logo
تحت ظل الراية الهاشمية: مسيرة التعليم نحو التمكين والريادة الشاملة

تحت ظل الراية الهاشمية: مسيرة التعليم نحو التمكين والريادة الشاملة

عمونمنذ يوم واحد
من قرارات مجلس الوزراء الداعمة إلى أندية المعلمين كفضاءٍ تربوي متكامل
لطالما شكّل الاستثمار في الإنسان الأردني جوهر الرؤية الملكية السامية، التي ترى في التعليم والتمكين المعرفي أساس النهضة الوطنية الشاملة والمستدامة. وفي هذا السياق، يأتي المعلم الأردني، حامل هذه الرسالة النبيلة والمحرك الرئيس لمسيرة التنمية، ليحظى باهتمام ملكي متواصل يُترجم على أرض الواقع عبر سياسات وقرارات حكومية داعمة تهدف إلى رفع مكانته وتعزيز دوره المحوري.
إن الحكومة، إذ تستلهم رؤاها من التوجيهات الملكية، تضع قطاع التعليم على رأس سلم أولوياتها، وهو ما تجسد بوضوح في الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء التي خُصصت لمناقشة شؤون المعلمين وقطاع التربية.
وقد تمخضت هذه الجلسات عن حزمة من القرارات الاستراتيجية التي لا تقتصر على تحسين الظروف المعيشية للمعلم فحسب، بل تمتد لتشمل تمكينه مهنياً وتزويده بالأدوات اللازمة لمواكبة ثورة العصر المعرفية.
ومن أبرز هذه التوجهات، إقرار نظام مسار التطوير المهني، وتوسيع مظلة التأمين الصحي، وزيادة مقاعد مكرمة أبناء المعلمين، وتسهيل إجراءات الحصول على السلف الطارئة والقروض السكنية، بالإضافة إلى التوجه الجاد لتخصيص قطع أراضٍ للمعلمين، تأكيدًا على أن أمن المعلم الاجتماعي والاقتصادي هو أساس استقراره وإبداعه.
ويترافق هذا الدعم المباشر للمعلم مع ثورة حقيقية في بنية العملية التعليمية ذاتها،فقد شهد قطاع التعليم في الآونة الأخيرة نقلات نوعية، تمثلت في تحديث المناهج الدراسية لتنمية مهارات التفكير النقدي، والتحول المدروس نحو رقمنة التعليم.
فقد أصبحت المنصات التفاعلية، والمصادر الرقمية، وتدريب المعلمين على دمج التكنولوجيا في الغرفة الصفية، واقعًا ملموسًا يهدف إلى بناء جيل قادر على المنافسة عالميًا.
وفي قلب هذه المنظومة المتكاملة من الدعم والتطوير، تبرز أندية المعلمين المنتشرة في كافة محافظات المملكة، ليس فقط كمرافق خدمية، بل كفضاءٍ تربوي واجتماعي متكامل وتجسيد حيّ لفلسفة الدولة في رعاية المعلم.
فهذه الأندية، التي تحظى بدعم مباشر من وزارة التربية والتعليم وبإشراف من إدارة النشاطات التربوية، قد تطور دورها لتصبح امتدادًا حيويًا لبيئة التعلم الحديثة. إنها اليوم بيئة متكاملة تليق بمكانة المعلم، وتقدم له ولعائلته متنفسًا للتعلم والترفيه والتواصل المجتمعي من خلال حزمة واسعة من البرامج والأنشطة، أبرزها:-
***على صعيد التطوير المهني والأسري: تُعقد دورات تدريبية نوعية للمعلمين وأبنائهم في مجالات حيوية كـ اللغات، ومهارات الحاسوب، والتنمية الذاتية، استكمالًا لجهود الوزارة في التمكين المعرفي.
*على الصعيد الرياضي والصحي: تُنظّم بطولات رياضية مفتوحة في الألعاب الجماعية والفردية، وتُقدّم خدمات المسابح والصالات الرياضية النموذجية لدعم نمط حياة صحي ونشط.
على صعيد الأنشطة الشبابية: تُقام نوادٍ صيفية للأطفال واليافعين، تمزج بأسلوب مبتكر بين التعلم والمرح، مما يوفر بيئة آمنة ومحفزة لأبناء المعلمين خلال العطل المدرسية.
على الصعيد الثقافي والمجتمعي: تُنظّم رحلات وزيارات ثقافية وترفيهية داخل المملكة لتعزيز الانتماء الوطني، بالإضافة إلى إطلاق أنشطة مجتمعية تطوعية مفتوحة للمجتمع المحلي، مما يرّسخ دور النادي كجسر للتواصل والشراكة الفاعلة.
إن الدور المحوري الذي يؤديه مدراء هذه الأندية وهيئاتها الإدارية في التنسيق والتنفيذ يستحق كل الثناء، فهم يترجمون السياسات العليا إلى برامج وخدمات ملموسة تليق بالمنتسبين.
ختامًا، إن المسيرة التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله ورعاه، تضع التعليم والمعلم في صدارة المشهد الوطني. وما القرارات الحكومية الأخيرة، ومشاريع تحديث التعليم، والدور الحيوي والمتنامي لأندية المعلمين بتفاصيل برامجها، إلا فصولٌ متكاملة في قصة الأردن الذي يؤمن بأن بناء المستقبل يبدأ من الغرفة الصفية، وأن تمكين المعلم ودعمه هو أثمن استثمار في هذا المستقبل.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بين المشروع الصهيوني والمشروع الإيراني: تشابه في البنية واختلاف في الظاهر
بين المشروع الصهيوني والمشروع الإيراني: تشابه في البنية واختلاف في الظاهر

