logo
بكين تدعو إلى التضامن وواشنطن تفضّل سياسة «أميركا أولاً»

بكين تدعو إلى التضامن وواشنطن تفضّل سياسة «أميركا أولاً»

الشرق الأوسطمنذ 4 أيام
بينما كنت أتجول في أروقة قمة الذكاء الاصطناعي الأبرز في الصين هذا الأسبوع، التقطت أذناي نقاشات محتدمة حول بعض من أكثر القضايا تعقيداً في هذا القطاع: كيف نحل مشكلة التشغيل البيني إذا كانت مئات الشركات تطلق وكلاء ذكاء اصطناعي خاصين بها؟ وما النماذج اللغوية الكبيرة الأكثر ملاءمة للمطورين لبناء التطبيقات عليها؟ وهل الإنسان الآلي شريك أم مجرد أداة؟
وقد انعقد المؤتمر على ضفاف نهر هوانغبو في شنغهاي، وجمع آلاف المشاركين، إلى جانب عشرات الروبوتات، ليعكس بوضوح كل مشاعر الحماسة ومكامن القصور في واقع الذكاء الاصطناعي الصيني، كما أبرز الفجوة العميقة بين الاستراتيجية التي تدفع بها بكين، وتلك التي تروّج لها واشنطن.
ويُعدّ هذا المؤتمر أول حدث كبير من نوعه منذ أن أطلقت شركة «DeepSeek» نموذجها الثوري هذا العام، ما أشعل المنافسة محلياً، وأثبت أن الصين قادرة على منافسة وادي السيليكون بندية.
ومع هذه الحماسة، جاءت موجات التحدي من شركات منافسة، كما هي الحال في كثير من الصناعات المحلية، بدعم حكومي ونظام مفتوح المصدر يسمح للشركات بالتعلّم السريع من بعضها بعضاً.
فعندما أطلقت إحدى الشركات الصاعدة المعروفة باسم «التنانين الصغيرة»، وهي «Moonshot»، نموذجاً مفتوح المصدر أظهر كفاءة عالية في مهام البرمجة، تمكّنت شركة «Alibaba Group Holding Ltd» من تحديث نموذجها Qwen خلال نحو أسبوع فقط، لتحسين أدائه في المهارات نفسها التي جعلت Kimi-K2 يحظى بانتشار واسع.
وتقول بكين إن هذا النهج يرسّخ «ديمقراطية الوصول» إلى الذكاء الاصطناعي، من خلال إتاحة أدواته مجاناً للعالم، كما يمنح المطوّرين المحليين أفضلية تنافسية.
وتمثل هذه الحماسة الصينية الحالية في مجال الذكاء الاصطناعي أفضل وأسوأ ما في الرأسمالية التقليدية: فالمنافسة تسرّع الابتكار بشكل لافت، لكن ليس كل الشركات ستبقى موجودة بعد 5 أو 10 سنوات.
وخلال القمة، تفاخر الإعلام الرسمي المدعوم من الدولة بأن الصين أطلقت حتى الآن 1500 نموذج ذكاء اصطناعي كبير، وهو الرقم الأكبر على مستوى العالم، وتضم أكثر من 5 آلاف شركة متخصصة في هذا القطاع.
غير أن هذه المنافسات الداخلية طغى عليها صراع جيوسياسي أوسع على صدارة المشهد، إذ جاءت القمة الصينية بعد أيام فقط من تعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن الولايات المتحدة «ستفعل كل ما يلزم لتقود العالم في مجال الذكاء الاصطناعي». وأضاف، بعد إعلانه ما يُعرف بـ«خطة العمل للذكاء الاصطناعي» أن أميركا هي من أطلقت سباق الذكاء الاصطناعي، و«هي من سيفوز به».
