
مخاوف أممية من مقتل أكثر 100 شخص بينهم كوادر منظمات دولية في مدينة الفاشر في دارفور
Getty Images
وفقا لتقارير الأمم المتحدة، فقد شنت قوات تابعة لقوات الدعم السريع هجمات برية وجوية منسقة على المخيمين والفاشر من جهات متعددة في 11 أبريل/ نيسان
أعربت الأمم المتحدة عن مخاوفها من مقتل أكثر من 100 شخص، بينهم 20 طفلاً، في هجمات لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفق ما ورد من تقارير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وأضافت أن من بين القتلى هناك تسعة موظفين في منظمة الإغاثة الدولية الخيرية، قتلوا في الهجمات على المدينة المحاصرة وعلى مخيمين للنازحين قريبين منها، يعرفان بمعاناة النازحين فيه من المجاعة.
وقال مكتب الأمم المتحدة (أوتشا) إن قوات الدعم السريع التي تخوض حربا مع الجيش السوداني منذ أبريل/ نيسان 2023، شنّت "هجمات برية وجوية منسّقة" الجمعة على مدينة الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين.
وفي بيان لها قالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا-سلامي، إنها تشعر بالفزع والقلق البالغ إزاء التقارير الواردة من مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين، وكذلك من مدينة الفاشر في شمال دارفور ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة أثرت سلبا على المدنيين.
وأشارت إلى أن عمليات القتل تُمثل انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.
من جهتها نفت قوات الدعم السريع ارتكاب أعمال قتل في مخيم زمزم، كما نفت في بيان أصدرته السبت صحة مقطع فيديو تداوله نشطاء قالوا إنه يظهر مقتل مدنيين، وقالت إن الفيديو "يظهر مشاهد تمثيلية لانتهاكات مزعومة..محاولة يائسة لتجريم قوات الدعم السريع".
لكن الجيش السوداني قال، إن 74 مدنياً قتلوا وأصيب 17 آخرون في الهجوم على الفاشر.
Reuters
وفقا لتقارير الأمم المتحدة، فقد شنت قوات تابعة لقوات الدعم السريع هجمات برية وجوية منسقة على المخيمين والفاشر من جهات متعددة في 11 أبريل/ نيسان
وقد تأكد مقتل ما لا يقل عن تسعة من العاملين في المجال الإنساني أثناء تأدية مهمة لدعم الفئات الأكثر ضعفًا، وفقاً لبيانات أممية، كما قُتل موظفون من منظمة دولية غير حكومية أثناء إدارتهم لأحد المراكز الصحية القليلة المتبقية التي لا تزال تعمل في المخيم.
ووصفت تقارير إعلامية أن الهجوم على مدينة الفاشر وعلى مخيمين للنازحين بالقرب منها، "بالأسوأ" ضمن الانتهاكات في الحرب الأهلية المستمرة منذ عامين.
ونقل مراسل بي بي سي عن مراقبين في البلاد قولهم إن وتيرة هجمات قوات الدعم السريع ارتفعت خلال يومي الجمعة والسبت، وأدت إلى مقتل المئات وتدمير المنازل والأسواق ومرافق الرعاية الصحية خلال اليومين الماضيين.
Reuters
رئيس قوات الدعم السريع، ونائب رئيس المجلس العسكري السوداني، محمد حمدان دقلو، يحيي أنصاره بالقرب من العاصمة الخرطوم، يونيو/ حزيران 2019
ويُعد مخيما زمزم وأبو شوك من أكبر مخيمات النازحين في دارفور، حيث يؤويان أكثر من 700 ألف شخص فروا من دوامات العنف على مر السنين، وقد نزح الكثير منهم عدة مرات.
وطالبت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بضرورة أن تنتهي دوامة العنف "على الفور"، وأن يسمح لمن يحاولون الفرار بالمرور الآمن، قائلة "إن ما يحدث يمثل تصعيداً مميتاً وغير مقبول في سلسلة من الهجمات الوحشية على النازحين وعمال الإغاثة في السودان منذ اندلاع الصراع".
وحثت على ضرورة التزام مختلف الأطراف لما ينص عليه قرار مجلس الأمن رقم 2736، الذي يطالب بإنهاء الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الإنساني في السودان.
وأدانت المسؤولة الأممية هذه الهجمات،وطالبت بمحاسبة المسؤولين عنها. واصفة هذه الأعمال بـ"البغيضة ولا تُغتفر".
تصاعد الهجمات ومخاوف من امتداد المجاعة
EPA
طفل لاجئ سوداني يعاني من سوء التغذية أبريل/ نيسان 2024
وفي مدينة الفاشر، صعّدت قوات الدعم السريع هجماتها، وتعتبر المدينة بأنها الوحيدة في دارفور التي لا تزال خارج سيطرة الدعم السريع، بعد بسط الجيش كامل سيطرته على العاصمة الخرطوم الشهر الماضي.
