logo
قطاع السياحة الواعد حسب رؤية السعودية 2030.. إنجازات تحققت ومشاريع قيد العمل

قطاع السياحة الواعد حسب رؤية السعودية 2030.. إنجازات تحققت ومشاريع قيد العمل

مجلة سيدتي٢٥-٠٤-٢٠٢٥

مرّ تاريخ السعودية بحضارات وأمم متنوعة، ما جعلها زاخرة بالكنوز الثقافية والتاريخية، وقد ساهم اتساع مساحتها، ووجود الحرمين الشريفين، والموقع الجغرافي المميز الذي يطلّ على ساحلي الخليـج العربي والبحر الأحمر؛ في تعزيز التنوع الثقافي. يعدّ ما تقدّم مكمن قوة لقطاع السياحة. وقد برز القطاع السياحي في المملكة بشكل واضح، في ظل رؤية السـعودية 2030، كقطاع واعد يمتلك مقومات طبيعية وثقافية هائلة. فقد استشرفت رؤية السـعودية 2030 الفرص السياحية؛ ليشهد القطاع تحولاً ملحوظاً، حيث جاءت مشاريع ضخمة، مثل: الوجهات السياحية في نيوم، ومشاريع البحر الأحمر، والقدية، والدرعية، والعلا، وغيرها، بجانب استضافة كبرى البطولات الرياضية، والأحداث الترفيهية.
ولتسهيل قدوم السـياح عملت المملكة على إصلاح البيئة التشـــريعية والتنظيمية؛ لتتـــوج بتأســـيس منظومة ســـياحية تقود القطـــاع، على رأســـها إطلاق الاسـتراتيجية الوطنية للسياحة، وتمكين الرقمنة بإطلاق التأشـيرة الإكترونية، واعتماد نظام السـياحة الجديـد، وبناء القدرات البشرية السعودية، وغيرها من المبادرات والممكنات التي ساهمت في نمو القطاع. ونتيجة لهـــذه الجهـــود؛ حققت المملكة مسـتهدف رؤية السعودية 2030 قبل 7 سـنوات من موعده، بوصول عـــدد السياح إلى ملون سائح محلي ووافد مـــن الخارج، وهو ما رفع سقف الطمـوح؛ ليصبح المسـتهدف الجديـــد 150 مليون سائح بحلول عام 2030. وقد دفع ذلك إلى ارتفاع مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي، وتوليد المزيد من الوظائف السياحية؛ لتشكل السياحة رافداً اقتصاديّاً واجتماعيّاً، إضافة إلى أن مكانة المملكة السياحية أصبحت أكثر رسوخاً على المستوى الدولي.
قطاع السياحة في السعودية
يُساهم قطاع السياحة بنسبة 44% في الناتج المحلي الإجمالي في السعودية، مع نمو عدد السياح إلى 86.2 مليون سائح محلي في 2024، و29.7 مليون سائح وافد، إضافة إلى نمو عدد الموظفين المباشرين في قطاع السياحة إلى أكثر من 966.5 ألف موظف، بعد أن كانوا 683 ألفاً في 2020. إشارة إلى أن المملكة العربية السعودية كانت في عام 2024 الثانية لناحية نمو أعداد السياح على مستوى قائمة الوجهات السياحية الكبرى عالميّاً، والأولى في نمو الإيرادات السياحية خلال الأشهر التسعة الأولى إلى الأحد عشر الأولى من 2024. إضافة إلى ذلك، منذ 2021، تضاعفت قيمة الاستثمارات السياحية؛ لينمـو قطاع الضيافة، وتزيد الغرف الفندقية، ما يعزز قدرة المملكة على استضافة أعداد أكبر من السياح، لا سيما أن السنوات القادمة سـتكون حافلة بالعديد مـــن الأحداث والفعاليات الكبرى، التي ستستقطب الزوار والسياح من دول العالم كافة.
إنجازات السعودية في قطاع السياحة بالتواريخ والأرقام
2017؛ إطلاق مشروع البحـر الأحمر.
2018؛ إقامة مهرجان "شتاء طنطورة"، أول حدث سنوي دولي للعلا، والإعلان عن مشروع "أمالا"، أحـــد الوجهـات السياحية ضمن مشروع البحـر الأحمـر.
