logo
سيرة «أسرة يهودية من مصر» في زمن العصر العثماني

سيرة «أسرة يهودية من مصر» في زمن العصر العثماني

الشرق الأوسطمنذ 2 أيام
يأتي كتاب «أسرة يهودية من مصر – أبناء إسحاق الأشقر الأندلسي» الصادر عن دار «أقلام عربية» بالقاهرة للباحث الدكتور محسن علي شومان، أستاذ التاريخ الحديث بآداب الزقازيق، والكتاب هو الجزء الثاني من موسوعته التاريخية عن «يهود مصر» التي تغطي فترة زمنية تمتد لأكثر من ثلاثة قرون من الفتح العثماني وحتى مطلع القرن التاسع عشر.
بدأ المؤلف الموسوعة بكتابه الجامع عن «يهود مصر»، وتتبع فيها أوضاع الجماعة اليهودية على الصعيدين، الطائفي الخاص والاجتماعي المصري العام، ثم انتقل عبر أجزاء موسوعته إلى تقصي أحوال سير اليهود المصريين وتتبع أخبارهم، في محاولة هي الأولى من نوعها للتأريخ لعائلات وأعلام «يهود مصر العثمانية» والترجمة لهم في شكل من أشكال الكتابة التاريخية يجمع بين أدب السيرة أو التراجم وبين البحث الأكاديمي الموثق.
ويشير المؤلف في مقدمة الكتاب إلى أنه دُعي عام 2008 لإلقاء محاضرة ضمن «دراسات الشرق الحديث» في برلين حول الحياة اليومية في المدن والحواضر العثمانية، فاختار أسرة إسحاق الأشقر اليهودي الأندلسي موضوعاً لورقته البحثية؛ نظراً لأهمية دورها، فيما يعد السيرة الأولى من نوعها لأسرة يهودية في مصر زمن العصر العثماني.
بدأ ظهور تلك الأسرة في القاهرة عام 1524م، بينما كانت آخر الإشارات الدالة عليها عام 1632 عبر أجيال عدة، وهى تُنسب إلى إسحاق الأشقر الأندلسي، الذي عاش في بلاد الأندلس، إسبانيا، قبل أن يهاجر أبناؤه لاحقاً إلى بلاد المغرب العربي ومنها إلى مصر.
كان مؤسس الأسرة في القاهرة هو المعلم إسحاق بن شموال بن إسحاق الأشقر الأندلسي، بينما آخر أبنائها هو المعلم يوسف بن شموال بن إبراهيم بن موسى بن إسحاق الأشقر الأندلسي، ثم اختفت أسماؤهم فجأة لأسباب تتعلق على الأرجح بفقدانهم مصادر قوتهم وضياع ما تبقى لهم من دواعي ومقومات السلطان الذي احتفظوا به على مدار عقود، وقد أحصى المؤلف 60 اسماً من أبناء إسحاق الأشقر الأندلسي تضمنتهم شجرة النسب، 51 رجلاً و9 سيدات.
برز اسم العائلة في مجال العمل صيارفةً وما يتصل بالصيرفة من شؤون المال والتجارة، حيث التحق أبناؤها بالإدارة المالية المصرية، وتقلدوا وظائف الجمارك المربحة ليوسعوا عبر هذه النافذة من مجالات أنشطتهم ودوائر أعمالهم واتصالاتهم.
وكان من مهام العمل في هذا المجال قيام أبناء الأشقر بتقديم خدماتهم لدار سك العملة بحي القلعة وتوريد ما تحتاج إليه من ذهب وفضة ونحاس لسك النقود؛ ولكي يضمن مسؤولو الدار وفاء الصيارفة اليهود بما عليهم من مال كانوا يطلبون منهم وبخاصة في أوائل الحكم العثماني أن يأتوا بمن يكفلهم. وبطبيعة الحال كان غالباً ما يأتي الصيرفي اليهودي بكفيل يهودي مثله من الفرقة الدينية والطائفة نفسيهما.
