
تفجيرات وحرائق في إيران.. نظام الملالي على حافة الهاوية
مشهد الأزمات المتلاحقة
تشهد إيران في الآونة الأخيرة سلسلة من الكوارث المتفجرة والحرائق المدمرة التي تكشف عن عمق الأزمات التي يعانيها نظام الملالي، وتُظهر هشاشة بنيته الداخلية. من الانفجار المروع في ميناء شهيد رجائي إلى سلسلة التفجيرات الإرهابية التي تستهدف البنية التحتية والمنشآت الحيوية، يبدو النظام الإيراني وكأنه يسير على حافة الهاوية، حيث تتداخل الأزمات الداخلية مع الضغوط الخارجية لتخلق سيناريو كارثياً يهدد استقرار النظام برمته.
الكارثة في ميناء شهيد رجائي؛ شرارة الغضب الشعبي
في 26 أبريل 2025، هز انفجار هائل ميناء شهيد رجائي -أكبر ميناء تجاري في إيران- مما أسفر عن مقتل 46 شخصاً وإصابة أكثر من ألف آخرين، وقد تحول الحداد الوطني إلى موجة غضب عارمة بعد أن كشفت التحقيقات الأولية عن تورط شحنات من وقود الصواريخ الباليستية في الحادث، ومن مشاهد الغضب الشعبي خروج طلاب الجامعات في طهران في مظاهرات حاشدة، واستقالات جماعية لمذيعات التلفزيون الرسمي، وفنانين كانوا قد تعاونوا مع النظام، وانضمام رياضيين بارزين لصفوف المعارضة وتزايد الأسئلة الجريئة من صحفيين موالين للنظام حول أساليب القمع، ويرفض الشعب الصمت حيث لم تكن الكوارث الأخيرة سوى القشة التي قصمت ظهر البعير في سلسلة طويلة من المعاناة التي يعيشها الشعب الإيراني؛ لقد شهدت إيران موجات متتالية من الاحتجاجات، كان أبرزها انتفاضة يناير 2020 التي كشفت عن عمق السخط الشعبي، ويأتي ذلك في وقت يعيش فيه الشارع الإيراني حالة من الغليان بسبب الفقر، والبطالة، وغلاء المعيشة، والقمع السياسي المستمر، وتعكس الاحتجاجات الشعبية التي باتت متكررة في مختلف المدن رفضًا عارمًا للسياسات الفاشلة للنظام خاصة مع تزايد وعي الإيرانيين بدور قوات حرس نظام الملالي في القمع في الداخل وتمويل الإرهاب في الخارج.
الكارثة؛ والاتهامات المتبادلة
استمرت النيران مشتعلة لأكثر من يوم مع انتشار سحابة سوداء من المواد الكيميائية السامة. وأُغلقت المدارس والمكاتب في بندر عباس المجاورة. وأعلنت السلطات عن حداد رسمي لمدة ثلاثة أيام.
اتهمت تقارير دولية إيران بتخزين وقود صاروخي (بيركلورات الصوديوم) في الميناء، ونفت الحكومة الإيرانية هذه الادعاءات واصفة الحادث بأنه 'حادث تقني'. وأثار الحادث تساؤلات حول كفاءة الإدارة الحكومية وقدرتها على حماية المنشآت الحيوية.
سياسة 'حافة الهاوية' منهج يقود إلى الانهيار
يبدو أن النظام الإيراني يتبنى استراتيجية عُرفت باسم 'التحرك على حافة الهاوية'، وهي سياسة تعتمد على المناورة والمجازفة في التعامل مع الأزمات الداخلية والخارجية، لكن هذه الاستراتيجية بدأت تتحول إلى لعبة انتحارية تهدد بإسقاط النظام نفسه.
ملامح هذه الاستراتيجية
المناورة النووية: التراجع الانتهازي عن المواقف تحت الضغط الدولي، كما حدث في المفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والعدوانية الإقليمية، التصعيد العسكري مع الجيران مثل أذربيجان تحت ذرائع وهمية، والقمع الداخلي باستخدام القوة المفرطة ضد الاحتجاجات الشعبية، واللعب بورقة الوقت لكسب الوقت اللازم لاستمرار البرامج النووية والصاروخية.
العزلة الإقليمية وخريطة العداوات الجديدة
ملالي إيران يفقدون حلفاءهم.. إذ لم تقتصر أزمات النظام الإيراني على الداخل فحسب، بل امتدت إلى علاقاته الإقليمية حيث وجد نفسه في مواجهة مع جيران كانوا يوماً حلفاءه:
أذربيجان: مناورات عسكرية على الحدود بسبب أوهام تهديد إسرائيلي. تركيا: خلافات حول دعم إيران للأكراد. أفغانستان (طالبان): توترات مذهبية وسياسية. باكستان: صراع حول قضية البلوش. العراق: غضب شعبي متصاعد بسبب تدخلات إيران.
الأزمة النووية: لعبة خطيرة بالوقت
في خضم كل هذه الأزمات، يواصل النظام الإيراني اللعبة الخطرة مع المجتمع الدولي حول برنامجه النووي، حيث يرفض وقف تخصيب اليورانيوم رغم العقوبات الدولية القاسية. وقد وصف محللون هذه السياسة بأنها 'خطوة طائشة وحمقاء' تقود البلاد إلى مزيد من العزلة.
انفجارات تكشف هشاشة البنية الأمنية
من بين أبرز الحوادث التي أثارت الجدل مؤخرًا، الانفجارات التي هزت مصانع في أصفهان، وحرائق اندلعت في منشآت نفطية جنوب البلاد؛ فضلًا عن انفجارات داخل قواعد تابعة للحرس الثوري الإيراني. هذه الحوادث سلطت الضوء على ضعف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية للنظام، وعجزه عن حماية منشآته الحيوية.
دور المقاومة الإيرانية
لا يمكن إغفال دور المقاومة الإيرانية لا سيما وحدات المقاومة التابعة لـ منظمة مجاهدي خلق التي أكدت مسؤوليتها عن بعض العمليات الموجهة ضد رموز ومراكز النظام مشيرة إلى أن الشعب الإيراني لن يقف مكتوف الأيدي أمام آلة القمع والفساد. وقد أشادت تقارير دولية عديدة بشجاعة الشبكات الداخلية التابعة للمقاومة التي تسهم بدورها في زعزعة أركان النظام من الداخل.
