logo
Tunisie Telegraph قمة ميلوني وأردوغان والدبيبة بدأت تبوح بأسرارها

Tunisie Telegraph قمة ميلوني وأردوغان والدبيبة بدأت تبوح بأسرارها

تونس تليغرافمنذ 4 أيام
جمعت قمة ثلاثية رفيعة المستوى في إسطنبول قادة تركيا وإيطاليا وليبيا لمناقشة التحديات الإقليمية الملحّة، بما في ذلك إدارة الهجرة، والتنسيق الأمني، والتعاون في مجال الطاقة.
شارك في القمة كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة.
شكل الطاولة الثلاثية التي جمعت القادة، وحضور كبار المستشارين وقادة الأجهزة الأمنية، عكس شراكة استراتيجية متساوية. كما شارك في الاجتماع عدد من المسؤولين الأتراك، بينهم وزير الخارجية، ورئيس جهاز الاستخبارات، ومستشار الأمن الأعلى للرئيس، ما يدل على أن جدول أعمال القمة يتجاوز الأطر الدبلوماسية التقليدية.
الهجرة: دافع دائم… لكنها ليست القضية الوحيدة
تظل الهجرة أولوية على الأجندة الأوروبية، خصوصًا مع تصاعد الاضطرابات في منطقة الساحل وشمال أفريقيا، مما يزيد من تدفقات المهاجرين نحو القارة. رغم الدوريات المشتركة وجهود ضبط الحدود المموّلة من الاتحاد الأوروبي، لا تزال أوروبا تواجه صعوبة في احتواء الهجرة غير النظامية. وغالبًا ما يتم استخدام هذا الملف كورقة ضغط من أطراف متقابلة على ضفتي المتوسط.
في ليبيا، وردت تقارير تفيد بأن الحكومة في طبرق، المتحالفة مع خليفة حفتر، قد سهّلت بعض عمليات العبور لكسب أوراق ضغط على بروكسل. ورغم أن هذه الأساليب ليست جديدة، إلا أنها تعكس هشاشة الموقف الأوروبي وحدود استراتيجية 'تصدير إدارة الحدود'.
أما المقاربة التركية، فتعتمد على دبلوماسية واقعية مدعومة بالحضور العسكري وصفقات الطاقة، وتسعى لكسب النفوذ عبر الاستقرار لا الصدام. ومن أمثلة ذلك، اتفاقات الشركة الوطنية التركية للبترول (TPAO) لاستكشاف أربع مناطق في ليبيا، ما يعكس التزامًا طويل الأمد بمستقبل ليبيا رغم الأزمات السياسية والتحالفات المتغيرة.
هذه الاستراتيجية تتماشى مع الموقف الإيطالي المتطور تحت قيادة ميلوني، التي، على غرار إدارة ترامب سابقًا، تميل إلى دعم سلطة مركزية واحدة في ليبيا يمكن محاسبتها، بدلًا من التعامل مع مشهد سياسي مبعثر. لكل من أنقرة وروما، النظام الموحّد أفضل من الفوضى.
لكن الهجرة، رغم طابعها العاجل، ليست سوى جزء من المشهد. تعكس القمة في إسطنبول إعادة تموضع إقليمي أوسع، تسعى من خلاله تركيا إلى لعب دور الوسيط الأساسي بين أوروبا، شمال أفريقيا، والشرق الأوسط.
تعميق العلاقات الدفاعية بين أنقرة وروما
طريقة تنظيم القمة تشير إلى اصطفاف تركي–إيطالي واضح خلف حكومة الوحدة الوطنية بقيادة الدبيبة، مع تأكيد على أن ليبيا الموحدة والمستقرة تمثل أولوية مشتركة.
وجود مسؤولي الاستخبارات والأمن البارزين بجانب القادة يسلّط الضوء على أهمية التنسيق العسكري وتبادل المعلومات والعمل على تحقيق الاستقرار السياسي.
