
تحرير "الركن الثالث" من "رُهاب" الاحتلال
لو كان لبنان بلداً مكتمل السيادة، لكان التصرّف الطبيعي هو طرد السفير الإيراني في بيروت، مجبتى أماني، ليس رداً على خرقه قواعد العمل الدبلوماسي بتدخله الوقح في الشؤون الداخلية، بل لتعمّده التأخّر في تلبية استدعاء الخارجية إلى «اليوم التالي» بسبب انشغاله بالإعداد لظهوره على شاشة تلفزيونية.
والحال أننا لا نزال في بدايات مرحلة انتقالية تطوي صفحة طويلة من الوصايات والاحتلالات، حيث يقود أركان الحكم الجديد مشروع «عودة الدولة» بتوازن دقيق ما بين مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتفكيك البنية الاحتلالية لدويلة «حزب الله» داخل هرمية الدولة. واحدة من هذه البُنى الاحتلالية تكمن في الخارجية، التي يشكل وزيرها مع رئيسي الجمهورية والحكومة أركان الثالوث المنوط به دستورياً وقانونياً التعبير عن الموقف الرسمي للبلاد.
لذلك يسلّط «حزب الله» آلته الإعلامية وجيشه الإلكتروني على وزير الخارجية يوسف رجّي منذ تسلّمه الوزارة، محاولاً تصويره بأنه ينفذ أجندة حزب «القوات» على حساب الموقف الرسمي للدولة، ضمن سياسته الرامية إلى وضع الحكومة، التي بالكاد ينوف عمرها على شهرين، ومعها «العهد»، تحت وطأة ضغط عالٍ يهدف إلى عرقلة المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها البلاد وإفشالها. فيما أن المواقف التي يطلقها رجّي والقرارات التي يتّخذها تنسجم مع خارطة الطريق المُعبّر عنها بـ «خطاب القسم» و»البيان الوزاري» للحكومة لإعادة ترتيب علاقات لبنان الخارجية، وخصوصاً العربية منها، واستكمال مسار الانفتاح الذي يقوده رئيس الجمهورية عبر جولاته الخارجية. في حضور رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، ووزير الخارجية عباس عراقجي، ونائب قائد الحرس الثوري علي فدوي، ضمن وفد إيراني قدم للمشاركة بتشييع حسن نصر الله، قال الرئيس جوزاف عون بوضوح «لبنان تعب من حروب الآخرين على أرضه»، وأعرب عن موافقة ضيوفه الرأي «بعدم تدخّل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى» وفق البيان الرسمي للرئاسة. وبالتالي، فإن استدعاء السفير الإيراني إلى الخارجية يعد امتداداً لهذا الموقف، وواحداً من عناصر خارطة طريق «عودة الدولة».
بيد أن «حزب الله» لا يزال غير قابل ولا قادر على التكيّف مع هذه التحولات التي تطيح ببنية احتلالية عميقة في وزارة لعبت عقب اتفاق الطائف وحتى الأمس القريب دور الناطق باسم «وحدة المسار والمصير» مع نظام البعث إبان وصاية الأسدين، ثم استحالت منصّة متقدمة للمشروع التوسعي الإيراني في العمق اللبناني والعربي، في ترجمة عملانية لطبيعة المعادلات السياسية السائدة.
منذ أواخر عام 2000 حتى 2014، تولّى الرئيس نبيه بري دور «الوصيّ» على الخارجية لحساب «حزب الله»، ثم حمل جبران باسيل المشعل عنه، أصيلاً ووصياً، وبتفوّق لا يحسد عليه. 12 حكومة، 23 عاماً ونصف العام، كانت مهمة «ناظر» الخارجية فيها عرقلة الإجماع العربي حول أي قضية فيها طرف إيراني، والانتقاص في المحافل الدولية من سيادة الدولة التي يمثلها من أجل الدفاع عن هيمنة «حزب الله»، وتحويل السلك الدبلوماسي إلى مرتع لمكافأة الأقارب والأزلام، فتوالت الفضائح التي أسهمت في تشويه سمعة لبنان أكثر فأكثر.