النظام في مأزق حقيقي
بات من الواضح أن نظام الملالي يواجه أكبر أزماته منذ عقود. فإلى جانب الأزمات الداخلية يعاني من عزلة دولية متزايدة، وعقوبات خانقة أثرت على الاقتصاد، وأظهرت تآكلا في شرعيته حتى بين قواعده التقليدية. هذا الوضع يجعل من بقاء النظام في صورته الحالية أمرًا صعبًا، إن لم يكن مستحيلاً.
نظام الملالي وإدارة الأزمات.. سياسة التعتيم والتضليل في مواجهة الكوارث
آلة التضليل الإعلامي.. عندما يصبح الكذب سياسة دولة
لم يقل نظام الملالي الحاكم في إيران الحقيقة فيما يتعلق بتفجيرات ميناء رجائي في بندر عباس، ولم يُولِ أي اهتمام بالخسائر البشرية والمادية الناجمة عنها.. كذلك لن يقولها فيما يتعلق بتفجير مشهد أو أية أحداث أخرى… وكما هي عادته يتستر على الوقائع، ويخفي الأرقام الحقيقية ويُضلل الرأي العام من خلال الإعلام الرسمي الذي يخضع لرقابة أمنية مشددة، ولن يكن الأمر مختلفًا فيما يتعلق بتفجير مشهد أو غيره من الأحداث التي تهز الداخل الإيراني؛ إذ إن هذا النظام لم يعرف الصدق يومًا بل يبني بقاءه على التعتيم والقمع وتجاهل آلام المواطنين إذ يواصل نظام الملالي في إيران سياسة التعتيم المنهجي بشأن الكوارث والأزمات التي تعصف بالبلاد بدءاً من تفجير ميناء شهيد رجائي في بندر عباس وصولاً إلى أحداث مشهد الأخيرة، وهذه السياسة ليست مجرد رد فعل ظرفي بل هي جزء من استراتيجية متكاملة لإدارة الأزمات عبر 'التقليل المنظم من حجم الضحايا، وتخفيض الأرقام الحقيقية للقتلى والجرحى بشكل منهجي، وتلفيق الروايات الرسمية، ابتكار سيناريوهات وهمية تتناسب مع الرواية السياسية للنظام، وقمع الشهود والمتضررين، تهديد الضحايا وأسرهم لمنعهم من كشف الحقائق، وتوجيه الاتهامات العشوائية' ومن ثم إلقاء اللوم على أطراف خارجية أو ما يُطلق عليهم بـ 'أعداء الثورة'.
إن تكرار هذه التفجيرات في منشآت حساسة، وتجاهل النظام لآلام الضحايا وذويهم يعكس ليس فقط فشله الأمني بل أيضًا انفصاله التام عن واقع الشعب الأمر الذي يعمّق الفجوة بينه وبين الإيرانيين ويدفع بالبلاد نحو انفجار اجتماعي وسياسي لا يمكن احتواؤه.
ماذا يخبئ الغرب وهذا النظام الفاشي؟
تتعالى لغة التصعيد في أروقة نظام الملالي، ولا شك في أن تكون هناك قرابين إقليمية جديدة فداءا لاستمرارية هذا النظام كما فعل في لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين وغزة وحزب الله وحماس.. ماذا يخبئ الغرب وهذا النظام؟
يلامس هذا السؤال جوهر الأزمة الإقليمية والدولية المرتبطة بنظام الملالي، ويكشف عن واقع مرير تدفع ثمنه شعوب المنطقة بالفعل، تتعالى لغة التصعيد في أروقة النظام الإيراني لا سيما مع تصاعد الأزمات الداخلية من احتجاجات شعبية وانهيار اقتصادي، وتزايد الضغط الدولي ما يدفع النظام إلى تصدير أزماته نحو الخارج وكما هو معتاد منذ عقود إذ يعتمد على سياسة 'الهروب إلى الأمام' من خلال إشعال الأزمات الإقليمية وتمويل ميليشيات تابعة له في الدول العربية وغيرها.. فمن لبنان عبر حزب الله، إلى سوريا من خلال دعم نظام الأسد، والعراق عبر الميليشيات الولائية، واليمن من خلال الحوثيين، وحتى غزة عبر دعم حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وكل هذه الساحات كانت قرابين لتمديد عمر نظام طهران.
ماذا يخبئ الغرب؟ وما الذي يخطط له نظام الملالي؟
يراوح ويناور الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة بين سياسة الضغط والعقوبات وبين إشارات التفاوض والتهدئة، وهو ما يمنح النظام الإيراني هوامش للمناورة، وما زالت بعض دوائر صنع القرار الغربية تراهن على تغيير سلوك نظام الملالي بدلاً من تغييره رغم الأدلة المتكررة على أن هذا الرهان خاسر.. أما نظام الملالي فهو يسعى مستفيدا من سياسة الغرب هذه إلى كسب الوقت وإطالة أمد بقائه من خلال خلق الأزمات وتهديد الأمن الإقليمي، في محاولة لفرض نفسه كقوة لا يمكن تجاهلها في أي تسوية سياسية أو أمنية في الشرق الأوسط.
الخاتمة: النهاية المحتومة؟
كلما ضاق الخناق داخليًا على هذا النظام ازداد عدوانه خارجيًا، ولا يتورع عن استخدام الدماء العربية كورقة مساومة، مدفوعًا بعقيدة توسعية وطائفية مميتة، والسؤال الآن: هل سيتحرك العالم خاصة الدول العربية لوضع حد لهذا العبث؟ أم ستظل الشعوب هي وحدها من يدفع الثمن؟ وبينما يقدم نظام الملالي قرابين إقليمية لإنقاذ نفسه يبقى الشعب الإيراني هو الضحية الأساسية لهذه السياسات حيث الأزمات الاقتصادية، القمع السياسي، والعزلة الدولية تثقل كاهل المواطن الإيراني بينما تستمر النخبة الحاكمة في مغامراتها الإقليمية.
تشير كل المؤشرات إلى أن نظام الملالي يقترب من نقطة اللاعودة. فالشعب غاضب، والاقتصاد منهار، والحلفاء يتخلون عنه، والمجتمع الدولي يفقد صبره. كما قال أحد المحللين: 'هذا النظام الذي بدأ مشواره بالسير في الاتجاه الخاطئ لا يزال مستمراً في السير عليه، ولا ريب في أن نهايته ستكون الهاوية حتماً'.
