logo
السيــــاسة والثقـــة

السيــــاسة والثقـــة

كواليس اليوم٢٥-٠٣-٢٠٢٥

إعداد :عبد الواحد بلقصري
باحث في علم الاجتماع السياسي بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة
أضحى الحديث اليوم عن إشكالية السياسة ومدى ثقة المجتمع في فاعليها إحدى أهم الاشكاليات التي تستأثر باهتمام الرأى العام العالمي والوطني بالنظر إلى العديد من الاعتبارات يمكن إجمالها فيما يلي:
الاعتبار الاول :هو ظغيان الشعبوية وهيمنة الأحزاب اليمينية المتطرفة وتراجع الاحزاب السياسية ذات البرامج التي تحمل في طياتها مشاريع مجتمعية تنموية وديمقراطية
الاعتبار الثاني :انه في زمن كورونا هيمنة الثقافة الدولتية ذات القرارات السياسية التسلطية في العديد من الدول وتراجعت التسييس واصبحت اللامبالات والممانعة هي الفكر السائد عبر العالم
الاعتبار الثالث : هيمنة الفكر الاحادي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الامريكية الذي يستقي مخططاته من الجماعات الصهيونية الظاغطة والتي أصبحت تظغط بقراراتها الاقتصادية والسياسية على العديد من الدول بل وتصنع مشهدها السياسي كل هذا سحب ثقة المواطنين في السياسة
الاعتبار الرابع :أن عولمة العولمة التي ساهمت في انتشار نظام التفاهة وتراجع أدوار الدول وفاعليها السياسيين وتسطيح المجتمعات ساهم في ظهور أغلبيات صامتة لا تؤمن بالمشاريع المجتمعية للأحزاب السياسية بقدر ما تتبنى الفكر العولمي الاستهلاكي.
كل هاته الاعتبارات ساهمت في تراجع ثقة المواطنين في السياسة وتختلف نسب الثقة حسب اختلاف الانظمة السياسية والفعل السياسي من بلد الى اخر الوضع في البلدان المتقدمة ليس كما هو عليه الحال في الدول العالمثالثية.
وقد أكد المفكر الموسوعي يورغن هابرماس أن إنتاج عقلانية بديلة للعقلانية الأداتية وللأنشطة التقنوية عقلانية كفيلة بتطوير المجتمع دون إخضاعه لقوانين السوق حيث المنطق السائد هو منطق الربح والفعالية والانتاجية والرغبة في كل مجالات الحياة وفي ارادة السيطرة والتحكم .
ومن الضروري أن تحظى فلسفة الوعي أو فلسفة الذات التي سيطرت على الفكر الغربي منذ ديكارت والانتقال الى فلسفة الانفتاح والتواصل والتفاعل داخل الفضاء العمومي المشترك بين الذوات ،وقد اشارهابرماس الى دور الفضاء العمومي مما يتضح معه البعد السياسي وهو البعد الحاضر في كتاباته المتأخرة حول الفلسفة السياسية ،إذ تعتبر الديمقراطية بالنسبة له حل لجميع مشاكل المجتمع المعاصر ، من خلال ديمقراطية تشاورية قائمة على الحوار العقلاني في فضاء عمومي خال من العنف والهيمنة والسيطرة .*1*
إن الثقة السياسية تشير الى تصورات المواطنين اتجاه المؤسسات والاحزاب السياسية ،إن الحفاظ على الثقة لا يتاتى إلا من خلال الحفاظ على الموارد والقنوات التي تصلح علاقة الثقة المفقودة ،هذه القنوات ومصادر بناء الثقة هي الأعمال الجماعية التطوعية والأنشطة التي تنشئ معارف قريبة وشبكات اجتمناعية مثل الأسرة والجمعيات والمؤسسات ..*2*
وتاتي أهمية الثقة في أنها تؤدي بالمجتمع للتجاوب والامتتثال للقرارات العامة والاقتناع والعمل على تنفيذها ،كما أنها تعزز المشاركة السياسية والتماسك الاجتماعي وعلى المدى البعيد فوجودها يبني شرعية مؤسسية قوية ويسهم في حل التحديات المجتمعية بشكل أكثر فعالية وهو مايسمى بالثقة التعاقدية ،وتبنى الثقة عبر الوفاء بالوعود ،ويلعب المناخ السياسي دورا كبيرا في إشاعة التواصل الفعال ،حيث أن الثقة تخفف التوتر وتساهم في تحقيق التنمية والرفع من مؤشر الرفاه الانساني وحل المشاكل المجتمعية المعقدة .
لائحة المراجع والهوامش :
1-انظرمقال حسام حموم باحث في علم الاجتماع حول يورغن هابرماس النظرية السياسية وفق البراديغم التواصلي ،مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية المجلد 13 العدد 1 /2022 ص208 .
2- انظر د .اماني البرت 'الثقة في السياسات العامة 'مقال نشر بجريدة الاهرام بتاريخ 25 مارس 2024 العدد 50148

