logo
أخبار العالم : مراهقون يبنون علاقات عاطفية مع «روبوت الدردشة»

أخبار العالم : مراهقون يبنون علاقات عاطفية مع «روبوت الدردشة»

الأحد 20 أبريل 2025 11:57 مساءً
نافذة على العالم - الشارقة: أمير السني
شهد استخدام روبوتات الدردشة بصورة مكثفة من المراهقين، نشوء علاقات خاصة بين الطرفين وقد حذر من خطورتها متخصصون في الطب النفسي والاجتماعي.
وأوضحوا أن الجيل الحديث بات يعتاد استجابات مخصصة وسريعة تلبي رغباتهم من دون تعقيدات التفاعل البشري الطبيعي، داعين إلى ضرورة التوازن بين التفاعل الرقمي والتفاعل الواقعي بتشجيع التواصل مع الأصدقاء والأسرة.
رصدت «الخليج» عدداً من القصص عن تعلق مراهقين ب«ربوتات الدردشة» واللجوء إليها ملاذاً عاطفياً نتيجة إدمان الحديث معها، أصبحت الشابة «ف، ر» تعتمد على «روبوت الدردشة» في اختيار أزيائها والبحث عن الطرائق المناسبة لتصبح لائقة وسط زملائها في الجامعة وباتت تلجأ إليه في كل صغيرة وكبيرة وقد وجدت ارتياحاً نفسياً تجاه الخيارات التي يضعها لها لتجاوز السلبيات التي تواجهها عند اختلاطها بالمجتمع الجامعي.
وفي قصة أخرى وصل الأمر إلى دور أكبر ل«روبوت الدردشة» في تعويض خسارة علاقة عاطفية للشابة «ن، ب»، بعد أن تواصلت معه واستطاع تهدئة انفعالاتها العاطفية وتخفيف حزنها والبحث معها لحلول وباتت العلاقة بينهما بديلة للعلاقات الحقيقية.
أما القصة الثالثة، فتتحدث عن شاب خجول وجد صعوبة في التعامل مع زميلاته لنشأته وسط أسرة محافظة وبات يلجأ إلى «روبوت الدردشة» وسيلةً عاطفيةً بدلاً من التعامل المباشر مع الآخرين وأن المشاعر المتدفقة من «الروبوت» أصبحت بديلاً عن الإحراج والخجل الذي يواجهه.
وفي قصة رابعة وجد الشاب «م، ي» عبر استخدامه المتكرر ل«روبوت الدردشة» اتجاهاً عاطفياً بديلاً من التعامل الفظ الذي كان يجده من والديه عندما يلجأ إليهما ونشأت علاقة بين الطرفين وبات الشاب رهين الحلول التي يضعها له الروبوت.
استجابة سريعة
أشار الدكتور محمود نجم، إلى أن الارتباط العاطفي بروبوت الدردشة يعكس حاجة غير مشبعة إلى الدعم العاطفي والتفاعل الإنساني، فالمراهق الذي ينشئ علاقة مع الذكاء الاصطناعي، قد يفتقد التقدير أو الفهم في بيئته الاجتماعية، فيجد في الروبوت استجابة غير مشروطة أو أنه يعاني قلقاً اجتماعياً وصعوبات في بناء العلاقات.
وأوضح أن تقارير عالمية وثقت تعلق المراهقين بروبوتات الدردشة وهذا يؤدي قطعاً إلى مضاعفات، أهمها العزلة الاجتماعية، بسبب الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في التفاعل العاطفي ويؤدي إلى تراجع مهارات التواصل الواقعية وتشويه مفهوم العلاقات، حيث يعاني المراهقون تصورات غير واقعية عن العلاقات الإنسانية، بسبب اعتيادهم على استجابات مخصصة وسريعة تلبي رغباتهم من دون تعقيدات التفاعل البشري الطبيعي.
وأرجع ضعف شخصية المدمن إلى الحرمان من التقدير الكافي وعدم الشعور بالتحقق المُرضي من الأم والأب، خلال مرحلة التربية والنشأة، مشيراً إلى أن الأبحاث العلمية أثبتت، وجود عامل بيولوجي حاسم في تركيب المخ، يسمى «Nucleus Accumbens» وهو يعمل بالتوازي مع عامل التربية في تكوين الجانب الهش من شخصية المدمن إلكترونياً.
