غلطة ماركس الكبرى: عدم التنبؤ بمرحلة الخصخصة
مع تطور القطاعين العام والخاص أضطرت معظم الدول إلى تضمين تشريعاتها ودساتيرها مواد تنظم حق الإضراب، الذي يُعرّف بأنه توقف جماعي عن العمل دعمًا للمطالب المهنية، وذلك بحماية القانون. وعادةً يختار المشرّع عدم الإفراط في تنظيم هذا الحق، ليتيح للموظفين حرية واسعة في ممارسته في القطاعين العام والخاص على الرغم من الاختلافات بين هذين النظامين.
هذا في الغرب وليس عندنا طبعا. فبعكس ما تبيّنه دساتير الدول الغربية، لا تتضمن دساتير الدول العربية -ومنها بلادنا - نصوصا واضحة تنظم العلاقة بين الموظف وربّ العمل في القطاع الخاص. وفي الغالب ليس هناك في بلادنا رقابة على عقود العمل في القطاع الخاص الذي أصبح اليوم ينافس بشكل كبير القطاع العام في كثير من المجالات، كالتعليم والصحة وربما قريبا الكهرباء والمياه.
ولهذا لم نسمع خلال السنوات القليلة الماضية عن أي إضراب في مدارس أو جامعات أو مستشفيات القطاع الخاص، بعكس ما حدث ويحدث اليوم في مدارس وجامعات القطاع العام. وهذا لا يعني بالطبع أن مؤسسات القطاع الخاص في بلادنا تمنح موظفيها رواتب مجزية. بل ربما يكون العكس هو الواقع. لكن في ظل غياب نصوص واضحة تنظم العلاقة بين موظف القطاع الخاص وربّ العمل، وفي ظل ارتفاع العمالة وتكدس الخريجين، يستطيع رب العمل في بلادنا أن يفرض شروطه بسهولة على الموظفين. ولهذا تغيب الإضرابات في مؤسسات القطاع الخاص في بلادنا.
ونلاحظ اليوم أن مؤسسات القطاع الخاص اليوم في بلادنا تضاعف بشكل مستمر الرسوم مقابل الخدمات التي تقدمها، وذلك مع زيادة الطلب عليها. فكثير من العائلات باتت تفضل إلحاق أبنائها بالمدارس والجامعات الخاصة في ظل التوقف المستمر (الإضراب) في المدارس والجامعات الحكومية. وكذلك الحال بالنسبة للمستشفيات الخاصة التي يضطر كثير من المرضى للتوجّه إليها لتجنب السفر للخارج أو المرمطة في المستشفيات الحكومية التي تفتقد للمعقمات وأبسط الأجهزة اللازمة. وهذا أدى إلى ارتفاع عدد المؤسسات التعليمية والصحية الخاصة.
وإذا كان بإمكاننا تبرير ما تمر به مؤسسات القطاع العام من تراجع وتوقفها عن الارتقاء بمستواها بالأزمة المالية التي تمر بها البلاد بشكل عام، فعلينا كذلك التذكير بأن أحد المبادئ الاقتصادية التي أفرزتها العولمة يتجسد في تقليص ثم إيقاف الدعم الحكومي على القطاعات الخدمية - لاسيما التعليم العالي والصحة- وتكليف القطاع الخاص بتقديمها للمواطنين بمقابل.
والمشكلة الحقيقية تكمن في أن معظمنا في هذه البلاد أصبح يعيش تحت خط الفقر، ولا يجد حتى ما يضمن به ما يسد به جوعه، فما بالك بقيمة الدواء والعلاج في المستشفيات الخاصة، وبرسوم المدارس أو الجامعات الخاصة.
وبعد أن وقعنا في هذه البلاد في فخ القضاء على القطاع الخاص أصبحنا اليوم فريسة القطاع الخاص وخصخصة الخدمات، وبعد أن كنا نفتخر بدحر الأمية أصبحت كثير من أسرنا غير قادرة على إلحاق أبنائها بالمدارس ناهيك عن الجامعات. وهناك كثير منا يعانون اليوم من فقر الدم وسوء التغذية.
