
ترامب ومردوخ.. تجمع بينهما فوكس نيوز وتفرقهما وول ستريت جورنال
وفي مقال بصفحة شؤون الإعلام في صحيفة نيويورك تايمز حاول روتنبرغ شرح العلاقة الغريبة بين الصديقين اللدودين.
يشير الكاتب في مقاله إلى الأنباء التي راجت بأن البيت الأبيض سيمنع صحيفة "وول ستريت جورنال" من المشاركة في تغطية رحلة ترامب إلى أسكتلندا هذا الشهر.
وهو ما أكدته المتحدثة باسم البيت الأبيض بأن هذه الخطوة جاءت ردا على مقال نشرته الصحيفة، التي تنتمي إلى إمبراطورية روبرت مردوخ الإعلامية الضخمة، حول علاقة ترامب السابقة مع جيفري إبستين، المدان بتهم الاعتداء الجنسي.
وفيما يشبه المفارقة يقول الكاتب إنه وبعد حوالي ساعة فقط من نشر ذلك الخبر، كان العمل يسير كالمعتاد في جزء آخر من إمبراطورية مردوخ. فقد أشاد مقدمو برنامج "ذي فايف"، الأكثر شعبية على قناة فوكس نيوز، بـ"العصر الذهبي" الذي تمثله ولاية ترامب الثانية. وقالت مقدمة البرنامج ساندرا سميث: "لدى الرئيس الأميركي رقم 47 الكثير من الانتصارات التي يمكنه التباهي بها".
وبحسب الكاتب فقد وصفت الحرب التي يشنها ترامب ضد مردوخ بسبب تغطية صحيفة وول ستريت جورنال، بما في ذلك الدعوى القضائية التي رفعها يوم الجمعة الماضي مطالبا فيها بتعويض بمبلغ 10 مليارات دولار، بأنها معركة العمالقة.
ونظرا لمكانتيهما في قمة السياسة والإعلام المحافظين، فهي بالتأكيد كذلك، فبمقاضاة صحيفة مردوخ، يتحدى ترامب، الذي حصل على تسويات بملايين الدولارات في دعاوى قضائية ضد "إيه بي سي نيوز" و"سي بي سي نيوز"، أقوى قطب إعلامي وأكثرهم ثقة بنفسه وحنكة سياسية.
معركة ليست كالمعارك
لكن استمرار المودة التي يكنها مقدمو برامج قناة فوكس نيوز لترامب توضح أن هذه المعركة بين العمالقة لا تشبه أي معارك أخرى. ذلك لأن الرجلين مقيدان بالشيء الوحيد الذي أبقاهما مرتبطين على مدى 10 سنوات وهو حاجتهما المشتركة لإرضاء الأميركيين المحافظين.
فبالنسبة لمردوخ، هؤلاء المحافظون هم أهم قاعدة لإمبراطوريته، فهم يشكلون قاعدة جماهيرية مخلصة لفوكس نيوز -مصدر دخله الرئيسي- ويتوقعون من الشبكة أن تعكس ولاءهم لترامب في المقابل. وهذا يفسر بحسب الكاتب سبب تجنب فوكس نيوز إلى حد كبير إعادة نشر خبر صحيفة وول ستريت جورنال أو الحديث كثيرا عن الدعوى القضائية التي رفعها ترامب ضد الصحيفة.
ويضيف الكاتب "على الرغم من أن ولاء مشاهدي قناة فوكس لترامب يبدو حتى الآن راسخا، فإن ترامب يريد بوضوح الحفاظ على هذا الوضع. فهم ناخبوه الأساسيون، وكثير منهم مرتبطون بقناة فوكس نيوز أكثر من مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة التابعة لحركة ماغا والمؤثرين على البودكاست الذين يشكلون الجناح الأكثر تشددا وأيديولوجية في الحركة".
وتقدير ترامب لجمهور قناة فوكس كان واضحا في قراره بتعيين مقدمي برامج ومساهمين سابقين في القناة في فريقه. كما ظهر في العديد من الرسائل التي نشرها على منصته "تروث سوشيال" (Truth Social) منذ أن رفع دعوى قضائية ضد مردوخ، حيث وجه متابعيه لمشاهدة برامج قناة فوكس نيوز.
