
5 نقاط تشرح تأثير رفع العقوبات الأميركية على اقتصاد سوريا
في خطوة مفاجئة أعادت ترتيب أوراق السياسة الإقليمية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، خلال زيارته إلى السعودية يوم 13 ماي الجاري، وهو القرار الذي مثّل نقطة تحوّل غير متوقعة في النهج الأميركي بعد سنوات من القطيعة والعقوبات المشددة، وفق مراقبين.
هذا التحول -الذي جاء ثمرة جهود دبلوماسية إقليمية قادتها كل من السعودية وقطر وتركيا- لم يكن مجرد قرار أحادي، بل إنه انعكاس لتغير في المناخ السياسي الإقليمي والدولي، ورغبة في إعادة دمج سوريا في المنظومة الدولية بعد عزلة استمرت لأكثر من عقد من الزمان.
1- دعم إقليمي
وتخللت زيارة ترامب إلى الرياض اجتماعات رفيعة المستوى مع قادة دول الخليج، وكان اللقاء التاريخي مع الرئيس السوري أحمد الشرع من بين الأبرز في جدول الزيارة.
وجاء الإعلان عن رفع العقوبات بمنزلة إشارة واضحة على أن صفحة جديدة تُفتح بين واشنطن ودمشق.
وتزامن القرار مع دعوات متكررة من السعودية وقطر والاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في العقوبات المفروضة على سوريا، بهدف تسهيل عملية إعادة الإعمار، مع تأكيدهم في الوقت ذاته احترام وحدة سوريا وسيادتها.
ورغم أن القرار الأميركي يُعد سابقة في سياق العلاقة بين البلدين، فإن توقيته وطبيعة الحراك الدبلوماسي المصاحب له يشيران إلى تحوّل إستراتيجي أكبر في ملامح المنطقة.
2- تداعيات اقتصادية فورية
ومثلت العقوبات التي فُرضت على سوريا خلال العقود الماضية أحد أبرز التحديات أمام الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع بعد إسقاط النظام السابق، خاصة من حيث إعاقة عجلة الاقتصاد ومنع تدفق الاستثمارات.
ويقول الدكتور يحيى السيد عمر إن رفع العقوبات يمهّد لعودة العلاقات الاقتصادية السورية مع الإقليم والعالم، مما سينعكس على تنشيط التجارة الخارجية، وفك الحجز عن الأموال السورية المجمدة في الخارج، وعودة الشركات الأجنبية للاستثمار داخل البلاد.
ويضيف السيد عمر أن القرار أظهر أثرًا فوريًا على سعر صرف الليرة السورية، التي استعادت خلال ساعات أكثر من 16% من قيمتها، ومن المتوقع استمرار تحسنها، خصوصًا في ظل توقعات بدخول مبالغ ضخمة من الدولار إلى السوق السورية والمصرف المركزي.
كما أشار إلى أن إعادة الإعمار باتت ممكنة بعد رفع العقوبات، إذ يُتوقّع دخول شركات أجنبية في قطاعات حيوية مثل التطوير العقاري والطاقة والنقل والتعليم وغيرها خلال أشهر قليلة.
من جانبه، يرى الباحث الاقتصادي عبد العظيم مغربل أن قرار رفع العقوبات يمثل بوابة حقيقية نحو تغيير بنيوي في الاقتصاد السوري، موضحًا أن تخفيف القيود على قطاعات إستراتيجية، مثل الطاقة والمصارف والنقل، يعيد ضخّ 'الأكسجين' في جسد الاقتصاد المتعب، ويخلق فرص عمل جديدة، مما يرفع الناتج المحلي الإجمالي، ويحسّن مستوى المعيشة، ويقلل من الفجوة الاجتماعية.
3- تأثير مباشر على الاستقرار الداخلي
وفي قراءة للانعكاسات السياسية والاجتماعية للقرار، يقول الأستاذ باسل حفار، مدير مركز إدراك للدراسات والاستشارات السياسية، إن رفع العقوبات سيمنح السلطة في دمشق إمكانات اقتصادية تساعدها في التواصل مع المكونات السورية التي لم تنخرط بعد تحت حكم الدولة، لا سيما في شمال شرق سوريا ومحافظة السويداء.
1 -سوريا – حلب – تعتبر مدينة حلب عاصمة سوريا الاقتصادية وتمتلك إرثا حضارياً وثقافياً كبيراً
ويشير إلى أن تمكين السلطة من تقديم حلول اقتصادية للمناطق الخارجة عن سيطرتها قد يتحول إلى نقطة جذب، ويسهم في تعزيز وحدة الدولة على الأرض.