2019؛ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للسياحة، وإطلاق مواسم السعودية، وإطلاق التأشيرة السياحية الإلكترونية.
2020؛ تأسيـــس وزارة السياحة، وتأسيس الهيئة السعودية للسياحـة، وإطلاق منصة روح السعودية، وتأسيس صندوق التنمية السياحي، وموافقة مجلس الوزراء على تنظيم مجلس التنمية السياحي.
2021؛ إطلاق برنامج رواد السياحة ضمن برامج تنمية رأس المال البشـري السياحي، وافتتاح أول مكتـب إقليمـي لمنظمة السياحة العالمية في الرياض، وإدراج قرية رجال ألمع في قائمة أفضل القرى السياحية في العالم وفقاً لمنظمة السياحة العالمية.
2022؛ إطلاق برنامج عون السياحة لدعم المنشآت السـياحية متناهية الصغر والصغيرة، وإطلاق استراتيجية السياحة الرقمية، وموافقة مجلس الوزراء على نظام السياحة الجديد، والانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع البحر الأحمر.
2023؛ الفوز باستضافة معرض إكسبو 2030، واختيار المملكة للاحتفال بيوم السياحة العالمي، وتجاوز مستهدف الوصول إلى 100 مليون سائح محلي ووافد من الخارج إقبل موعده في 2030.
2024؛ تعديل مستهدف عدد السياح إلى 150 مليون سائح محلي ووافد من الخارج بحلول 2030، والتوسع في منح التأشيرة إلى زيارة المملكة إلكترونياً إلى 66 دولة، وإطلاق النسخة التجريبية من "سارة" المرشدة الذكية للسياحة السعودية، والفوز في استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم، وتصدر المملكة مجموعة العشرين في نمو عدد السياح الدوليين في تقرير الأمم المتحدة للسياحة.
السياحة السعودية في المؤشرات العالمية
سجلت المملكة إنجازات بارزة في قطاع السياحة؛ ممـا عـزز مكانتها الجاذبة للسياح من مختلف أنحاء العالم، فمن تصدرها لدول مجموعـــة العشرين فـــي نموّ معـــدل السـياح الدولييـــن، وارتفاع إيرادات السياحة، وتقدمها الملحوظ في الترتيب العالمي ضمن قائمة الدول في إنفاق السياح، إلى القفزات النوعية التي حققتها مدن المملكة. وتجسيداً لذلك، جاءت المدينـة المنورة ضمن أفضل 100 وجهة، ورسّخت العلا مكانتها السياحية والثقافي على مستوى العالم، وعززت منطقـــة عسير جاذبيتها السـياحية بإبراز أصالتها، عبـــر فوزهـا بجائزتين عالميتين تبـــرز تميزها فـــي التراث الغذائـــي وفنون الطهي ورواية القصص الثقافية فيها. تُظهر هـــذه المنجزات النمـو والازدهار، الـــذي يشـــهده القطاع السـياحي في المملكة، والتنوع والغنى الســـياحي الذي تحظى بـه؛ ممـــا جعلهـــا وجهـــة عالميـــة
تستقبل السـياح من أنحاء العالـم.
العلا تتألق عالميّاً
العلا هي أول وجهة في الشرق الأوسط، معتمدة في المنظمة الدولية للوجهات الـياحية "ديستينيشنز إنترناشيونال".
اعتماد أول مواقع "السماء المظلمة" في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي بتسجيل "منارة العال" و"محمية الغراميل".
جائزة أفضل مشروع للسياحة الثقافية في الشرق الأوسط لعام 2024، خلال حفل جوائز السفر العالمية للشرق الأوسط للعام الثاني على التوالـي.
العلا تنضم إلى التحالف السياحي العالمي لمدن "طريق الحرير" كعضو مؤسس.
البحر الأحمر
