logo

دانيل موس: الدولار عملة استثنائية شئنا أم أبينا

الاقتصادية٠٢-٠٤-٢٠٢٥

الدولار لا يزال يشكّل عماد النظام المالي العالمي ويدخل في 90% من معاملات سوق الصرف الأجنبية
استمرار المكانة الاستثنائية للدولار لا يعني بالضرورة أن سعر صرفه لن يتغير بين الحين والآخر
أبرز تحديات الدولار تذبذب ترمب تجاه التحالفات وسعيه لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي
عادت نغمة التشكيك في قوة الدولار إلى الواجهة مجدداً. بعد أداء لافت خلال السنوات الماضية، باتت المعنويات السائدة حالياً أقرب إلى القلق، لا حيال الآفاق قصيرة الأجل للعملة الأمريكية فحسب، وهي تقليدياً ما تتأثر بتوقعات النمو الاقتصادي، بل أيضاً بشأن متانة الدور الفريد التي اتسمت بها في
.
لكن لا داعي لكتابة نعي للدولار، رغم أنها كُتبت في السابق وما لبثت أن تم التراجع عنها. لا يزال الدولار يشكّل عماد النظام المالي العالمي، إذ يدخل في نحو 90% من المعاملات ضمن سوق الصرف الأجنبية، التي تُقدَّر قيمتها اليومية بـ7.5 تريليون دولار
.
استمرار هيمنة الدولار لا يرتبط فقط بانطباعات العالم عن من يحكم في البيت الأبيض في فترة ما، بل يتوقف أيضاً على ظهور بديل قابل للاستمرار يقدّم كل مزايا الأسواق المالية الأمريكية، من دون أن يُظهر سوى قدر ضئيل من العيوب الذاتية. في هذا الإطار، لا يبدو أن اليوان الصيني قريب من هذا المستوى بأي حال
.
لا يُفضل التسرّع في إعلان زوال المكانة الاستثنائية لأمريكا. فالدولار، الذي يُعد أحد رموز هذا التفوّق، لن يغادر بهدوء موقعه في قمة النظام النقدي العالمي
.
وهذا لا يعني بالضرورة أن سعر صرفه لن يتغير بين الحين والآخر أمام اليورو أو الين أو الجنيه الإسترليني، تبعاً لتقلبات توقعات الأسعار وسوق العمل. (وقد
مقابل العملات الثلاث خلال هذا الربع
.
مع كل ما يُؤخذ عليه، يبقى الدولار عملة لا غنى عنها. وأي تصدع في دوره المحوري سيُحدث زلزلة عميقة، ويُلحق ضرراً بالغاً بحاملي الديون الأمريكية في الخارج، وفي طليعتهم الصين واليابان ودول أوروبية رئيسية
.
تحديات حقيقية أمام الدولار
تواجه العملة الأمريكية تحديات حقيقية في الوقت الراهن، على رأسها الموقف المتذبذب للرئيس الأمريكي دونالد ترمب تجاه التحالفات، وسعيه لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي، إن لم يكن تفكيكه، إضافة إلى رغبته في التأثير على كيفية تحديد أسعار الفائدة
.
يترقب العالم الإعلان عن
خلال الأسبوع المقبل، في وقت تؤدي فيه قرارات الإدارة المتأرجحة بفرض رسوم على كندا والمكسيك إلى تقويض الثقة. مع تخلي ألمانيا عن تحفظها التقليدي تجاه سياسات التحفيز المالي، أصبحت التكهنات حول "مرحلة ما بعد الدولار" تحظى بشعبية متزايدة
.
الأسبوع الماضي لم يكن رحيماً بالدولار. فقد أظهر استطلاع بارز أجرته "بنك أوف أمريكا" أن حيازة الأسهم الأمريكية تراجعت بأكبر وتيرة مسجلة على الإطلاق، فيما أعلن أحد كبار المحللين في البنك أن "حظ الأسهم" من الاستثنائية الأمريكية قد بلغ ذروته
.