إن تفجيرات وحرائق إيران ليست مجرد حوادث عابرة بل رسائل قوية تدل على هشاشة النظام وانهيار هيبته، وبينما يقترب نظام الملالي من الانهيار يبدو أن التغيير الجذري في إيران قد أصبح أقرب مما يتصور الكثيرون بفضل صمود الشعب والمقاومة المنظمة.
مجموعة من التساؤلات التي يطرح نفسها الآن إلى متى يمكن لنظام الملالي أن يستمر في البناء على أكاذيب تتهاوى واحدة تلو الأخرى أمام أنظار شعب لم يعد يصدق شيئاً من رواياته؟ وهل ستنجح هذه الاستراتيجية مرة أخرى؟ أم أن المنطقة مقبلة على مفاجآت قد تغير كل المعادلات؟ يقول التاريخ إن الأنظمة التي تعتمد على التضحية بالآخرين ينتهي بها الأمر إلى التهام نفسها بنفسها.. وهل بات سقوط نظام الملالي وشيكاً.. متى وكيف؟ وما هو الثمن الذي سيدفعه الشعب الإيراني والعالم قبل أن يصل إلى هذه النهاية، وهل سيكون الغرب نزيهاً في هذا الشأن؟
د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


كواليس اليوم
منذ 6 أيام
- كواليس اليوم
نظام إيران: التفاوض لكسب الوقت
بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* النظام الديني الحاكم في إيران، منذ أيامه الأولى في السلطة، لم يؤمن يومًا بالسلام، أو الحرية، أو الديمقراطية، أو التعايش السلمي، بل إن هيكله وأسسه قائمان على نزعة الحرب، والقمع الداخلي، وتصدير الإرهاب، والعنف الأيديولوجي. سجل هذا النظام على مدى أربعة عقود حافل بالاغتيالات، والتفجيرات، وإشعال الحروب خارج حدود إيران، وبالأخص ضد القوة الرئيسية للمقاومة الإيرانية، أي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. بالنسبة لهكذا نظام، لا يُعد التفاوض أداة لحل النزاعات، بل وسيلة لتعزيز السلطة وكسب الوقت؛ وقت للتسلح، وتوسيع النفوذ، وإضعاف الخصم، وتغيير موازين القوى لصالحه، وفي النهاية، ضمان بقاء الديكتاتورية الدينية في إيران. تجربة مفاوضات هذا النظام مع الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، أظهرت بوضوح أن سلطات إيران لم تأتِ إلى طاولة المفاوضات بنية صادقة لحل المشكلات. فعندما تكون القوة بيده ويستطيع فرض هيمنته، يوافق على التفاوض. لكن إذا شعر أن الطرف الآخر يتحدث بثبات ومن موقع قوة، فإنه إما يتراجع أو يلجأ إلى مناورات خادعة. ويُعد مسار المفاوضات النووية مثالًا واضحًا لهذه التكتيكات. فقد كانت هذه المفاوضات، منذ البداية، تهدف إلى كسب الوقت لتطوير برامج سرية للأسلحة النووية. لم يتخلَ هذا النظام قط عن سعيه لامتلاك القنبلة النووية. فقد حاول مرات عديدة، بالغش والتستر والخداع، إخفاء مشروعاته التسليحية عن أعين المؤسسات الدولية. لكن المقاومة الإيرانية لعبت دورًا رائدًا وحاسمًا في كشف المراكز السرية لتطوير البرامج النووية. المعلومات الدقيقة التي نشرتها منظمة مجاهدي خلق شكلت أساسًا للعديد من التحقيقات وتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقد أشاد مسؤولون غربيون، وحتى رؤساء الولايات المتحدة، صراحةً، ودون ذكر اسمها، بدور المقاومة الإيرانية في كشف الأنشطة النووية السرية للنظام. اليوم، تغيرت الظروف الدولية والإقليمية بشكل كبير لصالح مواجهة نظام إيران. سقوط نظام بشار الأسد الديكتاتوري في سوريا، والتدهور الحاد لنفوذ حزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن، وتهميش الحشد الشعبي في العراق، تُظهر بوضوح أن أذرع النظام الوكيلة تتهاوى واحدًا تلو الآخر. يقبع النظام الآن في أضعف موقف تاريخي له. فقدان النفوذ الإقليمي، مقرونًا بالضغوط الداخلية، يُضيّق خناق الحصار السياسي والاجتماعي على النظام. لكن الأزمة الأعمق التي يواجهها النظام ليست في الخارج، بل في الداخل. أثبتت الانتفاضات الشعبية الواسعة في أعوام 2017 و2019 و2022 أن غالبية الشعب الإيراني ترفض هذا النظام. هتافات 'الموت للديكتاتور' لم تستهدف فردًا بعينه، بل نظام الملالي بأكمله ومبدأ ولاية الفقيه. في هذه الظروف، تبرز القوة الرئيسية التي تمثل هذه الانتفاضات وتنظمها، وهي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وبالأخص 'وحدات الانتفاضة' التي باتت نشطة في جميع أنحاء البلاد. هذه الشبكة المقاومة داخل إيران تؤدي دور 'القوة الميدانية'، وهو عنصر حاسم يفتقر إليه العديد من معارضي النظام في الخارج. أدرك الشعب الإيراني جيدًا أن مستقبل بلادهم مرهون بالإطاحة بهذا النظام. إنهم يطالبون بجمهورية ديمقراطية غير دينية. ومن هنا، يبرز المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بخطته المكونة من عشر نقاط، والتي تشمل فصل الدين عن الدولة، وتكافؤ الحقوق بين النساء والأقليات والقوميات المضطهدة، وسيادة القانون، والانتخابات الحرة، كالبديل الجاد والشعبي والشرعي الوحيد في الساحة السياسية الإيرانية. من ناحية أخرى، وصلت 'سياسة المهادنة' التي اتبعتها الدول الغربية لسنوات إلى طريق مسدود تمامًا. أجمع الجميع على أن هذا النظام لا يمكن إصلاحه ولا ترويضه. لقد حان الوقت لكي يتخلى الغرب عن الرهان على مفاوضات عقيمة، ويدعم الشعب الإيراني ومقاومته. إدراج قوات الحرس التابعة لخامنئي في قوائم المنظمات الإرهابية، والاعتراف بحق الشعب الإيراني في المقاومة الشرعية، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام إرهابي حتى النخاع، هي خطوات حيوية لدعم إرادة الشعب الإيراني بصدق. الكلمة الأخيرة في النهاية، سواء استسلم نظام إيران للتسوية أو اختار طريق الحرب، فإن أفق المستقبل في إيران واضح: هذا النظام سيسقط، وسيحل محله حكم قائم على الحرية وحقوق الإنسان وإرادة الشعب. قد يكون عام 2025 عامًا حاسمًا في تحديد مصير إيران، عامًا يضع فيه الشعب الإيراني، بمقاومته، نقطة النهاية لكل أشكال الديكتاتورية في بلادهم. *** *کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني


كواليس اليوم
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- كواليس اليوم
مصير المفاوضات النووية بعد الجولة الرابعة
تشهد المفاوضات النووية بين إيران والدول الكبرى لحظة حاسمة بعد انتهاء الجولة الرابعة من المحادثات، وسط حالة من الغموض والتباين في التقديرات حول مدى تقدمها أو تعثرها؛ فقد جاءت هذه الجولة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، واستمرار العقوبات الاقتصادية على طهران، وتزايد الضغوط الداخلية على الأطراف المعنية بالصراع مما يجعل التساؤل حول مصير هذه المفاوضات أمراً ملحًا. حول مصير الجولة الرابعة؛ تقدمٌ نسبي أم تعثرٌ مستمر؟ مع نهاية الجولة الرابعة، خرجت التصريحات من الوفود المشاركة بنبرة حذرة. ففي حين تحدثت بعض العواصم الغربية عن 'بوادر إيجابية' و'نقاط تقارب' أكدت مصادر أخرى أن الفجوات الجوهرية لا تزال قائمة، لا سيما فيما يتعلق بآلية رفع العقوبات، وضمانات عدم خرق الاتفاق من جديد، ومستوى تخصيب اليورانيوم الذي تسعى إيران للاحتفاظ به. إيران من جهتها تصر على رفع شامل وفوري للعقوبات الاقتصادية بما يشمل تلك المفروضة في عهد إدارة ترامب، بينما تطالب الولايات المتحدة وشركاؤها بضمانات واضحة لامتثال طهران لكافة بنود الاتفاق بما في ذلك التزاماتها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية. عوامل تؤثر في مصير المفاوضات 1. الداخل الإيراني: تواجه الحكومة الإيرانية ضغوطًا متزايدة من التيار المتشدد الرافض لأي تنازل، وفي ظل تدهور الوضع الاقتصادي وتراجع قيمة العملة المحلية يبدو نظام الملالي أمام معادلة صعبة بين تلبية المطالب الشعبية وتحقيق مكاسب تفاوضية دون الظهور بمظهر المتنازل. 2. التقلبات الدولية: الأزمة في أوكرانيا، والتوترات بين القوى الكبرى، والتحالفات الجديدة في المنطقة كل ذلك يؤثر على توازنات القوى داخل قاعة التفاوض ويزيد من تعقيد المشهد الدبلوماسي. 3. الوقت: يلعب العنصر الزمني دورًا جوهريًا إذ أن أي تأخير إضافي قد يؤدي إلى فقدان الزخم الدبلوماسي، ويفتح الباب أمام خيارات أخرى قد تكون عسكرية أو اقتصادية أكثر حدة. السيناريوهات المحتملة أمام المفاوضات النووية بعد الجولة الرابعة ثلاث مسارات رئيسية: • التوصل إلى اتفاق مرحلي: قد يتم التفاهم على خطوات جزئية تسمح ببناء الثقة مثل تجميد أنشطة التخصيب مقابل رفع محدود للعقوبات. • تجميد المفاوضات مؤقتًا: قد يتم تعليق الحوار نتيجة للخلافات انتظاراً لظروف أكثر ملاءمة سياسيًا، سواء داخل إيران أو في الغرب. • انهيار كامل للمفاوضات: وهو سيناريو خطير قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد، وربما إلى مواجهة مباشرة في المنطقة. يتضح مما سبق أن مصير المفاوضات النووية بعد الجولة الرابعة لا يزال معلقًا بين الأمل والقلق. فبينما تشير بعض المؤشرات إلى رغبة مشتركة في تجنب التصعيد، يبقى الطريق إلى اتفاق شامل مليئًا بالعقبات التقنية والسياسية. وما لم تُظهر الأطراف مرونة حقيقية في الملفات الجوهرية، فإن فرص التوصل إلى حل دبلوماسي قد تتلاشى لصالح مواجهات لا تخدم أحدًا. كيف يقرأ نظام الملالي مسار المفاوضات؟ نظام الملالي يقرأ مسار المفاوضات النووية من زاويتين مترابطتين: زاوية استراتيجية ترتبط ببقائه واستمراره في الحكم، وزاوية تكتيكية تتعلق بكسب الوقت وتحقيق مكاسب اقتصادية دون تقديم تنازلات جوهرية، وفيما يلي تفصيل لكيفية قراءته للمسار الحالي للمفاوضات بعد الجولة الرابعة: 1. المفاوضات كأداة لإدارة الأزمة وليس لحلها لا يرى نظام الملالي في المفاوضات وسيلة للتوصل إلى اتفاق نهائي فقط، بل أداة لإدارة التوازنات الداخلية والخارجية. فكل جولة مفاوضات تُستخدم لكسب الوقت، وتخفيف الضغوط الاقتصادية، واحتواء الشارع الإيراني الغاضب، دون تقديم تنازلات تمس جوهر المشروع النووي أو النفوذ الإقليمي للنظام. القراءة الاستراتيجية للنظام: كلما طال أمد المفاوضات دون انهيارها، زادت فرصه في التقدم تقنيًا في برنامجه النووي، وفي الوقت نفسه إبقاء المجتمع الدولي في موقع المتأمل أو المتفرج. 2. استثمار الانقسامات بين القوى الكبرى يرى النظام الإيراني فرصة في التناقضات بين مواقف الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، ومن خلال هذه الفجوة يحاول تقليل الضغوط الجماعية وكسر الإجماع الدولي، وتقديم نفسه كشريك يمكن التفاوض معه في ملفات أوسع خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية العالمية. 