
حتى لو سقطت عروش العرب
حتى لو سقطت عروش العرب، ولن تسقط، هل يمكن أن يظهر نوع آخر من العرب ؟ حتماً لا. قرارنا، لا قدرنا، أن نبقى في قعر هذا المستنقع، سواء كان المستنقع القبلي أم المستنقع الطائفي، دون أن تنشأ أي حالة فكرية، أو فلسفية، أو أي حالة نقدية، تعيد تشكيل وعينا، وحتى لاوعينا. لنتوقف عند بعض المفكرين من شمال أفريقيا، والذين غالباً ما يكتبون بالفرنسية كيلا يقعوا بين يدي الجلاد. هؤلاء يرون أنه لا بد من قراءة أخرى للاسلام، وحيث يفترض أن تتفاعل النصوص مع جدلية الأزمنة، لا أن تبقى رهينة الأدمغة الصدئة.
ذاك الاسلام، بالقراءة التوراتية، وحتى بالقراءة القبلية، للقرآن، هو السبب في اعتلالنا التاريخي، وفي اعتلالنا الايديولوجي، وحتى في اعتلالنا الاستراتيجي، بعدما كنا قد لاحظنا أن الايديولوجيات في القرن العشرين (الشيوعية والنازية والفاشية) تحولت الى أديان، وأن الأديان في القرن الحادي والعشرين تحولت الى أيديولوجيات. وهذا مصاب الاسلام حين يتحول الى اداة للسلطة، ولكن أي سلطة ؟؟
لا مجال لسقوط العروش، وبعضها صناعة، وصنيعة، الأمبراطورية الأميركية، ولا أمل في سقوط الحكام الآخرين، بالشعارات، فقط الشعارات، الثورية، وبالبنية التوتاليتارية للسلطة، وبعدما لاحظنا كيف انفجرت هذه الدول، وهذه المجتمعات. لن نسأل أين مصر، وهي الأم الكبرى للعرب، والتي يفترض أن تكون القطب المركزي في خارطة التوازنات، أقلّه على الساحة الاقليمية. لا دور على الاطلاق حتى أن الجنرالات هم من يتولون ادارة مصانع الشوكولا، ومصانع البيسكويت، لا بل ان التفاعلات الاقتصادية، والاجتماعية، فيها تهدد بالانفجار، بعدما أخذت المساعدات الأميركية شكل الفضيحة ذات الأجراس.
أين ليبيا بعد معمر القذافي، وأين السودان بعد عمر حسن البشير (وعصا الماريشال)، وأين اليمن بعد علي عبدالله صالح، وأين سوريا بعد بشار الأسد، حتى وان كان هؤلاء الرجال الخطأ في الأمكنة الخطأ. وحين نكون، في هذه الحال، كيف لا ندخل، زحفاً على بطولنا، الى الزمن الأميركي، وحتى الى الزمن الاسرائيلي، ونحن نرى كيف أن الحاخامات يدقون، حتى بأحذيتهم، على أبوابنا .
في لبنان، كنموذج للتفكك السياسي، وللتفكك الطائفي، بفضل تلك المنظومة الرثة، وهو المؤهل ليكون المثال في التفاعل بين الأديان، وبين الثقافات، هل من أحد يعلم ما مصير الدولة، وما مصير الشعب ؟ أجل الشعب. أثناء وجودي في قلعة بعلبك، كان الى جانبي شاب رائع من بكفيا، وحيث ولدت تلك الفكرة المدمرة "قوة لبنان في ضعفه"، حدثته عن تفرقنا كشعب واحد. كان رأيه "ان البشرية جمعاء شعب واحد". لماذا، اذاً، ونحن في زمن الحدود المفتوحة، والأفكار المفتوحة، نصر على ثقافة الأزقة وثقافة الغيتوات ؟
لكننا، كقصاصات بشرية تعيش تحت الأنقاض، وتموت تحت الأنقاض، ما هي اسرائيل، حقاً، ما هي اسرائيل ؟ وهل هي القوة التي لا تقهر، لو كانت لدينا دول، بالمعنى الحقيقي للدول ولو كانت لدينا مجتمعات، بالمعنى الحقيقي للمجتمعات ؟ ثم ماذا عن الجيوش التي بنيت أساساً لحماية الأنظمة لا لحماية الدول ؟
غزة تجيبنا. هل رف جفن لعربي، اذا ما علمنا أن هناك حكومات عربية ساهمت، بمئات ملايين الدولارات، في التعويض على ضحايا الحرائق والأعاصير في الولايات المتحدة ؟ لا أحد معها الآن، من العرب (وأي عرب ؟)، ومن المسلمين (وأي مسلمين ؟). تراجيديا القرن ؟ أكثر من ذلك بكثير. دونالد ترامب الذي يفترض أن يكون وريث ابراهام لنكولن أو وودرو ويلسون، يتعامل مع الابادة اليومية للفلسطينيين، على أنها استكمال "ضروي" لابادة الهنود الحمر، كمخل لقيام "اسرائيل العظمى" كرديف لـ "أميركا العظمى".
