logo
خواطر من وحي حلّ حزب العمال الكردستاني

خواطر من وحي حلّ حزب العمال الكردستاني

العربي الجديد١٤-٠٥-٢٠٢٥

قرار حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه تاريخي بالفعل، على الأقل لأنه يعدنا بإمكانية أن تنتهي قضية من قضايا هذا الشرق الأوسط وتسقط عن رف "القضايا المقدّسة" العصية على الحل. وبقدر ما هو تاريخي، فإنه يحيل إلى تقاليد سياسية مفقودة في العالم الثالث الذي يشمل مناطق إقامة الأكراد في تركيا والعراق وإيران وسورية. وبغض النظر عن مصير القرار وعن مدى التزام فروع الحزب فيه، وعن كيفية ملاقاته من السلطة في أنقرة، فإنّه بمثابة تذكيرٍ لقارئ عربي كم أن أفكاراً سياسية بدائية وبديهية، كإعلان انتهاء مفعول حزبٍ ما، أو اعتراف بفشل أدوات الشغل لتحقيق هدف، أو إعادة النظر في شعارات قضية معيّنة، غائبة عن الحياة السياسية العربية القريبة جداً جغرافياً وديمغرافياً وفكرياً من ميادين حزب العمّال الكردستاني، التركي رسمياً، ولكنه مطعّم بقيادات ومقاتلين وجماهير كردية عريضة من بلدان عربية. فأن يحلّ حزب ماركسي ــ لينيني نفسه، كـ"العمّال الكردستاني"، متمحور منذ تأسيسه قبل 47 عاماً حول قائد واحد هو بمثابة إله ملهم أو نصف إله بالنسبة إلى أنصاره، فإنما ذلك يتطلب جرأة هائلة ومراجعات سياسية من صاحب القرار (عبد الله أوجلان) لمسيرة نصف قرن من كفاحه المسلح والسياسي. جرأة ومراجعات لا تقلّل من أهميتها ثرثرات تعزو القرار بسطحية مذهلة إلى رغبة أوجلان بالخروج من سجنه مقابل حل الحزب، وهي صفقة كان على الأرجح قادراً على إبرامها منذ اعتقاله عام 1999، لا عن عمر 76 عاماً، بعد 26 سنة قضاها في سجن انفرادي وسط جزيرة إمرلي.
في ذاكرة المتابع العربي حالات نادرة من حلّ أحزاب عربية نفسها، على عكس وفرة أمثلة حظرها بقرارات سلطات حاكمة. ويذكر كاتب هذه السطور ما أخبره إياه المفكر الشيوعي المصري سمير أمين عام 2008 عن كيف قررت قيادة الحزب الشيوعي المصري حلّ التنظيم عام 1965 إكراماً لجمال عبد الناصر! وشتّان ما بين تلك الإكرامية وقرار أوجلان الذي لم يكن يقتنع طيلة عقدين من كفاحه المسلح والسياسي بأقل من دولة كردية تمتد على أراضي إقامة الأكراد في سورية والعراق وإيران وتركيا. استوعب الرجل الفشل، فباشر تقديم التنازلات التي لم تجعل من ناسه يكفّرونه، ذلك أن الجمهور الكردي القومي نفسه اقتنع باستحالة إقامة دولة كردية وتعب من كلفة القضية. انتقل أوجلان من شعار الدولة الكردية إلى نظرية الكونفيدرالية الكردية التركية ــ السورية ــ الإيرانية ــ العراقية، ثم يئس فاقترح إرساء أنظمة فيدرالية في بلدان الأكراد الأربعة. فكرة بدت مستحيلة مجدداً في ظل اتفاق أنظمة البلدان المذكورة تلك ضد الأكراد وقومييهم، فنزل أوجلان طابقاً إضافياً في مبنى تصوراته السياسية ليكتفي بمطلب الإقليم الكردي المحكوم ذاتياً داخل تركيا حصراً، وهو إقليم حدد له عيد ميلاد هو 15 يوليو/ تموز 2011، وقد أحبطت السلطات التركية إبصاره النور بحملة أمنية في عاصمة أكراد العالم، دياربكر. حصل كل ذلك بعدما لم يكتفِ أكراد تركيا بما قدمته حكومة رجب طيب أردوغان لهم تحت رئاسة عبد الله غول عام 2009 باسم "خطة الانفتاح الديمقراطي"، من تلفزيون وإذاعة تركيين حكوميين باللغة الكردية (TRT 6)، وخطة لتنمية مناطق الأكراد بقيمة 12 مليار دولار من دون أن تنص لا على حل فيدرالي ولا على قانون عفو شامل ولا على حكم ذاتي للأكراد ولا حتى على توسيع حيّز اللامركزية للمحافظات الكردية في جنوب شرق الأناضول.
أمّا وقد بات القوميون الأكراد الأتراك يكتفون بمطلب مساواتهم مع بقية المواطنين في الحقوق السياسية الكاملة في دولة ديمقراطية غير طورانية، فحينها يصبح كل المعنى في تعاطي الحكومة التركية مع حدث حل الحزب نفسه وتسليم سلاحه. أمام السلطة التركية فرصة نادرة لإنصاف الأكراد سياسياً، لا ثقافياً فحسب، وإلا تكون قد حرمتنا من أن نقول إننا أخيراً رأينا في عمرنا القصير هذا قضية تُحَلّ وتخسر لحسن الحظ صفة "القضية" ويصبح ذكرها متبوعاً بصفة "السابقة".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الصين تحذر من مشروع "القبة الذهبية" وروسيا تعتبره "شأناً سيادياً أميركياً"
الصين تحذر من مشروع "القبة الذهبية" وروسيا تعتبره "شأناً سيادياً أميركياً"