وذكرت تقارير أولية من "تنسيقية لجان المقاومة" المحلية أن عدد القتلى، يوم الجمعة، بلغ 57 شخصا، منهم 32 مدنيا قتلوا في الفاشر و25 في مخيم زمزم للاجئين.
وقال الجيش، السبت، إن 74 مدنيا قتلوا وأصيب 17 آخرون في الهجوم على الفاشر.
وقالت المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين في دارفور إن الهجوم على مخيم زمزم تجدد صباح السبت، حيث سمعت أصوات اشتباكات وإطلاق نار كثيف لساعات.
وكان مخيم زمزم أول منطقة في السودان أعلنت فيها الأمم المتحدة حالة المجاعة العام الماضي.
وبحلول ديسمبر/ كانون الأول، امتدت المجاعة إلى مخيمي أبو شوك والسلام القريبين، ومن المتوقع أن تصل إلى مدينة الفاشر نفسها بحلول مايو/ أيار.
وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات آلاف السودانيين ونزوح أكثر من 12 مليونا منذ اندلاعها في أبريل/ نيسان 2023. واتُهم طرفا النزاع بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار ليبيا
منذ 6 ساعات
- أخبار ليبيا
الشيباني يبحث مع بيدرسون أمن سوريا والعدالة الانتقالية
سوريا – بحث وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، امس الجمعة، مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، امس الجمعة، قضايا الأمن والاستقرار في البلاد، بالإضافة إلى ملف العدالة الانتقالية. جاء ذلك خلال لقائهما في العاصمة دمشق، وفق منشور لوزارة الخارجية السورية عبر حسابها على منصة 'إكس'. وقالت الخارجية السورية، إن الجانبين، أكدا على 'أهمية الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها'. وأضافت 'كما تناول اللقاء ملف العدالة الانتقالية، وتعزيز التعاون المشترك بين الحكومة السورية والأمم المتحدة في مختلف القضايا'. وفي 18 مايو/ أيار الجاري، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع، مرسوما بتشكيل هيئة للعدالة الانتقالية تتولى كشف الحقائق بشأن انتهاكات النظام البائد، ومحاسبة المسؤولين عنها، وجبر الضرر الواقع على الضحايا. وذكر نص المرسوم، حينها، أن تشكيل هذه الهيئة يأتي 'إيمانا بضرورة تحقيق العدالة الانتقالية كركيزة أساسية لبناء دولة القانون، وضمانا لحقوق الضحايا، وتحقيقا للمصالحة الوطنية الشاملة'. وتصاعدت في الآونة الأخيرة مطالبات محلية ودولية بالمحاسبة وتحقيق العدالة في الانتهاكات التي ارتكبتها نظام الأسد أثناء محاولاته قمع احتجاجات شعبية مناهضة له اندلعت في مارس/ آذار 2011، وطالبت بتداول سلمي للسلطة. وشملت تلك الانتهاكات عشرات الهجمات بالأسلحة الكيميائية، وقصفا جويا واسعا ببراميل متفجرة على مناطق مأهولة، إلى جانب اعتقالات تعسفية، وإخفاء قسري، وتعذيب ممنهج في مراكز الاحتجاز، ما أدى إلى وفـاة وفقدان مئات الآلاف من المدنيين، وفق تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية. وكانت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي عقد في فبراير/ شباط الماضي، شددت على أهمية العدالة الانتقالية، وضرورة محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات المرتكبة في عهد نظام الأسد. وفي 6 مارس الماضي، أكد الشيباني، أن بلاده تمضي قدما لـ'محاسبة المجرمين وتحقيق العدالة للشعب السوري'. وفي منشورات على 'إكس'، قال الشيباني، عقب لقائه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان آنذاك: 'على مدار 14 عاما، بل وقبل ذلك بكثير، فشل العالم في تحقيق العدالة للشعب السوري الذي عانى من جرائم لا توصف'. واستدرك: 'لكن اليوم، ومن خلال عملية عدالة يقودها السوريون، نمضي قدما جنبا إلى جنب مع المجتمع الدولي لمحاسبة المجرمين وضمان أن تسود العدالة'. كما