logo
لمرتين، اصطفت لخير السوريين نجوم العالم، فهل تصطفّ نجوم في ما بينهم؟

لمرتين، اصطفت لخير السوريين نجوم العالم، فهل تصطفّ نجوم في ما بينهم؟

النهارمنذ 7 ساعات

إبان زيارة زبيغنيو بريجنسكي، مستشار الأمن القومي الأميركي في عهد جيمي كارتر، سوريا في عام 2007، قال ما معناه: "جئت إلى سوريا لأستكشف كيف وازنت على مر القرون بين حضارات نهرية قوية على جانبيها، واستطاعت، بفضل ثقافة أهلها، أن تُصَدر للعالم خمسة وعشرين نبياً أو أكثر" (على ذمته) . فقوة بلاد الشام هي في أهلها وثقافتهم وفي ما يصفه تاريخ الديبلوماسية بأنها بلاد تصعب إدارتها لـ"فقر مواردها الطبيعية" و"لأن شعبها نمرود بالفطرة". فلأكثر من ثلاثين قرناً، كلما ضعفت سوريا وتفككت، تحولت إلى ساحة دامية لصراع الأقوياء.
وهكذا، وبعد التحولات في واشنطن، وفي ليلة ليلاء، تفاقمت المخاوف الغربية من إعادة تفويض روسيا، من جديد، إدارة حراك الإقليم لتعود وسيط القوة المهيمن بين إسرائيل وتركيا، وإيران، والعرب والنظام، والمعارضة... إلخ.
في تلك الليلة، تلاقت النجوم الأميركية والبريطانية والتركية والفرنسية والإسرائيلية على تسهيل سيناريو إسقاط عائلة الأسد على يد "هيئة تحرير الشام"، وهكذا كان السقوط المدوي، وكانت الفرحة العظمى للشعب السوري.
بالنسبة إلى سوريا وشعبها، كانت الفرحة الكبرى لكنها لم تكن تلك إلا بداية للخروج من قعر الجورة السحيقة الزاخرة بالمطبات القاتلة.
بعد السقوط، كانت العقوبات الغربية التي تخنق البلاد أهم المطبات القاتلة، بعضها بسبب الإرهاب، أو بسبب لبنان، لكن أثقلها – قانون قيصر- المرتبط بالقمع الوحشي للثورة السورية، وأكثرها دقة وقسوة تلك المرتبطة بـ "داعش" و"القاعدة".
لكن، في زمن تتصادم فيه الطبقات العميقة للمشهد الجيو-استراتيجي، توقع الباحثون أن يطول أمر رفع العقوبات إلى أن يستتب التقاسم الوظيفي بين أعمدة الاستراتيجية للإقليم. لكن النجوم سرعان ما عادت لتصطف لخير سوريا من جديد.
بهندسة بارعة، نجحت توصية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فاختار ترامب دعم مسار التنمية والاستقرار الذي تتزعمه دول الخليج في الإقليم، بدل الاكتفاء بالانصياع لما تريده إسرائيل، فقرر رفع العقوبات والتقى أحمد الشرع، وانقلب ظهر المجن في وجه العديد من القوى الدولية والإقليمية.
وهكذا، مرقت سوريا من مقطعين هائلين، ورغم الوعورة الهائلة للطريق القادمة أمام السوريين، انفتح أمامهم باب المستقبل.
لكن الأصعب والأخطر لا يزال أمامهم! فما تحقق في الإقليم لم ينضج بعد، بل إنه موضع صراع كبير. ذلك أن ثمة أخطاراً كبيرة تقرع الباب من الخارج: لا يزال الإقليم غير مستقر وقيد التشكل. ولا تزال العديد من القوى غير موافقة على خيارات ترامب الجديدة، ولا نرى أنها ستنصاع ببساطة لواشنطن ولندن. إنها غير مرتاحة إلى التوزيع الراهن لخريطة الإقليم، ولا إلى خيارات ترامب.
وتتلاقى هذه القوى في أهدافها مع أهداف القوى الجهادية والطائفية.
ثم، من يسيطر على سوريا يشكل بلاد الشام بأسرها، والعرب هم البعد الاستراتيجي الطبيعي لسوريا بحدودها الطبيعية، من دون منازع. لذلك، من منطق السلم الإقليمي، لا بدّ من أن يسيطر الشعب السوري وحده على أرضه.
فحكومة إسرائيل غير سعيدة بوجود شركاء آخرين لواشنطن في المنطقة. ويصعب عليها حرمانها من العودة إلى تسيُّدها العسكري في الإقليم وفي سوريا. ويصعب عليها أن تضعف قدرتها على دفع سوريا نحو الانهيار والتفتت الطائفي. فرغم نفي نتنياهو خلافه مع ترامب، تستمر حكومته في الواقع في العمل على تكريس تسيُّدها عبر ما تسميه بعض الجهات البحثية بـ"السلم الإسرائيلي" ((Pax Israelica ، وإبقاء المنطقة "على أسنة الرماح".
في المقابل، تتطلع القوى الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، نحو مستقبل سوريا، كدولة لا مركزية موحدة مسالمة ومنضبطة بعيداً عن الميليشيات الإسلامية. دولة تنخرط في الوقت المناسب في منظومة السلام الإقليمي التي تشكل اتفاقات أبراهام عنصراً مهماً فيها.
أما روسيا التي فقدت العديد من روافع استراتيجيتها في الإقليم، فتبدو عملياً مترددة فاقدة للمبادرة، بما يعطي الانطباع بأنها تفضل انتظار ظروف أكثر مواءمة.
في المقابل، تجري معركة حامية في طهران حول جدوى مليارات الدولارات التي أنفقت على أذرعها، دعماً لدرعها القومي، ليتم شطبها بشكل مشين في ساعات.
لذلك أدعي أن ثمة أخطاراً هائلة، ما لم تصطف نجوم السوريين مع بعضها بعضاً. وهذه الأخطار هي:
• أخطار في افتراض وجود خيمة أميركية أوروبية عربية فوق سوريا تسمح بفرض منطق الدولة المركزية الرئاسية المفرطة والاستغناء عن الحاجة للتفاوض مع المكونات حول سوريا اللامركزية.
• أخطار وهم القوة، والاعتقاد بإمكان فرض إعلان دستوري مفرط في المركزية، من دون تفاوض ولا توافق طوعي على شكل الدولة.
• أخطار كبرى من غياب تنفيذ العدالة الانتقالية وترك "أولياء الدم" ينتقمون بغريزتهم الطائفية، وعدم معالجة الانتهاكات الفادحة التي تجري "تحت الرادار"، اعتقاداً بأن العالم لا يرى وبأن الأمور لن تنفجر.
• أخطار تنبع من الحاجة لتحديد عقيدة وطنية جامعة حيادية للجيش السوري كجيش وطني لكل البلاد يحمي الديموقراطية والوحدة الوطنية والتعددية.
• أخطار بقاء الفصائل والجيوش الأجنبية على الأرض. ليصبح المطلب الجوهري هو انسحاب كل القوات الأجنبية من البلاد.
• أخطار التقصير في تجريم الخطاب الطائفي والتخوين المنتشر في كل المنابر ولدى كل أطراف الصراع، إذ ثمة أخطار من كل الدعوات إلى تقسيم البلاد أو إلى التدخل الأجنبي.
إنه السهل الممتنع.
إنه السهل إن استقوى السوريون ببعضهم بعضاً وتمسكوا بالروح الديموقراطية العارمة التي أججت الثورة وحاصرت الأسد في كل المدن. عندها تفلت سوريا من أن تكون رهينة للصراعات الدولية.
إنه الممتنع إن ذهب السوريون إلى خطابات التكفير والكراهية والانتقام والاستنصار بالخارج.
فتحصين البلاد من الأخطار الخارجية مناط بالسوريين أولاً وأخيراً، والديموقراطية، حتى إن تحققت، والمواطنة، حتى لو صارت، لن تحلا مشكلة المكونات، وإلا لما كانت ثمة اسكوتلندا في بريطانيا، ولا كيبيك في كندا، ولا ولايات متحدة أصلاً. بل لابد من بلد سيد يرفض التخوين والانتقام ويكرس التحالف الاستراتيجي مع حاضنته العربية أولاً وأخيراً.
وكما أشار وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، فإن "هذه التجربة الماثلة في منح فرصة للحكومة السورية الراهنة قد تنجح، وقد لا تنجح، ولكن استمرار العقوبات سيدفع التجربة السورية إلى الفشل حتما".
وما لم يتحقق اصطفاف السوريين على محور الحوار والتوافق ستنفجر الأخطار الجاثمة. على السوريين أن لا يفَلتوا هذه الفرصة. فالنجوم لا تبقى على اصطفافها الجميل، لتنقذ السوريين كل مرة، بخاصة حين تكون الصراعات في ما بينهم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أميركا تعين مايكل أنطون ليقود المحادثات الفنية مع إيران
أميركا تعين مايكل أنطون ليقود المحادثات الفنية مع إيران