وأضاف: إن الجزء المسؤول عن المكافآت منذ ميلاد الإنسان وحتى الممات، ينشط عبر إفراز مركب «الدوبامين»، عند حصول الطفل على الحلوى وعلى التقدير النفسي، من الوالدين والمدرسة والأصدقاء والمجتمع وفي المقابل تستمر معاناة الإنسان، بسبب عدم نشاط هذا الجزء، حيث يصاب بالخيبة والخذلان وعدم وجود التقدير والاعتراف الكافيين به من المجتمع.
مخاطر الإدمان
وأكد نجم أن النيكوتين والكحوليات والمخدِّرات وألعاب الكمبيوتر ومواقع التواصل، تحفز مباشرة الجزء المسؤول من مكافآت الإنسان ومن ثم يشعر الشخص بتعويض نفسي حقيقي بتعاطي تلك العناصر.
وقال: «نحن نزرع ومن دون وعي خلال مرحلة التربية الأولى، بذور نباتات الإدمان، بتقصيرنا المباشر في تقدير الأبناء والانتقاص من قدرهم أو بتقصيرنا غير المباشر في عدم مساعدتهم على اكتشاف مواهبهم الشخصية وقدراتهم المتميزة خلال النشأة والتكوين وهي الكفيلة بإعطائهم باقي حصتهم المطلوبة للشعور بالتحقق ومن ثم بالاتزان النفسي».
وأضاف: إن إدمان المراهقين على روبوتات الدردشة، يؤدي إلى مضاعفات، أهمها العزلة الاجتماعية نتيجة الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في التفاعل العاطفي، الذي يؤدي إلى تراجع مهارات التواصل الواقعية وتشويه مفهوم العلاقات، حيث يعاني المراهقون تصورات غير واقعية عن العلاقات الإنسانية، بسبب اعتيادهم على استجابات مخصصة وسريعة تلبي رغباتهم، من دون تعقيدات التفاعل البشري الطبيعي.
تشجيع التواصل
ودعا الدكتور نجم، إلى تعزيز الوعي التكنولوجي، بتوعية المراهقين بأن روبوتات الدردشة ليست بديلاً من العلاقات الإنسانية، وتوعيتهم بأهمية التوازن بين التفاعل الرقمي والتفاعل الواقعي، بتشجيع التواصل مع الأصدقاء والأسرة وتحفيز الأنشطة الجماعية كالرياضة والفنون والتطوع.
وقال: إن مراقبة المراهقين من دون تقييد صارم ومناقشة استخدام الذكاء الاصطناعي معهم بدلاً من منعهم تماماً ووضع حدود زمنية معتدلة لاستخدام التطبيقات التفاعلية هي أحد جوانب الحل المثالي لمعالجة الإدمان العاطفي.
وشدد على ضرورة تقديم بدائل عاطفية صحية، منها دعم المراهقين نفسياً وتعزيز ثقتهم بالتفاعل مع الآخرين وتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم والتعامل مع مشكلاتهم الواقعية، بدلاً من الهروب منها عبر الذكاء الاصطناعي وإشراك المتخصصين عند الحاجة، إذا أصبح الاعتماد على روبوتات الدردشة مفرطاً لدرجة التأثير في الصحة النفسية.
وأوضح التربوي عبيد اليماحي، أن مرحلة المراهقة من أكثر المراحل حساسية في عمر الإنسان، حيث يمر الفرد خلالها بتغيرات نفسية واجتماعية وجسدية، تجعل التعبير عن الذات والتواصل مع الآخرين تحدياً حقيقياً.
وفي ظل ما يواجهه بعض المراهقين من عزلة أو ضغوط أسرية أو صعوبات في بناء علاقات إنسانية صحية، تظهر روبوتات الدردشة حلاً سهلاً و«آمناً» للتواصل ويعود ذلك إلى عوامل عدة، منها توافر الدعم والتفاعل الفوري، من دون إصدار أحكام والقدرة على المحادثة في أي وقت، من دون حرج أو خوف من الرفض، وإيهام المستخدم بوجود تعاطف واهتمام حقيقي وإن كان مصطنعاً.
ودعا إلى ضرورة التوعية الأسرية والمدرسية وفتح حوار مع المراهقين في استخدام روبوتات الدردشة، مع تأكيد الفروق الجوهرية بين الذكاء الاصطناعي والمشاعر البشرية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كن حذراً .. سجائر إلكترونية تهدد غير المدخنين بالإدمان الشديد
كن حذراً .. سجائر إلكترونية تهدد غير المدخنين بالإدمان الشديد