وقد أسهم بنو الأشقر في حركة التجارة بمصر والتي استعادت كثيراً من ازدهارها المفقود في ظل الحكم الجديد، حيث برزوا باعةً ومشترين في الصفقات التي عقدوها مع يهود الداخل، وكانت القاهرة هي المسرح الرئيسي الذي دارت عليه تعاملات أولاد الأشقر مع غيرهم من اليهود بمشاركتهم بيعاً لهم وشراء.
وعلى صعيد آخر، تنبع أهمية عائلة أبناء الأشقر بصفته بيتاً عريقاً راسخ القدم، غنياً برجاله من دراسي الشريعة وحفظة التراث اليهودي الأندلسي، وفي مقدمتهم موسى بن إسحاق الأشقر الديان، قاضي اليهود الذي عُدّ واحداً من أبرز كتاب الفتاوى ومشرعي يهود مصر في القرن السادس عشر، فضلاً عن ولده سلمون شلومو الذي عمل حاخاماً في أخريات أيامه، وحفيد ابنه الحاخام إبراهيم المدعو إبراهيم بن شموال بن إبراهيم بن موسى بن إسحاق الأشقر الأندلسي.
ورث آل الأشقر الأندلسي عن رب عائلتهم ومؤسس أسرتهم لون بشرته الشقراء؛ حتى صارت هذه الصفة اسم علم يُعرفون به ويُستدل منه عليهم، حيث كانوا معتدلي القامة تتفاوت شقرتهم بين اللونين الأشقر الخالص والأبيض المشرّب بحمرة، كما كانت تتراوح مراحلهم العمرية ما بين شاب حدث صغير السن ورجل بالغ وشيخ كبير.
كان الأشقر الكبير، الجد الأعلى، أندلسي المولد والنشأة وعاش أولاده وأحفاده من اليهود حياة هادئة مستقرة نوعاً ما حتى إذا ما اشتعلت إسبانيا بروح التعصب الديني منذ عام 1465م، هاجر هؤلاء مع غيرهم من مسلمي ويهود الأندلس إلى ديار الإسلام.
اشتد تيار الهجرة اليهودية من إسبانيا عقب صدور مراسيم الطرد بين عامي 1492 و1497 ليستقر آلاف اليهود ببلاد المغرب العربي المجاورة، مراكش والجزائر وتونس وطرابلس. وتوجه آخرون نحو الأراضي العثمانية والفارسية والمملوكية مثل بلاد البلقان، آسيا الصغرى، العراق، الشام، مصر.
ويؤكد المؤلف أننا لا نعرف بالضبط من هو إسحاق الأشقر الذي ظهر في مصر، هل هو من مهاجري الأندلس السابقين وقد نشأ وتربى في القاهرة، أم أن له مساراً آخر؟ لكن المؤكد أن ظهوره جاء في سياق تفضيل مهاجري يهود الأندلس، مثل كل يهود العالم، الإقامة بالمدن والعيش والعمل بها، لا سيما إذا كانت بها موانئ، ومن ثم تظهر الحاجة إلى تنظيم الجمارك والإدارة المالية؛ وهو ما جعل يهود مصر ينشطون في الإسكندرية ودمياط على وجه خاص.
وفي القاهرة العثمانية، ساد نموذج التجمع داخل حي يقطنه أغلبية من أبناء الديانة فيما عُرف بـ«حارة اليهود» وما جاورها من أماكن اتخذ فيها بعض أبناء الأشقر دوراً للسكن إلى جوار حي «خط السوريين» و«خط السبع قاعات» و«خوخة الأوز». وتدل مبالغ الإيجار المدفوعة في تلك الدور ووصفها على ثراء مستأجريها النسبي من أبناء الأشقر، وأنها كانت بيوتا فخمة مريحة كي تليق بهم وبمكانتهم الرفيعة، سواء داخل محيطهم العائلي أو على صعيد جماعتهم اليهودية ككل.
لم يجد أبناء العائلة غضاضة في التردد على محاكم الشرع الإسلامية لإبرام عقود الزواج وإجراء الطلاق والتصديق والإشهاد على الحقوق الناشئة عنها والمترتبة عليها، لا سيما أحكام الزواج والطلاق.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ثقب في قلب فرعون
ثقب في قلب فرعون

