
دعوة عاجلة لإنشاء بورصة للسلع في السعودية!
من أفضل الطرق لتحقيق النجاح العمل على الاستفادة من الإمكانات الحالية والبنى التقنية القائمة والخبرات التراكمية لدى مختلف الجهات، الحكومية وغير الحكومية، وتحديداً بالنظر إلى التقنية المتقدمة لدى شركات تداول ومقاصة وإيداع، إضافة إلى الإطار التشريعي المتطور لدى هيئة السوق المالية، وعطفاً على اهتمام وتوجه بعض الجهات مثل وزارتي الزراعة والصناعة ومجلس الشورى وغيرهم، فلدينا فرصة عظيمة لاستغلال سوق العقود المستقبلية الذي تديره "تداول" في إطلاق سوق السلع الذي طال انتظاره، وميزة ذلك أنه يمكن تنفيذه بسرعة ويستفاد من سوقه على الفور. لذا فلنبدأ بالتفريق بين أسواق السلع، ومن ثم ننظر إلى كيفية تحقيق الفوائد المرجوة من هذا المقترح.
سوق عقود السلع المطلوبة ليست سوقاً لبيع المنتجات مباشرة، بل هي سوق لتداول العقود المستقبلية (أو الآجلة) لمختلف السلع، كالمنتجات الزراعية ومنتجات الطاقة والمعادن الصناعية والأساسية والنفيسة، وغيرها، وهذه تختلف عن أسواق السلع الحاضرة - أو الفورية أو النقدية - كما يتم في أي سوق تجارية، والفارق ناشئ هنا عن القدرة على تحويل السلع إلى أوراق مالية، وبالتالي يمكن تداولها بشكل إلكتروني، والفكرة ليست مجرد تحويل العمل إلى إلكتروني، فهذا يمكن عمله حتى في أسواق السلع الحاضرة، كما يتم حين نقوم بأتمتة سوق ما أو اتاحة خدمات تجارية بشكل إلكتروني.
إذاً، بورصة عقود السلع هي بورصة أوراق مالية، تماماً كما هو متاح حالياً في السوق المالية السعودية، حيث يمكن تبادل عقود أوراق مالية محل العقد فيها إما أسهم إحدى الشركات المدرجة، أو مؤشر سوق الأسهم ككل، ولكن حين نقوم بإطلاق عقود آجلة لمنتج بتروكيماوي أو لمنتج القمح أو للحديد أو غيرها من خلال منظومة "تداول" فالاختلاف يأتي فقط في مواصفات العقد، أما بقية الإجراءات والعمليات الخلفية فهي موجود حالياً وجاهزة للاستخدام، وتشمل ثلاثة أطراف تلعب أدواراً رئيسة في ذلك. أولها شركة "إيداع" التي تتولى الأعمال المتعلقة بإيداع الأوراق المالية وتسجيل ملكيتها ونقلها وتسويتها، وشركة "مقاصة" المسؤولة عن ضمان وتأكيد المعاملات قبل التسوية، كونها تعمل كوسيط بين طرفين في تداول العقود، إضافة إلى شركة "تداول" ذاتها، المسؤولة عن عرض الأسعار وآلية تداول العقود.
الفرصة كذلك تنطلق من كون العقود الآجلة لا تشترط بالضرورة استلام السلعة وتسليمها، ما يعني أنه يمكننا تجاوز ذلك حالياً إلى أن تكتمل منظومة مخازن الاستلام والتسليم وضوابطها، فمن المعروف أن هناك عقود تتم تسويتها نقداً وعقود تسويتها تتم بتسليم السلعة ذاتها، وهذه يمكن القيام بها لاحقاً وبسهولة تامة كون السعودية رائدة في مجال سلاسل الإمداد والأمور اللوجستية. الوقت يداهمنا، والفرصة سانحة لصناعة قصة نجاح سعودية مبكرة ومتميزة على مستوى المنطقة، حيث يمكن أن نبدأ بعدد محدود من العقود، مثل الحبوب والتمور وبعض المشتقات البتروكيماوية، لتشكيل نقطة انطلاق رمزية وعملية في آن واحد، حيث ستترجم هذه المبادرة إلى منافع مباشرة لجميع الأطراف المشاركة.
غني عن القول إن أحد أهم فوائد سوق عقود السلع أن هذه العقود تعد أدوات تحوط للمنتجين، إضافة إلى استخدامها من قبل كافة فئات المشاركين في الأسواق المالية، ومرة أخرى المقصود ببورصة السلع ليست السوق النقدية للبيع والشراء، رغماً عن أن هذه يمكن تطويرها إلكترونياً وتنظيمياً، بل المقصود والمهم هنا عملية بناء بورصة عقود آجلة، وهي بالمناسبة الأسواق التي نسمع عنها دوماً كأسواق البترول والذهب والقمح والقطن واللحوم والأجبان والقهوة وغيرها، كون الفائدة الحقيقية منها تكمن في المقدرة على التعامل مع الأسعار المستقبلية، وليس الأسعار الحالية. فمن خلال هذه العقود غير القابلة للتسليم مبدئياً يأتي التنفيذ سريعاً ضمن البنية الحالية وذلك لتحقيق عدد من الأهداف الإستراتيجية التي تسعى إليها الدولة، لتكون المملكة أول من يطلق هذا النموذج في المنطقة.
