logo
الدوري يتطوّر.. فهل تتطوّر لجانه ؟

الدوري يتطوّر.. فهل تتطوّر لجانه ؟

عكاظمنذ يوم واحد

في الوقت الذي تخطو فيه المملكة خطوات واسعة لترسيخ مكانتها كمركز رياضي عالمي، ويُعاد تشكيل خارطة كرة القدم محلياً ضمن مشروع وطني طموح، يبرز سؤال لا يقل أهمية عن بناء الملاعب واستقطاب النجوم: هل ترتقي البنية القانونية والتنظيمية للدوري السعودي إلى مستوى هذا التحول؟
حين تُحسم مباراة في دوري روشن بكل ما يُمثّله من رمزية اقتصادية وسمعة دولية من خلال قرار قانوني، فإن القرارات المرتبطة بالمنافسة قد تكون أحياناً أكثر أثراً من نتيجة المباراة نفسها، خاصةً حين تُصدر في توقيت حرج أو بأساس متضارب. وقضية نقاط العروبة التي أُعيدت إلى النصر لم تكن مجرد تفصيل عابر في جدول الترتيب، بل كشفت ضبابية مقلقة في منظومة الانضباط والتحكيم الرياضي، تستحق وقفة نظامية جادة.
ليست القضية في النتيجة فحسب، بل في توقيت القرار، وتناقضاته، وتداعياته على عدالة المنافسة. وبين لجنة انضباط تُصدر قراراً، واستئناف تؤيده، ثم مركز تحكيم ينقضه لاحقاً، تتجلّى فجوة مؤسسية تُهدد بثقة الأطراف في منظومة العدالة الرياضية.
هذا المقال ليس طعناً في أحد، بل دعوة لإعادة النظر بجرأة وهدوء في أداء اللجان ذات العلاقة بالفصل في النزاعات الرياضية، إن أردنا لدوري روشن أن يُعامل عالمياً كما نُريد له أن يُرى عالمياً.
في 28 فبراير 2025، التقى النصر والعروبة ضمن الجولة 23 من دوري روشن، وانتهت المباراة بفوز العروبة 2-1. تقدّم النصر باحتجاج رسمي على أهلية مشاركة حارس العروبة رافع الرويلي، استناداً إلى كونه لا يزال على وظيفة حكومية، في مخالفة لما تنص عليه لائحة الاحتراف بشأن شرط التفرغ الكامل. رفضت لجنة الانضباط الاحتجاج، وأيّدته لجنة الاستئناف. ثم لجأ النصر إلى مركز التحكيم الرياضي؛ الذي أصدر قراره في 25 مايو 2025؛ أي بعد قرابة ثلاثة أشهر من تاريخ المباراة بقبول الاحتجاج واعتبار النتيجة 3-0 لصالح النصر، مع تغريم نادي العروبة 50 ألف ريال.
ورغم أن مركز التحكيم الرياضي قام بإعادة النقاط لصالح النصر بقرار نهائي، فإن ما يثير القلق ليس فقط محتوى القرار، بل الرحلة المؤسسية التي سبقت صدوره. فالملف بدأ من لجنة الانضباط، التي مارست اختصاصها الابتدائي ورفضت الاحتجاج، ثم عُرض على لجنة الاستئناف داخل الاتحاد السعودي، التي ثبتت القرار السابق دون معالجة معمقة لأصل الإشكال، ليُنقل بعد ذلك حسب التسلسل النظامي الصحيح إلى مركز التحكيم الرياضي السعودي بوصفه الجهة العليا والنهائية في المنازعات الرياضية داخل المملكة.
ومن زاوية قانونية بحتة، فإن تباين المخرجات بين لجنة الانضباط، ولجنة الاستئناف، ومركز التحكيم لا يُعد فقط اختلافاً في التقدير، بل يُسلّط الضوء على غياب مبدأ توحيد التفسير القضائي في المجال الرياضي، وهو مبدأ أساسي في النُظم القضائية الراسخة.
إذ جرى العُرف في المحاكم النظامية أن تتّسق الاجتهادات القضائية في تفسير النص الواحد، حمايةً لمبدأ «الاستقرار القانوني» (Legal Certainty)، وضماناً لتكافؤ الأطراف.
