logo
مساعدات أوروبا للفلسطينيين

مساعدات أوروبا للفلسطينيين

عمان نتمنذ 15 ساعات

نفّذت المفوضيةُ الأوروبيةُ أخيراً حزمةَ مساعداتٍ جديدةٍ بقيمة 202 مليون يورو، موجهةً إلى السلطة الفلسطينية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ضمن إطار دعم طويل الأمد، تحت عنوان "التعافي والصمود". ورغم أن هذا الإعلان قد يبدو جرعةَ دعمٍ أوروبيةٍ في لحظة انهيار اقتصادي وسياسي فلسطيني، إلا أن المطلوب مالياً أكثر بكثير، ويثير الموضوع تساؤلاً عن غياب دعم كل من أيّد إقامةَ الدولة الفلسطينية، بمن فيهم الدول العربية والإسلامية. خُصّصت المنحة الأوروبية (152 مليون يورو) لسداد رواتب موظّفي السلطة، ولا سيّما في قطاعات التعليم والصحّة، غير أن هذا الدعم المالي ليس من دون شروط سياسية واضحة أوروبية وعربية، فالاتحاد الأوروبي، ودول في الخليج، طالبت صراحةً بأجندات إصلاح وحوكمة تتضمّن تعيين نائبٍ للرئيس الفلسطيني (عُيّن حسين الشيخ)، وإجراء انتخابات، وفرض تقاعد إلزامي على آلاف الموظفين، بمن فيهم عناصر أمنية ودبلوماسية.
ورحّبت وزيرة الخارجية الفلسطينية التي أقسمت اليمين أخيراً، فارسين أغابيكان، بالدعم الأوروبي، وقالت إن هذه المساعدات لا تسدّ الفجوة الناتجة من سياسة الاحتلال الإسرائيلي في حجب أموال المقاصة، التي تُشكّل العمود الفقري لميزانية السلطة. ومن خلال بروتوكول باريس، تسيطر إسرائيل على غالبية إيرادات الفلسطينيين، لكنّها باشرت أخيراً باستخدام سلاح الحجب المالي أداةَ عقاب جماعي، ولا سيّما مع تولّي المتطرّف بتسلئيل سموتريتش حقيبة المالية. وقلّل الخبير الاقتصادي مؤيّد عفانة من وقع المساعدات الأوروبية، معتبراً أنها بالكاد تضمن استمرار دفع 35% من رواتب موظفي القطاع العام. والمفارقة أن هذا المبلغ، الذي يُعلن عنه جزءاً من حزمة كبرى بقيمة 1.8 مليار دولار على ثلاث سنوات، نقطة في بحر اقتصاد فلسطيني منهك بالديون والتضخّم وانسداد الأفق السياسي. ومن المؤسف أن تقاعس الدول الصديقة (العربية والإسلامية) عن الوفاء بتعهّداتها المالية يزيد الطين بِلَّة. وحتى المؤتمر الفرنسي السعودي (المشترك)، الذي كان من المفترض أن يشهد إعلان "منحة سخية"، تأجّل على خلفية التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران.
في موازاة الأزمة المالية للحكومة الفلسطينية في رام الله، تواصل إسرائيل حربها الممنهجة ضدّ الفلسطينيين، ليس فقط عبر تجويع الشعب الفلسطيني في غزّة وحرمانه الغذاء والماء وحاجات الحياة الأساسية، بل أيضاً بتغوّل المستوطنين في الضفة الغربية في هجمات عنيفة، موثّقة من الأمم المتحدة التي أشارت إلى نحو 80 اعتداءً في ثلاثة أسابيع، شملت القتل والحرق وتدمير الممتلكات. وفي حادثة بارزة، أطلق مستوطنون النار على فلسطينيين في قرية كفر مالك، ما أدى إلى مقتل ثلاثة منهم. ورغم اعتقال خمسة مستوطنين، أُفرج عنهم سريعاً من دون توجيه تهم، في مشهد يُرسّخ منطق الإفلات من العقاب. ورغم مناشدات حسين الشيخ للمجتمع الدولي بالتدخّل، تظلّ الردود محدودةً، ففي غياب إرادة سياسية دولية حقيقية لمحاسبة إسرائيل، أو حتى كبح جماح مستوطنيها، تبدو هذه المناشدات أقرب إلى صدى يضيع في الفراغ.
وقد صرّح رجل الأعمال الفلسطيني سمير حليلة لموقع المونيتور الأميركي بأنه، بالإضافة إلى التحدّيات الهيكلية الداخلية، تتفاقم المشكلات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية بسبب الضغوط السياسية الخارجية. قد يفاقم قرار المحكمة العليا الأميركية الصادر في 20 يونيو/ حزيران الحالي، ويسمح برفع دعاوى قضائية ضدّ منظمة التحرير والسلطة الفلسطينيتين، من شلل الحكومة الفلسطينية مالياً، إضافة إلى رفض سموتريتش (10 يونيو/ حزيران الحالي) تجديد إعفاء يسمح بترتيبات مصرفية خاصّة، تُسهّل التعاون بين المؤسّسات المالية الإسرائيلية والفلسطينية. في الوقت نفسه، تواجه البنوك الفلسطينية فائضاً في الشيكل الإسرائيلي الورقي، ويُعزى ذلك جزئياً إلى تحوّل إسرائيل إلى المدفوعات الرقمية بدلاً من النقد. علاوة على ذلك، يواصل الشعب الفلسطيني استخدام النقد، ما يخلق اختلالات في السيولة، وتتفاقم المشكلة بسبب تفاوت أسعار السلع، مثل البنزين والسجائر. قال حليلة: "علبة سجائر مارلبورو أرخص بعشرة شواقل في الضفة الغربية منها في إسرائيل، والبنزين أرخص أيضاً، ما يتسبّب في تدفّق كبير للمشترين من إسرائيل لكلا المنتجَين، وهم يدفعون نقداً فقط مقابل هذه السلع الرخيصة"، فيما ترفض البنوك الإسرائيلية التعامل الورقي مع البنوك الفلسطينية.
لا يمكنها المساعدات الأوروبية (رغم ضرورتها) أن تُخفي واقع الاحتلال المالي والسياسي الذي يخنق الفلسطينيين يومياً. فحين تتحول المساعدات أدواتٍ لتطويع القرار الفلسطيني، فإنّنا أمام حالة من الإذلال المالي المُقنَّع. وحين يقابل ذلك صمت عربي وتواطؤ دولي، تكون النتيجة سلطةً على وشك الانهيار، وشعباً يتخبّط بين مطرقة الحرب والتجويع في غزّة، والعجز المالي، وسندان الاستيطان والعنف. لقد بات من الضروري إعادة النظر جذرياً في معادلة الدعم الدولي للفلسطينيين، تبدأ بإجبار الاحتلال على تحرير الأموال الفلسطينية، ووضع خطّة استراتيجية متكاملة تشمل وضعاً إدارياً ومالياً يؤسّس لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
*العربي الجديد