تعهّد وزير العدل مظهر الويس، خلال إعلان الحكومة الجديدة في 29 مارس الماضي، بـ'العمل من أجل استقلالية القضاء وتحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المتورطين في الجرائم ضد شعبنا'. وفي أبريل/ نيسان الماضي، بحث الشيباني، مع وفد من الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الخطيرة في سوريا برئاسة روبرت بيتي، خلال زيارته لدمشق، سبل توسيع التعاون في ملفات المساءلة، بما يحقق 'العدالة الشاملة للشعب السوري تجاه الانتهاكات التي ارتكبها النظام البائد'. الأناضول


الوسط
منذ 7 ساعات
- الوسط
هل ستصبح الجزائر "محجاً" للمسيحيين الكاثوليك في العالم؟
Getty Images البابا لاون الرابع عشر يرغب في زيارة مسقط رأس القديس أوغسطين في الجزائر وجه البابا لاون الرابع عشر رسالة "خاصة" إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عبر له فيها عن "رغبته الصادقة" في زيارة الجزائر، وذلك بعد توليه منصب الحبر الأعظم في الفاتيكان مباشرة. ووفق بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، فقد نقل الرسالة سفير الجزائر لدى الكرسي الرسولي، رشيد بلادهان، الذي حضر القداس لتهنئة البابا الجديد، بمناسبة انتخابه لمنصب "بابا الكنيسة الكاثوليكية، ورئيس دولة الفاتيكان". فما السر وراء هذه الرغبة البابوية، وما العلاقة "الخاصة" بين رأس الكنيسة الكاثوليكية والجزائر؟ في الواقع، أشارت رسالة البابا بوضوح إلى دوافع رغبته في زيارة الجزائر، وإلى علاقته الشخصية بها؛ حيث ذكر في حديثه مع السفير الجزائري أنه يرغب في رؤية مسقط رأس القديس أوغسطين، أبرز أعلام الفكر المسيحي، وأعظم الآباء اللاتين في الكنيسة الكاثوليكية، بعد بولس الرسول. وعرّف الحبر الأعظم نفسه، في خطاب تنصيبه، بأنه "ابن القديس أوغسطين"، قائلاً إنه يفتخر باتباع فكره ومنهجه في الدين والحياة. ولا شك في أن هذه الرابطة الروحية، دفعته إلى التعبير عن رغبته في زيارة الأرض التي أنجبت معلمه في الفكر وقدوته في العقيدة. وبعد انتخابه، أجرى البابا لاون الرابع عشر زيارة مفاجئة لرهبنة القديس أوغسطينوس في روما، وهي جماعة في الكنيسة الكاثوليكة لها فروع عبر العالم، كان رئيساً لها في الفترة من 2001 إلى 2013 حين كان يُعرف بالكاردينال روبرت فرنسيس بريفوست. ودخل الكاردينال بريفوست دير الرهبنة الأوغسطينية في عام 1977، والتزم طريقتها في التعبد وأسلوبها في العمل طوال حياته. ونال شهادة الدكتوراه في القانون الكنسي في روما عام 1987 بأطروحة عنوانها: "دور الرئيس المحلي لرهبانية القديس أوغسطينوس". لقد أصبح لاون الرابع عشر أول بابا ينتمي إلى الرهبنة الأوغسطينية، ويظهر تأثره بالقديس أوغسطين في شعار الدرع الذي اختاره لنفسه وهو على رأس الكنيسة الكاثوليكية. ففي نصف الدرع السفلي نرى كتاباً مُغلقاً فوقه قلب يخترقه سهم، وهذا شعار مستوحى من مقولات القديس أوغسطين. ويرمز الشعار إلى أعتناق القديس أوغسطينوس للمسيحية بعد رحلة طويلة وبحث عميق. ووصف حينها لقاءه "بكلمة الله" في هذه الصورة، بقوله "لقد جرحت قلبي بكلمتك". ويحمل درع البابوية أيضاً عبارة أوغسطينية باللاتينية، تقول: "في الواحد نصير واحداً". ويشرح البابا معناها، في مقابلة مع "أخبار الفاتيكان"، بقوله: "إن الوحدة والتشارك من صميم الهبة الخاصة التي تميز رهبنة القديس أوغسطينوس، وهما أيضاً محور تفكيري وأسلوب عملي. ثم إنني كأوغسطيني، أعتبر تعزيز الوحدة والتشارك أمراً جوهرياً". ومن الواضح أن فلسفة القديس أوغسطينوس وأفكاره في الدين والحياة، سيكون لها تأثير وبصمة في منهج الكنيسة الكاثوليكية وتوجهها، بقيادة البابا لاون الرابع عشر. ولا شك في أن زيارة مسقط رأس أحد أعظم مفكري المسيحية في العالم ستكون مصدر إلهام لتوجه الفاتيكان الجديد. من هو القديس أوغسطين (354 م -430 م)؟ Getty Images كنيسة القديس أوغسطين في عنابة شرقي الجزائر، وأسفلها آثار كنيسة السلام التي ترأسها في حياته يوصف القديس أوغسطينوس بأنه أعظم المفكرين والفلاسفة في التراث المسيحي كله، وواحد من أعمدة الثقافة والأدب في القرون الوسطى الغربية، وهو دون شك أغزر معاصريه تأليفاً، وأعمقهم تفكيراً، وأوسعهم علماً، وأقواهم تأثيراً. وحتى اليوم، يحتار مؤلفو سير الأعلام والدارسون للتراث المسيحي الغربي في الكم الهائل من الكتب والرسائل التي كتبها القديس أوغسطينوس؛ فقد تجاوز المعروف منها 230 كتاباً. والكثير من كتبه ورسائله تُرجِم إلى مختلف اللغات العصرية، لكن بعضها لا يزال حبيس المكتبات في النسخة اللاتينية الأصلية. كان القديس أوغسطين عالماً متمكناً في مختلف العلوم والفنون، ومجادلاً قوياً حاداً في رأيه. وقد خصص عدداً كبيراً من كتاباته للمناظرة والرد على الأفكار والعقائد التي يختلف معها. وألف أيضاً في البلاغة والأدب والموسيقى والأخلاق والفلسفة والقانون والحقوق. ومن أشهر أعماله وأوسعها انتشاراً كتاب "اعترافات"، الذي يقع في 13 جزءاً، يروي فيه تجاربه في الحياة ورحلته الطويلة بحثاً عن الحقيقة والإيمان الصحيح، انتهاء باعتناقه المسيحية، ويعد عمله هذا أول سيرة ذاتية كتبت في تاريخ الثقافة الغربية كلها. ويصفه هنري تشادويك، أستاذ علم اللاهوت بجامعة كامبريدج، في كتابه أوغسطينوس، بأنه "أول رجل حديث" في التاريخ. وتتميز كتاباته وأفكاره "بعمق غير مسبوق"، وكان له تأثير كبير في الطريقة التي ينظر بها الغرب إلى "طبيعة الإنسان" وإلى معنى كلمة "الرب". وفي كتابه "مدينة الله"، ينافح القديس أوغسطين عن عقديته بإيمان راسخ، ويتألف الكتاب من 22 جزءاً ينفي فيها مزاعم الوثنيين بأن المسيحية كانت سبباً في خراب روما. ويتحدث بتحليل عميق عن ثنائيات "الخير والشر"، و"حرية الاختيار والقدر الرباني"، و"الحياة الدنيا والآخرة". ولد القديس أوغسطين في يوم 13 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 354 م في تاغاست (سوق أهراس)، الواقعة في بلاد الجزائر اليوم. وكان والده باتريكوس وثنيا، ويُروى أنه اعتنق المسيحية قبل وفاته بفترة قصيرة. أما والدته مونيكا فكانت مسيحية ورعة، ويُطلق عليها لقب القديسة أيضاً. حرصت والدته على تلقينه تعاليم المسيحية ومبادئها منذ صغره، لكنه نفر من الأساطير "الساذجة" التي كانت تُروى على لسان المبشرين والبطاركة، عن الدين وتعاليمه. وانجذب إلى علم الفلك والأدب و المسرح، ثم مال إلى المانوية واتبعها، قبل أن يهاجمها ويعود إلى المسيحية. ويُروى عن مونيكا أنها حزنت حزناً شديداً لما رأت من ابنها في شبابه من "انحراف" عن تعاليم الدين وانغماس في حياة "اللهو والمجون"؛ فكانت تبكي باستمرار لمدة عشرين سنة، إلى أن عاد ابنها إلى المسيحية. ومن أجل هذا، أطلِق على القديس أوغسطين لقب "ابن الدموع". تلقى القديس أوغسطين تعليمه الأول في مسقط رأسه تاغاست (سوق أهراس) شرقي الجزائر، التي كانت عبر التاريخ ملتقى للحضارات الرومانية والنوميدية والبيزنطية والإسلامية. ثم التحق بأكاديمية ماداوروس (مداوروش) على بعد 50 كيلومتر، من بلدته. ومدينة مداوروش اليوم دائرة إدارية، تابعة لولاية سوق أهرس، التي تبعد عن الجزائر العاصمة بنحو 590 كيلومتر، شرقاً. وتعد أكاديمية مداوروش أول جامعة في تاريخ أفريقيا، فيها تعلم القديس أوغسطين على يد أستاذه ماكسيميليان المداوروشي، وهو عالم لغوي من مؤسسي قواعد اللغة اللاتينية، أخذ عنه فن البلاغة والخطابة، وأصبح فيما بعد صديقاً له، على الرغم من اختلافهما في العقيدة. ويذكر القديس أوغسطين في كتاباته أعلام بلاده ونوابغها، من بينهم الفيلسوف والعالم اللغوي أبوليوس المداوروشي (124 م-170 م)، الذي كان أستاذاً للبلاغة اللاتينية واليونانية في روما؛ لكنه يُعرف خاصة بروايته ذائعة الصيت "التحولات" أو "الحمار الذهبي". وتعد رواية أبوليوس "الحمار الذهبي" أول رواية معروفة في التاريخ، تحدث فيها عن مغامرات شاب تحول، بمفعول السحر، إلى حمار. ويرى فيها الدارسون للآداب القديمة بعض الجوانب من حياة الكاتب الشخصية؛ لأن الاهتمام بالسحر والاشتغال به كان رائجا في عصره. زيتونة القديس أوغسطين James Patterson Terrae Transmarinae زيتونة القديس أوغسطين في سوق أهراس، شرقي الجزائر، عمرها 2900 سنة في مدينة سوق أهراس اليوم، تقف زيتونة شهيرة على إحدى تلال البلدة القديمة، شاهدة على عراقة المنطقة الضاربة في أعماق التاريخ، وعلى حياة أحد نوابغها الذين أضاءوا بفكرهم طريق الحضارة الإنسانية، فسارت على أنوارهم أجيال وأمم قروناً وقروناً من بعدهم. وغير بعيد عن الزيتونة، يقع ضريح سيدي مسعود، الولي الصالح المتوفى في عام 1770م. وقد أنشأت السلطات الفرنسية، بعد احتلالها للجزائر في عام 1830، خلفهما بيتاً كانت تستخدمه جيوشها الغازية لتخزين البارود، قبل أن يتحول البناء اليوم إلى متحف للقديس أوغسطين. ولقد ساد الاعتقاد طويلاً بأن هذه الزيتونة غرسها القديس أوغسطين بنفسه؛ فقد ذكرها في العديد من كتاباته، وربما كان بيته قريبا منها، فكان يجلس تحت ظلها ليستريح أو يتأمل، أو يكتب رسائله؛ لكنّ الدراسات والاختبارات العلمية الحديثة أثبتت أنها أقدم من ذلك بقرون. فوفق ما جاء في دراسة أمريكية نشرت عام 1953، قد يصل عمر تلك الشجرة إلى 3 آلاف سنة، بعد أن أثبت مختبر علم تسنين الشجر للبروفيسور دوغلاس، في توسكان بولاية أريزونا، أن زيتونة القديس أوغسطين، عمرها في الواقع 2900 سنة على الأقل. وتذهب الأساطير الشعبية أبعد من ذلك في التاريخ، إذ يعتقد رواتها أن من هذه الزيتونة، الورقة التي حملتها الحمامة إلى النبي نوح، لتخبره بانحسار المياه عن الأرض في حادثة الطوفان، كما يقصها الإنجيل. وجاء في سفر التكوين: "فأرسل الحمامة من الفلك، فأتت إليه الحمامة عند المساء. وإذا ورقة زيتون خضراء في فمها. فعلم نوح أن المياه قد قلّت عن الأرض"، الأمر الذي جعل الحمامة وغصن الزيتون رمزاً للسلام والمحبة في كل العالم. ولا يذكر القرآن هذه القصة كما جاءت في الإنجيل، لكنه جعل "البركة" في الشجرة وزيتونها وزيتها في العديد من الآيات. وجاء في سورة النور" يُوقَد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيةٍ ولا غربية، يكادُ زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، نورٌ على نور، يهدي الله لنوره من يشاء". أسقف هيبون (عنابة) Getty Images أبوليوس المداوروشي (124م-170م) صاحب "الحمار الذهبي"، أول رواية معروفة في التاريخ سافر أوغسطين إلى روما مدرساً للبيان، ثم انتقل إلى ميلان، والتحقت به والدته. وهناك تغيرت أراؤه من المانوية، فعارضها واعتنق المسيحية. وبعد وفاة والدته ثم ابنه، عاد إلى بلاده. وفي تاغاست (سوق أهراس) اختار الاعتكاف والخلوة، من أجل التفكير والتأمل. كان عمر أوغسطين 36 عاما عندما عُين كاهناً على غير رغبته، ثم أسقفاً لمدينة هيبون (عنابة) الساحلية شرقي الجزائر، في عام 395 م. وقد بقي في منصبه حتى وفاته في عام 430 م أثناء حصار الوندال للمدينة. ولا تزال آثار كنيسة السلام، التي كان يرأسها، ماثلة للعيان. وفي عام 2013، أعادت السلطات الجزائرية ترميم كنيسة القديس أوغسطين التي بنيت