في إطار التقدم الذي تشهده المملكة في وجهاتها السياحية، تأتي وجهات البحر الأحمر كأهـم المشاريع السياحية، ليس على المستوى المحلي والإقليمي فحسب؛ بل على المستوى العالمي، وهـو ما يعكس الخطوات الطموحة التي قامت بها المملكة؛ من أجل تطوير وجهـات سـياحية فاخرة تعزز من جهودها في تنمية قطاع السياحة، ليكون رافداً في تحقيـــق التنمية المسـتدامة، وتنويـــع الاقتصاد. في هذا الإطار، افتتح منتجع "شيبارة" فـــي وجهة البحر الأحمـر؛ ليقدم تجربة فريدة تعكـــس التناغـــم بين الفخامة والطبيعة، إضافة إلى منتجع "سانت ريجيس"، و منتجع "نجومة، ريتز كارلتون ريزرف"، ومنتجع "ديزرت روك"، وافتتاح مطار البحر الأحمر الدولي، الذي يعد أول مطـــار خال من الكربون في الشرق الأوسط؛ مما يعـــزز التزام المملكة بالاستدامة والابتكار في مشـــاريعها، ويجعلها رائدة في السياحة المسـتدامة. إشارة إلى أن المطار المذكور سيخدم مليون ضيف حين يعمل بكامل طاقته.
الدرعية
تعد الدرعية جوهرة السياحة السعودية، بوصفهـــا أحـــد أبـــرز المواقـــع التاريخية في المملكة، وتتضمن موقعاً للتراث العالمي مدرجاً في قائمة اليونســـكو، كما أنها مهد للدولة الســـعودية الأولى وموطن للتراث والثقافـــة، بعمارتهـــا الطينيـــة الفريـــدة، وأحيائهـــا العريقـــة. وقد استمرت الجهود، منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، لتعزيـــز مكانة الدرعية الســـياحية، عبـــر مشـــاريع متنوعـــة تجـــذب السياح وتثري تجاربهم، حيـــث تقوم شركة الدرعية، أحد الشـــركات المملوكة لصندوق االســـتثمارات العامة، وهـــي المســـؤولة عـــن تطويـــر مشـــروع الدرعيـــة، بتحويـــل الدرعيـــة إلـــى وجهـــة تاريخيـــة وثقافية ومنطقة نابضـــة بالحياة، مـــا ســـيتيح للـــزوار فرصة التعرف عن قـــرب على تاريـــخ المملكة، فـــي أجواء نجديـــة عريقة يملؤها الاعتـــزاز والفخر بهذا الإرث العريق. وتعمل شركة الدرعية كمطور لمخططها الرئيسي للارتقاء بقطاعي الثقافة والضيافة، حيث تقدم مفهوماً متجدّداً لتحديد التخطيط العمراني، لتصبح الدرعية وجهة عالمية، ملتزمـــة بأعلى معاييـــر التصميم والتطوير، مـــع الحفاظ على تراثها العريق وفق المعايير العالمية.
إشارة إلى أن الدرعية عرفت خلال 2024 أكثر من 3 ملايين زيارة، موزعة بين مواقعهـــا (حي الطريف التاريخي، و مطل البجيري ، وفندق باب سـمحان).
القدية
تدعم القدية الأهداف الطوحة للمملكة بأن تصبح وجهة عالمية في مجالي الترفيه والسياحة. في هذا الإطار، يعمل المشروع الخاص بالقدية علـــى توفير تجارب استثنائية تجمع بين
الثقافة والرياضة والفنون والمغامرة في بيئة متكاملة ومبتكرة، ووجهت متنوعة فـــي الترفيه والرياضة والثقافة، علماً أن أعمال الإنشاء والبناء تتسارع يوماً بعد يوم في المشروع، وذلك لجذب الزوار من حول العالم، وتقديم وجهة نابضة بالحياة معززة جودة الحياة، تقدم خيارات ترفيهية، وتوفر منصات داعمة لطاقات الشـــباب. إشارة إلى أن الأعمال تتقدم في أبرز الوجهات، ومنها: متنزه أكواربيا، ومتنزه six flags.
9 سنوات مرت على إطلاق الرؤية السعودية، في عام 2016، وبالاطلاع على ما أنجز في قطاع السياحة تحديداً، يلاحظ تحقيق مكتسبات نوعية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رؤية الوفرة
رؤية الوفرة