في الجانب الآخر، هناك عنصر أقل ظهورًا لكنه بالغ الدلالة: تنامي التعاون الصناعي الدفاعي بين تركيا وإيطاليا. فقد استحوذت شركة Baykar التركية مؤخرًا على إحدى الشركات الإيطالية الرئيسية في قطاع الطيران. كما برزت شركة تركية أخرى مقرّها في تشوروم كمورّد رئيسي لقذائف المدفعية إلى إيطاليا في صفقة سريعة الموافقة، ما يُعد سابقة تتطلب عادة موافقات سياسية رفيعة المستوى.
هذه الصفقات تدل على مستوى ثقة نادرًا ما يُمنح لدولة غير عضو في الاتحاد الأوروبي. كما يُتوقع أن تواصل شركات الدفاع الإيطالية مثل Leonardo التعاون مع نظيراتها التركية، وقد يؤدي ذلك إلى إدماج المنصات التركية في هندسة منظومة الدفاع الجوي الأوروبية المتغيرة.
تفتت ليبيا يمنح تركيا هامش مناورة
برزت تركيا كأحد الفاعلين القلائل القادرين على التعامل مع كل من حكومة طرابلس والفصائل في شرق ليبيا. وقد لعب تدخلها لدعم حكومة الوفاق في وجه هجوم حفتر (2019–2020) دورًا حاسمًا في تغيير معادلات المعركة.
لكن منذ ذلك الحين، اعتمدت أنقرة سياسة مزدوجة تقوم على التواصل مع كلا المعسكرين، مع تشجيع تسوية سياسية تفاوضية. هذا الانخراط البراغماتي أتاح لتركيا توقيع صفقات طويلة الأمد في مجالي الطاقة والبنية التحتية، وحسّن مكانتها لدى الأوروبيين المتعبين من الجمود الليبي.
بالنسبة لإيطاليا، حيث لشركة Eni دور محوري في قطاع الطاقة الليبي، فإن التعاون مع أنقرة يحمل قيمة استراتيجية كبرى.
أثينا تراقب من الهامش
القمة الثلاثية في إسطنبول لم تمر دون رد فعل في اليونان، حيث وصفتها المعارضة (حزب سيريزا) بأنها 'هزيمة دبلوماسية' لرئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، منتقدة غياب استراتيجية وطنية موحّدة وازدياد عزلة البلاد على الساحة الدولية.
كما تم إلغاء زيارة دبلوماسية كانت مقررة إلى بنغازي في يوليو، وفسر الإعلام اليوناني ذلك كإشارة على تراجع النفوذ.
جزء كبير من هذا التراجع يعزى إلى فقدان الزخم لمبادرات مثل منتدى غاز شرق المتوسط، وفشل مشروع أنبوب 'EastMed'، الذي كان يضم اليونان، إسرائيل، قبرص، ومصر. ومع بروز ممرات جديدة للطاقة – منها التعاون التركي–القطري عبر سوريا، والربط بين بحر قزوين وأوروبا عبر تركيا – باتت خيارات اليونان أكثر تقييدًا.
تتجه إسطنبول تدريجيًا إلى أن تصبح مركزًا للدبلوماسية متعددة الأطراف، مستضيفةً مفاوضات حساسة ولقاءات رفيعة من أوكرانيا وروسيا إلى القرن الأفريقي، مرورًا بزيارات مسؤولين من أرمينيا وإيران.
في ظل عالم متعدد الأقطاب وتراجع الدور الغربي، تعمل تركيا على تأكيد هويتها كـ'جسر بين المعسكرات المتضادة'.
قدرتها على جمع أطراف من أطراف متناقضة في الخريطة الجيوسياسية منحتها مصداقية إقليمية جديدة، بعدما كانت مهمشة لسنوات مضت.
ويعود هذا التقارب إلى عاملين اثنين:
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ألمانيا تتفاوض مع رواندا لاستقبال طالبي اللجوء
ألمانيا تتفاوض مع رواندا لاستقبال طالبي اللجوء