أما الباحث مغربل، فيرى أن أي انتعاش اقتصادي سينتج عنه استقرار اجتماعي تدريجي، مع توفر فرص العمل وتحسّن الدخل، مما يقلل من الحاجة إلى الهجرة، ويضعف الاقتصاد الموازي والتهريب. ويرى أن ذلك سيسهم في تعزيز قيم الإنتاج والانتماء والثقة، ويؤدي إلى تغيير الخطابات المجتمعية من العدائية إلى التشاركية.
- إشهار -
ويضيف أن هذا التحول الاقتصادي سيكون له أثر نفسي كبير، إذ سيشعر المواطنون بأن حياتهم تتحسن، مما يولّد دافعًا حقيقيًا لحماية الاستقرار، وليس تقويضه، مما قد يهيئ الأرضية لسلام أهلي مستدام قائم على التمكين الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، وليس على التهدئة المؤقتة.
4- إعادة بناء الدولة وأجهزتها الأمنية
من الناحية الأمنية، يؤكد الأستاذ باسل حفار أن رفع العقوبات سيساعد في دعم الاستقرار الداخلي من خلال إعادة بناء مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية، وفق عقيدة أمنية جديدة.
ويشير مغربل إلى أن تخفيف الضغط الاقتصادي سيحدّ من ظواهر أمنية سلبية مثل موجات اللجوء، وتهريب البشر والمخدرات والأسلحة، التي كانت نتيجة طبيعية لانهيار الاقتصاد السوري.
ويضيف أن خلق فرص العمل وتوفير حياة كريمة داخل البلاد سيقلل من انخراط الشباب في هذه الأنشطة، ويعيد التوازن إلى النسيج المجتمعي.
5- انفتاح على المحيط الإقليمي
من الزاوية الجيوسياسية، يوضح الأستاذ حفار أن رفع العقوبات يندرج ضمن إعادة التموضع الإقليمي والدولي لسوريا، وأن الانفتاح الأميركي -ومن قبله الأوروبي- هو جزء من إعادة توزيع الأدوار والتحالفات في المنطقة.
ويرى أن سوريا باتت قادرة الآن على تفعيل موقعها الجغرافي كممر تجاري محوري بين تركيا ودول الخليج وأوروبا، وهو ما يمنحها قيمة إستراتيجية جديدة.
ويؤكد الباحث مغربل أن تجاوز العقوبات سيُسهّل عودة تدريجية للاجئين السوريين من دول الجوار، مثل لبنان وتركيا والعراق، وهو ما يخفف العبء عن هذه الدول ويقلل من الاحتكاك بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة.
كما يشير إلى أن الاستقرار في سوريا سيقلل من احتمالات تفجّر النزاعات الحدودية، ويُمهّد الطريق لشراكات اقتصادية جديدة في قطاعات الطاقة والنقل والإعمار، بما يُحوّل سوريا من نقطة نزاع إلى عامل استقرار إقليمي.
نحو انطلاقة جديدة لسوريا والمنطقة
في ضوء ما سبق، يبدو واضحًا أن قرار رفع العقوبات عن سوريا لم يكن مجرد خطوة اقتصادية أو سياسية منعزلة، بل يشكّل لحظة فارقة في مسار البلاد والمنطقة. فقد أعاد فتح الأبواب أمام إنعاش الاقتصاد الوطني، وتحفيز الاستثمار، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، كما منح السلطة أدوات جديدة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز وحدة النسيج الوطني.
الأثر لا يتوقف عند حدود سوريا، بل يمتد إلى جيرانها وإلى مجمل التوازنات في الشرق الأوسط. فالقرار قد يكون بداية حقبة جديدة من التعاون الإقليمي، يعيد رسم خريطة التحالفات الاقتصادية والسياسية، ويمنح المنطقة فرصة نادرة للانتقال من مرحلة النزاع والتفكك إلى مسار إعادة البناء والشراكة.
وإن كانت التحديات لا تزال كثيرة، فإن هذه الخطوة قد تكون نقطة الانطلاق نحو مشروع شامل لبناء دولة سورية حديثة، وعادلة، ومستقرة، ومنفتحة على محيطها والعالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عبّر
منذ 2 ساعات
- عبّر
أسعار الذهب في أعلى مستوياتها
ارتفعت أسعار الذهب، الأربعاء، إلى أعلى مستوى لها خلال أسبوع، مدعومة بتراجع وسط حالة من الغموض المالي في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في ظل نقاشات جارية حاليا داخل الكونغرس حول مشروع قانون ضريبي شامل. وهكذا، صعدت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.2 في المائة ليصل إلى 3293.98 دولار للأوقية (أونصة)، بعدما سجل في وقت سابق من الجلسة أعلى مستوى له منذ 12 ماي الجاري. كما سجلت العقود الأمريكية الآجلة للذهب ارتفاعا بنسبة 0.3 في المائة إلى 3295.80 دولار. وجاء هذا الصعود مدعوما بتراجع الدولار إلى أدنى مستوياته منذ 8 ماي، مما يجعل الذهب المسعر بالدولار أرخص بالنسبة لحائزي العملات الأجنبية. وبالنسبة لباقي المعادن النفيسة، انخفضت الفضة في المعاملات الفورية ب 0.2 في المائة إلى 32.99 دولار للأونصة، ونزل البلاتين ب 0.3 في المائة إلى 1050.25 دولار، بينما صعد البلاديوم بنسبة 0.5 في المائة إلى 1017.93 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ رابع فبراير المنصرم.


