logo
الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا

الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا

يمرس١١-٠٥-٢٠٢٥

فارس العليّ
الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا
يُعد الفن وسيلة قوية في عكس الواقع وتشكيل الوعي الجماعي، فهو لا يقدم للمشاهدين مرآةً لما يحدث في المجتمع فحسب، بل يُشكّل تصوراتهم وسلوكياتهم أيضًا. ومع ذلك، عندما يتضمن العمل الدرامي مشاهد عنيفة مثل "عملية السحل" التي تُظهر تطبيق العدالة خارج إطار القانون الرسمي، يبرز تساؤل حاسم: هل من الحكمة أن نستخدم ممثلات العنف والانتقام كأدوات سردية؟ وما هي الأضرار المحتملة؛ على مستوى الفرد والمجتمع؛ إذا ما تم تفسير هذه المشاهد على أنها دعم للانحراف عن النظام والقانون؟
خلفية المشهد والسياق الدرامي
يُصور مشهد السحل في الحلقة الأخيرة لمسلسل "طريق إجباري" رد فعل جماعيًا نتيجة سنوات من الظلم والقمع. فالعمل الفني، وبالرغم من نواياه في إظهار اليأس الذي يدفع الناس إلى الانتقام، إلا أنه يستخدم في هذا السياق أسلوبًا مفرطًا لتجسيد الفوضى. قد يُستخلص من ذلك أن تصوير مثل هذه الأحداث بصورة درامية مبالغ فيها، ينقل رسالة غير مباشرة بأن اللجوء إلى العنف هو الحل الأمثل في وجه إخفاقات المؤسسات الرسمية، ويصبح هذا الفعل تعميميًا.
وعلى الرغم من أن الدراما قد تعكس واقعًا معقدًا، إلا أن تبسيط العملية القانونية وإبراز الانتقام كخيار وحيد يُفضي إلى تدهور ثقافة احترام القانون والعدالة المؤسسية في بلاد يعد السلاح والقتل والحرب مشاهد روتينية لحالات الانفلات الأمني وغياب سيادة القانون.
تأثير المشاهد العنيفة على السلوك الاجتماعي
يلعب الفن دورًا تربويًا وثقافيًا هامًا؛ فهو يؤثر في تشكيل الأفكار والمفاهيم لدى الجمهور، بخاصة في البيئات التي تعاني من ضعف الثقة بالمؤسسات القانونية. عندما يُحتفى بمشاهد العنف، وتمثل على أنها أدوات للتغيير الاجتماعي، قد يبدأ المشاهد في الربط بين هذه المشاهد وبين إمكانية حصول النصر بدون مسار قضائي عادل. وفي هذه الحالة، تتحول رمزية السحل من مجرد سرد درامي إلى نموذج مُحتذى به في حل النزاعات، مما يُغذي فكرة أن القانون يمكن تجاوزه إذا كان النظام القضائي فاشلًا في تلبية مطالب الناس.
التجاوزات القانونية والأخلاقية
