في لبنان.. علامات تجارية ولدت من رحم الأزمات
1200 علامة تجارية
يُعد لبنان من الدول الرائدة عربيًا في خلق وتصدير العلامات التجارية إلى الخارج خصوصًا عبر مانحي الامتياز الذين طوروا أفكارهم محليًا، على ما يقول رئيس جمعية تراخيص الامتياز في لبنان (الفرانشايز) يحيى القصعة في حديثه لـ"المدن". فقد سعى مانحو الامتياز منذ بداية الأزمة عام 2020 حتى اليوم لصوغ حلول بديلة، بفعل نقص التمويل وارتفاع كلفة الاستيراد، فقاموا بتصنيع الماركات داخليًا.
وعن واقع السوق بين عامي 2024 و2025، أشار القصعة إلى أن بعض الشركات عادت إلى استيراد الماركات من الخارج، رغم استمرار الاقتصاد المحلي بإنتاج علامات منافسة. ويُقدّر عدد العلامات التجارية العاملة بنظام "الفرانشايز" في لبنان بنحو 1200 علامة، توزّعت بالتساوي بين 600 علامة محلية تُمنح على شكل امتيازات للتصدير و600 علامة مستوردة من الخارج تعمل ضمن السوق المحلي.
وأشار إلى أن قطاع الفرانشايز يُسهم بنحو 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وقد تراجع حجمه من أكثر من ملياري دولار قبل الأزمة إلى نحو 500 – 600 مليون دولار حاليًا، رغم أن ثلاث علامات محلية استقطبت استثمارات خليجية تجاوزت 110 مليون دولار لكل منها.
وأضاف القصعة أن قطاع "الفرانشايز" يُشغّل أكثر من 100 ألف موظف، وتتصدّر المطاعم هذا النشاط التجاري بنسبة 49 في المئة، تليها الأزياء والمجوهرات والتصاميم الداخلية. أما نماذج العمل فتتوزع بين مصنّعين وتجار أو الاثنين معًا.
النجاح لـ25% من العلامات
ومع صعوبة الأوضاع الاقتصادية وتأزم الوضع الأمني وتقلّبه محلياً وإقليمياً، يبقى جوهر الماركات المحلية، ومرونة الابتكار الذي يتمتع به السوق اللبناني، لافتاً بأفكاره وأسلوبه، وهو ما دفع باللبنانيين إلى الاستثمار في العلامات التجارية. وعلى الرغم من أن نسبة النجاح لا تتجاوز 20 إلى 25 في المئة من المشاريع، بحسب القصعة إلا أن بعض المشاريع تظهر قدرة واضحة على النجاح وتحقيق أرباح كبيرة.
ورغم غياب التمويل المصرفي، شهدت بيروت مؤخرًا إطلاق ما بين 32 و34 علامة تجارية جديدة، فيما أسهمت الاستثمارات الخليجية في تعزيز حضور العديد من العلامات التجارية المحلية، خصوصًا في قطاعَي المطاعم والأزياء، ما أعطى دفعة قوية لهذا النمو وسط التحديات.
من الانهيار إلى الإنتاج
وفي موازاة ما يشهده قطاع "الفرانشايز" من تحولات جذرية ومحاولات التكيّف مع الأزمة، برزت ظاهرة أوسع شملت الاقتصاد اللبناني عمومًا، حيث انعكس الانهيار المالي إلى جانب تداعيات جائحة كورونا على تحفيز وتطوير الإنتاج المحلي وولادة علامات تجارية جديدة، كما أوضح خبير السياسات العامة والباحث الاقتصادي شادي نشّابة.
وأشار نشّابة في حديثه إلى "المدن" إلى أن الصناعة المحلية باتت تشكّل 12 في المئة من الناتج المحلي، وهو رقم لافت في بلد كان يعتمد على الاستهلاك أكثر من الإنتاج. ولفت إلى أن تراجع الثقة بالقطاع المصرفي، وانهيار العملة، شجّعا المواطنين على استثمار مدخراتهم في مشاريع إنتاجية بدلًا من إيداعها في المصارف. كما أدى تفشي جائحة كورونا عام 2020 إلى طفرة في الصناعات الوقائية، في وقت تعقّد فيه الاستيراد وأصبح التركيز أكبر على الإنتاج المحلي.
