logo
الربيع في كرمانشاه.. رحلة من أساطير الكورد إلى معالم السياحة

الربيع في كرمانشاه.. رحلة من أساطير الكورد إلى معالم السياحة

شفق نيوز٠٨-٠٣-٢٠٢٥

شفق نيوز/ في كل عام مع قدوم فصل الربيع، تتزين محافظة كرمانشاه (بالكوردية: كرماشان) بخلفيتها الثقافية العريقة، لتكشف عن مزيج فريد من الطبيعة الخضراء والحياة الاجتماعية النابضة.
تقع هذه المحافظة في قلب زاغروس وتُعتبر واحدة من أجمل الوجهات في إيران خلال هذا الموسم، إذ تتجسد فيها جمال الجبال الشاهقة والينابيع الفوارة والحدائق المزهرة، لكن الربيع في كرمانشاه ليس مجرد مشهد طبيعي؛ إنه احتفال متأصل في الهوية والعادات الكوردية.
مع حلول الربيع، تتحول كرمانشاه إلى لوحة فنية تتزين بالزهور البرية مثل شقائق النعمان الحمراء والأقحوانات الصفراء، وتمتد السهول الخضراء وتتجلى المناظر الطبيعية الخلابة، مما يجعل المحافظة وجهة سياحية فريدة تجمع بين الطبيعة البكر والجمال الطبيعي الذي يخطف الأنفاس.
تقاليد وطقوس نوروز
يُعد عيد نوروز، الذي يحتفل به الكورد كرمز لبداية العام الجديد وولادة الطبيعة، الحدث الربيعي الأبرز في كرمانشاه، حيث تبدأ الاحتفالات في شهر آذار وتستمر حتى نيسان، وتشمل طقوسًا عريقة مثل "خانه‌تکانی" (تنظيف المنزل)، خبز الحلويات التقليدية، تجهيز الملابس الجديدة وإعداد مائدة "هفتسين" المكونة من سبعة عناصر تبدأ أسماؤها بحرف السين. هذه التقاليد تُعد بمثابة تجديد للروابط الاجتماعية وإحياء للهوية الثقافية.
تشتهر المحافظة بمناطق سياحية مميزة مثل "مصيف طاق بستان" الذي يضم آثاراً تاريخية من العصر الساساني، ومدينة "سراب نيلوفر" التي تضم بحيرة مليئة بزنابق الماء، ومنطقة "أورامانات" ذات المنازل المدرجة والهندسة المعمارية الفريدة. تُقام أيضاً مهرجانات محلية ومعارض حرفية تُبرز الثقافة والعادات الكوردية، مما يجعل الزيارة تجربة ثقافية غنية للسياح المحليين والأجانب.
كما تلعب الموسيقى والشعر دورًا محوريًا في الحياة الثقافية في كرمانشاه، خاصة في أيام الربيع.
خلال احتفالات نوروز، تتعالى أصوات الدف والطنبور، وتُقام عروض الرقصات التقليدية، تُضفي هذه الفنون لمسة عاطفية وروحية على الاحتفالات، كما تُبرز الطقوس الشعبية مثل "كوسه گردی" و"سه‌ر سال"، حيث يجتمع السكان لأداء عروض فكاهية وسرد قصص قديمة تعكس تاريخ المنطقة وتراثها.
يرتبط الربيع في كرمانشاه بعدد من الأساطير القديمة التي تروي بدايات فصل التجديد.
يشير الباحث رضا موزوني إلى أن بداية الربيع تُستدل عليها من خلال أول زهرة تظهر في جبال زاغروس، فيما تُعد شجرة تنگز من أول النباتات التي تزهر وتُعلن عن نهاية الشتاء.
كما تروي الأسطورة قصة "كور سياي" (ابن الصياد) الذي يُعتبر رمزاً لتحويل معاناة الشتاء إلى أمل جديد، فيما تبرز مراسم "سه‌ر سال" وطقوس "ميم برجم" كرموز للولادة والخصوبة والتجديد.
وعلى الرغم من أن العديد من طقوس الربيع في كرمانشاه متجذرة في التاريخ والتقاليد القديمة، إلا أن هذه الاحتفالات اليوم أصبحت مصحوبة أيضا بمظاهر الحياة الحديثة.
وتشمل مهرجانات الربيع التي تقام في مختلف مدن وقرى المحافظة، والمعارض الحرفية والبازارات المحلية والبرامج الثقافية المتنوعة التي تساعد على التعريف بالثقافة والعادات الكوردية لأهالي هذه المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، أدى تطور السياحة في السنوات الأخيرة إلى تركيز سكان كرمانشاه بشكل أكبر على الحفاظ على ثقافتهم الأصلية والتعريف بها. وتوفر مساكن السياحة البيئية في القرى الجميلة والتاريخية في هذه المحافظة فرصة للسياح المحليين والأجانب للتعرف على حياة وثقافة الشعب الكوردي.
الباحث والكاتب الكرمانشاهي رضا موزوني، يقول في هذا الصدد في حديث لوكالة مهر الايرانية، ترجمته وكالة شفق نيوز: عند الكورد، يتم تحديد التقويم الموسمي بناء على التغيرات المناخية الملموسة. فبعد تساقط الثلوج والأمطار الغزيرة، يبحث الناس بعناية عن أصغر علامة واعدة بقدوم الربيع في علامات الطبيعة.
وأضاف: بحسب القصص المروية القديمة، رأى رجل أول زهرة ربيعية في أحد جبال زاغروس فأخذها إلى حاكم المنطقة. واعتبر الحاكم هذه الزهرة علامة على قدوم الربيع وأطلق عليها اسم زهرة نوروز.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رقصات فلكلورية وأطباق تقليدية تمثل شعوب العالم بمهرجان "القومية" في أربيل (صور)
رقصات فلكلورية وأطباق تقليدية تمثل شعوب العالم بمهرجان "القومية" في أربيل (صور)