ويرى الكاتب أن غضب ترامب موجه حصريا إلى مردوخ وصحيفة وول ستريت جورنال لمضيهما قدما في ما وصفه ترامب بـ"القصة المزيفة"، وفقا لشخص مطلع على آراء ترامب بشأن الخلاف. وركز التقرير، الذي نُشر يوم الخميس الماضي، على رسالة عيد ميلاد "فاحشة" قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن ترامب أرسلها إلى إبستين في عام 2003.
ولطالما كانت العلاقة بين الرجلين معقدة، فعندما أخبر ترامب صديقه مردوخ لأول مرة أنه سيترشح للرئاسة، خلال غداء في أحد مكاتب مردوخ في نيويورك، لم يخف الأخير شكوكه لأنه لم يكن يرى أن ترامب يمكن أن يصبح رئيسا.
لكن جمهور قناة فوكس نيوز كان له رأي آخر، كما اكتشف مردوخ سريعا. وبصفته شخصا بنى إمبراطوريته من خلال إعطاء عملائه ما يريدون، انضم مردوخ إلى شبكة القناة عندما حشد مقدمو البرامج جهودهم لمساعدة ترامب في الوصول إلى البيت الأبيض في عام 2016.
لكن انتخابات عام 2020 فرقتهما من جديد، وكان ترامب غاضبا من مردوخ لرفضه منع قناة فوكس نيوز من بث توقعاتها بأن ترامب خسر ولاية أريزونا الحاسمة.
وكان مردوخ غاضبا من مؤامرات ترامب حول سرقة الانتخابات، والتي حظيت بتغطية متعاطفة من بعض مقدمي برامج فوكس، وأسفرت عن دفع 787.5 مليون دولار لتسوية دعوى تشهير من شركة دومينيون فوتينغ سيستمز.
لم يتحدث الاثنان لفترة طويلة بعد الانتخابات، حيث اصطفّت وسائل الإعلام التابعة لمردوخ خلف منافس محتمل لترامب، وهو حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس. لكن الجمهور ما زال يريد ترامب، مما أجبر الاثنين على العودة إلى بعضهما العام الماضي.
كان مردوخ على المنصة في حفل تنصيب ترامب الثاني وظهر مع الرئيس أمام الكاميرات داخل المكتب البيضاوي في أوائل فبراير/شباط الماضي. لكن حتى ذلك الحين، كانت هناك بعض المؤشرات على التوتر الذي انفجر الأسبوع الماضي.
وفي حديثه مع الصحفيين وبينما كان مردوخ جالسا بالقرب منه، وصف ترامب قطب الإعلام بأنه أحد "أكثر الأشخاص موهبة في العالم". ولكن بعد ذلك سأل أحد الصحفيين الرئيس عن مقال افتتاحي في صحيفة "وول ستريت جورنال" اتهمه ببدء "أغبى حرب تجارية في التاريخ".
كان هذا المقال واحدا من العديد من المقالات الافتتاحية الانتقادية التي نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال"، التي لطالما أيدت التجارة الحرة وعارضت الرسوم الجمركية، وكثيرا من السياسة الاقتصادية للإدارة الأميركية الجديدة.
استمر الرجلان في التحدث عبر الهاتف طوال الوقت، وتبادلا المعلومات والشائعات. لكن القشة التي قصمت ظهر البعير جاءت الأسبوع الماضي، مع تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" عن علاقة ترامب بإبستين المدان بتهم الاعتداء الجنسي. وقال ترامب إنه طلب مباشرة من مردوخ حذف المقال، بحجة أنه غير صحيح.