في المقابل، افتتح رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ الليلة الأولى للمؤتمر بالإعلان أن بلاده ستقود جهود إطلاق هيئة دولية لتطوير التكنولوجيا بشكل مشترك، بهدف منع تحولها إلى «لعبة حصرية لعدد محدود من الدول والشركات». وهو ما تماشى مع شعار المؤتمر لهذا العام: «التضامن العالمي في عصر الذكاء الاصطناعي». وأكد لي أن الصين مستعدة لمشاركة تطورها ومنتجاتها مع العالم، وخصوصاً مع دول الجنوب العالمي.
لكن ما يقوله قادة العالم شيء، وما يفعلونه شيء آخر. فتصريحات ترمب عن استعداده لفعل «كل ما يلزم للفوز» جاءت في الوقت الذي منح فيه هدية كبيرة لشركات الذكاء الاصطناعي الصينية، إذ تراجعت واشنطن عن قيودها السابقة على تصدير أشباه الموصلات، وسمحت لشركة «Nvidia Corp» ببيع رقاقاتها المطلوبة بشدة من طراز H20 داخل الصين.
وقد أُعلن عن هذا التحول السياسي خلال محادثات تجارية جارية. كما جاء في أعقاب حملة ضغط قادها الرئيس التنفيذي لشركة «Nvidia»، جينسن هوانغ، من أجل السماح لشركته بالاحتفاظ بحصتها، التي تُقدّر بمليارات الدولارات، في السوق الصينية الرابحة.
وبقدر ما يروّج لي لفكرة «التضامن»، يبقى من غير الواضح كم عدد الدول التي ستختار في نهاية المطاف الاصطفاف إلى جانب الصين. ومع ذلك، فإن هذا الطرح يختلف جذرياً عن أهداف سياسة «أميركا أولاً» التي تتبنّاها واشنطن، ويشير إلى أنّ استراتيجية بكين تقوم على إقناع العالم باستخدام مجموعة واسعة من منتجات الذكاء الاصطناعي منخفضة التكلفة، التي تُطرح بوتيرة متسارعة.
وقد منح الوصول الجديد إلى معالجات «Nvidia» دفعة قوية للقطاع، في وقت أدى فيه ازدحام السوق إلى تراجع الأسعار. وإذا قورنت الخطتان، فإن خطة الصين تبدو أكثر استراتيجية على المدى البعيد.
وفي إحدى الجلسات يوم الأحد، شارك رائد الذكاء الاصطناعي يوشوا بنجيو عبر تطبيق «زووم»، محذّراً من خطورة المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، ومشيراً إلى أن وتيرة التطوير باتت متسارعة إلى حد قد يصعُب معه على البشر الحفاظ على السيطرة.
وربما كان بنجيو محقاً. لكن، هل يُصغي إليه أحد؟ طموحات تسريع الذكاء الاصطناعي على ضفتي المحيط الهادئ توحي بأن الإجابة لا.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"منتصف الطريق".. تقدم جزئي في مفاوضات المعادن النادرة بين واشنطن وبكين
"منتصف الطريق".. تقدم جزئي في مفاوضات المعادن النادرة بين واشنطن وبكين