الرياض

time٣٠-٠٤-٢٠٢٥

  • الرياض

رؤية الوفرة

الرؤية التي انطلقت عام 2016 ليست مجرد مخطط اقتصادي واجتماعي، بل تجربة نفسية متكاملة غيّرت بوصلة التفكير الجماعي للفرد السعودي والمقيم، نحو تبني "عقلية الوفرة" (Abundance Mindset). فنتائج رؤية السعودية 2030 المتلاحقة، التي تجلّت في أرقام وإنجازات ملموسة، أسهمت في ترسيخ اعتقاد راسخ بأن المستقبل عامر بالفرص والخير، وليس دائرة ضيّقة من النواقص والتحديات. أول مقوّم في بناء هذه العقلية هو الأمان والاستقرار المادي الناجم عن برامج الإسكان. فقد ارتفعت نسبة تملّك الأسر السعودية لوحداتها السكنية من 47 % قبل الرؤية إلى 65.4 % في 2024، بينما سكّنت أكثر من 850 ألف أسرة منازلها منذ بداية البرنامج وحتى نهاية الربع الثالث من عام 2024، هذا التحوّل ليس رقمًا بقدر ما هو تعبير عن شعور عميق بالأمان وامتلاك الموارد الأساسية، ما يعزز الشعور الداخلي بأن الحياة توفر مساحة تكفي الجميع، فتحلّ مكان الهواجس حول الاحتياج والخوف من المستقبل. ثانيًا: تنوع فرص العمل وتمكين الأفراد اقتصاديًا أسهم بشكل كبير في ترسيخ العقلية الوفرة. فقد بلغت العقود الموثقة رقميًا عبر منصات التوظيف أكثر من 9 ملايين عقد، بحوّل الإجراءات إلى سلسلة مبسطة شفافة وسريعة، مع انخفاض النزاعات العمالية بنسبة 30 % منذ بدء التوثيق الرقمي. وفي ظلّ تركيز الرؤية على تمكين المرأة، نمت نسبة مشاركتها في سوق العمل السعودية من 22.8 % قبل 2016 إلى 33.5 % في 2024. وهذه الزيادة في الفرص الاقتصادية تخلق شعورًا بالوفرة في القدرات والإمكانات الشخصية، إذ يدرك الفرد أن قدرته على التمكّن المادي مفتوحة، وأن الإنجاز الوظيفي ليس مقصورًا على مجموعة محدودة. ثالثًا: التحوّل الرقمي في الخدمات الصحية عزّز الثقة والتفاؤل. فقد أُطلقت منصة "موعد" والخدمات الافتراضية التي مكّنت المرضى من حجز مواعيدهم واستشاراتهم عن بُعد، وهو ما يخفض من مخاطر الازدحام ويوفر الوقت والجهد. إلى جانب ذلك، ارتفعت نسبة الممارسين للنشاط البدني اليومي بين الأطفال والمراهقين (5–17 عامًا) من 6 % إلى 18.7 % بين عامي 2016 و2024، مما يعكس نجاح حملات التوعية وتحفيز العادات الصحية. هذه التطورات تنقل الانطباع بأن الرعاية الصحية والرفاهية متوافرة، فتنمو الثقة بأن المجتمع يستطيع أن يعيش حياة كاملة وصحية دون هلع من نقص الخدمات أو ضعف البنية التحتية. رابعًا: الانفتاح الثقافي والسياحي يلعب دورًا نفسيًا محوريًا في توسيع آفاق الوفرة. فالمملكة