
بسبب التصعيد الإسرائيلي الإيراني.. دول الخليج تحبس أنفاسها
جاء الرد بشكل سريع. فبعد ساعات قليلة فقط من الهجوم الإسرائيلي على أهداف عديدة في إيران، انتقدت وزارة الخارجية السعودية هذا الهجوم. وقالت في بيان نشرته على موقع إكس: "المملكة العربية السعودية تدين بشدة الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على جمهورية إيران الإسلامية الشقيقة". وتابع البيان أنَّ هذه الاعتداءات انتهاك خطير يمس سيادة إيران وأمنها، ومخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية.
والسعودية ترى نفسها في وضع صعب. حيث تسعى إسرائيل منذ سنين لتطبيع العلاقات مع الدول العربية، وبشكل خاص دول شبه الجزيرة العربية.
وقد انعكست هذه السياسة في ما يعرف باسم اتفاقات إبراهيم، التي أعادت تعريف العلاقة بين إسرائيل وبعض دول المنطقة. وكان الهدف من هذه الاتفاقات هو إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وأمنية وتوسيعها بين إسرائيل وهذه الدول العربية.
وفي صيف عام 2020، وقّعت الإمارات العربية المتحدة والبحرين اتفاقية في هذا الاتجاه، بينما لم تعقد السعودية اتفاقية مع إسرائيل بعد. وعلى الرغم من الحديث حول وجود محادثات غير معلنة بين الدولتين منذ سنين، ولكن السعودية أرادت دائمًا حتى الآن تجنب الانطباع بأنَّ التقارب مع إسرائيل سيقوّض تضامنها التقليدي مع الفلسطينيين كونها "خادمة للحرمين الشريفين".
تقارب مع إيران
وهذا ينطبق أكثر منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عندما أقدمت حركة حماس الإسلاموية المسلحة - المُصنّفة كمنظمة إرهابية في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول أخرى - بمهاجمة إسرائيل وقتل نحو 1170 شخصًا واختطاف 255 آخرين إلى غزة.
وقد قامت السعودية، مثل معظم الدول العربية والإسلامية، بتقييم الرد العسكري الإسرائيلي اللاحق في بيانات رسمية بشكل أكثر انتقادًا من معظم الدول الغربية. وبحسب تقرير لقناة بي بي سي فقد اتهم في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة. ولكن السعودية تمنح إسرائيل منذ صيف عام 2020 حق التحليق فوق أراضيها للرحلات الجوية المتجهة إلى الإمارات.
وفي الوقت نفسه تقاربت الرياض كثيرًا مع طهران خلال السنين الأخيرة. وبعد أن قطعت السعودية وإيران علاقاتهما الدبلوماسية في عام 2016، أعادتا هذه العلاقات في آذار/ مارس 2023 بوساطة صينية.
وعلى الأرجح، فإن دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، كانت تفكر ضمن تقاربها مع إيران أيضًا في هذا السيناريو الذي ظهر الآن، كما يقول ماركوس شنايدر، مدير المشروع الإقليمي للسلام والأمن في الشرق الأوسط التابع لمؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في بيروت: "الجميع يدركون في عواصم شبه الجزيرة العربية أنَّهم سيُقَدَّمون على طبق من ذهب عند اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران. وذلك لأنَّهم غير محميين مثل إسرائيل بنظام دفاعي فعال. ومنذ وقت طويل، يخشون من ذلك، ولهذا السبب فقد سعوا دائمًا عبر الولايات المتحدة الأمريكية إلى منع إسرائيل من التصعيد".
عملية توازن سعودية
والمملكة العربية السعودية تقوم بعملية توازن منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كما يقول سيباستيان زونس، الخبير في شؤون دول الخليج في مركز كاربو للأبحاث في بون: "السعودية تركّز على عدم التصعيد مع جميع جيرانها.
