
اجتماع حكومة الاحتلال في سلوان.. رسائل تلمودية وسياسية
القدس المحتلة-غزة/ محمد الأيوبي
في خطوة تحمل أبعادًا سياسية وتلمودية خطيرة، عقدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي اجتماعًا لافتًا في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، في رسالة واضحة لتكريس السيطرة على القدس المحتلة ودمجها ضمن دولة الاحتلال.
الاجتماع الذي جاء أول من أمس في ذكرى الاحتلال الكامل للقدس، ليس مجرد إجراء رمزي، وفق ما يقول مختصون، بل يأتي في إطار خطة استراتيجية تستهدف ترسيخ الرواية التلمودية لتكون أساسًا للسيطرة السياسية على القدس، وفرض وقائع جديدة على الأرض تخدم المشروع الاستيطاني والتهويدي، وسط صمت دولي وتراجع في الموقفين العربي والإسلامي.
ومنذ عام 2017 تحرص حكومة الاحتلال على عقد اجتماعها في إحدى قاعات النفق الغربي أسفل المسجد الأقصى المبارك، لكنها قررت هذا العام ولأول مرة عقده فيما تسمى "مدينة داود" الاستيطانية التي أُقيمت بقوة الاحتلال في أقصى شمال سلوان، وتقع بالتحديد في حي وادي حلوة، الملاصق للسور الجنوبي للبلدة القديمة والمسجد الأقصى، ويمتد على مساحة 750 دونما.
وورد في موقع "والا" العبري، أن مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو "قرر عقد جلسة حكومية خاصة في (ما تسمى) حديقة مدينة داود، في قلب حي سلوان الفلسطيني في شرقي القدس، على الرغم من أن جهاز الأمن العام (الشاباك) أثار صعوبات أمنية جدية في عقد الحدث في قلب حي فلسطيني وفي تأمين طرق الوصول ومرافقة رئيس الوزراء والوزراء".
وأوصى جهاز الشاباك بالبحث عن أماكن بديلة، لكن مكتب نتنياهو أصدر تعليماته إلى مسؤولي الأمن بالتحضير والإعداد لخطة أمنية لعقد اللقاء في المكان المحدد وفقا لعدد من المواقع الإخبارية العبرية، التي تحدثت أيضا عن أن جلسة الحكومة هذه ستتضمن الموافقة على القرارات المختلفة المتعلقة بما سمتها "عاصمة (إسرائيل)" المزعومة.
ويدير مشروع ما تسمى "مدينة داود" السياحي الاستيطاني جمعية "إلعاد" الاستيطانية، وهي اختصار لـ "إل عير ديفيد"، وتعني بالعربية "نحو مدينة داود"، وتأسست عام 1986، وترمي وفقا لموقعها الإلكتروني لـ "تعزيز العلاقة اليهودية في القدس عبر الأجيال من خلال الجولات، والإرشاد والإسكان وإصدار مواد ترويجية".
وتدعي سلطات الاحتلال أن ما تسمى "مدينة داود" التلمودية كانت قد أقيمت في هذه البقعة من حي وادي حلوة، بينما تشير الآثار التي وجدت في هذا الموقع في سلوان إلى أنها تعود إلى حقب زمنية مختلفة لما قبل التاريخ وبعده، وفق تقرير سابق لمؤسسة الحق الفلسطينية.
توظيف تلمودي
وقال مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، د. خليل تفكجي، إن عقد حكومة الاحتلال اجتماعها في بلدة سلوان، بالتزامن مع ذكرى الاحتلال الكامل للقدس يأتي في سياق تكريس البعد الديني في الصراع على المدينة.
وأوضح تفكجي لـ "فلسطين أون لاين"، أن اختيار سلوان ليس عبثياً، بل يستند إلى رواية تلمودية تزعم أن النبي داوود أقام دولته ومركز حكمه في هذه المنطقة، التي يطلق عليها الاحتلال اسم "مدينة داوود"، وتعتبر جزءاً من ما يسمى بـ"الحوض التاريخي المقدس".
وأضاف أن هذا الحوض، الذي تزيد مساحته عن 2.5 كيلومتر مربع، يشمل إلى جانب سلوان: نبع سلوان، وقبور الأنبياء، والمقبرة اليهودية، ووادي الربابة، وكلها مواقع تسعى (إسرائيل) لربطها بروايتها التلمودية لتبرير سيطرتها على القدس.