طوال تلك الفترة كانت أهم إنجازات الخارجية امتناع باسيل عن تأييد الإجماع العربي لإدانة الهجوم الغوغائي على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، خريف عام 2016، كسلفة على حساب ترشيح عمه للرئاسة. ومن المفيد تذكير المتباكين على حال الجيش بأن ثمن هذا الموقف كان تجميد المملكة هبة بقيمة 3 مليارات دولار لتسليحه، وأخرى بمليار دولار لتطوير الأجهزة الأمنية، وأثماناً لا نزال ندفع ثمنها حتى اليوم. أتبعها باسيل بإنجاز آخر برفضه إدانة هجوم «الحوثيين» الإرهابي على «آرامكو» عام 2019. ناهيكم عن فضيحة الوزير بالوكالة شربل وهبي، واعتداء مرافقي خلفه الوزيرة زينة عكر على الأمين العام للخارجية هاني شميطلي.
هذه لمحة موجزة كفيلة بإعطاء صورة عن صعوبة وتعقيد المهمة التي يواجهها يوسف رجّي إزاء الإرث الثقيل الذي آل إليه، والضريبة المتمثلة بتعاظم الحملات عليه أكثر مع كل خطوة سيادية جديدة لتخليص «الركن الثالث» من «رُهاب» الاحتلال، واستثمار الكفاءات اللبنانية، وخصوصاً الشبابية، لإعادة تشكيل السلك الدبلوماسي، فلا يعقل أن تستفيد منها أهم معاقل الدبلوماسية الدولية فيما وطنها محروم منها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 34 دقائق
- ليبانون 24
بـ 25 مليار دولار... ترامب يعلن عن خطة تنفيذ مشروع "القبة الذهبية"
أفاد موقع "بوليتيكو"، نقلاً عن مصادر، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيعلن عن تخصيص 25 مليار دولار لبدء تنفيذ نظام الدفاع الصاروخي المعروف بـ" القبة الذهبية". وأوضح مصدر مطلع في البيت الأبيض لـ"بوليتيكو" أن هذا المبلغ يتماشى مع الطلب المدرج في مشروع قانون الميزانية الكبير للإدارة، والذي لم يقره الكونغرس بعد. وذكر المصدر أن التكلفة الإجمالية للمشروع، بحسب تقديرات مكتب الميزانية بالكونغرس، تصل إلى حوالي 500 مليار دولار خلال فترة عشرين عاماً. من المتوقع أن يعلن ترامب هذا القرار في حدث رسمي بالبيت الأبيض، بحضور وزير الدفاع بيت هيغسيث ، فيما تشير التقارير إلى تعيين الجنرال مايكل جيتلين من قوة الفضاء الأميركية رئيساً لبرنامج "القبة الذهبية". واقترح المشرعون الجمهوريون "استثمارا أوليا بقيمة 25 مليار دولار للقبة الذهبية كجزء من حزمة دفاعية أوسع نطاقا، لكن هذا التمويل مرتبط بمشروع قانون مثير للجدل يواجه عقبات كبيرة في الكونغرس". كما أعرب الديمقراطيون عن قلقهم بشأن "فعالية الدرع الدفاعية الباهظة التكلفة".


الشرق الجزائرية
منذ ساعة واحدة
- الشرق الجزائرية
اعتصام مطلبي أمام سرايا طرابلس عنوانه 'تحرك الحاجة والضرورة'
– جرى اعتصام أمام سرايا طرابلس عمد خلاله العمال إلى قطع الطريق تلبية لدعوة اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال و نقابة عمال بلديات طرابلس ونقابة عمال بلدية الميناء ونقابتي منشآت النفط والمصب ونقابة عمال وموظفي كهرباء قاديشا ونقابة المعلمين في الشمال ومختلف النقابات العمالية في طرابلس وعمال وموظفي وعناصر جهاز الاطفاء في اتحاد بلديات الفيحاء تحت عنوان 'تحرك الحاجة وتحرك الضرورة لان الاذان صماء والتأجيل والمراوحة والتسويف سيد المرحلة' . التحرك المطلبي استهله العمال بمسيرة انطلقت من امام القصر البلدي في طرابلس وجابت شوارع عزمي والمصارف وساحة النزر وصولا الى مدخل سراي طرابلس حيث نفذت إجراءات اخذتها عناصر قوى الأمن الداخلي . وتحدث في خلال الاعتصام، رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في