
لماذا يفقد الرجل الثقة بنفسه عندما تحصل الزوجة على دخل أعلى منه؟
هل تعلم أن الدخل الذي نحصل عليه قد يؤثر على صحتنا النفسية، لا سيما عند مقارنته بدخل الآخرين من حولنا، كما ينعكس سلباً على الصحة النفسية لدى الرجال تحديداً؟
يتحدث ديف عن وضعه الاجتماعي كأب عاطل عن العمل يباشر الأعمال المنزلية: "أشعر بجرح في كبريائي عندما تصبح زوجتي العائل الوحيد للأسرة بالكامل".
ويقول توم: "أنا، كما يُقال، رجل تقليدي، لكن حين تقول لآخرين إنك تباشر الأعمال المنزلية، يظنون أنك رجل تتمتع بصفات أنثوية".
شارك ديف وتوم في دراسة بحثية تناولت الآثار الناتجة عن كون المرأة هي المصدر الرئيسي للدخل في العلاقة الزوجية، وشملت الدراسة مقابلات مع رجال ونساء على حدّ سواء.
أما بريندون، فقد كان له ما يبرر شعوره بأنه محل انتقادات، إذ وصفه أفراد أسرته بلقب مسيء، يدل على كونه مجرد شخص يؤدي مهام المنزل لأنه خاضع أو تابع.
وليست هذه سوى ثلاثة نماذج فقط تسلط الضوء على حكم المجتمع على الرجال العاطلين عن العمل، عندما تتحمّل زوجاتهم العبء المالي الأكبر في العلاقة الزوجية.
وقال رجال مشاركون في الدراسة إن الحكم عليهم نابع إلى حد ما من فرضية تقليدية راسخة اعتبرت الرجال المعيلين الأساسيين في المجتمع.
لكن عدد النساء اللواتي يتفوقن على أزواجهن في كسب الدخل آخذ في الازدياد، ويبرز هذا النمو التدريجي في عدد النساء المعيلات للأسرة وأن قضية من يكسب المال يكون هو الشخص صاحب الأثر الدائم والمؤثر على موازين القوة داخل الأسرة أو في المجتمع ككل.
ويرجع التأثير الكبير لهذه التغيرات في ديناميكية الأسرة إلى الارتباط الوثيق بين المال والسلطة، فعندما لا يكون الرجل هو الأعلى دخلاً في أسرته، قد يشعر بفقدان النفوذ والسيطرة، مما يؤدي إلى تدهور حالته النفسية، وقد يرفع من خطر حدوث الطلاق.
وعموماً لا يزال الرجال يتفوقون على النساء في معدلات الدخل، حتى في أوساط الأزواج الذين لديهم أطفال، وتقوم النساء بنسبة أكبر بمباشرة الأعمال المنزلية وتربية الأبناء، وهي فجوة واضحة لا زالت تُلاحظ على مستوى العالم.
ويُعزى ذلك جزئياً إلى قوالب نمطية ذات صلة بالجنس، إلا أنه في بعض الحالات يعكس الأمر ضرورة اقتصادية، حيث تُمنح الأولوية عادةً لمهنة الشخص الأعلى دخلاً، وهو ما يدفع العديد من النساء إلى التراجع والرضا بوظائف مرنة أو بدوام جزئي.
وعلى الرغم من زيادة عدد النساء المعيلات، فإن سلوك الجنسين تجاه العمل مدفوع الأجر والأدوار المنزلية كانت أبطأ في التغير، فالنساء، حتى وإن كنّ الأعلى دخلاً، يقمن بمباشرة الأعمال المنزلية والتربوية على نحو يفوق ما يقوم به شركاؤهن من الرجال أصحاب الدخل الأقل.
وبينما تُظهر بعض الفئات العمرية دعماً متزايداً للمساواة بين الجنسين، يبقى مستوى رضا الرجال منخفضاً عندما تتفوّق زوجاتهم عليهم في كسب المال.
وتشير دراسات إلى أن تفوّق الزوجة على الرجل في الدخل قد يؤثر سلباً على احترام الرجل لنفسه ومستوى سعادته.
والسؤال ما مدى جدّية هذه القضية بالفعل؟ وما هي الحلول الممكنة لمساعدة الرجال على التأقلم مع هذا الواقع الجديد؟
لا يزال الحديث عن أثر تفوّق الزوجة في كونها المعيلة الأساسية للأسرة واحداً من الموضوعات الحساسة بالنسبة للرجال، حتى لو أظهروا دعماً لمسيرة زوجاتهم المهنية، إلا أنهم في ذات الوقت يشعرون بأنهم لا يؤدون دورهم التقليدي في إعالة الأسرة، نظراً لوجود العديد من التصورات الموروثة بشأن الرجولة.
ويتضح ذلك عندما يتحوّل الرجل إلى أب يباشر الأعمال المنزلية نتيجة ظروف خارجة عن إرادته، مثل فقدان العمل أو الانتقال الجغرافي، لا بسبب قرار شخصي نابع منه.
كان هاري بانتون، وهو مستشار سابق ومؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي يقيم في سيدني، في أستراليا، قد فقد وظيفته مؤخراً، وقال من خلال منشور وجّهه إلى الآلاف من متابعيه، إن "قيمته كرجل وزوج وأب" تأثرت سلباً.
