
زيارة لاريجاني لبيروت..رسائل سياسية عن النفوذ وسلاح حزب الله
وتأتي هذه الزيارة بعد أيام من تصريحات إيرانية حاسمة برفض أي مسعى لنزع سلاح حزب الله، وفي ظل قرار رسمي لبناني يمضي في اتجاه "حصرية السلاح بيد الدولة"، مدعوم برؤية رئاسية وحكومية تؤكد ضرورة توحيد المؤسسات وتعزيز الثقة العربية والدولية بلبنان.
وتتزامن هذه التحركات مع مشهد داخلي معقّد، تتوزع فيه المواقف بين دعم قرار الحكومة باعتباره خطوة نحو بناء دولة قوية، ورفض قاطع من حزب الله الذي يعتبر القرار تهديدا لوظيفة سلاحه ومقدمة لفتنة داخلية، فيما تصعّد المعارضة السياسية خطابها ضد ما تسميه "تدخل إيران وتحريض حزب الله على التمرد على الشرعية".
وبين هذين الخطين، تحاول بيروت الرسمية الحفاظ على توازن دقيق بين المضي في القرار وتجنب الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.
رسائل طهران من زيارة لارجاني
تصريحات السفارة الإيرانية في لبنان سبقت لارجاني إلى بيروت، مؤكدة أن الزيارة تأتي في مرحلة "مصيرية" من تاريخ البلاد، وأنه سيعقد لقاءات "صريحة" مع المسؤولين اللبنانيين لنقل رؤية إيران وموقفها.
والرسالة الأولى التي يمكن استنتاجها من توقيت الزيارة ومضمونها هي دعم مباشر لحزب الله في مواجهة قرار الحكومة بنزع سلاحه.
فبعد التصريحات الإيرانية الأخيرة، بدا أن طهران تريد تثبيت موقفها الرافض لأي مساس بقدرات الحزب، معتبرة سلاحه جزءً من منظومة الردع الإقليمية التي تتبناها.
وتحمل الرسالة الثانية تحذيرا ضمنيا للحكومة اللبنانية من المضي قدما في قرارها، من خلال الإشارة إلى أن هذا المسار قد يهدد الاستقرار الداخلي ويؤدي إلى انقسامات أعمق.
أما الرسالة الثالثة فتتمثل في إعادة تأكيد الحضور الإيراني النشط في الساحة اللبنانية، وتذكير الأطراف كافة بأن طهران لا تزال لاعبا رئيسيا في معادلات القوة والقرار بلبنان، خصوصا في الملفات المتعلقة بحزب الله.
في المقابل، أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون قبيل وصول لاريجاني أن القرار قد اتخذ "بالذهاب نحو الدولة وحدها"، مشددا على المضي في تنفيذ هذا المسار.
واعتبر عون أن التحديات الراهنة لا يمكن مواجهتها إلا بالوحدة الوطنية، رافضا استنجاد أي طرف داخلي بالخارج ضد طرف آخر، لما في ذلك من ضرر على الوطن.
كما دعا إلى استثمار الفرص الحالية والاستفادة من "الثقة العربية والدولية المتجددة" بلبنان، مطالبا اللبنانيين بجعل "المصلحة الوطنية العليا سقفا لتحركاتهم".
وتعكس هذه التصريحات تمسّك السلطة التنفيذية بالقرار، مع محاولة تطويق أي تصعيد سياسي أو أمني عبر خطاب وحدوي.
رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ، المعروف بعلاقاته المتقلبة مع حزب الله، شدد في مؤتمر صحفي على أن أي سلاح خارج الدولة هو "غير شرعي"، مضيفا أن وظيفة سلاح حزب الله الردعية "سقطت" بعد مشاركته الأحادية في الحرب الأخيرة، في إشارة واضحة إلى أن الحزب لم يعد يبرر امتلاك السلاح بضرورة الدفاع عن لبنان.
هذا الموقف من باسيل، الحليف السابق للحزب، يعكس تغيرا في المزاج السياسي لبعض القوى التي كانت تاريخيا ضمن محور داعم لحزب الله، وهو ما يساهم في تضييق الهامش السياسي المتاح للحزب داخليا.
موقف حزب الله: رفض وتحذير من الفتنة
محمود قماطي، نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله، كرر رفض الحزب القاطع لنزع سلاحه، ودعا الحكومة إلى التراجع عن القرار، محذرا من أن المضي فيه "قد يؤدي إلى فتنة".
تحذير قماطي يعكس قناعة الحزب بأن القرار لا يستهدف فقط سلاحه كقدرة عسكرية، بل موقعه السياسي ودوره الإقليمي، وهو ما يجعله ينظر إلى المسألة باعتبارها معركة وجودية، لا مجرد خلاف داخلي حول الصلاحيات الأمنية.
السلاح جلب الدمار ولم يحقق الردع
في حديث إلى برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، عبّر النائب إلياس حنكش عن استياء اللبنانيين مما وصفه بـ"التدخل السافر" لإيران، وتحريض حزب الله على التمرد على قرار الحكومة اللبنانية.
وأكد حنكش أن السلاح الذي يحتفظ به حزب الله لم يحقق أي فائدة للبنان، ولم ينجح في ردع إسرائيل أو منعها من تدمير البلاد.
واعتبر أن الحزب يتفرد بقرار الحرب والسلم، ما جرّ البلاد إلى ويلات لم تكن لتحصل لو كان الجيش هو صاحب القرار.
وشدد على أن الوقت قد حان لالتزام حزب الله بما التزمت به بقية القوى السياسية، وتسليم سلاحه لصالح بناء دولة قوية تحمي جميع اللبنانيين، لا جزءً منهم فقط.
وأشار حنكش خلال حديثه إلى أن نحو 90 في المئة من مجلس النواب اللبناني، بما في ذلك بعض الحلفاء التقليديين لحزب الله مثل الرئيس نبيه بري، يؤيدون حصرية السلاح بيد الدولة.
وبيّن أن هذه المعطيات تعكس تغيرا نوعيا في ميزان القوى السياسي، حيث لم يعد بإمكان الحزب الاعتماد على تحالفاته السابقة لعرقلة أي مسار نحو نزع سلاحه.
الجيش اللبناني: جاهزية ودعم خارجي
استعرض حنكش مسألة جاهزية الجيش اللبناني ، مؤكدا أنه ليس ضعيفا كما يروّج حزب الله، وأنه أثبت قدرته في معارك عدة، مثل جرود عرسال والمخيمات.
ولفت إلى الدعم المستمر الذي يتلقاه الجيش من الولايات المتحدة وقطر ودول الخليج، مذكّرا بالهبة السعودية عام 2015 التي كانت تهدف إلى تمكينه من بسط سلطته على كامل الأراضي اللبنانية، لولا ما وصفه بـ"عرقلة حزب الله وحلفائه".
وبيّن أن هناك فرصة حقيقية اليوم، مع الاهتمام الدولي واستعداد الجيش لتولي مسؤولياته، شريطة أن يحصل على الإمكانات اللازمة.
رغم الانتقادات الحادة، أبدى حنكش تفهما لما أسماه "البيئة المجروحة" المؤيدة لحزب الله، داعيا إياها إلى التحلي بالحكمة، وإدراك أن الدولة التي يجري بناؤها الآن ستشمل جميع الأطراف وتحميهم من أي اعتداء أو حرب محتملة.
زيارة لاريجاني إلى بيروت تكشف عن صراع إرادات داخلي وإقليمي في آن واحد.
فإيران تسعى لتثبيت موقع حزب الله كجزء من منظومتها الإقليمية، فيما تمضي الحكومة اللبنانية بدعم واسع نحو ترسيخ حصرية السلاح بيد الدولة.
وبين رفض الحزب وتحذيره من الفتنة، وإصرار الرئاسة اللبنانية على المضي في القرار، وتنامي المعارضة الداخلية للسلاح، يبدو لبنان أمام مفترق طرق حاسم.
المسار الذي ستسلكه الأزمة في الأيام المقبلة سيتوقف على قدرة الأطراف على تجنب الانزلاق إلى مواجهة داخلية، وعلى ما إذا كانت بيروت قادرة على تنفيذ قرارها دون أن تتحول البلاد إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين مشروع الدولة ومشروع السلاح خارجها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 22 دقائق
- سكاي نيوز عربية
الرئيس الإيراني يردّ على "وعد نتنياهو" بشأن أزمة المياه
وقال بزشكيان في تغريدة عبر حسابه على موقع "إكس" ردا على نتنياهو: "من يحرم سكان غزة من الماء والغذاء لا يمكن أن يجلب الماء إلى إيران ، تلك الوعود مجرد سراب". وكان نتنياهو قد دعا الشعب في إيران إلى "التحلي بالجرأة والشجاعة، والجرأة على الحلم". وتابع قائلا: "اخرجوا إلى الشوارع واطلبوا العدالة واطلبوا المساءلة احتجوا على الطغيان... قوموا ببناء مستقبل أفضل لعائلاتكم ولجميع الإيرانيين. لا تدعوا هؤلاء الملالي المتعصبين يفسدون حياتكم لدقيقة واحدة أخرى". ووعد نتنياهو الإيرانيين قائلا: "إسرائيل هي الأولى عالميا في إعادة تدوير المياه. بمجرد تحرير إيران، سيأتي الخبراء والتكنولوجيا لإعادة تدوير المياه من إسرائيل إلى إيران". وأضاف: "في هذا الصيف الحار لا يوجد حتى مياه نظيفة وباردة لأطفالكم. هذه هي قمة النفاق وعدم الاحترام لشعب إيران. أنتم لا تستحقون هذا الوضع". وكان بزشكيان، قد حذر قبل أيام، من احتمال جفاف السدود التي تمدّ العاصمة طهران بالمياه خلال الأشهر القادمة، في حال لم يتم خفض الاستهلاك. وقال بزشكيان: "إذا لم نتمكن من إدارة الوضع في طهران، وإذا لم يتعاون الناس ولم نتمكن من ترشيد استهلاك المياه، فلن يتبقى ماء خلف سدودنا". وذكرت السلطات الإيرانية ، الأحد، أنه تم قطع المياه لمدة وصلت إلى 48 ساعة في العديد من المناطق، محذرة من أن العاصمة الإيرانية يمكن أن تنفد المياه منها تماما بحلول أكتوبر المقبل.


صحيفة الخليج
منذ 22 دقائق
- صحيفة الخليج
الجامعة العربية: تصريحات نتنياهو بشأن «إسرائيل الكبرى» استباحة لسيادة دول عربية
القاهرة - وام دانت جامعة الدول العربية بأشد العبارات التصريحات الصادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن اقتطاع أجزاء من أقاليم دول عربية ذات سيادة، توطئة لإقامة ما سماه «إسرائيل الكبرى»، واعتبرت الجامعة هذه التصريحات بمنزلة استباحة لسيادة دول عربية ومحاولة لتقويض الأمن والاستقرار في المنطقة. وقالت الجامعة في بيان لها اليوم: إن هذه التصريحات تمثل تهديداً خطراً للأمن القومي العربي الجماعي وتحدياً سافراً للقانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية، كما أنها تعكس نوايا توسعية وعدوانية لا يمكن القبول بها أو التسامح معها، وتكشف العقلية المتطرفة الغارقة في أوهام استعمارية. ودعت الجامعة المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن الدولي إلى الاضطلاع بمسؤوليته والتصدي بكل قوة لهذه التصريحات المتطرفة التي تزعزع الاستقرار وتزيد من مستوى الكراهية والرفض الإقليمي لدولة الاحتلال.


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
الجامعة العربية تدين تصريحات نتنياهو عن "إسرائيل الكبرى"
واعتبرت الجامعة العربية في بيان هذه التصريحات "بمثابة استباحة لسيادة دول عربية ومحاولة لتقويض الأمن والاستقرار في المنطقة". وأكدت الجامعة أن هذه التصريحات "تمثل تهديداً خطيراً للأمن القومي العربي الجماعي وتحدياً سافراً للقانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية". وأضافت: "كما أنها تعكس نوايا توسعية وعدوانية لا يمكن القبول بها أو التسامح معها، وتكشف العقلية المتطرفة الغارقة في أوهام استعمارية". ودعت الأمانة العامة للجامعة "المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن الدولي إلى الاضطلاع بمسؤوليته والتصدي بكل قوة لهذه التصريحات المتطرفة التي تزعزع الاستقرار وتزيد من مستوى الكراهية والرفض الإقليمي لدولة الاحتلال". مجلس التعاون الخليجي أعرب جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن إدانته الشديدة واستنكاره البالغ للتصريحات الصادرة عن نتنياهو، بشأن اقتطاع أجزاء من أقاليم دول عربية ذات سيادة، معتبرا ذلك انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، واعتداء سافرا على سيادة الدول ووحدة أراضيها. وأكد أن "مثل هذه التصريحات والمخططات الخطيرة تشكل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وتكشف بوضوح عن النهج الخطير الذي تنتهجه قوات سلطات الاحتلال"، مشدداً على رفض دول مجلس التعاون القاطع لأي محاولات للمساس بالسيادة الوطنية ووحدة أراضي الدول العربية. ودعا المجتمع الدولي، إلى "الاضطلاع بمسؤولياته واتخاذ موقف حازم لوقف هذه التصريحات والمخططات الاستفزازية، والعمل على حماية المنطقة من أي إجراءات من شأنها تأجيج التوترات وتقويض فرص تحقيق السلام العادل والشامل".