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 أيام

  • الشرق الأوسط

ثقب في قلب فرعون

تم الكشف عن سر خبيئة المومياوات الملكية بالدير البحري بالأقصر في يوليو (تموز) سنة 1881، وذلك بعد عشر سنوات كاملة ظلت خلالها عائلة عبد الرسول تخفي سر الخبيئة التي عثروا عليها مصادفةً في 1871 وظلوا طوال عشر سنوات ينهبون محتوياتها ويقومون ببيعها لتجار الآثار، ولكيلا يندهش القارئ فعلينا أن نؤكد أن عائلة عبد الرسول لم تدخل الخبيئة سوى عشر مرات فقط بمعدل مرة واحدة في العام، وحسب وصفهم كانت هناك شروط معينة في تحديد هذا اليوم الذي كان لا بد أن يكون ليلة شتاء غير مقمرة شديدة المطر والبرودة. وذلك إمعاناً في إخفاء الكنز الثمين عن أعين الأهالي من قرية القرنة التي بنيت منازلها في الجبل فوق مقابر الفراعنة. كان أول من دخل الخبيئة من علماء الآثار، هو أحمد كمال، الذي نال لقب الباشاوية فيما بعد بسنوات، وعرف بأحمد باشا كمال، وكان معه إيميل بروجش من مصلحة الآثار المصرية التي كان يديرها في ذلك الوقت جاستون ماسبرو خلفاً لأوغست مارييت الذي كان قد توفي قبل الكشف في 18 يناير (كانون الثاني) 1881. عبر بروجش عن لحظة الدخول إلى الخبيئة وكيف كاد يفقد عقله، وهو لا يكاد يصدق ما تراه عيناه من توابيت ومومياوات وآثار. وكان السؤال المحير: كيف ولماذا تم دفن كل هؤلاء الفراعنة في تلك المقبرة المتواضعة؟ ولماذا لم تبقَ في مقابرها الجميلة الموجودة بوادي الملوك القريب؟ في الحقيقة لم يستغرق علماء الآثار كثيراً من الوقت حتى كشفوا عن السر. وهو أن مقابر الملوك تعرضت لعمليات نهب ممنهجة خلال عصر الأسرة العشرين. وكشف كهنة أمون الذين كانوا يحكمون الأقصر خلال عصر الأسرة الواحد والعشرين أن مومياوات الفراعنة نهبت ومقابرهم سرقت. وكان عليهم الحفاظ على ما بقي في تلك المقابر وأن محاولات حماية وادي الملوك لن تأتي بأي نتيجة. ولذلك قاموا بإعادة لفّ المومياوات في أكفان جديدة من الكتان، وإعادة دفنهم في توابيت خشبية بسيطة عوضاً عن توابيتهم الذهبية التي نهبت. قام أحمد كمال وبروجش ومعهم 300 عامل بحمل توابيت الملوك ومومياواتهم والآثار التي كانت لا تزال في الخبيئة على عجل من دون أي توثيق علمي لحالة الخبيئة لحظة الكشف، ولا حتى صورة واحدة للتوابيت داخل الخبيئة قبل نقلها على عجل. ربما تحسباً لحدوث محاولات للاعتداء على الموظفين الذين جاءوا على متن الباخرة المنشية من القاهرة لأخذ الكنز الثمين. وصلت المومياوات إلى القاهرة، وكانت المرة الأولى التي يرى الناس فيها وجوه الفراعنة الذين حكموا مصر في عصرها الذهبي وبنوا إمبراطورية كانت تحكم الشرق الأدنى القديم. كانت أولى المومياوات التي قام إيميل بروجش بفك لفائفها هي مومياء الفرعون تحتمس الثالث وللأسف كان أحمد عبد الرسول وأخوه محمد قد أحدثا ثقباً كبيراً في صدر المومياء عند منطقة القلب بحثاً عما يعرف باسم «جعران القلب»، وهو جعران كبير غالباً ما يصنع من الذهب ويوضع في تجويف الصدر كتعويذة لحماية القلب؟ كان أحمد وأخوه رغم جهلهما يعرفان مكان هذا الجعران، وأحدثا الثقب في صدر تحتمس الثالث للوصول إلى القطعة الأثرية الثمينة التي كانت تباع في أسواق الآثار أو العاديات، كما كان يطلق عليها بآلاف الجنيهات الذهبية. لكن ما لم يكن يعرفاه أن لصوصاً آخرين سبقوهما قبل ثلاثة آلاف سنة وسرقوا كل ما كان على المومياء من حلي وجواهر ثمينة يمكننا تخيلها بمجرد النظر إلى ما تم الكشف عنه على مومياء الفرعون الذهبي توت عنخ أمون.

سيرة «أسرة يهودية من مصر» في زمن العصر العثماني
سيرة «أسرة يهودية من مصر» في زمن العصر العثماني

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 أيام

  • الشرق الأوسط

سيرة «أسرة يهودية من مصر» في زمن العصر العثماني

يأتي كتاب «أسرة يهودية من مصر – أبناء إسحاق الأشقر الأندلسي» الصادر عن دار «أقلام عربية» بالقاهرة للباحث الدكتور محسن علي شومان، أستاذ التاريخ الحديث بآداب الزقازيق، والكتاب هو الجزء الثاني من موسوعته التاريخية عن «يهود مصر» التي تغطي فترة زمنية تمتد لأكثر من ثلاثة قرون من الفتح العثماني وحتى مطلع القرن التاسع عشر. بدأ المؤلف الموسوعة بكتابه الجامع عن «يهود مصر»، وتتبع فيها أوضاع الجماعة اليهودية على الصعيدين، الطائفي الخاص والاجتماعي المصري العام، ثم انتقل عبر أجزاء موسوعته إلى تقصي أحوال سير اليهود المصريين وتتبع أخبارهم، في محاولة هي الأولى من نوعها للتأريخ لعائلات وأعلام «يهود مصر العثمانية» والترجمة لهم في شكل من أشكال الكتابة التاريخية يجمع بين أدب السيرة أو التراجم وبين البحث الأكاديمي الموثق. ويشير المؤلف في مقدمة الكتاب إلى أنه دُعي عام 2008 لإلقاء محاضرة ضمن «دراسات الشرق الحديث» في برلين حول الحياة اليومية في المدن والحواضر العثمانية، فاختار أسرة إسحاق الأشقر اليهودي الأندلسي موضوعاً لورقته البحثية؛ نظراً لأهمية دورها، فيما يعد السيرة الأولى من نوعها لأسرة يهودية في مصر زمن العصر العثماني. بدأ ظهور تلك الأسرة في القاهرة عام 1524م، بينما كانت آخر الإشارات الدالة عليها عام 1632 عبر أجيال عدة، وهى تُنسب إلى إسحاق الأشقر الأندلسي، الذي عاش في بلاد الأندلس، إسبانيا، قبل أن يهاجر أبناؤه لاحقاً إلى بلاد المغرب العربي ومنها إلى مصر. كان مؤسس الأسرة في القاهرة هو المعلم إسحاق بن شموال بن إسحاق الأشقر الأندلسي، بينما آخر أبنائها هو المعلم يوسف بن شموال بن إبراهيم بن موسى بن إسحاق الأشقر الأندلسي، ثم اختفت أسماؤهم فجأة لأسباب تتعلق على الأرجح بفقدانهم مصادر قوتهم وضياع ما تبقى لهم من دواعي ومقومات السلطان الذي احتفظوا به على مدار عقود، وقد أحصى المؤلف 60 اسماً من أبناء إسحاق الأشقر الأندلسي تضمنتهم شجرة النسب، 51 رجلاً و9 سيدات. برز اسم العائلة في مجال العمل صيارفةً وما يتصل بالصيرفة من شؤون المال والتجارة، حيث التحق أبناؤها بالإدارة المالية المصرية، وتقلدوا وظائف الجمارك المربحة ليوسعوا عبر هذه النافذة من مجالات أنشطتهم ودوائر أعمالهم واتصالاتهم. وكان من مهام العمل في هذا المجال قيام أبناء الأشقر بتقديم خدماتهم لدار سك العملة بحي القلعة وتوريد ما تحتاج إليه من ذهب وفضة ونحاس لسك النقود؛ ولكي يضمن مسؤولو الدار وفاء الصيارفة اليهود بما عليهم من مال كانوا يطلبون منهم وبخاصة في أوائل الحكم العثماني أن يأتوا بمن يكفلهم. وبطبيعة الحال كان غالباً ما يأتي الصيرفي اليهودي بكفيل يهودي مثله من الفرقة الدينية والطائفة نفسيهما. وقد أسهم بنو