وأشار إلى أن الاجتماع الحكومي في سلوان يحمل رسالة سياسية واضحة، مفادها أن القدس، بروايتها التلمودية، هي "عاصمة (ما يسمى) الشعب اليهودي" المزعومة، وأن "(إسرائيل) لم تحتلها بل حررتها"، كما جاء على لسان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال الاجتماع.
وأكد تفكجي أن هذا التحرك يُظهر بوضوح كيف توظف حكومة الاحتلال الدين كغطاء لتحقيق أهداف سياسية، ولفرض مزيد من السيطرة على المدينة المقدسة، في ظل استمرار مشاريع التهويد والاستيطان في القدس.
رسائل إسرائيلية
وأضاف تفكجي أن هذا الاجتماع يوجه عدة رسائل، أبرزها للأردن بوصفه صاحب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، مفادها: "أين هي رعايتكم؟"، وثانيها للعالمين العربي والإسلامي، بأن القدس "غير قابلة للتقسيم"، وأنها "القلب والرأس لـ(ما يسمى) الشعب اليهودي"، بحسب الرواية الصهيونية.
وأشار إلى أن توقيت الاجتماع جاء بعد القمة العربية في بغداد، وفي ظل صمت عربي ودولي متصاعد، لافتاً إلى أن الاحتلال يواصل استثمار زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة والتي لم ينجم عنها شيء، إضافة لإعلانه القدس عاصمة مزعومة لدولة الاحتلال لتكريس سيطرته عليها.
وأشار إلى وجود تناغم واضح بين حكومة الاحتلال والمستوطنين المتطرفين، الذين يشكّلون "الأداة التنفيذية" للمشروع السياسي الإسرائيلي، حيث ينفذون سياسات التهويد والاستيطان تحت غطاء رسمي، رغم أن المستوى السياسي قد لا يعلن ذلك صراحة.
وتابع: "الاحتلال يسلّح المستوطنين، ويدعمهم في السيطرة على منازل الفلسطينيين، ويتم كل ذلك في إطار منظومة متكاملة بين السياسي والعسكري والاستيطاني، دون أي ضغوط دولية حقيقية على حكومة الاحتلال".
وختم تفكجي بالتأكيد أن حكومة الاحتلال تستغل الأوضاع الإقليمية والدولية لتنفيذ أهداف استراتيجية، في مقدمتها فرض الأمر الواقع بأن القدس هي "عاصمة" مزعومة لدولة الاحتلال فقط.
المصدر / فلسطين أون لاين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين اليوم
منذ 12 ساعات
- فلسطين اليوم
القدس: 45 ألف مصل يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
فلسطين اليوم - القدس المحتلة أدى آلاف المواطنين صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، في ظل الإجراءات العسكرية المشددة التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الوصول إلى المسجد. وقدّرت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس أن نحو 45 ألف مصل أدوا صلاة الجمعة في رحاب المسجد الأقصى. وأفادت وكالة "وفا" بأن قوات الاحتلال عرقلت وصول المصلين إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة عبر بابي العامود والأسباط، ودققت في هوياتهم، وأوقفت عددا من الشبان ومنعتهم من الدخول إلى المسجد. وأدى عدد من الشبان صلاة الجمعة في محيط المسجد الأقصى بعد أن منعهم الاحتلال من الدخول إلى باحات المسجد. وتواصل قوات الاحتلال فرض قيود مشددة على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى خاصة خلال أيام الجمعة. كما تحرم سلطات الاحتلال آلاف المواطنين من محافظات الضفة الغربية من الوصول إلى القدس لأداء الصلاة في المسجد الأقصى، حيث تشترط استصدار تصاريح خاصة لعبور حواجزها العسكرية التي تحيط بالمدينة المقدسة. ووصل عدد الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية، التي نصبها الاحتلال في الضفة الغربية إلى 898 حاجزا وبوابة، منها 18 بوابة حديدية نصبها الاحتلال منذ بداية العام الجاري 2025، و(146) بوابة حديدية نصبها الاحتلال بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.