من المهم التأكيد أن أي نظام قانوني يسعى لتطبيق العدالة يقوم على مبادئ المساواة والشفافية، وعلى تقديس عملية المحاكمة العادلة. إن تصوير مشاهد مثل السحل، التي تُظهر تنفيذ العقوبات خارج نطاق القضاء، ينتهك هذه المبادئ الأساسية. وإذا ما زاد التأكيد على هذا النوع من التصوير في سياق الدراما، فقد يتولد شعور متزايد بأن العنف والانتقام هما الوسيلتان الوحيدتان لإنفاذ الحقوق؛ بحيث تُهمل الآليات القانونية التي وضعت لحماية المجتمع وضمان حقوق الجميع.
مسؤولية صناع الدراما والمجتمع
على صناع الأعمال الفنية في اليمن تحمل مسؤولية كبيرة في كيفية تقديم المشاهد التي تتناول موضوعات جدلية مثل العنف. فمن الضروري تقديم سياق نقدي يوضح أن هذه المشاهد تُستخدم لتسليط الضوء على معاناة شعبية أو إخفاقات مؤسساتية، وليس لتبرير أفعال لا تمت للعدالة بصلة. كما ينبغي على النقاد والجمهور أن يميزوا بين ما هو تمثيل درامي وما هو دعم فعلي لثقافة العنف. وفي ظل هذه المسؤولية، يجب على صناع الدراما البحث عن طرق سردية بديلة تُبرز أهمية اللجوء للمحاكم والآليات القانونية، وتظهر النتائج المدمرة للعنف المتطرف.
ومن هذا المنطلق، يفترض أن يتم "تعزيز الوعي القانوني"، ويتعين على الدراما أن تبرز دور الجهات القضائية والإدارية في حماية الحقوق، وأن تطرح أسئلة نقدية حول كيفية إصلاح النظم القانونية بدلًا من تصوير العنف كحل فعال. وكما يجب تعديل طريقة عرض المشاهد العنيفة بحيث تُظهر العواقب الوخيمة للانتقام، وتبرز أن اللجوء إلى مثل هذه الأفعال يؤدي إلى فوضى اجتماعية لا تنتهي. وأن يكون هناك "حوار مجتمعي" ينبغي تكثيف النقاش العام حول أهمية احترام القانون، مع التركيز على تجارب الشعوب التي أسهمت فيها العدالة الرسمية في إعادة النظام وتقديم حلول سلمية للنزاعات.
وختامًا، على الرغم من أن الفن قد يعكس بعض جوانب الواقع المؤلم، فإنه يحمل في طياته مسؤولية أخلاقية واجتماعية. فمشهد السحل، إذا لم يُقدّم في إطار نقدي متكامل، قد يغذي تصورات خاطئة تُشجع على الانحراف عن المبادئ القانونية وتبرر العنف والانتقام. ومن هنا، فإن من الضروري على صناع الدراما والمجتمع ككل أن يلتزموا بنهج يُعلي من قيمة القانون والنظام، ويسهم في بناء وعي جماعي يحترم الحقوق ويعزز آليات السلام والنظام في مواجهة التحديات الحياتية.
2025-05-05