استقبلت 11.3 مليون معتمر في عام 2024، متجاوزة مستهدف الرؤية، بينما ارتفع عدد المواقع المدرجة في قائمة التراث العالمي إلى 8 مواقع قبل الموعد المقرر عام 2030. كما احتضنت مشروعات كبرى مثل البحر الأحمر والقدية والدرعية مهرجانات عالمية كـ"شتاء طنطورة". كل هذا يعزز الاعتقاد بأن المملكة قادرة على استقطاب العالم إليها، ما يغرس في وعي الفرد شعورًا بأن أرضه غنية بكنوز ثقافية وطبيعية، وأن لديه موارد هائلة لاستكشافها والاستمتاع بها. خامسًا: الاستدامة البيئية تُشكل بعدًا نفسيًا رابعًا للوفرة. إذ أسهمت مبادرة "السعودية الخضراء" في حماية 18.1 % من المناطق البرية والبحرية حتى 2024، مع إطلاق أكثر من 7 آلاف كائن فطري في المحميات الطبيعية، وإرادة حقيقية لتعافي الأراضي المتدهورة وزراعة 10 مليارات شجرة بحلول 2030. هذه الخطوات ترسّخ فكرة الوفرة في المستوى الروحي والنفسي، بأن البيئة نفسها تزخر بالحياة والجمال، وأن الموارد الطبيعية ليست مقدورة بل متجددة وقابلة للحماية والازدهار. سادسًا: تمكين المجتمع المدني والمسؤولية الاجتماعية أتاح مساحة للتعاضد والشعور بالوفرة في العطاء. فقد قفزت نسبة الشركات الكبرى التي تقدم برامج المسؤولية الاجتماعية إلى 71.6 % في 2024 مقابل 30 % قبل الرؤية. وروّج ذلك لثقافة العطاء الجماعي والمبادرات التطوعية، ما يمنح الفرد شعورًا بأن المجتمع متكامل وموارد العون متاحة باستمرار لمن يحتاجها. في الاستشراف النفسي للمستقبل، يرى المواطن والمقيم اليوم أن الرؤية تمضي نحو مرحلة ثالثة (2026–2030) بتجديد العزم على مضاعفة الإنجازات وتسريع وتيرة التنفيذ، خاصة في مجالات الاقتصاد الرقمي، الذكاء الاصطناعي، والصناعات المتقدمة. وهذا يعزز لدى الفرد ثقة عميقة بأن الفرص المستقبلية لن تقتصر على الواقع الحالي، بل ستتوسع إلى آفاق غير مسبوقة، مما يعزز عقلية الوفرة بأن القادم أفضل وبموارد وإمكانات أكثر اتساعًا. ختامًا؛ إن "عقلية الوفرة" التي اتسع نطاقها بفعل نتائج رؤية 2030 لا تعني تجاهل التحديات، بل تغيير النظرة تجاهها: من عائق يحول دون التقدم إلى فرصة للنمو والابتكار. فالشعور بالأمان المادي، وتنوع الفرص الاقتصادية، وسهولة الخدمات، وتواصل المملكة مع العالم، واحترامها للبيئة والموروث الثقافي، كلها عناصر متكاملة تعيد تشكيل اللاوعي الجمعي. وهكذا، يتحول المواطن السعودي والمقيم إلى "صانع وفرة" في ذهنه وعمله، مستلهمًا رؤية وطنه التي أفرزت وفرة الفرص والآمال لمستقبل أكثر إشراقًا واستدامة.

