logo
حتى نتجنب مصير مُجير أم عامر

حتى نتجنب مصير مُجير أم عامر

الجزيرةمنذ 5 ساعات

لم يكن القصف الأميركي للمواقع النووية الإيرانية أمرًا مفاجئًا لكل ذي بصيرة. في مؤتمره الصحفي صبيحة القصف قال وزير الدفاع الأميركي إن العملية استغرقت شهورًا طويلة من التخطيط والإعداد، وهذا يعني أن قرار القصف كان متخذًا حتى من قبل عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض، وأن الغارات الجوية الإسرائيلية على إيران التي سبقت القصف بحوالي أسبوع، لم تكن إلا تمهيدًا ودكًا قويًا للأهداف الإيرانية وافقت عليه واشنطن، بل قل هي التي أمرت به، حتى لا يتخلل القصف ما يضر بترامب كما حدث مع الرئيس الراحل جيمي كارتر إثر فشل عملية "مخلب النسر" في صحراء لوط الإيرانية التي أمر بها كارتر لتخليص الرهائن المحتجزين في السفارة الأميركية بطهران في أبريل/ نيسان عام 1980.
أما وقد تم وقف إطلاق النار فهل يصمد؟ أم إن واشنطن وحلفاءها الغربيين سيطالبون إيران بأمور جديدة يرقى القبول بها إلى مستويات الاستسلام والرضوخ، وأولها العودة عن قرار وقف عمليات التفتيش على المنشآت النووية الذي أعلنه مجلس الشورى الإيراني مشروعَ قرار، وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها لن تقبل به.
وقد يكون هذا هو الذريعة لمطالب أخرى ربما تصل حد المطالبة بتسليم البرنامج النووي برمته، كما طالب وزير الدفاع البريطاني، أو ربما يطالبون بنسفه من قواعده، وكذلك تفكيك برنامج الصواريخ الإيرانية.
لا أريد أن أخوض في المآلات النهائية، فثمة أسئلة كثيرة تطرحها الأقلام والشاشات، وكل كاتب ومتحدث يجيب وكأنه من أصحاب القرار، أو المطلعين على خفايا الأمور.
لم يعد أحد يتحدث عن غزة ودمائها تهرق أغزر من ذي قبل، الكل يخوض في مآلات الحرب على إيران، ومعظم ما يطرح ليس إلا تكهنًا لا يقارب اليقين كثيرًا. وفي غمرة التكهن عادة ما نغفل عن تفاصيل هامة، لو تنبّهنا لها لاستخلصنا منها عبرًا ودروسًا سنكون- نحن العربَ والمسلمين- بحاجة ماسّة لها في قادم الأيام والسنين، حتى لا نؤخذ على حين غرة، وتنزل بنا كالصاعقة الصدمات الإسرائيلية- الغربية المفاجئة.
الاختراق الأمني الاستخباراتي
طالبت إيران مواطنيها المتعاونين مع المخابرات الإسرائيلية "الموساد" بتسليم مسيّراتهم وأجهزتهم التي استعملوها في ضرب الأهداف في طهران وغيرها من المدن مقابل العفو.
وأعلنت كذلك مرات عديدة أنها اعتقلت مئات من هؤلاء الجواسيس، كما كشفت سيارة نقل كانت محملة بشحنة من تلك المسيرات في طهران، بل قالت أنباء إن بعض مَن اغتيلوا من العسكريين والعلماء قتلوا برصاص الجواسيس في مساكنهم أو أماكن عملهم، وما تزال إسرائيل تعلن عن اغتيل قادة آخرين.
وأعلنت السلطات الإيرانية كذلك اكتشاف ورشٍ لتجميع المسيرات وتصنيعها. ولا يكاد المرء يصدق هذا لولا اعتراف الإيرانيين أنفسهم!
واضح أن هذا الاختراق الأمني مضى عليه سنوات طويلة من التخطيط والإعداد للقوة البشرية اللازمة من الشارع الإيراني ومن داخل أجهزته الأمنية، وكذلك لتوفير الأدوات وقواعد البيانات والمعلومات. ومن دون ذلك ما كانت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والغربية لأن تفاجئ القيادات الإيرانية العليا بتلك الاغتيالات المؤلمة.
لماذا حدث ذلك؟ الأسباب عديدة إن خضنا فيها من دون معلومات مؤكدة فقد ننزلق في مربع التكهن، ولكن ربما يكون من المفيد العودة إلى واقع العلاقات بين إسرائيل وإيران زمن الشاه ونظامه الإمبراطوري.
اعترفت إيران بإسرائيل عام 1953 إثر عودة الشاه للحكم بعد انقلاب "مصدق"، وبلغت العلاقات بين الجانبين مراقيَ عالية، وخاصة في التعاون الأمني بين جهاز المخابرات الإيرانية آنذاك "السافاك"، و"الموساد" الإسرائيلي.
ألقى الشاه آنذاك بكل أوراقه في السلة الأميركية الإسرائيلية، وكان الموساد يسرح ويمرح في كل إيران إلى أن أطاحت الثورة بالشاه عام 1979.
ويبدو أن النظام الجديد في إيران انشغل كثيرًا بامتداداته في الإقليم من حوله، خدمة لمصالحه السياسية والأيديولوجية والمذهبية، ناهيك عن انشغاله بأوضاعه الداخلية، والحصار الذي فرض عليه، والحرب التي كانت بعض تصرفاته المعلنة سببًا في اندلاعها مع العراق، ليجد اليوم مدنه ساحة حرب تشنها إسرائيل وعملاؤها الكُثر في الداخل الإيراني.
كما أن التفوق التكنولوجي الإسرائيلي عامل مهم آخر في تحقيق تلك الاختراقات الأمنية ليس لإيران فحسب، بل لكل المحيط من حولها، ولمن هم أبعد من الدول الإسلامية التي تتوجس منها إسرائيل مثل باكستان، ولا يستثنى من ذلك إلا تركيا بجهازها الاستخباري المتمرس والقادر على مقارعة الموساد وبتقدمها التكنولوجي المتعاظم سنة بعد أخرى.
وربما كان النظام الجديد في إيران قد جنى على نفسه، حين غض الطرف عن وقوع العراق جاره التاريخي والجغرافي في القبضة الأميركية، بعد الإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين، ظنًا منه أن تحقيق بعض المكاسب الطائفية أفضل له من إبعاد "الشيطان الأكبر"، كما كان يسمي أميركا، عن حدود إيران. فأجواء العراق اليوم مفتوحة أمام الطائرات الإسرائيلية، وكأنه لا توجد دولة في العراق تقول لا.
رغم كل شيء فلا يمكن لنا أن ننفي أن إيران استعادت توازنها بعد اليومين الأوّلين من الحرب، وردت على إسرائيل بضربات مؤلمة كما تألمت هي، وستظل صور الدمار في تل أبيب ماثلة في الأذهان باعتبارها المرة الأولى التي تمتلئ فيها بعض شوارع المدينة وشوارع غيرها من التجمعات الاستيطانية بالردم والخراب، فكل حروب العرب السابقة لم تسجل لها عدسات الكاميرات مثل ذلك أبدًا. وكيف للمهزوم، حتى قبل أن تبدأ الحرب، أن يفعل ما فعلته صواريخ إيران؟!
ماذا عن الساحات العربية؟
هل ساحاتنا العربية مختلفة عن ساحة إيران زمن الشاه وبعد ذلك؟ ألم يضع العرب كلهم تقريبًا كل أوراقهم في السلة الأميركية الغربية زمن الشاه وحتى اليوم؟ لا أحد يستطيع أن ينكر أن أجهزة الاستخبارات العربية تنسق تنسيقًا تامًا مع "السي آي إيه" وتتلقى منها الأوامر والتعليمات.
إذن فساحاتنا مفتوحة أمام الأميركيين ثم بالضرورة للموساد تنسيقًا استخباراتيًا وعملياتيًا، خاصة منذ أن أسقط العرب كل الحواجز المادية والنفسية، واعترفوا بإسرائيل وأقاموا معها علاقات تكامل أمنية واقتصادية وسياسية، بدأت تمتد إلى البعد الاجتماعي، فنرى عربًا يتنصلون من عروبتهم ودينهم وينحازون لإسرائيل ويهبون لنجدتها إن ضُيِّقَت عليها السبل.
الفرق بين ساحاتنا والساحة الإيرانية أن تلك الساحة انقلبت على إرث الشاه لكنها قَصَّرَتْ في تنظيفه تمامًا لتجد اليوم نفسها مخترقة اختراقًا أمنيًا قلّ نظيره في التاريخ.
أما ساحاتنا فهي على حالها منذ أن قامت الدولة العربية الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. اليوم لا يحتاج الموساد، ولا "السي آي إيه"، إلى بذل جهد كبير في ساحاتنا؛ لأن نظائرهما لدينا تقوم بالمهمة على خير وجه، ولأن بعض بلداننا تعتمد في مرافقها الاقتصادية على عمالة وافدة من دول تتعاون أجهزة استخباراتها تعاونًا وثيقًا مع الموساد الإسرائيلي.
الاطمئنان للعلاقة مع أميركا والغرب
قد يجادل البعض بأن العلاقات التاريخية الطيبة بين معظم بلداننا وبين أميركا ودول الغرب تختلف عن علاقة إيران مع تلك الدول، وعليه فيمكننا الاطمئنان الدائم إلى المستقبل.
لكن التاريخ وتقلباته تقول غير ذلك. فكيف يكون وضع تلك العلاقات مع الغرب لو أن دولًا عربية، ومنها حتى تلك التي طبّعت مع إسرائيل تطبيعًا عضويًا، رأت في لحظة فارقة من الزمن أن مصالحها ومستقبلها يستوجب تطوير برنامج صاروخي مثل البرنامج الصاروخي الإيراني، ولا أقول برنامجًا نوويًا كالبرنامج الإيراني، لأن الخيال لا يقبل حدوث هذا من العرب المطبعين، هل تقبل إسرائيل بذلك وتسمح به ومعها الغرب كله؟
والأمر نفسه ينطبق على الدول المسلمة كلها. فهل يسمح لتركيا يومًا بتطوير سلاح نووي مع أنها عضو في حلف شمال الأطلسي، وتاريخ علاقاتها العسكرية مع الغرب ظل حافلًا بالثقة حتى عهد قريب؟ اليوم أصبحت تركيا وباكستان، أكثر من ذي قبل، هدفًا لوسائل الإعلام الغربية تحرض عليهما، وتحذر من التعاون القائم بين البلدين في المجال النووي.
وهذا ليس بالأمر الجديد، فنتنياهو قال في مقابلة مع القناة الرابعة عشرة البريطانية عام 2011 إن النظامين في تركيا وباكستان يهددان وجود إسرائيل، كما هو حال إيران، ويجب التصدي لهما لهندسة الشرق الأوسط كما يريد له نتنياهو أن يكون.
حتى لا يكون مصيرنا مصير مُجير أم عامر!
ومنْ يصنع المعروفَ في غير أهله.. يلاقي الذي لاقَـى مجيرُ أمِّ عامرِ.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟

الجزيرة

timeمنذ 36 دقائق

  • الجزيرة

لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟

تبدو الحرب التي دارت بين إسرائيل وإيران حرب وجود للطرفين، فطموح إسرائيل لتدمير البرنامج النووي الإيراني، أمرٌ قد بات بعيد المنال في ضوء الهجمات الأميركية التي نالت من سطح البرنامج دون أن تدمر أعماقه، والوقت ليس في صالح الهدف الإسرائيلي، بل إن أقصى طموحات إسرائيل حاليًا هو عرقلة البرنامج النووي الإيراني لسنوات وليس القضاء عليه، كما أن المحيط الجغرافي لن يقبل هذه الحرب، المحيط الجغرافي هنا يمتد من باكستان حتى أوروبا، لذا في هذا السياق هناك عدة تساؤلات: ماهيّة هذه الحرب؟ ما هي النتائج التي ستترتب عليها؟ هل من فائز حقيقي فيها؟ في حقيقة الأمر، الفائز الحقيقي في هذه الحرب هو روسيا، فهي تستفيد من ارتفاع أسعار النفط بوصفه أكبر صادراتها، ثم إن هذه الحرب تعزز حساب التفاضل والتكامل بالنسبة لها في حرب أوكرانيا، لكن على الجانب الآخر، فإن الطرفين المتصارعين إيران وإسرائيل خاضا حربًا حساباتها الدقيقة ممتدة إلى خارج إرادة كليهما، وهذا مكمن تصرف الولايات المتحدة لإنهاء الحرب. قوة الصورة ذهبت إسرائيل في ضربتها الأولى إلى قوة الصورة وتأثيرها على الجمهور الإيراني بالدرجة الأولى، ثم إلحاق هزيمة نفسية ويأس في المنطقة العربية، فمشاهد الدمار في إيران ومقتل علمائها وتركيز إسرائيل على فاعلية قوتها ودقتها، أحدثت هزة كبيرة في إيران والمنطقة، وصارت تروّج للمقولة القديمة التي شاعت بعد حرب 1967 بأن جيش إسرائيل لا يقهر. كان الرد الإيراني المتتالي صاعقًا، إذ إن إيران بالرغم من محدودية الخسائر الإسرائيلية، مثلت صور الدمار في تل أبيب وحيفا انتصارًا معنويًا لها، بل سرعان ما اشتعلت وسائط التواصل الاجتماعي العربية بصور الدمار في إسرائيل، لذا فإن إسرائيل في هذه المعركة فقدت شيئًا لم تدركه بعد، ستبدأ في إدراكه في هذه المرحلة، مرحلة ما بعد الحرب. ما جرى يمكن اعتباره تراجعًا ملحوظًا في صورة إسرائيل كقوة عسكرية لا تُقهر، وهو ما قد يفتح الباب أمام الأجيال القادمة في المنطقة العربية لتعزيز طموحاتها في إنهاء الصراع مع إسرائيل، التي لطالما مثّلت خصمًا تاريخيًا فعّالًا في الوعي الجمعي للشعوب العربية. قوة السلاح تمتلك إسرائيل قوة ردع وهجوم متفوقة في المنطقة العربية، وقد نجحت في تحجيم حزب الله، ثم قوضت قدرات حركة حماس في غزة، وهذا التفوق عنوانه القوات الجوية، وهنا يبرز على الفور القدرات العربية والإيرانية في الدفاع الجوي، ومن ثَمَّ نرى أن معظم الدول العربية وإيران، فيما عدا مصر، لم تبنِ قوات دفاع جوي لمواجهة هذا التفوق الإسرائيلي وتحجيمه. وتحييد الطيران الحربي لإسرائيل مستقبلًا هو بداية التعاطي مع إسرائيل بمنطق الحد من قدراتها، وهو ما سيحجم الغطرسة الإسرائيلية في المنطقة. لقد نجحت إيران بصورة نسبية في مواجهة هذا التفوق لكن مع الضربة الثانية عليها، حيث أسقطت طائرة "إف 35". وهو مؤشر جيد على إمكانية التعامل مع القوات الجوية الإسرائيلية. لدى إسرائيل طائرات مسيرة متعددة المهام، وفي المقابل تمتلك إيران طائرات مسيرة متقدمة، لكن قدرات إسرائيل على تتبع هذه الطائرات تحجم من قدراتها، بيد أنه على الجانب الآخر، فإن المستقبل يشي بأنه لو طورت إيران والعرب من قدرات الطائرات المسيرة فسيكون الداخل الإسرائيلي تحت التهديد الجوي لأول مرة منذ إنشائها، وهو ما سيمثل خرقًا لنظريات وإستراتيجيات الدفاع الإسرائيلي. كما أن اختراق الصواريخ الإيرانية يشي بأن المستقبل الإسرائيلي في صد هذه الهجمات بات محل تساؤلات؟ إن خسائر إيران تبدو كبيرة- وإن لم يوجد لها حتى الآن حصر- وستؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية، فضلًا عن أنه على الجانب الآخر تتعرض إسرائيل إلى حصار اقتصادي غير معلن، فالحرب تؤدي إلى وقف حركة الشحن بالطائرات، فضلًا عن إيقاف العديد من الخطوط الملاحية إلى موانئ إسرائيل، وهو ما يعني أن الحرب لها عواقب على إسرائيل سيئة. لكن هل الولايات المتحدة استطاعت منع امتداد الصراع وتحوله إلى حرب واسعة على مستوى المنطقة؟ إن ما لا تدركه الولايات المتحدة ومعها إسرائيل هو طبيعة الشعب الإيراني، فهو شعب عنيد تجاه أي غزو أو هجوم خارجي، حتى لو اختلف مع النظام الحاكم، وهذا أيضًا ما لم يدركه صدام حسين حين شن حربًا ضد إيران في مرحلة ظن أنها ضعفت فيها عقب الثورة الإيرانية. وكذلك الأمر حين أدركت إسرائيل أن إيران تم تقليم أظفارها في لبنان، وسوريا. لكن في حالة يأس إيران أو محاولة كسرها بصورة صريحة فلن يكون أمامها سوى ضرب المصالح الأميركية بصورة مباشرة، وهو ما هددت به، لذا فقد تم ضرب موقع فوردو النووي الإيراني من قبل الولايات المتحدة، فهي التي تملك هذه القدرة. بيدَ أن القلق الأميركي من تفاقم الوضع والرعب من تأثير الحرب على الداخل الإسرائيلي والذي تمثل في فرار مواطنين إسرائيليين إلى خارج إسرائيل باعتبارها بلدًا افتقد الأمان لأول مرة، وكذلك عدم قدرة إسرائيل على تحمل حرب من هذا النوع مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، كل هذا كان سببًا لقبول وقف إطلاق النار. على الجانب الآخر فإن خروج إيران من هذه الحرب منتصرة أو في وضع اللامهزوم واللامنتصر يعني ضمنًا هزيمة إستراتيجية ونفسية لإسرائيل، وهو أمر يسبب نتائج وخيمة على المدى البعيد على إسرائيل، وعلى وجودها، لذا فإن نتنياهو يدرك أن هذا الوضع ينهي حياته السياسية ويقوده إلى السجن، وهو ما يدركه جيدًا، لذا فإنه أنهى هذه الحرب بعد أن وصل لنتيجة مرضية له قبل أن تكون مرضية لجمهوره، فضلًا عن أن الولايات المتحدة قد تدخلت لوقف الحرب بالأمر المباشر لإسرائيل، فأسواق النفط لن تتحمل الأسعار وتصاعدها، والأسهم وسقوطها يشكل أزمة عالمية، والصين تترقب كل هذا. لذا فإن إنهاء الحرب جاء وفق ما انتهت إليه كأمر واقع، من هنا فإن إنهاءها بوضع اللامهزوم واللا منتصر هو الحل الذي وصلت إليه لإسرائيل غير المنتصرة ولا المهزومة، وكذلك إيران، نحن أمام جيل جديد من الحروب عن بعد، ولكنها حروب غير محسومة، الخاسر في هذه الحرب هو الولايات المتحدة التي أكسبت روسيا والصين مساحات جديدة عليهما الاستثمار فيها، وإلا فإنهما سيكونان كمن فقد الفرصة الذهبية.

هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟
هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟

الجزيرة

timeمنذ 36 دقائق

  • الجزيرة

هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟

أجمع محللون سياسيون على أن إستراتيجيات المقاومة الأخيرة تفرض ضغوطا متزايدة تدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية إلى التفكير جديا في صفقة شاملة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وعرضت الجزيرة مؤخرا مشاهد تفجير كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ناقلتي جند إسرائيليتين في كمين ب خان يونس جنوبي القطاع، مما أسفر عن مقتل 7 جنود داخلهما، بينهم ضابط. وفي هذا السياق، قال الكاتب والباحث السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن إن ما يحدث هو سيناريو كبير "قد يكتمل خلال أسبوع أو أسبوعين، وقد يتوج بزيارة نتنياهو إلى واشنطن". وأوضح شتيرن لبرنامج "مسار الأحداث" أن هذا السيناريو يشمل أولا وقفا لإطلاق النار وتبادلا للأسرى في غزة، وربما انسحابا إسرائيليا من القطاع. وتتضمن هذه الصفقة المحتملة عناصر متعددة الأبعاد، إذ أكد شتيرن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد أيضا أن يكون هناك عفو لنتنياهو من محاكمته قبل أن الوصول إلى نهايتها، وقد تشمل أيضا الذهاب إلى انتخابات مبكرة. وفي الإطار ذاته، اتفق المحللون على أن عودة المقاومة الفلسطينية بقوة وتنفيذها عمليات نوعية ناجحة خلال الأيام الماضية تشكل العامل الضاغط الرئيسي في المعادلة الحالية. وفي هذا الإطار، أكد الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن المقاومة سجلت "صورا مبهرة تثبت أنها حاضرة وقوية"، مما يشكل عاملا ضاغطا كبيرا على المجتمع الإسرائيلي. وبناء على هذه التطورات الميدانية طرحت العمليات العسكرية الأخيرة -وفق القرا- تساؤلات كبيرة داخل المجتمع الإسرائيلي عما يفعل الجيش الإسرائيلي في غزة. وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي "إذا كان يبحث عن 20 جنديا أحياء في قطاع غزة فقد عاد بـ28 جنديا إسرائيليا في أكياس، بعضهم تبخر بفعل الانفجارات". قيود وضغوطات ومن زاوية عسكرية، أكد الخبير العسكري العميد إلياس حنا أن الجيش الإسرائيلي يواجه قيودا حقيقية في قدراته التشغيلية تدعم ما ذهب إليه القرا، كما لا يمكن أن تقاتل كافة الفرق العسكرية في الوقت ذاته داخل القطاع. وعلى هذا الأساس، أكد حنا أن أي عمل عسكري حقيقي يجب أن يكون هجوما شاملا متكاملا يترافق مع الطيران والتقدم البري، لكن هذا الأمر لم يعد قادرا عليه جيش الاحتلال لأسباب عدة، فضلا عن أن خصائص هذه الحرب مختلفة تماما وتتطلب وقتا طويلا. وأعرب عن قناعته بأن المقاومة قادرة على الاستمرار، مشيرا إلى توفر العوامل الأساسية للمقاومة، وهي: الإرادة والوسائل والملاذات الآمنة"، إضافة إلى أن الأنفاق لم يُدمر منها أكثر من 30% بالحد الأقصى، وأن المقاومة قادرة على رفع الثمن. وبالتوازي مع التحديات العسكرية أجمع المحللون على أن نتنياهو يواجه ضغوطات متزايدة من داخل ائتلافه الحكومي. وفي هذا السياق، أشار الكاتب المختص في الشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين إلى أن نتنياهو اصطدم بجدار الواقع بعد أن اعتاد الهروب إلى الأمام في العمليات العسكرية بدلا من حل مشاكله وأزماته. وأوضح جبارين أن نتنياهو أمام 3 حلول حاسمة تتمثل في: قدرته على المناورة. الأدوات والمساعدات المتاحة من واشنطن. الثمن والتنازلات التي يمكنه أن يدفعها. وفي ضوء هذه المعطيات، أعرب جبارين عن قناعته بأن إسرائيل باتت أقرب إلى انتخابات مبكرة، ولكن يبقى السؤال "هل ستكون صفقة تغلفها انتخابات أم تصعيد في غزة يفجر المشهد؟". وعلى الصعيد الدولي، يرى القرا أن الولايات المتحدة بدأت تستمع إلى أصوات مقربة من حماس بشأن ما يحدث في غزة. ووفق القرا، فإن المشكلة الحقيقية مرتبطة بغزة ولا يمكن تجاهلها أو تجاوزها، مؤكدا أن ترجمة التصريحات الأميركية إلى فعل حقيقي "تحتاج إلى قرار نتنياهو بإرسال وفد إلى الدوحة أو القاهرة، حيث يمكن التوصل إلى اتفاق خلال 24 ساعة".

الحرب على غزة مباشر.. مجازر بحق المجوعين وكمين جديد للمقاومة بخان يونس
الحرب على غزة مباشر.. مجازر بحق المجوعين وكمين جديد للمقاومة بخان يونس

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

الحرب على غزة مباشر.. مجازر بحق المجوعين وكمين جديد للمقاومة بخان يونس

في اليوم الـ102 من استئناف حرب الإبادة على غزة، وثق مكتب الإعلام الحكومي في غزة ارتفاع عدد الشهداء في مراكز توزيع المساعدات إلى 549 شهيدا، بينما أصيب أكثر من 4 آلاف شخص، في حين أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوقوع حدث أمني صعب في خان يونس جنوب القطاع، وأن مروحيات إخلاء عسكرية نقلت جنودا مصابين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store