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا
الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا

يمرس

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • يمرس

الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا

فارس العليّ الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا يُعد الفن وسيلة قوية في عكس الواقع وتشكيل الوعي الجماعي، فهو لا يقدم للمشاهدين مرآةً لما يحدث في المجتمع فحسب، بل يُشكّل تصوراتهم وسلوكياتهم أيضًا. ومع ذلك، عندما يتضمن العمل الدرامي مشاهد عنيفة مثل "عملية السحل" التي تُظهر تطبيق العدالة خارج إطار القانون الرسمي، يبرز تساؤل حاسم: هل من الحكمة أن نستخدم ممثلات العنف والانتقام كأدوات سردية؟ وما هي الأضرار المحتملة؛ على مستوى الفرد والمجتمع؛ إذا ما تم تفسير هذه المشاهد على أنها دعم للانحراف عن النظام والقانون؟ خلفية المشهد والسياق الدرامي يُصور مشهد السحل في الحلقة الأخيرة لمسلسل "طريق إجباري" رد فعل جماعيًا نتيجة سنوات من الظلم والقمع. فالعمل الفني، وبالرغم من نواياه في إظهار اليأس الذي يدفع الناس إلى الانتقام، إلا أنه يستخدم في هذا السياق أسلوبًا مفرطًا لتجسيد الفوضى. قد يُستخلص من ذلك أن تصوير مثل هذه الأحداث بصورة درامية مبالغ فيها، ينقل رسالة غير مباشرة بأن اللجوء إلى العنف هو الحل الأمثل في وجه إخفاقات المؤسسات الرسمية، ويصبح هذا الفعل تعميميًا. وعلى الرغم من أن الدراما قد تعكس واقعًا معقدًا، إلا أن تبسيط العملية القانونية وإبراز الانتقام كخيار وحيد يُفضي إلى تدهور ثقافة احترام القانون والعدالة المؤسسية في بلاد يعد السلاح والقتل والحرب مشاهد روتينية لحالات الانفلات الأمني وغياب سيادة القانون. تأثير المشاهد العنيفة على السلوك الاجتماعي يلعب الفن دورًا تربويًا وثقافيًا هامًا؛ فهو يؤثر في تشكيل الأفكار والمفاهيم لدى الجمهور، بخاصة في البيئات التي تعاني من ضعف الثقة بالمؤسسات القانونية. عندما يُحتفى بمشاهد العنف، وتمثل على أنها أدوات للتغيير الاجتماعي، قد يبدأ المشاهد في الربط بين هذه المشاهد وبين إمكانية حصول النصر بدون مسار قضائي عادل. وفي هذه الحالة، تتحول رمزية السحل من مجرد سرد درامي إلى نموذج مُحتذى به في حل النزاعات، مما يُغذي فكرة أن القانون يمكن تجاوزه إذا كان النظام القضائي فاشلًا في تلبية مطالب الناس. التجاوزات القانونية والأخلاقية من المهم التأكيد أن أي نظام قانوني يسعى لتطبيق العدالة يقوم على مبادئ المساواة والشفافية، وعلى تقديس عملية المحاكمة العادلة. إن تصوير مشاهد مثل السحل، التي تُظهر تنفيذ العقوبات خارج نطاق القضاء، ينتهك هذه المبادئ الأساسية. وإذا ما زاد التأكيد على هذا النوع من التصوير في سياق الدراما، فقد يتولد شعور متزايد بأن العنف والانتقام هما الوسيلتان الوحيدتان لإنفاذ الحقوق؛ بحيث تُهمل الآليات القانونية التي وضعت لحماية المجتمع وضمان حقوق الجميع. مسؤولية صناع الدراما والمجتمع على صناع الأعمال الفنية في اليمن تحمل مسؤولية كبيرة في كيفية تقديم المشاهد التي تتناول موضوعات جدلية مثل العنف. فمن الضروري تقديم سياق نقدي يوضح أن هذه المشاهد تُستخدم لتسليط الضوء على معاناة شعبية أو إخفاقات مؤسساتية، وليس لتبرير أفعال لا تمت للعدالة بصلة. كما ينبغي على النقاد والجمهور أن يميزوا بين ما هو تمثيل درامي وما هو دعم فعلي لثقافة العنف. وفي ظل هذه المسؤولية، يجب على صناع الدراما البحث عن طرق سردية بديلة تُبرز أهمية اللجوء للمحاكم والآليات القانونية، وتظهر النتائج المدمرة للعنف المتطرف. ومن هذا المنطلق، يفترض أن يتم "تعزيز الوعي القانوني"، ويتعين على الدراما أن تبرز دور الجهات القضائية والإدارية في حماية الحقوق، وأن تطرح أسئلة نقدية حول كيفية إصلاح النظم القانونية بدلًا من تصوير العنف كحل فعال. وكما يجب تعديل طريقة عرض المشاهد العنيفة بحيث تُظهر العواقب الوخيمة للانتقام، وتبرز أن اللجوء إلى مثل هذه الأفعال يؤدي إلى فوضى اجتماعية لا تنتهي. وأن يكون هناك "حوار مجتمعي" ينبغي تكثيف النقاش العام حول أهمية احترام القانون، مع التركيز على تجارب الشعوب التي أسهمت فيها العدالة الرسمية في إعادة النظام وتقديم حلول سلمية للنزاعات. وختامًا، على الرغم من أن الفن قد يعكس بعض جوانب الواقع المؤلم، فإنه يحمل في طياته مسؤولية أخلاقية واجتماعية. فمشهد السحل، إذا لم يُقدّم في إطار نقدي متكامل، قد يغذي تصورات خاطئة تُشجع على الانحراف عن المبادئ القانونية وتبرر العنف والانتقام. ومن هنا، فإن من الضروري على صناع الدراما والمجتمع ككل أن يلتزموا بنهج يُعلي من قيمة القانون والنظام، ويسهم في بناء وعي جماعي يحترم الحقوق ويعزز آليات السلام والنظام في مواجهة التحديات الحياتية. 2025-05-05

إشكاليات البناء الدرامي في المسلسلات اليمنية الرمضانية.. قراءة في ضوء التناولات النقدية
إشكاليات البناء الدرامي في المسلسلات اليمنية الرمضانية.. قراءة في ضوء التناولات النقدية

يمرس

time٢٣-٠٤-٢٠٢٥

  • يمرس

إشكاليات البناء الدرامي في المسلسلات اليمنية الرمضانية.. قراءة في ضوء التناولات النقدية

فارس العليّ شهدت الدراما اليمنية الرمضانية في السنوات الأخيرة حضورًا لافتًا، مما يستدعي تحليلًا نقديًا معمقًا لإشكالياتها الفنية، يتجاوز الوصف السطحي إلى التفكيك والتحليل في ضوء النظريات النقدية الدرامية. يهدف هذا المقال إلى تقديم قراءة نقدية تخصصية لهذه الإشكاليات، مع التركيز على علاقتها بالبناء الدرامي وعناصره المختلفة، مستندًا بشكل أساسي على ما كتبه الصديق الأديب والشاعر اليمني الدكتور هاني الصلوي، في مقاله المنشور في حلقتين تحت عنوان "اللهم اجعله سوء فهم فعالًا.. الخ"، وأيضًا على بعض المقالات والآراء المنشورة والمتداولة، إضافة إلى مشاهدتي للدراما اليمنية رمضانية وغير رمضانية. نحو دراما يمنية واعية بذاتها تواجه الدراما اليمنية الرمضانية تحديات بنيوية عميقة تتطلب معالجة جذرية. يتطلب تجاوز هذه الإشكاليات تطوير وعي نقدي ذاتي لدى صناع الدراما اليمنيين، والانفتاح على التجارب الدرامية العربية والعالمية، والاهتمام بالبحث والتجريب. وسنقوم هنا بسردها موجزة في: 1. إشكالية النص والسيناريو: غياب الدرامية وأزمة الحبكة. يعد النص بمثابة "اللوغوس" (Logos) الأرسطي للعمل الدرامي، أي المبدأ المنظم والجوهر الذي يمنحه وحدته ومعناه. لكن العديد من المسلسلات اليمنية الرمضانية تعاني من "أزمة نص" تتجلى في غياب الدرامية الفاعلة، والقصور في بناء الحبكة. غياب الصراع الدرامي: تفتقر العديد من النصوص إلى صراع درامي حقيقي، وهو المحرك الأساسي للأحداث وتطور الشخصيات. الصراع الدرامي، كما يرى ستانسلافسكي في نظريته عن "فن الممثل"، يجب أن يكون داخليًا وخارجيًا، وأن ينبع من دوافع الشخصيات ورغباتها المتضاربة. في المسلسلات اليمنية، غالبًا ما يكون الصراع سطحيًا أو مفتعلًا، ولا يرتبط بعمق بالشخصيات. ضعف الحبكة: تعاني الحبكة في كثير من الأحيان من التفكك والارتجالية، إذ تتوالى الأحداث بشكل عرضي دون منطق سببي واضح. الحبكة القوية، كما يوضح أرسطو في "فن الشعر"، يجب أن تتسم بالوحدة والتماسك، وأن تقوم على مبدأ "الضرورة والاحتمال". وهو ما يحتاجه النص الدرامي أيضًا. تكرار الثيمات: يلاحظ تكرار الثيمات الدرامية، مثل ثيمة "نهب الأراضي" التي أشار إليها هاني جازم الصلوي، مما يدل على غياب الابتكار والقدرة على استكشاف قضايا جديدة. هذا التكرار يخالف مبدأ "الجدة" الذي يعتبره النقاد عنصرًا أساسيًا في العمل الفني. غياب النص "الورشي": النص "الورشي" مصطلح استخدمه الصلوي في مقاله النقدي للدراما اليمنية، للإشارة إلى نص يتم إنشاؤه بشكل تفاعلي وتعاوني بين جميع أفراد الفريق الفني، بمن في ذلك الكتاب والمخرجون والممثلون والمستشارون الفنيون والثقافيون والاجتماعيون. وتكمن أهمية النص "الورشي" في أنه يثري النص، ويعزز التفاعل بين أفراد الفريق الفني، ويقدمه بشكل أكثر شمولية وعمقًا من زوايا مختلفة، ويخلق ديناميكية إبداعية لتبادل الأفكار والآراء وتطويرها، ويحسن جودة وصياغة الحوار بما يتناسب مع شخصياتهم وقدراتهم، ويساعد في تطوير الشخصيات، ويضف لها أبعادًا جديدة، ويسهم "النص الورشي" في تحقيق التكامل الفني بين عناصر العمل المختلفة، مثل النص والإخراج والتمثيل والتصميم، مما يخلق عملًا فنيًا متماسكًا ومنسجمًا. وبشكل عام، غياب النص "الورشي" في الدراما اليمنية يؤدي إلى نصوص ضعيفة وسطحية، ويحول دون تحقيق الإمكانات الإبداعية الكاملة للأعمال الدرامية، إذ إن غياب هذا النص عن الإنتاج الدرامي اليمني يؤثر سلبًا على جودة الحوار وتطور الشخصيات، ويعكس أزمة في "آليات الإنتاج الدرامي"، ويحول دون تحقيق التكامل الفني. 2. الأداء التمثيلي: بين النمطية والتجاوز. يمثل الأداء التمثيلي وسيطًا أساسيًا في تجسيد الشخصيات وإيصال الصراع الدرامي إلى الجمهور. في المسلسلات اليمنية، يتراوح الأداء بين النمطية والتجاوز: النمطية: يقع بعض الممثلين في فخ "النمطية" (Stereotype)، إذ يكررون أنفسهم، ويقدمون أداءً سطحيًا لا يعكس عمق الشخصية. هذا النمط من الأداء يتنافى مع مبادئ "المدرسة الواقعية" في التمثيل التي تدعو إلى صدق الأداء والاندماج الكامل في الشخصية. التجاوز: في المقابل، يبرز بعض الممثلين قدرة على "التجاوز" وتقديم أداء مقنع ومؤثر. يشير الدكتور الصلوي -وهو صحيح- إلى تألق بعض الوجوه الجديدة، وهو ما يمكن تفسيره على أنه محاولة لكسر الأنماط السائدة، وتقديم أنماط أداء جديدة. 3. الإخراج والتقنيات الفنية: الرؤية الإخراجية الغائبة. يمثل الإخراج الرؤية الفنية الموحدة للعمل الدرامي، وهو المسؤول عن ترجمة النص إلى لغة بصرية وسمعية. في المسلسلات اليمنية، غالبًا ما تغيب الرؤية الإخراجية الواضحة، مما يؤدي إلى: السطحية البصرية: إذ يعاني الإخراج من السطحية البصرية، إذ يغلب عليه التصوير التقليدي والاهتمام المحدود بالجماليات البصرية. هذا الضعف في "اللغة البصرية" يقلل من قدرة العمل على التأثير في المتلقي. غياب التناغم: يغيب التناغم بين عناصر الإنتاج المختلفة، مثل التصوير والإضاءة والموسيقى، مما يدل على غياب رؤية إخراجية موحدة. هذا الغياب يؤثر على "وحدة العمل الفني" وتماسكه. 4. اللهجة والمكان: الهوية الدرامية المفقودة. تمثل اللهجة والمكان عنصرين أساسيين في بناء هوية العمل الدرامي، لكن المسلسلات اليمنية تعاني في هذا الجانب من: الارتباك اللهجي: يلاحظ "ارتباك لهجي" في بعض المسلسلات، إذ تستخدم لهجات متعددة دون مبرر درامي واضح. هذا الارتباك يضعف مصداقية العمل وواقعيته. التوظيف السطحي للمكان: غالبًا ما يوظف المكان بشكل سطحي، دون استثمار طاقته الدرامية، وقدرته على التأثير في الشخصيات والأحداث. هذا الضعف في "دلالة المكان" يقلل من قدرة العمل على خلق جو درامي مميز. 5. النهايات والرسائل: الخطابية وأزمة الحل الدرامي. تتسم نهايات العديد من المسلسلات اليمنية بالخطابية المباشرة والحلول التصالحية السطحية، مما يقلل من تأثيرها الفني ورسالتها الاجتماعية. يمكن تفسير هذه النهايات في ضوء مفهوم "الحل الدرامي" الذي يجب أن ينبع من منطق الأحداث وتطور الشخصيات، لا أن يفرض عليها بشكل خارجي. وختامًا، يمكن القول إن الدراما اليمنية، على الرغم من حضورها المتزايد، لاتزال تواجه تحديات جوهرية على صعيد البناء الدرامي وعناصره المختلفة. إن تجاوز إشكاليات النص والسيناريو، والأداء التمثيلي النمطي، وغياب الرؤية الإخراجية الواضحة، والارتباك اللهجي والتوظيف السطحي للمكان، وصولًا إلى النهايات الخطابية وأزمة الحل الدرامي، يتطلب وقفة نقدية جادة ومستمرة. إن الحاجة ملحة لتطوير وعي نقدي ذاتي لدى صناع الدراما اليمنيين، وتشجيع البحث والتجريب، والانفتاح على التجارب الدرامية المتنوعة، والأخذ بمفهوم "النص الورشي" كآلية عمل تثري العملية الإبداعية. إن الارتقاء بالدراما اليمنية الرمضانية لتصبح تعبيرًا فنيًا عميقًا وفاعلًا في المجتمع، وقادرًا على المنافسة على الساحة العربية، يظل رهنًا بمعالجة هذه الإشكاليات بنيويًا، والتحلي برؤية فنية واضحة تسعى نحو دراما يمنية واعية بذاتها وقضاياها.

أخبار العالم : الإعلامي الحارثي: مسلسل "طريق إجباري" حمل رسالة اجتماعية وتناول القضايا المسكوت عنها بجرأة
أخبار العالم : الإعلامي الحارثي: مسلسل "طريق إجباري" حمل رسالة اجتماعية وتناول القضايا المسكوت عنها بجرأة

نافذة على العالم

time٠٢-٠٤-٢٠٢٥

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : الإعلامي الحارثي: مسلسل "طريق إجباري" حمل رسالة اجتماعية وتناول القضايا المسكوت عنها بجرأة

الخميس 3 أبريل 2025 12:45 صباحاً أكد الإعلامي اليمني بشير الحارثي، أن مسلسل "طريق إجباري" حمل رسالة اجتماعية وتناول القضايا المسكوت عنها بجرأة، ولم يكن مسلسلا ينحاز لطرف بحد ذاته كما أشيع عنه قبل بدء بثه على قناة بلقيس الفضائية طيلة أيام الشهر الفضيل. وقال الحارثي، في مقال نشره على صفحته بمنصة فيسبوك: "منذ اللحظة الأولى التي تم فيها الإعلان عن مسلسل طريق إجباري ونشر بعض البروموهات الترويجية عن المسلسل أحدث عاصفة من الجدل والتوقعات. تساؤلات عديدة بدأت تُطرح حول أهداف المسلسل الحقيقية وانتشرت اتهامات بوجود أبعاد سياسية خلفه وأنه يسعى لتلميع بعض الشخصيات والإساءة لبعض الشخصيات الأخرى ذات الحضور في المشهد السياسي اليمني". وأضاف: "لكن ما حدث بعد ذلك كان مفاجئاً، الضجة التي كادت أن تتحول إلى هجوم قبل عرض المسلسل تحولت إلى عامل جذب زاد من حدة الترقب وحوّل المسلسل إلى حديث الناس قبل أن تُعرض أولى حلقاته". وأردف: "عندما بدأ العرض انقلبت التوقعات لم يكن (طريق إجباري) مسلسلًا سياسياً ولم يحاول الانحياز لأي طرف بل كان عملًا يحمل رسالة اجتماعية بحتة تناول فيه القضايا المسكوت عنها بجرأة لم يسبق لها مثيل في الدراما اليمنية من زواج القاصرات إلى حرمان الفتيات من التعليم ومن القهر الأسري إلى الظلم الاجتماعي كشف المسلسل واقعاً لا يمكن تجاهله ناقلاً مشاهد مؤلمة جعلتنا نعيش كل تفاصيلها". وأشار إلى أنه لم يكن تناول هذه القضايا جديداً على الساحة اليمنية مستدركا أنها "كانت تُطرح غالباً عبر مقالات او فلاشات توعوية وعندما كانت تناقش في الدراما كانت بصورة سطحية لا تصل إلى الجمهور بأبعادها الحقيقية"، مؤكدا أنه في مسلسل طريق إجباري "تحولت هذه القضايا إلى صور حية وأصبح كل مشهد يتفاعل معه المشاهدون بشكل مباشر". وأوضح أن القدرة على التأثير في الجمهور لم تكن فقط بسبب القضايا التي عُرضت بل كانت "بسبب الحبكة المحكمة التي صنعتها كاتبة السيناريو والحوار يسرى عباس حيث ربطت الأحداث بشكل منطقي ومتسلسل كل شيء بدا متماسكاً ورافق ذلك تطور منطقي للبناء الدرامي وصولًا إلى الذروة في الحلقة الأخيرة والمشهد الختامي للقصة". وتطرق إلى الطريقة التي تم بها تنفيذ المشاهد حيث كان الاعتماد على الواقعية في التصوير هو العنصر الذي أضفى على المسلسل مصداقية عالية لإن المخرج لم يعتمد على المؤثرات البصرية أو الجرافيك بل جسدها بشكل أقرب للحقيقة مستدلا على ذلك بـ "إشعال النيران في أحد المشاهد بشكل حقيقي في منزل الدكتورة أروى ما جعلنا نشعر أننا جزء من الحدث"، لافتا إلى أن "مشاهد القتال والمواجهات كانت أيضاً بعيدة عن المبالغات المعتادة ما جعل المشاهد تبدو أكثر واقعية وتأثير". ونوه لدور الموسيقى، حيث "كانت عنصراً أساسياً في العمل اختيرت بعناية فائقة لتتناسب مع أجواء الشخصيات حيث كانت تعبيراً عن الألم والأمل في نفس الوقت، مشيرا إلى أن "من أبرز الأغاني التي تركت أثراً عميقاً وأصبح الجمهور يتغنى بها ويرددها خاصة الأطفال كانت أغنية (ياماه ويابه مساخاكم تبيعوني) والتي عبرت عن معاناة الطفلات المجبرات على الزواج وما يلاقين من ظلم وإجبار وقسوة، كذلك أغنية (يا وحشتاه) بصوت الفنانة أماني الذماري التي غنتها بلحن تراثي لامس قلوب الجميع وعبر عن مشاعرهم". وقال إن المسلسل "لم يكن خالياً من الأخطاء والسقطات التي لا يمكن التغاضي عنها أو تجاوزها ومن أبرز هذه الأخطاء مشهد مقتل شروق الذي جاء مبتوراً ومفتقراً إلى التوثيق البصري الذي يتناسب مع فداحة الحدث. وتطرق أيضا للخطأ الاخر في "مشهد استهداف غانم لوالده حارث كانت هذه اللحظة حاسمة ونقطة مفصلية في تصاعد الأحداث وبدلاً من أن يكون مشهداً صادماً ومؤثراً جاء مشوهاً ومبتورا لم يُظهر التصوير غانم وهو يوجّه السلاح نحو حارث بالشكل الذي يمنح المشهد ثقله الدرامي، ما زاد من ضعف المشهد أن الطفل الذي وثّق الحادثة بهاتفه كان في جهة معاكسة تماماً لموقع غانم وحارث". كما تطرق إلى "موضوع الملابس والتصميم البصري الذي يفترض أن يضيف عمقاً للشخصيات لكن ما حدث كان العكس تماماً كما هو مع "عياش" بشعره الأبيض الكثيف المتعرج بدأ وكأنه خرج من زمن الأقيال وأسعد الكامل كأنه قادم من حقبة تاريخية مختلفة عن بقية الممثلين"، مؤكدا أن "هذا التفاوت البصري خلق فجوة واضحة أضعفت انسجام المشهد". وحقق مسلسل "طريق إجباري" الذي بث على قناة بلقيس خلال ليالي رمضان رقما قياسيا في عدد المشاهدات، على المستوى القنوات اليمنية، حيث حصد المسلسل المشاهدة الأعلى سواء على البث الفضائي أو يوتيوب أو منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب الأكثر تفاعلا، بين الجماهير والمتابعين. وبلغت نسبة مشاهدة المسلسل أكثر من 186 مليون مشاهدة، منها 66 مليون مشاهدة على قناة "يوتيوب"، و120 مليون مشاهدة على الموقع الأزرق "فيسبوك"، كما ظل "طريق إجباري" طوال أيام شهر رمضان ترند في اليمن. وحظي المسلسل بنسبة مشاهدات عالية تجاوزت المليوني مشاهد على يوتيوب مذ انطلاق حلقته الأولى، في رقم كبير مقارنة للمشاهدات على بقية القنوات الفضائية في اليمن، فيما سجلت الحلقة الأولى على فيسبوك 6.8 مليون مشاهدة. كما تجاوزت نسبة المشاهدة لأغنية "يا وحشتاه" للمسلسل ذاته 120 مليون مشاهدة، حسب الصفحة الرسمية للفنانة أماني. ولأول مرة، تخوض قناة بلقيس تجربة الإنتاج الدرامي بمسلسل "طريق إجباري"، الذي يعد الأكبر إنتاجا في الساحة اليمنية. المسلسل من تأليف الكاتبة يسرى عباس، وإخراج المخرج المصري عبد العزيز حشاد، وإنتاج قناة بلقيس، بالتعاون مع شركة روما ميديا، وتنفيذ شركة النبيل للإنتاج الفني. وشارك في بطولة العمل نخبة من نجوم الدراما اليمنية، من بينهم النجوم سالي حمادة، نبيل حزام، نبيل الآنسي، نجيبة عبدالله، حسن الجماعي، عبدالله الكميم، وسحر الأصبحي. وتدور أحداث المسلسل في قرية يمنية، حيث تواجه طبيبة القرية شخصية نافذة في صراع حاسم. وكان المخرج المصري عبد العزيز حشاد قد كشف في حوار سابق مع "الموقع بوست" عن سر نجاح مسلسل "طريق إجباري"، وتميزه عن المسلسلات الرمضانية في بقية القنوات. وتحدث المخرج المصري حشاد الذي يعد أحد الأسماء البارزة في السينما المصرية والعربية، وله حضور قوي في مجال الإخراج، عن عمله في "طريق إجباري" سواء على مستوى التصوير وغيره والذي سعى لتقديم شيء مختلف. وقال إن المسلسل تميَّز بالإيقاع السريع، والموضوع الجريء حول تحدِّيات المرأة، مؤكدا أن المسلسل نجح في كسر الكثير من القيود الاجتماعية في بعض المشاهد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store