الجمهورية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجمهورية

أميركا تعين مايكل أنطون ليقود المحادثات الفنية مع إيران

عينت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المسؤول الكبير في وزارة الخارجية مايكل أنطون لقيادة الفريق الفني الأميركي، قبل يومين من المحادثات الفنية المرتقبة السبت في عمان بين إيران والولايات المتحدة. فقد كشف مسؤولون أميركيون اليوم الخميس أن أنطون سيرأس الوفد الفني في مباحثات السبت، وفق ما نقلت صحيفة "بوليتيكو. لاسيما أن أنطون، مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأميركية، يقود فريقاً مكوناً من نحو اثني عشر شخصاً، معظمهم من المسؤولين المحترفين من مختلف أنحاء الحكومة، لوضع تفاصيل اتفاق من شأنه أن يفرض قيوداً كبيرة على البرنامج النووي الإيراني في مقابل تخفيف العقوبات. وكان هذا المسؤول الإداري ذو النفوذ المتزايد، عمل في مجلس الأمن القومي خلال إدارة ترامب الأولى، ثم عمل زميلًا في معهد كليرمونت المحافظ. إلا أنه لم يعلن أي موقف علني بشأن الملف الإيراني، الذي لطالما أثار جدلًا حادًا ومثيرًا للانقسام في واشنطن. فيما اعتبره مسؤول في الإدارة الأميركية أنه الرجل الأمثل لهذا المنصب نظرًا لخبرته وفطنته. وأضاف أن "الأهم من ذلك أنه سيضمن تنفيذ أجندة ترامب في هذا الملف". وكان وزير الخارجية ماركو روبيو أعلن في مقابلة مع صحيفة فري برس أمس أن واشنطن تسعى إلى التوصل إلى ترتيب يسمح لإيران باستيراد وقود اليورانيوم المخصب من الخارج، حتى تتمكن من امتلاك برنامج نووي مدني. فيما تحدث مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، سابقا عن احتمال السماح لطهران بنسبة تخصيب تبلغ 3،67، وهي النسبة التي كان الاتفاق النووي لعام 2015 نص عليها.

"مكالمة لم تكتمل".. ترامب يحرج عضوي كونغرس (فيديو)
"مكالمة لم تكتمل".. ترامب يحرج عضوي كونغرس (فيديو)

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ ساعة واحدة

  • القناة الثالثة والعشرون

"مكالمة لم تكتمل".. ترامب يحرج عضوي كونغرس (فيديو)

تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في المكتب البيضاوي، وورود اتصالين هاتفيين على جواله، وكيف تعامل معهما، وفق شبكة "سي إن إن". ويكشف ترامب في مقطع الفيديو المتداول أن الاتصالين وردا من عضوين من الكونغرس، يريدان تهنئته، قبل أن يغلق الجوال رافضا الاتصال. وكتب أحد المدونين: "لا يُمكن اختلاق هذا. ما إن انتقد ترامب شركة أبل لتصنيعها هواتف في الخارج، حتى بدأ هاتفه يرن ويصدر صوت أزيز. ثم بدا وكأنه يُمرر إصبعه للرد على المكالمة بشكل خاطئ قبل أن يُغلقها، قائلاً إنه عضو في الكونغرس. احمرّ وجهه بسرعة لدرجة أنني أتساءل من هو هذا العضو حقًا". وجاء مقطع الفيديو المتداول على هامش توقيع ترامب عددا من الأوامر الرئاسية التنفيذية، الجمعة، بحضور عدد من المسؤولين والشخصيات، بينهم وزير الدفاع بيت هيغسيث. وكان الرئيس الأمريكي وقع عددا من الأوامر الرئاسية التنفيذية، بينها أمر بإصلاح هيئة التنظيم النووي الأمريكية، وإصلاح اختبار المفاعلات النووية في وزارة الطاقة، وتنشيط القاعدة الصناعية النووية. يذكر أن هذه الأنباء تأتي بعد أيام قليلة على الضجة التي أثارها ترامب بأسلوب استقباله رئيس جنوب أفريقيا والوفد المرافق له، عارضا عليهم لقطات بمقطع فيديو يحمل مزاعم "إبادة جماعية"، الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

ترامب يوقع أوامر تنفيذية في مجال الطاقة النووية
ترامب يوقع أوامر تنفيذية في مجال الطاقة النووية

IM Lebanon

timeمنذ 2 ساعات

  • IM Lebanon

ترامب يوقع أوامر تنفيذية في مجال الطاقة النووية

وقع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الجمعة، عدة أوامر تنفيذية بهدف تعزيز إنتاج الطاقة النووية في الولايات المتحدة. وأمر ترامب اللجنة التنظيمية النووية المستقلة في البلاد، بتقليص اللوائح التنظيمية، وتسريع إصدار التراخيص الجديدة للمفاعلات ومحطات الطاقة، سعيا لتقليص الفترة الزمنية لعملية تستغرق عدة سنوات إلى 18 شهرا. جاء ذلك ضمن مجموعة أوامر تنفيذية وقعها ترامب، الجمعة، لدعم إنتاج الطاقة النووية وسط طفرة في الطلب من مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي. ووقع الرئيس الأميركي، 4 أوامر تنفيذية تهدف، بحسب مستشاره، إلى إطلاق 'نهضة' في الطاقة النووية المدنية في الولايات المتحدة، مع طموح بزيادة إنتاجها أربع مرات خلال السنوات الـ25 المقبلة. ويريد الرئيس الأميركي الذي وعد بإجراءات 'سريعة للغاية وآمنة للغاية'، ألا تتجاوز مدة دراسة طلب بناء مفاعل نووي جديد 18 شهرا، ويعتزم إصلاح هيئة التنظيم النووي، مع تعزيز استخراج اليورانيوم وتخصيبه. وصرح ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي: 'الآن هو وقت الطاقة النووية'، فيما قال وزير الداخلية دوغ بورغوم، إن التحدي هو 'إنتاج ما يكفي من الكهرباء للفوز في مبارزة الذكاء الاصطناعي مع الصين'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store