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رسالة التهنئة لبنكيران.. تقليد بروتوكولي أم إعادة إدماج سياسي؟
رسالة التهنئة لبنكيران.. تقليد بروتوكولي أم إعادة إدماج سياسي؟

بديل

time٣٠-٠٤-٢٠٢٥

  • بديل

رسالة التهنئة لبنكيران.. تقليد بروتوكولي أم إعادة إدماج سياسي؟

وجه الملك محمد السادس رسالة تهنئة إلى عبد الإله بنكيران، عقب إعادة انتخابه أمينًا عامًا لحزب العدالة والتنمية، خلال المؤتمر الذي عقده الحزب نهاية الأسبوع الماضي. وجاءت التهنئة الملكية في سياق سياسي يتسم بعودة الحزب إلى الساحة بعد تراجع كبير في الانتخابات التشريعية السابقة، حيث انتقل من أكثر من 120 برلماني إلى 13 نائبا فقط، وبعد تمكنه من إعادة ترميم جزء من صورته التي تضررت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. ومما جاء في برقية رئيس الدولة، الملك محمد السادس 'يطيب لنا أن نبعث لك بتهانئنا عقب تجديد الثقة في شخصك بإعادة انتخابك أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية من قبل مؤتمره الوطني التاسع'. وقال الملك 'وإننا لنعرب لك عن أصدق متمنياتنا بكامل التوفيق في مواصلة مهامك القيادية الحزبية، بما يعزز حضور حزبكم في الساحة السياسية الوطنية، وإسهامه الفاعل، إلى جانب باقي الأحزاب والهيئات السياسية الموقرة، بالجدية وروح المسؤولية، في تأطير المواطنات والمواطنين خدمة للصالح العام، ومواكبة مسيرة التنمية الشاملة التي نقودها للارتقاء ببلادنا في مدارج الحداثة والتقدم والازدهار'. وتابع الملك 'وإذ نطلب منك إبلاغ عبارات تقديرنا لعضوات وأعضاء حزب العدالة والتنمية، مثمنين تشبثكم الراسخ والمعهود بمقدسات الأمة وثوابتها، وحرصكم الدؤوب على خدمة المصالح العليا للوطن التي تسمو فوق كل اعتبار، لندعو الله تعالى أن يوفقكم ويسدد على طريق الخير خطاك'. واعتبر رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، رشيد لزرق، أن الرسالة الملكية 'تحمل مضموناً يتجاوز مخاطبة حزب بعينه، لتشكل رؤية إصلاحية شاملة للمشهد الحزبي المغربي بأكمله'. وقال لزرق، ضمن تصريح لموقع 'بديل،' إن 'الإشارة الملكية لضرورة الانتقال من المنطق الشخصي إلى منطق المؤسسة تضع الإصبع على جوهر التحدي الذي يواجه الخيار الديمقراطي'. - إشهار - واعتبر أستاذ القانون الدستوري بجامعة ابن طفيل، أن جوهر التحدي اليوم 'هو بناء أحزاب مؤسساتية حقيقية، تتجاوز فيها البرامج والرؤى السياسية شخص الامين العام الذي يعد ركيزة أساسية لاستكمال البناء الديمقراطي وتعزيز دولة المؤسسات'. وشدد لزرق على ان 'هذا التحول يتطلب إرادة سياسية صادقة وجهوداً متواصلة لترسيخ قيم الديمقراطية الداخلية والشفافية وتداول السلطة داخل الهياكل الحزبية، مما سينعكس إيجاباً على جودة الأداء السياسي، ويعزز ثقة المواطنين في المؤسسات التمثيلية، ويرفع من قدرة الأحزاب على المساهمة الفعالة في تنمية البلاد وتحقيق تطلعات الشعب المغربي'. ويعتقد بعض المحللين أن الرسالة الملكية تؤكد استمرار نهج التواصل المؤسساتي مع مختلف الفرقاء السياسيين، بمن فيهم من كانوا في فترات معينة في موقع المعارضة أو واجهوا توترًا في علاقتهم بالمؤسسات الرسمية. ويعتبر حزب العدالة والتنمية الرسالة 'بادرة ملكية تعكس احترام المؤسسة الملكية للحياة الحزبية'، فيما وصفتها بعض الأوساط السياسية بأنها 'رسالة تهدئة وإدماج'، في سياق إقليمي يتطلب تجديد الثقة في المؤسسات والفاعلين السياسيين، خاصة أولئك الذين يتمتعون بقاعدة شعبية وتنظيمية واسعة. ويُنتظر أن يلعب بنكيران، بشخصيته المثيرة للجدل وخبرته السياسية، دورا أكثر حيوية في المرحلة المقبلة، سواء عبر استعادة الحزب لبعض من نفوذه السابق، أو عبر معارضة أكثر فاعلية. وتبقى رسالة التهنئة الملكية مؤشرا على أن قواعد اللعبة السياسية في المغرب ما تزال تحتفظ بمساحات للتوازن والاعتراف المتبادل بين الفاعلين.