الشرق السعودية

timeمنذ 25 دقائق

  • الشرق السعودية

"منتصف الطريق".. تقدم جزئي في مفاوضات المعادن النادرة بين واشنطن وبكين

اعتبر الممثل التجاري الأميركي جيمسون جرير، أن المحادثات التجارية مع الصين كانت إيجابية، مشيراً إلى أن الجانبين يعملان حالياً على بعض المسائل الفنية العالقة. وذكر جرير في برنامج "Face the Nation" على شبكة CBS News الأميركية، أن المناقشات الجارية تجري على مستوى الموظفين، وأوضح أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أجرى محادثات مع نظيره الصيني شي جين بينج. وقال الممثل التجاري الأميركي: "نعمل على حل بعض المسائل الفنية، ونتحدث مع الرئيس حولها، وأعتقد أن الأمور تسير في اتجاه إيجابي"، مضيفاً: "لن أستبق الرئيس، ولكن لا أعتقد أن أحداً يرغب في عودة الرسوم الجمركية إلى 84%". وأضاف جرير أن المحادثات ركزت بشكل أساسي على المعادن النادرة، وشدد على أن الولايات المتحدة تركز على ضمان تدفق المواد المغناطيسية من الصين إلى الولايات المتحدة وسلاسل التوريد المرتبطة بها بحرية كما كانت عليه قبل فرض الرقابة. واعتبر في هذا الصدد أن المحادثات "قطعت نصف الطريق تقريباً". والأسبوع الماضي، اختتم كبار المفاوضين الصينيين والأميركيين جولة جديدة من محادثات التجارة في ستوكهولم بالسويد، اتفق خلالها الجانبان على السعي لتمديد هدنة جمركية 90 يوماً تسنى التوصل إليها في مايو. وفي وقت لاحق من الأسبوع، أجرى وفد من ممثلي شركات أميركية منهم مسؤولون تنفيذيون من "جولدمان ساكس" وبوينج وأبل، زيارة إلى الصين، حيث التقوا بوزراء التجارة والصناعة هناك. سلاسل التوريد في مرمى الاضطرابات وتواجه الصين موعداً نهائياً في 12 أغسطس للتوصل إلى اتفاق دائم بشأن الرسوم الجمركية مع إدارة ترمب، بعدما توصل البلدان إلى اتفاقات أولية في مايو ويونيو لإنهاء تبادلهما فرض رسوم جمركية ووقف تصدير المعادن الأرضية النادرة في تصعيد استمر لأسابيع. وبدون التوصل إلى اتفاق، قد تواجه سلاسل التوريد العالمية تجدد الاضطرابات مع عودة الرسوم الأميركية إلى مستويات في خانة المئات، وهو ما قد يؤدي إلى حظر للتجارة الثنائية. وجاءت محادثات ستوكهولم في أعقاب أكبر اتفاق تجاري لترمب حتى الآن والذي أبرمه مع الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، حيث فرض رسوماً جمركية 15% على معظم صادرات التكتل من السلع إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك السيارات. كما ستشتري الكتلة الأوروبية ما قيمته 750 مليار دولار من الطاقة الأميركية وستضخ استثمارات في الولايات المتحدة بقيمة 600 مليار دولار في السنوات المقبلة. ومن غير المتوقع حدوث انفراجة مماثلة في المحادثات بين الولايات المتحدة والصين، لكن محللين في مجال التجارة قالوا إن من المحتمل الاتفاق على تمديد آخر لمدة 90 يوماً لهدنة الرسوم الجمركية وضوابط التصدير التي تم التوصل إليها في منتصف مايو. ومن شأن هذا التمديد أن يمنع المزيد من التصعيد ويسهل التخطيط لاجتماع محتمل بين ترمب ونظيره الصيني شي جين بينج. وتستعد إدارة ترمب لفرض رسوم جمركية جديدة على قطاعات معينة ستؤثر على الصين في غضون أسابيع، ومنها رسوم على أشباه الموصلات والأدوية ورافعات الحاويات وغيرها من المنتجات. وذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" الاثنين الماضي أن الولايات المتحدة أوقفت القيود المفروضة على صادرات التكنولوجيا إلى الصين لتجنب تعطيل المحادثات التجارية مع بكين، ودعم جهود ترمب الرامية لترتيب اجتماع مع شي هذا العام. لقاء قمة محتمل وجاءت هذه الزيارة في الوقت الذي تعمل فيه بكين وواشنطن على عقد قمة بين زعيمي البلدين في وقت لاحق من هذا العام، ربما بالتزامن مع منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في كوريا الجنوبية من 26 أكتوبر إلى أول نوفمبر. وقال ترمب، الثلاثاء الماضي، إنه لا يسعى إلى عقد قمة مع نظيره الصيني، لكنه أضاف أنه قد يزور الصين بناء على دعوة من شي، والتي قال ترمب إنها وُجهت إليه. وذكر عبر منصته "تروث سوشيال": "قد أذهب إلى الصين، لكن لن يكون ذلك إلا بناءً على دعوة من الرئيس شي، والتي تم توجيهها رسمياً... وإلّا فلن أهتم". وفي حال انعقاد مثل هذه القمة، فإنها ستكون أول لقاء مباشر بين الاثنين منذ بدء الولاية الرئاسية الثانية لترمب، في وقت لا يزال فيه التوتر التجاري والأمني بين القوتين العظميين المتنافستين يتصاعد. ومن المرجح أن يؤثر أي تصعيد جديد للرسوم الجمركية وقيود التصدير على خطط عقد اجتماع مع شي.