وأتساءل: كيف لفيلسوف كبير مثل ماركس، الذي خدّرنا بتبشيره بقرب خروجنا من مرحلة الرأسمالية ودخولنا مرحلة المشاعية والملكية العامة لوسائل الإنتاج، أن يقع في هذا الخطأ الكبير ولم يتنبأ بهبوطنا السريع جدا في مرحلة الخصخصة. ومع ذلك أملنا في لطف الله كبير. ولماذا لا، رددوا معي: تخفيض الرواتب واجب!!
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 3 ساعات
- اليمن الآن
صلاح بن لغبر يفتح النار على المسؤولين الفاسدين
فتح الصحفي صلاح بن لغبر النار على المسؤولين الفاسدين، إذ قال في منشور على صفحته في الفيسبوك:" إلى كل مسؤول.. إلى كل قيادي: إذا مددت يدك لريالٍ واحد من المال العام من خارج راتبك ومستحقاتك سواء كان من جبايات أو من ممتلكات الدولة أو الناس…فأنت سارق. تطعم أولادك الحرام، وتبني بيتًا من حرام، وستُسأل عنه أمام الله". واضاف: روإذا اغتصبت شبرًا من أرض—سواء كانت لمواطن بسيط أو للدولة أو حتى 'لشمالي'—فأنت مجرد لص، وسيكون ذلك الشبر طوقًا في رقبتك يوم القيامة". وأكد أنه "إن بنيت الفلل، واشتريت البيوت داخل البلاد وخارجها من مالٍ ليس لك… فلا تبحث عن أي مبرر أنت ببساطة: فاسد وسارق". وخاطبه بقوله: "فقل لي: كيف ستقف أمام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون؟ كيف ستترك أبناءك ينشؤون على مال مسروق ويعيشون في بيتٍ بُني على الحرام؟ وإن كنت تفعل كل هذا وأنت جنوبي نرفع علم الجنوب. فأنت لست مجرد سارق بل خائن لدماء الشهداء، خائن للوطن، خائن للقضية ولثقة الشعب والناس مهما كان موقعك وكانت صفتك".. واختتم بقوله :"اسرق عزيزي بس واجه الحقيقة انت سارق .. لص .. فاسد .. خاين للأمانة".


يمنات الأخباري
منذ 11 ساعات
- يمنات الأخباري
عُهرٌ سياسيٌ بذاكرةٍ مثقوبة.. من الذي لم يَفعل..!
د. عامر الكريمي لـ'أصحاب الذاكرة المثقوبة' تحالف مكون أنصار الله مع أغلب المكونات السياسية والقبلية والعسكرية اليمنية، واستطاعت الجماعة بذكاء أن تلعب على المتناقضات، مستفيدة من تلك التحالفات اللحظية لتحقيق أهدافها، حتى وصلت إلى السلطة. لقد تحالفت الجماعة مع الحراك الجنوبي قبل عام 2011، وسمع الجميع عن الدعم الإيراني لقيادات بارزة في الحراك، قبل أن يتشظى لاحقًا ويُستقطب إقليميًا. تحالفت الجماعة مع الإصلاح والقوى القبلية والعسكرية، وانخرطت معهم في إسقاط نظام صالح، ثم انخرطت في تحالف مع حزب صالح نفسه للقضاء على خصومهم من الإصلاح والقبائل والعسكر؛ ثم ما لبثت أن قضت عليهم، كما قضت على غيرهم. تحالفت الجماعة مع اليسار، وجاءتهم من الباب الذي يحبونه: الحقوق، المظالم، دعم المجتمعات المسحوقة، والعدالة الاجتماعية، وغيرها من المبادئ اليسارية، ووجّهت جهودهم في إطار يخدم أجندتها، ثم تجاوزتهم لاحقًا وهمّشتهم، كما تجاوزت من قبلهم. تحالفت أيضًا مع مكون 'المهمشين'، وما أطلقت عليهم 'أحفاد بلال'، واختارت منهم 'القيرعي' عضوًا في ما سُمِّي باللجنة الثورية لقيادة البلاد، وكان تحالفًا مرحليًا أيضًا. بل واستطاعت أن تلعب بذكاء سياسي مع القوى الإقليمية والخارجية، بما فيها الخليج، الذين تعاملت معهم أحيانًا كخصوم، وأحيانًا كأوراق لتحقيق أهدافها. ومنذ ذلك الحين، بدأت بعض تلك المكونات – التي شعرت بالتهميش – وبدعم وتمويل خليجي، بتشكيل ما يُعرف اليوم بفصائل 'الشرعية'، وبدأت بعض المكونات المستهلكة بالالتحاق بها، وهنا بدأت الغيرة، وبدأت بورصة المزايدات، والعوراء تهاجم الدَّوعى، أو كما قال القاضي قطران: 'في النار وبيتحاقروا'. حينما يعاير الغارق من بلل قدميه! مؤخرًا، ظهرت قضية الزايدي، الذي اعتزل العمل السياسي قبل عشر سنوات، لكن للأسف خرجت كتائب الذباب الموجهة تنبش ماضيه وتحالفه مع الجماعة، وهو لا يختلف عن ماضيهم، لا لشيء إلا لتسجيل موقف نصر متوهم، ولإخافة زملائهم 'السابقين' من التفكير في الانضمام، أو الحياد، أو حتى الهدوء، خشية أن ينافسوهم على ريع الارتزاق، كما وصف ذلك النائب الحر أحمد سيف حاشد في منشور له من القاهرة، مؤكدًا ومطمئنًا لهم: 'أنا لست في هذا الوادي، ولا أرغب فيه… تطمّنوا'. قبلها، شُنَّت حملة لا تقل وقاحة وضراوة على القاضي النبيل عبدالوهاب قطران، فقط لأنه قرر قضاء إجازة العيد في عدن؛ فهاجموه وحرّضوا ضده، ونادت 'حمالة الحطب' (ناشطة ممولة) بتصفيته هو وأسرته، بحجج وقعوا فيها هم أنفسهم من قبل مع الجماعة، وبشكل أكبر وأعمق. وقد طمأنهم حينها بأن زيارته 'عيدية'، وأنه عائد إلى صنعاء، فهدأت أعصابهم قليلًا. كلهم وقعوا في الفخ… فمن يملك شرف المزايدة؟ المثير أن كثيرًا من رموز الشرعية الحالية هم أنفسهم من كانوا متحالفين مع الجماعة، ومن اعتبروا سقوط البلاد عام 2011 نصرًا للثورة، وهم الذين أيدوا سقوط عمران بيد الجماعة باعتباره خطوة في استعادة الدولة. • حميد الأحمر – مارس 2011 اعتبر النائب الإخواني حميد الأحمر أن سيطرة الجماعة على صعدة في مارس 2011 'انتصارًا للثورة الشبابية'، واصفًا الحدث بأنه 'عودة للأهل'، وأنهم جزء وشريك أساسي في الثورة. • عبدربه منصور هادي – يوليو 2014 بعد دخول الجماعة عمران، زارها وأعلن أن عمران 'عادت إلى حضن الدولة'، معتبرًا ذلك ضمانًا لاستقرار اليمن، وإعلامًا بأن الدولة ستعود إلى ما كانت عليه. • صادق بن عبدالله الأحمر – أبريل 2011 'نحن – إصلاح، حوثيون، اشتراكيون، مستقلون – جسد واحد ضد الفساد، كلنا ثوار'، بلسان تجمع مشترك مع الجماعة في ساحات الثورة. • عبدالمجيد الزنداني – مايو 2011 تحدث في مؤتمر مشترك واقترح حلًا فقهيًا لتصحيح وضع الجماعة، معتبرًا الخُمس جزءًا من حل مشكلات الهاشمية في صعدة، كما في معتقد جماعته. • الرئيس علي عبدالله صالح – قبل 2014 صرّح بأن الجماعة 'جزء من الشعب اليمني'، وأنه يتعاون مع من يحارب الفساد، مهددًا بـ'إنهاء التحالفات العقيمة'، وكان ذلك جزءًا من مناورة لتحويل الموقف السياسي لصالحه في تلك المرحلة.