في عام 1900، قريباً من آثار كنيسته الأصلية تكريماً له، وإحياءً لذكراه ومآثره، وفيها تمثاله الممدد في خزانة زجاجية، تحتوي أيضاً على عظام من أطرفه. وقد دافع أسقف هيبون (عنابة) عن المسيحية والكنيسة الرسمية التي تتبناها الدولة. ولذلك اصطدم مع الطوائف المنشقة عنها مثل الدوناتية، التي انتشرت وقتها في شمال أفريقيا. ودخل مع دعاتها ومع الوثيين والمانويين وغيرهم، في سجالات لا تنتهي ومناظرات حادة في هيبون (عنابة) وقرطاج (في تونس اليوم). وكان القديس أوغسطين يتميز عن خصومه ويتفوق عليهم بثقافته الواسعة، وأدلته القوية، وقدراته البلاغية الاستثنائية. واستطاع بفكره المستنير، وكتاباته الغزيرة أن يتبوأ مكانة القديسين في الكنيسة الكاثوليكية، ومرتبة العباقرة في الحضارة الغربية. الجسر الحضاري عاش القديس أوغسطين، من حيث الزمان، في نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلاديين. فمكنته تجربته من استيعاب خلاصة ما أنتجه العلماء والمفكرون في القرن المنتهي، وساهم بدوره في صناعة وتطوير المفاهيم والفكر في القرن الجديد. وكان يمثل أيضاً رابطة مكانية بين الشمال والجنوب. فهو أفريقي في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وينتمي في الوقت نفسه إلى الحضارة الرومانية في الشمال من البحر. لكن عبقريته الأصيلة جعلت هذه الرابطة مبنية على المساواة والتكافؤ. موسم الحج إلى القديس أوغسطين إن رغبة البابا لاون الرابع عشر في زيارة الجزائر، تحمل كل المعاني التي عاش من أجلها في حياته الخاصة أو في رهبانية الأوغسطينيين التي كان يرأسها. وقد عبّر عن ذلك صراحة عندما أعلن اتباعه منهج القديس أوغسطين في الفكر والعقيدة. وسيجد البابا في سوق أهراس (تاغاست) شجرة زيتونة عمرها أكثر من 3 آلاف سنة، كان يستظل تحتها القديس أوغسطين وأمه القديسة مونيكا. وهي الزيتونة التي رافقته في تأملاته وصلواته، فذكرها في كتبه ورسائله. إنه الحج إلى منابع المسيحية الأولى بالنسبة لكل المؤمنين. وفي عنابة (هيبون) آثار كنيسة السلام، التي قادها الأسقف أوغسطين، ومنها خاض سجالاته الفكرية ومعاركه الفقهية، وبين أسوارها ألقى مواعظه على المؤمنين والأتباع، وفي جوفها اختلى بنفسه للتأمل والمناجاة، أو للكتابة والتأليف. Getty Images أثار مدينة ماداوروس، شرقي الجزائر، التي تعلم القديس أوغسطين في أكاديميتها الشهيرة إنها رحلة الفكر أيضاً إلى ملتقى الحضارات الرومانية والنوميدية والبيزنطية والإسلامية على أرض أفريقيا، في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. وفيها يقتفي الباحث آثار العبقري الذين أرسى قواعد الفكر المسيحي الحديث، فهو شمس الجنوب التي أشرقت على الشمال. ويقول الأستاذ تشادويك في كتابه "فجر الكنيسة" إن "القديس أوغسطين تفوّق على معاصريه بعمق فكره وسعة عقله، لكنه كان أيضاً متقدماً في الفكر على من جاءوا بعده بقرون عديدة. وكان تأثيره واضحاً في الكاثوليكية والأرثوذوكسية على حد سواء". وعلى الرغم من أنه لا يمكن الحديث عن أي حقوق أو مكانة للمرأة في القرنين الرابع والخامس الميلاديين، إلا أن القديس أوغسطين يقول في شرحه لسفر التكوين، إن "خلق الإنسان ذكراً وأنثى كان على أساس اختلاف الجسد فقط. فالتمايز بين الذكر والأنثى ليس تمايزاً في الطبيعة أو الروح أو العقل أو القيمة". وإنما هو اختلاف في النوع لا غير. وهذا مفهوم سبق إليه القديس أوغسطين قروناً من المفكرين والفلاسفة، وصاغه في عصر اتفقت فيه العقول البشرية على أن المرأة مجرد تابع للرجل ومتاع له. ولا تزال الكثير من العقول والمجتمعات إلى اليوم عاجزة عن استيعاب هذا المفهوم الأوغسطيني والإقرار به في حياتها.


