logo
السعودية وخدمة الحجيج.. «رسالة دولة وشرف شعب»

السعودية وخدمة الحجيج.. «رسالة دولة وشرف شعب»

عكاظمنذ 2 أيام

«وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق»..
هكذا بدأت القصة، بنداء من السماء، واستجابة من الأرض، وجعل الله البيت مثابة للناس وأمناً، فصار الحج فريضة، والخدمة فيه شرفاً، والعناية بالحاج قربى لا تُضاهى.. هذه ليست كلمات مجازية، بل حقيقة راسخة تعيشها المملكة العربية السعودية عاماً بعد عام، جيلاً بعد جيل، قيادة وشعباً، أمناً وصحة، متطوعين ومسؤولين، حتى أصبح موسم الحج لوحة إنسانية مقدسة تتحرك فيها ملايين القلوب، ويقف خلفها وطن بكامله.
إن خدمة الحجيج ليست عند السعوديين «مهمة موسمية»، بل هي عهد وطني وديني وتاريخي، توارثته القلوب قبل الأنظمة، منذ أن شرفها الله بخدمة الحرمين، لم تنظر المملكة إلى الحج كواجب سياسي أو لوجستي، بل تعاملت معه كأمانة كبرى، وفضل عظيم، واستجابة قولية وعملية لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، وإذا كان أجر الحاج هو الجنة، فكيف يكون أجر من يعينه على حجه، ويرعاه، ويقف إلى جواره في مشاعر مزدحمة وهو لا يعرف لغته ولا بلده؟
السعوديون في الحج لا يعملون، بل يخدمون، فرق جوهري بين من يؤدي مهمة وظيفية، وبين من يرى في كل خطوة خدمة لضيوف الرحمن، وسعياً إلى مغفرة الله ورضوانه. والنبي ﷺ قال في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد: «الحجاج والعمار وفد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم»، فكيف بمن يخدم وفد الله؟ من يعينهم، وييسر أمرهم، ويحمل عنهم؟ أليس من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب مسلم؟ بل كان السلف يرون خدمة الحجيج من أعظم القربات.
وفي قلب المملكة العربية السعودية، تتجلى صورة من صور وحدة الأمة، حين يساق الناس من مشارق الأرض ومغاربها إلى مكان واحد، وزمان واحد، ولباس واحد، فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، وهنا تدرك المملكة أن واجبها لا يقتصر على فتح الأبواب، بل على التيسير والرحمة، وتقديم النموذج الإسلامي الحقيقي، كما قال الله تعالى: «ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب».
لذلك، فإن الجهود التي تبذل في الحج ليست من باب المباهاة، بل من باب تعظيم الشعائر، وإكرام من جاء إلى الله ضيفاً، لهذا تسعى المملكة بكل طاقتها، وبكل مؤسساتها، وبكل أبنائها، لأن لا يظلم حاج، ولا يهمل، ولا يضيع، ولا يرهق، ولو كان أميّاً، أو فقيراً، أو عاجزاً، أو غريباً لا يعرف العربية.
أخبار ذات صلة
ومن شرف هذا الواجب أن كل بيت سعودي اليوم يكاد يكون فيه من شارك في خدمة الحجاج: من يعمل في التنظيم، أو الترجمة، أو الطب، أو الأمن، أو الإرشاد، أو النقل، أو حتى سقي الماء، فالمشاركة في الحج، وإن لم تكن بالحج نفسه، هي فضل لا يحرم منه من نوى وشارك وأخلص.
ومع هذا الجهد الذي يتكرر كل عام، نجد أن الإعلام العالمي لا ينصف القصة، فالأعين ترى الزحام، ولا ترى التنظيم، وتبصر الكثرة، ولا تدرك من يقف خلفها، ولا ينقل للعالم كيف أن هذا البلد يفتح صدره، وبيته، وقلبه، وماله، ووقته، لأجل أن تؤدى النسك في يسر وسلام، وبينما الدول تتنافس في تنظيم مؤتمرات ومسابقات ومهرجانات، تظل المملكة وحدها تنظم هذا اللقاء الرباني الأعظم، الذي تتغير فيه حياة الإنسان، وتمحى فيه ذنوبه، ويخرج منه كما ولدته أمه، كما في الحديث الشريف: «من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه».
إن من الإنصاف والواجب أن توثق هذه القصة كما هي، وتنقل للعالم بلسان المؤمن قبل عدسة الكاميرا، وبقلم يعرف أن ما يكتب عن الحج ليس مجرد مقال، بل شهادة حق في زمن يختلط فيه الإعلام بالسطحية والتشويش، وعلى رجال الإعلام، والمثقفين، والمؤثرين، ورجال الأعمال، أن لا يكتفوا بالفرجة، بل يكونوا جزءاً من هذه الرواية الإنسانية العظيمة، يبرزونها، ويشاركون فيها، ويمولونها، ويعلون من شأنها.
فالسعودية لا تنقل الحجاج فقط، بل تنقل صورة الإسلام كما أراده الله: رحمة، وتنظيماً، وكرامة، وتعظيماً للشعائر. وإن لم يرَ ذلك اليوم، فمتى؟ وإن لم يكتب بعيون الصادقين، فبعيون من سيكتب؟
اللهم اجعل ما تقدمه هذه البلاد من خدمة لضيوفك في ميزان حسنات قادتها وأبنائها، ووفق قيادتها وأهلها لكل خير، واحفظها ببركة دعوتها، وبركة بيتك، وبركة من جاءك حاجاً فكان في حماها قبل أن يبلغ حماك.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