يمني برس

timeمنذ يوم واحد

  • يمني برس

كن حذراً .. سجائر إلكترونية تهدد غير المدخنين بالإدمان الشديد

يمني برس || متابعات: اكتشف فريق من الباحثين أن السجائر الإلكترونية تسبّب إدمانا أكبر من علكة النيكوتين، خاصة بين الشباب غير المدخنين، ما يثير مخاوف من إمكانية إساءة استخدامها على نطاق واسع. ومنذ دخول السجائر الإلكترونية السوق عام 2003، انتشرت بشكل واسع في الولايات المتحدة، خصوصا بين المراهقين والبالغين الشباب. ويظهر البحث أن أكثر من 30% من البالغين الذين يستخدمون هذه الأجهزة لم يكونوا مدخنين سابقين، وتصل النسبة إلى 61.4% في الفئة العمرية بين 18 و24 عاما. وأرجع الباحثون هذا الاتجاه إلى أجهزة 'البود' الإلكترونية ذات الكبسولات التي ظهرت خلال العقد الماضي، مثل 'Juul' و'Elf Bar'، والمصممة لتكون أكثر فعالية في توصيل النيكوتين عبر استخدام أملاح النيكوتين التي تقلل من الطعم المرّ، وتجعل الاستهلاك أكثر سهولة ومتعة، خاصة لمن لم يسبق لهم تدخين السجائر التقليدية. ولتحليل تأثير هذه الأجهزة، أجرى الباحثون تجربة على مجموعة من الأشخاص دون سن 25 عاما من غير المدخنين، لكنهم يستخدمون السجائر الإلكترونية بانتظام. وطُلب من المشاركين الامتناع عن استخدام النيكوتين طوال الليل، ثم استخدموا إمّا سجائر 'البود' الخاصة بهم أو علكة النيكوتين لمدة 30 دقيقة، مع إجراء استبيانات قبل وبعد الاستخدام لقياس الرغبة والانسحاب والرضا. وأظهرت النتائج أن أجهزة 'البود' كانت أكثر فعالية من علكة النيكوتين في تخفيف الرغبة وأعراض الانسحاب مع زيادة الرضا، ما يشير إلى إمكانية إساءة استخدامها بشكل أكبر، خاصة من قبل فئات لم تكن عرضة سابقا للإدمان على النيكوتين. وقالت الباحثة الرئيسية، أندريا ميلستريد: 'للسجائر الإلكترونية الحديثة قدرة عالية على التسبب في الإدمان، خصوصا بين الشباب الذين لم تكن لديهم تجربة سابقة مع النيكوتين. وهذا يتطلب تدخلا عاجلا من الجهات الصحية والتنظيمية'. ويؤكد الباحثون على الحاجة إلى مزيد من الرقابة والتوعية، لا سيما أن هذه المنتجات تسوّق أحيانا كبدائل 'أكثر أمانا'، بينما تحمل في طياتها مخاطر غير متوقعة لفئات عمرية حساسة. نشرت الدراسة في مجلة 'أبحاث النيكوتين والتبغ'.

