سحرها الدافئ: شمس مشرقة طوال العام، مطبخ متوسطي بنكهةٍ مميّزة من الأسماك الطازجة والتوابل الشرقية، وفنّ معماري يروي قصص البحّارين والمستكشفين الذين أبحروا من هنا ليغيّروا خريطة العالم. إذا كنت تبحث عن وجهةٍ أوروبية تُرضي شغفك بالترحال والثقافة والطمأنينة في آنٍ معًا، فلشبونة كفيلة بأن تمنحك عطلة لا تُنسى.
الأزقة القديمة… حين يمشي التاريخ بجوار البحر
أوّل ما يأسر الزائر في لشبونة هو عبق التاريخ المتدفق من أحيائها المتعرّجة. في حي ألفاما، الأقدم في المدينة، تتشابك الأزقة الضيقة صعودًا وهبوطًا، وبينها تتردد أصوات الفادو عبر النوافذ والأبواب الخشبية القديمة. يجلس السكان المحليون على العتبات يتبادلون الأحاديث، بينما تدلّي البيوت ملاءاتها الملوّنة في مشهدٍ يُشبه لوحات الرسّام البرتغالي خوليو بومار. الوصول إلى قلعة ساو جورج أعلى التل يكافئك بإطلالة بانورامية لا تُقدّر بثمن: أسطح حمراء متموّجة، دومُو كاتدرائية سي، وجسر 25 أبريل الذي يشبه توأم البوابة الذهبية في سان فرانسيسكو. وعلى بُعد خطواتٍ من هناك، يكشف حي بايرو ألتو عن وجهٍ مختلف للمدينة؛ حيث تتلاصق الحانات الحديثة مع القصور الفينيسية القديمة، وتتحول الشوارع ليلًا إلى ملتقى عالمي يعبق بالموسيقى الحيّة والضحكات.
رحيق الأطلسي في المطبخ والألوان
لا تكتمل زيارة لشبونة من دون تذوّق مطبخها البحري؛ فمأكولاتها تُشبه جغرافيتها: بسيطة وصادقة، لكن مفعمة بالنكهات. سمك القدّ المملّح (باكالاو) هو سيّد المائدة، يليه الأخطبوط المشوي وسرطان البحر الطازج، بينما تضيف الحلويات رشةَ سكرٍ لا تُقاوم في شكل "باستيل دي ناتا" الساخن برائحة القرفة. وعلى الضفة الأخرى من نهر التاجة، في منطقة بيليم، يقف دير جيرونيموس البرتغالي القوطي متوَّجًا بواجهته المانوالية المزخرفة كنقشٍ متقن على قالب من السكر. هنا، ينبض الماضي الاستكشافي: برج بيليم الذي شهد انطلاق قوافل فاسكو دي غاما، والنصب التذكاري للمستكشفين بوجوههم المحدّقة نحو الأفق، ما يذكّر الزائر بأن لشبونة كانت ذات يوم بوّابة العالم.
حداثة متأنّية وروح مبدعة
رغم إرثها العتيق، لم تتجمّد لشبونة في زمانٍ مضى؛ بل تبنّت إيقاع القرن الحادي والعشرين بروحٍ مريحة لا تعرف العجلة. حي باركي داس ناسويز (منتزه الأمم)، الذي أُعيد تأهيله بعد معرض إكسبو 1998، يعرض الجانب العصري للمدينة بواجهات زجاجية لامعة، وأحواض سمك عملاقة في محيط لشبونة، وممشى نهري مثالي لركوب الدراجات. وفي الوقت نفسه، تحوّلت المصانع المهجورة في حي مارفيل إلى ورش للفنانين، ومقاهٍ تقدّم القهوة المختصّة بجوار معارض فنون رقمية. هذا التوازن الأخّاذ بين الأصالة والتجديد، بين صوت قطار الترام العتيق الهادر فوق القضبان وأجنحة الشركات الناشئة التي تحلّق في اقتصاد التكنولوجيا، هو ما يجعل لشبونة جوهرةً أوروبية مخفية تنتظر من يلمعها بنظرة إعجاب.
