logo
مُطيع .. في سيرة وزير خارجية اليمن الديمقراطي

مُطيع .. في سيرة وزير خارجية اليمن الديمقراطي

يمن مونيتورمنذ 5 أيام

في العمل الحزبي يعيش المرء عقوداً من عمره باسم مستعار اسم يصير مع الوقت أعز عليه من الاسم الذي منحه إياه الأبوان؛ هذا تعريف أخاذ للمؤرخ اللبناني الدكتور فواز طرابلسي في كتابه صورة الفتى بالأحمر.
وقد لازم اللقب الحركي 'مطيع' محمد صالح القعيطي، الذي لن نعرف هويته الشخصية الا من البحث وهذا الكتاب (مؤسسة أروقة للنشر 2023، 326 صفحة) متناولًا شخصية قيادية من الجيل الأول لليمن الديمقراطي، وشغل أعلى مناصب وزارية في الداخلية والخارجية، ومسؤوليات أخرى تنظيمية.
علاوة ان الكتاب التوثيقي لسيرة مطيع، يضيء على تجربة جنوب اليمن الديمقراطي وحكم اليسار (1967-1990)، تحليلا في السياسة والاستراتيجية والقصص والمرويات وغني بتفاصيل وأحاديث في شؤون عربية ويمنية شهدتها ضحى الستينيات والسبعينيات.
النهج الماركسي لليمن الديمقراطي، عمل على إزالة الألقاب كما الطبقات الاجتماعية فيشار إلى كل الأسماء رباعيًا، كمحمد صالح مطيع.
في مدينة تعز إبان الكفاح المسلح لثورة 14 أكتوبر، أسدى النقيب مطيع عبدالله دماج أحد رواد الحركة الوطنية، رعايته لشباب الجبهة القومية وفي إطار إطلاق الأسماء الحركية على كواردها خلع على صاحب السيرة 'مطيع' اسمًا لشخصيته الحركية.
مطيع المولود 1943، وجد نفسه يتيم الأم في عامه الثاني، انتقل للعيش والنشأة في كنف أحد أقاربه، إلى ان تخرج حاملاً شهادة الثانوية العامة في المعهد الفني بالمعلا عدن، واشتغل مهندسا في سنترال الهاتف بالإدارة المركزية لشركة الاتصالات بالمعلا، مع الافادة في تفتح مداركه لتكون عتبة دخوله العمل النضالي الوطني ضد الاستعمار في الشطر الجنوبي لليمن واكتسب اللغة الثانية للمستعمر.
تواجدت في مستعمرة عدن منظمات وكيانات مدنية وطنية تسعى لتحرير الجنوب اليمني من بريطانيا، بالأخص أبناء الريف بينها جمعية أبناء يافع مسقط رأس مطيع التي أصبحت من 1962 جزءا من حركة القوميين العرب، وفي أغسطس 1963 صار مطيع في قوام المؤتمر الأول للجبهة القومية الرامية للكفاح المسلح لجلاء الاستعمار، مع مؤسسيها قحطان الشعبي وفيصل عبد اللطيف الشعبي، وسلطان أحمد عمر.
تجند وتدرب مطيع في الجبهة القومية فدائيًا قتاليًا، على مختلفة الأسلحة بمعسكر صالة في تعز شمال اليمن، المنطلق والمحطة الهامة في تاريخ ثورة 14 أكتوبر، وساعد ذلك حضور مكاتب رئيسية لداعمها العسكري وهي القيادة المصرية والنظام السبتمبري في صنعاء، أسهم مع رفاقه في تنفيذ عمليات ميدانية بشجاعة وإتقان ومهارات أمنية سباقة للمنصب الذي سيكون فيه بعد الاستقلال كوزير للداخلية، وفي سنوات الكفاح المسلح تولى مسئولية أمن الجبهة إلى جانب رئاسة المكتب الفدائي.
ومطيع من بين قيادات وكوادر الجبهة القومية التي عارضت وتصدت الدمج القسري مع جبهة التحرير عام 1966 وان جرى لفترة قصيرة بين الجبهتين تحالف تكتيكي هش؛ فرضته المخابرات المصرية سعيًا منها لتوحيد القوى التي تختلف مقارباتها في النهج والأسلوب السياسي، حتى ولو على شكل وفد وطني تفاوضي مع بريطانيا، يستحصل الاستقلال التي تسلمته الجبهة القومية منفردة.
أخذت القيادة المصرية تفاضل فريق على آخر إزاء لوازمهما من الاعداد والتأهيل الكادري للجبهتين في العاصمة القاهرة وكان مطيع من جملتهم.
ما ان تبوأت الجبهة القومية السلطة في جنوب اليمن برئاسة قحطان الشعبي، ارتد فعل الغلبة والقوة الذي أنزلته الجبهة القومية إلغائيًا على القوى السياسية والمكونات الاجتماعية في الجنوب بالإقصاء، إلى صراع جديد على السلطة فيما بينهم؛ انخرط مطيع المعين وكيلا لوزارة الداخلية مع اليساريين منهم، وهي صراعات نقرأها في كتب التاريخ عن دول عربية انشطر قادتها ونخبها إلى اليمين واليسار إزاء رُؤاهُم وخياراتهم البرنامجية للدولة.
تعين مطيع وزير للخارجية بعد انفجار الطائرة الدبلوماسية والتي كان على متنها سلفه محمد صالح العولقي أبريل 1973، وهي حادثة غامضة دوافعها لا يخرج تعليل تفسيراتها سوى بالقول انها ذروة التطرف السياسي، وتصفية المناوئين داخل الجبهة القومية.
في سيرة مطيع الدبلوماسية بحقيبة وزارة الخارجية نجومية ثلاثينية من العمر، تجلت مواهبه وتضاعفت الخبرة وسعة الآفاق واتصال العمل السياسي، بإيكاله مهام كثيرة، مبعوثٍ رئاسي إلى جهات إقليمية ودولية، وترؤس وفد الشطر الجنوبي في مفاوضات القاهرة الوحدوية مع الشمال وقمة طرابلس، وسوابق رحلات مكوكية خاصة إلى الدول التقدمية الصديقة لعدن، وتدشين السياسة الخارجية الطبيعية في عهد الرئيس سالم ربيع علي.
دبلوماسية ونشاط مطيع أفادت بعد ذلك سلطة الرئيس علي ناصر محمد، تجعله يحتكرها ميزة لعهده الرئاسي، من سياسة حسن الجوار مع الدول الأقرب جغرافيًا نحو المملكة العربية السعودية وعُمان.
سبتمبر 73 تسلم مطيع رئاسة دورة الجامعة العربية من نظيره وزير خارجية اليمن الشمالي محمد نعمان فقال بالوحدوية التي كانت هموم اليمنيَن (شمالاً وجنوباً) ولم تتحقق بعد ' كم كان وفدنا يتمنى بأن لا يكون ليمننا الواحد ممثلان وإني أعتبر نفسي مكملاً للرئاسة اليمنية المجلس جامعتنا الموقر. وسيأتي اليوم القريب بإذن الله الذي سيمثل فيه اليمن بوفد واحد على كل المستويات العربية والدولية.
في الكتاب تفاصيل متعددة لبدايات رسم مطيع للسياسة الخارجية لليمن الديمقراطي؛ وفتح قنوات اتصال وترتيب صداقات جديدة تعود بالنفع على الدولة والمجتمع.
أثناء انعقاد قمتي دول عدم الانحياز والجامعة العربية أواخر 1973 في الجزائر، نبَّه العرب بإشارات مرسلة إلى وفد الجنوب برئاسة سالمين؛ فهمها الوزير مطيع على الفور، انها صورة التقدير العربي للسياسة الخارجية لليمن الشمالي المعتدلة والمتزنة، وهو ما يجب ان يماثله اليمن الديمقراطي؛ دام وهو يسعى إلى الوحدة الطبيعية مع اليمن الشمالي، وان يصيب معه في التفكير والسعي الحقيقي إلى تحسين علاقاتهما بالمحيط العربي بدل التقوقع الأيديولوجي. وعلى هامش مؤتمرات القمم العربية والإسلامية جرت بين الرئيس سالمين والملك فيصل لقاءات مرتبة.