الوسط
منذ 7 ساعات
- الوسط
الفوضى تتفشى في غزة بينما ينتظر السكان اليائسون وصول الطعام
EPA تسببت كمية الغذاء المحدودة التي وصلت إلى غزة بعد رفع الحصار الإسرائيلي جزئياً، في انتشار الفوضى، مع استمرار انتشار الجوع بين سكان القطاع. فقد اكتظت المخابز التي توزع الطعام بالحشود، وأُجبرت على الإغلاق يوم الخميس. وفي الليل هاجم لصوص مسلحون قافلة مساعدات، ما أدى إلى تبادل إطلاق النار مع مسؤولي أمن حماس، الذين استهدفتهم غارة لطائرة إسرائيلية مُسيرة، بحسب شهود عيان. وتؤكد الحادثة التي وقعت في وسط غزة، ورواها شهود عيان وصحفيون محليون ومسؤولون من حماس لبي بي سي، على تدهور الوضع الأمني في غزة، حيث انهارت حكومة حماس وعمّت الفوضى. ووقعت الحادثة أثناء توجه قافلة مكونة من 20 شاحنة تحمل الدقيق من معبر كرم أبو سالم إلى مستودع تابع لبرنامج الغذاء العالمي في مدينة دير البلح، ودخلت القطاع بتنسيق من برنامج الغذاء العالمي. ورافق القافلة ستة عناصر من أمن حماس عندما تعرضت لكمين نصبه خمسة مسلحين مجهولين، أطلقوا النار على إطارات الشاحنة وحاولوا الاستيلاء على حمولتها. وقال شهود عيان لبي بي سي نيوز إن فريق التأمين التابع لحماس اشتبك مع المهاجمين في تبادل إطلاق نار قصير. وبعد وقت قصير من بدء الاشتباك، استهدفت طائرات إسرائيلية مُسيرة فريق حماس بأربعة صواريخ، ما أدى إلى مقتل ستة ضباط وإصابة آخرين. EPA وأصدرت حماس بياناً أدانت فيه الهجوم ووصفته بأنه "مجزرة مروعة"، متهمة إسرائيل باستهداف الأفراد المكلفين بحماية المساعدات الإنسانية عمداً. بينما رد الجيش الإسرائيلي ببيان قال فيه إن إحدى طائراته حددت هوية "عدد من المسلحين، من بينهم إرهابيون من حماس"، بالقرب من شاحنات مساعدات إنسانية في وسط غزة "وضربت المسلحين بعد التعرف عليهم". وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه سيبذل "كل الجهود الممكنة لضمان عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى أيدي المنظمات الإرهابية". وسمحت إسرائيل بمرور كمية صغيرة من الغذاء إلى غزة هذا الأسبوع؛ حيث عبرت نحو 130 شاحنة محملة بالمساعدات إلى داخل القطاع في الأيام الثلاثة الماضية، بعد أن رفع الجيش الإسرائيلي جزئياً الحصار المستمر منذ 11 أسبوعاً. وتقول الأمم المتحدة إن غزة تحتاج إلى ما بين 500 إلى 600 شاحنة من الإمدادات يومياً. وحذرت وكالات دولية، منها الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، مراراً وتكراراً من أن انعدام الأمن المتزايد يعوق توصيل الإمدادات الغذائية والطبية التي يحتاجها السكان بشدة، ومعظمهم من النازحين داخل غزة. وتقول إسرائيل إن الحصار يهدف إلى الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، كما اتهمت حماس أيضاً بسرقة الإمدادات، وهو ما نفته الحركة. وأكد برنامج الأغذية العالمي نهب 15 شاحنة مساعدات تابعة له مساء الخميس، قائلاً إن "الجوع واليأس والقلق حول إمكان وصول المساعدات الغذائية يساهم في تفاقم انعدام الأمن". ودعت المنظمة الدولية إسرائيل إلى المساعدة في ضمان المرور الآمن للإمدادات. وكتب فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على منصة إكس، أنه لا ينبغي أن "يتفاجأ" أحد "أو يشعر بالصدمة" من نهب المساعدات؛ لأن "أهل غزة يعانون الجوع والحرمان من الأساسيات مثل المياه والأدوية لأكثر من 11 أسبوعاً". وقبل دخول قافلة المساعدات يوم الخميس، تجمع فلسطينيون غاضبون وجائعون خارج المخابز في غزة، في محاولة يائسة للحصول على الخبز، لكن سرعان ما تحول الوضع إلى حالة من الفوضى، ما اضطر السلطات إلى وقف التوزيع. كما اضطرت معظم المخابز لتعليق عملياتها، مشيرة إلى انعدام الأمن. وأعرب العديد من السكان في مختلف أنحاء غزة عن شعورهم بالإحباط المتزايد، بسبب طريقة توزيع المساعدات، وانتقدوا برنامج الأغذية العالمي الذي يشرف على تسليم الأغذية. وطالب البعض بتوزيع الدقيق مباشرة على السكان بمعدل كيس واحد