الأشقر في حركة التجارة بمصر والتي استعادت كثيراً من ازدهارها المفقود في ظل الحكم الجديد، حيث برزوا باعةً ومشترين في الصفقات التي عقدوها مع يهود الداخل، وكانت القاهرة هي المسرح الرئيسي الذي دارت عليه تعاملات أولاد الأشقر مع غيرهم من اليهود بمشاركتهم بيعاً لهم وشراء. وعلى صعيد آخر، تنبع أهمية عائلة أبناء الأشقر بصفته بيتاً عريقاً راسخ القدم، غنياً برجاله من دراسي الشريعة وحفظة التراث اليهودي الأندلسي، وفي مقدمتهم موسى بن إسحاق الأشقر الديان، قاضي اليهود الذي عُدّ واحداً من أبرز كتاب الفتاوى ومشرعي يهود مصر في القرن السادس عشر، فضلاً عن ولده سلمون شلومو الذي عمل حاخاماً في أخريات أيامه، وحفيد ابنه الحاخام إبراهيم المدعو إبراهيم بن شموال بن إبراهيم بن موسى بن إسحاق الأشقر الأندلسي. ورث آل الأشقر الأندلسي عن رب عائلتهم ومؤسس أسرتهم لون بشرته الشقراء؛ حتى صارت هذه الصفة اسم علم يُعرفون به ويُستدل منه عليهم، حيث كانوا معتدلي القامة تتفاوت شقرتهم بين اللونين الأشقر الخالص والأبيض المشرّب بحمرة، كما كانت تتراوح مراحلهم العمرية ما بين شاب حدث صغير السن ورجل بالغ وشيخ كبير. كان الأشقر الكبير، الجد الأعلى، أندلسي المولد والنشأة وعاش أولاده وأحفاده من اليهود حياة هادئة مستقرة نوعاً ما حتى إذا ما اشتعلت إسبانيا بروح التعصب الديني منذ عام 1465م، هاجر هؤلاء مع غيرهم من مسلمي ويهود الأندلس إلى ديار الإسلام. اشتد تيار الهجرة اليهودية من إسبانيا عقب صدور مراسيم الطرد بين عامي 1492 و1497 ليستقر آلاف اليهود ببلاد المغرب العربي المجاورة، مراكش والجزائر وتونس وطرابلس. وتوجه آخرون نحو الأراضي العثمانية والفارسية والمملوكية مثل بلاد البلقان، آسيا الصغرى، العراق، الشام، مصر. ويؤكد المؤلف أننا لا نعرف بالضبط من هو إسحاق الأشقر الذي ظهر في مصر، هل هو من مهاجري الأندلس السابقين وقد نشأ وتربى في القاهرة، أم أن له مساراً آخر؟ لكن المؤكد أن ظهوره جاء في سياق تفضيل مهاجري يهود الأندلس، مثل كل يهود العالم، الإقامة بالمدن والعيش والعمل بها، لا سيما إذا كانت بها موانئ، ومن ثم تظهر الحاجة إلى تنظيم الجمارك والإدارة المالية؛ وهو ما جعل يهود مصر ينشطون في الإسكندرية ودمياط على وجه خاص. وفي القاهرة العثمانية، ساد نموذج التجمع داخل حي يقطنه أغلبية من أبناء الديانة فيما عُرف بـ«حارة اليهود» وما جاورها من أماكن اتخذ فيها بعض أبناء الأشقر دوراً للسكن إلى جوار حي «خط السوريين» و«خط السبع قاعات» و«خوخة الأوز». وتدل مبالغ الإيجار المدفوعة في تلك الدور ووصفها على ثراء مستأجريها النسبي من أبناء الأشقر، وأنها كانت بيوتا فخمة مريحة كي تليق بهم وبمكانتهم الرفيعة، سواء داخل محيطهم العائلي أو على صعيد جماعتهم اليهودية ككل. لم يجد أبناء العائلة غضاضة في التردد على محاكم الشرع الإسلامية لإبرام عقود الزواج وإجراء الطلاق والتصديق والإشهاد على الحقوق الناشئة عنها والمترتبة عليها، لا سيما أحكام الزواج والطلاق.

مصر لافتتاح المتحف الكبير أول نوفمبر
مصر لافتتاح المتحف الكبير أول نوفمبر

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 أيام

  • الشرق الأوسط

مصر لافتتاح المتحف الكبير أول نوفمبر

حددت مصر موعداً لافتتاح المتحف المصري الكبير في أول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وذلك بعد أن كان قد تقرر افتتاحه في 3 يوليو (تموز) الماضي، وتم تأجيل الموعد بسبب التطورات الجيوسياسية في المنطقة. وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، موافقة رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، على تحديد موعد افتتاح المتحف في أول نوفمبر المقبل، مع توجيه الوزارات والجهات ذات الصلة باستكمال الترتيبات وظهور الحدث بالصورة المشرفة. ووجه رئيس الوزراء باستكمال الترتيبات التي تُجرى على قدم وساق، لضمان الجاهزية التامة لافتتاح المتحف المصري الكبير، والمنطقة المحيطة به، على النحو الذي يُسهم في ظهور حدث افتتاح المتحف بالصورة المشرفة. وأكد مدبولي، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، الأربعاء، أن افتتاح المتحف المصري الكبير يتم الإعداد له ليكون حدثاً استثنائياً يُضاف إلى مسيرة حافلة من الأحداث الوطنية المميزة التي ارتبطت بتاريخ مصر الحديث، خصوصاً أنه من المقرر أن يشهد حضوراً رسمياً مميزاً من العديد من بلدان العالم، كما يتضمن تنظيم عدد من الفعاليات المُصاحبة، حيث يُمثل المتحف المصري الكبير صرحاً حضارياً وثقافياً وسياحياً عالمياً يُبرز عظمة إرث الحضارة المصرية، بمختلف فصولها، ويجذب الزوار من جميع أنحاء العالم. وعدّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، الإعلان عن موعد افتتاح المتحف يعكس رغبة القيادة السياسية في الربط بين الموسم السياحي الشتوي والحدث الثقافي الأهم، في ظل مساعٍ حثيثة لاستعادة معدلات السياحة لما قبل جائحة كورونا، بل وتجاوزها. وأضاف لـ«الشرق الوسط»: «حين يُفتتح المتحف المصري الكبير، ستكون مصر قد كتبت صفحة جديدة في كتاب حضارتها الممتد لسبعة آلاف عام. سيكون الافتتاح بمثابة تذكير بأن مصر ليست فقط بلد الأهرامات والمومياوات، بل بلد الحلم والعمل والبناء». وشيدت مصر المتحف المصري الكبير بالقرب من أهرامات الجيزة (غرب القاهرة)، على مساحة 117 فداناً، ليشكل ما يمكن عدّه منطقة متحفية مفتوحة على الأهرامات، ويعرض مقتنيات «الفرعون الذهبي» توت عنخ آمون كاملة للمرة الأولى منذ اكتشافها، التي يتجاوز عددها 5 آلاف قطعة أثرية. ويصف عالم الآثار المتحف بأنه «المشروع الثقافي الأضخم في تاريخ مصر الحديث، وربما في تاريخ المتاحف عالمياً، وهو ليس فقط أكبر متحف مخصص لحضارة واحدة في العالم، بل هو مشروع قومي يعكس تطور الرؤية المصرية للثقافة». المتحف المصري الكبير يضم آثار الحقب المتعاقبة في الحضارة القديمة (صفحة المتحف على «فيسبوك») وبحسب عبد البصير يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، من بينها المجموعة الكاملة لكنوز الملك الشاب توت عنخ آمون، كما يضم مركزاً للترميم، ومراكز تعليمية، وساحات ثقافية، ومساحات مخصصة للفنون والعروض، مما يجعله وجهة سياحية متكاملة. ونظم المتحف افتتاحاً تجريبياً لقاعات بعينها وإتاحتها للجمهور خلال الفترة الماضية، بعد أن كان من المقرر افتتاح المتحف عام 2020 لكن تم تأجيل الحدث بسبب جائحة كورونا، كما تم الإعلان عن موعد آخر للافتتاح في 3 يوليو الماضي وتأجل الافتتاح بسبب الظروف السياسية في المنطقة وأحداث غزة. وأكد خبير الآثار المصري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، أن «اختيار الافتتاح أول نوفمبر مع بدايات الموسم السياحي الشتوي فى مصر هو اختيار موفق، حتى تأتي الدعاية الضخمة للافتتاح بثمارها فى زيادة عدد السياح على الأقل 3 ملايين سائح بعد الافتتاح لنصل إلى 17.8 مليون سائح». وعدّ ريحان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «بحلول أول نوفمبر ستكون كل الاستعدادات قد اكتملت، خصوصاً ربط المتحف بالأهرامات واكتمال الكوبري المؤدي إليها من المتحف، مع انتهاء تطوير الأهرامات بالمدخل الجديد بطريق الفيوم وتطوير المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير والطريق الدائري وأعمال مشروع تحسين الهوية البصرية والإنارة ورفع كفاءة الأرصفة وتخطيط الشوارع المحيطة بالمتحف واستعداد مطار سفنكس الدوليّ لاستقبال طائرات الوفود المشاركة بعد أعمال التوسعة والتطوير». ويصف الخبير الأثري الاحتفالية التي تستمر لعدة أيام بأنها ستكون «بمثابة رسالة سلام إلى كل شعوب العالم من بلد الحضارة، ورسالة من خلال القوى الناعمة المتمثلة فى الآثار المصرية بأن العالم يجب أن يجتمع على أسس البناء لا الهدم والتدمير».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store