
الغزيون يخشون من إغلاق محطات المياه مع توسيع إسرائيل هجومها
يتفاقم نقْص المياه الصالحة للشُرب في غزة، في ظلّ توسيع إسرائيل نطاق عملياتها العسكرية في القطاع، ما يتسبب في موجات جديدة من النزوح.
وفي غضون ذلك، ينفد الوقود من محطات تحلية المياه ومرافق الصرف الصحي، ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن شركاء له يحذرون من مغبّة عدم استلام وقود بشكل عاجل.
ويحذّر هؤلاء الشركاء من احتمال الوصول إلى "إغلاق تام" لمرافق المياه والصرف الصحي بنهاية الأسبوع الراهن.
وكانت إسرائيل قد قطعتْ في مطلع شهر مارس/آذار الماضي خطوط الكهرباء عن المحطات الرئيسية لتحلية المياه في القطاع، والتي تُعدّ مصدراً حيوياً للمياه للغزيّين.
وبرّرت إسرائيل هذه الخطوة بأنها للضغط على حركة حماس من أجل إطلاق سراح الرهائن المتبقيين لديها.
وعلى الرغم من إعلان إسرائيل مؤخراً أنها بدأت في السماح بدخول الإمدادات الأساسية إلى غزة، إلا أنّ الوقود ليس بين تلك الإمدادات حتى الآن.
ومع ذلك، وصلت كميات من مياه الشرب على متن عشرات الشاحنات التابعة للأمم المتحدة التي دخلت القطاع – مع مؤن أخرى لم يتم توزيعها بعد.
وقال آباء لبي بي سي، إن أطفالهم -على مدى 19 شهراً من الحرب- اعتادوا على شُرب مياه مالحة، ونتيجةً لذلك، يقول أطباء إنهم رصدوا ارتفاعاً في الشكاوى من أمراض خطيرة متعلقة بالكُلى.
وفي ذلك قال رائد الزهارنة، وهو والد لأربعة أطفال في خان يونس، إن "المياه التي نشربها ذات طعم هو مزيج متساوٍ من الحلاوة والملوحة".
ومثل معظم الغزيين الآن، يعتمد الزهارنة على المياه التي تدخل القطاع على متن الشاحنات.
وأضاف الزهارنة لبي بي سي: "نعلم أنها مياه غير صالحة للشرب، ومع ذلك نشربها. ونعاني آلاماً في المَعدة وإسهالاً ولكننا نتعايش مع ذلك؟ وماذا يمكننا أن نفعل؟ نحتاج إلى الشُرب. ليس أمامنا بديل".
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، كان لا يزال هناك صوت عالٍ -هو صوت حركة الآلات- في محطة لتحلية المياه في جنوب غزة، والتي كان جوناثان كريكس من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في زيارة إليها.
وقال كريكس إن الإنتاج في هذه المحطة قد تراجع بنسبة 80 في المئة نتيجة لانقطاع الكهرباء. ومع ذلك، كانت المحطة لا تزال قادرة على إنتاج آلاف اللترات يومياً.
وأوضح كريكس لبي بي سي: "المشكلة أن إنتاج المياه يتطلب وقوداً، ثم بعد ذلك تكون هناك حاجة إلى شاحنات لنقل تلك المياه إلى مختلف التجمّعات السكانية".
ولفت كريكس إلى أن "هذه العملية صعبة؛ حيث إنّ لدينا كميات ضئيلة جداً من الوقود، لا تكفي لإنتاج المياه ولتشغيل الشاحنات اللازمة لنقلها للناس".
حماس تلاحق "لصوص الغذاء" في غزة، وتتهم إسرائيل بدعم بعضهم
وفي الأيام الأخيرة، لجأ الناس في غزة إلى استخدام العربات التي تجرّها الحمير لتوزيع المياه، لكن إسرائيل صعّدت هجماتها العسكرية ما أسفر عن موجات نزوح جديدة لنحو 140 ألف شخص في شمال وجنوب القطاع - وقد فاقم ذلك من صعوبة الوضع.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن مرافق تحلية المياه والصرف الصحي في غزة تضرّرت بشدّة نتيجة النقص المزمن للوقود في القطاع.