العربي الجديد

timeمنذ 6 ساعات

  • العربي الجديد

الصين تحذر من مشروع "القبة الذهبية" وروسيا تعتبره "شأناً سيادياً أميركياً"

حذّرت الصين، اليوم الأربعاء، من أن مشروع "القبة الذهبية" الصاروخي الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب "يقوّض الاستقرار العالمي"، داعية الولايات المتحدة إلى التخلي عنه، في حين اعتبرت روسيا الموضوع "شأناً سيادياً أميركياً". وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ إن المشروع الذي خصص له ترامب تمويلا أوليا مقداره 25 مليار دولار "يقوّض التوازن الاستراتيجي والاستقرار العالميين. تعرب الصين عن قلقها البالغ حيال ذلك". وأضافت ماو نينغ: "نحضّ الولايات المتحدة على التخلي عن تطوير ونشر نظام دفاع صاروخي عالمي في أقرب وقت ممكن". الكرملين: "القبة الذهبية" شأن "سيادي" أميركي لكن التواصل مع موسكو بشأنها ضروري بدورها، اعتبرت روسيا، اليوم الأربعاء، أنّ المشروع شأن "سيادي" أميركي، لكنها قالت إن التواصل مع موسكو بشأنه يبقى "ضرورياً". وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين: "هذا شأن يتعلق بالسيادة الأميركية. إذا كان تقدير الأميركيين يؤشر إلى وجود تهديد باليستي، سيقومون بطبيعة الحال بتطوير نظام دفاع صاروخي". وأضاف: "في المستقبل القريب، سيتطلب مسار الأحداث استئناف الاتصالات بهدف استعادة الاستقرار الاستراتيجي" بين واشنطن وموسكو، مشيراً إلى أن التواصل بشأن التوازن الاستراتيجي بين القوتين النوويتين يجب أن يستأنف "لمصلحة البلدين ومصلحة الأمن العالمي". ويمثّل الموقف الذي أعلنه الكرملين الأربعاء خفضاً غير متوقع في مستوى الانتقاد الذي سبق لروسيا أن وجهته إلى هذا المشروع. ومطلع مايو/ أيار، اعتبرت روسيا والصين في بيان مشترك أصدره الكرملين عقب اجتماع بين الرئيسين فلاديمير بوتين وشي جين بينغ في موسكو، أن مشروع "القبة الحديدية... له طابع يزعزع الاستقرار إلى حد كبير". ونددا في حينه بالمشروع لأن من شأنه "تعزيز الترسانات للقيام بعمليات عسكرية في الفضاء"، الأمر الذي يجعل الفضاء "ساحة للمواجهة المسلحة". وفي يناير/ كانون الثاني، اعتبرت روسيا أن المشروع الأميركي يهدد بتحويل الفضاء إلى ساحة "للمواجهة المسلحة ونشر الأسلحة". وكشف ترامب عن خطط بناء درع صاروخية باسم "القبة الذهبية" بهدف حماية الولايات المتحدة من هجمات خارجية، مؤكدا أنها ستوضع في الخدمة في نهاية ولايته الثانية. وقال ترامب في البيت الأبيض، الثلاثاء: "خلال الحملة الانتخابية وعدت الشعب الأميركي بأني سأبني درعا صاروخية متطورة جداً"، مضيفا: "يسرني اليوم أن أعلن أننا اخترنا رسميا هيكلية هذه المنظومة المتطورة"، وقال إن الكلفة الإجمالية للمشروع تصل إلى "حوالى 175 مليار دولار" عند إنجازه. وفي 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، وقع ترامب قراراً رئاسياً وجّه فيه وزارة الدفاع لتطوير نظام دفاعي شامل يعتمد على أجهزة استشعار فضائية لرصد الصواريخ فرط الصوتية المتقدمة، مثل تلك التي تطورها الصين، والتي يمكنها الإفلات من أنظمة الرادار الأرضية التقليدية. أخبار التحديثات الحية ترامب يعلن بناء درع صاروخية باسم "القبة الذهبية": لحماية البلاد وفي خطاب لاحق، شدد ترامب على الحاجة إلى نظام دفاعي شبيه بنظيره الإسرائيلي، قائلاً: "أطالب الكونغرس بتمويل مشروع القبة الذهبية، وهو نظام دفاع صاروخي متطور يُنتَج بالكامل داخل الولايات المتحدة، من أجل حماية بلادنا". وواجه مشروع "القبة الذهبية" الدفاعية الذي تبناه ترامب، انتقادات حادة بدعوى أنه غير قابل للتنفيذ لحماية المجال الجوي للولايات المتحدة، فضلاً عن كلفته الباهظة. ونقل تقرير نشرته شبكة "سي أن أن" الأميركية في مارس/آذار الفائت عن مصادر عدّة أن مشروع "القبة الذهبية" الذي يهدف إلى حماية المجال الجوي للولايات المتحدة "لا يحمل أي معنى استراتيجي". واعتبرت المصادر نفسها أن المشروع يمثل محاولة لإعادة طرح خطط غامضة سابقة من إدارة ترامب لإنشاء نظام دفاع صاروخي مشابه لـ"القبة الحديدية" الإسرائيلية، وأشار التقرير إلى أن المشروع يأتي في وقت تسعى فيه وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) لتقليص النفقات، بينما توجه انتقادات لإدارة ترامب على خلفية إدراج بند تمويلي جديد لهذا المشروع ضمن موازنة الأعوام 2026 ـ 2030. ورأى عدد من الخبراء أن المقارنة بين القبة الحديدية الإسرائيلية و"القبة الذهبية" المقترحة "غير دقيقة"، موضحين أن حماية دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تعادل مساحتها تقريباً مساحة ولاية نيوجيرسي، من تهديدات قصيرة المدى، يختلف تماماً عن حماية دولة شاسعة مثل الولايات المتحدة. وأشار الخبراء إلى أن الأنظمة الفضائية المراد استخدامها في المشروع المقترح ستكون عرضة للهجمات المعادية، كما أن إنشاءها قد يستغرق ما بين سبع وعشر سنوات، ولن تكفي سوى لحماية المدن الكبرى والمنشآت الفيدرالية الحساسة. (فرانس برس، العربي الجديد)