تغريك المدينة بأن تطيل البقاء: جلسة قهوة تطل على ميرادورو ساو بيدرو دي ألكانتارا، جولة سريعة إلى شواطئ كاشكايش القريبة لركوب الأمواج، أو رحلة بالقطار إلى قصر بينا في سينترا حيث الألوان الزاهية تلتهم الضباب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سائح
منذ 25 دقائق
- سائح
أفضل 9 أنشطة سياحية في مدينة روستوك الألمانية
تقع مدينة روستوك في شمال ألمانيا على ضفاف نهر فارنو، وهي من أبرز المدن التي كانت تنتمي إلى رابطة الهانزا التجارية في العصور الوسطى. تتميز بروستوك بتراثها التاريخي العريق وباحتضانها لإحدى أقدم الجامعات في العالم، مما يجعلها وجهة غنية ثقافيًا ومثالية للعائلات والزوار من جميع الأعمار. فيما يلي أهم الأنشطة والمعالم التي يمكنك الاستمتاع بها أثناء زيارتك لهذه المدينة الساحلية الجميلة: ميدان السوق الجديد ( Neuer Markt ) استمتع بأجواء المدينة النابضة بالحياة يُعتبر ميدان السوق الجديد القلب النابض لروستوك منذ القرن الثالث عشر. تحيط به منازل تجار على الطراز النهضوي بألوانها الزاهية، إلى جانب دار البلدية الفخمة، وكنيسة سانت ماري، ومتحف التاريخ الثقافي. يُقام فيه سوق يومي للمنتجات الغذائية، كما تنتشر حوله المقاهي والمطاعم. كنيسة سانت ماري ( Marienkirche ) شاهد ساعة فلكية تعمل منذ القرن الخامس عشر تعد كنيسة سانت ماري من أبرز معالم روستوك الدينية. تم بناؤها في القرن الثالث عشر على الطراز القوطي بالطوب، وتضم قطعًا فنية رائعة مثل المذبح العالي من القرن الثامن عشر وزجاج ملون يُظهر مشهد يوم القيامة. أكثر ما يميز الكنيسة هو الساعة الفلكية التي ما زالت تعمل بآليتها الأصلية منذ 1472. شاطئ فارنيمونده ( Warnemünde ) استمتع بأجواء بحر البلطيق الساحرة يبعد شاطئ فارنيمونده حوالي 12 كم شمال مركز المدينة، وهو من أعرض شواطئ بحر البلطيق في ألمانيا، ويمتد لأكثر من 3 كم. يتضمن ممشى أنيق، مقاهي، مدرسة لركوب الأمواج، ومرافق للأطفال. كما يقف المنارة التاريخية ومبنى مطعم "تي بوت" الحديث بجوار الميناء كمكانين مميزين لالتقاط الصور. شارع كرُبيلينر ( Kröpeliner Straße ) تسوق في شارع للمشاة يعبق بالتاريخ يُعد هذا الشارع الحيوي المخصص للمشاة الشريان الرئيسي للتسوق في المدينة. يمتد من بوابة كرُبيلينر حتى ميدان السوق الجديد، ويمر بجانب الجامعة. يحتوي على متاجر ومقاهي ومساحات خضراء، وهو مثالي للتنزه صباحًا أو مساءً. قناة ألتر شتروم ( Alter Strom ) تمشّى بجانب قناة ساحرة تعج بالحياة ألتر شتروم هي قناة بطول 1.1 كم تصل بين حي فارنيمونده وميناء العبارات. تصطف على جانبيها بيوت تاريخية ومتاجر صغيرة ومطاعم بحرية، وتمنح الزائر أجواء ساحلية مليئة بالحيوية، خاصة مع قوارب الصيد والسوق الصغير وعروض الشارع. متحف بناء السفن والملاحة البحرية اكتشف تاريخ البحر في أكبر متحف عائم بألمانيا يقع هذا المتحف داخل سفينة شحن ضخمة تُدعى "إم/في دريسدن" وتزن 10,000 طن. يمكن للزوار استكشاف السفينة من الأعلى إلى الأسفل، ومشاهدة معارض حول تاريخ بناء السفن في روستوك. بجانبه، يوجد متحف التكنولوجيا وحديقة عامة جميلة. قرية مغامرات كارل في روفرسهاجن منتزه ريفي رائع للعائلات تقع هذه القرية الترفيهية على بُعد 10 كم من المدينة، وهي منتزه مستوحى من الحياة الريفية ومناسب لكل الفصول. تضم ألعابًا للأطفال، زلاجات، جولة بالجرارات وحديقة فراشات. تشتهر المنطقة بالفراولة، وتجدها في المنتجات المعروضة في السوق الريفي من صابون إلى حلويات. متحف التاريخ الثقافي رحلة عبر تاريخ روستوك والمنطقة المحيطة يقع هذا المتحف داخل دير تاريخي قرب كنيسة سانت ماري. يحتوي على معارض عن الفن الديني، لوحات هولندية، ألعاب تاريخية، وقطع أثرية تسلط الضوء على ماضي روستوك كميناء هام في رابطة الهانزا. الدخول مجاني، وموقعه المركزي يجعله قريبًا من مقاهي ممتازة. مركز المدينة والحياة الليلية اكتشف أجواء روستوك بعد الغروب تحتضن المدينة مجموعة مميزة من المقاهي والبارات. يمكنك زيارة "Zwanzig12" لتناول كوكتيلات مميزة في جو عصري داخل مبنى قديم. أما مطعم "Altstädter Stuben" فيقدم مأكولات ألمانية أصيلة في قبو أنيق. وإذا كنت تبحث عن أجواء شبابية، فإن "Studentenkeller" هو الخيار الأمثل. خاتمة روستوك مدينة تمزج بين التاريخ والموقع البحري، وتوفر تجارب متنوعة تناسب جميع الأعمار. من الشواطئ والأسواق إلى المتاحف والمراكز الثقافية، تقدم المدينة كل ما يحتاجه الزائر لقضاء رحلة ممتعة ومليئة بالاكتشافات.