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يريد إنهاء حرب غزة.. وتوتر شديد باجتماع أمني في إسرائيل
ترامب يريد إنهاء حرب غزة.. وتوتر شديد باجتماع أمني في إسرائيل

البوابة

timeمنذ 2 ساعات

  • البوابة

ترامب يريد إنهاء حرب غزة.. وتوتر شديد باجتماع أمني في إسرائيل

أعلن البيت الأبيض مساء الاثنين، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد إنهاء الحرب في غزة واستعادة "كل الرهائن" في إشارة إلى الأسرى الإسرائيليين في غزة، بينما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن "توترا شديدا" ساد في اجتماع أمني مصغر. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفييت، إن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد إنهاء الحرب في غزة واستعادة كل الرهائن". وأضافت في تصريحات صحفية إن إدارة الرئيس ترامب، على تواصل مستمر مع القيادة الإسرائيلية وأنها "تواصل العمل لإنهاء الحرب في غزة واستعادة الرهائن". بدورها، كشفت القناة الـ13 الإسرائيلية عن توتر ساد اجتماع المجلس المصغر وخلاف شديد بين القيادتين السياسية والعسكرية. وأشارت القناة إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حذر من خطر توسيع العملية البرية في غزة على حياة الرهائن، ما أثار انتقادا لاذعا من قبل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش. بموازاة ذلك، أشارت تقارير الأحد، إلى أن "تفاؤل" الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة خلال الأسبوع الجاري، خاصة في ضوء زيارة مرتقبة لوزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر للبيت الأبيض، إلا أن الإعلام الإسرائيلي "لم يجد مبررا" لتفاؤل الرئيس ترامب. في المقابل، تؤكد حركة "حماس" أن "الولايات المتحدة رغم أنها تظهر جديتها في إنهاء الحرب، فإنها عند لحظات الحسم تقف إلى جانب الموقف الإسرائيلي، وهذا ما أفشل التوصل لاتفاق عدة مرات لو كانت نوايا إدارة ترامب صادقة". ميدانياً، شهد قطاع غزة منذ فجر الاثنين، قصفا إسرائيليا عنيفا أدى لاستشهاد 85 فلسطينيا مع تجدد لموجات النزوح في القطاع. المصدر: وكالات