ووفقا لرواية ترامب، فإن مردوخ قال إنه "سيتولى الأمر". (رفض ممثلو مردوخ التعليق على هذا الادعاء). ومع ذلك، فقد أظهر مردوخ مؤشرات على رفضه التدخل لمنع نشر تقارير صحفييه، وأعربت شركة داو جونز، المالكة لصحيفة وول ستريت جورنال، عن ثقتها الكاملة "في دقة وموثوقية تقاريرنا" وتعهدت "بالدفاع بقوة ضد أي دعوى قضائية".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 8 دقائق
- الجزيرة
الاعتراف الأوروبي بفلسطين.. شيك بلا رصيد في مواجهة الفيتو الأميركي
في مواجهة حصار دبلوماسي خانق فرضته تل أبيب بدعم أميركي، تسعى بعض العواصم الأوروبية إلى كسر الصمت الدولي عبر الاعتراف بدولة فلسطين ، في ما يبدو أشبه بمحاولة رمزية لإعادة الحياة إلى حل الدولتين. غير أن هذه الاعترافات، التي كان آخرها ما أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، تصطدم بواقع جيوسياسي جامد، تتحكم في مفاصله واشنطن وتمنع أي تحوّل جوهري يُفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية فعليا. وبينما وعدت فرنسا بإعلان رسمي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، ربطت مبادرتها بـ"الالتزام التاريخي بتحقيق السلام العادل"، لكن الرد الأميركي جاء حاسما وساخرا في آن معا، إذ وصف الرئيس دونالد ترامب خطوة باريس بأنها "بلا وزن". هذا الموقف اعتبره المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري أدولفو فرانكو خلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث" امتدادا للرؤية الأميركية الثابتة، وهو أنه لا اعتراف بدون شروط مسبقة، على رأسها الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل ، ورفض ما تسميه واشنطن بـ"التحريض على تدمير الدولة اليهودية". ويتجاوز هذا الموقف الخلافات السياسية العابرة، إذ يعكس تحالفا عضويا بين واشنطن وتل أبيب يحول دون أي خطوة دولية منفردة تتعلق بإقامة دولة فلسطينية. واللافت أن فرانكو لم ينف وجود تطلعات فلسطينية مشروعة، لكنه أعاد تدوير "الذرائع الكلاسيكية"، وهي غياب الوحدة الفلسطينية، وأن تكون هناك جهة تمثيلية موحدة، و"عدم وجود جغرافيا واضحة"، ليبقى الموقف الأميركي حارسا لمصالح إسرائيل ، وضامنا لاستمرار الوضع القائم. ضرورة أخلاقية في المقابل، ترى السيدة إميلي سورينبري، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني ، أن الاعتراف بفلسطين لم يعد ترفا سياسيا، بل ضرورة أخلاقية تفرضها المجازر في غزة والشلل السياسي الدولي. وبحسبها، فإن "الاعتراف يجب أن يكون غير مشروط، وأن يُنفذ الآن"، مؤكدة أن بريطانيا تمتلك أدوات ضغط حقيقية، أبرزها العقوبات على المستوطنات والشركات المتورطة في البناء غير الشرعي، إضافة إلى إمكانية التأثير على واشنطن عبر علاقاتها الوثيقة مع الرئيس الأميركي. لكن هذه المبادرات، رغم ما تحمله من جرأة أخلاقية، تبقى معزولة في ظل غياب قرار أوروبي موحد وخطة تنفيذية قادرة على فرض الاعتراف كأمر واقع لا مجرد ورقة دبلوماسية. فكما حذّر النائب الفلسطيني الدكتور حسن خريشة، فإن الاعتراف إذا لم يُرفق بخطوات عملية مثل وقف التعاون العسكري مع إسرائيل، أو تجميد الاتفاقات الاقتصادية، فسيظل مجرد فعل رمزي، أو أسوأ من ذلك، "رشوة دبلوماسية" تستهدف كسب ود بعض الدول العربية في مسار التطبيع. ويرى خريشة أن التحركات الأوروبية قد تكون منسقة مع الإدارة الأميركية، حتى إن بدت واشنطن معترضة علنا، مستدلا على ذلك بتاريخ فرنسا التي زودت إسرائيل بالمفاعل النووي ، مشيرا إلى أن باريس تحاول الآن ترميم دورها التاريخي في المنطقة عبر ملف الاعتراف. لكنه نبّه إلى أن "جوهر المشكلة" لا يكمن فقط في غياب الاعتراف، بل في الاحتلال