أما أن تُفسَّر لائحة واحدة بثلاث قراءات متضاربة من ثلاث جهات مختصة، فذلك لا يُهدد فقط مبدأ عدالة المنافسة، بل يُضعف الثقة في مرجعية التفسير النظامي داخل البيئة الرياضية.
أخبار ذات صلة
إن مركز التحكيم لم يكن هو محل الإشكال، بل كان أشبه بـ«الملاذ القانوني الأخير» بعد أن أخفقت الجهات الأولية في الوصول إلى معالجة دقيقة. لكن حتى «الإنقاذ» جاء متأخراً، وأنتج قراراً بعد مرور ثلاثة أشهر من المباراة، وفي توقيت حساس قبل الجولة الأخيرة، وهو ما حوّل العدالة من أداة استقرار إلى عامل إرباك في المشهد التنافسي.
حين تُفسَّر ذات الواقعة بثلاثة قرارات متناقضة من ثلاث جهات رسمية، فإن الإشكال لا يكمن في النص، بل في أداء المؤسسة القانونية ذاتها. لجنة الانضباط تعاملت مع المسألة بمنطق إجرائي ضيق، دون قراءة متأنية لأثر القرار على النزاهة الرياضية. لجنة الاستئناف مرّت على الاعتراض مروراً إدارياً شكلياً، وافتقرت إلى اجتهاد جاد في التحليل. أما مركز التحكيم فجاء متأخراً بعد أن استقرت النتائج، فأعاد تصويب النتيجة لكن بعد أن اختلطت أوراق الترتيب والمراكز.
وهنا تكمن الإشكالية: حين تأتي العدالة بعد فوات أوانها، فإنها -رغم صحتها- قد تربك المشهد التنافسي أكثر مما تُعيد اتزانه.
قضية العروبة والنصر ليست الوحيدة هذا الموسم. بل هي واحدة من سلسلة قرارات أثارت الجدل، من أبرزها تفاوت في العقوبات الإعلامية على تصريحات متقاربة، وتأخر واضح في إصدار قرارات مصيرية، ما أفقدها فاعليتها، فضلاً عن اختلاف جذري في تفسير اللوائح بين اللجان المختلفة.
هذه التكرارات لا تُعبّر عن خلل فردي، بل تُشير إلى هشاشة مؤسسية في البنية العدلية الرياضية، وتضعنا أمام ضرورة تطوير شامل في طريقة إدارة النزاعات، بدءاً من فلسفة لجنة الانضباط، ومروراً بجرأة الاستئناف، وانتهاءً باستقلالية مركز التحكيم دون أن يُستخدم هذا الأخير كأداة لتصحيح ما فات بل كضامن استباقي للاتساق.
المملكة لا تُراهن على كرة قدم، بل على مشروع رياضي تنموي متكامل، يُراد له أن يكون منصة دولية، ومحركاً اقتصادياً، وأداة ناعمة للتأثير الإقليمي والعالمي. وفي مثل هذا المشروع، لا تُقبل الثغرات المؤسسية في العدالة التنافسية، حتى إن أتت من باب الاجتهاد أو النوايا الطيبة.
إذا كنا نُريد لدوري روشن أن يُعامل بين الدوريات العالمية الكبرى، فلا بد أن تُدار لجانه بنفس مستوى الاحتراف والبناء المؤسسي.
المطلوب اليوم ليس ترقيعاً في النصوص، ولا تبسيطاً في الإجراءات، بل إعادة بناء منظومة عدلية رياضية، تُدار بروح قضائية محترفة، وسرعة محسوبة، ومنهجية مُحكمة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رصد وضبط مواطنين لنقلهما (9) وافدين من حاملي تأشيرات الزيارة لمخالفتهم أنظمة وتعليمات الحج
رصد وضبط مواطنين لنقلهما (9) وافدين من حاملي تأشيرات الزيارة لمخالفتهم أنظمة وتعليمات الحج

عكاظ

timeمنذ 11 دقائق

  • عكاظ

رصد وضبط مواطنين لنقلهما (9) وافدين من حاملي تأشيرات الزيارة لمخالفتهم أنظمة وتعليمات الحج

تابعوا عكاظ على أخبار ذات صلة ضبطت قوات أمن الحج مواطنين لنقلهما (9) وافدين من حاملي تأشيرات الزيارة لمخالفتهم أنظمة وتعليمات الحج، ومحاولة الدخول بهم إلى مدينة مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وذلك عبر استخدام تقنية طائرة «الدرون» لرصد المخالفين، وجرى إحالتهم إلى الجهة المختصة لتطبيق العقوبات المقررة نظامًا بحقهم. /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}

شعب العميد الهادر.. صانع الفارق ومحقق كل الفوارق
شعب العميد الهادر.. صانع الفارق ومحقق كل الفوارق

عكاظ

timeمنذ 16 دقائق

  • عكاظ

شعب العميد الهادر.. صانع الفارق ومحقق كل الفوارق

تابعوا عكاظ على برهن شعب العميد الوفي وجماهيره الهادرة، بأنها القادرة على قلب المعادلات وكسر كل الأرقام، وكسب كل التحديات وصناعة الفارق وتحقيق الفوارق، وظلت الجماهير الاتحادية العملاقة تصدح بالأهازيج الخالدة في الذاكرة، لتشكل أيقونة النصر الفريد من نوعها، وترسخ طابع الوفاء عند كل منعطف، وتجسد أسلوب الطرب عند من لا يعشقون الطرب، لتظل وتبقى متفردة و أكثر حباً ونبلاً ووفاءً. وكسرت جماهير الاتحاد قيود العادة المتمثلة في التشجيع لتصنع التأثير، وتلعب دور اللاعب وتسجل أهدافها ورغباتها، وتزف عميدها لمنصات البطولات ومعانقة الذهب، ليكون الجمهور الأكثر صلابة والأجمل حضوراً والأبهى شغفاً طوال مشوار العميد، و الذي خطته عمادة لا تقبل الجدل، وكان فيها طيلة المشوار المئوي بمثابة اللاعب رقم واحد ونمبر ون. أخبار ذات صلة أكثر من 60 ألف متفرج بالأمس وقبل الأمس وغداً وبعد غدٍ، بنجومية صاخبة هي وقود العميد ولا شيء غيره، وهي سر انتصاراته وبقائه متوهجاً طوال السنين الماضية، فيوماً من الأيام قال الرمز الاتحادي الأمير طلال بن منصور رحمه الله، لا خوف على العميد من تقلبات الأيام ومعاه جمهوره بمثابة السند دون أن يتثاءب أو يداخله الملل. ‏ /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}

العمري يتجلى مع الاتحاد ويضرب أروع الأمثلة
العمري يتجلى مع الاتحاد ويضرب أروع الأمثلة

عكاظ

timeمنذ 16 دقائق

  • عكاظ

العمري يتجلى مع الاتحاد ويضرب أروع الأمثلة

تابعوا عكاظ على ضرب المدافع الاتحادي عبدالإله العمري أروع الأمثلة، وقدم أجمل المستويات الفنية منذ قدومه لنادي الاتحاد وارتداء القميص المقلم بنظام الإعارة قادماً من نادي النصر، وقدم تضحيات في أكثر من لقطة، كان فيها العمري عاملاً مؤثراً في الفوز وتحقيق الاتحاد لبطولة الدوري وكأس الملك هذا الموسم. أخبار ذات صلة وبالأمس القريب وتحديداً أمام فريق القادسية في نهائي كأس الملك، كان الجميع شاهداً على الروح الاتحادية التي تجلت في عبدالإله العمري، ضارباً أروع الأمثلة في التضحية والتفاني عند تعرضه لإصابة خطيرة في الرأس، ونزف الدماء على إثرها، وفوق هذا وذاك رفض طلب مدرب الفريق لوران بلان في ترك الملعب على إثر الإصابة، وإشراك لاعب آخر بدلاً منه، وقام بارتداء قناع، وتمسك بالاستمرار في المباراة قبل خضوعه لتدخل من جانب الجهاز الطبي، ومن ثم العودة من جديد لاستكمال المباراة بصورة طبيعية. /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store