فلسطين أون لاين
منذ 14 ساعات
- فلسطين أون لاين
عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
أدى عشرات آلاف الفلسطينيين صلاة ظهر اليوم الجمعة، في المسجد الأقصى المبارك وباحاته، رغم التضييقات الإسرائيلية المشددة والتفتيشات على الوافدين. وأفادت مصادر مقدسية بأن قوات الاحتلال ضيَّقت على المصلين خلال توافدهم لصلاة الجمعة، ودققت في هوياتهم، بينما منعت آخرين من الدخول. وصباح اليوم، أدت مجموعة من المستوطنين، طقوساً تلمودية ورقصات استفزازية في البلدة القديمة بمدينة القدس المحتلة، تزامناً مع خروج المصلين من المسجد الأقصى المبارك. وأفادت مصادر مقدسية، بأن مجموعات من المستوطنين انتشرت في مناطق متفرقة بالبلدة القديمة بالمدينة المقدسة، وتركزت في طريق علاء الدين، وارتدوا ملابس توراتية وأدوا طقوسا استفزازية. وأوضحت المصادر ان قوات الاحتلال وفرت الحماية لمجموعات المستوطنين، بالتزامن مع انتشار مكثف في البلدة القديمة وعلى أبواب المسجد الأقصى، والتضييق على المصلين المتوجهين نحو المسجد لأداء صلاة الجمعة والاعتكاف في ساحاته. وفي السياق ذاته؛ تتواصل الدعوات لتكثيف الرباط وشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك بمدينة القدس المحتلة، وذلك في ظل الانتهاكات المتزايدة من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين. وأكدت الدعوات على أهمية المحافظة على ديمومة الرباط في الأقصى، والحشد فيه بشكل دائم، لحمايته من مخططات الاحتلال وأطماع المستوطنين، وتدنيسهم المتواصل لباحاته، وتصاعد اقتحاماتهم لا سيما في الأعياد اليهودية. ولفتت إلى أن تصاعد اقتحامات المستوطنين بشكل غير مسبوق، ومحاولتهم أداء طقوس تلمودية وذبح القرابين، يستدعي المزيد من النفير الفلسطيني للدفاع عن المقدسات الإسلامية. المصدر / وكالات


قدس نت
منذ 14 ساعات
- قدس نت
أرأيتم ما نحن فيه ؟
الجمعة 30 مايو 2025, 12:52 م بقلم أكرم عطا لله :- لا يمكن أن يشهد تاريخ الصراعات سلوكاً أكثر بشاعة ووضاعة من سلوك إسرائيل، صحيح أن عقل المؤسسة الإسرائيلية كما أفسره هو عقل مختل لكن ليس لهذه الدرجة التي يحتقر فيها كل ما أنتجت البشرية من قيم وأعراف، فما حدث في غزة سيظل شاهداً على ما ارتكبته تلك الدولة من فظائع لكنها توغل أكثر في امتهان كرامة البشر، حيث إن التاريخ لم يشهد في أكثر لحظاته جنوناً أن تتم مقايضة البشر بالطعام لإرغامهم على التحرك حيث تريد الدولة المحتلة. كان الطغاة سيخجلون أن يكتب في تاريخهم المتوحش أنهم حرموا البشر من الغذاء أو أنهم استخدموا طعام الأطفال لتحقيق هدفهم، فلم يكتب في تاريخ الطغاة أنهم استخدموا التجويع سلاحاً ضد الشعوب لكن إسرائيل فعلتها. في كل الصراعات كان الخصوم واضحين: قوى سياسية أو عسكرية لكن هذه أول مرة تكون حرباً ضد الشعب، مدنيين وأطفالاً، في كل الحروب تكون هناك خسارات من المدنيين كخسارات جانبية لكن في هذه الحرب كان المدنيون هم الهدف، هكذا يتضح مما اعترف به نتنياهو حين قال إن هدف الحرب هو تدمير القطاع وتهجير سكانه حين لا يجدون مكاناً يعيشون فيه. خطة توزيع المساعدات الأميركية في غزة خطة إسرائيلية بامتياز تطورت عن خطة الجنرالات التي هدفت لإفراغ شمال وادي غزة نحو الجنوب، ثم بعد مجيء ترامب تصبح السياسة الإسرائيلية أكثر وقاحة في