لبنان الشمالي شادي السيد، وقال :'نحن من طرابلس سنطلق الشرارة الاولى ونوجه كلامنا للحكومة ان ما اتيتم به من حد ادنى للاجور سواء لجهة ما يعلنه أصحاب العمل او ما أعلنته لجنة المؤشر او ما أعلنته أي جهه أخرى مرفوض، ونرد بالقول ان تعطوا للعامل والموظف 312 دولارا عبارة على 28 مليونا هذا امر مرفوض، ومن هنا نتوجه ونشد على يد رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الاسمر، ونشد على يد وزير العمل وندعوه الى عدم القبول ابدا بما يجري التداول فيه ، ونقول له أنت وعدتنا يا معالي الوزير ونريدك ان تفي بوعدك'. أضاف :'ونحن من قلب طرابلس نقول لكم، إننا نتجه الى التصعيد، ونحن لا نتعاطى الان بالسياسة نحن حركة نقابية عندنا مطالب وسنذهب الى تصعيد كبير والحد الادنى للاجور يجب ان يتحسن وتعويض نهاية الخدمة يجب ان يتحسن،اما المستشفيات فيجب ان تكون متاحة لكل الموظفين والعمال، وان يحصلواعلى الأدوية'. وسأل السيد :' هل يعقل ان يكون تعويض نهاية الخدمه 1000 دولار فقط، 'يا عيب الشوم'، من يرضى لنفسه في نهاية خدمته بالف دولار'. أضاف : ثم نأتي الى طرابلس لنذكر بحقوق عمال بلديات طرابلس، وبان عمال بلديات الميناء لا يتقاضون رواتبهم منذ أشهر عدة ورجال الاطفاء في اتحاد بلديات الفيحاء لا يحصلون على رواتبهم منذ ثمانية أشهر، كما ان كل الموظفين والعمال في الاتحاد اتحاد بلديات الفيحاء لا يتقاضون رواتبهم فماذا ننتظر؟'. وتابع :'ومن هنا، من أمام سرايا طرابلس، نذكر بأنه لا دفاع مدنيا في طرابلس. المركز متروك للفساد، فيما طرابلس تتعرض كل يوم لحريق ولسقوط ضحايا بين قتلى وجرحى والمسؤولون في بيروت لا يهتمون لهذا الامر. نريد ان نقول الأشياء بأسمائها، كما نريد أن نقول من طرابلس، اننا لن نسمح ولن نسكت. ونحن ذاهبون الى تصعيد ومتجهون الى عصيان مدني وإقفال المؤسسات اذا لزم الامر. فلا يمكننا ان نحتمل اكثر هذا 'الوزر'. وأعلن السيد ان 'هذه رسالة لسعادة محافظ الشمال بالانابة السيدة إيمان الرافعي التي نكن لها كل احترام، فلتجر سريعا انتخابات رئاسة ونائب رئيس بلديات الفيحاء بدءا من بلديه طرابلس فالميناء والبداوي والقلمون على ان يكون ذلك في الوقت السريع لان البلديات عندها استحقاقات أبرزها للعمال وهي استحقاقات غير قابلة للانتظار'. وفي المناسبه، نقول لرؤساء اللوائح الذين يصدرون المواقف: ممنوع أن يأتي اي رئيس ويمنع حقوق العمال في هذه البلديات، والان سمعنا بعض رؤساء اللوائح كل يعلن عن مواقف فمنهم من يريد ان يؤلف لجانا منهم، من يريد ان يغير مواقع وظيفية'. ولفت الى ان 'أي رئيس بلدية يجب ان يحمل في جعبته وفي الاولويات حقوق العمال والموظفين واذا لم تعط اي بلدية حقوق عمالها فسوف نعمل على منع الدخول اليها ولا نخشى احدا ورقبتنا لا احد يمكنه ان يشيلها من محلها'. بدوره، أكد نقيب عمال بلدية طرابلس عمر دلال تأييده لما ورد على لسان النقيب السيد، مؤكدا 'التضامن مع رئيس الاتحاد العمالي العام في مطالبه'، ورفض ما أعلن من 'حد أدنى للاجور'ـ، معلنا ان 'هذا الحد الادنى مرفوض رفضا تاما فهذا الحد الادنى لا يكفي ايجارا لبيت على من يضحكون، واننا نرجو الا يجرونا في طرابلس الى عصيان المدني، فنحن لم نصدق وصول عهد جديد لنحصل على الحقوق والمستحقات ولا نقبل ان نعود الى ما كنا عليه من قبل. اما اذا بقيت الامور على نفس الصيغة، فاننا ذاهبون الى عصيان مدني والى تعطيل وما نطالب به فقط لكي نتمكن من التنفس وعندها فان يدنا ممدودة للجميع' .

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
المطلوب دولياً سلاح "حزب الله" أو الآتي أعظم
متى يدرك اللبنانيون، مسؤولين وغير مسؤولين، ومحازبين ومنضوين في جمعيات سياسية، أن لبنان دخل المنظومة الأميركية إن لم نقل الفلك الأميركي الباسط شعاعه من الخليج العربي إلى الشرق الأوسط الجديد وصولاً إلى مصر، وقد تجلىّ هذا التطور خصوصاً في الزيارات "المثمرة" التي قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية ولقائه فيها في رعاية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلطان، الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، الذي أصبح بطلاً مظفراً، ثم إلى قطر ودولة اللإمارات العربية، فضلاً عن أن لبنان الرسمي من خلال رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام والوزراء الموافَق عليهم دولياً، إضافة إلى رئيس مجلس النواب رئيس حركة "أمل" والناطق باسم "الثنائي الشيعي" وأحدهما "حزب الله"، الأميركي الهوى نبيه بري. خلص الشرق الأوسط الجديد...كلهم في الفلك الأميركي... وترامب أقفل الباب وأخذ المفتاح معه. لنعد إلى موضوعنا الأساسي إذ سبق أن كتبنا قبل أسابيع أن اللبنانيين ممانعين وغير ممانعين سيذهبون إل اسرائيل بسياراتهم الفارهة، نعم فاللبنانيون معتادون على "نقاط الإستلحاق"(Points de rachat )، إلا أنهم سيصلون، ولو في السيارة الأخيرة. لبنان في رأي مصادر ديبلوماسية متابعة دخل مرحلة الحسم وعلى ما يبدو بل المؤكد أن "الغلبة" للأميركيين والإسرائيليين بينما تحاول إيران التقاط انفاسها، في وقت يبدو القرار اللبناني محشوراً في الزاوية وثمة عدم استيعاب رسمي و"ميليشياوي" لما يجري . والمطلوب ما ستؤكده المبعوثة الأميركية مورغن أورتيغاس العائدة قريباً إلى لبنان وهو تسليم سلاح "حزب الله" الذي بات خردة، وإلا فإن هذا البلد سيشهد صيفاً حاراً جدًا بين حزيران وتموز وينتهي بجمع السلاح غير الشرعي أي سلاح "حزب الله" والمنظمات الفلسطينية من الناقورة إلى النهر الكبير بالتوافق أو... بلغة أخرى . إنه قرار متخذ. لقد دخل لبنان في المنظومة الأميركية التي ستشهد قريباً "تكيّف" إيران مع "معلمتها" الولايات المتحدة الأميركية، من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن مروراً طبعاً بغزة التي تعاملت مع اسرائيل من خلال عمليتها باجتياح جدار غزة تمثيلياً وهي عملية مدفوع ثمنها وتفوح منها رائحة "العمالة" لتبرير كل هذه العملية الإسرائيلية التي دبّرتها مخابراتها ضد غزة. والدليل أن العملية انتهت بتدمير غزة واغتيال السينوار ، وشقيقه قبل أيام قليلة فيما الرئيس محمود عباس في دنيا أخرى ولم يحرّك ساكناً. إنه واحد من المنظومة! هكذا كان ياسر عرفات"إجر بالبور وإجر بالفلاحة". مؤسف أن العمالة عند العرب مسألة DNA ، وهم زحفاً زحفاً نحو إسرائيل والتطبيع، من دول الخليج والأردن ومصر وسوريا إلى لبنان ومَن لفّ لفّها. كل العرب ذاهبون إلى التطبيع وتوقيع معاهدة سلام. غداً سيتبادل العرب القبل مع الشيطان الأكبرومَن يعش يرَ. قل للمليحة بالخمار الأسودِ ماذا فعلت (يا ترامب) ب"ناسك متعبدِ" قد كان شمّر للصلاة ثيابه حتى وقفت له في باب المسجد... ( ربيعة بن عامر التميمي) بقلم حبيب شلوق انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News