وبهذا المعنى فقد سعت إلى العمل كمنصة للحوار في مختلف النزاعات، واستضافت العديد من القمم الكبيرة حول قضايا منها حرب غزة، وشارك فيها بانتظام ممثلون إيرانيون أيضًا. وهذه النشاطات الدبلوماسية تعتبر إلى حد ما جزءًا من نموذج العمل السعودي، الذي يركّز على التقارب بدل النزاع".
ولهذا السبب فإنَّ التصعيد بين إيران وإسرائيل يمثّل أسوأ سيناريو بالنسبة للسعودية، كما يقول زونس: "لأنَّ السعودية ستجد نفسها حينئذ نوعًا ما في عين العاصفة، وهي تخشى من احتمال وقوع هجمات على أراضيها بسبب وجود قوات أمريكية هناك أيضًا". وكذلك تخشى السعودية من إمكانية استئناف هجمات ميليشيا الحوثيين اليمنية الإسلاموية المتطرفة والتابعة لإيران، بحسب زونس. إذ إنَّ الرياض ما تزال تتذكّر هجوم هذه الميليشيا الإرهابية على منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو السعودية في أيلول/ سبتمبر 2019.
ولهذا فقد زاد تصميم السعودية على تطوير علاقاتها مع إيران، كما يقول زونس: "الهدف من ذلك هو الانتقال من تقارب يعتبر على الأرح تكتيكيًا إلى تقارب استراتيجي، وتوسيع التعاون في عدة مجالات عدة، مثلًا في مجال الأمن. والسعودية ما تزال في الوقت نفسه لا تثق بإيران. ولديها تحفظات كبيرة تجاه جارتها. وهذا يزد من صعوبة تقييم الوضع الحالي باالنسبة للرياض".
ولذلك فقد جاءت الكلمات التي اختارتها وزارة الخارجية السعودية في انتقادها للهجوم الإسرائيلي مثيرة أكثر للانتباه، كما يقول شنايدر. ويضيف أنَّ "حقيقة حديث وزارة الخارجية السعودية على شبكة إكس حول هجوم على إيران 'الشقيقة' تظهر مدى خطورة الوضع. فمصطلح 'شقيق' يشير في العادة إلى الدول العربية فقط. واختيار هذه الكلمة يبيّن أنَّ السعودية لا تريد أن يُنظر إليها بأي حال من الأحوال على أنَّها شريكة إسرائيل".
مخاوف في عُمان والعراق
وكذلك ترى سلطنة عُمان الآن أنَّ احتمال التوصل إلى حل دبلوماسي للنزاع حول البرنامج النووي الإيراني بات مُهدّدًا. لقد قامت عُمان الواقعة في الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة العربية بدور الوساطة في المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية. وبحسب وكالات الأنباء فقد انتقدت عُمان الهجوم الإسرائيلي، ووصفته بأنَّه يُقوِّض أمن المنطقة واستقرارها. ومع ذلك يُقال إنَّ المحادثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ما تزال مستمرة. بيد أنَّ المحادثات القادمة المقرر إجراؤها يوم الأحد القادم تم إلغاؤها.
وعلى الأرجح، هناك مخاوف في العراق أيضًا. حيث توجد العديد من الميليشيات التابعة لإيران، مثل "كتائب حزب الله". وهذه الجماعات الشيعية تشعر بالولاء لحكومة طهران أكثر من ولائها لحكومة بغداد. ويمتد النفوذ الإيراني عبر الجناح السياسي لهذه الميليشيات إلى داخل البرلمان العراقي.