وهذه الخطوة أيضاً تتوافق مع جهود وزارة البيئة والمياه والزراعة وصندوق التنمية الزراعية في تعزيز مفهوم الزراعة التعاقدية، المعلن من قبل هاتين الجهتين والذي حقق نجاحات طيبة خلال فترة قصيرة نسبياً، حيث يتم التعاقد المسبق بين المنتجين والمشترين، إلا أنه يعاني من عدم وجود أدوات فعالة لإدارة مخاطر تعثر أحد الطرفين أو عدم جديتهم في ذلك، والحل الفوري المتاح أن تتولى "مقاصة" آلية التسوية اليومية لهذه العقود، كما تقوم به اليوم في العقود المستقبلية الأخرى، ويتم ذلك بيسر وسهولة بطريقة شفافة وسلسة ومنظمة، مما يعزز جدوى المشاريع الزراعية وقابليتها للتمويل والتوسع والازدهار. وبنجاح هذه اللبنات الأولية تزدهر المنظومة بأكملها، من شركات التأمين والبنوك والمستودعات والنقل والتخزين وغيرها.
مرة أخرى، من الناحية التنظيمية فالمسار واضح: هيئة السوق المالية تمتلك الصلاحيات اللازمة وتداول وشقيقاتها يمتلكون البنى التقنية المتطورة، ويتبقى آلية تصميم العقود ووضع مواصفاتها، وربط الأسعار بمؤشرات تسعيرية وتحديد صناع سوق مؤهلين، وأعمال إجرائية أخرى، لكنها خطوات معتادة ويمكن تنفيذها بوقت قصير دون الحاجة لجهود كبيرة وانتظار إنشاء كيان جديد مستقل لبورصة السلع المنشودة.
والفرصة هنا ليست شكلية، بل إنها تأتي لربط الأسواق المالية بالاقتصاد الحقيقي في الزراعة والصناعة بالتعاون مع تلك الجهات الراعية، هي فرصة مواتية لتداول للتموضع كمركز ريادي في الابتكار المالي، إضافة إلى أن ذلك يصب في رؤية 2030 من حيث التنوع والاستدامة والأمن الغذائي وتطور القطاع المالي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 26 دقائق
- صحيفة سبق
موجز "سبق" الأسبوعي: السعودية تنجح في حشد العالم للاعتراف بفلسطين.. وحادثة دامية في الطائف.. والتوطين يرتفع في هذه القطاعات
واصلت "سبق" طوال الأسبوع الماضي جهودها في رصد ومتابعة وتحليل الأحداث اليومية المحلية والعالمية عبر فريقها التحريري، وكانت سبّاقة في وضع قرّائها في قلب الأحداث عبر تغطية مميزة على مدار الساعة، لم تخلُ من الأخبار الحصرية، والخفيفة، والتقارير العميقة، والتحقيقات، والحوارات، ومقاطع الفيديو الرائجة. وشهد الأسبوع الماضي عددًا من الأحداث، كان أبرزها نجاح المؤتمر الدولي لحل الدولتين، ونجاح الجهود السعودية في حشد دعم دولي للحل الشامل للقضية الفلسطينية. ومن بين الأحداث المهمة التي شهدها الأسبوع، إعلان وزارة المالية تقرير أداء الميزانية العامة للدولة للربع الثاني من العام المالي 2025، فيما شهدت الطائف حادثة دامية بسقوط إحدى الألعاب في أحد المنتجعات الترفيهية، ما أسفر عن عدد من الإصابات ما بين الطفيفة والحرجة.


