logo
بين ضغط نتنياهو وحذر زامير.. احتلال غزة "مقامرة" مكتملة الأركان

بين ضغط نتنياهو وحذر زامير.. احتلال غزة "مقامرة" مكتملة الأركان

الجزيرةمنذ 7 ساعات
يبدو المشهد العسكري الإسرائيلي شديد الغرابة هذه الأيام، إذ إن العلاقة بين المستويين السياسي والعسكري فائقة الارتباك، وخصوصا عشية تصعيد حملة "عربات جدعون 2" التي أقرت لاحتلال مدينة غزة. فالجيش الإسرائيلي أعلن رسميا بدء الحملة الجديدة بممارسة ضغط عسكري واسع على أحياء الصبرة والزيتون ومدينة جباليا، حتى قبل عرض الخطة على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- للمصادقة عليها. ويكثر مسؤولون عسكريون حاليون وسابقون من إبداء التخوفات من احتمال فشل الحملة الجديدة بسبب تكرارها لمبادئ العمل التي انطلقت منها الحملات السابقة.
وفي ضوء الاستعدادات لاحتلال مدينة غزة، أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي العميد إيفي ديفرين بيانًا قال فيه "لن ننتظر. لقد بدأنا العمليات التمهيدية والمراحل الأولى من الهجوم على مدينة غزة، وقوات الجيش الإسرائيلي تسيطر بالفعل على مشارف المدينة. قوات الفرقة 99 تعمل على الأرض في حي الزيتون، وقد تحققت بالفعل إنجازات في هذا القتال".
ومعروف أن حملة "عربات جدعون 2″ ستتم على مرحلتين، الأولى إجلاء جميع سكان غزة، والثانية احتلالها و"تطهيرها" فوق الأرض وتحتها وجعلها مثل رفح وبيت حانون. وكل هذا قبل أن تعرض الخطة على الكابينت، وضمن اعتقاد بأن المصادقة تغدو شكلية، إذا ما كان هناك رفض جدي لمقترح الوساطة الأخير الذي قبلت به حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشأن الصفقة الجزئية.
وبحسب "معاريف" يعمل الجيش الإسرائيلي حاليًا على تطويق مدينة غزة، حيث بدأت الفرقة 162 بالتطويق من الشمال، كما تعمل الفرقة 99 على تطويق المدينة في منطقة حي الزيتون. ومطلوب من الجيش الإسرائيلي التصرف بطريقة تُلحق أفدح الضرر بأصول حماس: القيادة والسيطرة، والبنية التحتية القتالية، والأنفاق، والأهم من ذلك عزل المقاومين وإجبارهم على الانشغال بالدفاع. ولتحقيق هذه الغاية يجب أن يكون الجيش الإسرائيلي ديناميكيا في الفضاء، لا ثابتًا، بل متحركًا.
6 فرق
سينشر جيش الدفاع الإسرائيلي ست فرق في غزة، حيث ستنفذ مناورة في مدينة غزة، بالإضافة إلى عمليات في بقية أنحاء القطاع. ووفقًا للخطة العسكرية، سيبدأ جيش الدفاع الإسرائيلي العملية بتطويق المدينة، وذلك بعد تخفيف حدة عمليات المدفعية والقوات الجوية والبحرية. عندها فقط، ستُنفذ المناورة البرية. يُعدّ نشاط الفرقة 99 الحالي في حي الزيتون جزءًا من العمليات التحضيرية للعملية، حيث يُحسّن جيش الدفاع الإسرائيلي مواقعه لوقف التقدم في الجزء الجنوبي من المدينة.