ويقول شنايدر: "من الممكن جدًا أن يحملوا السلاح إذا أخبرتهم الآن الحكومة في طهران أنَّ كل شيء معرض للخطر. ومن الممكن أن يتجهوا ضد القوات الأمريكية المتمركزة في العراق أو أهداف أمريكية أخرى. ولهذا السبب فقد سحبت قبل أيام الولايات المتحدة الأمريكية موظفي سفارتها في العراق. وهذا يبيّن أيضًا أن العديد من الأمور ممكنة حاليًا في المنطقة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغرب اليوم
منذ 10 ساعات
- المغرب اليوم
الجيش الإيراني يطالب سكان منطقة نيفيه تسيدك في تل أبيب بالإخلاء الفوري
أصدر الجيش الإيراني اليوم الأربعاء إنذارًا لسكان منطقة نيفيه تسيدك في تل أبيب، بضرورة الإخلاء الفوري، وذلك بعد ما أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي تحذيرا لسكان المنطقة الـ18 في طهران بالإخلاء قبل أن يشن غارات جوية. وقال بيان الجيش الإيراني إن "على المحتلين أن يغادروا هذه المنطقة المحتلة على الفور"، بحسب ما أوردته وكالة تسنيم الإيرانية. وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي، أن المعركة بدأت في إشارة إلى المواجهة الإيرانية الإسرائيلية المستعرة من الجمعة الماضية. وكتب المرشد الإيراني عبر حسابه الرسمي بمنصة إكس: المعركة بدأت، باسم حيدر تبدأ المعركة.. علي يعود إلى خيبر بذي الفقار.. الله أكبر". وبعد تغريدة المرشد الإيراني، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء غارات جوية على طهران، حيث أصدر قبل ساعات قليلة تحذيرًا لسكان المنطقة 18 بالعاصمة الإيرانية بضرورة الإخلاء. وقال المتحدث بإسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، في بيان "انذار عاجل إلى السكان والعاملين والمتواجدين في مربع 18 في طهران في المنطقة التي يتم عرضها في الخارطة المرفقة". وأضاف أنه "في الساعات المقبلة سيعمل جيش الدفاع الإسرائيلي في المنطقة وفق ما عمل في الأيام الأخيرة في انحاء طهران لمهاجمة بنى عسكرية تابعة للنظام الإيراني". وتابع "يا مواطني إيران، من أجل سلامتكم وأمنكم، نرجوكم اخلاء المنطقة المحددة في المربع 18 وفق الخارطة، تواجدكم في هذه المنطقة تعرض حياتكم للخطر".


المغرب اليوم
منذ 11 ساعات
- المغرب اليوم
في اليوم السادس من الحرب ترامب يطالب باستسلام غير مشروط وخامنئي يهدد إسرائيل
تبادلت إيران وإسرائيل ضربات صاروخية يوم الأربعاء، في اليوم السادس من الحرب، رغم دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيران إلى "الاستسلام غير المشروط"، بحسب تعبيره. وأُطلقت صفارات الإنذار في شمال إسرائيل صباحا بسبب "تسلل طائرة معادية"، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه تم إطلاق وابلين من الصواريخ الإيرانية باتجاه إسرائيل في أول ساعتين من صباح الأربعاء. ودوت انفجارات في سماء تل أبيب. وطلبت إسرائيل من سكان منطقة طهران إخلاءها حتى تتمكن قواتها الجوية من ضرب المنشآت العسكرية الإيرانية. وأفادت مواقع إخبارية إيرانية بسماع دوي انفجارات أيضا في طهران ومدينة كرج غربي العاصمة. خامنئي: لن نظهر أي رحمة وأصدر المرشد الإيراني خامنئي يوم الأربعاء تهديدا جديدا ضد إسرائيل. وكتب خامنئي باللغة الإنجليزية على منصة "إكس": "يجب أن نوجه ردا قويا.. لن نظهر أي رحمة..". وكان الحرس الثوري الإيراني أطلق في وقت سابق موجتين من الهجمات الصاروخية على إسرائيل. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن عدد المقذوفات بلغ نحو 25. وردا على ذلك، شن الجيش الإسرائيلي غارات جوية على أهداف في العاصمة الإيرانية، طهران. من جهته، قال الحرس الثوري الإيراني الأربعاء إن صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت استخدمت خلال الهجوم الأخير على إسرائيل، مع دخول المواجهة بين البلدين يومها السادس. وأوضح الحرس الثوري في بيان بثه التلفزيون الرسمي أنه تم تنفيذ "الموجة الحادية عشرة من عملية "الوعد الصادق 3" باستخدام صواريخ "فتاح 1"، مؤكدا أن القوات الإيرانية اكتسبت "سيطرة كاملة" على الأجواء الإسرائيلية. ترامب يصدر تهديدا غير مباشر لخامنئي وأمس الثلاثاء، أصدر الرئيس ترامب تهديدا غير مباشر لخامنئي، الذي يتمتع بسلطة مطلقة في جميع الشؤون الاستراتيجية بموجب الدستور الإيراني. وكتب ترامب على منصته "تروث سوشيال"، مشيراً إلى المرشد الإيراني: "نحن نعلم تماما أين يختبئ.. إنه هدف سهل، لكنه آمن هنا.. لن نقوم بتصفيته، على الأقل ليس في الوقت الحالي". وبعدها بدقائق كتب في منشور جديد "استسلام غير مشروط!" وحذر ترامب من أن صبر الولايات المتحدة بدأ ينفد، فيما أشارت تعليقاته إلى موقف أكثر تشددا تجاه إيران ، في الوقت الذي يدرس فيه إمكان زيادة التدخل الأميركي. وقال مسؤول في البيت الأبيض إن ترامب تحدث هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء. وأدت رسائل ترامب، التي وُصفت بالمتناقضة والغامضة أحيانا عن الصراع بين إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة الوثيقة، وإيران عدوها اللدود، إلى تعميق حالة الضبابية المحيطة بالأزمة. وتنوعت تعليقاته العلنية بين التهديدات العسكرية والمبادرات الدبلوماسية. وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن ترامب اجتمع لمدة 90 دقيقة مع مجلس الأمن القومي بعد ظهر الثلاثاء لمناقشة الصراع. ولم تتضح نتائج الاجتماع بعد. وقال مسؤولون أميركيون لـ"وول ستريت جورنال" Wall Street Journal: "لا قرار نهائيا اتخذ بشأن إيران خلال اجتماع ترامب بمجلس الأمن القومي". وذكر ثلاثة مسؤولين أميركيين لـ"رويترز" أن الولايات المتحدة تنشر المزيد من الطائرات المقاتلة في الشرق الأوسط وتوسع نطاق نشر طائرات حربية أخرى. ولم تتخذ الولايات المتحدة حتى الآن سوى إجراءات دفاعية في الصراع الحالي مع إيران، بما في ذلك المساعدة في إسقاط الصواريخ التي أُطلقت باتجاه إسرائيل. "حرب إلكترونية واسعة النطاق" وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن إسرائيل شنت "حربا إلكترونية واسعة النطاق" على البنية التحتية الرقمية لإيران. وشنت إسرائيل حربها الجوية، أكبر هجماتها على الإطلاق على إيران، بعد أن قالت إنها خلصت إلى أن طهران على وشك تطوير سلاح نووي. وتنفي إيران السعي لامتلاك أسلحة نووية، وأشارت إلى حقها في امتلاك تكنولوجيا نووية لأغراض سلمية بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بصفتها عضوا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وإسرائيل، وهي ليست عضوا في المعاهدة، هي البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه يملك أسلحة نووية. ولم تنف إسرائيل أو تؤكد ذلك. وشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أنه لن يتراجع لحين وقف تطوير إيران الأسلحة النووية، في حين يقول ترامب إن الهجوم الإسرائيلي يمكن أن ينتهي إذا وافقت إيران على فرض قيود صارمة على التخصيب. وأعلن مسؤولون إيرانيون مقتل 224 شخصا، معظمهم من المدنيين، في حين قالت إسرائيل إن نحو 24 شخصا قتلوا، وتحدث إعلام إسرائيلي عن أكثر من 1300 إصابة منذ بدء الهجمات.