وبحسب المكتب الأممي، فإنه لا يوجد حالياً وقود في شمال غزة، وأنه لم يصل في الأسبوع الماضي غير نصف الكمية التي تحتاجها المنطقة – وهذا يعني مزيداً من تقليص ساعات التشغيل في آبار المياه، فضلاً عما يُنذر به من إغلاق تام.
وفي جنوب غزة، لم تتلقَّ مرافق المياه التابعة للأمم المتحدة أي وقود، على الرغم من الحاجة إلى نحو 140 ألف لتر من الوقود أسبوعيا من أجل تشغيل هذه المرافق.
وقد تسبب ذلك، وفقاً للمكتب الأممي، في تقليص مرافق تحلية المياه والصرف الصحي ساعات عملها بأكثر من الخُمس.
ويقول موظفو الأمم المتحدة إنهم يحاولون يومياً الحصول على وقود من مستودعات موجودة في مناطق تحتاج إلى تنسيق مع السلطات الإسرائيلية، مثل رفح – التي أصبحت وجهةً للعمليات العسكرية.
ومع ذلك تقابَل تلك المحاولات بالرفض المستمر من جانب إسرائيل، التي منذ أنْ فرضتْ حصاراً كاملاً على غزة في يوم الثاني من مارس/آذار، لم تسمح بدخول وقود جديد إلى القطاع.
مطابخ غزة تحذر من نفاد الطعام خلال أيام بعد شهرين من الحصار الإسرائيلي
وقال غازي اليازجي، أخصائي أمراض الكُلى في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، إنه لاحظ المزيد من المرضى الذين يعانون بسبب شُرب المياه الملوثة والمياه عالية الملوحة.
وأضاف اليازجي لبي بي سي: "ليس لدينا أرقام محددة، لكن الحالات في تزايد ملحوظ، لا سيما بين الأطفال".
وحتى قبل الحرب، كانت غزة تشهد معدلات مرتفعة نسبياً من أمراض الكُلى، بسبب نقص المياه وتدنّي جودة الإمدادات.
وقال اليازجي إن مستشفى الشفاء لديها 220 مريضاً في حاجة إلى غسيل كلوي، وإنهم أصيبوا نتيجة تدنّي جودة مياه الشُرب في قطاع غزة.
وأشار اليازجي إلى أن كثيرين من مرضى الكُلى في غزة فارقوا الحياة مؤخرا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ ساعة واحدة
- BBC عربية
قتلى وجرحى بغارات إسرائيلية على غزة، ونتنياهو يتّهم بريطانيا وكندا وفرنسا بالوقوف "في الجانب الخطأ من الإنسانية"
في غارات إسرائيلية متواصلة على مناطق متفرقة في القطاع الفلسطيني المحاصر، أعلن الدفاع المدني في غزة الجمعة مقتل 16 شخصاً. وأفاد محمد المغير مدير الإمداد الطبي في الدفاع المدني، بسقوط "16 شهيداً وعشرات المصابين إثر غارات جوية شنها الاحتلال في مناطق عديدة بقطاع غزة منذ منتصف الليل"، وفق ما أفادت وكالة فرانس برس. وأشار إلى "سقوط عشرات الجرحى" في الغارات التي أصابت منازل في وسط قطاع غزة وجنوبه. المساعدات التي سُمح بدخولها "لا تكفي" وعقب أن سمحت إسرائيل بدخول بعض شاحنات المساعدات إلى القطاع، قال الجيش الإسرائيلي إن 107 شاحنة مساعدات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى تحمل الدقيق والأغذية والمعدات الطبية والأدوية دخلت إلى غزة الخميس. وقال مسؤولون فلسطينيون إنّ المساعدات التي دخلت القطاع، لا تكفي إطلاقاً لتعويض النقص الناجم عن الحصار المستمر منذ 11 أسبوعاً، وفق فرانس برس. وفي