مشاهد اسطوري من هناك اذا ما تأملنا في تفاصيل المسرح. مساحة جغرافية ضيقة، وخالية من التضاريس، كما هي محاصرة من كل الجهات، براً وبحراً وجواً. فقط مئات من الرجال يواجهون الأرمادا الاسرائيلية، والأرمادا الأميركية، دون أن ننسى لا الدور البريطاني، ولا الدور الألماني أن في المساعدة اللوجيستية، أو في المساعدة العملانية. حتى الآن، ماذا حقق بنيامين نتنياهو ؟ ايهود باراك، رئيس الحكومة السابق والجنرال الذي يحمل على صدره أكبر كمية من الأوسمة، ردد العبارة اياها التي أطلقها لدى خروجه، عام 2000، من لبنان. "آن الأوان لكي يخرج جنودنا من جهنم".
أكثر من ذلك ، صرخة من الداخل. الاسرائيليون بدؤوا يشككون في أن تكون هذه أرض الميعاد، اذ "لا يمكن ليهوه أن يسوقنا الى ذلك الجحيم". لم يعد يكفي أن يجثو الحكام العرب بين يدي نتنياهو، كما لو أنهم يجثون بين يدي الشيطان. اسرائيل تشعر بالهلع من تلك الأجيال التي تتابع، بذهول، وبغضب، كيف يقضي أطفال غزة، اما جوعاً أو تحت الأنقاض. وليذهب زعيم الليكود في جنونه الى حيثما يذهب.
ألم تظهر اسرائيل في غزة بانها، فعلاً، أوهى من بيت العنكبوت ؟ أي دولة هذه من دون الطائرات والقنابل والأموال الأميركية ؟ مرة أخرى، نذكّر بكلام جدعون ليفي في صحيفة "هاآرتس" "لولا الامدادات الأميركية لكان علينا أن نقاتل الفلسطينيين بالعصي والحجارة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 5 دقائق
- الديار
ترامب: لا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى انه لا يعتقد أن هناك مجاعة في غزة، والأمر ربما يتعلق بسوء تغذية فحماس تسرق المساعدات، وقد تحدثت مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بشأن إدخال المساعدات إلى غزة وأمور أخرى، وذلك في كلمة له في بداية اللقاء مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في تورنبري باسكتلندا في محاولة للتوصل إلى اتفاق ثنائي بشأن الرسوم الجمركية. وتأتي هذه المحادثات في منتجع الغولف الفاخر المملوك لعائلة ترامب على الساحل الغربي لاسكتلندا، قبل الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأميركي في الأول من آب لفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على السلع الأوروبية الواردة إلى الولايات المتحدة.


الديار
منذ 35 دقائق
- الديار
ترامب: على 'اسرائيل' اتخاذ قرار بشأن غزة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنهم قدموا 60 مليون دولار قبل أسبوعين لإدخال أغذية إلى غزة، مضيفاً: لم يشكرنا أحد. وقال ترامب: 'على حماس أن تعيد الرهائن والمحتجزين وقد استعدنا معظمهم، وعلى إسرائيل اتخاذ قرار بشأن غزة'، مضيفاً: لا أعلم ما الذي قد يحدث في غزة. وأضاف: تحدثت مع نتنياهو بشأن إدخال المساعدات إلى غزة وأمور أخرى. وسنقدم مزيدا من المساعدات إلى غزة لكن على بقية الدول المشاركة في هذا الجهد. وتابع: 'لا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة والأمر ربما يتعلق بسوء تغذية فحماس تسرق المساعدات'، مضيفاً: بإمكاننا استخدام الصفقات التجارية وسيلة لحل النزاعات بين الدول.


الديار
منذ 35 دقائق
- الديار
ترامب: سنقدم مزيدا من المساعدات إلى غزة لكن على بقية الدول المشاركة في هذا الجهد، ولا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة والأمر ربما يتعلق بسوء تغذية فحماس تسرق المساعدات.
Aa اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اشترك بنشرة الديار لتصلك الأخبار يوميا عبر بريدك الإلكتروني إشترك عاجل 24/7 19:52 ترامب: سنقدم مزيدا من المساعدات إلى غزة لكن على بقية الدول المشاركة في هذا الجهد، ولا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة والأمر ربما يتعلق بسوء تغذية فحماس تسرق المساعدات. 19:51 ترامب: على "إسرائيل" اتخاذ قرار بشأن غزة، ولا أعلم ما الذي قد يحدث في غزة،وتحدثت مع نتنياهو بشأن إدخال المساعدات إلى غزة وأمور أخرى. 19:50 الرئيس الأميركي دونالد ترامب: قدمنا 60 مليون دولار قبل أسبوعين لإدخال أغذية إلى غزة ولم يشكرنا أحد، وعلى حماس أن تعيد الرهائن والمحتجزين وقد استعدنا معظمهم. 19:13 المدير العام لوزارة الصحة في غزة: لا نجد طعاما كافيا للأطباء وأجسادهم تنهار بصمت. لم تصلنا أي أدوية أو مكملات غذائية حتى الآن، ونحتاج إجلاء عاجلا للجرحى وإدخالا فوريا للمستلزمات الطبية خاصة للأطفال. 19:12 فايننشال تايمز: رئيس الوزراء البريطاني سيستدعي الأسبوع المقبل حكومته من العطلة الصيفية لمناقشة الوضع في غزة. 19:12 إذاعة الجيش "الإسرائيلي": إصابة جندي بجروح خطيرة في حادث عملياتي في معسكر وسط "إسرائيل".