logo
في عيد الأضحى…نتنياهو يشنّ غارات تلمودية على الضاحية

في عيد الأضحى…نتنياهو يشنّ غارات تلمودية على الضاحية

بيروت نيوزمنذ 6 ساعات

إذا سلّم المرء العاقل بجدلية الادعاءات الإسرائيلية عن الأسباب، التي تحدو بالعدو لمواصلة ما يقوم به من عدوان على الضاحية الجنوبية لبيروت مثلًا، أو على أي منطقة لبنانية في الجنوب أو البقاع، زاعمًا بأن هذه الأهداف تعود إلى مخازن أسلحة لـ 'حزب الله'، فإن ما قامت به في هذا التوقيت بالذات يخرج عن سياق 'الحروب التقليدية'. ولأن إسرائيل تعتبر أن هذه الأسلحة هي تهديد مباشر لأمنها القومي تسمح لنفسها باستباحة الأراضي اللبنانية، وتوجيه الضربات الموجعة حيثما لزم الأمر ذلك، من دون أن تأخذ في الاعتبار ما تسبّبه هذه الغارات الوحشية من أذىً مادي ومعنوي لشريحة واسعة من اللبنانيين، الذين يقطنون في محيط هذه الأهداف، سواء أكانوا هؤلاء المواطنون مؤيدين لنهج 'المقاومة الإسلامية' أو حتى معارضين لها أو غير مبالين بما يهدف إليه 'حزب الله' من خلال تخزين أسلحته في الأحياء السكنية المكتظة، بحسب الادعاءات الإسرائيلية.
وإذا ذهب المرء إلى حدّ تصديق 'الخبرية' الإسرائيلية عن مخازن السلاح، وهو أمر غير مثبت وغير مؤكد، فمن حقّه وحقّ كل مواطن لبناني، وإن لم يكن من سكّان الضاحية الجنوبية، أن يسأل هذا السؤال البديهي والطبيعي: ألم يكن في استطاعة إسرائيل، التي تسيطّر على الجو اللبناني بواسطة طيرانها ومسيّراتها والـ M K، التي لا تغيب عن سماء لبنان لا ليلًا ولا نهارًا، أن ترجئ غاراتها إلى يوم آخر، خصوصًا أنها تعرف ماذا يعني عيد الاضحى بالنسبة إلى المسلمين، وما يرمز إليه من معاني التضحية.
أمّا وقد قامت إسرائيل بهذه الغارات الوحشية ليلة العيد ففي الأمر 'إنّ'. وهذه الـ 'إن' تكشف النوايا الخبيثة لعدو غاشم، لا يقيم أي اعتبار لمشاعر الناس، حتى ولو كانوا من ألدّ أعدائه. وهذا ما لا تقّر به لا الشرائع السماوية ولا القوانين الأرضية.
إن أقّل ما يُقال عن هذه الغارات ليلة عيد الاضحى المبارك، إضافة إلى أنها عدوانية وهمجية، إنها لا تمتّ إلى الإنسانية بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد. فإسرائيل تقصّد القيام بعدوانها هذا في هذا التوقيت بالذات لاعتبارات تعود في جذورها إلى المحاولات اليائسة، التي سعى إليها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو منذ اليوم الأول بعد عملية 'طوفان الأقصى'، من خلال تصوير حربه ضد الفلسطينيين بأنها حرب دينية، وذلك لتأليب الرأي العام العالمي، الذي لا يزال يخضع في خلفياته لمنطق 'المحرقة اليهودية' في زمن المانيا النازية، وما لها علاقة بـ 'السامية'.
فإصرار نتنياهو على تغليف الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بلبوس ديني وتلمودي، وامتدادًا نحو الضاحية الجنوبية، وتحويله إلى ما يشبه 'حربًا تلمودية'، يعكس أبعادًا سياسية وأيديولوجية عميقة لها عدة دوافع، ومن بينها:
أولًا، تحقيق غطاء ديني للصراع السياسي، إذ أن نتنياهو يدرك أن 'شرعنة' سياساته داخليًا تتطلب خطابًا تعبويًا يحفّز الجمهور الإسرائيلي، لا سيما اليمين الديني المتشدد. وباستخدامه الرموز التوراتية والتلمودية، اعتقد أنه قادر على تحويل المعركة إلى 'معركة وجودية'، من خلال إلباسها طابعًا مقدسًا، ما يعطيها قوة رمزية تفوق كونها مجرد نزاع سياسي. فاستخدم تعابير لديها وقع خاص لدى المجتمع اليهودي. ومن بين هذه التعابير: 'عملاق الشر' أو 'نحن نسل يوشع بن نون'. وبهذه التعابير استطاع أن يعيد إنتاج روايات تلمودية قديمة عن 'أرض الميعاد' و'التطهير الإلهي'.
ثانيًا، كسب دعم التيار الديني المتشدد والمستوطنين. وبهذا يعتقد نتنياهو أنه كسب رهان التحالف مع الحركات الصهيونية الدينية، وخصوصًا المستوطنين الذين يرون في الضفة الغربية 'يهودا والسامرة' جزءًا من أرض التوراة. فتحويل الصراع إلى 'حرب دينية'، بالنسبة إليه، يكرّس دعم هؤلاء له، خصوصًا عندما يشعرون أن 'النبوات التوراتية' تتحقق عبر سياسات التوسع والضم.
ثالثًا، تشتيت الانتباه عن أزماته الداخلية، وهو الذي يواجه منذ سنوات ملفات فساد واحتجاجات سياسية حادة. لذلك حاول تصعيد الخطاب الديني لاعتقاده أنه قد يحوّل التركيز من قضاياه القانونية والسياسية إلى خطاب تعبوي يوحّد الداخل خلفه تحت شعار 'الخطر الوجودي'.
رابعًا، ' شيطنة' الطرف الفلسطيني والعربي، إذ أنه عندما يُصوّر نتنياهو الصراع على أنه ديني، يصبح الفلسطيني 'عدوًا لله' وليس خصمًا سياسيًا. وهذا الأمر يُسهّل عليه تبرير العنف المفرط، ويُغلف الجرائم بسياج 'الواجب الديني'. كما يزرع في الوعي الغربي سردية أن إسرائيل 'تحارب الإرهاب الإسلامي' وليس شعبًا يطالب بحقوقه.
خامسًا، رسالة إلى الغرب، باعتبار أن إسرائيل تخوض 'معركة الحضارات'. فالخطاب التلمودي يخدم أيضًا رواية إسرائيل بأنها 'قلعة الحضارة اليهودية والغربية' في وجه 'البرابرة'، بحسب مزاعمه، ما يُسهّل له استدرار التعاطف الغربي، خاصة من اليمين المسيحي الإنجيلي في الولايات المتحدة.
فنتنياهو لا يُحوّل الصراع إلى 'حرب تلمودية' عن عبث، بل لأهداف سياسية داخلية وخارجية. لكنه بهذا ينسف فرص السلام، ويقود المنطقة إلى صراع ديني مفتوح قد تتجاوز نيرانه فلسطين وإسرائيل إلى الإقليم برمّته. وما الغارات التي شنها طيرانه على الضاحية الجنوبية لبيروت ليلة عيد الأضحى سوى حلقة في مخطّط 'جهنمي' يسعى إليه منذ اليوم الأول لحربه الواسعة في فلسطين ولبنان.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الدعم الخارجي مشروط... ولبنان أمام إمتحان مصيري!
الدعم الخارجي مشروط... ولبنان أمام إمتحان مصيري!