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 3 ساعات

  • سواليف احمد الزعبي

بين المشروع الصهيوني والمشروع الإيراني: تشابه في البنية واختلاف في الظاهر

بين #المشروع_الصهيوني و #المشروع_الإيراني: تشابه في البنية واختلاف في الظاهر د. #عبدالله_البركات يُلاحظ المتأمل في المشهد السياسي والديني في الشرق الأوسط تشابهًا لافتًا بين المشروع الصهيوني والمشروع الإيراني، رغم ما يبدو من تضاد في الشعارات والاصطفافات. فكلا المشروعين يتبنيان ثلاث طبقات متداخلة: قومية، ودينية طائفية، ودينية شاملة، تُستخدم كأدوات ناعمة وذكية لتوسيع النفوذ وتوجيه الخطاب بحسب الجمهور المستهدف. أولًا: الواجهة القومية في المشروع الإيراني، يظهر الوجه القومي بوضوح من خلال إحياء التراث الفارسي، والتمسك بالتقويم الإيراني، والترويج للغة الفارسية على حساب اللغة العربية، حتى في الأوساط الدينية. كما أن الإصرار الرسمي على تسمية الخليج بـ'الفارسي' بدلًا من 'العربي' أو حتى 'الإسلامي' يكشف عن أولوية القومية الفارسية في سلم أولويات الدولة، بما يناقض الخطاب الإسلامي الأممي الذي تتبناه نظريًا. أما في المشروع الصهيوني، فتتمثل القومية في تبني الهوية العبرية كمرتكز للانتماء، وإحياء اللغة العبرية التوراتية، مع تقديم التاريخ اليهودي القديم كأساس لشرعية الدولة الحديثة. ويتم دعم هذا التوجه بأدبيات صهيونية تؤكد على 'شعب الله المختار' وأرض الميعاد. ثانيًا: الوجه الديني الطائفي يحمل كل من المشروعين طابعًا دينيًا طائفيًا موجهًا لفئة معينة: • فإيران تركز على المرجعية الشيعية الاثني عشرية، مع دعم مباشر للمؤسسات الدينية التابعة لها في العراق ولبنان والبحرين واليمن. • بينما يحمل المشروع الصهيوني بُعدًا تلموديًا توراتيًا، يرتكز على نصوص دينية تُستخدم لتبرير التوسع والتهويد، وتُخاطب اليهود المتدينين من جهة، والمسيحيين الصهاينة (خصوصًا الإنجيليين في الولايات المتحدة) من جهة أخرى. ثالثًا: الوجه الديني الأشمل كلا المشروعين يسعيان لتوسيع نفوذهما خارج نطاق الطائفة أو القومية عبر واجهة دينية أكثر انفتاحًا: • إيران تُقدّم نفسها كـ'نصير للمستضعفين' في العالم الإسلامي، وتُحاول تصدير الثورة تحت لافتات إسلامية عامة، مما يسهل خطابها في الأوساط السنية رغم التناقضات العقائدية. • أما إسرائيل، فتحرص على الحفاظ على 'تحالف توراتي إنجيلي' يربطها بالمسيحيين الإنجيليين حول العالم، خاصة في الولايات المتحدة، وهو تحالف يتجاوز الانتماء اليهودي الداخلي نحو مشروع ديني-سياسي عابر للطوائف. رابعًا: نقطة الالتقاء… والعدو المشترك رغم التباينات الظاهرة، إلا أن كلا المشروعين يلتقيان في العداء الصريح أو الضمني للإسلام السني، باعتباره التيار الأوسع انتشارًا في العالم الإسلامي، والأكثر تعبيرًا عن مشروع حضاري بديل. ويظهر هذا في: • تحميل هذا التيار المسؤولية الحصرية عن ظواهر مثل القاعدة وداعش، مع تجاهل العوامل السياسية والاختراقات الاستخباراتية التي أسهمت في بروز هذه الحركات. • تجاهل المرجعيات السنية الكبرى في اللقاءات الدولية، كما في زيارة البابا فرنسيس للعراق عام 2021 حيث التقى المرجعية الشيعية ولم