من الحرمين إلى الدرعية والعلا.. إنفاق السياح الأجانب يتخطى 800 مليار ريال خلال 9 أعوام
من الحرمين إلى الدرعية والعلا.. إنفاق السياح الأجانب يتخطى 800 مليار ريال خلال 9 أعوام

الاقتصادية

time٢٨-٠٤-٢٠٢٥

  • الاقتصادية

من الحرمين إلى الدرعية والعلا.. إنفاق السياح الأجانب يتخطى 800 مليار ريال خلال 9 أعوام

تعد السعودية اليوم من أبرز الوجهات السياحية الصاعدة على مستوى العالم، حيث تشهد تحولا جذريا في قطاع السياحة ضمن رؤية السعودية 2030. لطالما كانت السعودية وجهة دينية يقصدها المسلمون من أنحاء العالم لأداء مناسك الحج والعمرة؛ لكن القطاع السياحي خارج هذا الإطار ظل محدودا لسنوات، واليوم، تبرز السياحة كأحد القطاعات الواعدة التي تمتلك مقومات طبيعية وثقافية هائلة. فمن جبال العلا الساحرة إلى شواطئ البحر الأحمر الخلابة؛ ومن الدرعية التاريخية إلى مشاريع المستقبل في نيوم والقدية؛ تقدم السعودية تجربة سياحية متنوعة تمزج بين الأصالة والابتكار. هذا إلى جانب استضافة كبرى الفعاليات الرياضية والترفيهية العالمية، التي عززت من مكانة السعودية كوجهة متكاملة للسياحة والاستكشاف. كيف عملت السعودية لتحفيز السياحة؟ ضمن إطار رؤية 2030، عملت السعودية على تحفيز القطاع السياحي من خلال حزمة من المبادرات والسياسات الاستراتيجية؛ فعملت على منظومة للسياحة من خلال 6 جهات رئيسية: وزارة السياحة، الهيئة السعودية للسياحة، وكذلك صندوق التنمية السياحي، والهيئة السعودية للبحر الأحمر، وبرنامج الربط الجوي، وكذلك مجلس التنمية السياحي. هذه الجهات الـ6 الرئيسية تكاتفت للعمل على عديد من التشريعات والمبادرات وكذلك دعم الاستثمارات، فقامت السعودية وللمرة الأولى خلال عام 2019 بإصدار تأشيرات سياحية وفتح أبوبها أمام السياح، ومن ثم إطلاق منصة "روح السعودية" الهادفة إلى ترويج الفعاليات والأنشطة المتنوِّعة حول السعودية. قبل ذلك، كانت السعودية تواصل إطلاق مشاريعها السياحية العملاقة، من مشروع البحر الأحمر وأمالا، إلى جوهرة السياحة السعودية "الدرعية"، إضافة إلى عديد من المشاريع السياحية، مثل مشروع "القدية" ومشاريع سياحية في "نيوم" و"العلا"، لتسابق الزمن في تنفيذ تلك المشارع. هذه المشاريع العملاقة وخلافها وجهت بوصلتها لمشاركة القطاع الخاص في تنفيذها، ما انعكس على حجم الاستثمارات في هذا القطاع، حيث تضاعفت قيمة الاستثمارات السياحة من 1.2 مليار ريال عام 2021 إلى 14.8 مليار ريال بنهاية العام الماضي. كما قام صندوق التنمية السياحي، أحد الممكنات في المنظومة، بتسهيل عملية الاستثمار؛ فعلى سبيل المثال، مول الصندوق 64 مشروعا بقيمة تجاوزت 10.9 مليار ريال خلال الفترة 2021-2023. 800 مليار ريال إنفاق السياح الأجانب خلال الأعوام التسعة الماضية (2016-2024) أنفق السياح الأجانب نحو 816 مليار ريال، وسط نمو قوي في الإنفاق، لاسيما العامين الماضيين، واللذين سجل الإنفاق فيهما 141 مليار و154 مليار على التوالي. تجاوز الإنفاق السياحي حاجز 1.2 تريليون ريال خلال 8 أعوام الماضي (2016-2023) بمتوسط إنفاق سنوي نحو 155 مليار ريال،. كان النصيب الأكبر من الإنفاق للسياحة الوافدة، الذي مثل 53% مقابل 47% للسياح المحليين، وسط مساع حكومية تركز على السائح المحلي ثم الخليجي ثم الدولي. من عام 2017 وحتى الآن لم يخلُ عام من إطلاق مشاريع سياحية أو إطلاق مواسم وإقامة مهرجانات جديدة أو إحداث تنظيم جديد في القطاع السياحي، ما أسهم في تنامي الإنفاق بشكل واضح. كان الإنفاق على الأغراض الدينية يمثل نحو 60% من إنفاق السياح قبل الرؤية؛ إلا أن تنوع المشاريع السياحية والترفيهية قلص هذا التركيز إلى 55% بنهاية عام 2023، رغم تنامي الأخيرة وسط مستهدفات للحجاج والمعتمرين. 100 مليون سائح تجاوزت السعودية خلال عام 2023 مستهدفات الرؤية قبل موعدها بـ 7 أعوام، فيما يتعلق بعدد السائحين، بعد تخطيها حاجز 100 مليون سائح محلي وأجنبي، ما دفع الحكومة إلى رفع المستهدف لعام 2030 إلى 150 مليون سائح. أسهمت هذه الزيادة الكبيرة في عدد السياح في ارتفاع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، لتصل إلى 4.4%، مع استهداف 10% بحلول 2030، إضافة إلى توليد مزيد من الوظائف وتوطينها عبر برامج خاصة. منذ 2016، بلغ عدد السياح في السعودية نحو 564 مليون سائح؛ شكّل السياح المحليون نحو 79% منهم، فيما بلغ عدد السياح الأجانب نحو 118.7 مليون سائح خلال الفترة. ميزان إيجابي لمدفوعات السفر أدى ارتفاع إنفاق السياح الأجانب إلى تحسن بند السفر في ميزان المدفوعات السعودي، الذي سجل فائضا للعام الثالث على التوالي ولأول مرة، مقارنة بعجوزات سابقة قبل عام 2018. خلال العام الماضي، حقق بند السفر فائضا قياسيا بلغ نحو 50 مليار ريال، بزيادة 8% عن العام السابق، رغم ارتفاع الإنفاق السياحي خارج السعودية أو ما يعرف بالسياحة المغادرة بنسبة 17% خلال الفترة نفسها.

الوجبات السريعة: عندما تتواطأ الصناعات والدول ضد صحة الشعوب
الوجبات السريعة: عندما تتواطأ الصناعات والدول ضد صحة الشعوب