وقال بانتون: "أدرك تماماً السبب وراء ارتفاع معدلات الاكتئاب، وما هو أسوأ، بين هذه الفئة من الرجال، فعندما لا تسير الأمور كما هو مُخطط لها، قد يحمل ذلك أثراً مدمّراً، وقد يهز ثقة الرجل بذاته وبرجولته".
وأضاف: "أتمنى من خلال مشاركة قصتي، أن يتمكن الآخرون من إدراك أن قيمتهم لا تتوقف على مثل هذه الظروف، بل أشعر الآن بقوة تدفعني لأكون الأب الذي طالما طمحت أن أكونه".
وعلى الرغم من أن بانتون تبنى نهجاً إيجابياً تجاه التغيير الذي طرأ على نمط حياته، إلا أن حالته تُمثل مثالاً واضحاً على مدى تأثير دخل الرجل، مقارنةً بشريكته، على حالته النفسية.
وأظهرت دراسة حديثة في السويد، شملت بيانات دخل على مدار عشر سنوات إلى جانب سجلات تشخيص الحالات النفسية، أنه عند المرحلة التي تفوقت فيها الزوجات على أزواجهن من حيث الدخل المالي، سُجّل ارتفاع في معدلات تشخيص الاضطرابات النفسية لدى الرجال.
وعلى الرغم من تسجيل ارتفاع بنسبة تصل إلى 8 في المئة في تشخيص هذه الحالات بين جميع الشركاء، من بينهم النساء، إلا أن الرجال سجّلوا ارتفاعاً أكبر وصل إلى نحو 11 في المئة.
وأثناء عملي في تأليف كتابي القادم الذي يحمل عنوان "من يعيل الأسرة"، أجريت حواراً مع ديميد جيتيك، الأستاذ المساعد في قسم الاقتصاد في جامعة دورهام، الذي أشرف على هذه الدراسة، للوقوف على مزيد من التفاصيل بشأن القضية.
ولفت جيتيك إلى أنه رغم غياب التصريح العلني بأنه ينبغي للرجل أن يكون الأعلى دخلاً، إلا أن هذه التوقعات لا تزال سائدة بشكل واسع، مضيفاً أن زيادة تشخيص حالات الاضطرابات النفسية بين الرجال الذين بدأت زوجاتهم أو شريكاتهم في تحقيق دخل أعلى، قد يُشير أيضاً إلى تراجع مستوى الرضا بالعلاقة.
من ناحية أخرى، كشفت دراسات حديثة أن الأزواج الأعلى دخلاً هم الفئة الأكثر ميلاً للانخراط في علاقات عاطفية خارج حدود الزواج، ويرجع الباحثون هذا السلوك إلى كونه وسيلة لبعض الرجال لمحاولة استعادة هويتهم الذكورية، التي قد يشعرون بأنها تعرضت للتهديد نتيجة تفوق زوجاتهم عليهم من الناحية المالية.
وتشير أبحاث إلى أن الضغط المجتمعي الواقع على الرجال للقيام بدور المعيل يؤثر سلباً على صحتهم النفسية، وتبيّن أن الرجال العاطلين عن العمل يعانون من معدلات اكتئاب أعلى من النساء العاطلات عن العمل، ويُعزى ذلك جزئياً إلى أن النساء يتمتعن غالباً بشبكات دعم اجتماعي أقوى خارج بيئة العمل مقارنةً بالرجال، الأمر الذي يجعل الآباء الذين يباشرون الأعمال المنزلية أكثر عرضة للعُزلة مقارنةً بالأمهات في نفس الظروف.
ولفهم السبب وراء العلاقة الوثيقة بين مستوى الدخل والصحة النفسية، ينبغي تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة، فعلى الرغم من أن النساء المعيلات غالباً يُنظر إليهن على أنهن ناجحات وطموحات مهنياً، إلا أن الكثير من هذه الحالات تعود في الواقع إلى فقدان الرجال لوظائفهم، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث ضغط اقتصادي على الأسرة.
وتُظهر الدراسات أن الأسرة التي تعتمد على دخل المرأة وحدها، غالباً تكون ذات دخل أقل من الأسرة التي يعيلها الرجل، وذلك بما يتماشى مع فجوة الأجور بين الجنسين.
لهذا السبب تقول هيلين كواليفسكا، الأستاذة بقسم السياسات الاجتماعية والعلوم بجامعة باث: "معظم الدول لا تبذل جهوداً كافية لتعويض تراجع دخل الأسرة التي تعيلها النساء"، وتؤكد الباحثة أن أنظمة الرعاية الاجتماعية ينبغي أن تقوم بدور أقوى في دعم هذه الأسر ذات الدخل المنخفض.
"الأمور ليست سيئة على الإطلاق"
على الرغم من ذلك يعود فقدان الرجال للعمل بفوائد إيجابية على الأسرة، ففي بريطانيا، يكرّس الآباء وقتاً أكبر لأطفالهم مقارنةً بالماضي، وتشير دراسات إلى أن الآباء الذين يباشرون الأعمال المنزلية يقضون وقتاً أكثر مع أولادهم.
وكما هو متوقع يسهم هؤلاء الآباء بشكل أكبر في رعاية الأطفال مقارنةً بالأمهات أو الآباء المعيلين، وعلى الرغم من ذلك فإنهم لا يزيدون من نصيبهم من الأعمال المنزلية بطريقة ملحوظة، بل تظل إسهاماتهم تقريباً مساويةً لما تقوم به زوجاتهم، أما في جميع الحالات الأخرى، تميل النساء إلى أداء الجزء الأكبر من العمل المنزلي، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن مركز "بيو" للأبحاث عام 2023 اعتماداً على بيانات من الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن سياسة حصول الرجل على إجازة أبوة لا تزال محدودة في كثير من الدول، إلا أن منح الآباء الفرصة للاستفادة بها ينعكس إيجابياً على العلاقة الزوجية، ويعزز من مشاركة الأب في رعاية الأبناء، حتى بعد عودته إلى العمل.
وأظهرت دراسات أن الآباء الذين يحصلون على إجازة أبوة يعززون روابط أوثق مع أطفالهم، مما يؤدي بدوره إلى نشوء أطفال يشاهدون بعينهم تقسيم العمل داخل الأسرة بطريقة متوازنة، ومن الطبيعي أن يؤثر هذا التقسيم في تشكيل وعي هؤلاء الأطفال بشأن الأدوار الأسرية مستقبلاً.
كما أن التوزيع العادل للأعمال المنزلية يسهم في تمكين النساء من مواصلة حياتهن المهنية، وبالتالي في تعزيز الفرص المتاحة لهن لزيادة الدخل.
بيد أن الفوائد التي تعود على النساء من هذه التحولات المجتمعية تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ خلصت دراسة أُجريت على أسر مكسيكية إلى أن اتساع فرص العمل المتاحة للنساء خارج المنزل يرتبط بزيادة نفوذهن في مجالات أخرى، خاصة فيما يتعلق بالقرارات المالية الكبرى، وتتوافق هذه النتائج مع ما توصلت إليه دراسات سابقة، إذ أن التمكين المالي للمرأة، في مجتمعات كانت تفتقر فيه إلى هذه القوة، يسهم في تعزيز قدرتها على تحقيق دخل أعلى، وفي تنمية استقلاليتها، وتقدمها في حياتها المهنية.
وعندما تتغير الأعراف الاجتماعية ويصبح من الطبيعي أن يتخلى الرجل عن العمل لفترات بسبب التزامات الأسرة، تزداد رفاهية الأسرة بأكملها.
وتشير بيانات سويدية إلى أنه عند تطبيق إجازة الأبوة لأول مرة في عام 1995، حصل الآباء على ما يُعرف بـ "شهر الأب"، وشهدت الدفعة الأولى من الرجال الذين حصلوا على هذه الإجازة حدوث تراجع في استقرار العلاقة الزوجية وزيادة في احتمالات الانفصال، إلا أنه عندما زادت مدة الإجازة إلى شهرين في عام 2002، تلاشت هذه الآثار السلبية.
ويتمتع الآباء حالياً في السويد بثلاثة أشهر من الإجازة، وفق سياسة تعرف باسم "استخدمها أو اتركها"، وتسجل معدلات استغلال هذه الإجازة بين الآباء ارتفاعاً كبيراً، بل يُعتبر التخلي عن هذه الإجازة الأبوية أمراً غير وارد.
ورغم زيادة الوعي بأهمية تمكين النساء اليوم، لا تزال الآراء متفاوتة جداً بشأن ذلك، إذ خلصت دراسة حديثة أجرتها شركة "إبسوس" بالتعاون مع "كينجز كوليدج" لندن، إلى أن الجيل الأصغر سناً، الذي يُطلق عليه الجيل زد، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و28 عاماً، هم الأكثر انقساماً في الآراء.
وأظهر استطلاع رأي شمل نحو 24 ألف شخص أن الشباب كانوا أكثر احتمالًا للموافقة على القول بأن الأب الذي يبقى في البيت ليعتني بأطفاله "أقل رجولة"، وأيد 28 في المئة من شباب الجيل زد هذا الرأي، مقابل 19 في المئة فقط من فتيات الجيل زد، بينما كانت النسبة في باقي الفئات العمرية، أقل.
وعندما طُلب منهم إبداء رأي في العبارة التي تقول: "يُتوقع من الرجال أن يفعلوا الكثير لدعم المساواة"، أيد 60 في المئة من شباب الجيل زد، مقابل 38 في المئة من فتيات الجيل زد.
وتقول هيجونغ تشونغ، أستاذة الأعمال والتوظيف بكينجز كوليدج لندن وواحدة من المشرفين على الدراسة، إن أحد العوامل التي تؤدي إلى تصاعد هذه المواقف هو زيادة فرص التعليم الجامعي للشابات مقارنةً بالشباب، لذا، بحسب قولها، تحصل النساء في بداية العقد الثالث من عمرها على دخل يفوق قليلاً ما يحصل عليه الرجال، وللمرة الأولى، أصبح هناك عدد أكبر من الطبيبات مقارنةً بالأطباء في المملكة المتحدة.
وتوضح تشونغ: "نلاحظ وجود العديد من المؤشرات على تحقيق المساواة بين الجنسين في بعض المجالات"، وربما لا يختبر هؤلاء الشباب التفاوتات الأوسع التي لا تزال تواجهها كثير من النساء في الوقت الحاضر".
كما يعد أحد الأسباب الأخرى لهذا الانقسام في الرأي تجاه المساواة هو أن مفاهيم الرجولة تشهد تغيّراً مستمراً، لكنها ليست واسعة النطاق في كل المجتمعات.
وكشفت دراسة أجرتها روزي كامبل، أستاذة العلوم السياسية بكينجز كوليدج لندن، وجود تفاوت متزايد في آراء الأجيال الشابة تجاه الرجولة، فعلى سبيل المثال، تختلف آراء الرجال والنساء حول مدى صعوبة أن تكون رجلاً مقارنة بأن تكون امرأة في العصر الحالي.
وتقول كامبل: "من الضروري أن نعيد التفكير في كيفية توصيل فكرة ما يعنيه أن تكون رجلاً في هذا العصر، وما هي القدوات التي يعتد بها".
ويكتسب ذلك أهمية خاصة بالنظر إلى تصاعد التأثيرات المعادية للنساء على الإنترنت، كما قدّمها مؤخراً مسلسل "سن المراهقة- Adolescence" الذي انتجته نتفليكس.
وعلى الرغم من هذه النتائج، تشير أحدث استطلاعات رأي تشونغ وفريقها إلى اتفاق أغلبية الأفراد على أهمية تحقيق المساواة بين الجنسين. كما يوجد عدد من الدراسات التي توضح تحوّل الرجال في تصورهم للرجولة والأبوة، نحو نمط يتسم بالرعاية، والتعاطف، وغيرها من المهارات الهادئة التي غالباً ما تُعتبر خاصة بالنساء، بدلاً من الافتراض أن الرجولة تعني كسب المزيد من المال لإعالة الأسرة فقط.
وأُطلق على هذا الاتجاه مصطلح "الرجولة الرعوية" أو "الرجولة الحنونة".
وتقول كارلا إليوت، أستاذة الدراسات الجندرية بجامعة موناش في ملبورن بأستراليا: "الأمر لا يقتصر على قيام الرجال بأنشطة ممتعة تحظى بتقدير، بل يشمل أيضاً مشاركتهم في الجوانب المعقدة والصعبة من أعمال الرعاية".
وتشير دراساتها إلى أن زيادة مشاركة الرجال في هذه المهام العملية يؤدي إلى تعزيز نزعة الرعاية لديهم، وتوضح إليوت أن نشر هذا التصور الجديد للرجولة يتطلب من الرجال، بالإضافة إلى تحملهم لمزيد من مهام الرعاية، أن يتخلوا عن السيطرة وعدم المساواة.
ويرى بعض الباحثين أن السياسات التي تعزز إجازة الأبوة، وبالأخص التي تخصص فترة محددة للرجال مع الأسرة، تسهم في تعزيز تركيزهم على مهام الرعاية، وقد يؤدي ذلك إلى تخفيف العبء عن الرجال في دورهم كمقدمي الدعم المالي، ويساعد النساء على تعزيز قدرتهن على الكسب.
وقد يستغرق تطبيق التغييرات السياسية وقتاً حتى يترسخ، لذا يمكننا جميعاً أن نمارس دوراً في نشر رسائل إيجابية تعكس توقعاتنا المتجددة بشأن أدوارنا المجتمعية.
وتقول إليوت: "توجد فرصة كبيرة حالياً، فإذا شعر الرجال بأن احترامهم لذاتهم يتأثر بمستوى دخل زوجاتهم، فهذه فرصة مثالية لهم لمراجعة أسباب ذلك، وربما إعادة النظر في بعض المعتقدات الراسخة حول الأدوار الجندرية".
ونظراً لتزايد عدد النساء المعيلات للأسر اقتصادياً، قد يتحول هذا التغير الاقتصادي إلى أمر معتاد بمرور الوقت، وهذا يستلزم من الأزواج، الذين لديهم أطفال، التكيّف مع الأمر من خلال زيادة العمل المرن والمشاركة في مهام الرعاية، على نحو يسهم في تمكين زوجاتهم، اللواتي يتمتعن بدخل أعلى، لمواصلة تطور مسيراتهن المهنية.
ومع الوقت، قد تؤدي هذه التغيرات في السلوك إلى تراجع التوقعات التقليدية التي تفرض على الرجل أن يكون المعيل والمرأة ربة المنزل، مما يعزز رضا العلاقات الزوجية ويحقق توازناً صحياً في توزيع القوة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 2 أيام
- BBC عربية
الطبيبة آلاء النجار "تُفجع" بوصول جثامين تسعة من أطفالها أثناء عملها في مجمع ناصر الطبي بغزة، وغارات إسرائيلية متواصلة على مناطق في القطاع
فُجعت طبيبة الأطفال الفلسطينية آلاء النجار بوصول جثامين 9 من أطفالها إلى مجمع ناصر الطبي الذي تعمل فيه بقطاع غزة صباح السبت، بعد أن قضوا حرقاً إثر غارة جوية إسرائيلية على منزلها في منطقة قيزان النجار جنوبي محافظة خان يونس. وقالت فرق الدفاع المدني في غزة إن القصف أدى إلى تدمير منزل العائلة بالكامل واندلاع حريق هائل، في حين تمكنت طواقم الدفاع المدني من انتشال جثامين 9 قتلى، بينهم 8 أطفال متفحمين بالكامل، بينما أصيب زوجها الطبيب حمدي النجار بجروح خطيرة. وأكد المدير العام لوزارة الصحة بقطاع غزة منير البرش في منشور له عبر منصة إكس أن الدكتورة آلاء اختصاصية أطفال في مستشفى التحرير بمجمع ناصر الطبي، قائلاً: " لديها عشرة أبناء، أكبرهم لم يتجاوز 12 عاماً. خرجت مع زوجها الدكتور حمدي النجار ليوصلها إلى عملها، وبعد دقائق فقط من عودته، سقط صاروخ على منزلهم. استُشهد تسعة من أطفالهما". وبقي طفل وحيد مصاب وزوجها الدكتور حمدي الذي يرقد الآن في العناية المركزة. مضيفاً: "هذا ما يعيشه كوادرنا الطبية في قطاع غزة؛ الكلمات لا تكفي لوصف الألم. في غزة، لا يُستهدف الكادر الطبي فحسب، بل يُمعن الاحتلال الإسرائيلي في الإجرام، ويستهدف عائلات بأكملها". كما قدم مجمع ناصر الطبي العزاء للطبيبة النجار عبر منصة فيسبوك ونشر قائمة بأسماء أطفالها الذين فقدتهم، وهم: يحيى حمدي النجار، ركان حمدي النجار، رسلان حمدي النجار، جبران حمدي النجار، إيف حمدي النجار، ريفان حمدي النجار، وسيدين حمدي النجار. ميدانياً، أفادت مصادر طبية في قطاع غزة بمقتل 21 فلسطينياً، بينهم نساء وأطفال، منذ فجر اليوم السبت جراء الغارات الإسرائيلية المتواصلة على مناطق متفرقة من القطاع، تركزت في جنوبه ووسطه وشماله. وأكد مدير مستشفى العودة، الدكتور محمد مصالحة، أن المستشفى يتعرض لحصار مشدد منذ عدة أيام، ما يعوق وصول المرضى والمصابين إليه، مشيراً إلى أن القوات الإسرائيلية قصفت بشكل مباشر مستودع الأدوية الرئيسي في المستشفى، ما أدى إلى احتراقه بالكامل وفقدان المخزون الاستراتيجي من الأدوية والمستلزمات الطبية. وأضاف مصالحة أن القصف طال أيضاً خزان الوقود الرئيسي، ما تسبب بفقدان أكثر من 4000 لتر من الوقود، وتعطيل محطة التحاليل الطبية، وخروج قسم الجراحات التخصصية من الخدمة، وهو ما أدى إلى تراجع القدرة التشغيلية للمستشفى بنسبة 50 في المئة. ويؤوي المستشفى حالياً 19 مريضاً ومرافقيهم في ظل ظروف إنسانية وصحية شديدة التدهور. من جانبه، حذر مدير الإغاثة الطبية في قطاع غزة، بسام زقوت، من تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، لاسيما في شمال غزة، الذي يعاني من انقطاع شبه كامل في إمدادات الغذاء والدواء والمياه. وقال زقوت في تصريحات صحفية إن شمال القطاع لم يتلقَ أي مساعدات غذائية أو طبية منذ أسابيع، محذراً من أن هذا النقص الحاد يهدد حياة المرضى الذين يعتمدون على أدوية ومستلزمات طبية لم تعد متوفرة. وأضاف: "الوضع الصحي مأساوي، ولا يوجد أي مصدر لمياه نظيفة في القطاع، ما ينذر بكوارث صحية ومائية وغذائية تهدد حياة السكان". وأشار إلى أن عدد شاحنات المساعدات التي سُمح بدخولها إلى قطاع غزة خلال الأيام الثلاثة الماضية بلغ 92 شاحنة فقط، مقارنة بمتوسط 500 شاحنة يومياً كانت تدخل قبل اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأكد زقوت أن الأولويات القصوى حاليًا تشمل إدخال الأدوية الضرورية للمصابين والمرضى، وتوفير الطحين الذي أوشك على النفاد، إلى جانب تأمين أغذية الأطفال التي أصبحت شبه معدومة في الأسواق والمراكز الصحية.


BBC عربية
منذ 2 أيام
- BBC عربية
كيف تأثر القطاع الصحي في سوريا بسبب العقوبات المفروضة على البلاد؟
يُعتبر القطاع الصحي في سوريا من أكثر القطاعات التي تأثرت بالعقوبات الدولية. ورغم أن مستشفى المجتهد يُعد من أكبر المؤسسات الطبية الحكومية في البلاد، إلا أنه يعاني من نقص حاد في الأجهزة والمعدات الطبية. إصلاح هذه الأجهزة أو استبدالها لم يكن ممكنًا لسنوات، نتيجة العقوبات المفروضة على سوريا، والتي قيّدت استيراد المعدات وقطع الغيار. مدير مستشفى المجتهد يأمل أن يؤدي رفع العقوبات إلى إنعاش القطاع الصحي من جديد، بعد سنوات طويلة من الشلل وسنوات حُرم خلالها آلاف المرضى من الرعاية المناسبة، واضطر خلالها الأطباء إلى العمل في ظروف قاسية تفوق طاقتهم. تقرير ديما ببيلي ومحمد كفرنبل.


BBC عربية
منذ 2 أيام
- BBC عربية
كيف يؤثر نظام المناوبات على الصحة النفسية؟
في الوقت الذي يستعد فيه كثيرون إلى الخلود للنوم، تبدأ مناوبة عمل جديدة لآخرين، من أطباء وممرضين وصحفيين وعاملين في المطارات وعُمال مصانع ورجال أمن وغيرهم ممن يعملون وفق نظام المناوبات أو (الشفتات). وقد يجد البعض منا أنه مضطر للعمل ضمن نظام المناوبات وفقاً لطبيعة عمله، ونظراً لذلك، فقد يكون عرضة أكثر من غيره لعدة مشاكل صحية ونفسية وعقلية، وكذلك مشاكل على مستوى حياته الشخصية والعائلية والاجتماعية نتيجة اختلاف مواعيد العمل. منذ الثورة الصناعية، استخدمت قطاعات التصنيع والخدمات العمل وفق نظام المناوبات بهدف زيادة الإنتاجية والربحية. وقبل تسعينيات القرن الماضي، لم يكن معروفاً سوى القليل عن تأثير العمل بنظام المناوبات على صحة العاملين. وقد وجدت دراسة في منتصف التسعينيات من خلال استخدام البيانات السريرية أن الممرضات العاملات ليلاً أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي، وازداد هذا الخطر مع عدد السنوات التي قضينها في أداء العمل بنظام المناوبات. لذلك، هل فكرت يوماً إن كان عملك وفق نظام المناوبات أحد عوامل إصابتك بأمراض نفسية أو جسدية؟ ما المخاطر الجسدية والنفسية التي قد تهدد العاملين بنظام المناوبات؟ بدايةً، لا بد من معرفة المقصود بنظام المناوبات (Shift Work) والذي يعني توزيع ساعات العمل على مدار اليوم والأسبوع، إذ يتناوب الموظفون على العمل وفق مناوبات متتابعة لضمان استمرارية العمل وتلبية احتياجاته وعدم توقف عجلة الإنتاج، وتتراوح المناوبات عادة بين مناوبتين أو ثلاث في اليوم، وقد تشمل ساعات العمل الليلية أو الصباحية المبكرة، بحيث تستمر كل مناوبة لمدة 8 إلى 9 ساعات، بشرط ألا تتجاوز عدد ساعات العمل الفعلية، وفق نظام منظمة العمل المحلية والدولية. وقد أظهرت دراسات علمية مختلفة أن العمل بنظام المناوبات له آثار سلبية على الصحة النفسية والعقلية، ويزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان والسمنة ومرض السكري من النوع الثاني والخرف والوفاة المبكرة بشكل عام. ففي دراسة علمية نُشرت في مجلة مجلة علم نفس الصحة المهنية (Journal of Occupational Health Psychology) التي تصدر عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس، أشارت إلى أن الأشخاص الذين يعملون بنظام المناوبات معرضون بنسبة أعلى للإصابة بالاكتئاب والقلق واضطرابات النوم مقارنة بالعاملين وفق نظام دوام ثابت. "الساعة البيولوجية" و"الاكتئاب" من أكبر التحديات الصحية وهو ما يشرحه الأخصائي النفسي علي المُلقي خلال حديثه لبي بي سي قائلاً: "إن الساعة البيولوجية تتحكم في إفراز الهرمونات وتنظم عملية النوم والمزاج وعندما يُفرض على الجسم العمل في وقت الراحة الطبيعي، يتأثر نظامه بالكامل. الأمر لا يقتصر فقط على النوم، بل يشمل الذاكرة والانتباه والعلاقات الاجتماعية كذلك". وأضاف: "إن العمل وفق نظام المناوبات له تأثيرات على الجانبين العقلي والنفسي، إذ قد ينتج عنه ضعف في القدرة على أداء المهارات اليومية بالشكل الاعتيادي ووظائف الدماغ الدنيا والعليا، مثل التركيز والتفكير والتواصل والإبداع". وتؤكد الأخصائية النفسية نورة صلاح أن اضطراب الساعة البيولوجية للعاملين بنظام المناوبات يعد المشكلة الصحية الأكبر بقولها: "إن العمل بهذا النظام يؤدي إلى خلل في نظام النوم، إذ تتأثر الساعة البيولوجية وهي الساعة الداخلية للجسم المسؤولة عن تنظيم العمليات الجسدية والعقلية والسلوكية على مدار الساعة، بالضوء والظلام. وإن العمل بنظام المناوبات خلال الليل تحديداً يعطّل عملها، ويخل بتوازن أنظمة الجسم التي تتحكم بها". موضحة: "قد تزيد فرصة حدوث مشاكل تتمثل في قلة النوم والأرق لدى الأشخاص العاملين بنظام المناوبات وهذا كفيل بأن يُؤثر على مشاعر الشخص وتصرفاته فتجلعه عصبياً ومتوتراً، وفي حال لم يتم الانتباه لهذه المشاكل والتعامل معها أولاً بأول، فقد يزيد من احتمالية حدوث الاكتئاب لدى الأشخاص". وخلال حوارها مع بي بي سي قالت: "هناك دراسة حديثة نُشرت في أبريل/ نيسان الماضي أظهرت أن الأشخاص العاملين بنظام المناوبات تكون جودة نومهم أقل، وقد تزداد لديهم المشاكل النفسية". مضيفة: "هناك دراسة أخرى أظهرت أن العاملين وفق هذا النظام معرضون بنسبة 30 في المئة للاكتئاب، وأن الإناث أكثر عرضة للاكتئاب بنسبة 70 في المئة، وهو ما يشير إلى العزلة نتيجة عدم قدرة من يعملون بنظام المناوبات على قضاء وقتهم مع عائلاتهم أو أصدقائهم مما ينعكس سلباً على حالتهم المزاجية والنفسية". "من أجل الوفاء لمعطفي الأبيض ولقبي في ملائكة الرحمة" ولمعرفة حقيقة ما يمكن وصفه بـ "معاناة" العاملين وفق نظام المناوبات ومحاولتهم إيجاد توازن بين طبيعة عملهم وحياتهم الخاصة، كنتُ قد أجريتُ عدداً من المقابلات مع أشخاص في قطاعات عملية مختلفة. قالت الممرضة تُقى عقرباوي التي تحدثّت لبي بي سي: "أنا ممرضة أعمل ضمن نظام المناوبات وأحاول دوماً التوفيق بين عملي وحياتي الخاصة، إلا أنني غالباً ما أجد نفسي أضحّي من أجل الوفاء لمعطفي الأبيض ولقبي في ملائكة الرحمة، إذ إنني لا أشارك عائلتي في أبسط الأمور ومنها تناول الطعام معهم وعدم مشاركتهم في معظم المناسبات العائلية والاجتماعية حتى أنني لا أرى وجه من أعتبرهم أغلى البشر لدي بسبب تلك المناوبات الليلية المرهقة والتعب الذي يرافقني ليجعلني أنام ساعات طويلة بمجرد انتهاء المناوبة". وأضافت: "تعد فكرة أنك المسؤول الأول عن حياة الأشخاص والتركيز للحفاظ على حياة المرضى من عدم حدوث أي خطأ طبي من العوامل التي تؤثر على حالتنا النفسية والعقلية لدرجة أنها تستنزف أرواحنا، إلى جانب عملنا وفق نظام المناوبات، إلا أنني أحاول تجاوز ذلك من خلال عدة أمور كالقيام بنشاط بدني ممتع ومفيد للتخلص من الطاقة السلبية، وأحياناً أحصل على إجازة من العمل لأجدد طاقتي، كما أن وجود زملاء عمل جيدين يسهم في مساعدتي على تجاوز التعب". وليس ببعيد عن الممرضة عقرباوي، قال الممرض عطا عقل الذي يعمل في قسم الطوارئ بأحد المستشفيات خلال حواره مع بي بي سي: "أعمل وفق نظام المناوبات الليلية وحتى خلال العطل الرسمية، باعتباري أمثل خط الاستجابة الأول للحالات الحرجة والمفاجئة. كما أنني أعمل كمحاضر جامعي، ما يضيف بعداً أكاديمياً إلى جدولي المزدحم. وعليه أشعر أحياناً باستنزاف في طاقتي الذهنية والنفسية جرّاء الضغط المستمر والتعامل اليومي مع حالات طبية طارئة، خاصة حين يتزامن ذلك مع مسؤولياتي التدريسية". وفي سؤالي حول إمكانيته لتحقيق التوازن بين عمله بالمناوبات وحياته، أجاب: "أعترف أن الأمر ليس سهلاً، إذ أحاول أن أضع حدوداً واضحة بين العمل الطبي والأكاديمي، وأحرص على تخصيص وقت للعائلة حتى لو تطلب ذلك التخطيط المسبق بدقة. كما أنني أمارس المشي والتأمل، وأخصص وقتاً للصمت والابتعاد عن الشاشات. كما أنني أجد في التعليم الجامعي نوعاً من التوازن، فهو يمدني بطاقة مختلفة تُكمل الجانب العلاجي من عملي". وفي حديثه لبي بي سي قال الطبيب مهند وهو أخصائي عناية مركزة: "إن العمل وفق نظام المناوبات يؤثر سلباً على جميع مناحي الحياة، والمشكلة الأكبر تتمثل في النوم، نتيجة تغيير أوقات المناوبات إذ لا يمكنني النوم خلال أوقات العمل إلا لفترة قصيرة جداً وأقوم بتعويض ساعات النوم على حساب الوقت المخصص لعائلتي. وعلى الرغم من التعب والنعاس الشديدين بعد انتهاء فترة المناوبة فيكون من الصعب الدخول في النوم، وتكون جودة النوم سيئة جداً". وأضاف: "إن الطريقة الوحيدة الفعالة نوعاً ما لتحقيق التوازن بين عملي في المناوبات وحياتي هي التنسيق مع زملائي حيث أقوم بوضع أكبر عدد ممكن من المناوبات في أقصر فترة ممكنة لأتمكن من الحصول على فترات بدون مناوبات، ورغم ضغط العمل في فترات معينة إلا أنني أحصل على أوقات فراغ في المقابل". ويقف على مسافة قريبة أحمد خزاعلة الذي يعمل في مجال التحاليل الطبية، وكذلك المُعالِجة الطبيعية سارة حمد، اللذان تحدثا لبي بي سي عن شعورهما بالضغوط النفسية نتيجة العمل بنظام المناوبات: "من الصعب الفصل بين هذا النوع من نظام العمل والحياة الخاصة، ولكن لا بد من تحقيق التوازن ما أمكن عبر التواصل مع العائلة والجلوس معهم ومشاركتهم الأنشطة المختلفة في وقت الإجازة". "بتُّ أفكر جدياً بترك العمل" تحدّثت الصحفية سارة سويلم التي تعمل في أحد المواقع الإخبارية الإلكترونية عما وصفته بـ"المعاناة الحقيقية" جرّاء العمل في نظام المناوبات لبي بي سي قائلة: "أعمل في موقع إخباري في مجال إعداد وإنتاج المقابلات وتنسيق الضيوف للبرامج والأخبار والتقارير في الموقع، ورغم خبرتي الطويلة في هذا المجال، إلا أنني أعمل منذ نحو شهرين في موقع إخباري وفق نظام المناوبات التي أشعر وكأنها 20 عاماً، وليس مجرد هذه الفترة القصيرة". وتكمل بالقول: "تولّد شعوري هذا بسبب عدم الالتزام الإداري بالمناوبات، إذ غالباً ما يجري تغيير أوقات المناوبات بشكل مفاجئ، خاصةً إذا كان أحد الزملاء متعباً أو لديه ظروف خاصة أو أن هناك علاقة جيدة تربطه بالمسؤول عن الموقع تمنحه ميزة عدم العمل بنظام المناوبات، وهذا يشكل ضغطاً كبيراً على نفسي ويُحدِث فجوة بين عملي وحياتي، خاصةً وأن لدي عائلة بحاجة للقيام بمسؤولياتي اتجاهها". وعن التأثير النفسي لنظام العمل بالمناوبات قالت سويلم: "المناوبات العشوائية أثرت على صحتي، إذ غالباً ما أشعر بالتعب والإرهاق لعدم حصولي على ساعات نوم كافية، وأفكر باستمرار لإنجاز العمل وإتقانه.. بتُّ أفكر جدياً بترك العمل، خاصةً أنني تعوّدت العمل وفق ساعات عمل محددة وثابتة. والآن أحاول تحقيق التوازن بين عملي وحياتي الخاصة من خلال النوم لعدة دقائق كي أستعيد بها طاقتي وأجددها، وأستمع أحياناً لبعض الموسيقى بهدف الاسترخاء". "أعمل بنظام الاستعداد المستمر" خلال حوارها مع بي بي سي قالت المنسقة الإعلامية بإحدى القطاعات الصحية روضى الشريف: "عملي في المجال الإعلامي وخاصة في القطاع الطبي يقوم على التغطية المستمرة للأحداث والجولات والزيارات الرسمية، مما يتطلب التواجد في مواقع متعددة خلال أوقات غير تقليدية، قد تكون في ساعات مبكرة من الصباح أو متأخرة من الليل، فنحن نعمل بنظام الاستعداد المستمر، وغالباً ما نكون في قلب الحدث". وأضافت: " بطبيعة الحال، العمل في بيئة دائمة الحركة تتطلب اليقظة والسرعة والدقة، ما قد يشكل ضغطاً نفسياً وعقلياً إذا لم نكن مدرَّبين على إدارة التوتر. وبالفعل هناك لحظات من الإرهاق، وهناك أوقات يشعر فيها الإنسان أنه بحاجة إلى التوقف. أحياناً يكمن التحدي في التفاصيل الصغيرة، في التوفيق بين أكثر من مسؤولية، وفي الغياب عن لحظات شخصية، لكنه تحدٍ نواجهه بحب واحترافية". وفي سؤالي عن الخطوات التي يمكن أن تتبعها لتحقيق التوازن بين طبيعة عملها وحياتها، أجابت الشريف: "تحقيق التوازن في ظل هذا النمط من العمل ليس سهلاً، لكنه ليس مستحيلاً. أؤمن أن التنظيم هو مفتاح كل شيء، إذ أحرص على تخصيص وقت نوعي لعائلتي وأطفالي. كما أحرص على تخصيص وقت لنفسي سواء من خلال التأمل، أو ممارسة الرياضة أو الكتابة لأنني كاتبة روائية أيضاً". ويتفق يزن القرعان الذي يعمل موظفاً في أحد المطارات مع روضى بقوله: "أحاول القيام بتمارين التنفس باستمرار والجلوس في مكان هادئ، كما أحرص على الحصول على قسط كافٍ من النوم لأتجنب الضغط والتوتر بسبب عملي بنظام المناوبات". أما يحيى الذي يعمل في إدارة المنتجات الرقميّة فقال: "لا أشعر بتأثير نفسي وصحي مباشر بسبب عملي في المناوبات، لأنني أحب طبيعة عملي الذي أعتبره مسلياً وفيه نوع من الابتكار والاكتشاف والتنويع والتطوير. ورغم ذلك أحاول ترتيب أولوياتي وأحرص على التواصل مع عائلتي كلما سنحت لي الفرصة". كيف يحافظ العاملون بنظام المناوبات على صحتهم؟ يتفق الأخصائيان النفسيّان علي المُلقي ونورة صلاح على عدد من النقاط التي ينصحان بها كل شخص يعمل وفق نظام المناوبات على اتباعها وهي كالتالي: ونصحت أخصائية التغذية أَوْلا دَعْنا خلال حديثها لبي بي سي أنه لضمان توازن غذائي أثناء المناوبات أن يقوم الأشخاص بالتحضير المسبق لوجباتهم في المنزل، موضحةً: "من المهم تناول وجبات منتظمة ومتوازنة تشمل الكربوهيدرات المعقدة والبروتينات والدهون الصحية كالأسماك والخضروات، إضافةً إلى شرب الماء بانتظام لتوفير الطاقة وتقليل الإحساس المستمر بالجوع. كما يُنصح بتقليل المنتجات التي تحتوي على الكافيين والأطعمة الغنية بالدهون، واختيار وجبات خفيفة تحتوي على أوميغا-3 والمغنيسيوم لما لها من تأثير مهدئ وملطف للأعصاب وأخرى تُحسّن من مستوى التركيز كالمكسرات والحليب والموز". بشكل عام، يرى العديد من الباحثين والمختصين، أنه رغم الآثار النفسية والعقلية التي قد تصاحب من يعملون وفق نظام المناوبات، إلا أنه عليهم التأقلم مع طبيعة عملهم وظروفه التي تتطلب ذلك من خلال إيجاد طرق وخطوات عملية فعالة وجدية تخفف من وطأة هذه الآثار على حياتهم.