مشاركة فعالة لممثل جامعة ابن طفيل في اجتماع المجلس الوطني لشبكة الأساتذة الجامعيين لحزب التجمع الوطني للأحرار
مشاركة فعالة لممثل جامعة ابن طفيل في اجتماع المجلس الوطني لشبكة الأساتذة الجامعيين لحزب التجمع الوطني للأحرار

صوت العدالة

time٢٦-٠٤-٢٠٢٥

  • صوت العدالة

مشاركة فعالة لممثل جامعة ابن طفيل في اجتماع المجلس الوطني لشبكة الأساتذة الجامعيين لحزب التجمع الوطني للأحرار

صوت العدالة : سفيان س في أجواء من المسؤولية والانخراط الواعي، شارك ممثل مجال علوم اللغات والإعلام بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، يوم السبت 26 أبريل 2025، في أشغال اجتماع المجلس الوطني لشبكة الأساتذة الجامعيين لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يضم أربعين عضواً من أبرز الكفاءات الجامعية على الصعيد الوطني. وقد خُصص الاجتماع، الذي ترأسه السيد محمد الصديقي، لاستعراض حصيلة عمل الشبكة خلال السنوات الأربع الماضية، مع تقييم منجزاتها ورصد التحديات التي واجهتها، وذلك في إطار السعي إلى تعزيز أدائها المؤسسي ودورها في دعم المشروع المجتمعي للحزب. كما ناقش الحضور السبل الكفيلة بتطوير هيكلة الشبكة وآليات اشتغالها، بما يمكنها من تقوية حضورها الأكاديمي والفكري في الساحة الوطنية، ويعزز مساهمتها الفاعلة في النقاش العمومي المتصل بقضايا التنمية والإصلاح. وتطرق المجتمعون، خلال اللقاء، إلى أبرز المستجدات السياسية والاقتصادية التي تعرفها المملكة، مع تقييم سير تنفيذ البرنامج الحكومي، واستحضار الأثر الإيجابي للمشاريع التنموية الكبرى التي يشرف عليها جلالة الملك محمد السادس نصره الله. وشهدت أشغال المجلس الوطني نقاشاً جاداً وعميقاً حول ملامح المرحلة المقبلة، إذ تم التأكيد على ضرورة تحديد الأولويات والاختيارات المنهجية، واعتماد آليات عملية كفيلة بجعل الشبكة رافعة أكاديمية تسهم بفعالية في خدمة قضايا الوطن. وفي ختام الاجتماع، عبر المشاركون عن اعتزازهم بالروح الإيجابية التي ميزت النقاشات، مؤكدين التزامهم بمواصلة العمل المشترك بروح المسؤولية والتفاني، خدمةً لقضايا التعليم العالي والتنمية الوطنية.