أخبارنا
منذ 13 ساعات
- أخبارنا
بسبب التصعيد الإسرائيلي الإيراني.. دول الخليج تحبس أنفاسها
جاء الرد بشكل سريع. فبعد ساعات قليلة فقط من الهجوم الإسرائيلي على أهداف عديدة في إيران، انتقدت وزارة الخارجية السعودية هذا الهجوم. وقالت في بيان نشرته على موقع إكس: "المملكة العربية السعودية تدين بشدة الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على جمهورية إيران الإسلامية الشقيقة". وتابع البيان أنَّ هذه الاعتداءات انتهاك خطير يمس سيادة إيران وأمنها، ومخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية. والسعودية ترى نفسها في وضع صعب. حيث تسعى إسرائيل منذ سنين لتطبيع العلاقات مع الدول العربية، وبشكل خاص دول شبه الجزيرة العربية. وقد انعكست هذه السياسة في ما يعرف باسم اتفاقات إبراهيم، التي أعادت تعريف العلاقة بين إسرائيل وبعض دول المنطقة. وكان الهدف من هذه الاتفاقات هو إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وأمنية وتوسيعها بين إسرائيل وهذه الدول العربية. وفي صيف عام 2020، وقّعت الإمارات العربية المتحدة والبحرين اتفاقية في هذا الاتجاه، بينما لم تعقد السعودية اتفاقية مع إسرائيل بعد. وعلى الرغم من الحديث حول وجود محادثات غير معلنة بين الدولتين منذ سنين، ولكن السعودية أرادت دائمًا حتى الآن تجنب الانطباع بأنَّ التقارب مع إسرائيل سيقوّض تضامنها التقليدي مع الفلسطينيين كونها "خادمة للحرمين الشريفين". تقارب مع إيران وهذا ينطبق أكثر منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عندما أقدمت حركة حماس الإسلاموية المسلحة - المُصنّفة كمنظمة إرهابية في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول أخرى - بمهاجمة إسرائيل وقتل نحو 1170 شخصًا واختطاف 255 آخرين إلى غزة. وقد قامت السعودية، مثل معظم الدول العربية والإسلامية، بتقييم الرد العسكري الإسرائيلي اللاحق في بيانات رسمية بشكل أكثر انتقادًا من معظم الدول الغربية. وبحسب تقرير لقناة بي بي سي فقد اتهم في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة. ولكن السعودية تمنح إسرائيل منذ صيف عام 2020 حق التحليق فوق أراضيها للرحلات الجوية المتجهة إلى الإمارات. وفي الوقت نفسه تقاربت الرياض كثيرًا مع طهران خلال السنين الأخيرة. وبعد أن قطعت السعودية وإيران علاقاتهما الدبلوماسية في عام 2016، أعادتا هذه العلاقات في آذار/ مارس 2023 بوساطة صينية. وعلى الأرجح، فإن دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، كانت تفكر ضمن تقاربها مع إيران أيضًا في هذا السيناريو الذي ظهر الآن، كما يقول ماركوس شنايدر، مدير المشروع الإقليمي للسلام والأمن في الشرق الأوسط التابع لمؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في بيروت: "الجميع يدركون في عواصم شبه الجزيرة العربية أنَّهم سيُقَدَّمون على طبق من ذهب عند اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران. وذلك لأنَّهم غير محميين مثل إسرائيل بنظام دفاعي فعال. ومنذ وقت طويل، يخشون من ذلك، ولهذا السبب فقد سعوا دائمًا عبر الولايات المتحدة الأمريكية إلى منع إسرائيل من التصعيد". عملية توازن سعودية والمملكة العربية السعودية تقوم بعملية توازن منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كما يقول سيباستيان زونس، الخبير