أرقام

time٢٦-٠٤-٢٠٢٥

  • أرقام

الوجبات السريعة: عندما تتواطأ الصناعات والدول ضد صحة الشعوب

- في كتابه عميق التحليل، "سياسات الوجبات السريعة: كيف تشكل صناعات المشروبات والوجبات السريعة الاقتصادات الناشئة"، يكشف الباحث إدواردو جوميز عن الوجه المظلم للعولمة في مجال الغذاء؛ إذ تتضافر جهود شركات الأغذية فائقة المعالجة مع حكومات الدول النامية بهدف توسيع نطاق أسواقها وتحقيق أقصى قدر من الأرباح. - ويأتي هذا التوسع على خلفية قيام الأسواق المتقدمة بتضييق الخناق على هذه الصناعات من خلال تبني سياساتٍ فاعلة، مثل فرض "ضرائب السكر" وإطلاق حملات توعية صحية مكثفة. - ويُعدّ هذا الكتاب، الصادر عام 2023، محاولة جريئةً ومتعمقةً لقراءة السياسات التي تحكم العلاقة بين الدول النامية وصناعات الأغذية غير الصحية. - ويحذر جوميز في كتابه من أن تفاقم المشكلة الصحية العالمية لا يقتصر في أسبابه على الخيارات الفردية فحسب، بل يمتد بجذوره ليشمل مصالح سياسية وتجارية عابرة للحدود تتحكم في المشهد العام. هل هي اختيارات فردية أم تلاعب صناعي ممنهج؟ - لطالما أُلقيت المسؤولية على عاتق الأفراد فيما يتعلق بخياراتهم الغذائية؛ حيث يصوّر الخطاب العام السائد حالات البدانة والسكري وأمراض القلب كنتيجة مباشرة لسلوك شخصي خاطئ. - ويتأصل هذا الطرح بشكل أعمق في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر صيحات الطعام الرائجة على منصات مثل "تيك توك"، مما يروج لعادات الأكل المفرط وغير الصحي. - بيد أن جوميز يتحدى هذا المنطق، مقترحاً إطاراً تحليلياً مغايراً يلقي باللائمة بشكل أساسي على التحالف الخفي القائم بين الشركات العملاقة وصنّاع القرار السياسي. - ويوضح المؤلف أن صناعات المشروبات الغازية والوجبات السريعة لا تكتفي بالترويج لمنتجاتها فحسب، بل تشارك بنشاط في صياغة السياسات العامة التي تسهل دخولها إلى الأسواق النامية وتمنحها شرعية زائفة لا تستحقها. الهروب من الرقابة نحو الاقتصادات الناشئة كملجأ - يشير المؤلف إلى أن توسع هذه الشركات في الاقتصادات الناشئة لم يكن مدفوعاً بالرغبة في غزو الأسواق الجديدة فحسب، بل كان أيضاً نتيجة لتراجع شعبيتها، ومواجهتها قيوداً متزايدة في الأسواق الغربية. - فقد بات المستهلك الغربي أكثر وعياً بالمخاطر الصحية المرتبطة بالأطعمة فائقة المعالجة، الأمر الذي دفع الحكومات إلى تبني سياسات تنظيمية أكثر صرامة، كوضع علامات تحذيرية واضحة، أو فرض ضرائب على المشروبات السكرية الضارة بالصحة. - إزاء هذا الواقع المتغير، لجأت الشركات إلى "الاقتصادات الناشئة"، حيث غالباً ما تكون السياسات التنظيمية أضعف، وتكون الدول أكثر استعداداً لقبول الاستثمارات الأجنبية المباشرة دون فرض شروط صحية صارمة. علاقات المصالح المتشعبة، وتأثيرها على السياسات العامة - يُعدّ أحد أبرز إسهامات الكتاب هو تقديمه إطاراً نظرياً جديداً بعنوان "السياسات الصناعية والمؤسسات التكميلية"، والذي يسلط الضوء بشكل معمق على المصالح والروابط الوثيقة بين الدول وصناعات الأغذية غير الصحية. - ويستعرض جوميز، على سبيل المثال، الدور المحوري الذي لعبه الرئيس المكسيكي الأسبق فيسنتي فوكس، الذي سبق له أن شغل منصباً قيادياً رفيعاً في شركة "كوكاكولا"، في عرقلة محاولات فرض ضرائب على المشروبات الغازية داخل بلاده. - وعلى المنوال ذاته، تبنى خلفاؤه نهجاً ترحيبياً مشابهاً تجاه شركات عالمية كبرى مثل "بيبسيكو" و"نستله"، مبررين ذلك بأن هذه الاستثمارات توفر فرص عمل وتعزز النمو الاقتصادي، حتى وإن كان الثمن هو تفشي أمراض السمنة والسكري بين فئات المجتمع المختلفة، بمن فيهم الأطفال. الشرعية