3. توظيف المفاوضات داخليًا يركز نظام الملالي على تقديم المفاوضات للرأي العام الإيراني كمظهر استعراضي لـ 'قوة نظام الملالي التفاوضية' وليس كتنازل؛ فالإعلام الرسمي يروج لفكرة أن إيران 'فرضت نفسها على القوى الكبرى'، وأن العودة إلى طاولة الحوار جاءت بشروطها. كما تُستخدم نتائج أي انفراجة جزئية مثل الإفراج عن أموال مجمدة لتحسين صورة النظام داخليًا. 4. اللعب على حافة الهاوية يدرك نظام الملالي أن الأطراف الغربية وخصوصًا واشنطن لا ترغب في انفجار الموقف عسكريًا لذلك يعتمد على سياسة 'رفع سقف التخصيب' أو تهديد التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كورقة ضغط لكسب تنازلات دون تصعيد حقيقي، وهي استراتيجية محسوبة بدقة بين التهديد والاحتواء. 5. الحذر من الانقسام الداخلي رغم سيطرة التيار المتشدد يخشى نظام الملالي من أي تنازل قد يُفسر كضعف أمام الغرب. لذلك فإن أي تقدم في المفاوضات يجب أن يُقدَّم بغطاء أيديولوجي يرضي قوات حرس نظام الملالي، ومراكز القوة داخل هذا النظام الفاشي الأمر الذي يفسر البطء والتصلب في بعض الملفات. نستنتج مما سبق أن نظام الملالي لا يرى في المفاوضات مسارًا شفافًا لحل الأزمة النووية، بل معركة نفسية واستراتيجية لإطالة أمد النظام، وفرض واقع نووي جديد دون إثارة مواجهة شامل؛ لذلك فإن سلوكه التفاوضي سيظل مترددًا، ومزدوج الرسائل وقائمًا على سياسة 'لا اتفاق.. ولا قطيعة'. كيف يقرأ الجانب الأمريكي مسار المفاوضات النووية مع نظام الملالي تقرأ الولايات المتحدة مسار المفاوضات النووية مع النظام الإيراني من زاويتين أساسيتين: الأمن القومي الإقليمي والدولي، والاعتبارات السياسية الداخلية والخارجية. وتُظهر هذه القراءة مزيجًا من الحذر، وعدم الثقة، والواقعية السياسية للأسباب التالية: 1. فقدان الثقة الاستراتيجي في نوايا نظام الملالي من وجهة نظر واشنطن لم يعد نظام الملالي يُنظر إليه كطرف يمكن الوثوق به في تنفيذ اتفاق طويل الأمد. فبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 في عهد ترامب، ثم تسارع نظام الملالي في تخصيب اليورانيوم وعرقلة أعمال الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ تعززت قناعة صناع القرار الأميركي بأن طهران تسعى للوصول إلى 'عتبة نووية' دون نية حقيقية للتخلي عن هذا الطموح. القراءة الأميركية: إيران تريد اتفاقًا يوفر لها مكاسب اقتصادية دون التخلي الفعلي عن البنية التحتية لسلاح نووي محتمل. 2. الرغبة في تجنب الحرب ولكن دون تقديم تنازلات مجانية لا تريد واشنطن نزاعًا عسكريًا جديدًا في الشرق الأوسط، خصوصًا في ظل أولويات استراتيجية أخرى مثل المنافسة مع الصين والحرب في أوكرانيا. لكنها في الوقت ذاته ترفض العودة إلى اتفاق عام 2015 بالشكل القديم دون تحديثات جوهرية تتعلق بمدة الاتفاق، وبرامج الصواريخ الإيرانية وسلوك النظام الإيراني إقليمياً. الرسالة الواضحة: لا عودة للاتفاق السابق بدون تحسينات… ولا رفع شامل للعقوبات دون التزامات صارمة. 3. المفاوضات كوسيلة لاحتواء التهديد وليس لإنهائه ترى الولايات المتحدة أن المفاوضات وسيلة لشراء الوقت، ولمنع إيران من الوصول الفوري إلى سلاح نووي، حتى لو لم تنجح في إنهاء المشروع الإيراني بالكامل. وهذا ما يفسر الحديث الأميركي المتكرر عن 'خطة بديلة' و'الخيار العسكري مطروح على الطاولة' دون تفعيله. 4. حسابات السياسة الداخلية أي اتفاق مع ملالي إيران حساس سياسيًا في الداخل الأميركي خاصة في ظل وجود انتقادات من أي تقارب مع طهران أو تقديم 'تنازلات'. لذلك فإن الإدارة تسير في حقل ألغام سياسي، وتحاول ألا تُظهر مرونة مفرطة يمكن استغلالها سياسياً. 5. التنسيق مع الحلفاء والضغط المتعدد الأطراف تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على التنسيق مع الحلفاء الأوروبيين وإسرائيل في التعامل مع إيران، وتحاول بناء شبكة ضغط متعددة الأطراف تشمل أيضًا قنوات دبلوماسية خلفية، وعقوبات اقتصادية، وخيارات ردع غير مباشرة لتطويق سلوك النظام الإيراني. يتضح هنا أن الولايات المتحدة تقرأ المفاوضات النووية مع نظام الملالي كـ عملية معقدة تُدار بتوازن بين الردع والتفاوض، وبين الحذر والانخراط، وبين الواقعية السياسية والطموحات الأمنية. ولذلك فإنها تتحرك ببطء وتُبقي جميع الخيارات مفتوحة مراقبةً سلوك ملالي إيران على الأرض أكثر من الوعود على طاولة التفاوض. آفاق المفاوضات النووية بين أمريكا والملالي تمثل المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة ونظام الملالي في بعض الأوساط، أحد أكثر الملفات الدولية تعقيدًا وحساسية في العصر الحديث؛ فبعد سنوات من الشد والجذب والوصول إلى اتفاق تاريخي عام 2015، ثم الانسحاب الأمريكي منه عام 2018، تجد الأطراف نفسها أمام آفاق معلقة تكتنفها الشكوك والتحديات المتزايدة. لقد كان إحياء الاتفاق النووي هدفًا رئيسيًا لدى إدارة بايدن عند توليها السلطة إيمانًا منها بأنه أفضل السبل لتقييد البرنامج النووي الإيراني ومنع طهران من امتلاك سلاح نووي، وقد شهدت