واستبق إعلان بدء حملة "عربات جدعون 2" ما كان معلنا أنه بعد اكتمال خطط احتلال غزة عسكريا ستعرض الخطة على الحكومة للمصادقة عليها أثناء انتظار استدعاء 60 ألفا من القوات الاحتياطية. يضاف إلى ذلك واقع تمديد الخدمة الاحتياطية لـ70 ألف جندي آخر موجودين حاليا في صفوف الجيش. وتحسبا لتطورات أخرى منحت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الحكومة تفويضا باستدعاء مئات آلاف آخرين من القوات الاحتياطية. ونظرًا لاحتمال إطالة أمد العملية، يستعد الجيش في ذروة المناورة لتفعيل ما بين 110 و130 ألف جندي احتياطي معًا في غزة.
ولم يسبق لأي عملية عسكرية في تاريخ إسرائيل أن شهدت مثل هذا الضغط من جانب المستوى السياسي، حيث التدخلات الواسعة من جانب وزير الدفاع إسرائيل كاتس والوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش وكذلك من رئيس الحكومة نفسه.
فقد أمر نتنياهو الجيش مساء أمس الأربعاء بتقليص الجدول الزمني للسيطرة على مدينة غزة في إطار ما وصفه بـ"الضغط النووي" الذي يمارسه على حماس. ويرى كثيرون أن نتنياهو يبقي قرار احتلال غزة قريبا من صدره، ويثير من حوله ستارا دخانيا كثيفا يزعج كثيرين خصوصا من يرون أنه قد يكون نال تشجيعا من إدارة ترامب على ذلك.
حذر وحرج
ولم يرق للكثيرين في المستوى السياسي التوجهُ الحذر الذي تبناه رئيس الأركان الجنرال إيال زامير ، الذي خطط لعملية تمتد حتى 4 أشهر. فالقيادة السياسية تريد نتائج أسرع خصوصا في ظل الضغوط الدولية والداخلية المتزايدة. ويبدو حرج هذه القيادة على وجه الخصوص بعد رد حماس الإيجابي على مقترح ويتكوف المعدل. وهذا ما يخلق تنافسا بين إبرام الصفقة شبه الجاهزة أو الدخول في حملة لا أحد يضمن نتائجها. إذ عندما طُلب من الجيش تقييم حجم خسائره في احتلال مدينة غزة، عرض فقط عدد قتلاه عند الدخول السابق للمدينة: 100 جندي وضابط قُتلوا.
وكانت عدة مصادر إسرائيلية قد أشارت إلى أن حكومة نتنياهو تعمل من أجل أن تجري المفاوضات لإبرام صفقة شاملة في ظل الحملة العسكرية على غزة وتحت نيرانها. ويعتقد معلقون إسرائيليون أن هذا التوجه أقرب إلى لعبة بوكر تجري فيها مقامرة على كل شيء. وهذا ما يقلق المسؤولين الأمنيين والعسكريين الذين يعتبرون أن توسيع الحرب "مقامرة كبيرة" ومكلفة، وأن "فرصة استسلام حماس أو تسليم الرهائن طواعيةً معدومة".
وطبيعي أن حسابات الحقل ليست دوما كحسابات البيدر، لذلك هناك من يشير إلى عملية المقاومة يوم الأربعاء في خان يونس وإلى ما أعلنه الجيش متأخرا عن عملية مشابهة في بيت حانون. وكتب المعلق العسكري لـ"معاريف" آفي أشكنازي أن الهجوم المباغت في خان يونس بمعجزة لم ينته بكارثة، لكن الكابوس الحقيقي ينتظر الجيش في غزة. ولاحظ أن عملية خان يونس مثيرة للقلق على وجه الخصوص، لأنها تكشف فشلا استخباريا واضحا من جانب الجيش و الشاباك. فخان يونس تم احتلالها و"تطهيرها" ثلاث مرات ومع ذلك بقيت فيها أنفاق ومقاومون.
الكابوس
وقال مصدر أمني إسرائيلي "هكذا تبدو حرب العصابات. جيش كبيرٌ يتمركز في خلية ميدانية بينما يتحرك الإرهابيون عبر الأنفاق. يخرجون وينفذون هجومًا ثم يفرون، أحيانًا يكون هناك إرهابي واحد أو اثنان، وقد تخرج أيضا مجموعة كبرى من الإرهابيين الذين فقدوا الاتصال بالعالم الخارجي من نفق، وتنفذ هجومًا مثل هذا اليوم". وأضاف "سأخبركم سرًا، هذه ليست المحاولة الأولى للعمل بهذه الطريقة، وربما لن تكون الأخيرة". نعم، هذا بالضبط كابوس المؤسسة الأمنية. إن التحدي في خان يونس أو رفح أو بيت حانون ضئيل مقارنةً بتحدي العمل في مدينة غزة.
وبشكل متناقض اعترف الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي بأن "حماس لم تعد تعمل كجيش إرهابي كما كانت في الماضي، بل باتت تعمل بمنطق حرب عصابات، وقد يستمر هذا الوضع طويلًا. هذه هي طبيعة حرب العصابات. مركز حماس الرئيسي يقع في مدينة غزة، وسنُرسخ النموذج الذي اتبعناه خارج المدينة أيضا. سنضرب البنية التحتية فوق الأرض وتحتها حتى تتحقق أهداف العملية. حماس لن تستسلم، ولن تحكم غزة في اليوم التالي، هذا هو المؤشر الرئيسي. لن نتمكن من التعايش مع حكم حماس في اليوم التالي".
وفي مقابلة مع إذاعة "إف إم 103" تحدث الخبير في الشأن الفلسطيني المقدم ألون أيفياتار محللا قبول حماس بمقترح ويتكوف المعدل واستعدادها لمواجهة إسرائيل، وقال "تلقينا يوم الأربعاء رسالة من حماس في حادثة خان يونس، لو نجحت من وجهة نظرهم لكنا في وضع مختلف. نشهد من حدث إلى آخر تزايدًا في الجرأة. فيما يتعلق بدخول مدينة غزة، حماس لا تريد دخول الجيش الإسرائيلي، لكنها ليست خائفة، مهما كلف الأمر. لقد مرروا الكرة إلى إسرائيل، إذا قررت إسرائيل دخول مدينة غزة، فحماس تنتظر ذلك".
حرب عصابات
وأضاف "لقد تلقت الحركة ضربة موجعة، وهي تعمل حاليا وفق نمط مختلف. تطورت من جيش صغير إلى حرب عصابات خالصة، وتعمل بمنطق حرب عصابات. بفضل وحداتها داخل الأنفاق، تتمكن من تسليح نفسها، والسيطرة على المتفجرات، ومن وجهة نظرها، إذا قررت إسرائيل دخول قطاع غزة، فستحرص على محاصرته بطريقة تُنهك إسرائيل. ستتخبط إسرائيل في دمائها، ومن وجهة نظرها القطاع مجرد وحل غزّي، وإذا دخلت إسرائيل فستدفع الثمن".
