logo
إلى الفلسطينى الأخير!مهدى مصطفى

إلى الفلسطينى الأخير!مهدى مصطفى

ساحة التحريرمنذ 2 أيام
.. إلى الفلسطينى الأخير!
مهدى مصطفى
فى قلب العالم، عند ملتقى البحر والبر، والصحراء والمدينة، تقف فلسطين جرحا مفتوحا، بفعل الاحتلال والعجز الداخلى معا، حيث تتعمق الكارثة فى انقسام لم يعد خفيا، يتجاوز سطوة الاحتلال القاسى، ويتسلل إلى تفاصيل البيت الفلسطينى نفسه.
الاحتلال لم يكن وحده من أطاح بحلم التحرير، شاركته انقسامات اجتماعية وسياسية متجذرة، مزقتها صراعات القبيلة والمدينة، العقيدة والتنظيم، الداخل والشتات.
هذا ما وصفه هشام شرابى بـ«الحداثة المشوهة»، حين تتنازع التيارات بوصلة الوطن، وتخنق الرؤية المشتركة، فيذوب الأمل تحت ضراوة التناقضات.
إسرائيل تستثمر فى هذا الانشطار، وتعيد تشكيله واقعا دائما، فصائل تحولت إلى جزر معزولة، وقيادات عاجزة عن بلورة مشروع تحررى واحد.
فى المقابل، شعوب خضعت لاستعمار استيطانى شرس، مثل فيتنام وجنوب إفريقيا والجزائر، استطاعت أن تنهض من رمادها حين وحدت صفوفها خلف قيادة جامعة وسردية واضحة.
فى كل موجة عدوان، كما يحدث فى غزة والضفة الغربية، تتجلى المأساة بكامل وجوهها، بطش المستعمر يتعاظم فى ظل غياب الرؤية الموحدة، وتشتت القرار الوطني.
قال إدوارد سعيد إن القضية عادلة، وتمثيلها كارثي، وهذه الكارثة تفرض حضورها فى الدم والحصار والتفتيت.
توالت على الفلسطينى مقترحات سياسية متباينة، من الدولة الواحدة، إلى ثنائية القومية، إلى الديمقراطية العلمانية، غير أن جميع هذه التصورات اندثرت تحت وطأة الصراعات المذهبية، التى استبدلت الإنسان الفلسطينى بالمرجعيات الغيبية، ودفعت المعركة إلى خارج سياقها التحرري، فتعمق الاستيطان وازدادت المسافة بين الفلسطينى وإمكان الفعل التاريخي.
رغم هذا الانهيار المتراكم، تبقى الفرصة قائمة للانبعاث من جديد، يكفى من يحمل الفكرة، من يضع يده على الجرح، ويستعيد زمام المبادرة، من ينبثق من الداخل، ويعيد رسم موقعه فى السردية الإنسانية.
منذ النكبة، ترسخ الألم فى الوعى الفلسطيني، وتحول التراجع إلى نظام، وخضع كل نقد إلى أحكام التخوين، لم تعد النكبة حدثا، إنما صارت عقيدة، وتحول شعار الحرب للحرب إلى شعار مغلق دون مراجعة، حذر إدوارد سعيد من هذا الانغلاق، ودعا إلى نقد ذاتى جرىء، يفتح نوافذ الأمل ويستعيد شروط الكرامة.
فلسطين ليست عصية على التغيير، وإن بدت مجهدة، خلال قرن كامل، من وعد بلفور إلى أوسلو، ظل الفلسطينى موضوعا تصاغ حوله السياسات، دون أن يكون ذاتا تصوغ مصيرها، تبنت النخب مفاهيم وافدة، ماركسية أو قومية أو إخوانية، والأخيرة عابرة الحدود، ترغب فى جعل فلسطين نقطة انطلاق فى مشروع مريب، غير أن كل هذه المفاهيم عجزت عن بناء مشروع متجذر فى الأرض، مستقل فى قراره، نابض بإرادة الناس.
فى سياق هذا التيه، تنامت الفصائل وتضخمت القيادات، وتحول الفدائى إلى موظف، والمخيم إلى نقطة انتظار، واختزل التحرير إلى عبارة خاوية، أصبح الفلسطينى متفرجا على قضيته، غائبا عن أدوات التأثير، مستهلكا للشعارات دون قدرة على المبادرة.
التحرر لا يولد من رماد الأمل، فيتنام لم تنتظر العواصم، ومانديلا وجد خلاصه فى وعى الذات، والجزائر شقت طريقها عبر تنظيم متماسك، وفكرة راسخة، وشعب يعرف وجهته، كل تجربة تحرر قامت على ثلاثة أعمدة: قيادة صلبة، رؤية نافذة، شعب مستعد للثمن.
فى فلسطين، ملامح المشروع غير واضحة، لا تعريف جامع للتحرير، لا خريطة تلم الشتات، لا سردية توحد الخطاب.
مواجهة الاستيطان تتطلب أكثر من الخطابة، والسلاح المنفصل عن الهدف، تتطلب الفكرة الواضحة، والاتحاد الحقيقي، والاقتناع بعدالة القضية.
البداية تمر عبر نقد الذات، بغرض تفكيك الأوهام التى رسخت عجز التنظيمات، وأفرغت الشعارات من مضمونها، آن الأوان للحظة السؤال الواضح: ماذا يريد الفلسطيني؟
التحرر لا يأتى عبر الأمنيات، ولا عبر تقارير الخارج، ولا من وراء شاشات العواصم، يستعاد حين يعلن الفلسطينى أنه صاحب القرار، وأن صوته يسبق أصوات المتحدثين الرسميين والوكلاء والمندوبين.
حين يبدأ من ذاته، وحين يختار أن يكون فاعلا، حين يستعيد إرادته ويحدد وجهته، تنقلب المعادلة.
الزمن يضيق، والمشهد يزداد قتامة، غير أنه فى اللحظات التى ينكسر فيها كل شىء، تتفتح البداية، فهل يولد الفلسطينى الأخير؟
‎2025-‎08-‎01