الأشهر الأولى من ولايته جولات من المحادثات غير المباشرة في فيينا بوساطة أوروبية بدا أنها تحرز تقدمًا نسبيًا.. إلا أن هذه الآمال سرعان ما تضاءلت بفعل التصلب المتزايد في المواقف من كلا الطرفين؛ فملالي إيران تحت قيادة الهالك رئيسي كانت أكثر تمسكًا بمطالبها بما في ذلك الحصول على ضمانات قوية بعدم انسحاب أي إدارة أمريكية مستقبلية من الاتفاق مرة أخرى، ورفع جميع العقوبات بشكل كامل وفعال، وفي المقابل واجهت إدارة بايدن ضغوطًا داخلية كبيرة من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين الذين شككوا في جدوى العودة إلى الاتفاق بشروطه الأصلية مطالبين بمعالجة قضايا أخرى مثل برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، ودعم الجماعات المسلحة في المنطقة؛ فضلاً عن أن التطورات الإقليمية المتسارعة لعبت دورًا معقدًا في هذه المفاوضات.. فالصراع المستمر في اليمن، والتوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران ووكلائها، والأزمات الداخلية في بعض دول المنطقة كلها عوامل تزيد من صعوبة بناء الثقة وتهيئة بيئة إيجابية للمحادثات. فكل طرف ينظر إلى المفاوضات النووية من منظور أوسع يتعلق بأمنه ومصالحه الإقليمية مما يجعل التوصل إلى حلول وسط أمرًا بالغ الصعوبة، كما أن العامل الدولي لا يقل أهمية فالحرب في أوكرانيا وتداعياتها على العلاقات بين الغرب وروسيا التي كانت طرفًا في الاتفاق النووي أضافت طبقة أخرى من التعقيد، كما أن مواقف الصين كقوة دولية كبيرة وشريك تجاري رئيسي لإيران لها تأثيرها على مسار المفاوضات. في ظل هذه التحديات تبدو آفاق المفاوضات النووية بين أمريكا والملالي ضبابية وغير مؤكدة، وهناك سيناريوهات متعددة محتملة: • سيناريو الإحياء الجزئي أو المؤقت للاتفاق: قد يتم التوصل إلى اتفاق مرحلي أو محدود يركز على بعض جوانب البرنامج النووي مقابل تخفيف جزئي للعقوبات بهدف كسب الوقت ومنع التصعيد النووي. • سيناريو الجمود والتصعيد: في حال استمرار تصلب المواقف وعدم قدرة الأطراف على تقديم تنازلات قد يستمر الوضع الراهن من الجمود مع خطر متزايد لتصعيد التوتر في المنطقة واحتمالية لجوء إيران إلى خطوات نووية أكثر تقدمًا. • سيناريو انهيار المفاوضات: إذا وصلت المحادثات إلى طريق مسدود بشكل نهائي فقد يدفع ذلك كلا الطرفين إلى تبني استراتيجيات أكثر تصادمية مما يزيد من خطر المواجهة العسكرية. • سيناريو اتفاق جديد بشروط مختلفة: على المدى الطويل قد تظهر إمكانية لإطلاق مفاوضات جديدة تهدف إلى التوصل إلى اتفاق أكثر شمولية يعالج المخاوف الأمريكية والإقليمية الأوسع، ولكنه يتطلب تغييرات جذرية في مواقف الأطراف المعنية. خلاصة القول إن آفاق المفاوضات النووية بين أمريكا والملالي ضبابية، وإن التوصل إلى اتفاق شامل أو حتى مؤقت مرهون بتحولات سياسية في أمريكا وإيران، وإن تصاعد التوترات الإقليمية يجعل فرص النجاح أقل، ويبدو أن الطرفين يفضلان 'إدارة الأزمة' بدلًا من حلها ما يعني أن الوضع مرشح لمزيد من التصعيد أو الجمود، وهذه المفاوضات معلقة بين الأمل في إيجاد حل دبلوماسي يجنب المنطقة والعالم خطر الانتشار النووي، وبين واقع جيوسياسي معقد ومليء بالتحديات التي تجعل تحقيق هذا الهدف أمرًا بالغ الصعوبة، ويبقى المستقبل مرهونًا ليس بقدرة الأطراف على تجاوز خلافاتها وتقديم تنازلات مؤلمة من أجل تحقيق الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي وإنما بصدق هذه الأطراف بشأن حقائق ما يجري في المنطقة. على الصعيد الشخصي واستناداً إلى رأي الكثير من الخبراء أن كلا الطرفين كما أسلفنا لا يريدان حلاً بل يريدان إدارة الأزمة وتستمر محنة الشعب الإيراني وشعوب المنطقة.. وبالتالي لا حل سوى أن يفرض الشعب الإيراني سياسة الأمر الواقع على الجميع كما فرضها في ثورة فبراير عام 1979 قبل أن يحتال الملالي بمساعدة الغرب ويصادرون ثورة الشعب.. لا خيار سوى ثورة شعبية تحرق الأرض تحت أقدام الجميع وتذهب بالملالي إلى الجحيم، وتؤسس لإيران جديدة وفق برنامج المواد العشر الذي طرحته وتتبناه السيدة مريم رجوي، وهذا أمرٌ ممكن وأقل تكلفة مما يدور منذ زمن طويل تحت مسمى المفاوضات. لا حلول ولا خيارات استنادا إلى ما نراه من مناورات واستعراضات كاذبة بين المتفاوضين.. الحلول بيد الشعب ومقاومته ولا حل بعيدا عنهم.. د.سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي


كواليس اليوم
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- كواليس اليوم
تفجيرات وحرائق في إيران.. نظام الملالي على حافة الهاوية