من جانبه، حذر نبي الغضب الجنرال إسحاق بريك من احتلال غزة، مرجحا أن تنتهي حملة "عربات جدعون 2" بالفشل، وهو يشير إلى أن هذا أيضا رأي رئيس الأركان الذي عبر عنه قبل أسابيع في جلسة الحكومة. وتوقع زامير حينها أن تنتهي الحملة الجديدة مع خسائر فادحة في صفوف قواته، ومقتل الأسرى الإسرائيليين في الأنفاق.
ولاحظ الجنرال بريك أنه "بينما يُدرك رئيس الأركان العواقب الوخيمة والفشل المتوقع لاحتلال غزة، فإنه مُستعدّ للشروع في عملية يعلم عواقبها الوخيمة مسبقًا. سيُسفر قرار مجلس الوزراء بشن هجوم على غزة عن سقوط المزيد من القتلى والجرحى من الجنود والرهائن، قرابين على مذبح بقاء الحكومة".
واعتبر بريك أن خطة رئيس الأركان لاحتلال غزة، والتي أقرها وزير الدفاع، هي خطة قد تُسبب كارثة للجيش الإسرائيلي والدولة. فإخلاء مليون نسمة ليس بالأمر الهين، كما أن جزءا من السكان قد يرفض الرحيل مما يعقد المهمة.
ويرى أن تطويق المدينة خدعة ووهم لأن "مقاتلي حماس ليسوا فوق الأرض، بل في مئات الكيلومترات من الأنفاق تحت الأرض، حيث يمكنهم التحرك بحرية. مع دخول الجيش الإسرائيلي غزة، ستتمكن حماس من الزحف إلى مناطق أخرى من القطاع، وبالتالي لن تكون هناك قدرة على تطويقها. لا شك في أن حماس ستترك مقاتلين في المدينة يزرعون المتفجرات ويطلقون النار على الجنود ويتسببون في خسائر فادحة، كما صرّح رئيس الأركان في نقاش مجلس الوزراء قبل بضعة أسابيع".
نموت ببطء
أما الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الجنرال جيورا آيلاند، فقال في مقابلة إذاعية إنه متأكد "هذه الحكومة تقودنا إلى كارثة.. نحن نموت ببطء". وحول تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة، التي دعا فيها إلى التعجيل بتدمير حماس، قال "يُغير رأيه من حين لآخر، وينتظر ليرى نتيجة المباراة، ثم يُقرر أي فريق سينضم إليه. عادةً ما يكون الفريق الفائز".
وأوضح الرئيس السابق لشعبة العمليات في الجيش "إسرائيل في وضع حرج للغاية. ربما يكون التوصل إلى اتفاق مستحيلاً". و"إذا استحال التوصل إلى اتفاق، فعلينا اللجوء إلى خيار آخر. الواقع في غزة مُناسب لحماس وسيئ لنا".
وطبعا، من الواضح أن الحديث يدور حتى الآن عن الجانب السياسي العسكري المحلي من دون إشارة إلى الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدولية. ويحذر كثيرون من أن احتلال غزة قد يقود إلى كارثة اقتصادية على إسرائيل، فضلا عن توسيع أشكال المقاطعة الدولية لها. وسوف تخرج منها إسرائيل دولة منهكة من كل النواحي. لذلك لا ينتظر كثيرون قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي لأن الأمر واضح: إما اتفاق وإما حرب مهلكة.
إعلان
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أميركا تطلب من إسرائيل "تخفيفا مؤقتا" للغارات بلبنان
أميركا تطلب من إسرائيل "تخفيفا مؤقتا" للغارات بلبنان

الجزيرة

timeمنذ 5 دقائق

  • الجزيرة

أميركا تطلب من إسرائيل "تخفيفا مؤقتا" للغارات بلبنان

نقل موقع أكسيوس عن مصدرين قولهما إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب طلبت من إسرائيل تقليص عملياتها العسكرية "غير العاجلة" في لبنان، لتشجيع الحكومة اللبنانية على تنفيذ قرارها بالشروع في نزع سلاح حزب الله. وذكر الموقع الأميركي، اليوم الخميس، أن أطرافا عديدة في المنطقة تشك في قدرة الحكومة اللبنانية على نزع سلاح حزب الله، ولذلك رأت إدارة ترامب أن بعض الخطوات من جانب إسرائيل "قد تعطي بيروت مجالا أوسع ومصداقية لتنفيذ القرار". ووفقا للموقع، فقد بحث المبعوث الأميركي توم براك خطة بهذا الصدد مع الحكومة الإسرائيلية تتضمن تقليص الضربات الجوية على لبنان لعدة أسابيع، بحيث تكون خطوة أولى للتجاوب مع جهود الحكومة اللبنانية. كما طلبت إدارة ترامب من إسرائيل أن تنظر في إمكانية الانسحاب من أحد التلال الخمسة التي تحتلها في جنوب لبنان ، مقابل خطوات عملية من الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله. ونقل موقع أكسيوس أيضا أن الخطة الأميركية تتضمن إنشاء "منطقة ترامب الاقتصادية" في أجزاء من جنوب لبنان بمحاذاة إسرائيل. وفي 5 أغسطس/آب الجاري، أصدر مجلس الوزراء اللبناني قرارا بحصر السلاح بيد الدولة بما في ذلك سلاح حزب الله، وكلف الجيش بوضع خطة لإنجاز ذلك خلال الشهر الجاري وتنفيذها بحلول نهاية هذا العام، وهي الخطوة التي رفضها الحزب محذرا من أنها قد تتسبب في حرب أهلية. وبعد يومين، أعلنت الحكومة موافقتها على أهداف الورقة الأميركية التي أعدها المبعوث توم براك لتثبيت وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، والتي تتضمن جدولا زمنيا لنزع سلاح حزب الله ونشر الجيش اللبناني جنوبي البلاد. ويسري وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، لكن الجيش الإسرائيلي يواصل تنفيذ عمليات تجريف وتفجير بجنوب لبنان ويشن غارات شبه يومية. ولا تزال القوات الإسرائيلية تحتل 5 تلال لبنانية كانت قد سيطرت عليها خلال العدوان الذي تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/أيلول 2024، مما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح.

نتنياهو يأمر بمفاوضات فورية ويعتمد خطة احتلال غزة
نتنياهو يأمر بمفاوضات فورية ويعتمد خطة احتلال غزة

الجزيرة

timeمنذ 7 دقائق

  • الجزيرة

نتنياهو يأمر بمفاوضات فورية ويعتمد خطة احتلال غزة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية ، إنه أصدر توجيهاته للبدء فورا بمفاوضات تهدف إلى إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة. وأضاف نتنياهو في مقطع مصور، نشره مكتبه اليوم الخميس، "أعطيت تعليماتي للبدء فورا بمفاوضات لإطلاق سراح جميع رهائننا وإنهاء الحرب وفق الشروط المقبولة لإسرائيل"، لكنه لم يوضح موقفه من التفاصيل الأخيرة للخطة التي اقترحها الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة)، والتي وافقت عليها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الاثنين الماضي. وأكد نتنياهو أنه "في مرحلة الحسم"، مضيفا أنه توجه إلى قيادة فرقة غزة للموافقة على الخطط التي عرضها وزير الدفاع والجيش الإسرائيلي، والتي تهدف إلى احتلال المدينة وتحقيق "النصر على حماس"، حسب تعبيره. ويأتي هذا الإعلان غداة موافقة إسرائيل على خطة عسكرية لاحتلال مدينة غزة، تشمل استدعاء 60 ألف جندي احتياط، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعانيها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر. احتلال غزة في غضون ذلك، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن المجلس الأمني المصغر سيجتمع الليلة لمناقشة خطط احتلال غزة ومتابعة الاتصالات لإتمام صفقة محتملة، في حين أشار مسؤول إسرائيلي رفيع إلى أن إسرائيل لن ترسل في هذه المرحلة أي فريق تفاوض إلى القاهرة أو الدوحة. ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، جرت جولات تفاوضية عدة بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، أدت إلى هدنتين تم خلالهما تبادل أسرى إسرائيليين بآخرين فلسطينيين، دون التوصل إلى وقف نهائي للحرب أو الإفراج عن جميع الأسرى. ويشير آخر الإحصاءات إلى أن من أصل 251 أسيرا لدى المقاومة في غزة خلال " طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لا يزال 49 أسيرا في القطاع، بينهم 27 تقول إسرائيل إنهم لقوا حتفهم. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل -بدعم أميركي- حرب إبادة على سكان قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية لوقف الحرب وأوامر محكمة العدل الدولية بهذا الصدد. وخلفت الإبادة أكثر من 62 ألف شهيد و157 ألف مصاب، كما استشهد جراء التجويع 271 فلسطينيا، بينهم 112 طفلا، وفق أحدث إحصاءات وزارة الصحة في قطاع غزة.