السياسة والثقة
السياسة والثقة

بيان اليوم

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • بيان اليوم

السياسة والثقة

السياسة والثقة أضحى الحديث اليوم عن إشكالية السياسة ومدى ثقة المجتمع في فاعليها إحدى أهم الإشكاليات التي تستأثر باهتمام الرأي العام العالمي والوطني بالنظر إلى العديد من الاعتبارات يمكن إجمالها فيما يلي: الاعتبار الأول : هو طغيان الشعبوية وهيمنة الأحزاب اليمينية المتطرفة وتراجع الأحزاب السياسية ذات البرامج التي تحمل في طياتها مشاريع مجتمعية تنموية وديمقراطية. الاعتبار الثاني : أنه في زمن كورونا هيمنة الثقافة الدولتية ذات القرارات السياسية التسلطية في العديد من الدول وتراجع التسييس وأصبحت اللامبالاة والممانعة هي الفكر السائد عبر العالم. الاعتبار الثالث : هيمنة الفكر الأحادي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية الذي يستقي مخططاته من الجماعات الصهيونية الضاغطة والتي أصبحت تضغط بقراراتها الاقتصادية والسياسية على العديد من الدول بل وتصنع مشهدها السياسي كل هذا سحب ثقة المواطنين في السياسة. الاعتبار الرابع : مساهمة عولمة العولمة في انتشار نظام التفاهة وتراجع أدوار الدول وفاعليها السياسيين وتسطيح المجتمعات ساهم في ظهور أغلبيات صامتة لا تؤمن بالمشاريع المجتمعية للأحزاب السياسية بقدر ما تتبنى الفكر العولمي الاستهلاكي. كل هاته الاعتبارات ساهمت في تراجع ثقة المواطنين في السياسة وتختلف نسب الثقة حسب اختلاف الأنظمة السياسية والفعل السياسي من بلد إلى آخر الوضع في البلدان المتقدمة ليس كما هو عليه الحال في الدول العالم الثالث. وقد أكد المفكر الموسوعي يورغن هابرماس أن إنتاج عقلانية بديلة للعقلانية الأداتية وللأنشطة التقنوية عقلانية كفيلة بتطوير المجتمع دون إخضاعه لقوانين السوق حيث المنطق السائد هو منطق الربح والفعالية والإنتاجية والرغبة في كل مجالات الحياة وفي إرادة السيطرة والتحكم. ومن الضروري أن تحظى فلسفة الوعي أو فلسفة الذات التي سيطرت على الفكر الغربي منذ ديكارت والانتقال إلى فلسفة الانفتاح والتواصل والتفاعل داخل الفضاء العمومي المشترك بين الذوات، وقد أشار هابرماس إلى دور الفضاء العمومي مما يتضح معه البعد السياسي وهو البعد الحاضر في كتاباته المتأخرة حول الفلسفة السياسية، إذ تعتبر الديمقراطية بالنسبة له حلا لجميع مشاكل المجتمع المعاصر، من خلال ديمقراطية تشاورية قائمة على الحوار العقلاني في فضاء عمومي خال من العنف والهيمنة والسيطرة(1). إن الثقة السياسية تشير إلى تصورات المواطنين اتجاه المؤسسات والأحزاب السياسية، إن الحفاظ على الثقة لا يتأتى إلا من خلال الحفاظ على الموارد والقنوات التي تصلح علاقة الثقة المفقودة، هذه القنوات ومصادر بناء الثقة هي الأعمال الجماعية التطوعية والأنشطة التي تنشئ معارف قريبة وشبكات اجتماعية مثل الأسرة والجمعيات والمؤسسات..(2). وتأتي أهمية الثقة في أنها تؤدي بالمجتمع للتجاوب والامتثال للقرارات العامة والاقتناع والعمل على تنفيذها، كما أنها تعزز المشاركة السياسية والتماسك الاجتماعي وعلى المدى البعيد فوجودها يبني شرعية مؤسسية قوية ويسهم في حل التحديات المجتمعية بشكل أكثر فعالية وهو ما يسمى بالثقة التعاقدية، وتبنى الثقة عبر الوفاء بالوعود، ويلعب المناخ السياسي دورا كبيرا في إشاعة التواصل الفعال، حيث أن الثقة تخفف التوتر وتساهم في تحقيق التنمية والرفع من مؤشر الرفاه الإنساني وحل المشاكل المجتمعية المعقدة. لائحة المراجع والهوامش: 1- انظر مقال حسام حموم باحث في علم الاجتماع حول يورغن هابرماس النظرية السياسية وفق البراديغم التواصلي، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، العدد 1 /2022، ص 208. 2- انظر د. اماني البرت 'الثقة في السياسات العامة'، مقال نشر بجريدة الأهرام، بتاريخ 25 مارس 2024، العدد 50148. بقلم: عبد الواحد بلقصري باحث في علم الاجتماع السياسي بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store