المستمر، والاستيطان المتسارع، والانقسام الفلسطيني، وصمت عربي يكرّس الهيمنة الإسرائيلية. أما المشهد في الداخل الإسرائيلي، فيكشف عن إجماع نادر بين مكونات الطيف السياسي الصهيوني ضد أي اعتراف أوروبي بفلسطين. فقد أكد الدكتور مهند مصطفى، الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن المعارضة كما الائتلاف يتشاركون موقفا رافضا لحل الدولتين، مشيرا إلى أن البرامج الانتخابية الإسرائيلية منذ 2015 لم تأتِ على ذكر هذا الحل إطلاقا، ما يدل على تحوّل بنيوي في الوعي السياسي الإسرائيلي يُقصي فكرة التسوية من أساسها. ويضيف مصطفى أن إسرائيل تعتبر أي اعتراف خارجي "إرهابا دبلوماسيا"، وتتعامل معه كتهديد وجودي، لأنها تدرك أن مجرد طرح الدولة الفلسطينية يعيد فتح الملف الفلسطيني دوليا، وهو ما تسعى إسرائيل إلى طمسه منذ سنوات. ويؤكد أن الرد الإسرائيلي العنيف لا علاقة له بأحداث غزة أو السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بل هو موقف مبدئي مستقر، يعود إلى ما قبل هذه الوقائع. في الوقت نفسه، يُصرّ فرانكو على أن غياب دولة فلسطينية يعود إلى "انعدام الجهة التمثيلية الموحدة"، معتبرا أن منظمة التحرير لا تمثل جميع الفلسطينيين، وأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تظل عائقا رئيسيا أمام أي حل، كونها -وفق القانون الأميركي- "منظمة إرهابية". رؤية متماسكة لكنّ هذا الطرح يُقابل برؤية أكثر تماسكا من داخل البيت الفلسطيني، إذ يذكّر خريشة بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأنها قدمت اعترافا صريحا بإسرائيل منذ عقود، ومع ذلك لم تلقَ أي استجابة. ويضيف أن الفصائل الأخرى، بما فيها حماس، لا تعارض تمثيل المنظمة، ما يدحض ذريعة "الانقسام التمثيلي"، ويؤكد أن المشكلة في الطرف الرافض وليس الطرف المطالب بالدولة. وإذا كانت بعض الأصوات تراهن على تغيرات داخلية محتملة في إسرائيل، فإن مصطفى يحسم الموقف، مؤكدا أن غياب معارضة فاعلة، وهيمنة خطاب غيبي يميني مسياني، وافتقار الموقف العربي لأي صلابة أو تأثير، كلها عوامل تضمن استمرار رفض حل الدولتين إلى أجل غير مسمى. بهذا، يصبح الاعتراف الأوروبي أشبه بإعلان نوايا حسن، لكن من طرف أعزل، يفتقر إلى وسائل التنفيذ، ويواجه جدارا من الرفض المحصّن بالتحالف الأميركي الإسرائيلي. وبينما يراهن الأوروبيون على التأثير الأخلاقي والضغط الرمزي، تسير واشنطن وتل أبيب في اتجاه معاكس، يُعيد تدوير المعادلة ذاتها: لا دولة فلسطينية ما لم توافق إسرائيل، ولا موافقة من إسرائيل ما دام الرفض هو القاعدة، والغطاء الأميركي حاضر بقوة.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
انسحاب واشنطن من مفاوضات غزة.. مناورة أم مقدمة للتصعيد؟
وسط تزايد الغموض عن مستقبل مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة ، أثار انسحاب الوفد الأميركي من المحادثات غير المباشرة جدلا واسعا في دلالاته الحقيقية، ففي حين اعتبره بعضهم خطوة تكتيكية للضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، رأى آخرون أن فيه تحوّلا في الإستراتيجية الأميركية قد ينذر بتصعيد وشيك. الباحث الأميركي كينيث كاتزمان رأى أن قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعادة فريقها التفاوضي من الدوحة لا يعكس بالضرورة انسحابا نهائيا، بل يندرج ضمن مناورات محسوبة للضغط على حماس كي تتجاوب مع الطرح الأميركي الإسرائيلي. ولفت إلى أن الثناء الذي سبق أن وجّهته واشنطن للحركة لم يكن سوى جزء من لعبة تكتيكية معتادة في سياسات الولايات المتحدة الخارجية. وأوضح كاتزمان، أن الانسحاب الأميركي قد يكون ناتجا عن "تعنت" حماس، حسب وصفه، معتبرا أن