
نزيف الخسائر يطال شركات تعدين بيتكوين رغم وجود ترمب في صفها
وعد دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية العام الماضي بأن يكون مُناصراً لصناعة تعدين "بيتكوين" في الولايات المتحدة. لكن أصبحت الصعوبات التي يواجهها مُعدِّنو العملات المشفرة الأمريكيون جلية مع إصدار تقارير أرباحهم الفصلية الأولى منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض.
أظهرت تقديرات المحللين التي جمعتها "بلومبرغ" أن سبعاً من أكبر ثماني شركات تعدين عملات مشفرة متداولة في البورصة ومقرّها الولايات المتحدة قد تسجل خسائر عند إعلانها عن نتائج أعمال الربع الأول. وتأتي هذه الصعوبات المالية رغم أن سعر بيتكوين وصل إلى مستوى قياسي تجاوز 109 آلاف دولار في يناير، وكان متوسطه في الربع الأول أعلى بنحو 75% مقارنةً بالربع الأول من عام 2024.
منافسة محتدمة في تعدين بيتكوين
أثرت المنافسة المتزايدة والرسوم الجمركية على الشركات، التي شهدت تقلص هوامش الأرباح وازدياد عدم اليقين بشأن توسيع العمليات. كما أن التراجع الأوسع في سوق الأسهم، بعد الارتفاعات عقب فوز ترمب في الانتخابات، دفع مزيداً من معدني العملات المشفرة إلى العودة إلى الاستدانة بدلاً من الاعتماد على بيع الأسهم لجمع الأموال.
سجلت "صعوبة التعدين"، وهي مقياس للقوة الحاسوبية المستخدمة في تعدين بيتكوين، أرقاماً قياسية في الأشهر الماضية، ما يشير إلى تنافس أكبر على كمية بتكوين المحدودة التي تصدرها دورياً شبكة "بلوكتشين" الأصلية.
في الوقت نفسه، انخفضت إيرادات التعدين بسبب زيادة أسعار الطاقة في بعض الولايات الأمريكية خلال نفس الفترة.
قال بريان دوبسون، المدير التنفيذي للبحوث في أسهم التكنولوجيا التحويلية لدى شركة الوساطة "كلير ستريت" (Clear Street): "سيكون هذا ربعاً مثيراً للاهتمام لمعدني بيتكوين وربما صعباً مقارنة بالأشهر القليلة الماضية. سنشهد انكماشاً في الهوامش وانخفاضاً في الإيرادات من تعدين بتكوين بسبب ارتفاع 'صعوبة التعدين' عالمياً".
"كلين سبارك" تنجو وحدها من نزيف الخسائر
انخفض صافي الدخل المعدل لثماني شركات تعدين عملات مشفرة أمريكية بنحو 1.3 مليار دولار في الربع الأول مقارنةً بنفس الفترة من العام السابق، وفق تقديرات المحللين التي جمعتها "بلومبرغ". ومن المتوقع أن تمنى المجموعة بخسارة قدرها 190 مليون دولار، مقارنةً بصافي دخل معدل بلغ 1.1 مليار دولار في الربع الأول من عام 2024. ومن بين الشركات الثماني، "كلين سبارك إنك" (CleanSpark Inc) هي الشركة الوحيدة التي يتوقع المحللون أن تسجل أرباحاً في الربع الأحدث.
سجلت شركة "رايوت بلاتفورمز" (Riot Platforms)، إحدى أكبر شركات تعدين العملات المشفرة العامة من حيث الإيرادات في الولايات المتحدة، خسارة في الربع الأول قدرها 296.4 مليون دولار، مقارنةً بصافي دخل بلغ 211 مليون دولار في نفس الربع من العام الماضي، وفق بيان نشرته الشركة يوم الخميس.
معدات تعدين بيتكوين الجديدة ترفع التكاليف
ترجع المنافسة الشديدة جزئياً إلى استخدام معدات تعدين بيتكوين سارعت الشركات لشرائها في أواخر عام 2024 عندما قفزت أسعار بتكوين بفضل موقف ترمب المؤيد للعملات المشفرة. وهي أجهزة حاسوب متخصصة تصنع في الغالب في آسيا، والتي شكلت تكلفة كبيرة على عمليات التعدين، إذ جمعت الشركات مليارات الدولارات لشرائها.