الإعلان عن نفسها على لسان سموتريتش ورئيس وزرائه وأن إسرائيل ستؤمن الغذاء في نقاط في أقصى جنوب القطاع بينما تقطعه عن الشمال والوسط ليزحف الناس نحو الجنوب تمهيداً لترحيلهم خارج القطاع. بعد أن يترك الناس باقي مناطق القطاع نحو رفح التي تم تدميرها سيتم تدمير المناطق التي سيخليها السكان، وهي كل مناطق غزة ليتم تدميرها ولا يجد الناس بيوتاً ليسكنوها إذا ما انتهت الحرب ولا يبقى لهم مجال إلا مغادرة القطاع. فأي عقل شيطاني هذا الذي يفكر بهذه الطريقة بدفع الناس إلى معازل يقدم فيها الأكل للناس تجهيزاً لطردهم. لقد وضعت إسرائيل الناس أمام خيارين: إما التعامل مع نقاط توزيع الغذاء وإما الموت جوعاً، ولأن القوة تفرض وقائعها من الطبيعي أن يذهب الناس لتلك النقاط أمام هندسة التجويع المتقنة وحينها تبدو نداءات الفصائل وبالتحديد حركة حماس أشبه بنكتة في مأتم عندما تطلب من الناس عدم التوجه لتلك النقاط والامتناع عن استلام طرود الغذاء لأسباب أمنية ـ في ظل الانهيار التام من الجوع وإشعال غريزته التي تطفئ كل الغرائز الجسدية والحاجات الإنسانية بما فيها الحاجات الوطنية لأن نداء الفصائل مخالف للتركيبة الفطرية للبشر. حماس لم تدرك بعد في أي مكان تقف ولم تقرأ بعد ما الذي حدث، أما المستقبل فهي لم تفكر بالنظر إليه لشدة غرقها في معادلة الراهن شديدة التعقيد بالنسبة لها. لكن الإسرائيلي الذي يهندس وفقاً لهرم ماسلو والذي استخدمته إسرائيل لمحاولة إخضاعنا في الانتفاضة الأولى كما كتب عبد الوهاب المسيري فهذه المرة لا مسؤولية إسرائيلية على غزة كما تدعي مستندة لوجود حكم في غزة يعود لحركة حماس الذي تقاتله كما تبرر حربها على القطاع. لكن الحقيقة التي اعترف بها نتنياهو أنه يقاتل سكان القطاع وليس حماس وحدها لأن مشروعه أبعد كثيراً من حركة حماس بل إن هذا المشروع الإستراتيجي لا ضمان له إلا باستمرار ادعاء حكم حماس لغزة أثناء الحرب وإلى حين تحقيقه، وهو ما لم تفهمه الحركة بعد رغم أن المعادلة شديدة الوضوح. لا داعي للتذكير بأن من أسوأ ما شهدته حرب الإبادة هو الخلل الذي شاب الجبهة الداخلية في القطاع، فبعض التجار امتصوا دم الشعب دون أن تتمكن حركة حماس من وضع حد لهم، ما جعل الحركة أمام تساؤلات لم تكن في صالحها، ومكاتب الصرافة تحولت إلى غيلان تشارك المواطن في راتبه حين تقتطع أكثر من ثلث معاشه أو أي حوالة قادمة من الخارج، وهو ما أضعف تضامن الخارج مع الداخل. كل هذا كان يحدث أمام سمع وبصر الحركة التي أصرت على حكم غزة وتمكنت بنجاح من ملاحقة معارضين كتبوا على السوشيال ميديا، لكنها عجزت عن ملاحقة تاجر يخزن الدقيق ليبيع الكيس بمئات الدولارات ....! كل هذا وأكثر أضعف الجبهة الداخلية، لكن الأساس هو سيطرة إسرائيل المطلقة على الحياة في غزة يجعلها أكثر قدرة على التحكم في سلوك البشر رغم فاشية الوسيلة التي تستخدمها، في ظل هذا العجز الكبير الذي يلف العالم الذي بات يصرخ عالياً كأنه اكتشف تفاحة إسرائيل العفنة بعد أكثر من عام ونصف العام تاركاً لها أن تفعل ما تشاء، كأن احتجاجه نوع من تبرئة العتب لا أكثر.... ستستمر لعبة الموت لأن إسرائيل تجدها فرصة سانحة لن تتكرر لتصفية غزة، وحماس لم تفهم بعد ما المطلوب منها، لذا تفاوض بكل هذه السذاجة ....! جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت