logo
القراءة تحت ضوء الإبادة

القراءة تحت ضوء الإبادة

جريدة الايام٢٠-٠٧-٢٠٢٥
ليست فلسطين قضية العرب المركزية، لم تعد كذلك منذ عقود، هذا ضروري لتقبل التأثير الباهت للحضور العربي في كل ما يمس المأساة الفلسطينية و"حرب الإبادة والتهجير" الإسرائيلية المتواصلة على غزة والضفة.
لقد ذهبت حرب الإبادة بحمولة الأوهام التي رافقت النكبة الفلسطينية، قبل حدوثها، منذ ثلاثينيات القرن الماضي إلى تحولها إلى واقع سياسي بعد الـ48، وصولا إلى حرب الإبادة ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر الإبادة والتهجير والضم.
التصريحات والبيانات التي تواصل الصدور عن مؤتمرات قمة، عربية وإسلامية، أو إقليمية أو لقاءات دبلوماسية ومؤتمرات واجتماعات في المؤسسات الدولية، مجلس الأمن، الجمعية العمومية للأمم المتحدة، مؤتمرات صحافية لوزراء خارجية متأثرين..، هي ديباجة محفوظة ومكررة تتجه نحو غضب الشارع، نوع من البحث عن رضا مواقع التواصل الاجتماعي، لا أكثر.
في المقابل، تشكل اتفاقيات السلام مع دول الطوق بمستوياتها مسارا واضحا من التخلي والانعزال عن فلسطين وأكلافها، اتفاقيات لم تبدأ مع "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل، بقدر ما شكلت الاتفاقية تطورا لهذا المسار الذي بدأ مع اتفاقيات الهدنة 1949 بين دول الطوق، كل على حدة، بعد "النكبة"، لبنان، سورية، الأردن ومصر، مرورا باتفاقيات هزيمة حزيران 1967، ثم فصل القوات 1973، وصولا إلى مرحلتها المتطورة في اتفاقية "أوسلو" وما تلاها من اتفاقيات التطبيع.
ثمة مسار يتدرج منذ "قرار التقسيم" يصعد من دول الطوق نحو المنطقة العربية، آسيا والشمال الأفريقي. كان من المفترض أن تتحول "اتفاقيات الهدنة" إلى حدود دائمة وهذا تقريبا ما حدث، إقامة إسرائيل كان مشروعا غربيا بالأساس تولته بريطانيا، وما زالت، بينما ازدحمت بقية الدول الاستعمارية على مده بكل الأسباب التي تمنحه تفوقا مطلقا، بما في ذلك البرنامج النووي الذي كفلته فرنسا، قبل أن تتولى الولايات المتحدة المهمة.
هزيمة الـ67 كرست خطوط الهدنة كحدود دائمة، بحيث انطلقت كل المبادرات والقرارات الدولية منها وعلى أساسها، طاوية بذلك قرار التقسيم والقرار 181.
اتفاقيات فصل القوات كرست خطوط الـ67، وصولا إلى "السلام الإبراهيمي" الذي قفز عن الصراع والجغرافيا والخطوط، وشكل نوعا من المسار المعاكس للاتجاه الرئيس الذي كان يصعد من فلسطين إلى العالم العربي وعكس مساره تماما.
السياسات والبرامج التي بنيت على هذه الأوهام لن تذهب بعيدا منذ الآن، ما بعد "الإبادة" لن يشبه ما قبلها، وهذا يشمل البرامج والمواثيق بما فيها ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية الذي تأسس على فكرة التضامن ومركزية القضية الفلسطينية.
لم تعد الأشياء والمسلّمات كما كانت، لا في السياسة ولا في الثقافة، يمكن هنا استعارة مقولة الألماني "تيودو أدورنو" وتعميمها، "كتابة الشعر بعد أوشفيتس عمل بربري"، ومواصلة الحياة والكتابة والسياسة بعد الإبادة خيانة لجوهر الإنسانية.
هذه ليست دعوة، على الإطلاق، لفك ارتباط فلسطين بمحيطها العربي، أو اقتراحا بعزلها عن الإقليم، لكنها دعوة لقراءة برنامج المواجهة تحت الضوء الوحيد، الآن، ضوء الإبادة.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هم قالوا لا ننسى ولا نغفر ونحن نقول ننسى ونغفر . فمن الذين ينتصر!!
هم قالوا لا ننسى ولا نغفر ونحن نقول ننسى ونغفر . فمن الذين ينتصر!!

معا الاخبارية

timeمنذ 39 دقائق

  • معا الاخبارية

هم قالوا لا ننسى ولا نغفر ونحن نقول ننسى ونغفر . فمن الذين ينتصر!!

في أسوأ الاحتمالات ان تبقى حكومة نتانياهو ويبقى المتطرفون العنصريون في الحكم حتى موعد الانتخابات الإسرائيلية القادمة ، وهذا لا يغير في النتائج الاستراتيجية شيئا . ان مواصلة نتانياهو وشركاؤه المتطرفين التدمير والقتل في غزة وفي الضفة الغربية لسنة أخرى لن تجعل إسرائيل افضل ولا اقوى ولا اكثر امانا ولا اوسع قبولا ، وانما ستدفع إسرائيل لابتلاع نتيجة نهائية لم تكن ترغب في مواجهتها . والنتيجة هي ان حل القضية الفلسطينية لا يمكن ان يكون عسكريا ولا امنيا وانما حل عادل ومقبول سياسيا واخلاقيا ودوليا بحسب الشرعة الدولية . وكلما عاندت إسرائيل والمتطرفين الأمريكيين لهذه الفكرة كلما كان الامر موجعا أكثر. في أسوأ الاحتمالات ان الرئيس الأمريكي يواصل ضعفه الكامل واستباحته امام نتانياهو وجماعته ، وفي أسوأ الحالات انه مسلوب الإرادة وانكشف امام العالم كله انه ليس صاحب قرار سياسي رشيد وانما بات مهرجا حكواتيا تندرج قراراته في باب التسالي والطرائف امام رجال السياسة العميقة في العالم . وهذا سيؤدي لاحقا الى كوارث سياسية واقتصادية واخلاقية وحضارية على المشروع الأمريكي كله . قد لا تبدو النتائج التي ذكرناها واضحة الان بسبب قسوة المشهد ، وقد يبدو ان الامر يطول كثيرا . لكن الحقيقة التاريخية الثابتة ان العالم فقد توازنه وان التطرف يبرهن من خلال تاريخ مئات السنين الماضية انه لم يساهم في بناء قوة حضارات بل ساهم في تدميرها . وتجارب الشعوب والأمم تشهد على ذلك . في أسوأ الاحتمالات ان الأنظمة العربية ضعيفة ومستضعفة ، وان الشعوب العربية فقدت الرشد السياسي ، وان النخب العربية خضعت طوال عشرات السنين للقمع والسيطرة والتهجير ، وكانت خطة معدة سلفا لمنع علماء الاجتماع العرب ( وظيفتهم البحث عن حلول لمشاكل المجتمعات العربية ) من التفكير وتوظيفهم في منظمات غير حكومية للسيطرة على أفكارهم او توظيفهم في وظائف خدماتية رخيصة لإحباطهم . لكن التقدم التكنولوجية والتواصل الاجتماع عاد مرة أخرى ليسمح بحرية التفاعل والتأثير ما خلق نخب راقية مؤثرة جديدة قادرة على التغيير بسهولة وعرض الأفكار الضارية الجديدة والانفتاح وبأقل خسائر . اثبتت الحرب الأخيرة ان المجتمع الفلسطيني الصغير من اقوى واصلب المجتمعات العربية حفاظا على الهوية القومية والبحث عن التحرر . لا يزال المجتمع الفلسطيني يرى نفسه جزء لا يتجزأ من المجتمعات الإنسانية الحضارية في العلوم وفي العمل وفي البحث العلمي . يكتب العنصريون عبارة : لا ننسى ولا نغفر .. والمقصود انهم لا ينسون ولا يغفرون ما فعلت أوروبا والرجل الأبيض بهم . اما نحن فنعتبر ان النسيان نعمة ، وان الغفران صفة حسنة من صفات الله سبحانه وتعالى ، فننسى ونغفر ولا نبني دولة على الأحقاد بل على الامل والحرية والانعتاق من مفاهيم الإبادة والكراهية.

الصهيونية تعبّر عن نفسها بقتل الأطفال جوعا
الصهيونية تعبّر عن نفسها بقتل الأطفال جوعا