شفق نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • شفق نيوز

رقصات فلكلورية وأطباق تقليدية تمثل شعوب العالم بمهرجان "القومية" في أربيل (صور)

شفق نيوز/ انطلقت مساء اليوم الثلاثاء، فعاليات النسخة الثانية من مهرجان "القومية" في متنزه سامي عبد الرحمن بمدينة أربيل، عاصمة إقليم كوردستان، بمشاركة واسعة من القنصليات الأجنبية وممثليات الدول المقيمة في الإقليم، إضافة إلى حضور جمع من المواطنين. ويهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على التنوع الثقافي من خلال عرض أجنحة خاصة بمختلف الثقافات العالمية، إلى جانب تقديم أطباق تقليدية تمثل الشعوب المشاركة. وقال مراسل وكالة شفق نيوز، إن المهرجان شهد إقامة عدد من الأنشطة الفنية والعروض المتنوعة بينها رقصات فلكلورية ودبكات شعبية، التي عكست الطابع الثقافي والفني للدول المشاركة. ويأتي هذا المهرجان في إطار تعزيز قيم التعايش والتقارب بين الشعوب، وتشجيع التواصل الحضاري في بيئة غنية بالتعددية مثل إقليم كوردستان.

بمناسبة مرور 56 عاما.. دهوك تحتفل بتحولها لمحافظة (صور)
بمناسبة مرور 56 عاما.. دهوك تحتفل بتحولها لمحافظة (صور)

شفق نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • شفق نيوز

بمناسبة مرور 56 عاما.. دهوك تحتفل بتحولها لمحافظة (صور)

شفق نيوز/ شهدت مدينة دهوك، مساء يوم الثلاثاء، انطلاق فعاليات المهرجان السنوي في نسخته الـ11، احتفاء بمرور 56 عاما على تحويلها إلى محافظة. وقال مراسل وكالة شفق نيوز، في دهوك، إن المهرجان تميز بتنظيم سلسلة من الفعاليات الفنية والثقافية والشعبية التي عكست الطابع الفلكلوري الغني للمنطقة وذلك من خلال اقامة حفلات غنائية وعروض للدبكات الكردية التقليدية بمشاركة واسعة من فرق محلية. وحضر المهرجان الآلاف من سكان مدينة دهوك والمناطق المجاورة الى جانب زوار من مختلف مدن إقليم كوردستان ومحافظات العراق الاخرى، حيث اكتلأت ساحة نوروز وسط المدينة بالحشود التي توافدت للمشاركة في هذه المناسبة. وقال حسن فتاح، المتحدث باسم دائرة الثقافة والفنون في محافظة دهوك، لوكالة شفق نيوز، إن "المهرجان تم تنظيمه هذا العام وفق ثلاثة محاور رئيسية ركزت على إبراز التقدم الثقافي والرياضي والاقتصادي للمحافظة، حيث تم أولا نصب خيم كبيرة في ساحة نوروز من قبل عدد من الدوائر الرسمية والمنظمات المحلية والشركات الخاصة، بهدف عرض مشاريعهم المنجزة وانشطتهم المختلفة". وتابع أن "المحور الثاني للمهرجان ركز على الجانب الرياضي، إذ يتزامن هذا الحدث مع الانجاز التاريخي الذي حققه نادي دهوك الرياضي بفوزه ببطولة اندية ابطال الخليج، وهو انجاز مهم ويستحق الاحتفاء، لما له من أثر كبير في رفع اسم المدينة عاليا على المستوى الرياضي الاقليمي". ولفت إلى أن "المحور الثالث كان مخصصا لإحياء التراث والفلكلور المحلي من خلال مشاركة واسعة لعشرات الفرق الفلكلورية التي قدمت عروض دبكات واغان تراثية عكست عمق التاريخ الثقافي لدهوك، وروح التنوع التي تتميز بها المدينة من خلال استعراض لوحات فنية تعكس الحياة اليومية والطقوس الاجتماعية لمختلف المكونات التي تعيش في المحافظة". من جانبهم، عبر عدد من سكان دهوك، لمراسل الوكالة، عن سعادتهم بهذه المناسبة، حيث قال أحمد يحيى، أحد الحضارين للمهرجان: "نحن سعداء بهذا اليوم وهذه الفعاليات الجميلة التي تعزز من انتمائنا لهذه المدينة التي تتطور يوما بعد آخر، إلا ان هناك قطاعات ما تزال بحاجة الى مزيد من الاهتمام وعلى رأسها قطاع السياحة، الذي ارى أنه يشكل موردا مهما يمكن ان يسهم في انعاش الاقتصاد المحلي اذا ما تم استثماره بالشكل الصحيح". كما عبرت المواطنة هرمين طاهر عن فخرها بهذه الاجواء الاحتفالية قائلة "نحن متواجدون وسط هذه الحشود التي تمثل دهوك بكل اطيافها، ونشعر ان المدينة اليوم تبدو وكانها لوحة مصغرة تضم جميع مكونات المجتمع التي تعيش بسلام وتتناغم في اجواء يسودها الاحترام المتبادل والتعايش السلمي". يذكر ان مدينة دهوك قد تحولت رسميا الى محافظة في 1969 بعدما كانت واحدة من اقضية محافظة نينوى. واليوم هي احدى محافظات إقليم كوردستان العراق وتحيط بها الجبال من ثلاث جهات، وتتميز بطبيعتها الخلابة وتضم عشرات المواقع السياحية والاثرية المعروفة، كما تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي كونها تقع على حدود تركيا من جهة الشمال وسوريا من جهة الغرب.

ايلام الفيلية تستعين بكتاب و"أمير صغير" لمحاربة الموت
ايلام الفيلية تستعين بكتاب و"أمير صغير" لمحاربة الموت

شفق نيوز

timeمنذ 2 أيام

  • شفق نيوز

ايلام الفيلية تستعين بكتاب و"أمير صغير" لمحاربة الموت

شفق نيوز/ في محافظة عُرفت لسنوات بمعدلات الانتحار المرتفعة والعنف الأسري المروّع، بدأت قصة جديدة تتشكل بهدوء، في زوايا مكتبة صغيرة يديرها بائع كتب يُدعى علي يعقوبي. إنها قصة جيل يبحث عن الخلاص، لا من خلال العقاقير أو الهروب، بل عبر الكتب. قبل أسابيع فقط، أعلنت شرطة إيلام الفيلية عن جريمة مروعة: أب يقتل زوجته وطفليه، ثم يضع حداً لحياته. حادثة ليست فريدة في هذه المحافظة الواقعة غرب إيران والمحاذية للعراق، والتي يسجّل فيها أكثر من ألفي محاولة انتحار سنوياً، 85% منها بين شباب تتراوح أعمارهم بين 15 و34 عاماً. لكن في قلب هذه التربة المليئة بالجراح، بدأت تظهر بذور مقاومة ثقافية. فإن الإقبال على الكتب في إيلام يشهد نمواً غير متوقع، لدرجة أن بعض المكتبات هناك أصبحت من بين الأكثر مبيعاً على مستوى إيران خلال المعارض الموسمية، وحتى عبر المنصات الرقمية. أحد أبرز هؤلاء الفاعلين هو يعقوبي، صاحب مكتبة "الأمير الصغير"، الذي لم يكتفِ ببيع الكتب بل بدأ مهمة غير معلنة: مداواة المجتمع. "كنت أبحث عن كتب في إدارة الغضب، وتواصلت مع مجلات ومؤلفين ومترجمين. وعندما وجدت بعضها، قمت بعرضها... والنتيجة؟ إقبال غير مسبوق"، يقول يعقوبي. إيلام، التي كانت ذات يوم مرادفاً للانطواء والانفجار الصامت، تحوّلت تدريجياً إلى سوق للكتب النفسية، والمجتمعية، والفكرية، بمبادرات فردية تعكس عطش الناس لفهم أنفسهم وعالمهم. ووفقاً ليعقوبي، فإن المحافظة كانت الأولى من حيث حجم المشتريات في معرض الكتاب، مقارنة بعدد سكانها. رغم التضخم وارتفاع أسعار الكتب، بذلت المكتبات المحلية جهداً في تقديم خصومات، بدعم من وزارة الثقافة أو حتى من ميزانياتها الخاصة. "كتاب بسعر 3 ملايين تومان قدمناه بأقل من مليوني تومان"، يقول يعقوبي، مضيفاً أن هذا الإجراء شجّع الناس على الشراء، وفتح الباب أمام نقاش جديد حول مسؤولية الدولة في دعم المبادرات الثقافية. لكن الواقع لا يزال هشاً. "نحن نروّج للكتب بكلماتنا، لا بالإعلانات"، يقول يعقوبي بأسف، مشيراً إلى أن المكتبات في المحافظات الصغيرة لا تملك القدرة على الاستثمار الإعلامي أو الحملات واسعة النطاق. في موازاة الترويج للكتب المتعلقة بالغضب والعنف، تواجه المكتبات أيضاً ما يسميه يعقوبي "التصوف الفارغ" و"الفلسفة الضبابية" التي تغزو عقول الشباب. يضيف: "نحاول تقديم بدائل فكرية تعيد للناس توازنهم، وتمنحهم أدوات للتماسك". القصة الناشئة في إيلام ليست فقط عن الكتب، بل عن استعادة صوت داخلي ضاع وسط الصمت والدم. وكأن المحافظة بأكملها، بجرحها المفتوح، بدأت تقرأ نفسها من جديد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store