مشهد الأزمات المتلاحقة تشهد إيران في الآونة الأخيرة سلسلة من الكوارث المتفجرة والحرائق المدمرة التي تكشف عن عمق الأزمات التي يعانيها نظام الملالي، وتُظهر هشاشة بنيته الداخلية. من الانفجار المروع في ميناء شهيد رجائي إلى سلسلة التفجيرات الإرهابية التي تستهدف البنية التحتية والمنشآت الحيوية، يبدو النظام الإيراني وكأنه يسير على حافة الهاوية، حيث تتداخل الأزمات الداخلية مع الضغوط الخارجية لتخلق سيناريو كارثياً يهدد استقرار النظام برمته. الكارثة في ميناء شهيد رجائي؛ شرارة الغضب الشعبي في 26 أبريل 2025، هز انفجار هائل ميناء شهيد رجائي -أكبر ميناء تجاري في إيران- مما أسفر عن مقتل 46 شخصاً وإصابة أكثر من ألف آخرين، وقد تحول الحداد الوطني إلى موجة غضب عارمة بعد أن كشفت التحقيقات الأولية عن تورط شحنات من وقود الصواريخ الباليستية في الحادث، ومن مشاهد الغضب الشعبي خروج طلاب الجامعات في طهران في مظاهرات حاشدة، واستقالات جماعية لمذيعات التلفزيون الرسمي، وفنانين كانوا قد تعاونوا مع النظام، وانضمام رياضيين بارزين لصفوف المعارضة وتزايد الأسئلة الجريئة من صحفيين موالين للنظام حول أساليب القمع، ويرفض الشعب الصمت حيث لم تكن الكوارث الأخيرة سوى القشة التي قصمت ظهر البعير في سلسلة طويلة من المعاناة التي يعيشها الشعب الإيراني؛ لقد شهدت إيران موجات متتالية من الاحتجاجات، كان أبرزها انتفاضة يناير 2020 التي كشفت عن عمق السخط الشعبي، ويأتي ذلك في وقت يعيش فيه الشارع الإيراني حالة من الغليان بسبب الفقر، والبطالة، وغلاء المعيشة، والقمع السياسي المستمر، وتعكس الاحتجاجات الشعبية التي باتت متكررة في مختلف المدن رفضًا عارمًا للسياسات الفاشلة للنظام خاصة مع تزايد وعي الإيرانيين بدور قوات حرس نظام الملالي في القمع في الداخل وتمويل الإرهاب في الخارج. الكارثة؛ والاتهامات المتبادلة استمرت النيران مشتعلة لأكثر من يوم مع انتشار سحابة سوداء من المواد الكيميائية السامة. وأُغلقت المدارس والمكاتب في بندر عباس المجاورة. وأعلنت السلطات عن حداد رسمي لمدة ثلاثة أيام. اتهمت تقارير دولية إيران بتخزين وقود صاروخي (بيركلورات الصوديوم) في الميناء، ونفت الحكومة الإيرانية هذه الادعاءات واصفة الحادث بأنه 'حادث تقني'. وأثار الحادث تساؤلات حول كفاءة الإدارة الحكومية وقدرتها على حماية المنشآت الحيوية. سياسة 'حافة الهاوية' منهج يقود إلى الانهيار يبدو أن النظام الإيراني يتبنى استراتيجية عُرفت باسم 'التحرك على حافة الهاوية'، وهي سياسة تعتمد على المناورة والمجازفة في التعامل مع الأزمات الداخلية والخارجية، لكن هذه الاستراتيجية بدأت تتحول إلى لعبة انتحارية تهدد بإسقاط النظام نفسه. ملامح هذه الاستراتيجية المناورة النووية: التراجع الانتهازي عن المواقف تحت الضغط الدولي، كما حدث في المفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والعدوانية الإقليمية، التصعيد العسكري مع الجيران مثل أذربيجان تحت ذرائع وهمية، والقمع الداخلي باستخدام القوة المفرطة ضد الاحتجاجات الشعبية، واللعب بورقة الوقت لكسب الوقت اللازم لاستمرار البرامج النووية والصاروخية. العزلة الإقليمية وخريطة العداوات الجديدة ملالي إيران يفقدون حلفاءهم.. إذ لم تقتصر أزمات النظام الإيراني على الداخل فحسب، بل امتدت إلى علاقاته الإقليمية حيث وجد نفسه في مواجهة مع جيران كانوا يوماً حلفاءه: أذربيجان: مناورات عسكرية على الحدود بسبب أوهام تهديد إسرائيلي. تركيا: خلافات حول دعم إيران للأكراد. أفغانستان (طالبان): توترات مذهبية وسياسية. باكستان: صراع حول قضية البلوش. العراق: غضب شعبي متصاعد بسبب تدخلات إيران. الأزمة النووية: لعبة خطيرة بالوقت في خضم كل هذه الأزمات، يواصل النظام الإيراني اللعبة الخطرة مع المجتمع الدولي حول برنامجه النووي، حيث يرفض وقف تخصيب اليورانيوم رغم العقوبات الدولية القاسية. وقد وصف محللون هذه السياسة بأنها 'خطوة طائشة وحمقاء' تقود البلاد إلى مزيد من العزلة. انفجارات تكشف هشاشة البنية الأمنية من بين أبرز الحوادث التي أثارت الجدل مؤخرًا، الانفجارات التي هزت مصانع في أصفهان، وحرائق اندلعت في منشآت نفطية جنوب البلاد؛ فضلًا عن انفجارات داخل قواعد تابعة للحرس الثوري الإيراني. هذه الحوادث سلطت الضوء على ضعف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية للنظام، وعجزه عن حماية منشآته الحيوية. دور المقاومة الإيرانية لا يمكن إغفال دور المقاومة الإيرانية لا سيما وحدات المقاومة التابعة لـ منظمة مجاهدي خلق التي أكدت مسؤوليتها عن بعض العمليات الموجهة ضد رموز ومراكز النظام مشيرة إلى أن الشعب الإيراني لن يقف مكتوف الأيدي أمام آلة القمع والفساد. وقد أشادت تقارير دولية عديدة بشجاعة الشبكات الداخلية التابعة للمقاومة التي تسهم بدورها في زعزعة أركان النظام من الداخل. النظام في مأزق حقيقي بات من الواضح أن نظام الملالي يواجه أكبر أزماته منذ عقود. فإلى جانب الأزمات الداخلية يعاني من عزلة دولية متزايدة، وعقوبات خانقة أثرت على الاقتصاد، وأظهرت تآكلا في شرعيته حتى بين قواعده التقليدية. هذا الوضع يجعل من بقاء النظام في صورته الحالية أمرًا صعبًا، إن لم يكن مستحيلاً. نظام الملالي وإدارة الأزمات.. سياسة التعتيم والتضليل في مواجهة الكوارث آلة التضليل الإعلامي.. عندما يصبح الكذب سياسة دولة لم يقل نظام الملالي الحاكم في إيران الحقيقة فيما يتعلق بتفجيرات ميناء رجائي في بندر عباس، ولم يُولِ أي اهتمام بالخسائر البشرية والمادية الناجمة عنها.. كذلك لن يقولها فيما يتعلق بتفجير مشهد أو أية أحداث أخرى… وكما هي عادته يتستر على