سائح
منذ 7 ساعات
- سائح
أفضل 10 أنشطة سياحية في جزيرة تايبي
جزيرة تايبي، الواقعة قبالة سواحل ولاية جورجيا الأمريكية، تُعد وجهة سياحية مميزة بفضل شواطئها الرملية الواسعة، وآثارها العسكرية، ومناراتها التاريخية، وطبيعتها البكر. سواء كنت من عشاق التاريخ أو الطبيعة أو تبحث عن الاسترخاء والهدوء، فستجد ما يناسبك على هذه الجزيرة الساحرة. متحف ومنارة جزيرة تايبي منارة عاملة تعود للقرن الثامن عشر يعد هذا المتحف وجهة مثالية لعشاق التاريخ، إذ يضم منارة لا تزال تعمل منذ القرن الثامن عشر، وهي واحدة من أقدم المنارات في الولايات المتحدة. يمكن للزوار تسلق السلالم للوصول إلى أعلى البرج والاستمتاع بإطلالة خلابة على الساحل، كما يحتوي المتحف على معروضات تغطي أكثر من 500 عام من تاريخ المنطقة. جزيرة ليتل تايبي محمية طبيعية للطيور والحياة البرية هذه الجزيرة غير المأهولة تقع جنوب تايبي وتعد وجهة رائعة لمحبي الطبيعة والمغامرات، حيث يمكن مشاهدة الطيور النادرة، والتخييم، واستكشاف المستنقعات، والبحث عن الحفريات. تبلغ مساحتها أكثر من 6,700 فدان، ما يجعلها أكبر من جزيرة تايبي نفسها. نصب فورت بولاسكي الوطني ساحة معركة هامة من الحرب الأهلية يقع هذا الحصن التاريخي على مقربة من تايبي ويخلد لحظة تاريخية مهمة عندما أثبتت مدافع البنادق فعاليتها ضد الحصون المبنية من الطوب. يقدم النصب معارض حية، وجولات ميدانية، وعروضًا توضيحية عن الحرب الأهلية الأمريكية على مدار العام. مركز تايبي للعلوم البحرية استكشاف الحياة البحرية المحلية يقدم المركز تجربة تعليمية ممتعة ومناسبة للعائلات، حيث يعرض أنواعًا من الأسماك والزواحف والثدييات البحرية في بيئاتها الطبيعية. يمكن للزوار المشاركة في جولات ميدانية تعليمية للتعرف على النظم البيئية لجزيرة تايبي وساحل جورجيا. شاطئ الشمال (نورث بيتش) مكان مثالي للاسترخاء ومراقبة الطيور يُعد شاطئ نورث بيتش واحدًا من أكثر المناطق هدوءًا في الجزيرة، حيث يمكن للزوار الاستلقاء على الرمال، جمع الأصداف البحرية، أو مراقبة الطيور. كما يقع بالقرب من المنارة ويوفر مرافق خدمية كدورات المياه ومناطق للجلوس. رصيف تايبي ( Tybee Pier ) نزهة على رصيف صيد ترفيهي يُعد الرصيف مركزًا حيويًا للأنشطة، حيث يقام فيه عروض موسيقية وفعاليات مجتمعية. يمكن للزوار الاستمتاع بالمشي، صيد الأسماك، أو تناول وجبة خفيفة في مطاعمه المطلة على الشاطئ. تم ترميم الرصيف بعد أن دمره حريق في عام 1967. منارة كوكسبور برج صغير يعود للقرن التاسع عشر تُعد هذه المنارة الصغيرة واحدة من أجمل المعالم لالتقاط الصور في الجزيرة. تقع عند قناة سافانا الجنوبية، ويمكن الوصول إليها عبر ممر مطل. يوفر الموقع إطلالات رائعة على المياه والمنطقة المحيطة. متحف جزيرة تايبي – بطارية غارلاند تاريخ يمتد لأربعة قرون يقع هذا المتحف في مبنى عسكري سابق ويعرض تاريخ جزيرة تايبي من العصور القديمة حتى يومنا هذا. تحتوي المعروضات على قطع أثرية، ووثائق، وصور نادرة توثق ثقافات الشعوب الأصلية والاستيطان