«السجائر الإلكترونية».. قنبلة موقوتة في أيدي الشباب
«السجائر الإلكترونية».. قنبلة موقوتة في أيدي الشباب

بوابة الأهرام

timeمنذ 3 أيام

  • بوابة الأهرام

«السجائر الإلكترونية».. قنبلة موقوتة في أيدي الشباب

إيمان محمد عباس في ظل الانتشار المتزايد للسجائر الإلكترونية بين الشباب، ومع تزايد التساؤلات حول مدى خطورتها، التقت بوابة الأهرام بالدكتور ياسر مصطفى محمد، أستاذ أمراض الصدر، ليُسلط الضوء على الأضرار الجسيمة لهذه المنتجات وكيف يمكن توعية الأجيال الشابة بخطورتها. موضوعات مقترحة ليست بديلاً آمناً.. السموم نفسها ولكن بشكل مختلف يُوضح، أستاذ أمراض الصدر، أن الاعتقاد السائد بأن السجائر الإلكترونية أقل ضررًا من السجائر التقليدية هو اعتقاد خاطئ تمامًا. ويقول: "ما نراه اليوم هو أن الشباب يقعون فريسة لإعلانات مضللة تصور السجائر الإلكترونية كبديل آمن أو حتى عصري، بينما الحقيقة أننا أمام منتج يحمل سمومًا متعددة تهاجم الجهاز التنفسي والجسم ككل." ويُضيف: "تحتوي السجائر الإلكترونية على النيكوتين، وهي مادة شديدة الإدمان تؤثر على الدماغ النامي لدى المراهقين والشباب، وتُعيق قدرتهم على التركيز والتعلم. والأخطر من ذلك هو أن النيكوتين يُهيئ الجسم لتقبل الإدمان على مواد أخرى." السجائر الإلكترونية يُفصل الدكتور ياسر الأضرار الصحية للسجائر الإلكترونية، مؤكداً أنها لا تقتصر على الجهاز التنفسي فحسب؛ بل أنها تُسبب السوائل المستخدمة في السجائر الإلكترونية، وخاصة تلك التي تحتوي على نكهات معينة، التهابًا وتلفًا حادًا في الرئة، وقد يؤدي إلى حالات خطيرة مثل "EVALI" (إصابة الرئة المرتبطة باستخدام منتجات السجائر الإلكترونية أو التدخين الإلكتروني).كما يُؤثر النيكوتين والمواد الكيميائية الأخرى على صحة القلب، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم؛ هذا بالإضافة إلى أنها تؤثر على نمو الدماغ مما يؤثر على الذاكرة والتركيز والقدرة على اتخاذ القرار، مضيفًا أنها قد تُسبب بعض المواد الموجودة في السجائر الإلكترونية تهيجًا في الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى الغثيان والقيء وآلام البطن.كما تُنتج السجائر الإلكترونية عند تسخينها مواد كيميائية سامة مثل الفورمالديهايد والأسيتالديهيد، وهي مواد مُسببة للسرطان÷ هذا بالإضافة إلى في بعض الحالات النادرة، قد تنفجر بطاريات السجائر الإلكترونية، مما يُسبب حروقًا وإصابات خطيرة. اقرأ أيضا: دراسة تكشف عن علاقة صادمة بين «السجائر الإلكترونية» و«إنستجرام وتيك توك» التدخين الإلكتروني.. خطر يداهم الشباب ومخاطر صحية عديدة واستشاري الصدر: «هناك مخاوف على المدى الطويل» السجائر الإلكترونية كيف نحمي شبابنا؟ التوعية تبدأ من الأسرة والمدرسة يُشدد الدكتور ياسر على أهمية التوعية الشاملة لمواجهة هذه الظاهرة، ويُقدم عدة نصائح: 1- يجب على الآباء التحدث بصراحة وشفافية مع أبنائهم حول مخاطر السجائر الإلكترونية، والاستماع إلى مخاوفهم وأسئلتهم دون إصدار أحكام. وعليهم أن يكونوا قدوة حسنة من خلال عدم التدخين أو استخدام أي منتجات تبغ أمام أبنائهم. 2- يجب دمج برامج توعية مكثفة حول أضرار السجائر الإلكترونية ضمن المناهج الدراسية والأنشطة اللامنهجية، وتقديم معلومات علمية موثوقة للطلاب. 3- يجب على وسائل الإعلام المختلفة تسليط الضوء على هذه المشكلة بشكل مستمر، وإنتاج حملات توعية فعالة تُسهم في تغيير المفاهيم الخاطئة عن السجائر الإلكترونية. 4- يجب على الحكومات فرض رقابة صارمة على بيع وتوزيع السجائر الإلكترونية، ومنع بيعها للقصر، ووضع قوانين تُقيد الإعلانات المضللة لهذه المنتجات. 5- يجب توفير برامج دعم وعلاج للشباب الذين بدأوا في استخدام السجائر الإلكترونية لمساعدتهم على الإقلاع عنها، وتقديم بدائل صحية لأنشطة ترفيهية تُبعدهم عن هذه العادات الضارة. السجائر الإلكترونية يُختتم الدكتور ياسر حديثه بتحذير واضح: "السجائر الإلكترونية ليست مجرد موضة عابرة، بل هي خطر حقيقي يُهدد صحة ومستقبل أجيال كاملة. يجب أن نتكاتف جميعاً لمواجهة هذه الظاهرة قبل أن تتفاقم".