جوهرة FM

timeمنذ 9 ساعات

  • جوهرة FM

ألمانيا تتفاوض مع رواندا لاستقبال طالبي اللجوء

أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" اليوم الخميس، بأن ألمانيا تجري محادثات مع رواندا بشأن إرسال طالبي اللجوء من الدول الأوروبية إلى أراضيها. وكان المستشار الألماني فريدريش ميرتس قد صرح مؤخرا بأن الحكومة الألمانية الجديدة ستشدد جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية. من جهته، أكد وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت في مقابلة مع موقع أن "الضوابط الحدودية على حدود ألمانيا الداخلية مع دول الاتحاد الأوروبي ستُمدد بعد انتهاء صلاحيتها في سبتمبر". وقال: "سنواصل تنفيذ الرقابة الحدودية"، مشيرا إلى أن رفض دخول المهاجرين غير الشرعيين سيستمر حتى بعد سبتمبر.

الصراع الروسي الغربي: إعادة رسم العالـم بالقوة

timeمنذ 3 أيام

الصراع الروسي الغربي: إعادة رسم العالـم بالقوة

قد يكون أبرزها التهديدات التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد روسيا أو أية دولة تواصل شراء النفط الروسي بعد دخول العقوبات الجديدة حيّز التنفيذ، في إعادة لتشكيل المشهد الدولي على قاعدة «نحن وهم». هذه التطورات تكشف أن الصراع الروسي الأميركي/الغربي بات اليوم أكثر تشعّبًا وتعقيدًا من أي وقت مضى. ففي خضم التحركات العسكرية والتوترات السياسية، والتلويح المتبادل اليوم بالسلاح النووي، يبدو أن الجميع بات يدفع نحو التصعيد وفرض معادلات دولية جديدة بالقوة. هذا التصعيد النووي والخطابي يمثّل تطورًا خطيرًا في سياق المواجهة المفتوحة بين موسكو والغرب، ويعكس التغيرات العميقة التي يشهدها النظام الدولي، إذ تكثّفت المؤشرات التي تفيد بأن الصراع تجاوز الحرب الأوكرانية، وأصبح صراعًا استراتيجيًا شاملًا يمهّد لإعادة رسم النظام العالمي ووضع قواعد جديدة له، في ظل تراجع لآليات الدبلوماسية. إذ بات من الجلي أن أطراف الصراع اليوم تعتمد الاستنزاف كاستراتيجية لإدارة معاركها، ليكون لدينا مشهد معقّد ومتداخل. فمن جانب، لدينا موسكو التي تسعى إلى توسيع تحالفاتها وتعميق حضورها في إفريقيا وآسيا، بتوظيف صادرات الطاقة والقمح، مستفيدة من حجمها في السوق الدولية ومن سلعها الاستراتيجية التي سيكون الاستغناء عنها مكلفًا للاقتصاد العالمي. أوراق القوة التي توظفها روسيا اليوم في مواجهة العقوبات الاقتصادية الغربية أصبحت محل استهداف من قبل الولايات المتحدة الأميركية، التي لم تكتفِ بمهلة العشرة أيام لوقف الحرب، بل شرعت في توجيه تهديدات للدول التي تشتري الحبوب أو النفط الروسي، بهدف الضغط لدفعها إلى قطع علاقاتها الاقتصادية مع موسكو، وهو ما تعتبره إدارة ترامب خطوة أساسية لضمان تأثير العقوبات الاقتصادية السابقة أو المزمع تطبيقها على روسيا ودفعها إلى إنهاء الحرب. تصوّر أميركي يعكس حجم التناقض في التحالف الغربي، الذي يضم دولًا من آسيا على غرار الهند، والتي هُدّدت برفع التعريفة الجمركية إن استمرت في شراء النفط الروسي. فالتلويح الأميركي بعصا العقوبات لم يعد مقتصرًا اليوم على روسيا، بل طال حلفاءها أنفسهم، رغم إدراك واشنطن أن استجابة هؤلاء الحلفاء لها قد تجرّهم إلى المستنقع الذي وقعت فيه أوروبا. فالاتحاد الأوروبي، الذي يُعتبر الطرف الأكثر تضررًا من العقوبات الاقتصادية على روسيا ذاتها، يشهد اليوم تململًا وتذبذبًا داخليًا نظرًا لوضعه الصعب. فهو محاصر بين الحاجة إلى مواجهة ما يعتبره تهديدات عسكرية واستراتيجية من روسيا، وبين التعامل مع ضغوط الحليف الأميركي، الذي لم يعد يُخفي توجهه الانعزالي وميله لفرض أجندة أحادية على حساب أبرز حلفائه الأوروبيين. وضع فرض على الاتحاد الأوروبي اليوم البحث عن تحقيق «الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي»، الذي يقوم على رافعة أمنية تمثّلت في «برنامج العمل الأمني الأوروبي»، والذي خُصص له تمويل بـ150 مليار يورو لاقتناء تجهيزات دفاعية، إضافة إلى تحسين بنيته التحتية الأمنية والعسكرية، لتكون مهيّأة للتعامل مع أية طوارئ عسكرية. في انتظار أن ينجح الاتحاد في صياغة رافعته السياسية التي تتمثل في توحيد رؤيته، وهو ما يبدو صعبًا في ظل تضارب مصالح الدول الكبرى والصغرى داخل الاتحاد، وتعارض استراتيجياتها، مع تنامي المدّ الشعبوي الذي لا يرى في روسيا بوتين خطرًا حقيقيًا. هذا الصراع الروسي الأميركي/الغربي أعاد تشكيل المشهد خارج الفضاء الغربي الأبيض، لتتخذ اليوم دول الجنوب العالمي خطوات تبتعد بها عن الاصطفاف التقليدي خلف الولايات المتحدة الأميركية والتحالف الغربي، لصالح سياسة أكثر استقلالية تقوم على خدمة مصالح هذه الدول، وهو ما برز في الموقف الروسي الرافض للضغط الأميركي بخصوص ملف النفط، إضافة إلى الموقف الهندي الذي تمسّك بحق الهند في اختيار شركائها الاقتصاديين. في هذا السياق، يتجاوز الصراع الغربي الروسي كونه معركة مجالية منحصرة في رقعة جغرافية محددة، ليصبح صراع هيمنة وتوزيع نفوذ. لقد تجاوز كونه حربًا تقليدية، ليصبح مواجهة شاملة ستُحدّد نتائجها طبيعة النظام العالمي وشكل العالم في المستقبل. وفي ظل هذا التعقيد، يبدو العالم مفتوحًا على احتمالات شتّى، ومشحونًا بتناقضات لم يعد ممكنًا تجاهلها أو تجاوزها