يُخصص أي لقاء مماثل للعلماء السنة. كذلك فإن القومية العربية تُعد عدوًا مشتركًا للمشروعين، إذ تشكل بُعدًا يوحّد شعوب المنطقة حول مفاهيم الاستقلال والوحدة ورفض التبعية، حتى وإن تراجعت كثيرًا في العقود الأخيرة بسبب التشرذم والاختراق الأيديولوجي. خامسًا: المصالح المتقاطعة وليست المتطابقة يُلاحظ في السياسات الإقليمية أن المشروعين الصهيوني والإيراني يلتقيان أحيانًا في المصالح التكتيكية، كضرب المكونات السنية المقاومة أو تقاسم النفوذ في مناطق الصراع، لكن لا يعني هذا تطابقًا كاملاً، إذ لكل مشروع طموحاته الخاصة وأجنداته الاستراتيجية، وبعضها قد يتقاطع أو يصطدم بالآخر في مراحل معينة. وباختصار فإن تشابه البنية الأيديولوجية والتكتيكية بين المشروعين الإيراني والصهيوني لا يعني بالضرورة وحدة الهدف، لكنه يشير إلى أنماط متشابهة في استخدام الدين والقومية كوسائل لا كغايات، وتوظيف التعدد الخطابي لتوسيع القبول والتأثير في جماهير متعددة. وهذا يفرض على المراقب ألا يُخدع بالشعارات الظاهرة، بل ينظر في البنية العميقة للمشاريع ويحلل حركتها التاريخية وأدواتها الناعمة والخشنة على حد سواء.

ثمانون هذه الأمم: أمناء ورؤساء
ثمانون هذه الأمم: أمناء ورؤساء

العرب اليوم

timeمنذ 4 ساعات

  • العرب اليوم

ثمانون هذه الأمم: أمناء ورؤساء

منذ اليوم الأول لعملي بالصحافة عملت في ما يسمى «القسم الخارجي»، أي الأخبار الدولية. وبعد عمر، تبين لي أنني كنت صاحب حظ. فالقسم المحلي في الجريدة محدود الأحداث والرجال، بينما العالم وأحداثه مدرسة يومية في التاريخ. وسوف نحلم، ذات يوم، بأن نقابل الرجال الذين نكتب عنهم كل يوم، وكأنهم جزء حقيقي من حياتنا. عندما أوفدتني «النهار» أول مرة عام 1973 إلى نيويورك؛ لتغطية دورة «الجمعية العامة»، كان ذلك حلماً مزدوجاً: المدينة والمنظمة. أما من خارج الحلم، فكان وقوع حرب 6 أكتوبر (تشرين الأول) هدية مهنية لا مثيل لها. تحولت الأمم المتحدة ذلك الخريف إلى عرض يومي للأحداث والرجال. بدأ العرض بانتصار العبور، ثم تراجع سريعاً. وانتقل الانتصار إلى صراعات عربية كالعادة، وحلّقت في أجواء المؤسسة تهم الخيانة والصهينة. تعرفت يومها عن قرب إلى أول أمين عام؛ النمساوي كورت فالدهايم، وبعده ربطتني مودة مع البيروفي خافيير دي كويار، ثم صداقة مع الدكتور بطرس بطرس غالي. ولم أتعرف إلى الغاني كوفي عنان؛ بسبب حساسية قديمة ضد العجرفة. مع انتخاب بان كي مون، كنت قد قررت أنني أديت خدمتي مراسلاً. وفيما كنت أختم تلك المرحلة المهنية الممتعة، تبين لي أن كل أمين عام شعر بأن المنصب يؤهله لرئاسة بلاده، فخاض معركتها. جميعهم سقطوا في الانتخابات. كورت فالدهايم هو الذي أصبح رئيساً للنمسا رغم الحملة الإسرائيلية ضد ماضيه «النازي». «العالَم صغير»... يقول المثل في جميع اللغات. عندما كان فالدهايم أميناً عاماً، بالكاد تسنت لي مصافحته. بعدما أصبح رئيساً للدولة، أقام له مأدبةَ غداء الأميرُ ماجد بن عبد العزيز، رحمه الله. وكان بين ضيوف الأمير مُحبِّركم المخلص. طيلة المأدبة كان فالدهايم يستذكر أيامه في الأمانة العامة، ويقول إن حرب لبنان كانت مؤامرة أكبر بكثير من الوطن الصغير.