تقرير يرصد تأثير نقص البدائل الخالية من الدخان على استراتيجية إفريقيا في مكافحة التدخين  النهار نيوز
تقرير يرصد تأثير نقص البدائل الخالية من الدخان على استراتيجية إفريقيا في مكافحة التدخين  النهار نيوز

النهار نيوز

timeمنذ 5 أيام

  • النهار نيوز

تقرير يرصد تأثير نقص البدائل الخالية من الدخان على استراتيجية إفريقيا في مكافحة التدخين النهار نيوز

اعدة للنشر: ماهر بدر في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحولات كبيرة نحو تقليل مخاطر التدخين السلبي من خلال دعم البدائل المبتكرة الخالية من الدخان، إلا أن القارة الإفريقية لا تزال تواجه تحديات ضخمة في هذا المجال. فملايين الأسر في إفريقيا تجد نفسها أمام خيارين للتعامل مع التدخين؛ إما الإقلاع التام عن هذه العادة المدمرة، وهو أمر صعب دون دعم مناسب، أو الاستمرار في التدخين التقليدي مع ما يترتب على ذلك من مخاطر صحية جسيمة. رغم أن البدائل المبتكرة التي يتم الإشادة بها عالميًا مثل منتجات التبغ المسخن وأكياس النيكوتين والتبغ الممضوغ والسجائر الإلكترونية قد ساعدت ملايين المدخنين البالغين حول العالم على الإقلاع عن التدخين، فإن هذه المنتجات ما زالت محدودة الانتشار في القارة الإفريقية. فهي إما أن تكون محظورة، أو باهظة الثمن، أو ببساطة غير موجودة في العديد من الدول الإفريقية. في هذا السياق، يقول جوزيف ماجيرو، رئيس حملة البدائل الأقل خطورة (CASA)، وهي منظمة أفريقية لمناصرة حقوق المدخنين: "تظل إفريقيا تُعامل كسوق رئيسية للسجائر، بينما تُعتبر بدائل النيكوتين مجرد إضافات اختيارية. هذا النهج يبقي ملايين المدخنين البالغين عالقين في حلقة مفرغة من التدخين دون مخرج حقيقي." من جانبه، عبر الدكتور أولاتونجي أوشي، المدير الإقليمي لمبادرة تقليل مخاطر التبغ (THR) في نيجيريا، عن قلقه قائلاً: "من الصعب تصديق وعود ' مستقبل خالٍ من الدخان'، بينما القارة، التي تشهد أسرع معدل نمو للمدخنين، لا تزال غارقة في السجائر التقليدية." الحقيقة هي أن السياسات السائدة في العديد من الدول الإفريقية لا تزال تتمسك بمناهج تقليدية تقوم على حظر جميع منتجات التبغ، دون التمييز بين السجائر التقليدية والبدائل الأقل خطورة. هذا التوجه يؤدي إلى فرض ضرائب متساوية على جميع المنتجات، أو حتى حظرها بالكامل، مما يُضعف من فرص تعزيز الصحة العامة ويقيد خيارات المدخنين. من الأمثلة اللافتة على هذا النهج هو ما اقترحته جنوب إفريقيا من قوانين صارمة تساوي بين السجائر التقليدية والبدائل المبتكرة كالسجائر الإلكترونية، سواء من حظر الإعلانات وفرض عقوبات قاسية على التوزيع والاستخدام. وفي الوقت ذاته، تعاني دول مثل نيجيريا من غياب التشريعات الواضحة، مما يترك سوق البدائل المبتكرة في حالة من الفوضى القانونية ويعرض المدخنين البالغين لمخاطر استخدام منتجات غير موثوقة.