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دمشق تتهم "عصابات متمردة" بإفشال جهود التهدئة في السويداء
دمشق تتهم "عصابات متمردة" بإفشال جهود التهدئة في السويداء

شفق نيوز

timeمنذ 13 دقائق

  • شفق نيوز

دمشق تتهم "عصابات متمردة" بإفشال جهود التهدئة في السويداء

اتهمت وزارة الداخلية السورية، يوم الأحد، من وصفتهم بـ"العصابات المتمردة" في السويداء بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الساري في المحافظة الجنوبية. وجاء في بيان الداخلية السورية: "منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء، ما تزال الدولة السورية، بكل مفاصلها العسكرية والأمنية والمدنية والخدمية، تسعى جاهدة لتثبيت هذا الاتفاق، حرصاً على إعادة الاستقرار إلى أرجاء المحافظة". وأضاف البيان: "في إطار هذا السعي، عملت الحكومة على تأمين حياة المدنيين، والتمهيد لعودة الخدمات وإعادة مظاهر الحياة إلى المحافظة بشكل تدريجي". وأشار إلى أنه "في مقابل الجهود الحكومية الحريصة على أمن واستقرار السويداء، لم تتوقف خلال الفترة الماضية حملات التجييش الإعلامي والطائفي التي تقودها العصابات المتمردة في المدينة". وأوضح أنه "مع فشل هذه العصابات في إفشال جهود الدولة السورية ومسؤولياتها تجاه أهلنا في السويداء، لجأت إلى خرق اتفاق وقف إطلاق النار من خلال شن هجمات غادرة ضد قوات الأمن الداخلي في عدة محاور، وقصف بعض القرى بالصواريخ وقذائف الهاون، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من عناصر الأمن". وختم البيان: "ستواصل الوزارة جهودها وواجباتها في السويداء، بما يمليه الواجب الوطني، وما تتطلبه حماية السكان وتأمين قوافل الإغاثة والمساعدات لهم". ويوم أمس، عُقد في مقر وزارة العدل السورية بالعاصمة دمشق، الاجتماع الأول للجنة التحقيق في أحداث السويداء، برئاسة وزير العدل مظهر الويس. وقال رئيس اللجنة القاضي حاتم النعسان في تصريح لمراسل الوكالة السورية للأنباء "سانا"، إن التحقيقات ستبدأ فوراً باللقاء مع المسؤولين في محافظتي السويداء ودرعا والأهالي المتضررين، وبين أن العمل سيقسم إلى مجموعات تستند لخبرات الأعضاء في التحقيقات. وأكد أن الهدف من تشكيل اللجنة كشف الحقيقة كاملةً وتحديد المسؤولين عن الأحداث الأليمة كأساس لتحقيق السلم المجتمعي مع العمل بصلاحيات كاملة وشفافية. يُذكر أنّ محافظة السويداء كانت قد شهدت خلال الأسابيع الماضية احتجاجات وأحداث عنف متفرّقة، رافقتها مواجهات بين مجموعات مسلّحة وأجهزة الأمن، وأدت إلى سقوط ضحايا ووقوع أضرار مادية في الممتلكات العامة والخاصة. وتسببت هذه التطورات بتوتر الأوضاع الأمنية في بعض أحياء المدينة وريفها، وسط دعوات محلية من وجهاء وفعاليات دينية ومدنية بضرورة ضبط الوضع ومحاسبة المسؤولين عن الفوضى وتجنب تكرارها.