المجلس التجاري العالمي: تداعيات الرسوم الجمركية تعيد تشكيل قرارات الاستثمار عالميًا
المجلس التجاري العالمي: تداعيات الرسوم الجمركية تعيد تشكيل قرارات الاستثمار عالميًا

العربية

timeمنذ 25 دقائق

  • العربية

المجلس التجاري العالمي: تداعيات الرسوم الجمركية تعيد تشكيل قرارات الاستثمار عالميًا

قال عبدالله حسام، مستشار تطوير الأعمال وعضو في المجلس التجاري العالمي، إن التعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على عدد من شركائها التجاريين أحدثت تحولًا استراتيجيًا في خريطة التجارة العالمية وسلاسل الإمداد، وأثرت بشكل مباشر على توجهات المستثمرين. وأوضح حسام في مقابلة مع "العربية Business" أن بعض البنود تشهد مكاسب بينما تتكبد قطاعات أخرى خسائر، معتبرًا أن المرحلة الحالية تشهد "إعادة تشكيل للنظام التجاري العالمي"، وهو ما يدفع بعض المستثمرين لإعادة النظر في مواقع استثماراتهم. وأشار إلى أن الاتفاق بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي شمل تقليل الرسوم الجمركية بنسبة 15%، لكن على قطاعات محددة، مع الإبقاء على الإعفاء الكامل لبعض الصناعات الحيوية مثل الطائرات والرقائق الإلكترونية، بينما لا تزال الرسوم المفروضة على الصلب والألمنيوم محل تفاوض. وأكد حسام أن الاتحاد الأوروبي يسعى حاليًا إلى تنويع شركائه التجاريين بالتعاون مع الصين، اليابان، وبريطانيا، مع الحفاظ على شراكته مع واشنطن لحماية مصالحه الصناعية.

واشنطن تلغي إعفاء "دي مينيميس" الجمركي وتوجه ضربة قوية لمنصات التجارة الصينية
واشنطن تلغي إعفاء "دي مينيميس" الجمركي وتوجه ضربة قوية لمنصات التجارة الصينية

مباشر

timeمنذ 2 ساعات

  • مباشر

واشنطن تلغي إعفاء "دي مينيميس" الجمركي وتوجه ضربة قوية لمنصات التجارة الصينية

مباشر: ألغت الولايات المتحدة الإعفاء الجمركي المعروف بـ«قاعدة دي مينيميس»، الذي كان يسمح بدخول الشحنات الصغيرة التي تقل قيمتها عن 800 دولار دون دفع رسوم جمركية، ما يُعد تحولاً كبيراً في السياسة التجارية ويُشكل تحدياً مباشراً لعمالقة التجارة الإلكترونية الصينيين مثل «تيمو» و«شي إن». القرار، الذي دخل حيز التنفيذ جزئياً منذ مايو 2025 على الشحنات القادمة من الصين وهونغ كونغ، سيُطبق عالمياً بدءاً من 29 أغسطس، ويُلزم الشركات بالإفصاح الكامل عن بلد منشأ كل طرد مع فرض رسوم جمركية تتراوح بين 80 و200 دولار حسب الدولة المصدّرة والتعرفة الجمركية المقررة. لطالما مثّل هذا الإعفاء ثغرة استغلتها الشركات الصينية لإدخال كميات ضخمة من البضائع منخفضة السعر إلى السوق الأميركية دون رسوم، مما مكّنها من كسب حصة ضخمة في السوق المحلي. ومع تطبيق القرار، بدأت هذه الشركات بتغيير نموذج التوزيع، بالاعتماد على التخزين داخل الأراضي الأمريكية، غير أن هذا التوجه قد يفقد فعاليته بعد سريان الإلغاء على مستوى عالمي. وتشير مؤشرات السوق إلى ارتفاع ملحوظ في الأسعار على بعض المنصات الصينية، إلى جانب نقص في المخزون وصعوبات في تلبية الطلبات. وتشير بيانات من جامعتي كاليفورنيا وييل إلى أن نحو 48% من الشحنات المعفاة كانت تصل إلى مناطق ذات دخل منخفض، ما يضاعف الأثر الاقتصادي على هذه المجتمعات. كما يُتوقع أن يمتد تأثير القرار إلى منصات أخرى مثل «أمازون هول» و«تيك توك شوب» التي تقدم منتجات منخفضة التكلفة. ويأتي هذا القرار ضمن سلسلة إصلاحات تجارية أميركية تحت اسم «الفاتورة الجميلة الكبيرة»، والتي تهدف إلى تشديد الرقابة الجمركية وتعزيز الحماية التجارية، وتشمل فرض غرامات تصل إلى 10 آلاف دولار على الشركات المخالفة. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store