فلسطين أون لاين

timeمنذ 39 دقائق

  • فلسطين أون لاين

الصهيونية تعبّر عن نفسها بقتل الأطفال جوعا

بلغ عدد الشهداء الذين فقدوا حياتهم نتيجة التجويع الصهيوني الممنهج في قطاع غزة 159، بينهم 90 طفلا، بينما تهدد المجاعة أكثر من مليوني إنسان، بينهم 40 ألف رضيع مهددون بالموت الفوري، و60 ألف سيدة حامل، وهؤلاء يُسائلون الإنسانية جمعاء، والعرب والمسلمين على وجه الخصوص: أين هم من هذه الجريمة التي تجاوزت كل حد، ولم تعد الكلمات قادرة على وصف بشاعتها؟ ولعل النموذج الذي أستهل به هذه المادة يُفسر، ولا يُبرر، موقف الولايات المتحدة الأميركية من فكرة استخدام الغذاء والدواء كأداة للحرب، فالولايات المتحدة في النهاية هي شريان الحياة الوحيد لدولة الاحتلال، وهي الغطاء السياسي والمالي والعسكري لجيشه الوحشي في كل ممارساته، بما في ذلك التجويع. إبان الحرب الأهلية الأميركية من 1861 إلى 1865، أقر الرئيس أبراهام لينكولن مبدأ "ليبر" (Lieber Code) الذي يجعل من المشروع للجيش الأميركي "تجويع العدو، سواء كان مسلحا أو غير مسلح"، حسب المادة 17 منه [It is lawful to starve the hostile belligerent, armed or unarmed]. ولم تتراجع أميركا عن هذه السياسة إلا بعد أكثر من 150 عاما على هذا التشريع اللاإنساني. ولم تكن بريطانيا أقل وحشية في أحداث المجاعة الأيرلندية الكبرى (1845-1852) التي أودت بحياة أكثر من مليون شخص ودفعت مليونا آخرين إلى الهجرة. وكان الهدف واحدا: تسريع استسلام المقاومة وفرض الشروط الاستعمارية المُذلة، بعد انكسار المقاومين أمام مشاهد المدنيين والأطفال والمرضى وكبار السن، وهم يموتون جوعا جراء الحصار ومنع الغذاء والدواء. أمام مشهد الجوع الذي ينهش حرفيا أجساد الناس في غزة، يُطيح الاحتلال بكل الأطر القانونية والإنسانية والدولية التي جرّمت هذا الفعل، ونتساءل عن مصير وجدوى اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية، وعن اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر حرمان المدنيين من متطلبات حياتهم، وعن البروتوكول الأول لعام 1977 الذي يحظر التجويع خلال الحروب، وعن أحكام القانون الدولي العرفي، وقرار مجلس الأمن 2417 الذي يُدين استخدام تجويع المدنيين كسلاح حرب، وعن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 الذي يُعدّ التجويع جريمة حرب. يريد الاحتلال وداعموه، بالأخص الولايات المتحدة، من خلال هذا المشهد الوحشي، هندسة جديدة للوعي الجمعي الفلسطيني، والعربي المحيط بفلسطين تحديدا، وتكريس معادلة تقول: على الجميع الرضوخ والاستسلام، وإلا فإن القوة القاهرة التي استُخدمت في غزة، والضربات التي طالت داعميها، ستكون غدا في ديار من يفكر بالوقوف أمام "ما يُسمى دولة الاحتلال". الكيان الصهيوني يعرف جيدا أن كل أدوات تنظيف الكون لا تستطيع غسل عاره المتراكم منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، ولم يكن ليصل إلى خوض حرب التجويع والحصار لو أنه نجح خلال أكثر من 660 يوما في كسر المقاومة أو تركيع المقاومين، أو لو أنه نجح في تحرير أسراه بالقوة، أو كسر إرادة المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة. لكنه، بعد هذا العجز، ذهب إلى أسوأ ما يمكن أن يصل إليه الفكر الإجرامي المتجرد من كل القيم الإنسانية. مشكلة الاحتلال وداعميه أنهم حتى الآن لم يستطيعوا قراءة النفس العربية المسلمة، ولا فهم طريقة تعاملها مع الأزمات، وموقفها من الاستسلام، وعزتها، وقيمة الكرامة عندها. وما زال مفكرو الاحتلال أعجز من أن يُدركوا معنى الانتماء للوطن.. وسيبقون كذلك. وهنا أكرر أبيات الشعر التي قالها الشهيد القائد محمد الضيف في تسجيله المصور: كما أنت هنا، مزروعٌ أنا ولي في هذه الأرض آلافُ البُذور ومهما حاوَل الطُغاةُ قلعَنَا ستنبتُ البذور

مبعوث ترامب: لا يوجد "مجاعة في غزة" والخطة صفقة أسرى شاملة
مبعوث ترامب: لا يوجد "مجاعة في غزة" والخطة صفقة أسرى شاملة

معا الاخبارية

timeمنذ 40 دقائق

  • معا الاخبارية

مبعوث ترامب: لا يوجد "مجاعة في غزة" والخطة صفقة أسرى شاملة

القدس- معا- التقى المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، عائلات الاسرى الإسرائيليين لمدة ساعتين تقريبًا، وقال إن "غالبية الجمهور الإسرائيلي تريد عودة الرهائن إلى ديارهم، وغالبية سكان غزة يريدون عودتهم، لأنهم يريدون استعادة القطاع". وأضاف: "لن يكون لدى حماس أي سبب لعدم الجلوس للمفاوضات. يتحدثون عن المجاعة، ولا وجود للمجاعة". وأضاف ويتكوف أن "الخطة ليست توسيع نطاق الحرب، بل إنهاؤها. نعتقد أنه يجب تغيير مسار المفاوضات إلى الكل أو لا شيء". وزعم ويتكوف أن حركة حماس وافقت على نزع سلاحها ونتنياهو مُلزم بإنهاء الحرب، الخطة هي إعادتهم جميعًا في صفقة واحدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store