بعد أذربيجان.. سوريا تتجه للسعودية لتعزيز التعاون بالطاقة
بعد أذربيجان.. سوريا تتجه للسعودية لتعزيز التعاون بالطاقة

شفق نيوز

timeمنذ 13 دقائق

  • شفق نيوز

بعد أذربيجان.. سوريا تتجه للسعودية لتعزيز التعاون بالطاقة

شفق نيوز- دمشق أفادت مصادر سورية، يوم الأحد، بأن وزير الطاقة السوري محمد البشير يعتزم زيارة المملكة العربية السعودية خلال الفترة المقبلة، بهدف بحث فرص التعاون بين البلدين في مجالات النفط والغاز والكهرباء. وقالت المصادر لوكالة شفق نيوز، إن "الزيارة المرتقبة، تأتي بعد توقيع اتفاقيات سابقة بين دمشق وأذربيجان عبر وساطة تركية، ضمن خطة حكومية تهدف إلى تنويع مصادر الشراكة في قطاع الطاقة وإعادة تأهيل البنية التحتية التي تضررت خلال السنوات الماضية". وتعليقا على الأمر، يبين المحلل الاقتصادي حسام حجازي، لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة السورية تحاول عبر هذه الخطوة إرضاء السعودية بتقديم فرص استثمارية جادة، في الوقت نفسه الحفاظ على علاقات متوازنة مع تركيا، لتحقيق نتائج عملية ملموسة في قطاع الطاقة". وأضاف أن "الزيارة تعكس توجه الحكومة السورية لتفعيل علاقاتها الاقتصادية والاستثمارية عبر فتح قنوات تعاون متوازنة مع القوى الإقليمية الكبرى".

قائد بحري إيراني: سنقف بثبات في وجه العدو المعتدي
قائد بحري إيراني: سنقف بثبات في وجه العدو المعتدي

اذاعة طهران العربية

timeمنذ 31 دقائق

  • اذاعة طهران العربية

قائد بحري إيراني: سنقف بثبات في وجه العدو المعتدي

ورافق الأدميرال إيراني رافق في هذه الزيارة حجة الإسلام والمسلمين سعيد نصيرالإسلامي، رئيس الدائرة العقائدية والسياسية في القوة البحرية، حيث التقيا بأسرة الشهيد المدافع عن الوطن حامد رباني، أحد شهداء أهل السنة في قرية "حسين آباد" التابعة لقضاء "زار وجركلان" بمحافظة خراسان الشمالية، وتبادلا الحديث معهم. وخلال اللقاء، قال قائد القوة البحرية: "كان من توفيقنا اليوم أن نزور مرقد أحد شهداء البحرية الإيرانية الذين ارتقوا خلال الحرب المفروضة التي استمرت 12 يومًا ضد الكيان الصهيوني". وأكد أن "دماء الشهداء الطاهرة تعزز من وحدة وتلاحم مختلف القوميات في وطننا العزيز، إيران الإسلامية". وأضاف: "صمود الشعب وجّه رسالة قوية ومدوية إلى العدو. يجب أن يعلم الأعداء كافة أن في إيران، ستقف جميع القوميات والأديان صفًا واحدًا في وجه المعتدي، وسيضحّون بأرواحهم دفاعًا عن الوطن. وعلى مر التاريخ، كان الحق هو المنتصر، والباطل إلى زوال". ومن جانبه، أشار حجة الإسلام والمسلمين سعيد نصيرالإسلامي إلى الدور المحوري للشهداء في ترسيخ أركان النظام الإسلامي، وقال: "إن ما حفظ الإسلام والثورة وضمن استمرارهما عبر التاريخ، هو دماء الشهداء، وهي التي أمّنت الثورة الإسلامية وستربطها بثورة الإمام المهدي (عج)". وفي ختام الزيارة، عبّر قائد القوة البحرية عن تقديره واحترامه لأسرة الشهيد حامد رباني، مشيدًا بمكانة الشهداء السامية وعائلاتهم المكرّمة. يُذكر أن الشهيد من أبناء الطائفة السنية ومن القومية التركمانية، وقد نال شرف الشهادة أثناء تصديه للعدوان الصهيوني خلال الحرب التي دامت 12 يومًا، مدافعًا عن تراب الوطن.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store