الزائفة تحت ستار "المسؤولية الاجتماعية للشركات" - تستخدم شركات الوجبات السريعة برامج "المسؤولية الاجتماعية للشركات" كأداة رئيسية لبناء تحالفات قوية مع الحكومات، لا سيما في قطاع التعليم الحيوي. - ففي المكسيك، تعاونت شركة "بيبسيكو" مع وزارة التعليم لإطلاق برامج رياضية في المدارس، بينما اعتُبرت في الهند شريكاً مهماً في جهود الحكومة الرامية إلى تحسين تغذية الأطفال. - لكن جوميز يفضح ببراعة هذه الاستراتيجيات، مؤكداً أن الهدف الحقيقي من ورائها ليس تحقيق الصحة العامة كما يُدّعى، بل هو كسب الشرعية المجتمعية، وتحييد أي دعوات جادة لفرض تنظيمات صارمة على منتجاتها الغذائية الضارة. لماذا تستهدف هذه الشركات الاقتصادات الناشئة تحديدًا؟ - على الرغم من التحليل الدقيق والشامل الذي يقدمه جوميز في كتابه، فإن ثمة تساؤلات مهمة تستحق المزيد من التوسع والتعمق: لماذا تنجح هذه الصناعات تحديداً في غزو أسواق الدول النامية بهذه السهولة والسرعة؟ - يشير الكاتب إلى بعض الأسباب المحتملة، لكنه لا يتعمق بما فيه الكفاية في العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المعقدة التي تجعل هذه الأسواق هشة وضعيفة أمام نفوذ الشركات العملاقة وقدرتها على التأثير. - ففي ظل تفاقم مشكلتيِ الفقر وغلاء المعيشة، تصبح الأطعمة السريعة رخيصة الثمن خياراً شبه وحيد ومتاحًا لشرائح واسعة من المجتمعات في هذه الدول. - وهكذا، تجد الشركات في انعدام الأمن الغذائي بيئة خصبة لتعزيز حضورها وتكريس نفوذها. وتستغل هذه الشركات حالة الاضطراب الاجتماعي والاقتصادي لإغراق الأسواق بمنتجاتها الرخيصة والضارة، مستفيدة من الحاجة الملحة لخيارات غذائية منخفضة التكلفة، حتى لو كانت على حساب الصحة العامة. هل هي سيطرة غذائية أم شكل جديد من أشكال الاستعمار؟ - لا يقتصر نقد جوميز على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يذهب إلى الربط بين انتشار هذه السياسات والهيمنة الثقافية والاقتصادية المتزايدة على النظم الغذائية المحلية التقليدية. - فقد أصبحت علامات تجارية عالمية مثل "ماكدونالدز" و"كوكاكولا" رموزاً بارزة للعولمة الثقافية الأمريكية، تتغلغل بعمق في الثقافات المحلية، وتزاحم الأطعمة التقليدية الصحية، وتعيد تشكيل العلاقة التاريخية بين الناس والطعام بشكل جذري. - ويستحضر المؤلف في هذا السياق أفكار عالم الاجتماع البارز جورج ريتزر التي طرحها في كتابه المؤثر "مكدونالدزية المجتمع"، حيث تسود ثقافة الوجبات الجاهزة السريعة، ويتقلص التنوع الغذائي بشكل ملحوظ، وتُغرّب المجتمعات عن مصادرها الغذائية الأصلية وتراثها الغذائي الغني. بين مطرقة الربح وسندان السياسة تضيع صحة الشعوب - في الختام، يقدم كتاب "سياسات الوجبات السريعة" تحذيراً واضحًا: إن ما نشهده اليوم من أنظمة غذائية مضطربة وغير صحية في دول الجنوب العالمي ليس مجرد نتيجة لتطور طبيعي في أنماط الاستهلاك، بل هو انعكاس لواقع معقد يتمثل في تحالف بين السياسة والتجارة. - إنه تحالف خطير يعيد تعريف مفهوم السيادة الغذائية للدول، ويجعل صحة الشعوب ومستقبلها الصحي رهينة لمعادلات ربحية بحتة لا تكترث على الإطلاق للعواقب الصحية والاجتماعية والاقتصادية طويلة المدى. - وبينما تسعى هذه الصناعات بكل قوتها لتوسيع نفوذها وسيطرتها على الأسواق العالمية، تبقى الحاجة ماسة إلى تبني سياسات صحية عادلة، وفرض تنظيمات صارمة على هذه الصناعات. - والأهم من ذلك، بناء مجتمعات مدنية واعية وقادرة على مقاومة هذا التواطؤ الممنهج والخطير بين المال والسياسة الذي يهدد صحة الأجيال القادمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store