الألباب
منذ 2 ساعات
- الألباب
أسعار الذهب ترتفع إلى أعلى مستوى لها خلال أسبوع
الألباب المغربية/ مصطفى طه ارتفعت أسعار الذهب، اليوم الأربعاء 21 ماي الجاري، إلى أعلى مستوى لها خلال أسبوع، مدعومة بتراجع الدولار وسط حالة من الغموض المالي في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في ظل نقاشات جارية حاليا داخل الكونغرس حول مشروع قانون ضريبي شامل. وهكذا، صعد الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.2 في المائة ليصل إلى 3293.98 دولار للأوقية (أونصة)، بعدما سجل في وقت سابق من الجلسة أعلى مستوى له منذ 12 ماي الجاري. كما سجلت العقود الأمريكية الآجلة للذهب، ارتفاعا بنسبة 0.3 في المائة إلى 3295.80 دولار. وجاء هذا الصعود مدعوما بتراجع الدولار إلى أدنى مستوياته منذ 8 ماي، مما يجعل الذهب المسعر بالدولار أرخص بالنسبة لحائزي العملات الأجنبية. وبالنسبة لباقي المعادن النفيسة، انخفضت الفضة في المعاملات الفورية ب 0.2 في المائة إلى 32.99 دولار للأونصة، ونزل البلاتين ب 0.3 في المائة إلى 1050.25 دولار، بينما صعد البلاديوم بنسبة 0.5 في المائة إلى 1017.93 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ رابع فبراير المنصرم.


أريفينو.نت
منذ 6 ساعات
- أريفينو.نت
العاصفة تقترب: كوارث مصر وتركيا والأرجنتين تتهدد المغاربة؟
أريفينو.نت/خاص في خطوة تجمع بين الطموح والمخاطرة، يستعد المغرب، تحت ضغط متزايد من صندوق النقد الدولي، لتسريع وتيرة تحرير نظام سعر صرف الدرهم. وتتحرك الرباط بحذر شديد، واضعة نصب عينيها تجنب الانزلاق نحو انتقال مفاجئ قد يعصف بالاستقرار الاقتصادي، مستحضرةً تجارب قاسية مرت بها دول مثل مصر، تركيا، والأرجنتين. جدول زمني حذر.. ومسار طويل نحو التعويم الكامل أكد البنك المركزي المغربي، في مواجهة مطالبات صندوق النقد، أن عملية إصلاح نظام سعر الصرف هي ماراثون طويل يتطلب نفسًا عميقًا. وألمح محافظ بنك المغرب، السيد عبد اللطيف الجواهري، إلى أن إنجاز هذا التحول المعقد، والذي يحمل أهمية استراتيجية للاقتصاد الوطني، قد يستغرق ما لا يقل عن تسع سنوات. ويهدف تعويم الدرهم إلى تعزيز قدرة الاقتصاد المغربي على امتصاص الصدمات الخارجية، وتحقيق تقييم واقعي للعملة الوطنية يعكس بدقة أحجام التبادل التجاري. غير أن هذا التوجه لا يخلو من مخاطر جمة، فالعملة المعومة تصبح عرضة لتقلبات سعر الصرف متعددة الأوجه، مما قد يؤثر، على سبيل المثال، على تكلفة خدمة الدين الخارجي المقوم بالعملات الأجنبية. ويُذكر في هذا السياق أن المغرب قد نجح مؤخرًا، في فبراير الماضي، في تعبئة ما يربو على ملياري يورو من الأسواق المالية الدولية عبر إصدار سندات لأجل أربع وعشر سنوات. وكان المغرب قد شرع في مسار تحرير سعر الصرف تدريجيًا بالتعاون بين وزارة المالية وبنك المغرب منذ عام 2018، حيث تم توسيع نطاق تقلب الدرهم إلى +/-2.5%، قبل أن يتم توسيعه مجددًا في عام 2020 ليصل إلى +/-5%. ويستند الجزء غير المعوم من الدرهم حاليًا إلى سلة عملات تتكون تقريبيًا من 60% لليورو و40% للدولار الأمريكي، وهو ما يفسر الارتباط الملحوظ بين سعر صرف اليورو مقابل الدرهم وسعر صرف اليورو مقابل الدولار، وما نجم عنه مؤخرًا من تراجع لقيمة الدرهم أمام اليورو بسبب ضعف الدولار الأمريكي، وهي تطورات تأثرت أيضًا بسلسلة من الإصلاحات وارتفاعات التعريفات الجمركية