Tunisie Telegraph قمة ميلوني وأردوغان والدبيبة بدأت تبوح بأسرارها
Tunisie Telegraph قمة ميلوني وأردوغان والدبيبة بدأت تبوح بأسرارها

تونس تليغراف

timeمنذ 4 أيام

  • تونس تليغراف

Tunisie Telegraph قمة ميلوني وأردوغان والدبيبة بدأت تبوح بأسرارها

جمعت قمة ثلاثية رفيعة المستوى في إسطنبول قادة تركيا وإيطاليا وليبيا لمناقشة التحديات الإقليمية الملحّة، بما في ذلك إدارة الهجرة، والتنسيق الأمني، والتعاون في مجال الطاقة. شارك في القمة كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة. شكل الطاولة الثلاثية التي جمعت القادة، وحضور كبار المستشارين وقادة الأجهزة الأمنية، عكس شراكة استراتيجية متساوية. كما شارك في الاجتماع عدد من المسؤولين الأتراك، بينهم وزير الخارجية، ورئيس جهاز الاستخبارات، ومستشار الأمن الأعلى للرئيس، ما يدل على أن جدول أعمال القمة يتجاوز الأطر الدبلوماسية التقليدية. الهجرة: دافع دائم… لكنها ليست القضية الوحيدة تظل الهجرة أولوية على الأجندة الأوروبية، خصوصًا مع تصاعد الاضطرابات في منطقة الساحل وشمال أفريقيا، مما يزيد من تدفقات المهاجرين نحو القارة. رغم الدوريات المشتركة وجهود ضبط الحدود المموّلة من الاتحاد الأوروبي، لا تزال أوروبا تواجه صعوبة في احتواء الهجرة غير النظامية. وغالبًا ما يتم استخدام هذا الملف كورقة ضغط من أطراف متقابلة على ضفتي المتوسط. في ليبيا، وردت تقارير تفيد بأن الحكومة في طبرق، المتحالفة مع خليفة حفتر، قد سهّلت بعض عمليات العبور لكسب أوراق ضغط على بروكسل. ورغم أن هذه الأساليب ليست جديدة، إلا أنها تعكس هشاشة الموقف الأوروبي وحدود استراتيجية 'تصدير إدارة الحدود'. أما المقاربة التركية، فتعتمد على دبلوماسية واقعية مدعومة بالحضور العسكري وصفقات الطاقة، وتسعى لكسب النفوذ عبر الاستقرار لا الصدام. ومن أمثلة ذلك، اتفاقات الشركة الوطنية التركية للبترول (TPAO) لاستكشاف أربع مناطق في ليبيا، ما يعكس التزامًا طويل الأمد بمستقبل ليبيا رغم الأزمات السياسية والتحالفات المتغيرة. هذه الاستراتيجية تتماشى مع الموقف الإيطالي المتطور تحت قيادة ميلوني، التي، على غرار إدارة ترامب سابقًا، تميل إلى دعم سلطة مركزية واحدة في ليبيا يمكن محاسبتها، بدلًا من التعامل مع مشهد سياسي مبعثر. لكل من أنقرة وروما، النظام الموحّد أفضل من الفوضى. لكن الهجرة، رغم طابعها العاجل، ليست سوى جزء من المشهد. تعكس القمة في إسطنبول إعادة تموضع إقليمي أوسع، تسعى من خلاله تركيا إلى لعب دور الوسيط الأساسي بين أوروبا، شمال أفريقيا، والشرق الأوسط. تعميق العلاقات الدفاعية بين أنقرة وروما طريقة تنظيم القمة تشير إلى اصطفاف تركي–إيطالي واضح خلف حكومة الوحدة الوطنية بقيادة الدبيبة، مع تأكيد على أن ليبيا الموحدة والمستقرة تمثل أولوية مشتركة. وجود مسؤولي الاستخبارات والأمن البارزين بجانب القادة يسلّط الضوء على أهمية التنسيق العسكري وتبادل