ليبانون ديبايت

timeمنذ 34 دقائق

  • ليبانون ديبايت

الدعم الخارجي مشروط... ولبنان أمام إمتحان مصيري!

الصحافي والكاتب السياسي علي حمادة، يؤكّد في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أن "زيارة الوزير الفرنسي السابق جان إيف لودريان، المكلّف من قبل الإليزيه بمتابعة الملف اللبناني، إلى بيروت اعتبارًا من الثلاثاء المقبل، تندرج ضمن مسارين رئيسيين: يتركّز هذا المحور، بحسب حمادة، على دعم لبنان في استعادة أمنه واستقراره، لا سيما عبر تثبيت تنفيذ القرار 1701، ومندرجات اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، الذي يشهد خروقات وابتزازات دورية، كان آخرها في الغارات الإسرائيلية الأخيرة على الضاحية الجنوبية لبيروت". كما يشير حمادة إلى أن "لودريان سيطرح أيضًا مسألة نزع سلاح حزب الله جنوب الليطاني، واستكمال تنفيذ هذا البند كمدخل لتوسيع النقاش نحو نزع السلاح في بقية المناطق اللبنانية، وفق القرارات الدولية ذات الصلة، ولا سيما القرارات 1701، 1680، و1559". ويرى أن "هناك بُعدًا مهمًا يتعلق بتجديد مهمة قوات اليونيفيل، إذ تشهد هذه المسألة تجاذبًا دوليًا واضحًا، فالإسرائيليون يعارضون التمديد، بينما الإدارة الأميركية الحالية لا تُبدي تمسّكًا حاسمًا بالتجديد، معتبرة أن اليونيفيل "لم تنجح في تنفيذ مهامها الأساسية، خصوصًا في ما يتعلق بإزالة أي مظاهر أو بنى تحتية عسكرية أو ميليشيوية ضمن نطاق عملياتها". وفي المقابل، يوضح حمادة أن "فرنسا تسعى للحفاظ على مهمة اليونيفيل وتدعم التمديد لها، رغم تسجيل ملاحظات على أدائها وفعالية نتائجها". في الشق الثاني من الزيارة، يُركّز لودريان، وفق حمادة، على الملف الإصلاحي والاقتصادي، حيث سيطّلع من المسؤولين اللبنانيين على ما أُنجز من إصلاحات مالية ومؤسساتية، في إطار التحضير لمؤتمرين أساسيين: 1- مؤتمر دعم الجيش اللبناني 2- مؤتمر إعادة إعمار المناطق المتضررة جرّاء الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله. ويختم حمادة بالتأكيد على أن "زيارة لودريان ستحمل طابعًا تقييميًا وتقريريًا، وستكون مناسبة لمناقشة الملفات الشائكة، سواء في ما يتعلّق بالشق الأمني أو بالإصلاحات".

خاتم السيستاني للطفل اللبناني الجريح... لمسة إنسانية تداوي ندوب الـ"بيجر" (فيديو)
خاتم السيستاني للطفل اللبناني الجريح... لمسة إنسانية تداوي ندوب الـ"بيجر" (فيديو)

ليبانون ديبايت

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون ديبايت

خاتم السيستاني للطفل اللبناني الجريح... لمسة إنسانية تداوي ندوب الـ"بيجر" (فيديو)

استقبل المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، اليوم الأحد، في النجف، عددًا من الجرحى والمصابين اللبنانيين الذين أصيبوا جراء العدوان الإسرائيلي الأخير، وتحديدًا بفعل تفجيرات الـ"بيجر" التي استهدفت مدنيين في لبنان خلال أيلول الماضي. ووثّق مقطع فيديو لحظة لقاء الطفل الجريح حسن زين الدين — الذي تحوّل إلى رمز للضحايا المدنيين — بالمرجع السيستاني، حيث قدّم له الأخير خاتمًا كتذكار شخصي. المرجع الأعلئ السيد علي السيستاني (دام ظله) يستقبل جرحى تفجيرات أجهزة البايجر في لبنان، ويهدي الطفل الجريح "حسن زين الدين" خاتما، خلال استقباله أبـــــن الجـــنوب💎 (@almuswia24) June 8, 2025 وكان المرجع السيستاني قد دان، في بيان سابق، "العدوان الهمجي" الذي نجم عن تفجير أجهزة الـ"بيجر"، مؤكّدًا أن استهداف المدنيين بهذه الطريقة البشعة يُعدّ جريمة لا يمكن السكوت عنها. وتعود فصول الاعتداء إلى تاريخ 17 و18 أيلول 2024، حين شهد لبنان موجة تفجيرات متزامنة طالت أجهزة نداء ولاسلكي (ووكي-توكي)، استخدمتها سابقًا كوادر من حزب الله، إلا أنها كانت قد وصلت إلى مدنيين، من بينهم عاملون صحيون وناشطون في منظمات غير ربحية. وأسفرت التفجيرات عن استشهاد العشرات وجرح آلاف، بينهم أطفال، لا سيما بعد استهداف أماكن مكتظة كمحال السوبرماركت وشوارع سكنية، وجنازة في الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي تشرين الثاني الماضي، أقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمسؤولية إسرائيل عن العملية، التي نُفّذت على ما يبدو عبر عبوات متفجّرة صغيرة زُرعت داخل الأجهزة وتم تفجيرها عن بُعد.

غزة: اشتباكات شرقي خان يونس.. وحماس تؤكد: لا حل إلا عبر صفقة شاملة
غزة: اشتباكات شرقي خان يونس.. وحماس تؤكد: لا حل إلا عبر صفقة شاملة

الميادين

timeمنذ ساعة واحدة

  • الميادين

غزة: اشتباكات شرقي خان يونس.. وحماس تؤكد: لا حل إلا عبر صفقة شاملة

أفاد مراسل الميادين، بوقوع اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية، وقوات الاحتلال الإسرائيلي، شرق خان يونس، جنوب قطاع غزة. وتم رصد مروحيات إسرائيلية تنقل جنوداً جرحى، بحسب ما أفادت مواقع فلسطينية. وفي سياق متصل، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، استهدافها أمس، جرافة عسكرية إسرائيلية، قرب موقع اليرموك، بحي المنارة جنوب خان يونس. 7 حزيران 7 حزيران وقالت حركة حماس، في تصريح صحفي، اليوم، إن "المقاومة تُدير حرب استنزاف، ردّاً على الإبادة ضدّ المدنيين، وتفاجئ العدو يومياً بتكتيكات ميدانية متجددة". وأكدت الحركة أن "تصعيد الاحتلال عمليته العسكرية يفاقم خسائره، ويدفع أسراه نحو المجهول"، مشددة على أنه "لا حلَّ إلا عبر صفقة شاملة، وهو ما يرفضه نتنياهو". حركة حماس اعتبرت أن "النصر المطلق الذي يتحدث عنه نتنياهو، ليس سوى وهم يضلل جمهوره". وأضافت الحركة أن "الحرب التي أرادها نتنياهو بلا نهاية، تحوّلت إلى عبءٍ يومي"، متوعدةّ أنها "ستكون نهايته السياسية والشخصية، بعد سقوط وهم الحسم السريع". وكانت وسائل إعلام إسرائيلية، قد أفادت، قبل يومين، بمقتل 5 وجريحين إصابتهما خطيرة من جنود "الجيش" الإسرائيلي، بعد انفجار مبنى مفخخ بهم في خان يونس جنوبي قطاع غزة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store