التي أقرتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ورغم تعليق الإصلاح مؤقتًا بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19 وما أحاط بالاقتصاد العالمي من ضبابية، فمن المتوقع استئنافه خلال الأشهر والسنوات المقبلة. وقد أكدت كل من وزيرة الاقتصاد والمالية، السيدة نادية فتاح (في تصريح لشبكة 'سكاي نيوز' في أبريل الماضي)، ومحافظ بنك المغرب، السيد عبد اللطيف الجواهري (في تصريح لوكالة 'بلومبرغ')، استعداد المملكة لتخفيف ربط الدرهم بالدولار واليورو ابتداءً من عام 2026. الشركات الصغرى والمتوسطة.. 'كعب أخيل' يؤخر وتيرة الإصلاح من بين المبررات التي يسوقها بنك المغرب لاعتماد نهج تدريجي في تعويم الدرهم، يبرز عدم جاهزية الشركات الصغيرة جدًا والصغيرة والمتوسطة لمواجهة التبعات الاقتصادية المحتملة لهذا التحول العميق. ويعتزم والي بنك المغرب، في هذا الإطار، إطلاق حملات توعية إقليمية موجهة لهذه الفئة الحيوية من النسيج الاقتصادي، وذلك بالتعاون مع مكتب الصرف. وتُعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة، وخصوصًا تلك الناشطة في التجارة الدولية عبر استيراد البضائع، الأكثر عرضة لمخاطر تقلبات سعر الصرف التي قد تفوق ما يشهده الدرهم حاليًا. وعلى صعيد الأسر، وخاصة المنتمية للطبقة الوسطى، فإن أي انخفاض محتمل في قيمة الدرهم قد يعني ارتفاع تكلفة السفر إلى الخارج. مصر وآخرون.. دروس الماضي لتجنب كوارث المستقبل ما زال 'كابوس' التجربة المصرية حاضرًا في الأذهان، حين انهار الجنيه المصري بأكثر من 40% في صبيحة يوم واحد من شهر نوفمبر 2016، وهو ما دفع صندوق النقد الدولي آنذاك إلى إبرام اتفاق مع القاهرة يتضمن قرضًا بقيمة 12 مليار دولار لدعم الاقتصاد المصري المتعثر. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الوضع الاقتصادي الكلي للمغرب يبدو أكثر متانة واستقرارًا مقارنة بما كانت عليه مصر قبل قرار التعويم، حيث كانت الأخيرة ترزح تحت وطأة تضخم تجاوز 23%. ويُضاف إلى ذلك أن العجز التجاري المغربي الحالي، البالغ 304.47 مليار درهم، يجعل أي تخفيض لقيمة الدرهم سلاحًا ذا حدين، إذ سيؤدي حتمًا إلى ارتفاع فاتورة الواردات، وبالتالي تأجيج التضخم وتهديد القدرة الشرائية للمواطنين. وليست مصر وحدها من عانى، فقد شهدت اقتصادات ناشئة أخرى، مثل الأرجنتين (2002)، روسيا (1998)، تركيا (2001)، ونيجيريا (2016)، تخفيضات حادة في قيمة عملاتها عقب تبنيها لسياسات تعويم سعر الصرف، وغالبًا ما كانت هذه التحولات مدفوعة بأزمات اقتصادية خانقة استنزفت احتياطياتها من النقد الأجنبي. القاسم المشترك بين هذه التجارب المريرة هو أنها فُرضت في أوقات عصيبة من عدم الاستقرار والهشاشة الاقتصادية، ففي الأرجنتين، أدى التخلي عن ربط البيزو بالدولار إلى انهيار قيمته وتضخم جامح أفقر السكان. وفي روسيا، تسببت الأزمة الآسيوية وتدهور أسعار النفط وسوء الإدارة المالية في انهيار الروبل بأكثر من 70% خلال أسابيع. أما تركيا، فشهدت ليرتها تراجعًا بنحو 50% فور تحرير سعر الصرف عقب أزمة مصرفية طاحنة. وفي نيجيريا، أدى تعويم النيرة بعد انهيار أسعار النفط إلى تدهور قيمتها بأكثر من 40% وتفاقم التضخم والأزمات الاجتماعية. هذه الأمثلة الحية تُبرز المخاطر الجسيمة المترتبة على أي انتقال قسري وغير مدروس نحو نظام سعر صرف معوم، خاصة في ظل ظروف اقتصادية صعبة.