علامات لبنانية تتوسّع رغم الخسائر
هذا التحوّل في سلوك المواطنين نحو الاستثمار والإنتاج، ترافق مع دور فاعل للدولة اللبنانية ودعم خارجي، ساهما بدورهما في ترسيخ هذه الدينامية الجديدة داخل السوق وتوسيع آفاقها نحو الخارج، وفي هذا السياق لفت نشّابة إلى أن الدولة اللبنانية لعبت دورًا أساسيًا في تسويق المنتجات اللبنانية في الخارج من خلال عقد الاتفاقيات وتسهيل الإجراءات المالية والإدارية، خصوصاً فيما يخص تأسيس الشركات والمصانع الجديدة، بالإضافة إلى دورها في حماية الملكية الفكرية، وهو ما اعتبره عنصرًا جوهريًا في دعم هذا المسار.
كما أوضح أن الاستثمارات الخارجية حفّزت نشوء علامات لبنانية نجحت في أسواق خارجية، أبرزها دبي والسعودية والكويت وغيرها من الدول الخليجية. ورغم هذا النجاح، بيّن نشّابة أن نحو 10 آلاف مؤسسة صغيرة أغلقت أبوابها و1200 مقهى، فيما أُقفل 30 في المئة من المنشآت الصناعية والتجارية، إلا أنه في المقابل ظهرت نحو 35 في المئة من العلامات التجارية الجديدة في السوق المحلي.
أثبتت الأزمة اللبنانية، رغم شدتها، أن اللبنانيين أفرادًا وشركات قادرون على الإبداع والإنتاج وتحويل التحديات إلى فرص من خلال تأسيس مشاريع خاصة بهم وملء الفراغ الذي خلفته العلامات التجارية العالمية. وفيما تتعزّز مكانة العلامات اللبنانية الجديدة في الأسواق، يظهر هذا التحوّل كفرصة حقيقية لإرساء اقتصاد إنتاجي مستقل، ينهض من قلب الأزمات، ويعيد للبنان شيئاً من قدرته على الاكتفاء والتفوّق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
وزير الزراعة: نستهدف الوصول بالصادرات إلى 12 مليار دولار
أكد علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الاراضي، أننا نستهدف الوصول بالصادرات الزراعية هذا العام إلى 12 مليار دولار. وتابع وزير الزراعة واستصلاح الاراضي، في حوار لقناة اكسترا نيوز، مساء اليوم الأحد، أن تسريب الاسمدة قل بنسبة 90% الفترة الاخيرة وبعد الاجراءات التي تم اتخاذها، متابعا أن 3.5 مليون فدان ستضاف للرقعة الزراعية خلال الثلاث سنوات المقبلة. وأكمل علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الاراضي، في حوار لقناة اكسترا نيوز، مساء اليوم الأحد، أن الدولة تبنت خطة توسع أفقي ورأسي لاستصلاح الأراضي والتوسع في الرقعة الزراعية.


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
قرار عاجل بالأهلي في شأن رحيل وسام أبو علي
أغلقت إدارة الكرة بالأهلي ملف بيع وسام أبو علي، مهاجم الأهلي، وتقرر استمرار اللاعب مع الفريق وفقًا لتعاقده مع النادي حتى عام 2029.. جاء هذا القرار بعد تداعيات بدأت بتلقي الأهلي عرضًا من نادي الوصل الإماراتي لشراء وسام أبو علي، تدرج المقابل المالي فيه من 2,5 إلى 4 ثم 6 ملايين دولار + 20% من صافي عائد البيع، ورد النادي بأن المقابل المعروض لا يتناسب مع طلب الأهلي وقدرات اللاعب، ولم يتواصل نادي الوصل ثانية بعدما حدد الأهلي موقفه. في ذات الوقت تلقى النادي عرضًا من نادي كولومبوس كرو الأمريكي بدأ بـ4 ملايين دولار ووصل إلى 5,25 مليون دولار + 750 ألف دولار مزايا إضافية + 10% من عائد البيع، ورد النادي الأهلي بأن المقابل المالي أقل من المنتظر، والقيمة المالية للاعب يجب ألا تقل عن 9,5 مليون دولار + 2,5 مليون دولار مزايا إضافية.. وطالت فترة التفاوض دون حسم للأمر من الجانب الأمريكي.. ولأن الفريق يستعد لبدء فترة الإعداد للموسم الجديد، أرسل الأهلي خطابًا لنادي كولومبوس كرو حدد فيه يوم 10 من الشهر الجاري موعدًا أخيرًا لتلقي الرد النهائي بخصوص القيمة المالية، ولم يتلق النادي أي مكاتبات حتى انتهاء الموعد المشار إليه، وبالتالي تم إغلاق ملف بيع وسام أبو علي، والذي كان على دراية كاملة بكافة المفاوضات التي جرت والمراسلات التي تمت مع كل الأطراف.


النهار
منذ 3 ساعات
- النهار
الصين تتقدّم وأميركا تتراجع: منعطف حاسم في سباق السيّارات الكهربائية
قبل فترة وجيزة، كانت التوقعات تشير إلى سيطرة السيارات الكهربائية على الطرق حول العالم، مدفوعة بدعم حكومي واسع النطاق، وتوجّه بيئي متزايد، وتطوّر تقني سريع. غير أن التطورات الأخيرة في واشنطن قد تعيد تشكيل هذه الصورة جذرياً. تحوّل في السياسات الأميركية تجاه الحوافز البيئية أقرّ الكونغرس الأميركي أخيراً قانوناً يحمل اسم "بيغ بيوتيفل بيل" يشكل تغييراً جذرياً في سياسات الدعم والتحفيز للسيارات الكهربائية. هذا القانون ألغى الحوافز الفيدرالية التي كانت تُمنح لمشتري السيارات الكهربائية، والتي بلغت 7,500 دولار للسيارات الجديدة و4,000 دولار للمستعملة، بالإضافة إلى إلغاء الإعفاءات الضريبية لمشاريع الطاقة المتجددة والاستثمارات في تقنيات تقليل الانبعاثات. يمثل هذا الإجراء انسحاباً رسمياً من سياسة "التحفيز الأخضر" التي أطلقتها إدارة جو بايدن من خلال قانون خفض التضخم، وهو ما يعكس توجّه الإدارة الحالية نحو تقليص الدعم لهذه الفئة من التكنولوجيا النظيفة. تباطؤ النموّ في مبيعات السيارات الكهربائية على الصعيد العالمي، شهدت مبيعات السيارات الكهربائية نموّاً متسارعاً، إذ ارتفعت من مليوني سيارة في عام 2018 إلى أكثر من 17 مليون سيارة في 2024. غير أن السوق الأميركية بدأت تشهد تباطؤاً ملحوظاً، حيث ارتفعت حصّة السيارات الكهربائية من إجمالي مبيعات السيارات من 9% إلى 10% فقط في عام 2024، وهي نسبة زيادة ضئيلة مقارنة بالسنوات السابقة. وفي ضوء هذه المعطيات، خفضت وكالة بلومبرغ توقعاتها لحصة السيارات الكهربائية في السوق الأميركية بحلول عام 2030 من 47.5% إلى 27%، ما يعكس التحولات السياسية وتأثيرها على هذا القطاع الحيوي. تأثيرات على قطاع الطاقة والنفط العالمي لا يقتصر أثر هذا التراجع على قطاع النقل، بل يمتد إلى قطاع الطاقة بأكمله. مع انخفاض الحوافز، من المتوقع أن يتراجع الطلب على الكهرباء، ما يقلل من حوافز الاستثمار في شبكات الطاقة الحديثة والبنية التحتية الذكيّة. وقد يؤدّي هذا التباطؤ إلى تأجيل ذروة الطلب على النفط عالمياً، ما يعني استمرار استهلاك النفط عند مستويات مرتفعة لفترة أطول. وأشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أن أسطول السيارات الكهربائية أسهم في تقليل استهلاك النفط بمعدّل مليون برميل يومياً في عام 2024، غير أن هذا الأثر قد يتراجع في حال استمرار السياسات الحالية. في الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة تراجعاً في دعم السيارات الكهربائية، تواصل الصين تعزيز مكانتها الرائدة. تتمتع الصين بسوق قويّة حيث تشكل السيارات الكهربائية أكثر من 50% من مبيعات السيارات الجديدة، وهي الدولة الوحيدة التي أصبحت فيها تكلفة السيارات الكهربائية أقل من نظيرتها التي تعمل بالوقود التقليدي. وبالإضافة إلى ذلك، تحظى الصين ببنية تحتية متطوّرة لشحن السيارات الكهربائية، ما يعزز من مكانتها في السوق العالمية مقارنة بالولايات المتحدة التي تعاني من نقص في محطات الشحن. وتشير التطورات الأخيرة إلى أن السياسات الأميركية الجديدة قد تعيد رسم ملامح سوق السيارات الكهربائية والطاقة على المستوى العالمي. وفيما تتوسّع الصين بثبات لتقود مستقبل هذا القطاع، تواجه الولايات المتحدة تحدّيات كبيرة للحفاظ على مكانتها، ما قد يؤثر على موازين القوى الاقتصادية العالمية في العقود المقبلة.