لكن المشكلة لا تقتصر فقط على التشريعات، بل تتعدى ذلك إلى تحديات سلاسل التوريد والضرائب المرتفعة. فغياب مصانع محلية لإنتاج هذه البدائل يدفع القارة للاعتماد شبه الكامل على الاستيراد، مما يؤدي إلى فرض رسوم جمركية وضرائب مرتفعة، وهو ما يجعل استخدام هذه البدائل متاحة فقط لفئة صغيرة من الأشخاص ذوي القدرة المالية، وتظل الغالبية العظمى من المدخنين البالغين دون خيار. في المقابل، تبنّت أوروبا والمملكة المتحدة وحتى أجزاء من آسيا سياسات تهدف إلى تقليل مخاطر التبغ، ومن بينها السويد التي تقدم نموذجًا متقدمًا يُحتذى به عالميًا في التعامل مع قضية التدخين. فقد تبنت السويد سياسات مبتكرة تستند إلى تقييم علمي دقيق لمستويات المخاطر، وهو ما يميز بين السجائر التقليدية والبدائل مثل "السنوس" وأكياس النيكوتين. على سبيل المثال، قررت السويد خفض الضرائب على "السنوس" بنسبة 20%، في حين رفعت الضرائب على السجائر التقليدية بنسبة 9%، وذلك في خطوة تهدف إلى تشجيع المدخنين البالغين على التحول إلى البدائل الأقل خطورة. قد أثمرت هذه السياسات عن نتائج إيجابية، حيث سجلت السويد أدنى معدل تدخين في أوروبا بلغ 5.6%، وتقترب بشكل متسارع من تحقيق هدف منظمة الصحة العالمية نحو تصنيفها "دولة خالية من الدخان" (أي أقل من 5%). وإذا استمرت السويد في هذه السياسة، فإنها ستتمكن من تحقيق هدف "أوروبا خالية من الدخان" قبل الموعد المحدد بعام 2040. تبرز تجربة السويد أهمية تبني نهج شامل يعتمد على تقليل المخاطر بدلاً من الحظر الشامل، وتظهر كيف أن تصنيف المنتجات وفقًا لمستوى المخاطر يسمح بتوفير بدائل أقل خطورة للمدخنين البالغين، مع الحفاظ في الوقت ذاته على حماية الصحة العامة. من خلال هذه السياسات الذكية، يمكن للدول أن تقلل من مخاطر التدخين بشكل فعّال دون التضحية بالسلامة الصحية للمجتمع. رغم أن بعض المنتجات البديلة قد تساعد في تقليل مخاطر التدخين التقليدي، إلا أنها ليست خالية تمامًا من المخاطر، ولا يمكن اعتبارها حلاً نهائيًا. ويظل الإقلاع التام عن التدخين هو الخيار الأفضل دائمًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store