المعلومات والعمل على تحقيق الاستقرار السياسي. في الجانب الآخر، هناك عنصر أقل ظهورًا لكنه بالغ الدلالة: تنامي التعاون الصناعي الدفاعي بين تركيا وإيطاليا. فقد استحوذت شركة Baykar التركية مؤخرًا على إحدى الشركات الإيطالية الرئيسية في قطاع الطيران. كما برزت شركة تركية أخرى مقرّها في تشوروم كمورّد رئيسي لقذائف المدفعية إلى إيطاليا في صفقة سريعة الموافقة، ما يُعد سابقة تتطلب عادة موافقات سياسية رفيعة المستوى. هذه الصفقات تدل على مستوى ثقة نادرًا ما يُمنح لدولة غير عضو في الاتحاد الأوروبي. كما يُتوقع أن تواصل شركات الدفاع الإيطالية مثل Leonardo التعاون مع نظيراتها التركية، وقد يؤدي ذلك إلى إدماج المنصات التركية في هندسة منظومة الدفاع الجوي الأوروبية المتغيرة. تفتت ليبيا يمنح تركيا هامش مناورة برزت تركيا كأحد الفاعلين القلائل القادرين على التعامل مع كل من حكومة طرابلس والفصائل في شرق ليبيا. وقد لعب تدخلها لدعم حكومة الوفاق في وجه هجوم حفتر (2019–2020) دورًا حاسمًا في تغيير معادلات المعركة. لكن منذ ذلك الحين، اعتمدت أنقرة سياسة مزدوجة تقوم على التواصل مع كلا المعسكرين، مع تشجيع تسوية سياسية تفاوضية. هذا الانخراط البراغماتي أتاح لتركيا توقيع صفقات طويلة الأمد في مجالي الطاقة والبنية التحتية، وحسّن مكانتها لدى الأوروبيين المتعبين من الجمود الليبي. بالنسبة لإيطاليا، حيث لشركة Eni دور محوري في قطاع الطاقة الليبي، فإن التعاون مع أنقرة يحمل قيمة استراتيجية كبرى. أثينا تراقب من الهامش القمة الثلاثية في إسطنبول لم تمر دون رد فعل في اليونان، حيث وصفتها المعارضة (حزب سيريزا) بأنها 'هزيمة دبلوماسية' لرئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، منتقدة غياب استراتيجية وطنية موحّدة وازدياد عزلة البلاد على الساحة الدولية. كما تم إلغاء زيارة دبلوماسية كانت مقررة إلى بنغازي في يوليو، وفسر الإعلام اليوناني ذلك كإشارة على تراجع النفوذ. جزء كبير من هذا التراجع يعزى إلى فقدان الزخم لمبادرات مثل منتدى غاز شرق المتوسط، وفشل مشروع أنبوب 'EastMed'، الذي كان يضم اليونان، إسرائيل، قبرص، ومصر. ومع بروز ممرات جديدة للطاقة – منها التعاون التركي–القطري عبر سوريا، والربط بين بحر قزوين وأوروبا عبر تركيا – باتت خيارات اليونان أكثر تقييدًا. تتجه إسطنبول تدريجيًا إلى أن تصبح مركزًا للدبلوماسية متعددة الأطراف، مستضيفةً مفاوضات حساسة ولقاءات رفيعة من أوكرانيا وروسيا إلى القرن الأفريقي، مرورًا بزيارات مسؤولين من أرمينيا وإيران. في ظل عالم متعدد الأقطاب وتراجع الدور الغربي، تعمل تركيا على تأكيد هويتها كـ'جسر بين المعسكرات المتضادة'. قدرتها على جمع أطراف من أطراف متناقضة في الخريطة الجيوسياسية منحتها مصداقية إقليمية جديدة، بعدما كانت مهمشة لسنوات مضت. ويعود هذا التقارب إلى عاملين اثنين:

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store