الحركة لم تُبدِ مرونة تُذكر منذ أشهر، لكنه أشار في المقابل إلى أن إدارة ترامب قد تدفع في المرحلة المقبلة نحو تخفيف القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة كأولوية عاجلة. وجاء التحول في الخطاب الأميركي بعد تصريحات مباشرة للرئيس ترامب من حديقة البيت الأبيض ، اتهم فيها حماس بعدم الرغبة في الاتفاق، مشيرا إلى أن الحركة "تدرك ما سيحدث بعد استعادة الرهائن"، في إشارة إلى فقدانها أوراق التفاوض. وقال إن "حماس تريد أن تموت"، وهو تصريح أثار استغراب أوساط فلسطينية اعتبرته تهديدا صريحا. وفي هذا السياق، اعتبر الباحث الفلسطيني سعيد زياد أن تصريحات ترامب تعكس نوايا مبيتة، تتجاوز الضغط السياسي إلى تهديد واضح بإعادة التصعيد العسكري. وذهب إلى أن واشنطن قد تمهد، من هذا الانسحاب، لسيناريوهات أكثر حدة تشمل عمليات اغتيال أو اجتياحات محدودة داخل غزة للضغط على حماس وتفتيت موقفها التفاوضي. وأشار زياد إلى أن مثل هذه الضغوط قد تُوظف في لحظة تفاوضية حرجة بهدف إضعاف حماس وتقديمها كطرف معرقل، مستشهدا بتجارب سابقة، منها اغتيال القيادي البارز إسماعيل هنية خلال مفاوضات مماثلة. وقال إن هناك خشية من "موجة ضغط غير مسبوقة" في الأيام المقبلة، لا تقتصر على الجانب الإعلامي أو الدبلوماسي، بل قد تتوسع إلى الجانب العملياتي. وأكد زياد أن أي تصعيد ميداني، الآن، سيكون له تكلفة عالية على الاحتلال، إذ بات واضحا أن المقاومة جهّزت نفسها جيدا لمرحلة ما بعد التفاوض. ولفت إلى أن عمليات القنص والتفجيرات التي تكبدت فيها قوات الاحتلال خسائر فادحة قد تتكرر بشكل أعنف إذا قررت إسرائيل خوض مغامرة جديدة داخل غزة. مواقف إدارة ترامب لم تتوقف عند التصريحات، إذ سبق ذلك إعلان مبعوثها إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إعادة الفريق الأميركي من الدوحة، معتبرا أن رد حماس على المقترح الأخير يدل على غياب النية للتوصل لاتفاق. لكن حماس وصفت هذه التصريحات بأنها "سلبية ومفاجئة"، مؤكدة أنها قدمت موقفا إيجابيا ومرنا بعد مشاورات موسعة مع الفصائل والدول الوسيطة. في المقابل، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، أن حكومته تدرس "خيارات بديلة" بالتنسيق مع الأميركيين لاستعادة الرهائن و"إنهاء حكم حماس"، حسب قوله. واعتبر أن المبعوث الأميركي على حق في اتهام حماس بعرقلة الاتفاق. لكن الموقف الإسرائيلي الرسمي لا يخفي أن هناك حسابات داخلية أيضا، إذ برزت تصريحات من وزراء اليمين المتطرف -مثل الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش – تطالب بوقف شامل للمساعدات الإنسانية واحتلال كامل لغزة، إلى جانب تدمير الحركة بالكامل وتشجيع الهجرة. هوامش للمناورة من جانبه، أشار الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إلى أن هذه الأصوات المتطرفة لا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي لبنيامين نتنياهو، بل تُستخدم لتوسيع هوامش المناورة، واعتبر أن سحب الوفد الإسرائيلي من قطر لا يعني نهاية المفاوضات، بل محاولة كسب الوقت وتأجيل الحسم السياسي. وأوضح جبارين أن نتنياهو، الذي لم يحقق "نصرا عسكريا" حاسما حتى الآن، لا يبدو مستعدا لحسم سياسي أيضا، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء يحاول التحرك ضمن فسحة زمنية محدودة للتهرب من الضغط الشعبي الداخلي والمساءلة السياسية. وفي خضم ذلك، تزداد حدة الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية، مع اتساع رقعة المظاهرات داخل إسرائيل ، خصوصا من عائلات الأسرى الذين يطالبون بإعادتهم بأي ثمن. ولفت جبارين إلى أن هذه الضغوط تتكوّن من خمس طبقات متراكبة: أخلاقية، وإنسانية، وأمنية، وسياسية، وأخيرا طبقة تخشى على صورة إسرائيل مستقبلا. ورأى أن إدارة ترامب -ومن خلفها حكومة نتنياهو- تسعى بالتصعيد الكلامي إلى تحميل حماس مسؤولية انهيار المفاوضات أمام المجتمع الدولي ، لخلق مناخ سياسي يُبرّر جولة جديدة من الحرب، في ظل تصدّع الإجماع الداخلي الإسرائيلي. في غضون ذلك، نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤولين إسرائيليين أن قرار استدعاء الوفد لا يعني بالضرورة أزمة في المفاوضات، بل يأتي لمزيد من المشاورات، وأن رد حماس الأخير كان "إيجابيا" وقد يساعد على تضييق الفجوات. من جانبها، أكدت حماس في بيان، أنها تعاملت بـ"مرونة ومسؤولية" مع المقترحات، وأن موقفها يفتح الباب لاتفاق شامل، معبرة عن استغرابها من "المواقف السلبية الأميركية"، خصوصا في ظل ترحيب الوسطاء، لا سيما قطر ومصر ، بصيغتها الأخيرة. وبينما لم تُعلّق القاهرة أو الدوحة رسميا على تصريحات ترامب أو انسحاب الوفد الأميركي، أفادت مصادر مطلعة لوكالة رويترز، أن قرار إسرائيل بإعادة وفدها من قطر لا يعني توقف المحادثات، مشيرة إلى أن الجولة الأخيرة لا تزال مفتوحة رغم ما يشوبها من تعقيدات.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
جدال وتوتر خلال اجتماع ترامب ورئيس المركزي الأميركي
تجادل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول خلال زيارة نادرة للمركزي أمس الخميس، منتقدا تكلفة تجديد مبنيين تاريخيين بالمقر الرئيسي ومطالبا بخفض أسعار الفائدة. واختتم ترامب زيارته بالإشارة إلى أنه لا ينوي إقالة باول خلافا لما ذكر مرارا، وقال للصحفيين بعد الزيارة "القيام بذلك خطوة كبيرة ولا أعتقد أنها ضرورية". وقبل أيام، وصف ترامب باول بـ"الأحمق" لعدم استجابته لمطلب البيت الأبيض بخفض كبير في تكاليف الاقتراض. وفي منشور على منصة تروث سوشيال، كتب ترامب في وقت لاحق عن أعمال التجديد وتكلفتها 2.5 مليار دولار "نأمل أن يتم الانتهاء منها في أسرع وقت ممكن. التجاوزات في التكلفة كبيرة ولكن، من الناحية الإيجابية، فإن بلدنا في حالة جيدة للغاية ويمكنه تحمل أي شيء". وطغى التوتر بشكل واضح على حديث ترامب باول في موقع مشروع التجديد الضخم لمجلس الاحتياطي، ويمثل تصعيدا لضغوط البيت الأبيض على المركزي وجهود ترامب لحمل باول على "فعل الشيء الصحيح" بشأن أسعار الفائدة. وقد حدثت الزيارة قبل أقل من أسبوع من اجتماع صناع السياسة النقدية بالمركزي وعددهم 19 -على مدى يومين- لتحديد مسار أسعار الفائدة. ومن المتوقع على نطاق واسع الإبقاء على سعر الفائدة القياسي في نطاق 4.25-4.50%. ويطالب الرئيس الأميركي دوما رئيس الاحتياطي المركزي بخفض أسعار الفائدة بـ3 نقاط مئوية أو أكثر. وقال ترامب في ختام زيارته في وقت كان باول يقف بجواره، ووجهه بلا تعبيرات "أود أن يخفض أسعار الفائدة". وزاد اللقاء توترا عندما أخبر ترامب الصحفيين أن تكلفة المشروع تُقدر الآن بما يصل إلى 3.1 مليارات دولار، ورد باول وهو يهز رأسه "لست على علم بذلك" ليسلمه الرئيس ورقة تفحصها باول الذي قال "لقد أضفت للتو مبنى ثالثا" مشيرا إلى أن مبنى مارتن قد اكتمل قبل 5 سنوات. وعين ترامب باول في هذا المنصب خلال ولايته الرئاسية الأولى عام 2018، ثم أعاد تعيينه الرئيس السابق جو بايدن بعد 4 سنوات. وقال مجلس الاحتياطي إن المشروع -وهو أول تجديد كامل للمبنيين منذ بنائهما قبل نحو قرن مضى- واجه تحديات غير متوقعة بما في ذلك الحد من المواد السامة والتكاليف الأعلى من التقديرات للمواد والعمالة. ودعم المجلس ما قاله بوثائق منشورة على موقعه الإلكتروني. وبدأ مشروع أعمال تجديد مقر المركزي الأميركي منتصف عام 2022، ومن المقرر أن يكتمل بحلول عام 2027.