خطيب يوم عرفة يدعو فلسطين في مشهد مهيب : اللهم أشبع جائعهم وآو مشردهم وأمن خائفهم واكفهم شر أعدائهم
خطيب يوم عرفة يدعو فلسطين في مشهد مهيب : اللهم أشبع جائعهم وآو مشردهم وأمن خائفهم واكفهم شر أعدائهم

صحيفة سبق

timeمنذ 10 دقائق

  • صحيفة سبق

خطيب يوم عرفة يدعو فلسطين في مشهد مهيب : اللهم أشبع جائعهم وآو مشردهم وأمن خائفهم واكفهم شر أعدائهم

في مشهد إيماني مهيب شهده ملايين الحجاج في صعيد عرفات الطاهر، ألقى خطيب يوم عرفة الشيخ الدكتور صالح بن حميد خطبة مؤثرة امتلأت بالدعاء والتضرع، وكان لفلسطين حضور لافت في دعائه الذي لامس القلوب، حيث توجه إلى الله تعالى سائلاً أن يتولى شأن إخواننا في فلسطين، وأن يشبع جائعهم، ويؤمّن خائفهم، ويكفيهم شر أعدائهم. وامتدت كلماته لتشمل دعوات صادقة بإصلاح أحوال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، داعياً إلى الألفة وتوحيد الصف وزرع المحبة بين القلوب. وفي خطبته التي حملت مضامين روحية وإنسانية عميقة، دعا الشيخ بن حميد بالمغفرة وتيسير الأمور وصلاح الذرية، طالباً من الله أن يتقبل حج الحجاج وطاعاتهم ويعينهم على الشكر والذكر وحسن العبادة. وشدد على أهمية التزام المسلمين بالأنظمة والتعليمات والتوجيهات المنظمة لشعيرة الحج، مؤكداً أن ذلك من صميم مقاصد الشريعة وواجب ديني وأخلاقي يعكس سلوكاً حضارياً ويجسد روح التعاون والانضباط، مما يسهم في تحقيق انسيابية وسلامة أداء المناسك. خطيب #يوم_عرفة الشيخ د. صالح بن حميد: اللهم تولى شأن إخواننا في #فلسطين اللهم أشبع جائعهم وأمن خائفهم واكفهم شر أعدائهم #الحج_عبر_الإخبارية | #الإخبارية — قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) June 5, 2025

ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين: يوم عرفة لحظة خالدة وشاهدًا على عناية المملكة بضيوف الرحمن
ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين: يوم عرفة لحظة خالدة وشاهدًا على عناية المملكة بضيوف الرحمن

الرياض

timeمنذ 12 دقائق

  • الرياض

ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين: يوم عرفة لحظة خالدة وشاهدًا على عناية المملكة بضيوف الرحمن