مداخلة خلال انعقاد الجمعية السنوية لمنظمة الصحة العالمية الخميس، حض رئيس المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إسرائيل على التحلي "بالرحمة" في حرب غزة وإنهاء "التدمير المنهجي" للنظام الصحي في القطاع الفلسطيني. وشدّد على أن السلام سيكون في صالحها، وأنّ الحرب ستؤذي إسرائيل ولن تجلب لها حلاً دائماً. وكشفت منظمة الصحة العالمية أن سكان غزة يعانون نقصاً حاداً في الغذاء والمياه والإمدادات الطبية والوقود والمأوى. واضطرت أربعة مستشفيات رئيسية لتعليق خدماتها الطبية خلال الأسبوع الماضي، بسبب قربها من مناطق الأعمال العدائية أو مناطق الإخلاء والهجمات. وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان إن 19 مستشفى فقط من أصل 36 في قطاع غزة لا تزال تعمل، وإن الموظفين يعملون في "ظروف مستحيلة". وأضافت أن "94 في المئة على الأقل من كل المستشفيات في قطاع غزة تضررت أو دمرت"، في حين "جُرّد شمال غزة من الرعاية الصحية بشكل شبه كامل". واستؤنف القصف على القطاع في 18 مارس/ آذار بعد تعثر المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس لتمديد الهدنة التي استمرت شهرين. ومنذ بدء الحرب بلغ عدد القتلى في غزة 53762، وفقا لأحدث حصيلة أوردتها وزارة الصحة في القطاع. "البيان البريطاني الكندي الفرنسي يشجع حماس" اتّهم بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بعضاً من أقرب حلفاء بلاده بالوقوف "في الجانب الخطأ من الإنسانية" بعد انتقادهم لسلوك إسرائيل في غزة، وذلك في إشارة إلى كندا وبريطانيا وفرنسا. وفي بيان مشترك صدر في وقت سابق من هذا الأسبوع، وصفت بريطانيا وفرنسا وكندا العملية العسكرية الإسرائيلية الموسعة في غزة بأنها غير متناسبة، واعتبرت أنّ حرمانها المدنيين من المساعدات الإنسانية الأساسية أمرٌ فادح وغير مقبول. واتهم نتنياهو قادة الدول الثلاث بالسعي لبقاء حماس في السلطة، وقال إن بيانهم شجع الحركة.


BBC عربية
منذ 2 ساعات
- BBC عربية
غزة: انقطاع خدمات مراكز الخصوبة يؤجل أحلام الأمومة لأجل غير مسمى
في زاوية صغيرة من شقة مدمّرة في البلدة القديمة في غزة، يجلس محمد قرب زوجته نورة، ينظران بصمت إلى صور بالأبيض والأسود كانت على شاشة هاتف قديم. صور لأجنة مجمّدة كانت تمثّل لهما بداية حلم انتظراه طويلًا. محمد، شاب في الثلاثينات من عمره، كان يخضع للعلاج من مشكلة صحية تُعرف بـ"الخصية المعلّقة"، واحتفظ بعينة من سائله المنوي في أحد مراكز الإخصاب في غزة، بانتظار اللحظة المناسبة لتحقيق حلم الأبوة. أما نورة، من جهتها، فخاضت رحلة طويلة للعلاج من العقم، حتى استطاعت بعد سنوات من العلاج هي وزوجها، الخضوع لعملية حقن مجهري، انتهت بحمل في توأم، دام سبعة أشهر فقط. "داومنا أنا ومحمد على العلاج لمدة ثلاث سنوات حتى جاء تحليل الحمل إيجابيا ، وكان ذلك قبل شهرين فقط من بداية الحرب. لم تسعني الدنيا من الفرحة. فبعد أن أجريت عملية سحب بويضات وتم