الوقائع، ويخفي الأرقام الحقيقية ويُضلل الرأي العام من خلال الإعلام الرسمي الذي يخضع لرقابة أمنية مشددة، ولن يكن الأمر مختلفًا فيما يتعلق بتفجير مشهد أو غيره من الأحداث التي تهز الداخل الإيراني؛ إذ إن هذا النظام لم يعرف الصدق يومًا بل يبني بقاءه على التعتيم والقمع وتجاهل آلام المواطنين إذ يواصل نظام الملالي في إيران سياسة التعتيم المنهجي بشأن الكوارث والأزمات التي تعصف بالبلاد بدءاً من تفجير ميناء شهيد رجائي في بندر عباس وصولاً إلى أحداث مشهد الأخيرة، وهذه السياسة ليست مجرد رد فعل ظرفي بل هي جزء من استراتيجية متكاملة لإدارة الأزمات عبر 'التقليل المنظم من حجم الضحايا، وتخفيض الأرقام الحقيقية للقتلى والجرحى بشكل منهجي، وتلفيق الروايات الرسمية، ابتكار سيناريوهات وهمية تتناسب مع الرواية السياسية للنظام، وقمع الشهود والمتضررين، تهديد الضحايا وأسرهم لمنعهم من كشف الحقائق، وتوجيه الاتهامات العشوائية' ومن ثم إلقاء اللوم على أطراف خارجية أو ما يُطلق عليهم بـ 'أعداء الثورة'. إن تكرار هذه التفجيرات في منشآت حساسة، وتجاهل النظام لآلام الضحايا وذويهم يعكس ليس فقط فشله الأمني بل أيضًا انفصاله التام عن واقع الشعب الأمر الذي يعمّق الفجوة بينه وبين الإيرانيين ويدفع بالبلاد نحو انفجار اجتماعي وسياسي لا يمكن احتواؤه. ماذا يخبئ الغرب وهذا النظام الفاشي؟ تتعالى لغة التصعيد في أروقة نظام الملالي، ولا شك في أن تكون هناك قرابين إقليمية جديدة فداءا لاستمرارية هذا النظام كما فعل في لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين وغزة وحزب الله وحماس.. ماذا يخبئ الغرب وهذا النظام؟ يلامس هذا السؤال جوهر الأزمة الإقليمية والدولية المرتبطة بنظام الملالي، ويكشف عن واقع مرير تدفع ثمنه شعوب المنطقة بالفعل، تتعالى لغة التصعيد في أروقة النظام الإيراني لا سيما مع تصاعد الأزمات الداخلية من احتجاجات شعبية وانهيار اقتصادي، وتزايد الضغط الدولي ما يدفع النظام إلى تصدير أزماته نحو الخارج وكما هو معتاد منذ عقود إذ يعتمد على سياسة 'الهروب إلى الأمام' من خلال إشعال الأزمات الإقليمية وتمويل ميليشيات تابعة له في الدول العربية وغيرها.. فمن لبنان عبر حزب الله، إلى سوريا من خلال دعم نظام الأسد، والعراق عبر الميليشيات الولائية، واليمن من خلال الحوثيين، وحتى غزة عبر دعم حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وكل هذه الساحات كانت قرابين لتمديد عمر نظام طهران. ماذا يخبئ الغرب؟ وما الذي يخطط له نظام الملالي؟ يراوح ويناور الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة بين سياسة الضغط والعقوبات وبين إشارات التفاوض والتهدئة، وهو ما يمنح النظام الإيراني هوامش للمناورة، وما زالت بعض دوائر صنع القرار الغربية تراهن على تغيير سلوك نظام الملالي بدلاً من تغييره رغم الأدلة المتكررة على أن هذا الرهان خاسر.. أما نظام الملالي فهو يسعى مستفيدا من سياسة الغرب هذه إلى كسب الوقت وإطالة أمد بقائه من خلال خلق الأزمات وتهديد الأمن الإقليمي، في محاولة لفرض نفسه كقوة لا يمكن تجاهلها في أي تسوية سياسية أو أمنية في الشرق الأوسط. الخاتمة: النهاية المحتومة؟ كلما ضاق الخناق داخليًا على هذا النظام ازداد عدوانه خارجيًا، ولا يتورع عن استخدام الدماء العربية كورقة مساومة، مدفوعًا بعقيدة توسعية وطائفية مميتة، والسؤال الآن: هل سيتحرك العالم خاصة الدول العربية لوضع حد لهذا العبث؟ أم ستظل الشعوب هي وحدها من يدفع الثمن؟ وبينما يقدم نظام الملالي قرابين إقليمية لإنقاذ نفسه يبقى الشعب الإيراني هو الضحية الأساسية لهذه السياسات حيث الأزمات الاقتصادية، القمع السياسي، والعزلة الدولية تثقل كاهل المواطن الإيراني بينما تستمر النخبة الحاكمة في مغامراتها الإقليمية. تشير كل المؤشرات إلى أن نظام الملالي يقترب من نقطة اللاعودة. فالشعب غاضب، والاقتصاد منهار، والحلفاء يتخلون عنه، والمجتمع الدولي يفقد صبره. كما قال أحد المحللين: 'هذا النظام الذي بدأ مشواره بالسير في الاتجاه الخاطئ لا يزال مستمراً في السير عليه، ولا ريب في أن نهايته ستكون الهاوية حتماً'. إن تفجيرات وحرائق إيران ليست مجرد حوادث عابرة بل رسائل قوية تدل على هشاشة النظام وانهيار هيبته، وبينما يقترب نظام الملالي من الانهيار يبدو أن التغيير الجذري في إيران قد أصبح أقرب مما يتصور الكثيرون بفضل صمود الشعب والمقاومة المنظمة. مجموعة من التساؤلات التي يطرح نفسها الآن إلى متى يمكن لنظام الملالي أن يستمر في البناء على أكاذيب تتهاوى واحدة تلو الأخرى أمام أنظار شعب لم يعد يصدق شيئاً من رواياته؟ وهل ستنجح هذه الاستراتيجية مرة أخرى؟ أم أن المنطقة مقبلة على مفاجآت قد تغير كل المعادلات؟ يقول التاريخ إن الأنظمة التي تعتمد على التضحية بالآخرين ينتهي بها الأمر إلى التهام نفسها بنفسها.. وهل بات سقوط نظام الملالي وشيكاً.. متى وكيف؟ وما هو الثمن الذي سيدفعه الشعب الإيراني والعالم قبل أن يصل إلى هذه النهاية، وهل سيكون الغرب نزيهاً في هذا الشأن؟ د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي