logo
اللحظة الحاسمة: بين الانسحاب المدروس والسقوط الحتمي

اللحظة الحاسمة: بين الانسحاب المدروس والسقوط الحتمي

صوت العدالة٠٤-٠٣-٢٠٢٥

صوت العدالة- معاذ فاروق
في الفيزياء الديناميكية، هناك مبدأ صارم يحكم حركة الأجسام: أي جسم يفقد توازنه داخل منظومة متسارعة يصبح عبئًا على استقرارها، ويُدفع حتمًا خارجها بفعل القوى الطبيعية التي لا تُهادن الجمود. وعلى غرار ذلك، فإن السياسة تُدار وفق معادلات دقيقة، حيث لا مكان لمن فقد القدرة على التكيف، ولا فرصة لمن أصر على تجاهل التحولات العميقة التي تُعيد تشكيل المشهد من حوله.
وانطلاقًا من هذا القانون الطبيعي، فإن مجلس سطات، كغيره من المؤسسات التمثيلية، لم يعد مجرد فضاء إداري، بل بات منظومة تتطلب سرعة في الاستجابة، قدرة على التكيف، واستيعابًا للمتغيرات المتسارعة. فاليوم، لم يعد التسيير العشوائي أو الارتجال الإداري مقبولًا في عالم تُحكمه البيانات، التحليل الاستراتيجي، والتخطيط الذكي. وعليه، لم يعد بالإمكان إنكار أن هناك فجوة معرفية ومنهجية بين الأجيال الجديدة، التي تستوعب لغة الإدارة الحديثة، وبين من تشبثوا بأساليب تقليدية لم تعد صالحة لمواكبة التحديات الراهنة، وبالنظر إلى هذه التحولات، يظهر أن هناك نمطًا متكررًا في المنظومات التي تواجه خطر الجمود، وهو ما يعرف في علم النظم بـ 'المقاومة السلبية'. ويعني ذلك استمرار بعض العناصر في عرقلة التغيير، ليس لعدم وجود بدائل، بل لخوفها من فقدان الامتيازات أو العجز عن الاندماج في منظومة جديدة تُدار بقواعد مختلفة تمامًا. وهذه الظاهرة، إن لم تتم معالجتها بحزم، تقود إلى انهيار المنظومة ككل، حيث تصبح بيئة العمل بيئة مقاومة للتطور بدل أن تكون حاضنة له، وبناءً على ذلك، فإن السؤال لم يعد: هل يجب على الوجوه القديمة أن تغادر؟ بل أصبح: كيف سيكون شكل هذا الرحيل؟ فالتاريخ لا يرحم أولئك الذين ينتظرون أن يُدفعوا دفعًا خارج المشهد، ولا يسجل بأحرف مشرقة سوى أولئك الذين أدركوا توقيت الانسحاب بشرف، وتركوا بصمة إيجابية بدلاً من أن يتحولوا إلى عائق في وجه التطور. وهنا تكمن المفارقة الكبرى: بين من يرحلون باحترام، فيُحفظ لهم التقدير، ومن يتشبثون بالمقاعد حتى تسقط بهم، فلا يتبقى لهم سوى صدى سقوطهم المدوي.
وفي المحصلة، لا بد من الإقرار بأن التغيير لم يعد خيارًا مطروحًا للنقاش، بل أصبح ضرورة لا تقبل التأجيل. فالزمن لا ينتظر، والمنظومات المتقدمة لا تسمح بالتباطؤ، والواقع لا يجامل من فقدوا القدرة على مواكبة إيقاعه. وعليه، فإن على من استنفدوا رصيدهم السياسي أن يختاروا بين الخروج بكرامة، أو مواجهة حقيقة أن الزمن، كعادته، لن يتوقف عند أحد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قبل أن تنهار البيوت
قبل أن تنهار البيوت

صوت المواطن

time٠١-٠٥-٢٠٢٥

  • صوت المواطن

قبل أن تنهار البيوت

في السعودية، وبإيعاز من الغرب، صنع التيار الوهابي، وهذا باعتراف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، رصدت لتصدير ذلك الفكر الملايير، وجيشت جحافل الشيوخ ومن يسمون اليوم 'علماء' والعلم منهم براء، وانتشر الفكر النكوصي في مختلف البلدان التي كانت ترزح تحت التخلف انتشار النار في الهشيم. شرقا وغربا، تنافس المجيشون في تكبير القطعان، سال السيل نحو المغرب، ونفخ فيه من قبل من كان له من نشره مآرب تفوق التي كانت لموسى في عصاه، منعت الفلسفة وفتحت الجامعة على مصراعيها أمام جحافل المقصرين الجلباب القاصين الشوارب العافين عن اللحى، واختزل التدين في الطاقية وتقصير السروال وإطلاق العنان للحية وتحويل الساعة لليمنى، وتواصل الابتلاع. ابتلعت بالوعات الصرف الوهابي أبناء المغاربة عبر مختلف ما أتاحه العلم والتيكنولوجيا، وركب على حاجة الناس وآلامهم وآمالهم، وأطل الشيوخ من على قنوات تفوح منها رائحة البترول ومنصات تفوح منها رائحة الخرافة والدجل، وأغدق العطاء على كل من يستطيع لعب الدور وسط قطيع عطلت عقول خرافه بعد عقود من التضبيع، وكان ما كان. في الدشيرة كما في كل البقاع، لا يتوقف السيل على جرف المزيد من البسطاء التفكير، في الدشيرة اختير شعارا للجمع قبل أن تنهار البيوت، فحج الناس من كل فج عميق للتملي بطلعة عالم من علماء الأمة، يخلط الفيزياء بنواقض الوضوء واللسانيات بالحيض والنفاس، وقعد يخطب فيهم ساعات دون أن يفهم أحد ما قال، وكيف سيحمي بيوت سكان الدشيرة من الانهيار. أبنفس الطريقة التي حمت بها طالب___ان بيوت الأفغان وضمنت لهم أرقى مظاهر العيش والحياة الكريمين؟؟؟ أبنفس الطريقة التي حمت بها داحش بيوت العراقيين والسوريين من الانهيار؟؟؟ أبنفس الطريقة التي حمى بها الجولاني ومن معه بيوت وأرواح ومصالح السوريين؟ أم بالطريقة التي حمى بها العرب الفاتحون كل المناطق التي فتحوها فتحا واغتصبوها اغتصابا وسرقوا الناس وأحرقوا الأراضي وسبوا النساء والأطفال ونقلوها لدمشق للاستغلال الجنسي والاستعباد؟ لم يخبرنا العمري ومن معه، كيف سيحمون البيوت من الانهيار، أباستعادة ما كان قبل 1446 سنة من مظاهر الرقي القيمي والأخلاقي والاقتصادي؟؟ إن حماية البيوت من الانهيار يتمثل في الابتعاد عن الناس والتوقف عن استغلال مشاعرهم الدينية من أجل أهداف سياسية خسيسة تتطلع لتدمير الدول وتخريبها، وتدمير لغات وثقافات الشعوب من أجل تسييد لغة وثقافة وحيدتين. إن حماية البيوت يتم عبر تمتيع الناس بالفكر العقلاني الذي مركزه التحليل والنقد، وليس تعطيل عقولهم، وشحن رؤوسهم ببضاعة الوهابية التي بارت في المنبع، ليلتقطها شيوخ الفتنة والضلال ويجعلوها أصلا تجاريا يقتاتون منه. إن حماية البيوت يقتضي مساعدة الناس في ما يقومون به من جهود للتأسيس لدولة مدنية تقطع مع الخرافة والأسطورة والوصاية وتفتح المجال للإبداع والعقل والابتكار. إن حماية البيوت يقتضي تعليم الناس الاعتماد على أنفسهم في البحث على حلول لمشاكلهم كأفراد ومشاكل مجتمعاتهم، وليس إقناعهم بكون الحلول تكمن في إعادة عقارب الساعة نحو الوراء أربعة عشر قرنا.

هل يعود نوبل لإنهاء مأساة فلسطين ؟!
هل يعود نوبل لإنهاء مأساة فلسطين ؟!

كواليس اليوم

time١٨-٠٣-٢٠٢٥

  • كواليس اليوم

هل يعود نوبل لإنهاء مأساة فلسطين ؟!

عبد اللطيف مجدوب جائزة نوبل تحت المجهر تغطي هذه الجائزة مجموعة واسعة من حقول المعرفة ، تشمل الفيزياء ؛ الكيمياء ؛ علم وظائف الأعضاء والطب ؛ الأدب ؛ السلام ؛ والعلوم الاقتصادية. تشرف عليها لجان متخصصة ؛ تنتدب من جهات متعددة ، حسب كل ميدان ، باستثناء جائزة نوبل للسلام التي يتولى البرلمان النرويجي انتداب أعضائها الخمسة. بيد أن عمل اللجان ؛ وإن كان يتمتع بالحيادية والاستقلال في الآراء والقرارات ؛ فإنه في الواقع الميداني يتعرض لضغوطات سياسية هائلة ، سيما نوبل للسلام التي يترشح لها عادة رجال السياسة ورؤساء الدول والحكومات ، ويلعب الإعلام أدوارا حاسمة أحيانا في ترجيح كفة هذا المترشح على آخرين ، هذا فضلاً عن الاتصالات السرية التي تشكل لوبيات في تمرير أسماء بعينها إلى نيل هذه الجائزة. هل يعود اتفاق أوسلو ؟! شهدت سنة 1994 مفصلا فارقا في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، وذلك من خلال الجهود المكثفة من الطرفين الإسرائيلي بزعامة إسحاق رابين ؛ رئيس الوزراء آنذاك ووزير خارجيته ؛ شمعون بيريز ، من جهة ، والفلسطيني بزعامة ياسر عرفات ، من جهة ثانية. أسفرت هذه الجهود عن اتفاقية أوسلو الشهيرة بإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، والتي أفضت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية ، والتي تكللت ؛ كما هو معلوم ؛ باعتراف المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية ومنح جائزة نوبل للسلام بتقاسم الزعماء الآنفة أسماؤهم ، بالرغم من الانتقادات اللاذعة التي رافقتها بخصوص نيل ياسر عرفات هذه 'الحظوة' والتي اعتبرها البعض اعترافا بجهود عرفات في تحقيق السلام ، بينما اعتبرها آخرون مكافأة له على أعمال 'العنف' التي ارتكبتها منظمة التحرير الفلسطينية. لكن بالعودة إلى الواقع الراهن اليوم فسيصاب الناظر بالذهول لهول جغرافية الأوضاع الفلسطينية شبه مأساة ؛ أتت على كل المكاسب السياسية التي راكمتها على مدى عقود ، من الصراع السياسي و العسكري ، في مقدمتها اتفاقية أوسلو التي عصف بها طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023 . عين ترامب على نوبل جدير بالإشارة أن خطب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ؛ في توليته الثانية ؛ لا تنفك عن ذكر 'السلام' في سياقات متعددة: ' .. ما كانت لتندلع هذه الحرب لو كنت في السلطة..' ، في إشارة إلى الحرب الأوكرانية الروسية… كما وعد بإحلال السلام وإخماد نيران الحروب. وذهب بعض المحللين السياسيين إلى أن حلحلة اتفاقيات إسرائيل مع حماس لم تكن لتستمر على قيد الحياة لولا 'تشدد' ترامب وضغطه على حكومة نتنياهو بالتوقف عن سفك مزيد من الدماء الفلسطينية ، في غزة والضفة. فكيف ستنتهي هذه المأساة التي عمرت أزيد من سنة ونصف ؟ وكيف سيكون مصير بقية الباقية وسط تلك الخرائب ، سواء في قطاع غزة أو مخيمات الضفة ؟ هل سيفتح لهم ترامب مقرا في البيت الأبيض ؟! أم سيقذف بهم في صحاري الصومال إن لم يكن البحر ؟ تساؤلات ضخمة ؛ ستبقى معلقة إلى حين انقشاع هذه الغيوم التي تلف أرض فلسطين ، والبت في من ستؤول إليه جائزة نوبل للسلام 2025 .

هل يعود نوبل لإنهاء مأساة فلسطين ؟!
هل يعود نوبل لإنهاء مأساة فلسطين ؟!

ألتبريس

time١٧-٠٣-٢٠٢٥

  • ألتبريس

هل يعود نوبل لإنهاء مأساة فلسطين ؟!

عبد اللطيف مجدوب جائزة نوبل تحت المجهر تغطي هذه الجائزة مجموعة واسعة من حقول المعرفة ، تشمل الفيزياء ؛ الكيمياء ؛ علم وظائف الأعضاء والطب ؛ الأدب ؛ السلام ؛ والعلوم الاقتصادية. تشرف عليها لجان متخصصة ؛ تنتدب من جهات متعددة ، حسب كل ميدان ، باستثناءجائزة نوبل للسلام التي يتولى البرلمان النرويجي انتداب أعضائها الخمسة. بيد أن عمل اللجان ؛ وإن كان يتمتع بالحيادية والاستقلال في الآراء والقرارات ؛ فإنه في الواقع الميداني يتعرض لضغوطات سياسية هائلة ، سيما نوبل للسلام التي يترشح لها عادة رجال السياسة ورؤساء الدول والحكومات ، ويلعب الإعلام أدوارا حاسمة أحيانا في ترجيح كفة هذا المترشح على آخرين ، هذا فضلاً عن الاتصالات السرية التي تشكل لوبيات في تمرير أسماء بعينها إلى نيل هذه الجائزة. هل يعود اتفاق أوسلو ؟! شهدت سنة 1994 مفصلا فارقا في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، وذلك من خلال الجهود المكثفة من الطرفين الإسرائيلي بزعامة إسحاق رابين ؛ رئيس الوزراء آنذاك ووزير خارجيته ؛ شمعون بيريز ، من جهة ، والفلسطيني بزعامة ياسر عرفات ، من جهة ثانية. أسفرت هذه الجهود عن اتفاقية أوسلو الشهيرة بإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، والتي أفضت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية ، والتي تكللت ؛ كما هو معلوم ؛ باعتراف المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية ومنح جائزة نوبل للسلام بتقاسم الزعماء الآنفة أسماؤهم ، بالرغم من الانتقادات اللاذعة التي رافقتها بخصوص نيل ياسر عرفات هذه 'الحظوة' والتي اعتبرها البعض اعترافا بجهود عرفات في تحقيق السلام ، بينما اعتبرها آخرون مكافأة له على أعمال 'العنف' التي ارتكبتها منظمة التحرير الفلسطينية. لكن بالعودة إلى الواقع الراهن اليوم فسيصاب الناظر بالذهول لهول جغرافية الأوضاع الفلسطينية شبه مأساة ؛ أتت على كل المكاسب السياسية التي راكمتها على مدى عقود ، من الصراع السياسي و العسكري ، في مقدمتها اتفاقية أوسلو التي عصف بها طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023 . عين ترامب على نوبل جدير بالإشارة أن خطب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ؛ في توليته الثانية ؛ لا تنفك عن ذكر 'السلام' في سياقات متعددة: ' .. ما كانت لتندلع هذه الحرب لو كنت في السلطة..' ، في إشارة إلى الحرب الأوكرانية الروسية… كما وعد بإحلال السلام وإخماد نيران الحروب. وذهب بعض المحللين السياسيين إلى أن حلحلة اتفاقيات إسرائيل مع حماس لم تكن لتستمر على قيد الحياة لولا 'تشدد' ترامب وضغطه على حكومة نتنياهو بالتوقف عن سفك مزيد من الدماء الفلسطينية ، في غزة والضفة. فكيف ستنتهي هذه المأساة التي عمرت أزيد منسنة ونصف ؟ وكيف سيكون مصير بقية الباقية وسط تلك الخرائب ، سواء في قطاع غزة أو مخيمات الضفة ؟ هل سيفتح لهم ترامب مقرا في البيت الأبيض ؟! أم سيقذف بهم في صحاري الصومال إن لم يكن البحر ؟ تساؤلات ضخمة ؛ ستبقى معلقة إلى حين انقشاع هذه الغيوم التي تلف أرض فلسطين ، والبت في من ستؤول إليه جائزة نوبل للسلام 2025 .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store