إنشاء صندوق أوروبي جديد لشراء الأسلحة بقيمة 170 مليار دولار
إنشاء صندوق أوروبي جديد لشراء الأسلحة بقيمة 170 مليار دولار

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

إنشاء صندوق أوروبي جديد لشراء الأسلحة بقيمة 170 مليار دولار

وقع سفراء الاتحاد الأوروبي ، اليوم الأربعاء، على إنشاء صندوق جديد لشراء الأسلحة، يُنشأ على عجل لتوفير 150 مليار يورو (170 مليار دولار) في شكل قروض لمشاريع دفاعية، بدافع من المخاوف من روسيا والشكوك بشأن مستقبل الحماية الأميركية لأوروبا. وكانت المفوضية الأوروبية، وهي الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، قد اقترحت إنشاء الصندوق في مارس/آذار مع تنامي مخاوف القادة الأوروبيين من عدم قدرتهم على ضمان حماية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لبلادهم من أي هجوم. وبسبب القلق الناجم عن غزو روسيا لأوكرانيا، والخوف من أن تصبح هدفاً لموسكو، زادت دول الاتحاد الأوروبي إنفاقها الدفاعي بأكثر من 30 بالمئة خلال السنوات الثلاث الماضية. لكن قادة الاتحاد يقولون إن هذا لا يكفي. وتسعى مبادرة الاتحاد الأوروبي المعروفة باسم "العمل الأمني من أجل أوروبا" لكسر الحواجز الوطنية من خلال تمويل مشاريع مشتركة بين دول الاتحاد الأوروبي، واستخدام مبدأ "شراء المنتجات الأوروبية"، حيث تهدف إلى تعزيز صناعة الدفاع في القارة. ولكي يتأهل أي مشروع للحصول على تمويل من المبادرة، يجب أن يكون 65 بالمئة من قيمته من شركات مقرها في الاتحاد الأوروبي، أو المنطقة الاقتصادية الأوروبية على النطاق الأوسع أو أوكرانيا. ومع ذلك، يمكن لشركات من البلدان الموقعة على شراكة أمنية ودفاعية مع الاتحاد الأوروبي أن تكون مؤهلة أيضاً، إذا استوفت شروطاً أخرى. ووقعت بريطانيا على اتفاقية على هذا النحو مع الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين، ما جعل شركات بريطانية مثل بي إيه إي سيستمز أقرب بخطوة للمشاركة في مشاريع مبادرة "العمل الأمني من أجل أوروبا". واستخدمت المفوضية إجراءً سريعاً لإطلاق التشريع، يتجاوز البرلمان الأوروبي ولا يتطلب سوى موافقة أغلبية مؤهلة من الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي. واتفق سفراء الدول الأعضاء اليوم الأربعاء على التشريع الذي جرى التفاوض عليه خلال الشهرين الماضيين، والذي يُحافظ على جزء كبير من المقترح الأصلي. ومن المتوقع أن يُقره الوزراء في 27 ماي/ أيار، وهي الخطوة القانونية الأخيرة في هذه العملية. اقتصاد دولي التحديثات الحية انقلاب على "بريكست"...اتفاق يعيد رسم علاقة بريطانيا وأوروبا وعلى صعيد آخر، يحتاج الأعضاء الأوروبيون في حلف شمال الأطلسي إلى 56 مليار يورو (61 مليار دولار) إضافية سنوياً لتحقيق هدف الإنفاق الدفاعي للحلف، بينما تعاني العديد من دول الاتحاد الأوروبي من عجز في ميزانياتها، وارتفاع كبير في مستويات الديون. وأظهر بحث أجراه معهد "إيفو الألماني" أن الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء الـ32 في الحلف، الذي تقوده الولايات المتحدة لتعزيز الإنفاق الدفاعي رداً على الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا، تعمل على تأجيج الضغوط على الميزانية في أوروبا، في وقت يخيّم فيه الانخفاض على النمو الاقتصادي، وتعمل العديد من البلدان على تشديد خططها المالية. ويقول الاقتصاديون إن هذا سيجعل من الصعب على العديد من الدول سد الفجوة التمويلية من أجل تحقيق هدف الناتو، المتمثل بوصول الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي. أكبر عجز من حيث القيمة كان في ألمانيا، التي أنفقت في العام الماضي 14 مليار يورو (15.26 مليار دولار) أقل من اللازم للوفاء بالمؤشر، وفقاً لما نقلته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، يوم الأحد. لكن برلين نجحت في تقليص هذه الفجوة إلى النصف في العقد الماضي، بعد تعديلها بما يتناسب مع التضخم، وتخطط لسدها بالكامل هذا العام. وكان العجز الأوروبي الأكبر التالي هو 11 مليار يورو (11.99 مليار دولار) في إسبانيا، و10.8 مليارات يورو في إيطاليا، و4.6 مليارات يورو (5.01 مليارات دولار) في بلجيكا. وكانت هذه الدول الثلاث من بين ست دول في الاتحاد الأوروبي قد تجاوزت ديونها 100% من ناتجها المحلي الإجمالي العام الماضي. كذلك تعاني إيطاليا من أحد أعلى عجز في الميزانية في الكتلة بنسبة 7.2%، ومن المتوقع أن ترتفع تكاليف الفائدة إلى ما يزيد على 9% من الإيرادات الحكومية هذا العام. (رويترز، العربي الجديد)

كيف يستفيد لبنان اقتصادياً من رفع العقوبات الأميركية عن سورية؟
كيف يستفيد لبنان اقتصادياً من رفع العقوبات الأميركية عن سورية؟

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

كيف يستفيد لبنان اقتصادياً من رفع العقوبات الأميركية عن سورية؟

أعاد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سورية ، الأمل بفتح آفاق جديدة أمام لبنان لتعزيز اقتصاده وتحسين قطاعات عدة من أبرزها الطاقة والنقل والتجارة. وفي 16 مايو/ أيار الجاري، قالت وزارة الخزانة الأميركية إنها تعمل مع وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي لتنفيذ توجيهات الرئيس ترامب بشأن رفع العقوبات عن سورية التي بدأت في عام 1979 وأصبحت أكثر شمولاً مع اندلاع الحرب الأهلية في سورية عام 2011. وظل لبنان يشكو من تأثره بالعقوبات الأميركية على سورية والتي كانت تحول على سبيل المثال من دون تفعيل مشروع نقل الغاز من مصر والكهرباء من الأردن إليه. ومع رفع العقوبات، يرى مراقبون أن ذلك قد يقود إلى إحياء مشروع نقل الطاقة، إضافة إلى فتح خطوط الترانزيت والتجارة إلى الدول العربية خاصة الخليجية منها. ووفق خبراء، فإن رفع العقوبات عن سورية يُمثل "فرصة استراتيجية" للبنان لتعزيز اقتصاده وتحسين قطاعاته الحيوية، خاصة الطاقة والتجارة، إلا أن تحقيق هذه الفوائد يتطلب تنسيقًا فعّالًا بين الجانبين اللبناني والسوري، بالإضافة إلى دعم دولي لضمان تنفيذ المشاريع المشتركة بنجاح. مشروع قديم ووقّع لبنان وسورية والأردن أوائل عام 2022 اتفاقيتين، الأولى لتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية من الأردن، والثانية لتأمين عبور الطاقة عبر سورية إلى لبنان، غير أن العقوبات الأميركية على سورية حالت دون تنفيذ ذلك. وتتيح الاتفاقيتان للبنان الحصول على الكهرباء الأردنية، والاستفادة أيضاً من الغاز المصري، بهدف رفع ساعات التغذية لشبكة كهرباء لبنان التي تفرض تقنيناً قاسياً بلغ نحو 22 ساعة يومياً عام 2022. اقتصاد عربي التحديثات الحية طلب خاص من المودعين ومتقاعدي مصرف لبنان بشأن تعويضات نهاية الخدمة وخطط المشروع ليتيح للبنان نقل 300 ميغاوات من الكهرباء الأردنية، بالإضافة إلى تشغيل معمل "دير عمار" لتوليد الكهرباء بقدرة 500 ميغاوات، ما سيرفع التغذية الكهربائية في البلاد إلى حوالي 800 ميغاوات. وراوحت الكلفة الإجمالية للمشروع آنذاك بين 200 و300 مليون دولار سنوياً، على أن تموّل في السنة الأولى بقرض من البنك الدولي. وتقنياً، يرتبط الأردن وسورية كهربائياً بخط نقل منذ 2001، وخرج عن الخدمة منتصف 2012 لأسباب فنية جراء الحرب بسورية، في حين ترتبط سورية ولبنان بعدة خطوط ربط. انعكاس إيجابي على اقتصاد لبنان وقال وزير الطاقة والمياه اللبناني جو الصدّي في تصريح لوكالة الأناضول، إن "قرار الرئيس الأميركي ترامب رفع العقوبات عن سورية سينعكس إيجاباً في لبنان على صعيد الطاقة والنفط". وأوضح أن رفع العقوبات عن سورية "سيسهّل استجرار الطاقة عبر سورية من خلال خط الربط مع الأردن، واستجرار الغاز عبر سورية". وأضاف: "من أولى أولويات لبنان البدء بإنشاء معمل حديث لتوليد الكهرباء يعمل بالغاز بدلاً عن الفيول الثقيل". وتحدث عن إجراء دراسة حول كيفية تشغيل خط أنابيب النفط من العراق إلى لبنان وكذلك "مصفاة البداوي" التي تقع شمالي لبنان. وتابع: "هذا الملف كان مدار بحث خلال لقاءاتي في بغداد مع زميلي وزير المالية العراقي ياسين جابر الأسبوع الماضي". اقتصاد دولي التحديثات الحية خط سكة الحجاز الإستراتيجية... أين لبنان من خريطة النقل الإقليمي؟ وخلال زيارته لدمشق في الأيام الماضية، ناقش وفد وزاري لبناني، إمكانية إعادة تفعيل مشروع خط النفط من كركوك العراقية إلى لبنان عبر سورية. ويتيح هذا المشروع للبنان في حال تنفيذه، استيراد النفط الخام من العراق وتكريره في البلاد، ما سيعزز الإيرادات عبر تصدير النفط المكرر إلى الخارج، ويحقق إيرادات كبيرة لخزينة الدولة. تفعيل التجارة البرية ويفتح رفع العقوبات عن سورية، المجال أمام لبنان لإعادة تفعيل خطوط الترانزيت البرية التي تربطه بسورية ومن خلالها إلى الأردن والعراق ودول الخليج، ما يُعيد تنشيط حركة الاستيراد والتصدير بين هذه البلدان. كما أن الشركات اللبنانية قد تلعب دورًا في عملية إعادة إعمار سورية، سواء من خلال تقديم الخدمات أو التوريد. هذا الدور قد يُسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين وفتح أسواق جديدة أمام الشركات اللبنانية. وفي هذا الإطار، قال مصدر حكومي لبناني للأناضول، إن بلاده تستفيد على أكثر من صعيد من رفع العقوبات "مثل استجرار النفط والغاز من مصر والأردن وتفعيل خطوط التجارة والترانزيت". وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن لبنان "يمكن أن يتحول إلى منصة لإعادة الإعمار في سورية وتستفيد كل مرافقه العامة والشركات الموجودة فيه كما سيعزز ذلك فتح الخطوط على العالم العربي وزيادة الصادرات". استفادة إقليمية من رفع العقوبات عن سورية رأت خبيرة النفط والغاز بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لوري هايتايان أن الأسباب الرئيسية التي أوقفت مشروع نقل الغاز من مصر والكهرباء من الأردن هي العقوبات التي وضعت على سورية سابقاً"، مؤكدة أن "رفعها سيتيح إعادة النظر بهذا المشروع". وذكرت هايتايان، أن ذلك المشروع "لا يعود بالفائدة على لبنان فحسب بل لسورية أيضاً لأنها بحاجة للكهرباء والغاز، وهو مشروع مهم للمجتمع الدولي كذلك لأنه يربط الدول عبر شبكات الطاقة والتجارة بالمشاريع الإقليمية". اقتصاد عربي التحديثات الحية فخ الديون اللبنانية.. مخاض عسير لإعادة الجدولة ورد الحقوق لأصحابها ولفتت إلى أن "مصر اليوم ربما لا تملك الكميات الكافية لتزويدنا بالغاز، لكنها قد تدعم بكميات إضافية من غاز إسرائيل، لأن الأخيرة تملك قدرات بيع غازها لمصر والأردن". وأضافت: "هذا قد يكون طريقة غير مباشرة لربط سورية ولبنان بشبكة الغاز مع إسرائيل وهذا ما يحبذه المجتمع الدولي الذي يرى أن الترابط عبر الاقتصاد والتجارة والطاقة بين دول المنطقة قد يعمل على تخفيف نزعات اللجوء إلى الحروب". واستدركت بالقول: "ليس من الضروري أن يكون الغاز إسرائيلياً، لأن مصر تشتري غازاً من الخارج أيضاً". وقالت هايتايان إن "سورية تمشي بخطى أسرع من لبنان وكان آخرها اجتماع الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، واستطاعوا رفع العقوبات عن سورية". وبجانب الكهرباء والغاز، أشارت إلى "المشاريع الأخرى المطروحة مثل إنتاج الهيدروجين الذي يعد من الطاقات النظيفة التي بدأت تأخذ رواجاً أكثر من ذي قبل". وأردفت: "نقل الطاقة النظيفة من الخليج إلى أوروبا عبر سورية وتركيا بواسطة الأنابيب أقل كلفة، وهو الأمر الذي يمكن أن يعزز دور سورية الاقتصادي". اقتصاد عربي التحديثات الحية تفاؤل لبناني رسمي بالمرحلة الجديدة على وقع الحراك الخليجي ضرورة التمويل الدولي لمشروع نقل الغاز من جانبها، لم تقلل المحللة الاقتصادية محاسن مرسل من الدور الإيجابي لرفع العقوبات عن سورية في دعم مشاريع الطاقة ببلادها، لكنها قالت إن "استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن يحتاج إلى عامل آخر وهو إعادة إحياء القرض المخصص لهذا المشروع من البنك الدولي". وذكرت أن "البنك الدولي ربط الموافقة على هذا القرض بمجموعة إصلاحات بقطاع الكهرباء مثل زيادة التعرفة وتحسين الجباية وتنظيم القطاع، إضافة إلى مطالب المجتمع الدولي الراهنة بضرورة نزع سلاح المليشيات وحصره بيد الدولة اللبنانية". وشددت على أن لبنان "سينتظر رأي البنك الدولي بهذا الخصوص، وما إن كان معلقاً أو سيعاود طرح فكرة تمويل المشروع". وأردفت: "لكل ذلك لا يمكن للبنان الاستفادة من فكرة مشروع نقل الطاقة من دول الجوار بمجرد رفع العقوبات عن سورية". (الأناضول)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store