أما باري آيكنجرين، أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا – بيركلي، وأحد أبرز الخبراء في تاريخ العملات، فقد كتب مقالة في "فاينانشيال تايمز" شكك فيها في الركائز الأساسية لهيمنة الدولار. وتشير بيانات لجنة تداول العقود الآجلة للسلع إلى تزايد الرهانات المتشائمة على الدولار
.
كل هذا أعادني إلى أوائل العقد الأول من الألفية حين كنت أعمل في لندن مسؤولاً عن تغطية أخبار العملات لدى "بلومبرغ". كانت تلك أيام اليورو الأولى، حين بدا أن الأسواق مشغولة بالتضخم في العجز التجاري الأمريكي
.
وكان يُنظر إلى هذا المزيج كعامل مُهلك، إن لم يكن قاتلاً، للدولار. السائد آنذاك أن الثقة بالولايات المتحدة تضمحل، ولا سيما مع تزايد الاستياء من الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش وغزو العراق، الذي كان مثار استهجان واسع في أوروبا. بدا حينها أن أفول الدولار بات مسألة وقت بعد سلسلة من الإنذارات المضللة
.
كيف أثبت التاريخ صمود الدولار؟
لكن ذلك لم يحدث. فالتاريخ حافل بأحداث كبرى قيل إنها ستُنهي هيمنة الدولار، ثم تبين أنها كانت أقل تأثيراً من ظنون البعض
.
من سقوط نظام "بريتون وودز" لسعر الصرف الثابت، إلى صعود اليابان والصين، وصولاً إلى أزمة الرهن العقاري في 2008. وعلى عكس المتوقع، كان الدولار غالباً ما يزداد قوة في الأوقات العصيبة، ولا يتراجع
.
غير أن هذا لا يعني الركون إلى الاطمئنان. فالهيمنة تُرافقها مخاطر جسيمة، بالقدر نفسه الذي تمنح صاحبها قوة هائلة
.
كلما بدا أن الولايات المتحدة تعمد إلى شن حرب اقتصادية على خصومها وحلفائها على حد سواء، زاد الحافز لدى العالم للبحث عن بدائل. كما أشار آيكنجرين، فإن قوة الدولار ارتكزت بدرجة كبيرة على العلاقات التي نسجتها واشنطن عبر السنوات، والتزاماتها تجاه الشركاء، واستعدادها لاحترام سيادة القانون، واستقلالية "الاحتياطي الفيدرالي". وهذه الأسس بدأت تتعرض لضغوط فعلية
.
لكن الذين يسعون لوراثة العرش أمامهم طريق طويل وشاق. فمكانة الدولار بوصفه "الأول بين نظرائه" تشكلت على مدى عقود، وتستند إلى سوق ضخمة وسائلة لسندات الخزانة الأمريكية، وإلى الامتداد العالمي للبنوك الأمريكية. كما أن للدولار دوراً مفرطاً في إصدار الفواتير والتسعير، فضلاً عن أن حجم الاقتصاد الأمريكي بحد ذاته يمثل ميزة هائلة
.
ترقية عملة أخرى إلى مستوى النفوذ ذاته مهمة شبه مستحيلة. قال بول بلوستين، مؤلف كتاب "الدولار الملك: ماضي وحاضر عملة العالم المهيمنة"، في ندوة نظمها "مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية" الأسبوع الماضي: إن "مجرد التمني بأفول نجم الدولار لا يعني أن ذلك سيحدث".
أضاف بلوستين، الذي لا يخفي انتقاده لنهج ترمب، أن الدولار ليس فقط مهيمناً، بل مترسخ بعمق. بل إنه قال إنه يتمنى لو لم يكن الأمر كذلك، لأن هذا يمنح واشنطن القدرة على ممارسة التنمّر حتى على أقرب حلفائها، مثل كندا. وأردف قائلاً إن أمراً كارثياً حقاً هو ما قد يُطيح بجاذبية الدولار الأساسية
.
قد يمر الدولار بعام ضعيف مقارنة ببقية العملات الكبرى، وقد يكون من الحكمة الاستعداد لركود محتمل، لكن الإطاحة بالدولار تحتاج إلى أكثر من مجرد نفور من الرئيس الأمريكي. يمكنك أن تبيع الدولار،
.
خاص بـ "بلومبرغ"

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترمب يهدد برسوم 25% على هواتف آيفون المنتجة خارج أمريكا
ترمب يهدد برسوم 25% على هواتف آيفون المنتجة خارج أمريكا

سعورس

timeمنذ ساعة واحدة

  • سعورس

ترمب يهدد برسوم 25% على هواتف آيفون المنتجة خارج أمريكا

وهدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على هواتف آيفون المباعة داخل الولايات المتحدة والمنتجة بأسواق أخرى. ويباع سنويا أكثر من 60 مليون هاتف في الولايات المتحدة حيث لا تجري عمليات لتصنيع الهواتف الذكية. وقال ترامب إنه سيوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 بالمئة على الاتحاد الأوروبي تبدأ في الأول من يونيو حزيران، مما سيؤدي إلى رسوم كبيرة على السلع الفاخرة والأدوية وغيرها من البضائع التي تنتجها الشركات الأوروبية. وتسببت التهديدات في انخفاض العقود الآجلة المرتبطة بالأسهم المدرجة على المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بواقع 1.5 بالمئة في التداولات قبل بداية الجلسة، وتراجع المؤشر ستوكس 600 اثنين بالمئة. وهبط سهم أبل 3.5 بالمئة في التداولات قبل بداية الجلسة إلى جانب أسهم شركات التكنولوجيا الرائدة الأخرى. ولم يحدد ترامب إطارا زمنيا لتحذيراته الموجهة للشركة. وكتب فؤاد رزاق زادة، المحلل لدى سيتي إندكس وفوركس في مذكرة قائلا "تبدد التفاؤل بشأن الصفقات التجارية تماما في دقائق، بل ثوان". وأثار ترامب اضطرابات في الأسواق في أوائل أبريل نيسان بعد فرض رسوم جمركية عالمية شملت رسوما بنسبة 145 بالمئة على السلع المستوردة من الصين. وردا على ذلك دخلت الأسواق في موجة بيع واسعة للأصول الأمريكية وسط شكوك حول مكانتها المعهودة ضمن الملاذات الآمنة، وتراجعت أيضا ثقة الشركات والمستهلكين في الولايات المتحدة. ودفعت الاضطرابات البيت الأبيض إلى تعليق معظم الرسوم الجمركية حتى أوائل يوليو تموز، مع الإبقاء على رسوم بنسبة 10 بالمئة على جميع الواردات. وجاءت تعليقات الرئيس الأمريكي اليوم الجمعة لتنهي فترة الهدوء. وقال ترامب في منشور على موقع تروث سوشيال "أبلغت تيم كوك، رئيس شركة أبل، منذ فترة طويلة أنني أتوقع تصنيع أجهزة آيفون التي ستباع في الولايات المتحدة بداخل الولايات المتحدة ، وليس في الهند أو أي مكان آخر". وأضاف "إذا لم يحدث ذلك، فعلى أبل دفع رسوم جمركية لا تقل عن 25 بالمئة للولايات المتحدة". ويجري البيت الأبيض مفاوضات مع العديد من الدول بشأن التجارة. وأحجمت المفوضية الأوروبية اليوم الجمعة عن التعليق على توصية ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 بالمئة على السلع الواردة من الاتحاد الأوروبي، قائلة إنها ستنتظر مكالمة هاتفية بين المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش ونظيره الأمريكي جيميسون جرير في الساعة 1500 بتوقيت جرينتش. وأدت تعليقات ترامب إلى تراجع أسهم شركات صناعة السيارات الفاخرة الألمانية، وهي من أكثر الشركات تأثرا بالرسوم الجمركية. وانخفضت أسهم بورشه ومرسيدس وبي.إم.دابليو بأكثر من أربعة بحلول الساعة 1220 بتوقيت جرينتش. ولم ترد شركة أبل على طلب رويترز للتعليق بعد. وقالت مصدر لرويترز إن أبل تهدف إلى تصنيع معظم هواتف آيفون المباعة في الولايات المتحدة في مصانع بالهند بحلول نهاية 2026، وتعمل على تسريع تلك الخطط لتفادي الرسوم الجمركية المرتفعة المحتمل تطبيقها على الصين ، قاعدة التصنيع الرئيسية للشركة. وذكرت رويترز الشهر الماضي أن أبل تهدف إلى جعل الهند قاعدة تصنيع بديلة وسط الرسوم الجمركية المحتملة على الصين ، والتي أثارت مخاوف بشأن سلسلة التوريد وارتفاع أسعار هواتف آيفون. وأعلنت أبل أنها ستنفق 500 مليار دولار على مدى أربع سنوات لتوسيع نطاق التوظيف والمرافق في تسع ولايات أمريكية، لكنها لم تشر إلى أن ذلك الاستثمار سيخصص لنقل تصنيع هواتف آيفون إلى المتحدة.

ارتفاع جماعي للسندات الأوروبية بعد تهديدات الرئيس ترامب
ارتفاع جماعي للسندات الأوروبية بعد تهديدات الرئيس ترامب

شبكة عيون

timeمنذ ساعة واحدة

  • شبكة عيون

ارتفاع جماعي للسندات الأوروبية بعد تهديدات الرئيس ترامب

ارتفاع جماعي للسندات الأوروبية بعد تهديدات الرئيس ترامب ★ ★ ★ ★ ★ مباشر: ارتفعت أسعار السندات الأوروبية بعد تهديد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على المنطقة اعتبارًا من 1 يونيو، مما عزز التوقعات بخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر لدعم الاقتصاد تتوقع الأسواق مزيد من التيسير النقدي الإضافي من البنك المركزي الأوروبي في عام 2025، بواقع 3 تخفيضات بنحو ربع نقطة مئوية انخفض العائد على السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بما يصل إلى 10 نقاط أساس ليصل إلى 2.54%، وواصلت الأسهم الأوروبية تراجعها، وعكس اليورو مكاسبه مقابل الفرنك السويسري والجنيه الإسترليني قفز مؤشر تكلفة تأمين الشركات الأوروبية المصنفة على أنها غير مرغوب فيها ضد التخلف عن السداد إلى أعلى مستوى له منذ 9 أبريل الماضي بحسب بلومبرج. مباشر (اقتصاد) مباشر (اقتصاد) الكلمات الدلائليه ترامب أسعار اقتصاد

أفغانستان تبحث اعتماد العملات الوطنية في التبادلات التجارية مع روسيا والصين
أفغانستان تبحث اعتماد العملات الوطنية في التبادلات التجارية مع روسيا والصين

شبكة عيون

timeمنذ ساعة واحدة

  • شبكة عيون

أفغانستان تبحث اعتماد العملات الوطنية في التبادلات التجارية مع روسيا والصين

أفغانستان تبحث اعتماد العملات الوطنية في التبادلات التجارية مع روسيا والصين ★ ★ ★ ★ ★ مباشر: أعلن السلطات الأفغانية إجراء محادثات مع الجانب الروسي بشأن احتمال الانتقال إلى تسوية المعاملات التجارية باستخدام العملات الوطنية، بدلًا من الاعتماد على الدولار أو العملات الأجنبية الأخرى. وقال وزير التجارة والصناعة في أفغانستان الحاج نور الدين عزيزي: "نحن منخرطون حاليًا في مناقشات متخصصة حول هذا الموضوع، مع الأخذ في الاعتبار الأوضاع الاقتصادية الإقليمية والعالمية والعقوبات والتحديات التي تواجهها أفغانستان وروسيا على حد سواء. المناقشات التقنية جارية"، وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط. وأشار، إلى أن كابول تتوقع ارتفاعًا ملحوظًا في حجم التبادل التجاري مع موسكو، في ظل رغبة الطرفين في تعزيز تدفق الاستثمارات، مضيفا أن الحكومة الأفغانية تبحث أيضًا إمكانية استخدام العملات الوطنية في معاملاتها المالية مع الصين. وكان نائب رئيس الوزراء الروسي أليكسي أوفرشوك قد أعلن - في 16 مايو - أن روسيا ملتزمة بتطوير التعاون الاقتصادي مع أفغانستان، مشيرًا إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 323 مليون دولار العام الماضي، مؤكدا أهمية توفير "ظروف مستقرة ومتوقعة للتعاون التجاري" لضمان تطوير العلاقات الاقتصادية بشكل كامل. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية .. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر .. اضغط هنا ترشيحات أسعار الذهب في مصر ترتفع خلال منتصف تعاملات الجمعة مباشر (اقتصاد) مباشر (اقتصاد) الكلمات الدلائليه روسيا الحكومة السعودية مصر أسعار اقتصاد

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store