كاتب إسرائيلي: نتنياهو وديرمر يفتعلان الذرائع لإطالة الحرب بغزة
كاتب إسرائيلي: نتنياهو وديرمر يفتعلان الذرائع لإطالة الحرب بغزة

الجزيرة

timeمنذ 37 دقائق

  • الجزيرة

كاتب إسرائيلي: نتنياهو وديرمر يفتعلان الذرائع لإطالة الحرب بغزة

يكشف الكاتب والصحفي الاستقصائي الإسرائيلي رونين بيرغمان كواليس ما يجري في ملف المفاوضات حول الأسرى الإسرائيليين في غزة ، واصفا إياها بأنها "صورة مركّبة" يتصدرها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية- ووزير الشؤون الإستراتيجية المقرب منه رون ديرمر. ويشير بيرغمان، في مقال له بصحيفة يديعوت أحرونوت، إلى أن نتنياهو وديرمر يحتكران القرار ويصيغانه وفق حسابات سياسية داخلية أكثر من كونهما يستندان إلى اعتبارات عسكرية أو إنسانية. ويؤكد أن إعلان نتنياهو الجديد الإصرار على اتفاق شامل يضمن الإفراج عن جميع الأسرى دفعة واحدة إنما هو يستخدم هذا الموقف كستار دخان لتأجيل أي حسم في المفاوضات، ولإبقاء الحرب مفتوحة زمنا طويلا. قرار محصور بيد رجلين تأتي هذه الخلاصة من خلال اتصالات بيرغمان، صاحب كتاب "انهض واقتل أولا" الذي تناول تاريخ الاغتيالات السرية الإسرائيلية، مع 4 مسؤولين كبار في دوائر مختلفة من الحكومة والجيش وأجهزة الاستخبارات، حيث تحدثوا عن نوايا الرجلين "الغامضين" اللذين يحتفظان بسر القرار بشأن كيفية رد إسرائيل على اقتراح الوسطاء الذي وافقت عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وينقل بيرغمان، الذي يحظى بسمعة كصحفي يمتلك شبكة واسعة من المصادر داخل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، عن هؤلاء المسؤولين أنهم لا يعرفون شيئا عما يضمره هذان الرجلان من قرارات، وأن كل ما يتعلق بالرد الإسرائيلي على عرض حماس الأخير لا يعرفه حتى كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية والعسكرية. كما يشيرون إلى أنه على الرغم من أن إسرائيل لم تُرسل بعثة التفاوض إلى الدوحة، فإن ثمة احتمالا أن تخرج هذه البعثة بنهاية الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل. وحسب بيرغمان، فإن معظم المسؤولين العسكريين والأمنيين باتوا مقتنعين أن لا مفر من التوصل إلى صفقة جزئية مؤقتة، عبر إطلاق عدد من الأسرى مقابل وقف إطلاق نار مرحلي، ومن ثم الانتقال لاحقا إلى مرحلة تفاوض جديدة، ويقولون إنه بمجرد موافقة نتنياهو يمكن إغلاق الصفقة خلال أيام، لكن رئيس الحكومة يفضّل المماطلة وعدم الحسم، وهو ما يعرّض حياة الأسرى لخطر متزايد. "ستار دخان" بخلفية سياسية ويلفت الصحفي الاستقصائي الإسرائيلي إلى المفارقة في أن نتنياهو نفسه كان يؤكد في الماضي أهمية "الصفقات المرحلية"، لكنه انقلب اليوم على هذا الموقف وبدأ يشرح لماذا لم تعد تصلح. ويرى أن هذا التحول ليس حقيقيا، بل مجرد وسيلة يستخدمها نتنياهو لإخفاء نواياه بعدم إنهاء الحرب، ولإلقاء الكرة دائما في ملعب حماس. يصف بيرغمان هذا الموقف بأنه ستار دخان يخفي وراءه خطة نتنياهو لإطالة أمد الحرب، فبحسب قرار المجلس الوزاري المصغر الأخير لن تنتهي الحرب إلا بعد القضاء التام على حماس، ونقل الإدارة المدنية في غزة إلى جهة دولية ليست حماس ولا السلطة الفلسطينية ، مع احتفاظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية. ويشير في هذا السياق إلى أن الجيش نفسه قدّر أن تحقيق ذلك يتطلب من 3 إلى 5 سنوات على الأقل، أي حرب طويلة الأمد مفتوحة بلا أفق سياسي. وفق بيرغمان، فإن هذا الخيار يعني بالضرورة التخلي عن جزء كبير من الأسرى، إذ إن أي عملية برية في عمق غزة ستعرّض حياتهم للخطر المباشر. كما يؤكد بيرغمان، نقلا عن مصادر استخباراتية، أن حماس قدّمت تنازلات ملموسة، مثل قبول مبدأ الصفقة الجزئية، وقبول الإفراج فقط عن بعض الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالمؤبد، وإطلاق بعض الأسرى فقط مقابل جثث الجنود الإسرائيليين، ولكن حماس في المقابل طالبت بضمانات صلبة لمواصلة التفاوض بعد انتهاء فترة التهدئة التي تمتد 60 يوما. ويرى أن إسرائيل تجاهلت هذه المرونة، وواصلت التمسك بموقفها الإعلامي بأن "لا صفقات جزئية". فشل "مركبات جدعون" ويبرز بيرغمان ما يقوله العقيد (احتياط) دورون هدار، قائد وحدة التفاوض السابقة في الجيش، الذي يحذّر من أن أي مماطلة تمثل "جريمة بحق الأسرى". ورغم أن حماس تتحمل المسؤولية الأولى عن أَسرهم، فإن إسرائيل تتحمل مسؤولية إنقاذهم، لا سيما أن 41 أسيرا دخلوا غزة أحياء وتوفي بعضهم لاحقا بسبب تأخر الحسم. ويحمّل الصحفي الاستقصائي نتنياهو المسؤولية المباشرة عن فشل محاولات التوصل إلى اتفاق، إذ إنه خضع لضغوط اليمين الرافض لأي تنازل، وأحبط حتى المبادرات الأميركية التي طُرحت لفتح قنوات مباشرة مع حماس. كما يشير بيرغمان إلى أن نتائج عملية " مركبات جدعون"، التي اعتبر الجيش أنها ستكون حاسمة، جاءت معاكسة، فلم تحقق الهدف الأول وهو تحرير الأسرى، ولم تتمكن من القضاء على حماس. بل إن تقديرات الاستخبارات أظهرت أن أعداد مقاتلي الحركة بعد شهور من القتال عادت تقريبا إلى مستواها السابق، في ما يشبه "حلقة زمنية لا تنتهي". ويقول "في بداية التوغل البري، قدّرت الاستخبارات قوة حماس بـ24 ألف مقاتل، و الجهاد الإسلامي بـ6 آلاف. ثم أعلنت إسرائيل أنها قتلت أكثر من 15 ألفا. ورغم ذلك، وقبيل عملية "مركبات جدعون"، قُدّر أن لدى حماس مجددا 24 ألف مقاتل، ولدى الجهاد 6 آلاف"! في النهاية، يقدّم المقال صورة قاتمة: إسرائيل عالقة بين معادلة بلا حل، فهي من جهة ترفض التقدم في صفقة جزئية، ومن جهة أخرى غير قادرة على إنهاء الحرب عسكريا. والنتيجة -حسب بيرغمان- هي استمرار حرب استنزاف طويلة الأمد، يدفع ثمنها الأسرى أولا، ثم الجيش الإسرائيلي، بينما بدأ المجتمع الدولي يضغط أكثر فأكثر على إسرائيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store