في شؤون دول الخليج في مركز كاربو للأبحاث في بون: "السعودية تركّز على عدم التصعيد مع جميع جيرانها. وبهذا المعنى فقد سعت إلى العمل كمنصة للحوار في مختلف النزاعات، واستضافت العديد من القمم الكبيرة حول قضايا منها حرب غزة، وشارك فيها بانتظام ممثلون إيرانيون أيضًا. وهذه النشاطات الدبلوماسية تعتبر إلى حد ما جزءًا من نموذج العمل السعودي، الذي يركّز على التقارب بدل النزاع". ولهذا السبب فإنَّ التصعيد بين إيران وإسرائيل يمثّل أسوأ سيناريو بالنسبة للسعودية، كما يقول زونس: "لأنَّ السعودية ستجد نفسها حينئذ نوعًا ما في عين العاصفة، وهي تخشى من احتمال وقوع هجمات على أراضيها بسبب وجود قوات أمريكية هناك أيضًا". وكذلك تخشى السعودية من إمكانية استئناف هجمات ميليشيا الحوثيين اليمنية الإسلاموية المتطرفة والتابعة لإيران، بحسب زونس. إذ إنَّ الرياض ما تزال تتذكّر هجوم هذه الميليشيا الإرهابية على منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو السعودية في أيلول/ سبتمبر 2019. ولهذا فقد زاد تصميم السعودية على تطوير علاقاتها مع إيران، كما يقول زونس: "الهدف من ذلك هو الانتقال من تقارب يعتبر على الأرح تكتيكيًا إلى تقارب استراتيجي، وتوسيع التعاون في عدة مجالات عدة، مثلًا في مجال الأمن. والسعودية ما تزال في الوقت نفسه لا تثق بإيران. ولديها تحفظات كبيرة تجاه جارتها. وهذا يزد من صعوبة تقييم الوضع الحالي باالنسبة للرياض". ولذلك فقد جاءت الكلمات التي اختارتها وزارة الخارجية السعودية في انتقادها للهجوم الإسرائيلي مثيرة أكثر للانتباه، كما يقول شنايدر. ويضيف أنَّ "حقيقة حديث وزارة الخارجية السعودية على شبكة إكس حول هجوم على إيران 'الشقيقة' تظهر مدى خطورة الوضع. فمصطلح 'شقيق' يشير في العادة إلى الدول العربية فقط. واختيار هذه الكلمة يبيّن أنَّ السعودية لا تريد أن يُنظر إليها بأي حال من الأحوال على أنَّها شريكة إسرائيل". مخاوف في عُمان والعراق وكذلك ترى سلطنة عُمان الآن أنَّ احتمال التوصل إلى حل دبلوماسي للنزاع حول البرنامج النووي الإيراني بات مُهدّدًا. لقد قامت عُمان الواقعة في الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة العربية بدور الوساطة في المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية. وبحسب وكالات الأنباء فقد انتقدت عُمان الهجوم الإسرائيلي، ووصفته بأنَّه يُقوِّض أمن المنطقة واستقرارها. ومع ذلك يُقال إنَّ المحادثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ما تزال مستمرة. بيد أنَّ المحادثات القادمة المقرر إجراؤها يوم الأحد القادم تم إلغاؤها. وعلى الأرجح، هناك مخاوف في العراق أيضًا. حيث توجد العديد من الميليشيات التابعة لإيران، مثل "كتائب حزب الله". وهذه الجماعات الشيعية تشعر بالولاء لحكومة طهران أكثر من ولائها لحكومة بغداد. ويمتد النفوذ الإيراني عبر الجناح السياسي لهذه الميليشيات إلى داخل البرلمان العراقي. ويقول شنايدر: "من الممكن جدًا أن يحملوا السلاح إذا أخبرتهم الآن الحكومة في طهران أنَّ كل شيء معرض للخطر. ومن الممكن أن يتجهوا ضد القوات الأمريكية المتمركزة في العراق أو أهداف أمريكية أخرى. ولهذا السبب فقد سحبت قبل أيام الولايات المتحدة الأمريكية موظفي سفارتها في العراق. وهذا يبيّن أيضًا أن العديد من الأمور ممكنة حاليًا في المنطقة".