التحلّل...
التحلّل...

العرب اليوم

timeمنذ 4 ساعات

  • العرب اليوم

التحلّل...

بعد هزيمة 1967 ظهر ميل قويّ، في الفكر السياسيّ العربيّ، إلى التحلّل والتعرّي من كلّ ما أنجبته الحداثة أو التنظيم الحديث للسياسة والاجتماع، واشتهاء العودة إلى ما قبلهما. فقد ذاع صيت النقد الإسلامويّ الذي تصدّرته معادلة شهيرة: «تخلّينا عن الله فتخلّى الله عنّا»، وكانت المعادلة هذه سيّدة التفاسير الإسلامويّة للنكسة. إلاّ أنّ نقد اليسار المتطرّف لم يكن أقلّ إصراراً على ذاك التحلّل، وإن من داخل منظومة وعي أخرى. فلكي نردّ على الهزيمة لا بدّ، وفق هذا النقد، من إحلال حرب العصابات محلّ الحرب الكلاسيكيّة، وتالياً محلّ الدول القائمة وسيادتها وأجهزتها وقياداتها الاجتماعيّة، وخصوصاً محلّ جيوشها التي لا تستحقّ إلاّ التسريح. وفي هذا السياق سُطّرت صفحات في مديح الطبيعة الأولى، غاباتٍ وهضاباً ومستنقعاتٍ، بوصفها الأمكنة المثلى لخوض «حروب الشعب طويلة الأمد». واكتسب هذا الميل إلى التحلّل أرضاً جديدة مع صعود الممانعة والممانعين في الثمانينات. فهم نفّذوا فعليّاً إبدال الدول والجيوش بالميليشيات، وإحلالَ محور عابر للحدود الوطنيّة، تقبع زعامته في طهران، محلّ الأساسَ الوطنيّ للدول وللقضيّة الفلسطينيّة سواء بسواء. كما أنّهم رذلوا ما تبقّى من فكرة الوطنيّة ليمجّدوا صيغة أو أخرى من الإسلام السياسيّ، فيما أعادوا إلى الحياة أشكالاً في التبادل الاقتصاديّ نحّتها القوانين جانباً. والحال أنّ الوجهة هذه تستفحل اليوم وتعاود ربط شطر عريض من فكرنا السياسيّ بالفكر الذي استمرّت سطوته ما بين أواخر عهد السلطنة العثمانيّة وقيام الدولة الحديثة. فمن جمال الدين الأفغاني ومحمّد عبده ورشيد رضا إلى «الإخوان المسلمين» وشكيب أرسلان...، قُدّمت «العودة» إلى ماضٍ ما بوصفها ندّ الانعتاق ومعانقة المستقبل. صحيح أنّ المذكورين أعلاه ليسوا قالباً واحداً عديم التفاوت، إذ أنّ بعضهم توهّم استلهام الإصلاح الدينيّ البروتستانتيّ في عودته إلى «الكتاب المقدّس». لكنّ الصحيح ايضاً أنّ الصراع مع الآخر، أي الغرب ثمّ إسرائيل، كان العنصر الحاسم في الصورة التي رسموها عن الذات والعالم، وعن الماضي والمستقبل. على أنّ الذاكرة تعود بنا إلى حالات لم تكن الأمور فيها على هذا النحو من الإغلاق. فمثلاً بعد أشهر على نكبة 1948 وقيام إسرائيل، أصدر قسطنطين زريق كتابه «معنى النكبة» فأكّد، بين ما أكّده، على أهميّة اكتساب العرب المعارف العلميّة والتقنيّة. لا بل كاد زريق يقطع بأنّ النكبة كانت حتميّة تبعاً للعزوف