كلما زادت القوة الحاسوبية التي يمكن أن يولّدها المُعدّن، زادت احتمالية أن يكون أول من ينجح في معالجة كتلة من البيانات على شبكة بتكوين ويحصل على المكافآت في سك العملة المشفرة.
قال دوبسون: "عندما بدأت بتكوين ترتفع في نوفمبر، لم نرَ تحركاً فورياً لرفع مستوى "الهاش" العالمي، لكننا نرى ذلك الآن". "الهاش" (Hash) هو مقياس لكمية القوة الحاسوبية المستخدمة في تعدين العملة المشفرة.
توسع التعدين في روسيا والصين
قال إيثان فيرا، المدير التنفيذي للعمليات لدى مزود خدمات تعدين العملات المشفرة "لوكسور تكنولوجي" (Luxor Technology)، إن المنافسة اشتدت بعد زيادة عمليات التعدين الدولية، بما في ذلك من روسيا والصين.
من المتوقع أن تشهد تلك المعدات، التي يتم تصنيع بعضها في ماليزيا، رسوماً جمركية أعلى بكثير. وأضاف فيرا: "إذا ارتفعت الرسوم أكثر من ذلك، فسيكون لها تأثير سلبي جداً، إذ ستتضرر توقعات الأرباح والنمو.. مع فرض الرسوم الجمركية، أعتقد أن الجميع خارج الولايات المتحدة سيستفيدون".
تواجه شركات تعدين العملات المشفرة المدرجة في الولايات المتحدة مزيداً من عدم اليقين فيما يتعلق بخططها التوسعية بسبب ارتفاع تكلفة المعدات وضبابية سياسة الرسوم الجمركية في المستقبل القريب.
كما عانى المعدّنون في الولايات المتحدة من تأخيرات في الشحن بسبب التفتيش المكثف على الحدود في وقت مبكر من العام الجاري، وذلك بعد إدراج وزارة التجارة الأميركية لشركة "شيامن سوفغو تكنولوجيز" (Xiamen Sophgo Technologies)، المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والتابعة لأكبر مورّدة في بكين وهي شركة "بتماين" (Bitmain)، في القائمة السوداء في يناير.
قال دوبسون: "تتردد فرق الإدارة في تطوير استراتيجية طويلة الأمد بناءً على وضع الرسوم الجمركية اليوم إذ تدرك أنه بعد ثلاثة أشهر قد تتغير المحادثة تماماً حول شكل الرسوم الجمركية".
لجوء إلى الديون مع جفاف سوق الأسهم
علاوةً على ذلك، يواجه معدّنو بيتكوين صعوبةً أكبر في جمع أموال من سوق الأسهم، التي كانت المصدر الرئيسي للتمويل لمعظم المعدّنين المدرجين. جدير بالذكر أن عملية التعدين التي تستهلك كميات طاقة هائلة تتطلب رأس مال ضخم لشراء الآلات، وبناء مراكز البيانات، ودفع فواتير الكهرباء التي قد تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات.
استعانت شركات تعدين العملات المشفرة المدرجة بالطروحات المباشرة لجمع مليارات الدولارات، لكن يتحول بعضها حالياً إلى أدوات الديون مثل أوراق الدخل الثابت أو التسهيلات الائتمانية لتأمين السيولة. أصدرت شركات مثل "مارا هولدينغز" (MARA Holdings)، و"رايوت" (Riot)، و"كلين سبارك" (CleanSpark) سندات قابلة للتحويل، بينما قامت الأخيرتان بترتيب وتوسيع تسهيلات ائتمانية على التوالي مؤخراً.
قال فيرا: "أعتقد أن الشركات العامة الكبيرة لا ترغب في بيع الأسهم في أوضاع السوق الحالية لأنها طريقة مكلفة بالنسبة إليها لجمع رأس المال، في حين أن أدوات الديون توفر رأس مال بتكلفة أقل".
كان معدّنو بيتكوين يتعاملون مع تداعيات ضربة أخرى منذ أبريل الماضي عندما قلص تحديث الشفرة مكافآت بتكوين إلى النصف وهي المصدر الرئيسي لإيرادات المعدّنين، في حدث يُسمى بـ"تنصيف بيتكوين"، وهو حدث مبرمج مسبقاً بهدف الحفاظ على الحد الأقصى الثابت لبتكوين البالغ 21 مليون وحدة من خلال تقليل العرض كل أربع سنوات.
وعد ترمب بتعدين كل عملة بيتكوين في الولايات المتحدة لكن من ناحية أخرى كان المعدّنون يعانون من الآثار الجانبية لسياساته، إذ رفعت الرسوم الجمركية تكلفة معدات التعدين وحفزت عمليات التعدين في الخارج، بالإضافة إلى إصابة سوق الأسهم بموجة بيع أثرت على قدرتهم على جمع رأس المال.
قال فيرا: "ترمب لا يضع تعدين بتكوين على رأس أولوياته عندما يتعلق الأمر بالرسوم الجمركية.. فالحرب التجارية هي شغله الشاغل".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
ترمب يفرض 50 في المئة رسوما تجارية على الاتحاد الأوروبي من أول يونيو
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الجمعة إنه يوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المئة على السلع المقبلة من الاتحاد الأوروبي اعتباراً من الأول من يونيو (حزيران) المقبل، مشيراً إلى أن التعامل مع التكتل في شأن التجارة صعب. وذكر ترمب على منصة "تروث سوشيال" التي يمتلكها، أن "التعامل مع الاتحاد الأوروبي، الذي تشكل بالأساس لاستغلال الولايات المتحدة من الناحية التجارية، صعب جداً... مناقشاتنا معهم لا تفضي إلى أي نتيجة!". وذكرت صحيفة "فايننشيال تايمز" اليوم أن المفاوضين التجاريين للرئيس الأميركي يضغطون على الاتحاد الأوروبي لخفض الرسوم الجمركية من جانب واحد على السلع الأميركية. ووفقاً للصحيفة، فإن المفاوضين يقولون إنه من دون تنازلات لن يحرز الاتحاد تقدماً في المحادثات لتجنب رسوم مضادة إضافية بنسبة 20 في المئة. ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها القول إن الممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير يستعد لإبلاغ المفوض التجاري الأوروبي ماروش شفتشوفيتش اليوم بأن "مذكرة توضيحية" قدمتها بروكسل في الآونة الأخيرة للمحادثات لا ترقى إلى مستوى التوقعات الأميركية. ولم تتمكن وكالة "رويترز" من التأكد من صحة التقرير على الفور، ولم يرد مكتب الممثل التجاري الأميركي بعد على طلب الوكالة للتعليق الذي أرسل خارج ساعات العمل الرسمية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية لشؤون التجارة أولوف جيل لـ"رويترز" عبر البريد الإلكتروني "أولوية الاتحاد الأوروبي هي السعي إلى اتفاق عادل ومتوازن مع الولايات المتحدة... اتفاق تستحقه علاقاتنا التجارية والاستثمارية الضخمة". وأضاف أن الاتحاد يواصل التفاعل بصورة نشطة مع الولايات المتحدة، وأنه من المقرر أن يتحدث شفتشوفيتش مع جرير اليوم. وذكرت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى التوصل إلى نص إطاري متفق عليه بصورة مشتركة للمحادثات، لكن الجانبين لا يزالان متباعدين إلى حد كبير. وفرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 25 في المئة على السيارات والصلب والألمنيوم من الاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) و20 في المئة على سلع أخرى من الاتحاد في أبريل (نيسان). وخفضت بعد ذلك الرسوم البالغة 20 في المئة إلى النصف حتى الثامن من يوليو (تموز)، مما أعطى مهلة 90 يوماً لإجراء محادثات للتوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً في شأن الرسوم الجمركية. ورداً على ذلك، علق الاتحاد الذي يضم 27 دولة خططه لفرض رسوم جمركية مضادة على بعض السلع الأميركية، واقترح إلغاء جميع الرسوم الجمركية على السلع الصناعية من كلا الجانبين، غير أن إعلان ترمب اليوم يشكل مواجهة جديدة في العلاقات التجارية بين الطرفين.


الموقع بوست
منذ ساعة واحدة
- الموقع بوست
الذهب يتجه لتسجيل أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر
يتجه الذهب خلال التعاملات، اليوم الجمعة، لتسجيل أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر، إذ أدى تراجع الدولار وتزايد المخاوف إزاء أوضاع المالية العامة في أكبر اقتصاد في العالم إلى دعم الإقبال على الملاذ الآمن. وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.2 بالامئة إلى 3299.79 دولار للأونصة (الأوقية). وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.2 بالمئة أيضا إلى 3299.60 دولار. وارتفع المعدن النفيس بنحو ثلاثة بالمائة منذ بداية الأسبوع وحتى الآن ويتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ أوائل أبريل.