اليمن الآن
منذ 12 ساعات
- اليمن الآن
اعتقال المحامي ميثاق الحيدري في صنعاء.. انتقام أم قضية جنائية؟
كشفت مصادر محلية في العاصمة اليمنية صنعاء عن اعتقال المحامي والشيخ ميثاق الحيدري ، في إطار عملية اعتقالات تستهدف شخصيات بارزة، وسط اتهامات بتورط جهات أمنية وقضائية في تسيير الاعتقالات لأغراض انتقامية. ووفقاً للمصادر، فإن الاعتقال جاء بإيعاز مباشر من فارس الحباري ، أحد الشخصيات المتنفذة في العاصمة صنعاء، وليس له صلة بملف التحقيق في مقتل الشيخ صالح حنتوس رحمه الله، كما كان يُشاع سابقاً. الخلفية التاريخية للصراع بين بيت الحيدري وفارس الحباري يعود سبب الاعتقال، بحسب المصادر، إلى خلافات وخصومات قديمة بين عائلة الحيدري وفارس الحباري، حيث تقدم المحامي علي الحيدري (شقيق ميثاق) في مطلع عام 2020 بشكوى جنائية ضد عصابة إجرامية يُزعم أن الحباري يتزعمها، بعد أن قامت بمهاجمة منزل العائلة في صنعاء وإطلاق النار عليه، مما أدى إلى إصابة علي الحيدري. وتصاعدت الأحداث لاحقاً بمقتل مهيب الحكمي (من أرحب) على يد قوات الأمن أثناء مواجهته لهم، وذلك بعدما حاول الاعتداء على بيت الحيدري في نزاع على أرض مملوكة لـ شاهر عبد الحق ، اشتراها بيت الحيدري من بيت الحكمي. القضية نفسها التي سُجن فيها الشيخ علي الضبيبي وأشارت المصادر إلى أن هذه القضية هي ذاتها التي سُجن على إثرها الشيخ علي الضبيبي ، قبل أن يتم الإفراج عنه في أغسطس 2020 . ترحيل ميثاق الحيدري إلى ريمة.. هل الهدف التعذيب؟ وأكدت المصادر أن الاعتقال لم يكن متعلقاً بقضية مقتل حنتوس فحسب، بل كان انتقاماً شخصياً من فارس الحباري ، حيث تم ترحيل ميثاق الحيدري من أمانة العاصمة إلى محافظة ريمة ، في خطوة يُعتقد أنها تهدف إلى تسهيل عملية التعذيب والانتقام بعيداً عن الرقابة. تداعيات الاعتقال وتأثيرها على الأوضاع الأمنية يأتي هذا الاعتقال في سياق تصاعد التوترات الأمنية في صنعاء، وسط اتهامات متبادلة بين العائلات والقبائل المتنفذة، فيما يبدو أن بعض الجهات الأمنية تُستخدم كأداة لتصفية الحسابات الشخصية. ويطالب نشطاء وحقوقيون بتحقيق مستقل في ظروف الاعتقال، وإطلاق سراح ميثاق الحيدري إذا لم تكن هناك أدلة جنائية ضده، في وقت تُواجه فيه السلطات انتقادات بسبب تزايد حالات الاعتقال التعسفي والانتهاكات بحق المعارضين أو الخصوم الشخصيين.