عن اكتساب تلك المعارف. وإذ قرئ هذا الكتاب على نطاق واسع، وتأثّر به كثيرون، فبعد قرابة عشرين عاماً، ومع وقوع نكسة 1967، عاد المؤلّف نفسه إلى فكرته إيّاها في كتابه «معنى النكبة مجدّداً»، فأكّد عليها بقوّة أكبر. وقد يقال بحقّ إنّ قدراً معتبراً من التبسيط والسذاجة والتبشير حفّ بتلك الأطروحات، إلاّ أنّها، مع هذا، خالفت السائد في اعتبارها أنّ المطلوب هو أن نضيف شيئاً إلى ما نحن فيه، وليس أن نُنقص منه شيئاً. ذاك أنّ السير إلى أمامٍ (وقد درج مثقّفو ذاك الزمن على تسمية ذاك الأمام بـ»النهضة»)، إنّما يغلب العودة إلى ما قطَعَنا عنه الزمن الحديث. بيد أنّ الحرب الأخيرة – الراهنة حسمت الأمور على نحو لم يعد يرقى إليه شكّ، فيما يصعب على مُعالج أن يعالجه. فعن «طوفان الأقصى» تفرّع، ولا يزال يتفرّع، طوفان من هجاء «الغرب» والحضارة والتقدّم بوصفها كلّها مجرّد خِدَع لإخضاعنا وإذلالنا. ومع ضربة «البايجرز» الإسرائيليّة في لبنان، ثمّ حرب إسرائيل على إيران، تعاظم الميل إلى التعرّي من العلم والتقنيّة بوصفهما لا أكثر من أدوات لقتلنا. هكذا راح تعبير «لقد كفرنا بـ» يجتاح النصّ السياسيّ العربيّ المصاب بالتأوّه والحسرات، ولم يتردّد مثقّفون ينسبون أنفسهم إلى هذه المدرسة الحداثيّة أو تلك في إعلان اعتدادهم بعصور الإمبراطوريّات القديمة التي أقامتها «حضاراتنا العظيمة» في فارس أو ما بين النهرين أو سواهما. فحيال تلك الحضارات تتضاءل وتبهُت سيطرة تقنيّة تمارسها أمم خانتها الأصالة والعراقة، إذ أنّ تلك الأمم «المعادية» لم تولد إلاّ قبل يومين أو ثلاثة في عمر التاريخ. ولمّا مضى الموقف من العالم ينبثق من رحم الحرب والعصبيّة، غدا العلم والتقنيّة وكلّ ما تتفوّق فيه أميركا وإسرائيل أقرب إلى عشيرة مكروهة «نتغلّب» على واقعها الطاغي بأوهام الإمبراطوريّات سحيقة القِدم، أو بما نعلنه تحوّلاتٍ جبّارة تزوّدنا بها صورة أو عبارة أو احتجاج طلاّبيّ غاضب. يزيد البؤس بؤساً أنّ التحلّل السياسيّ، في هذه الغضون، يضرب المشرق العربيّ على نحو مزلزل على شكل بلدان أضعف وأفقر تبحث كلّها عن إعادة إعمارها وعن وقف التصدّع المتعاظم الذي يضرب وحدة جماعاتها. وإذ يترافق صمت المَدافع مع بقاء المذبحة في غزّة موضوعاً «غامضاً»، وهي الأصل المفترض، يتّضح أنّ الهدف الذي بسببه «كفرنا بالعالم» يدور حول مصائر النظام الإيرانيّ. وهذا سبب وجيه لمواجهة الخديعة الفعليّة التي خُدعناها، علّنا إذا واجهناها باشرنا التصدّي لتحلّلنا المتمادي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store