عبّر عدد من ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة عن مشاعرهم خلال وقوفهم على صعيد عرفات، مؤكدين أن لحظة التلبية والدعاء في هذا اليوم العظيم تُعدُّ من أسمى لحظات العمر، مثمنين الرعاية الكريمة التي وجدوها منذ أن وطأت أقدامهم أرض المملكة وحتى وصولهم إلى المشاعر المقدسة. وقال الحاج محمد عامر من نيوزيلندا: "يوم عرفة يوم مختلف بكل تفاصيله، لحظة عظيمة من السكينة والطمأنينة، لم أكن أتخيّل أن أعيشها بهذه الصورة الكريمة وبمستوى عالي من التنظيم والعناية"، مشيدًا بجهود المملكة وقيادتها في تسهيل المناسك وتوفير الراحة لكل حاج. وثمن الحاج سامح أبو بكر من فلسطين، الخدمات المقدمة والتنظيم المميز لتفويج الحجيج يعكس حرص المملكة على راحة ضيوف الرحمن، قائلًا: "المشاعر في هذا اليوم العظيم لا توصف، والفرحة تملأ القلوب برؤية جموع الحجيج وهم يلبّون بصوت واحد، إنها لحظات خالدة لن تُمحى من الذاكرة". وأشادت الحاجة الفلسطينية سلمى عبدالله، بالخدمات النوعية والاهتمام والرعاية الشاملة والدعم الكبير لضيوف البرنامج منذ وصولهم إلى مقر الاستضافة بمكة المكرمة، وحتى استقرارهم بمشعر عرفات, مؤكدة أن هذه الاستضافة تجسد حرص قيادة المملكة على تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن، وتسخير جميع الإمكانات في سبيل راحة حجاج بيت الله الحرام. وقال الحاج أيمن سلامة: "لم أشعر يومًا بهذا القدر من الاهتمام، ومنذ لحظة استضافتنا وجدنا كل الرعاية، واليوم في عرفات اكتملت الصورة، من الخدمات إلى التنظيم، وسط أجواء إيمانية مفعمة بالطمأنينة"، داعيًا الله عز وجل أن يجزي قيادة المملكة خير الجزاء، على ما يقدمونه لخدمة الإسلام والمسلمين. ويستضيف برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين هذا العام أكثر من 2400 حاج وحاجة من أكثر من 100 دولة، ضمن جهود المملكة في تعزيز رسالتها العالمية في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن.

خاص الصحة السعودية للعربية: لم نرصد تفشي أمراض أو أوبئة بين الحجاج
خاص الصحة السعودية للعربية: لم نرصد تفشي أمراض أو أوبئة بين الحجاج

العربية

timeمنذ 14 دقائق

  • العربية

خاص الصحة السعودية للعربية: لم نرصد تفشي أمراض أو أوبئة بين الحجاج

كشف مساعد وزير الصحة للخدمات الصحية السعودي، الدكتور محمد العبد العالي للعربية، أن الفرق الطبية في موسم حج هذا العام لم ترصد حتى اللحظة تفشي أي أمراض أو أوبئة بين الحجاج. وشدد في الإطار ذاته على أن وزارة الصحة السعودية تتابع باستمرار حالة الحجاج الصحية في المناسك كافة، وأوضح أنه جرى رصد عدد محدود من حالات الإجهاد الحراري للحجاج، غير أنه أكد أيضاً أن الالتزام بالخطط أدى لخفض حالات الإجهاد الحراري للحجاج. إلى ذلك، حذّرت وزارة الصحة الحجاج من التعرض المباشر لأشعة الشمس في ساعات النهار في ظل درجات الحرارة العالية في موسم حج 1446هـ، كما دعت إلى الالتزام بخطط التفويج، واستخدام المظلات أثناء التنقل بين المشاعر المقدسة، لتعزيز الوقاية من الإجهاد الحراري، وذلك ضمن جهود المنظومة الصحية للحفاظ على صحة وسلامة ضيوف الرحمن بما يمكّنهم من أداء المناسك بصحة وطمأنينة. كما تكثّف المنظومة الصحية جهودها في تعزيز خدمات الرعاية الصحية بالمشاعر المقدسة، مع استمرار انتشار الفرق الطبية المتخصصة لتقديم الرعاية الصحية الفورية، إلى جانب تكثيف الرسائل التوعوية بين الحجاج، لتعزيز جودة الخدمات الصحية وضمان موسم حج آمن وصحي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store