تحدثت مذكرات الرئيس الإرياني الأخيرة من الجزء الرابع عن لقائه بالأمير سلطان في قمة الجزائر 1973 الذي أبلغه عزم المملكة على استصلاح علاقاتها باليمن الديمقراطي إذا اعتدل، فوعده بإبلاغ الرئيس سالمين؛ الأخير أجاب بالرغبة لفتح حوار مع السعودية وأقترح عمل شيء من الجانبين يهيئ للحوار ويمهد لنجاحه، من الجانب السعودية تخفيف الضغط في المحافظة الخامسة (حضرموت) بإيقاف الأعمال العسكرية. بينما تمثلت مطالب السعودية حينها بلسان الأمير سلطان إلى الرئيس الإرياني، ان أي بادرة خيرة تظهر من قادة اليمن الشيوعي سوف تقابل من الجانب السعودي بأحسن منها بشرطين: إقلاع عدن عن دعم ثوار ظفار، والاعتدال والفكاك مع المحور الشرقي السوفيتي، وإشراك المكونات المعارضة لعدن في الحكم وهم السلاطين.
من خلال مصر السادات وسكرتيره الشهير صاحب العلاقات القوية أشرف مروان، بدأ اليمن الديمقراطي برئاسة سالمين ووزيره مطيع شق قنوات الاتصال مع العاصمة الرياض لإقامة علاقات ثنائية، وفق خطوط خريطة مرسومة مرت عبر دول وكيانات وشخصيات عربية، وأصدر اليمن الديمقراطي برقية عزاء في مقتل الملك فيصل، ليكون بادرة اتصال مباشر وبرقيًا بين الرئيس سالمين والملك السعودي الجديد خالد، وانتهى كل ذلك إلى إعلان تطبيع العلاقات بين اليمن الديمقراطي والجار السعودي في مارس 1976 وبترحيب من مسقط وصنعاء بقيادة الحمدي التي كانت على مقربة في اللبنات الأساسية والأخيرة لعلاقات عدن والرياض.
الاستدارة للجوار العربي توازنت بالضرورة بالاتجاه غربًا مع بريطانيا وفرنسا والمانيا الغربية، وتوفرت فرص دورات الأمم المتحددة لأعوام 75-77 بلقاء وزراء الخارجية الأمريكية هنري كيسنجر وسايرس فانس، دونما الاعلان رسميًا عن التفاصيل كما في التقارير والوثائق التي تُعد متن للكتاب.
الدبلوماسية السرية والتفاوضية للوزير مطيع مع الأمريكان طالب ان تكون نقطة الانطلاق ارسال وفد للتمهيد في استئناف العلاقات التي قُطعت 1969، وتحدد نهاية العام 1977 ومطلع 1978 الإعلان عن العودة والتفعيل، ويؤكد التقرير الموقع من كيسنجر عدم نيتهم الإعلان عن تفاصيل الاجتماع وإذا تسرب تقرير حوله، فإنهم سيردون بعدم التأكيد أو الرفض.
توضح برقية سايرس فانس مساعد كيسنجر إلى وجود قناة اتصال مباشرة أخرى مع اليمن الديمقراطي تتم عبر الكونغرس بول فندلي وهو صاحب الكتاب الشهير من يجرؤ على الكلام، الذي زار عدن والتقى سالمين في وقت سابق للإفراج عن محتجز أمريكي من دائرته الانتخابية.
لم يتم إجراء المباحثات وتسوية العلاقات بين عدن وواشنطن كما هو مرسوم ومقرر؛ بوقوع حادثين قتل رئيس اليمن الشمالي أحمد الغشمي بالحقيبة المتفجرة المرسلة من عدن، تلاها بعد يومين التصفية المروعة للرئيس سالمين من قبل رفاقه، وضاربة عرض الحائط إتمام العلاقات بين أمريكا واليمن الديمقراطي.
يقف الكتاب عند آخر الزيارات الخارجية لمطيع منتصف 1980 قبل إعدامه وكانت إلى الاتحاد السوفيتي والسعودية مع الرئيس الجديد علي ناصر محمد، اجتمع مطيع بشكل خاص مع أندروبوف رئيس الاستخبارات كي جي بي، وبالاستناد إلى شهادة أحد دبلوماسييّ تلك المرحلة، ان مطيع أثناء لقائه بالسوفيت، بسط فيه كل ما بخاطره من مآخذ على السوفيت باعتبارهم حجر الزاوية في السياسة الخارجية لبلده، فأعد قائمة خاصة بعناوين ومحاور الشؤون على طاولتهم بوضوح وجراة وقوة ودقة ملاحظة تتكئ على استقلال تفكيره وتراكم خبرته.
أما في السعودية انفرد خلسةً للقاء مع الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات، وكلها خارج جدول أعمال الزيارة الرسمية.
عيون أعوان الرئيس علي ناصر المهتم لرصد تحركات مطيع وغيابه الملحوظ عن الوفد الرسمي، ذلك ما وفر فرصة تلفيق 'التخابر مع السعودية' رغم ان العلاقات مع الرياض باتت رسمية وعلى مستوى من التمثيل العالي، من فترة حكم الرئيس سالمين، بل ان الرئيس عبدالفتاح إسماعيل رغب في استمرارها بعد صعوده السلطة وتأسيس الحزب الاشتراكي، وابتعث مطيع لملاقاة نظيره سعود الفيصل، من أجل التمهيد لزيارة الرئيس فتاح إلى السعودية وبدعوة من الملك السعودي خالد، وتأتي المواجهات العسكرية بين صنعاء وعدن فبراير 1979 حد بلغ فيه ان تلتهم عدن كل الشمال اليمني، فانقطع المسار وذرت جهود مطيع.
فُرضت على مطيع الإقامة الجبرية وعُزل تنظيميًا من آخر مناصبه الحزبية، دوى نبأ الإعدام في مارس 1981. ولا قصة شافية حول طريقة وإجراءات التنفيذ.
استهجن أحد رفاقه المعتبرين وهو علي عنتر وزير الدفاع، شناعة التنفيذ بحق قيادي كبير، فهما يعتبران مركزي القوة في الدولة وتم تبديدها في أزمة أغسطس السياسية 1979 التي أحدثت تغيرات وتنقلات في مناصب الدولة أُخرج على أثرها مطيع من الخارجية، وجرى إعدام مطيع حين كان عنتر خارج اليمن، وحتى علي ناصر هو الآخر كان أثنائها في زيارة إلى موسكو.
العلاقة الشخصية والنضالية بين مطيع والرئيس علي ناصر، فرقتها السلطة وفي سجل الأخير شناعة إعدام شخصية لامعة، الصراع بين الرفاق لن يتوقف عند هذه الحادثة الفردية ومثلها الكثير، سيطوي علي ناصر محمد سنوات عهده بتفجير أحداث 13 يناير 1986 وقتل كبار قادة الدولة والحزب داخل قاعة الاجتماعات: عبد الفتاح إسماعيل، علي عنتر، صالح مصلح، وينجو منها علي سالم البيض.
أخيراً يمتاز الكتاب باكتناز ووفرة من الصور للشخصيات والأحداث والمواقع.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مُطيع .. في سيرة وزير خارجية اليمن الديمقراطي
مُطيع .. في سيرة وزير خارجية اليمن الديمقراطي

يمن مونيتور

timeمنذ 5 أيام

  • يمن مونيتور

مُطيع .. في سيرة وزير خارجية اليمن الديمقراطي

في العمل الحزبي يعيش المرء عقوداً من عمره باسم مستعار اسم يصير مع الوقت أعز عليه من الاسم الذي منحه إياه الأبوان؛ هذا تعريف أخاذ للمؤرخ اللبناني الدكتور فواز طرابلسي في كتابه صورة الفتى بالأحمر. وقد لازم اللقب الحركي 'مطيع' محمد صالح القعيطي، الذي لن نعرف هويته الشخصية الا من البحث وهذا الكتاب (مؤسسة أروقة للنشر 2023، 326 صفحة) متناولًا شخصية قيادية من الجيل الأول لليمن الديمقراطي، وشغل أعلى مناصب وزارية في الداخلية والخارجية، ومسؤوليات أخرى تنظيمية. علاوة ان الكتاب التوثيقي لسيرة مطيع، يضيء على تجربة جنوب اليمن الديمقراطي وحكم اليسار (1967-1990)، تحليلا في السياسة والاستراتيجية والقصص والمرويات وغني بتفاصيل وأحاديث في شؤون عربية ويمنية شهدتها ضحى الستينيات والسبعينيات. النهج الماركسي لليمن الديمقراطي، عمل على إزالة الألقاب كما الطبقات الاجتماعية فيشار إلى كل الأسماء رباعيًا، كمحمد صالح مطيع. في مدينة تعز إبان الكفاح المسلح لثورة 14 أكتوبر، أسدى النقيب مطيع عبدالله دماج أحد رواد الحركة الوطنية، رعايته لشباب الجبهة القومية وفي إطار إطلاق الأسماء الحركية على كواردها خلع على صاحب السيرة 'مطيع' اسمًا لشخصيته الحركية. مطيع المولود 1943، وجد نفسه يتيم الأم في عامه الثاني، انتقل للعيش والنشأة في كنف أحد أقاربه، إلى ان تخرج حاملاً شهادة الثانوية العامة في المعهد الفني بالمعلا عدن، واشتغل مهندسا في سنترال الهاتف بالإدارة المركزية لشركة الاتصالات بالمعلا، مع الافادة في تفتح مداركه لتكون عتبة دخوله العمل النضالي الوطني ضد الاستعمار في الشطر الجنوبي لليمن واكتسب اللغة الثانية للمستعمر. تواجدت في مستعمرة عدن منظمات وكيانات مدنية وطنية تسعى لتحرير الجنوب اليمني من بريطانيا، بالأخص أبناء الريف بينها جمعية أبناء يافع مسقط رأس مطيع التي أصبحت من 1962 جزءا من حركة القوميين العرب، وفي أغسطس 1963 صار مطيع في قوام المؤتمر الأول للجبهة القومية الرامية للكفاح المسلح لجلاء الاستعمار، مع مؤسسيها قحطان الشعبي وفيصل عبد اللطيف الشعبي، وسلطان أحمد عمر. تجند وتدرب مطيع في الجبهة القومية فدائيًا قتاليًا، على مختلفة الأسلحة بمعسكر صالة في تعز شمال اليمن، المنطلق والمحطة الهامة في تاريخ ثورة 14 أكتوبر، وساعد ذلك حضور مكاتب رئيسية لداعمها العسكري وهي القيادة المصرية والنظام السبتمبري في صنعاء، أسهم مع رفاقه في تنفيذ عمليات ميدانية بشجاعة وإتقان ومهارات أمنية سباقة للمنصب الذي سيكون فيه بعد الاستقلال كوزير للداخلية، وفي سنوات الكفاح المسلح تولى مسئولية أمن الجبهة إلى جانب رئاسة المكتب الفدائي. ومطيع من بين قيادات وكوادر الجبهة القومية التي عارضت وتصدت الدمج القسري مع جبهة التحرير عام 1966 وان جرى لفترة قصيرة بين الجبهتين تحالف تكتيكي هش؛ فرضته المخابرات المصرية سعيًا منها لتوحيد القوى التي تختلف مقارباتها في النهج والأسلوب السياسي، حتى ولو على شكل وفد وطني تفاوضي مع بريطانيا، يستحصل الاستقلال التي تسلمته الجبهة القومية منفردة. أخذت القيادة المصرية تفاضل فريق على آخر إزاء لوازمهما من الاعداد والتأهيل الكادري للجبهتين في العاصمة القاهرة وكان مطيع من جملتهم. ما ان تبوأت الجبهة القومية السلطة في جنوب اليمن برئاسة قحطان الشعبي، ارتد فعل الغلبة والقوة الذي أنزلته الجبهة القومية إلغائيًا على القوى السياسية والمكونات الاجتماعية في الجنوب بالإقصاء، إلى صراع جديد على السلطة فيما بينهم؛ انخرط مطيع المعين وكيلا لوزارة الداخلية مع اليساريين منهم، وهي صراعات نقرأها في كتب التاريخ عن دول عربية انشطر قادتها ونخبها إلى اليمين واليسار إزاء رُؤاهُم وخياراتهم البرنامجية للدولة. تعين مطيع وزير للخارجية بعد انفجار الطائرة الدبلوماسية والتي كان على متنها سلفه محمد صالح العولقي أبريل 1973، وهي حادثة غامضة دوافعها لا يخرج تعليل تفسيراتها سوى بالقول انها ذروة التطرف السياسي، وتصفية المناوئين داخل الجبهة القومية. في سيرة مطيع الدبلوماسية بحقيبة وزارة الخارجية نجومية ثلاثينية من العمر، تجلت مواهبه وتضاعفت الخبرة وسعة الآفاق واتصال العمل السياسي، بإيكاله مهام كثيرة، مبعوثٍ رئاسي إلى جهات إقليمية ودولية، وترؤس وفد الشطر الجنوبي في مفاوضات القاهرة الوحدوية مع الشمال وقمة طرابلس، وسوابق رحلات مكوكية خاصة إلى الدول التقدمية الصديقة لعدن، وتدشين السياسة الخارجية الطبيعية في عهد الرئيس سالم ربيع علي. دبلوماسية ونشاط مطيع أفادت بعد ذلك سلطة الرئيس علي ناصر محمد، تجعله يحتكرها ميزة لعهده الرئاسي، من سياسة حسن الجوار مع الدول الأقرب جغرافيًا نحو المملكة العربية السعودية وعُمان. سبتمبر 73 تسلم مطيع رئاسة دورة الجامعة العربية من نظيره وزير خارجية اليمن الشمالي محمد نعمان فقال بالوحدوية التي كانت هموم اليمنيَن (شمالاً وجنوباً) ولم تتحقق بعد ' كم كان وفدنا يتمنى بأن لا يكون ليمننا الواحد ممثلان وإني أعتبر نفسي مكملاً للرئاسة اليمنية المجلس جامعتنا الموقر. وسيأتي اليوم القريب بإذن الله الذي سيمثل فيه اليمن بوفد واحد على كل المستويات العربية والدولية. في الكتاب تفاصيل متعددة لبدايات رسم مطيع للسياسة الخارجية لليمن الديمقراطي؛ وفتح قنوات اتصال وترتيب صداقات جديدة تعود بالنفع على الدولة والمجتمع. أثناء انعقاد قمتي دول عدم الانحياز والجامعة العربية أواخر 1973 في الجزائر، نبَّه العرب بإشارات مرسلة إلى وفد الجنوب برئاسة سالمين؛ فهمها الوزير مطيع على الفور، انها صورة التقدير العربي للسياسة الخارجية لليمن الشمالي المعتدلة والمتزنة، وهو ما يجب ان يماثله اليمن الديمقراطي؛ دام وهو يسعى إلى الوحدة الطبيعية مع اليمن الشمالي، وان يصيب معه في التفكير والسعي الحقيقي إلى تحسين علاقاتهما بالمحيط العربي بدل التقوقع الأيديولوجي. وعلى هامش مؤتمرات القمم العربية والإسلامية جرت بين الرئيس سالمين والملك فيصل لقاءات مرتبة. تحدثت مذكرات الرئيس الإرياني الأخيرة من الجزء الرابع عن لقائه بالأمير سلطان في قمة الجزائر 1973 الذي أبلغه عزم المملكة على استصلاح علاقاتها باليمن الديمقراطي إذا اعتدل، فوعده بإبلاغ الرئيس سالمين؛ الأخير أجاب بالرغبة لفتح حوار مع السعودية وأقترح عمل شيء من الجانبين يهيئ للحوار ويمهد لنجاحه، من الجانب السعودية تخفيف الضغط في المحافظة الخامسة (حضرموت) بإيقاف الأعمال العسكرية. بينما تمثلت مطالب السعودية حينها بلسان الأمير سلطان إلى الرئيس الإرياني، ان أي بادرة خيرة تظهر من قادة اليمن الشيوعي سوف تقابل من الجانب السعودي بأحسن منها بشرطين: إقلاع عدن عن دعم ثوار ظفار، والاعتدال والفكاك مع المحور الشرقي السوفيتي، وإشراك المكونات المعارضة لعدن في الحكم وهم السلاطين. من خلال مصر السادات وسكرتيره الشهير صاحب العلاقات القوية أشرف مروان، بدأ اليمن الديمقراطي برئاسة سالمين ووزيره مطيع شق قنوات الاتصال مع العاصمة الرياض لإقامة علاقات ثنائية، وفق خطوط خريطة مرسومة مرت عبر دول وكيانات وشخصيات عربية، وأصدر اليمن الديمقراطي برقية عزاء في مقتل الملك فيصل، ليكون بادرة اتصال مباشر وبرقيًا بين الرئيس سالمين والملك السعودي الجديد خالد، وانتهى كل ذلك إلى إعلان تطبيع العلاقات بين اليمن الديمقراطي والجار السعودي في مارس 1976 وبترحيب من مسقط وصنعاء بقيادة الحمدي التي كانت على مقربة في اللبنات الأساسية والأخيرة لعلاقات عدن والرياض. الاستدارة للجوار العربي توازنت بالضرورة بالاتجاه غربًا مع بريطانيا وفرنسا والمانيا الغربية، وتوفرت فرص دورات الأمم المتحددة لأعوام 75-77 بلقاء وزراء الخارجية الأمريكية هنري كيسنجر وسايرس فانس، دونما الاعلان رسميًا عن التفاصيل كما في التقارير والوثائق التي تُعد متن للكتاب. الدبلوماسية السرية والتفاوضية للوزير مطيع مع الأمريكان طالب ان تكون نقطة الانطلاق ارسال وفد للتمهيد في استئناف العلاقات التي قُطعت 1969، وتحدد نهاية العام 1977 ومطلع 1978 الإعلان عن العودة والتفعيل، ويؤكد التقرير الموقع من كيسنجر عدم نيتهم الإعلان عن تفاصيل الاجتماع وإذا تسرب تقرير حوله، فإنهم سيردون بعدم التأكيد أو الرفض. توضح برقية سايرس فانس مساعد كيسنجر إلى وجود قناة اتصال مباشرة أخرى مع اليمن الديمقراطي تتم عبر الكونغرس بول فندلي وهو صاحب الكتاب الشهير من يجرؤ على الكلام، الذي زار عدن والتقى سالمين في وقت سابق للإفراج عن محتجز أمريكي من دائرته الانتخابية. لم يتم إجراء المباحثات وتسوية العلاقات بين عدن وواشنطن كما هو مرسوم ومقرر؛ بوقوع حادثين قتل رئيس اليمن الشمالي أحمد الغشمي بالحقيبة المتفجرة المرسلة من عدن، تلاها بعد يومين التصفية المروعة للرئيس سالمين من قبل رفاقه، وضاربة عرض الحائط إتمام العلاقات بين أمريكا واليمن الديمقراطي. يقف الكتاب عند آخر الزيارات الخارجية لمطيع منتصف 1980 قبل إعدامه وكانت إلى الاتحاد السوفيتي والسعودية مع الرئيس الجديد علي ناصر محمد، اجتمع مطيع بشكل خاص مع أندروبوف رئيس الاستخبارات كي جي بي، وبالاستناد إلى شهادة أحد دبلوماسييّ تلك المرحلة، ان مطيع أثناء لقائه بالسوفيت، بسط فيه كل ما بخاطره من مآخذ على السوفيت باعتبارهم حجر الزاوية في السياسة الخارجية لبلده، فأعد قائمة خاصة بعناوين ومحاور الشؤون على طاولتهم بوضوح وجراة وقوة ودقة ملاحظة تتكئ على استقلال تفكيره وتراكم خبرته. أما في السعودية انفرد خلسةً للقاء مع الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات، وكلها خارج جدول أعمال الزيارة الرسمية. عيون أعوان الرئيس علي ناصر المهتم لرصد تحركات مطيع وغيابه الملحوظ عن الوفد الرسمي، ذلك ما وفر فرصة تلفيق 'التخابر مع السعودية' رغم ان العلاقات مع الرياض باتت رسمية وعلى مستوى من التمثيل العالي، من فترة حكم الرئيس سالمين، بل ان الرئيس عبدالفتاح إسماعيل رغب في استمرارها بعد صعوده السلطة وتأسيس الحزب الاشتراكي، وابتعث مطيع لملاقاة نظيره سعود الفيصل، من أجل التمهيد لزيارة الرئيس فتاح إلى السعودية وبدعوة من الملك السعودي خالد، وتأتي المواجهات العسكرية بين صنعاء وعدن فبراير 1979 حد بلغ فيه ان تلتهم عدن كل الشمال اليمني، فانقطع المسار وذرت جهود مطيع. فُرضت على مطيع الإقامة الجبرية وعُزل تنظيميًا من آخر مناصبه الحزبية، دوى نبأ الإعدام في مارس 1981. ولا قصة شافية حول طريقة وإجراءات التنفيذ. استهجن أحد رفاقه المعتبرين وهو علي عنتر وزير الدفاع، شناعة التنفيذ بحق قيادي كبير، فهما يعتبران مركزي القوة في الدولة وتم تبديدها في أزمة أغسطس السياسية 1979 التي أحدثت تغيرات وتنقلات في مناصب الدولة أُخرج على أثرها مطيع من الخارجية، وجرى إعدام مطيع حين كان عنتر خارج اليمن، وحتى علي ناصر هو الآخر كان أثنائها في زيارة إلى موسكو. العلاقة الشخصية والنضالية بين مطيع والرئيس علي ناصر، فرقتها السلطة وفي سجل الأخير شناعة إعدام شخصية لامعة، الصراع بين الرفاق لن يتوقف عند هذه الحادثة الفردية ومثلها الكثير، سيطوي علي ناصر محمد سنوات عهده بتفجير أحداث 13 يناير 1986 وقتل كبار قادة الدولة والحزب داخل قاعة الاجتماعات: عبد الفتاح إسماعيل، علي عنتر، صالح مصلح، وينجو منها علي سالم البيض. أخيراً يمتاز الكتاب باكتناز ووفرة من الصور للشخصيات والأحداث والمواقع.

المصعبي ينعي وفاة المناضل عبدالله عبده سالم أبرز قادة فصائل جبهة التحرير
المصعبي ينعي وفاة المناضل عبدالله عبده سالم أبرز قادة فصائل جبهة التحرير

اليمن الآن

time١٨-١٢-٢٠٢٤

  • اليمن الآن

المصعبي ينعي وفاة المناضل عبدالله عبده سالم أبرز قادة فصائل جبهة التحرير

اصدر المهندس علي المصعبي امين عام حزب جبهة التحرير جبهة التحرير بيان نعي في الاستاذ المناضل عبدالله عبده سالم امين عام أحد أبرز فصائل جبهة التحرير و عدد في بيانه المصعبي مناقب الفقيد كأحد أبرز قاده فصائل جبهة التحرير التي توحدت يوم توقيع الميثاق الوطني الجنوبي بمعيه الرئيس عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي و أكد المصعبي أن برحيل الفقيد قد فقد الوطن هامه وطنيه لها باعها في العمل الوطني التحرري إبان ثورة ١٤ اكتوبر المجيده و ايضا في الحراك الجنوبي السلمي و قد عانى الفقيد من مرض عضال ألم به اقعده عن العمل لسنين عديده حتى وافاه الأجل صباح اليوم الأربعاء حيث شيعه أحبته و رفاقه في مقدمتهم الاستاذ لؤي القيسي الأمين العام المساعد لحزب جبهة التحرير عضو المجلس الاستشاري الجنوبي و دفن عصر اليوم في عدن و جاء في بيان النعي الآتي ننعي بسم كل الشرفاء في حزب جبهة التحرير و قياداته وقواعده لجماهير شعبنا رحيل الهامه الوطنية الجنوبية المناضل المعروف كأبرز امين عام لحزب جبهة التحرير لأبرز فصيل بجيهة التحرير وأحد أبرز قاده حراك شعب الجنوب التحررية السلميه وهو ا الاستاذ عبد الله عبده سالم حسن ، الذي وافاه الأجل صباح اليوم الأربعاء على إثر مرض عضال ألم به بعد حياة حافلة بالعطاء الوطني قضى معظمها في خدمة الوطن وقضايا شعب الجنوب الأبي . و يعد الفقيد رحمه الله من ابرز مناضلي ثورة 14 أكتوبر التي حررت جنوبنا الحبيب من الاحتلال البريطاني واسهم في بناء الدولة الوطنية والدفاع عنها . و قد لعب دور بارز رحمه الله في تسريع الوفاق وتوحيد فصائل جبهة التحرير الذي أعلن إبان توقيع الميثاق الوطني الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي أننا برحيله نكون قد خسرنا و الوطن عموما و جبهة التحرير على وجه التحرير هامه وطنية فريدة عرفت بالاتزان و الثبات على المبدأ نرفع بتعازينا القلبية لشعبنا العظيم و أسرة الفقيد على رأسهم وجد عبدالله عبده سالم واشقاء الفقيد أحمد عبده سالم وسعيد عبده سالم وحسن عبده سالم وبقية اسؤتهم الكريمة سائلين الله بان يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح ، إنا لله وإنا إليه راجعون . المهندس علي المصعبي امين عام حزب جبهة التحرير ١٨ ديسمبر ٢٠٢٤ عدن

الأدوار النضالية والملاحم البطولية التي اجترحها قادة وأعضاء جبهة حالمين من الكفاح المسلح حتى نيل الاستقلال
الأدوار النضالية والملاحم البطولية التي اجترحها قادة وأعضاء جبهة حالمين من الكفاح المسلح حتى نيل الاستقلال

اليمن الآن

time١٠-١٢-٢٠٢٤

  • اليمن الآن

الأدوار النضالية والملاحم البطولية التي اجترحها قادة وأعضاء جبهة حالمين من الكفاح المسلح حتى نيل الاستقلال

عدن توداي كتب / المحامي سعد عبدالله محمد الحالمي • هلت علينا قبل أيام قلائل الذكرى الـ ' 57 ' لعيد الاستقلال الوطني ' 30 نوفمبر ' المجيدة ٠٠ اليوم التاريخي الذي رحل فيه آخر جندي بريطاني من عاصمة الجنوب ' عدن ' ٠٠ يوم الثلاثين من نوفمبر عام 1967م كان يوماً تاريخياً مشهوداً في تاريخ الجنوب العربي والمنطقة العربية ككل ٠ وقدم أبناء الجنوب أعظم التضحيات في سبيل الخلاص من جحيم المستعمر البريطاني ، والتي تمثلت في قوافل من الشهداء الذين قدموا دماءهم الزكية في سبيل الحرية والانعتاق والتحرر من هذا الاستعمار البغيض الذي جثم على أنفاس أبناء شعبنا الجنوبي طيلة 129 عاماً ، عانى خلالها أبناء الجنوب من شتى أنواع القهر والظلم والاستعباد . هذا اليوم التاريخي المجيد ٠ ٠ يوم الثلاثين من نوفمبر من العام 1967م سيظل محفوظاً في ذاكرة أبناء شعبنا الجنوبي البطل ، والذي تم فيه إعلان الاستقلال الوطني للجنوب ، وتحرره بخروج آخر جندي بريطاني من العاصمة الجنوبية عدن ٠٠ إنه يوم الحرية وعيد الجلاء والاستقلال، والذي جاء تتويجاً لانتصار ثورة 14 أكتوبر 1963م التي انطلقت شرارتها الأولى من قمم جبال ردفان السماء ، لتعلن بدء مرحلة الكفاح المسلح الذي سالت خلالها أنهار من الدماء ، وذهبت فيها أرواح آلاف الشهداء الجنوبيين من أجل هذا اليوم التاريخي يوم الثلاثين من نوفمبر الذي تم فيه دحر الاحتلال البريطاني وإعلان الاستقلال ٠٠ إنه يوم انتصار إرادة شعب الجنوب الحر الذي لم يقهر ؛ واستطاع أن يقهر بإرادته الحرة والفولاذية أعتى احتلال عرفه على مر التاريخ ليخرج منتصراً على قوات الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عن مستعمراتها الشمس ٠ 30 من نوفمبر 1967م لم يكن مجرد استقلال ممنوح أو هبة من الاحتلال البريطاني ، بل كان نتاج لمرحلة من الكفاح المسلح خاضه فدائيو ثورة 14 أكتوبر ، وانتزعوا هذا الاستقلال انتزاعا وبقوة من أكبر احتلال عرفه العالم في كل بقاع الأرض ٠٠ وبهذه المناسبة الخالدة والمجيدة ٠٠ ذكرى عيد الاستقلال السابعة والخمسين حري بنا أن نستعرض المآثر البطولية التي خاضها شعبنا الجنوبي ، ونستذكر على سبيل المثال لا الحصر تلك الأدوار النضالية والملاحم البطولية التي سجلها ثوار جبهة حالمين كثاني جبهة مسلحة تم إعلانها بعد جبهة ردفان . مقالات ذات صلة على الحضارم أن يقولوا كلمتهم ! ظهر الفساد في البر والبحر والجو إعلان قيام الجبهة القومية : ونتج عن الحوار بين حركة القوميين العرب والتنظيمات السياسية ( التنظيم الناصري وتنظيم القبائل وتنظيم الضباط والتنظيم الثوري لأحرار الجنوب المحتل وجبهة الإصلاح اليافعية ) إعلان قيام الجبهة القومية في أغسطس 1963م.. وبذلك أعلن عن قيام ثورة 14 أكتوبر بقيادة الجبهة القومية لتحرير الجنوب المحتل، فبدأت مرحلة جديدة من الكفاح السياسي والعسكري ضد الاحتلال ومن أجل تحقيق الاستقلال الوطني . وقائع تاريخية : وفي هذا الحيز أتحدث عن وقائع تاريخية ، مستشهداً بما وجدته في مذكرات والدي المناضل اللواء الركن المناضل عبدالله محمد عبدالقوي الحالمي أحد أفراد جيش التحرير لثورة ١٤ أكتوبر المجيدة رحمة الله عليه والتي أقتصصت منها أحداث ووقائع وشواهد متعلقة بالأدوار العظيمة لقيادة وأعضاء جبهة حالمين ، والتي تعد وثائق تاريخية لا يمكن إنكارها أو محاولة تزويرها كما يحصل في كتابة التاريخ من قبل أعداء الجنوب الذين عملوا ، وما زالوا يعملون إلى اليوم بمحاولات تحريف الحقائق التاريخية وتشويه الأدوار النضالية لثوار ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة ، ونسبها لغيرهم . الأهمية الاستراتيجية والعسكرية لمنطقة حالمين : وما جاء في سياق المذكرات أحاديث تم تدوينها على لسان المناضل الأكتوبري الفذ المجاهد عبدالله مطلق في شريط ذكرياته التي سجلت في المذكرات ، وتحدث عنها المناضل عبدالله مطلق في سلسلة أحاديثه مع وسائل الإعلام المختلفة وقال الفقيد المناضل عبدالله مطلق ' عندما أدركت قيادة الثورة بمدى أهمية منطقة حالمين الاستراتيجية قررت أن تكون جبهة مسلحة كونها محاطة بسلاسل جبلية تتكون من منطقة (حبيل جبر والحبيلين) جنوباً و(الحواشب والضالع) غرباً و(الحصين والشعيب) شمالاً و(يافع) شرقاً الأمر الذي جعلها تشكل جبهة إسناد كفاحي وعمقاً استراتيجياً لجيش التحرير . المناضل عبدالله مطلق صالح قائداً لجبهة حالمين : ومن جانب آخر أسلط الضوء على جبهة ' حالمين ' مستشهداً بما كتبه مؤسسها وفارسها الأول المرحوم المناضل عبدالله مطلق صالح ، والذي قال في سياق ذكرياته ومذكراته هو الآخر : ' إن قيادة الجبهة القومية في تعز أرسلت ، في ديسمبر 1963م، رسالة إلى قيادة التنظيم في عدن، احتوت على توجيه بتكليفي بالذهاب إلى حالمين وفتح جبهة قتالية، لتخفيف الضغط ولإسناد جبهة ردفان ، وتوسيع مساحات رقعة الثورة المسلحة ضد الاستعمار البريطاني . وأضاف المناضل مطلق ' توجهت حينها إلى (جبل القضاة) حالمين ، وهناك التقيت بالأخ المناضل/ عبدالله المجعلي قائد جبهة ردفان ومعه شخصان من أبناء مصر الشقيقة، وفي منزل الشيخ/ محمد مطلق عرفت منهم أنهم كانوا على علم بتكليفي من قبل ' الهيئة التنفيذية' للجبهة القومية بفتح جبهة جديدة في حالمين.. وقررنا حينها القيام باختيار مجموعة من الشباب للجبهة والتوجه إلى تعز ، وبعد ان انهينا الدورة التدريبية العسكرية في تعز قمنا باستقطاب 70 شخصاً إلى الجبهة ، وقمنا بإجراء اتصالات مع المشايخ والشخصيات الاعتبارية والاجتماعية في منطقة حالمين، بهدف عقد صلح لإنهاء الثارات القبلية لتوحيد وتضافر كل الجهود والطاقات لمواجهة الاستعمار وطرده من كل شبر في الجنوب .. وجاء في سياق المذكرات أن المناضل عبدالله مطلق رحمه الله ذهب يرافقه 50 ثائراً إلى قعطبة والتقى بالمناضلين طه مقبل ومحمد أحمد البيشي ومعهما اللواء/ فخري عامر من القيادة العسكرية المصرية ، الذين بدورهم قدموا لجبهة ' حالمين ' أول دفعة من الأسلحة والذخائر كالبنادق ورشاشات برن إنجليزية برنسيت ضد الدبابات والرصاص والألغام المضادة للآليات ومدفعين 3 هنش ومدفع 2 هنش والعبوات الناسفة، وإيصالها إلى مركز القيادة لجبهة حالمين في جبل القضاة، وتم تشكيل ثلاث فرق عسكرية هي: فرقة زرع الألغام، وفرقة العبوات الناسفة وفرقة حراسة مركز القيادة للجبهة . أول عملية لجبهة حالمين ضد جحافل الاستعمار البريطاني : أول عملية عسكرية قامت بها الجبهة كانت قيام الثوار بزرع الألغام ضد الدوريات العسكرية البريطانية على طول امتداد الطريق من الضالع إلى الشعيب في مطلع العام 1964م ، ثم قيام مكونة من 13 فدائيا بالهجوم على مركز خلة الإداري ، وهو ما أثار حفيظة بريطانيا فقامت بإرسال إنذار للشيخ مطلق صالح، تطلب فيه إيقاف مثل هذه الأعمال ما لم سوف يتعرض جبل القضاة إلى الهجوم من قبل القوات البريطانية ٠ قصف منطقة حالمين : وفي شهر يونيو 1964م قامت طائرتان حربيتان بإنزال إنذارات إلى أهالي منطقة حالمين تطلب منهم مغادرة منازلهم خلال نصف ساعة، لأن المنطقة سيتم قصفها ، وبعد انتهاء مدة الإنذار أغارت خمس طائرات حربية على المنطقة وضربت المنازل في منطقة جرمل ، وأصيبت إحدى الطائرات بسلاح الثائر المناضل عبدالله سالم الغلابي ٠ أبرز العمليات العسكرية لثوار جبهة حالمين : في 30 أغسطس 1964م، بدأ الطيران الإنجليزي بقصف منزل الشيخ/ محمد مطلق صالح والجبال المجاورة له اعتقاداً بوجود مخازن للسلاح وأماكن لتواجد الثوار واستمر القصف إلى المساء وتم تدمير المنزل كاملاً ، ثم خاض ثوار جيش التحرير معركة بطولية ضد الإنجليز ، وسقط المناضل علي شايف حسين كأول شهيد للجبهة وجرح المناضلان الشيخ محمد مطلق صالح وعلي بن علي صالح، وتكبد العدو تسعة قتلى وجرح عدد آخر من جنوده وولوا هاربين تاركين معداتهم العسكرية. وفي 13/ 9/ 1964م قامت فرقة يقودها الثائر المناضل قاسم علي صالح بالهجوم على المركز الإنجليزي في حبيل المصداق وقد أسفر هذا الهجوم عن قتل ضابط إنجليزي. وفي 18/ 10/ 1964م قامت فرقة بقيادة الأخ الشهيد/ محمد سعيد شعفل الكرب بوضع كمين لدورية بريطانية في سيلة (حلية) ونجح الهجوم في قتل صف ضابط برتبة عريف وجرح آخرين. في 1/ 2/ 1965م قامت مجموعة من جيش التحرير بجبهة حالمين بالهجوم على (حبيل المصداق) حيث اصطدمت مع دورية للاحتلال في منطقة (لحمرين) واشتبكت معها في معركة ضارية أسفرت عن قتل سبعة من جنود العدو وعدد آخر من الجرحى، ومن جانب الثوار جرح المناضل/ محمد صالح لعجم، الذي قاد هذه العملية. في 29/ 2/ 1965م قامت مجموعة من خمسة أشخاص بوضع ألغام في سيلة حردبة وتم تدمير دبابة