الأوروبي والحروب الحديثة. مسرح تايبي بوست واحد من أوائل دور السينما الناطقة في جورجيا بُني المسرح في الأصل لعرض الأفلام للجنود خلال الحرب العالمية الثانية، وكان من أوائل دور العرض التي قدمت أفلامًا بصوت. أُعيد ترميمه وأصبح يعرض الآن أفلامًا كلاسيكية وحديثة، ويُعد من أبرز المعالم الثقافية في الجزيرة. ممر ماكوينز آيلاند مسار للمشي وركوب الدراجات عبر التاريخ يمتد هذا الممر بطول 6 أميال على خط سكة حديد تاريخي، ويأخذ الزوار في رحلة عبر مستنقعات مالحة ومناظر طبيعية خلابة. يُعد مثاليًا لهواة المشي وركوب الدراجات، ويضم مواقع أثرية تعود لعصور ما قبل الاستعمار. خاتمة جزيرة تايبي ليست فقط وجهة شاطئية، بل هي تجربة متكاملة لعشاق التاريخ، الطبيعة، والثقافة. سواء كنت تزورها ليوم واحد أو تقيم لأسبوع، فإن هذه الأنشطة ستجعل زيارتك مليئة بالتجارب الثرية والذكريات التي لا تُنسى.


إيلي عربية
منذ 11 ساعات
- إيلي عربية
متاحف دبي: صروح ثقافية مُلهمة توثق تاريخ الإمارة وإنجازاتها
تشكّل متاحف دبي صروحًا ثقافيّة مميّزة ومراكز تعليميّة فاعلة تسهم في تعزيز التعلم وتشجيع الحوار البناء، حيث تسعى إلى التعريف بتاريخ الدولة وماضيها العريق وتراثها الثقافي الأصيل، والارتقاء بمنظومة البحث العلمي، ما يسهم في دعم المشهد الإبداعي المحلي. وتواصل دبي استعداداتها لاستضافة المؤتمر العام السابع والعشرين للمجلس الدولي للمتاحف "آيكوم دبي 2025" الذي سيعقد للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، خلال نوفمبر المقبل، تحت شعار "مستقبل المتاحف في مجتمعات سريعة التغيير". واحتفالاً باليوم العالمي للمتاحف، الذي وافق في 18 مايو، نظّمت هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» في متاحفها وأصولها التراثية والثقافية، سلسلة من ورش العمل التفاعلية الهادفة إلى إبراز مكانة المتاحف ودورها في رفع مستوى الوعي المعرفي لدى أفراد المجتمع، والتعريف بمساهمة المتاحف في تعزيز الابتكار والإبداع عبر توظيف أحدث التقنيات في أجنحتها المختلفة، ما يمكنها من مواكبة التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم. وتدير دبي للثقافة خمسة متاحف، على رأسها متحف الاتحاد الذي يمتلك أرشيفًا غنيًّا بالمقتنيات والمخطوطات والمعروضات والصور الأرشيفية التاريخية، والتي تسرد قصة نشأة الاتحاد وتأسيس الدولة. كما يقدّم عبر معارضه تسلسلًا زمنيًّا دقيقًا للأحداث التي رافقت فكرة الاتحاد منذ لحظة بروزها وحتى الإعلان عن قيام الدولة في 1971، وما شهدته الفترة الزمنية الواقعة بين 1968 و1974 من تحولات نوعية. وضمن جهودها الهادفة لتفعيل دور متحف الاتحاد في تشجيع البحث في كافة المجالات الخاصة بالتراث الثقافي وتطور المجتمع، أطلقت الهيئة "منحة الأبحاث" بهدف دعم الدراسات المبتكرة المتعلقة باستكشاف التاريخ والثقافة والهوية الإمارات ية، وتحفيز المجتمع الإبداعي والأكاديمي على إنتاج وتطوير محتوى إبداعي جديد، وهو ما يتماشى مع تطلعات الهيئة ومسؤولياتها الثقافية الرامية إلى