الوئام
منذ 2 ساعات
- الوئام
هل تنهار العلاقة الأطول؟.. كندا تتحدى سياسات ترمب الحمائية
خاص – الوئام في ظل التوترات المتصاعدة بين واشنطن وأوتاوا، وفي وقت تتداعى فيه أسس النظام التجاري الغربي بسبب سياسات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الحمائية، اجتمع مسؤولون أمريكيون وكنديون في محاولة لإعادة الاستقرار إلى العلاقات الثنائية التي طالما شكلت حجر زاوية في الاقتصادين. اللقاءات الجانبية ضمن قمة مجموعة السبع في بانف بكندا تعكس أهمية اللحظة ومحاولة احتواء التصعيد قبل أن يتحول إلى أزمة استراتيجية طويلة الأمد. محاولة لخفض التوتر على هامش قمة مجموعة السبع في بانف، التقى وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت مع وزير المالية الكندي فرانسوا فيليب شامبان لمناقشة التوترات التجارية المستمرة. ورغم التكتم على تفاصيل المحادثات، وصف شامبان اللقاء بالإيجابي، مشيرًا إلى 'تقدم ملموس وإحساس بالوحدة' بين دول المجموعة. من جانبه، صرّح بيسنت بأن اليوم كان 'مثمرًا جدًا'. اتفاق اقتصادي وأمني جديد في الوقت ذاته، كان الوزير الكندي المكلّف بالعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، دومينيك لوبلان، يجتمع مع مسؤولين من إدارة ترمب في واشنطن لبحث اتفاق اقتصادي وأمني جديد. وشدد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في أوتاوا على أن حكومته 'لن تتعجل لكنها مصممة على تحقيق أفضل صفقة لكندا. قمة السبع تبحث الاستقرار العالمي تركز اجتماعات مجموعة السبع على تنسيق الجهود بين الاقتصادات الغربية الكبرى لتحقيق استقرار اقتصادي عالمي. غير أن السياسات التجارية الحمائية التي ينتهجها ترمب، بما في ذلك فرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات من الحلفاء، أثارت مخاوف في الأسواق المالية، ودفعت الشركات لتقليص استثماراتها وخطط التوظيف. وتشهد العلاقات التجارية بين كندا والولايات المتحدة توترًا مستمرًا منذ أشهر. بينما تحتفظ واشنطن بتعريفات بنسبة 25% على سلع لا تدخل ضمن اتفاق التجارة الأمريكي المكسيكي الكندي، ردّت كندا بتعريفات انتقامية على واردات أمريكية بقيمة 43 مليار دولار. ومع ذلك، منحت أوتاوا إعفاءات مؤقتة لقطاعات السيارات والصناعات التحويلية لتسهيل التحول نحو مورّدين جدد. لا اتفاقات جديدة أفادت مصادر مطلعة أنه لا توجد خطط أمريكية حالية للإعلان عن اتفاقيات تجارية جديدة مع بقية دول مجموعة السبع عند اختتام القمة المالية. لكن اللقاء الثنائي بين بيسنت وشامبان يشير إلى سعي حثيث من قبل الطرفين لتجنب تصعيد إضافي. وسط هذه الأجواء، حذّر كارني من أن نمط العلاقات الاقتصادية التقليدية بين كندا والولايات المتحدة، وخصوصًا سلاسل التوريد المتكاملة، قد أصبح شيئًا من الماضي. واعتبر شامبان، في مداخلته الافتتاحية بالقمة، أن التجارة الحرة والعادلة أمر أساسي لتحقيق استقرار اقتصادي عالمي، رغم اعترافه بأن سياسات الرسوم الأمريكية تخلق توترات داخل المجموعة. التأثيرات الاقتصادية تشير البيانات الأولية إلى أن الاقتصاد الكندي بدأ يعاني من آثار السياسات التجارية الأمريكية، لاسيما الرسوم الجمركية على السيارات والفولاذ والألمنيوم. هذا التأثير بات ملموسًا في سوق العمل الكندية، في ظل اعتماد البلاد على السوق الأمريكية التي تشكل نحو خُمس الناتج المحلي الكندي.