إنجليزية مع طاقمها. في 8/ 3/ 1965م قامت المجموعة نفسها بقيادة المناضل الشهيد/ محمد سعيد الكرب ومعه المناضل الشهيد/ محمد ناصر الرزة والمناضل/ مثنى قاسم وآخرون، بزرع لغم في الطريق المؤدي إلى المعسكر الإنجليزي في (حبيل المصداق) وتم تدمير سيارة لاندروفر وقتل ضابط برتبة ملازم. وفي 25/ 4/ 1965م هاجمت فرقة من جيش التحرير دورية إنجليزية في خلة، وكرد فعل قامت خمس طائرات حربية إنجليزية بقصف نوبة المقنع والمناطق المجاورة لها جرمل وشباعين ولم تسفر عن أية خسائر. وفي تاريخ 9/ 5/ 1965م قامت مجموعة بزرع ألغام مضادة للدبابات في منطقة الردوع أدى إلى نسف دبابة وكانت العملية بقيادة الشهيد/ محمد سعيد الكرب والشهيد محمد ناصر الرزة والمناضل/ محمد صالح لعجم والمناضل / مثنى قاسم النسري. وفي 8 / 6/ 1965م قامت مجموعة تتكون من 30 مقاتلاً بقيادة المناضل الشهيد/ حيدرة مطلق صالح بالهجوم على مركز الشعيب. وفي 4/ 6/ 1965م قامت مجموعة مكونة من 20 شخصاً بقيادة الشهيد المناضل/ محمد غالب الأنعمي بالهجوم على المركز الإداري (خلة). في 29/ 7/ 1965م قامت طائرة استطلاع بريطانية بجولة حول المنطقة، وكان كل القصف تمهيداً لتقدم الجيش لاحتلال جبل القضاة وحشد قوة ضخمة للعدو على المنطقة وهي معلومات تم الحصول عليها من قبل عناصر موثوق بها في الجيش وتربطها علاقة وثيقة بالثورة وهما الشهيد الرائد عبدالقوي محمد المفلحي وقائد الكتيبة الرابعة الفقيد المناضل محمد سعيد بن شنظور ، وتم حينها توزيع فرق الثوار في المناطق والجبال،بالمنطقة ، وتشكيل فرقة خاصة لمراقبة الطرق المؤدية من حالمين إلى يافع بقيادة الشهيد عبدالقوي محمد الحالمي المكني ' اليمني ' ، وأصدرت لهم الأوامر باحتجاز أية أسلحة أو ذخائر مشتبه فيها ، والتنسيق مع جبهتي الضالع وردفان بدعم جبهة حالمين في حالة الهجوم عليها، وقد وفقت هذه الفرقة بضبط واحتجاز كميات كبيرة من الأسلحة المهربة عبر يافع . وفي الجبهة الشرقية استمرت المقاومة بنفس تلك البسالة والبطولة حيث كبدوا العدو خسائر كبيرة وكان أبرز المقاتلين علي محسن صالح (داعر)، علي مثنى علي صلاح، عبدالله أحمد صالح، شايف علي سالم، الشهيد/ محمد غالب الأنعمي، عبد الله علي سالم، طاهر صالح سعيد، وحسين محمد أسعد، وعلي محمد سيف، ومحسن صالح السميح، وأحمد سعيد جبر، وحسين سيف أحمد، ومحمد علي سعيد، وعبدالخالق مثنى، ويحيى محمد أسعد وآخرين. وقد استمرت المعركة بين الجانبين حتى الساعة السابعة إلا ربعاً مساءً حيث اضطر العدو بعدها للانسحاب وكانت خسارته في الجهة الغربية 9 قتلى وثلاثة عشر جريحاً ، بالإضافة إلى إصابة طائرة عمودية، وفي الجهة الشرقية كانت الخسائر: قتل قائد الكتيبة وستة آخرين وجرح 9 أفراد والاستيلاء على عدد كبير من الأسلحة والذخائر. وقد استشهد من جانب الجبهة المناضل/ محمد غالب علي الأنعمي بالإضافة إلى تدمير عدد من المنازل. واستمر الطيران يمشط المنطقة يومياً من جرمل إلى الجبل لفترة امتدت حتى نهاية شهر ديسمبر 1965م، حيث أذيعت أخبار هذه المعارك من إذاعة صوت العرب من القاهرة غيض من فيض : هذا غيض من فيض للأدوار النضالية والملاحم البطولية التي سطرها قادة وثوار جبهة حالمين في سبيل التحرير والاستقلال من الاستعمار البريطاني وأعوانه ، وهناك الكثير من المآثر البطولية الأخرى التي لا يتسع الحيز لذكرها والتي سجلها أبناء منطقة حالمين في كل المراحل المختلفة ، ومنها في مواجهة الاحتلال اليمني خلال الفترة ما قبل وبعد ما تسمى بـ ' الوحدة اليمنية المشؤومة التي ماتت في المهد . للتذكير : في هذا الحيز سلطنا الضوء على الأدوار النضالية التي اجترحها قيادة وأعضاء جبهة حالمين من الكفاح المسلح حتى نيل الاستقلال ، وهذا ليس إلا كأنموذج للتذكير بالمآثر البطولية لقادة وثوار جبهة حالمين ، وإنصافا للتاريخ فأن هناك بالمثل جبهات كثيرة لعبت أدوارا نضالية وسجلت ملاحم وبطولات وطنية في مواجهة المستعمر البريطاني في كل محافظات الجنوب ، وقدمت قوافل من الشهداء الأبطال منذ قيام ثورة 14 أكتوبر عام 1963 وحتى نيل الاستقلال الوطني الناجز في 30 نوفمبر من العام 1967م ، إضافة إلى نضالات شعبنا الجنوبي ضد الاحتلال اليمني منذ حرب صيف العام 1994م وحتى اليوم ، في سبيل التحرير ونيل الاستقلال الثاني واستعادة الدولة الجنوبية الفيدرالية بحدود عام 1990م . شارك هذا الموضوع: Tweet المزيد Telegram معجب بهذه: إعجاب تحميل... مرتبط

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store