عكاظ
منذ 41 دقائق
- عكاظ
ميناء نيوم العملاق.. إرادة سعودية وتكنولوجيا متقدمة
أكدت مجلة أمريكية، أن ميناء مدينة نيوم الذكية السعودية بدأ يقترب من مرحلة التشغيل، ما سيتيح تقصير طرق التجارة على البحر الأحمر. وأشارت مجلة «نيوزويك» إلى أن مشروع ميناء نيوم يمثل مؤشراً مهماً إلى اندفاع المملكة للتعجيل بالمقومات الرئيسية لمدينة نيوم. ويعد الميناء عاملاً مركزياً في رؤية السعودية 2030، الرامية إلى تحويل المملكة إلى منطلق عالمي للنقل اللوجستي، وخفض اعتمادها على مداخيل النفط. وكانت شركة أوكساغون الصناعية أعلنت نقل أول شحنة من مصر إلى العراق عبر ميناء نيوم. وهو ممر يتيح خفض زمن النقل، والتكاليف اللوجستية المتعلقة به. ويمتاز ميناء نيوم الجديد بموقع إستراتيجي في أحد أهم الممرات البحرية التجارية العالمية التي تربط قارات آسيا، وأفريقيا، وأوروبا. وأوضحت أوكساغون، أن هذا الممر البحري عبر ميناء نيوم يقلّص زمن النقل من أوروبا بنحو 50%. ومن شأنه، بوجه الخصوص، أن يقلص فترة النقل البحري إلى العراق عبر ميناء نيوم. وتضطر السفن حالياً إلى المرور عبر قناة السويس لدخول البحر الأحمر، والإبحار عبر باب المندب، وخليج عدن، ومضيق هرمز، وتدخل بعد ذلك الخليج العربي لترسو على الموانئ العراقية، كأم قصر، ومن هناك تقوم الشاحنات بنقل البضائع إلى بغداد وبقية مدن العراق. وكان الرئيس التنفيذي السابق لنيوم نظمي النصر، قال في عام 2023، إن ميناء نيوم يعتبر مهماً جداً لاستمرار التنافسية التجارية، والتنويع الاقتصادي، والتجارة البحرية الطموحة للمملكة العربية السعودية. وأضاف، أن الهدف يتمثل في بناء أحد أكثر موانئ العالم تقدماً تكنولوجياً، واستدامة، وكفاءة، يكون مزوداً بأول سلسلة إمداد متكاملة ومؤتمتة. ويتوقع، أن تطلق شركة نيوم عمل ميناء نيوم بشكل رسمي خلال العام 2026. أخبار ذات صلة


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
عقبة السروات.. منظومة لوجستية تحفز التنمية والاقتصاد وتربط تهامة بالسراة
"عقبات طرق الجنوب" معارض مفتوحة لمنظومة أكبر تجمع للأنفاق والجسور للتنمية والاقتصاد، هكذا بدت لنا عشرات عقبات الطرق، في أكثر مناطق المملكة استخداماً لمثل هذا النوع من الطرق ذات التضاريس الجبلية الصعبة، وهي مناطق عسير والباحة ومكة المكرمة. جولة الرياض الميدانية، على عدة عقبات الطرق بتلك المناطق ، كشفت عن ملامح ومشاهدات ،في أساليب التنفيذ، وعائدات تلك المشروعات الضخمة، على اقتصاديات مدن وقرى وهجر، تلك المناطق، وعلى الحركة التجارية والاستثماريّة، والتنموية بشكل عام. منطقتا الباحة وعسير استحوذتا على نسبة كبيرة من أنفاق وجسور عقبات الطرق الجبلية الوعرة، والتي ربطت مدن تهامة والساحل الغربي، بمدن مرتفعات السروات. أكثر من 28 عقبة جبلية، تم تنفيذها كمشاريع نوعية في مجال الطرق يمكن أن توصف بأنها مشاريع إعجازية في البنية، والتنفيذ، والتكلفة، كانت أشبه ما تكون بموارد وتعزيزات لحركة التنمية والتجارة، والسياحة والاقتصاد في المناطق الثلاث. التجربة السعودية الرائدة في مجال عقبات الطرق الجبلية أثمرت عن تنفيذ عقبات مثالية وتاريخية خالدة تذكرها الأجيال ومنها عقبات شعار، وضلع والجوة (الفرشة)، وسنان، والأربوعة، والصماء ووادي عتود والتوحيد وحبو وبني عمرو. وفي منطقة الباحة رصدت الرياض ست (6) عقبات رئيسية تربط قطاع السراة بالسهل التهامي، وهي عقبة الباحة، وعقبة الأبناء (ربط بلجرشي بـ نمرة) وعقبات حزنة، وقلوة، وذي منعا، وسبه، فيما تظل عقبة الباحة من أطول العقبات، بطول 46 كم، وتضم 25 نفقًا و62 جسرًا، وتربط بين جبال الباحة وسهول تهامة. صالح الشهري "متعامل" أكد على أن عقبات الطرق شرايين الحياة ما بين مدن وقرى تهامة والساحل والسراة حيث ضخ البضائع والخدمات اللوجستية فضلا عن مصالح وحوائج السكان. جولة "الرياض" كشفت عن عشرات العقبات بمحافظة الطائف بمنطقة مكة المكرمة، أشهرها عقبة كرا والمحمدية وهناك مشاريع جارية لإنشاء عقبات جديدة مثل عقبة الصفيحة وعقبة هضاض. ووفقا لمراقبين فإن تنفيذ مشاريع عقبات الطرق يسبقها دراسات جيولوجية وطبوغرافية، لتحليل التربة والصخور، ودراسات تصريف مياه الأمطار والسيول. مشاهدات (الرياض) ووقوفها على عشرات الأنفاق والجسور، كشفت عن أساليب فريدة منها تدعيم المنحدرات باستخدام الجدران الاستنادية، والشبكات حديدية مع مثبتات صخرية، اضافة إلى توظيف تقنيات تثبيت التربة والخرسانة المرشوشة، وبناء حواجز حماية معدنية أو خرسانية على أطراف الطريق، وحواجز مانعة للانهيارات الصخرية، ونظام تصريف للمياه الجوفية داخل النفق، ومراوح تهوية لتصريف العوادم وتحسين التهوية، اضافة إلى إنارة ونظام مراقبة وكاميرات.