بقيمة مليار ونصف دولار.. توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مدينة 'بوابة دمشق' للإنتاج الإعلامي والفني في سوريا
بقيمة مليار ونصف دولار.. توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مدينة 'بوابة دمشق' للإنتاج الإعلامي والفني في سوريا

جهينة نيوز

timeمنذ 3 ساعات

  • جهينة نيوز

بقيمة مليار ونصف دولار.. توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مدينة 'بوابة دمشق' للإنتاج الإعلامي والفني في سوريا

تاريخ النشر : 2025-06-30 - 09:17 pm بقيمة مليار ونصف دولار.. توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مدينة "بوابة دمشق' للإنتاج الإعلامي والفني في سوريا شهد قصر الشعب في دمشق اليوم حدثًا مفصليًا في مسار تطوير البنية التحتية الإعلامية في سوريا، تمثّل في توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الإعلام السورية وشركة "المها الدولية للاستثمار'، لإنشاء مدينة "بوابة دمشق' للإنتاج الإعلامي والفني، في مشروع تبلغ قيمته 1.5 مليار دولار أمريكي، ويُعد الأضخم في تاريخ الإعلام السوري الحديث. وجرت مراسم التوقيع بحضور رسمي رفيع المستوى، تقدّمه فخامة الرئيس أحمد الشرع، إلى جانب وزير الإعلام السوري، وعدد من الوزراء المعنيين بالشأن الاقتصادي والثقافي، وممثلين عن الشركة الاستثمارية، بالإضافة إلى نخبة من الشخصيات الفنية والإعلامية. وبحسب نص مذكرة التفاهم، فإن المشروع سيُنفّذ على مراحل في ريف دمشق، ويشمل إنشاء مدينة إنتاج متكاملة تضم استوديوهات للتصوير الداخلي والخارجي، مساحات مخصصة لبناء ديكورات تابعو جهينة نيوز على

أ ف ب: أمريكا توافق على بيع معدات توجيه قنابل للاحتلال بـ510 ملايين دولار
أ ف ب: أمريكا توافق على بيع معدات توجيه قنابل للاحتلال بـ510 ملايين دولار

رؤيا

timeمنذ 3 ساعات

  • رؤيا

أ ف ب: أمريكا توافق على بيع معدات توجيه قنابل للاحتلال بـ510 ملايين دولار

واشنطن: الصفقة المقترحة تهدف إلى تعزيز قدرة تل أبيب على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية أعلنت الولايات المتحدة، الاثنين، موافقتها على صفقة بيع معدات توجيه قنابل وخدمات دعم متصلة بها للاحتلال الإسرائيلي، بقيمة تبلغ 510 ملايين دولار، وذلك في ظل استمرار التوتر الإقليمي على خلفية الحرب الأخيرة مع إيران. وذكرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية، في بيان، أن "الصفقة المقترحة تهدف إلى تعزيز قدرة تل أبيب على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية، من خلال تحسين قدراتها الدفاعية لحماية حدودها، والبنية التحتية الحيوية، والمراكز السكانية". وأضافت الوكالة أن "الولايات المتحدة ملتزمة بأمن "إسرائيل"، وترى أن دعم قدرة تل أبيب على الدفاع عن نفسها أمر حيوي للمصالح الوطنية الأمريكية". وبحسب البيان، فإن وزارة الخارجية الأمريكية صادقت على الصفقة، وقدمت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الإخطار اللازم إلى الكونغرس الذي لا يزال بحاجة إلى إقرارها رسميًا. وتأتي الصفقة في أعقاب الحملة الجوية الواسعة للاحتلال، التي انطلقت في 13 حزيران/يونيو، واستهدفت منشآت نووية وعلماء وقادة عسكريين إيرانيين، في محاولة لتعطيل البرنامج النووي الإيراني، الذي تقول طهران إنه لأغراض سلمية، بينما تصر واشنطن وقوى غربية أخرى على أنه يسعى لتطوير أسلحة نووية. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد اتبع مسارًا دبلوماسيًا لأسابيع في محاولة للتوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، لكنه قرر لاحقًا تنفيذ ضربات عسكرية أمريكية استهدفت ثلاثة مواقع نووية داخل إيران. وأسفر اتفاق لوقف إطلاق النار عن إنهاء القتال الأسبوع الماضي، لكن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد أن بلاده لن تسمح لطهران بإعادة بناء منشآتها النووية، ما يعيد احتمال اندلاع نزاع جديد إلى الواجهة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store