لكل أسرة، بدلاً من توزيعه على المخابز لإنتاج الخبز وتوزيعه على السكان. ويقول السكان المحليون إن توزيع الدقيق سوف يسمح للأسر بالخبز في المنازل أو في الخيام، ما سيكون "أكثر أماناً من الانتظار في مراكز المساعدات المزدحمة." EPA إمدادات محملة على منصات خشبية أثناء تحمليها على شاحنات انتظارات لإدخالها إلى القطاع كما تحدث فلسطينيون على الأرض عن انهيار الخدمات الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية، التي يواجهها من يعيشون وسط القتال أو أُجبروا على ترك منازلهم، في ظل استمرار الجيش الإسرائيلي في تصعيد عملياته العسكرية ضد حماس. ومن داخل أحد مخيمات النازحين في المواصي جنوبي قطاع غزة، قال عبد الفتاح حسين لبي بي سي، عبر تطبيق واتساب، إن الوضع "يزداد سوءاً" بسبب عدد الموجودين في المنطقة. وأضاف، وهو أب لطفلين، أنه "لا توجد مساحة" في المواصي، كما أن الجيش الإسرائيلي أمر سكان المنطقة بمغادرة منازلهم التوجه إلى مكان آمن. وأكد أنه "لا يوجد كهرباء ولا طعام ولا مياه شرب كافية ولا أدوية متاحة"، والغارات الجوية المتكررة، خاصة أثناء الليل، تفاقم المعاناة". ووصف حسين شاحنات المساعدات القادمة بأنها "قطرة في بحر احتياجات سكان غزة." وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أعلن في وقت سابق من هذا الأسبوع أنه سيُسمح أخيراً بدخول بعض الإمدادات "الأساسية" فقط من الاحتياجات إلى القطاع. وحذرت المنظمات الإنسانية من أن كمية الغذاء التي دخلت غزة في الأيام الأخيرة لا تقترب حتى من الكمية المطلوبة لإطعام نحو مليوني فلسطيني يعيشون هناك، في حين قالت الأمم المتحدة إن نحو 500 شاحنة كانت تدخل القطاع في المتوسط يومياً قبل الحرب. وحذرت منظمات إنسانية من مجاعة "تهدد قطاع غزة على نطاق واسع." وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن 400 شاحنة حصلت على الموافقة لدخول غزة هذا الأسبوع، لكن الإمدادات التي دخلت جُمِعت من 115 شاحنة فقط، مضيفاً أنه لم يصل شيء "إلى الشمال المحاصر" حتى الآن. ورغم وصول بعض الطحين/الدقيق وأغذية الأطفال والإمدادات الطبية إلى غزة، وبدء بعض المخابز في الجنوب العمل مرة أخرى، قال غوتيريش إن ذلك يعادل "ملعقة صغيرة من المساعدات بينما هناك حاجة إلى طوفان من المساعدات". وأضاف أن "هناك إمدادات محملة على 160 ألف منصة متنقلة، تكفي لملء نحو 9 آلاف شاحنة، مازالت في الانتظار". وقالت رضا، وهي قابلة تعمل على توليد الحوامل من خلال جمعية مشروع الأمل الخيرية في دير البلح، إن النساء يأتين إليها في حالة إغماء، ويلجأن إلى طلب مساعدتها بسبب عدم تناول أي طعام حتى وجبة الإفطار. وأضافت أن الكثير من النساء يحصلن على وجبة واحدة فقط في اليوم، ويعشن على البسكويت عالي الطاقة الذي تقدمه لهم الجمعية الخيرية. وتضيف القابلة: "بسبب سوء التغذية، دائماً ما تشكو النساء من عدم حصول أطفالهن على ما يكفي من المكملات الغذائية من الرضاعة، ولا يتوقفوا عن البكاء. إنهم يحتاجون دائماً إلى الرضاعة الطبيعية، لكن الصدور خالية من اللبن". أما صبا ناهض النجار، فهي مراهقة تعيش في خان يونس، حيث أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء جماعي للمنطقة في وقت سابق من هذا الأسبوع، تمهيداً لعملية عسكرية "غير مسبوقة" هناك، بحسبه. وقالت صبا إن عائلتها بقيت في منزلها المدمر جزئياً، مضيفة "صدر أمر إخلاء لمنطقتنا، لكننا لم نغادر لأننا لا نجد مكاناً آخر نذهب إليه". وتابعت: "لا يوجد عدد كبير من المواطنين في المنطقة. النازحون ينامون في الشارع ولا يوجد طعام. الظروف متدهورة وصعبة للغاية". وقالت المراهقة الفلسطينية في رسالة عبر تطبيق واتساب، وهي تكاد تكون الطريقة الوحيدة للتحدث إلى الناس في غزة لأن الجيش الإسرائيلي يمنع الصحفيين من دخولها، إن "القصف مستمر بطريقة وحشية". وأكدت أنه لم يتبق لها ولأسرتها سوى القليل، مضيفة: "ليس لدينا طعام، ولا دقيق، ولا أي ضروريات أساسية للحياة".