ترسيخ مكانة متحف الاتحاد كمركز لإنتاج ونقل المعرفة، ومؤسسة حيوية للتعليم والبحث وصون التراث المحلي. في حين يعتبر متحف ساروق الحديد، أحد أجنحة متحف الشندغة إضافة نوعية إلى معالم دبي الثقافية، لما يتضمنه من قطع أثرية تعود إلى آلاف السنين اكتشفت في موقع ساروق الحديد الأثري، وتتنوع ما بين قطع معدنية وأسلحة ولُقى حجرية، وحلي وخرز، إضافة إلى مجموعة من الأختام المصنوعة من مواد مختلفة، كما يضم المتحف مقتنيات قديمة ونادرة، من أبرزها فأس يدوية ترجع إلى العصر الحجري القديم الأسفل، ونموذج تاج من الذهب يعتبر واحدًا من أندر الاكتشافات في جنوب الجزيرة العربية، إضافة إلى مجموعة من رؤوس الأسهم المصنوعة من حجر الصوان ترجع إلى العصر الحجري الحديث، والسيوف الحديدية والبرونزية التي ترجع للعصر الحديدي. ويعتبر متحف الشندغة، أكبر متحف تراثي في الإمارات، محطة بارزة في مسيرة دبي، بفضل ما يقدمه من تجارب ثقافية ومسارات معرفية استثنائية تسهم في إتاحة الفرصة أمام أبناء المجتمع لاستكشاف ثراء التراث المحلي. ويضم المتحف 22 جناحاً موزعة على أكثر من 80 بيتاً تاريخياً تحتضن تشكيلة واسعة من المقتنيات والمعروضات والمواد الأرشيفية التي توثق تاريخ دبي ونمط الحياة التقليدية التي كانت سائدة فيها منذ منتصف القرن الـ19 حتى سبعينات القرن الـ20، وتعد "دار آل مكتوم" التي شيدت في 1896 من أهم أجنحة متحف الشندغة، وتمثل صرحًا تاريخيًا فريدًا يضم بين جدرانه الإرث العريق للعائلة الحاكمة في إمارة دبي، وأبرز الأحداث التاريخية التي شهدتها الإمارة خلال العقود الماضية، ويعرض البيت العديد من الوثائق التاريخية والرسمية والرسائل والاتفاقيات والمراسيم المتعلقة بإمارة دبي والأختام، إضافة إلى مجموعة مقتنيات خاصة بشيوخ آل مكتوم. ويتميز متحف الشندغة بطرق عرض متطورة تعتمد على أحدث التقنيات والأدوات التعليمية الرقمية، التي تعزز دوره في ربط الأجيال بالتراث المحلي، وتساعد في ترسيخ الهوية الوطنية في نفوس أبناء المجتمع، ويأتي ذلك في سياق التزام "دبي للثقافة" بتبني الحلول المبتكرة التي تساعد في حفظ وإبراز أهمية المقتنيات، وتمكين الزوار من استكشاف تاريخ الإمارة بطرق تفاعلية، وتمنحهم تجارب ثقافية متفردة. ما يعكس التزام الهيئة بتعزيز مكانة دبي وريادتها مركزاُ عالمياُ للابتكار والإبداع. ويحتضن حي الفهيدي التاريخي "متحف المسكوكات" الذي يمنح زواره فرصة التعرف على تاريخ المسكوكات والعملات في المنطقة، حيث يتضمن العديد من العملات التاريخية النادرة والمسكوكات التي تعود إلى عصور مختلفة. كما يتفرد بتقنياته وطرق العرض المتطورة التي تبرز أهمية القطع وتاريخها، فيما يروي متحف "الشاعر العقيلي" سيرة الشاعر مبارك بن حمد بن مبارك آل مانع العقيلي، ويقدم نظرة خاصة على شعر العقيلي الفصيح والنبطي ومراسلاته وتفاصيل حياته الثقافية والاجتماعية ومخطوطاته ومؤلفاته، كما يتضمن المتحف أدوات الشاعر العقيلي الشخصية، إلى جانب قطع فريدة ترجع إلى الربع الأخير من القرن الـ19 وحتى النصف الأول من القرن الـ20.