زراعة جنينين في رحمي والاحتفاظ بجنينين آخرين في مركز بسمة للإخصاب في غزة، قلت أخيرا تحقق حلمي. ولكن في اليوم الذي دخل فيه الإسرائيليون علينا، حدّثتني نفسي أن كل شيء انتهى". مثل آلاف الغزيين، اضطرت نورة وزوجها إلى النزوح مرارًا وسط أوضاع معيشية قاسية، شملت نقصًا حادًا في الغذاء والأدوية والفيتامينات الضرورية للحمل. فقدت نورة توأمها بعد سبعة أشهر إثر نزيف حاد. يقول محمد: "كنا نمشي كثيرا ونتنقل كثيرا من مكان لآخر، بالإضافة للقصف العشوائي الذي كان يثير الرعب في نفوسنا وخاصة لدى نورة وهي حامل. لن أنسى هذا اليوم أبدا. عانت من نزيف شديد ولم نستطع حتى توفير سيارة لنقلها للمستشفى، وفي النهاية تمكنا من نقلها عبر إحدى سيارات نقل القمامة، حتى وصلت للمستشفى وبدأ الإجهاض". وُلد أحد الجنينين ميتًا، أما الثاني فخرج حيّا، لكنه توفي بعد ساعات قليلة بسبب عدم توفر حضانات للخدج في غزة. "قالت لي إن الإجهاض تم بصورة وحشية في المستشفى. فلا أجهزة طبية متاحة ولا أطباء يستطيعون فعل شيء في ظل ما هو متاح"، يؤكد محمد. وفي مارس / آذار الماضي، اتهمت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة إسرائيل بأنها "هاجمت ودمّرت عمدا" مركز البسمة للإخصاب والذي يعد أكبر مركز للخصوبة في القطاع. وأصدرت اللجنة تحقيقا يقول إن السلطات الإسرائيلية "دمرت جزئيا القدرة الإنجابية للفلسطينيين في غزة عبر التدمير الممنهج لقطاع الصحة الإنجابية" مشيرة إلى أنها ارتكتبت بذلك "أعمال إبادة". كما أشار التقرير الذي أعدّته لجنة من الخبراء بتكليف من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى أن إسرائيل فرضت حصارا بشكل متزامن ومنعت المساعدات بما في ذلك الأدوية اللازمة لضمان سلامة الحمل والإنجاب ورعاية المواليد. وردا على التقرير، كانت البعثة الدائمة لإسرائيل لدى الأمم المتحدة قد أصدرت بيانا تقول فيه إنها "ترفض رفضا قاطعا هذه الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة". كما أدان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التحقيق واصفا إياه بـ"السخيف والعار من الصحة". تم إنشاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2021 للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. حلم مؤجل إلى أجل غير معروف ورغم أن الأطباء قالوا إن نورة لا تزال لديها فرصة للحمل، فإن الواقع في غزة لا يمنح هذه الفرصة بسهولة. فقد توقفت جميع مراكز الإخصاب التسعة التي كانت موجودة في غزة، وكان مركز البسمة للإخصاب أكبرها من حيث الإمكانيات الطبية. تواصلت بي بي سي مع الجيش الإسرائيلي للتعليق عما يقوله مسؤولو المركز بشأن استهدافه، وقال الجيش الإسرائيلي "إنه لا يستهدف عمدا عيادات الإخصاب في غزة، ولا يسعى إلى الحد من إنجاب المدنيين في القطاع". وأضاف: "إن الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي يقصف هذه المواقع عمدًا لا أساس له من الصحة، ويُظهر سوء فهم تام لهدف عملياته في غزة". وتعليقا على قصف مركز البسمة، أشار الجيش الإسرائيلي لبي بي سي إلى أنه لا يستطيع تأكيد وقوع الهجوم على المركز نظرا لعدم توافر معلومات كافية عن التاريخ المحدد للهجوم. وأشار الرد الإسرائيلي إلى أن قواته "تعمل وفقا للقانون الدولي وتتخذ الاحتياطات اللازمة لتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين". وفي هذا السياق، قال مسؤولو المركز لبي بي سي إنهم لم يتمكنوا من تحديد تاريخ وتوقيت القصف على المركز بسبب عدم تمكنهم من زيارته منذ أواخر نوفمبر / تشرين الثاني نظراً لظروف الحرب والهجمات المستمرة على القطاع، مشيرين إلى أنهم علموا بتدميره حين زاروه في أوائل ديسمبر / تشرين الأول عام 2023. قصة محمد ونورة ليست استثناءً، بل واحدة من عشرات القصص لنساء في غزة اصطدمن بالواقع ذاته. إسلام لُبّد، واحدة من هؤلاء النسوة، حملت بعد سنوات من المحاولات، لكنها لم تفرح بالحمل طويلًا. "بعد الحرب، لم يكن هناك أي استقرار. كل فترة قصيرة ننتقل من مكان إلى آخر. جسمي تعب، وحملي تعب معي"، هكذا تروي إسلام قصة فقدانها لجنينها بعد أشهر قليلة من الحمل الذي نتج عن عملية حقن مجهري أجرتها قبل الحرب. لا تملك الآن جنينًا مجمدًا ولا مكانًا تعيد فيه المحاولة. آمال خليل، هي الأخرى، خاضت رحلة علاجية طويلة استمرت ست سنوات قبل أن تتمكن من الحمل عبر الحقن المجهري وتضع طفلتها الأولى. كانت تحتفظ بجنين آخر في مركز الإخصاب، تخطط لزراعته هذا العام ليكون شقيقًا لطفلتها، لكن كما تقول: "كل شيء ضاع مع ضياع تدمير المختبر". "كنت أشعر أن هناك خطوة ثانية قريبة. كان عندي أمل في أخ له… ولكن الآن لا أخ ولا مركز". أما سارة خدري، فبدأت رحلتها مع الإخصاب عام 2020، ونجحت في تجميد أجنتها بعد مشوار صعب، وكانت أيضا تستعد لعملية الزرع، وتنتظر فقط اللحظة المناسبة، التي سبقتها الحرب. "أنا لا أستطيع حتى أن أبدأ مشوار الحقن المجهري. رأيت كل شيء ينهار وأنا في أول الطريق". "4000 جنين ذابوا في صمت" عن هذه الآمال المفقودة، تحدث لي الدكتور بهاء الغلاييني، مدير مركز بسمة للإخصاب، بنبرة لا تخلو من الحزن والذهول، وكأنه لا يصدق أن سنوات من العمل والعناية يمكن أن تختفي في لحظة. يقول الدكتور بهاء إن أهم ما كان في المركز حاضنتين تحويان نحو 4000 جنين مجمد وأكثر من 1000 عينة من السائل المنوي والبويضات، جميعها كانت تجسد أحلام الأمومة والأبوة لمئات النساء والرجال في غزة. "الحاضنتان اللتان دمرتا – وتكلفتهما أكثر من 10 آلاف دولار - كانتا مليئتين بسائل نيتروجيني يغمر العينات لحفظها وقبل قصف المركز بنحو أسبوعين، بدأ النيتروجين بالتناقص والتبخر". حاول مدير المختبر الدكتور محمد عجور – الذي نزح بدوره إلى جنوب غزة – التواصل مع مورد النتروجين في مستودع بمنطقة النصيرات في محاولة منه لإنقاذ العينات وإعادة ملئ الخزانات بالسائل المطلوب، غير أن شدة القصف حالت دون استطاعته الوصول إلى المركز لإعادة ملئ الحافظتين. يقول مدير المختبر الدكتور عجور متأسفا،"استطعت بصعوبة الوصول إلى مستودع غاز النتروجين في النصيرات وبالفعل استلمت أنبوبتين من الغاز وبقيتا معي، غير أنني لم أستطع الذهاب إلى المركز بسبب شدة القصف، وبعد نحو أسبوعين قصف المركز نفسه ولم تعد هناك حاجة أصلا لهذا الغاز." "أنا أتحدث عن 4000 جنين مجمّد، هذه ليست مجرد أرقام، بل أحلام لأشخاص انتظروا سنوات، وخضعوا لعلاجات وحقن مكثفة، وعلّقوا آمالهم على هذه الخزانات التي تحطمت في النهاية"، يقول الدكتور بهاء. ويقدّر الدكتور بهاء أن بين 100 إلى 150 امرأة فقدن فرصتهن الوحيدة أو شبه الوحيدة في الإنجاب، لأن كثيرات منهن لا يستطعن تكرار العملية. "هناك من هنّ في سن متقدمة، وهناك مريضات سرطان، وأخريات يعانين من أمراض مزمنة، أو تلقين جرعات عالية من منشطات التبويض لمرة واحدة. من الصعب جدًا أن يبدأن من جديد".


BBC عربية
منذ يوم واحد
- BBC عربية
الغزيون يخشون من إغلاق محطات المياه مع توسيع إسرائيل هجومها
يتفاقم نقْص المياه الصالحة للشُرب في غزة، في ظلّ توسيع إسرائيل نطاق عملياتها العسكرية في القطاع، ما يتسبب في موجات جديدة من النزوح. وفي غضون ذلك، ينفد الوقود من محطات تحلية المياه ومرافق الصرف الصحي، ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن شركاء له يحذرون من مغبّة عدم استلام وقود بشكل عاجل. ويحذّر هؤلاء الشركاء من احتمال الوصول إلى "إغلاق تام" لمرافق المياه والصرف الصحي بنهاية الأسبوع الراهن. وكانت إسرائيل قد قطعتْ في مطلع شهر مارس/آذار الماضي خطوط الكهرباء عن المحطات الرئيسية لتحلية المياه في القطاع، والتي تُعدّ مصدراً حيوياً للمياه للغزيّين. وبرّرت إسرائيل هذه الخطوة بأنها للضغط على حركة حماس من أجل إطلاق سراح الرهائن المتبقيين لديها. وعلى الرغم من إعلان إسرائيل مؤخراً أنها بدأت في السماح بدخول الإمدادات الأساسية إلى غزة، إلا أنّ الوقود ليس بين تلك الإمدادات حتى الآن. ومع ذلك، وصلت كميات من مياه الشرب على متن عشرات الشاحنات التابعة للأمم المتحدة التي دخلت القطاع – مع مؤن أخرى لم يتم توزيعها بعد. وقال آباء لبي بي سي، إن أطفالهم -على مدى 19 شهراً من الحرب- اعتادوا على شُرب مياه مالحة، ونتيجةً لذلك، يقول أطباء إنهم رصدوا ارتفاعاً في الشكاوى من أمراض خطيرة متعلقة بالكُلى. وفي ذلك قال رائد الزهارنة، وهو والد لأربعة أطفال في خان يونس، إن "المياه التي نشربها ذات طعم هو مزيج متساوٍ من الحلاوة والملوحة". ومثل معظم الغزيين الآن، يعتمد الزهارنة على المياه التي تدخل القطاع على متن الشاحنات. وأضاف الزهارنة لبي بي سي: "نعلم أنها مياه غير صالحة للشرب، ومع ذلك نشربها. ونعاني آلاماً في المَعدة وإسهالاً ولكننا نتعايش مع ذلك؟ وماذا يمكننا أن نفعل؟ نحتاج إلى الشُرب. ليس أمامنا بديل". وفي وقت سابق من الشهر الجاري، كان لا يزال هناك صوت عالٍ -هو صوت حركة الآلات- في محطة لتحلية المياه في جنوب غزة، والتي كان جوناثان كريكس من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في زيارة إليها. وقال كريكس إن الإنتاج في هذه المحطة قد تراجع بنسبة 80 في المئة نتيجة لانقطاع الكهرباء. ومع ذلك، كانت المحطة لا تزال قادرة على إنتاج آلاف اللترات يومياً. وأوضح كريكس لبي بي سي: "المشكلة أن إنتاج المياه يتطلب وقوداً، ثم بعد ذلك تكون هناك حاجة إلى شاحنات لنقل تلك المياه إلى مختلف التجمّعات السكانية". ولفت كريكس إلى أن "هذه العملية صعبة؛ حيث إنّ لدينا كميات ضئيلة جداً من الوقود، لا تكفي لإنتاج المياه ولتشغيل الشاحنات اللازمة لنقلها للناس". حماس تلاحق "لصوص الغذاء" في غزة، وتتهم إسرائيل بدعم بعضهم وفي الأيام الأخيرة، لجأ الناس في غزة إلى استخدام العربات التي تجرّها الحمير لتوزيع المياه، لكن إسرائيل صعّدت هجماتها العسكرية ما أسفر عن موجات نزوح جديدة لنحو 140 ألف شخص في شمال وجنوب القطاع - وقد فاقم ذلك من صعوبة الوضع. ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن مرافق تحلية المياه والصرف الصحي في غزة تضرّرت بشدّة نتيجة النقص المزمن للوقود في القطاع. وبحسب المكتب الأممي، فإنه لا يوجد حالياً وقود في شمال غزة، وأنه لم يصل في الأسبوع الماضي غير نصف الكمية التي تحتاجها المنطقة – وهذا يعني مزيداً من تقليص ساعات التشغيل في آبار المياه، فضلاً عما يُنذر به من إغلاق تام. وفي جنوب غزة، لم تتلقَّ مرافق المياه التابعة للأمم المتحدة أي وقود، على الرغم من الحاجة إلى نحو 140 ألف لتر من الوقود أسبوعيا من أجل تشغيل هذه المرافق. وقد تسبب ذلك، وفقاً للمكتب الأممي، في تقليص مرافق تحلية المياه والصرف الصحي ساعات عملها بأكثر من الخُمس. ويقول موظفو الأمم المتحدة إنهم يحاولون يومياً الحصول على وقود من مستودعات موجودة في مناطق تحتاج إلى تنسيق مع السلطات الإسرائيلية، مثل رفح – التي أصبحت وجهةً للعمليات العسكرية. ومع ذلك تقابَل تلك المحاولات بالرفض المستمر من جانب إسرائيل، التي منذ أنْ فرضتْ حصاراً كاملاً على غزة في يوم الثاني من مارس/آذار، لم تسمح بدخول وقود جديد إلى القطاع. مطابخ غزة تحذر من نفاد الطعام خلال أيام بعد شهرين من الحصار الإسرائيلي وقال غازي اليازجي، أخصائي أمراض الكُلى في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، إنه لاحظ المزيد من المرضى الذين يعانون بسبب شُرب المياه الملوثة والمياه عالية الملوحة. وأضاف اليازجي لبي بي سي: "ليس لدينا أرقام محددة، لكن الحالات في تزايد ملحوظ، لا سيما بين الأطفال". وحتى قبل الحرب، كانت غزة تشهد معدلات مرتفعة نسبياً من أمراض الكُلى، بسبب نقص المياه وتدنّي جودة الإمدادات. وقال اليازجي إن مستشفى الشفاء لديها 220 مريضاً في حاجة إلى غسيل كلوي، وإنهم أصيبوا نتيجة تدنّي جودة مياه الشُرب في قطاع غزة. وأشار اليازجي إلى أن كثيرين من مرضى الكُلى في غزة فارقوا الحياة مؤخرا.