
السعودية تضغط على 'أوبك+' بزيادة الإنتاج وتراجع الطلب على النفط يشكل تحديًا لاستراتيجيتها
أشارت السعودية مؤخرًا إلى استعدادها لخوض حرب أسعار مؤلمة في محاولة لفرض هيمنتها على منتجي النفط الآخرين.
ولكن، التدهور في الأوضاع الاقتصادية العالمية قد يجعل استراتيجيتها التقليدية أقل فعالية هذه المرة. ففي الأسابيع الأخيرة، بدا أن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان يهدد بحرب أسعار شاملة للضغط على أعضاء تحالف 'أوبك+' غير الملتزمين بحصص الإنتاج.
في نهاية الأسبوع الماضي، اتفقت ست دول رئيسية في 'أوبك+'، من بينها روسيا وكازاخستان، على إلغاء مزيد من تخفيضات الإنتاج بشكل سريع وللشهر الثاني على التوالي. ومن المتوقع أن يُضاف 411 ألف برميل يوميًا في يونيو، ليصل إجمالي الإضافة منذ أبريل إلى 960 ألف برميل يوميًا في سوق مشبعة بالفعل بالنفط. مصادر تشير إلى أن المجموعة قد تُسارع لاحقًا في رفع الإنتاج ليصل إلى 2.2 مليون برميل يوميًا بحلول نوفمبر، ما يساهم في خلق ضغط إضافي على الأسعار.
في هذا السياق، شهدت أسعار خام برنت انخفاضًا ملحوظًا لتصل إلى أقل من 60 دولارًا للبرميل يوم الإثنين، وهو مستوى لا تستطيع العديد من الدول المنتجة تحمله اقتصاديًا. والأسوأ من ذلك أن منحنى الأسعار المستقبلية للنفط دخل في نمط 'الكونتانغو'، حيث أصبحت الأسعار المستقبلية أعلى من الأسعار الفورية، ما يشير إلى توقعات بتخمة في المعروض على المدى الطويل. وقد يؤدي ذلك إلى عزوف المنتجين، خصوصًا شركات النفط الصخري الأمريكية، عن ضخ استثمارات جديدة.
السعودية ومواجهة تحديات جديدة
في حين أن هذا السيناريو يبدو مألوفًا، حيث سبق للسعودية أن خاضت حربًا على الحصص السوقية في 2014 لوقف طفرة النفط الصخري الأمريكي، وفي 2020 دخلت في صدام مع روسيا في ذروة جائحة كورونا، فإن الوضع اليوم مختلف. ففي المرتين السابقتين، تمكنت السعودية من تقليص المعروض وتعزيز سيطرتها على السوق، ولكن هذه المرة، تواجه المملكة تحديًا رئيسيًا يتمثل في أن استراتيجيتها لزيادة المعروض قد لا تُحدث استجابة كافية في الطلب، وهو عنصر أساسي في نجاح أي حرب أسعار.
في السابق، ساهم انخفاض أسعار النفط في زيادة الطلب، خصوصًا في الأسواق الحساسة للأسعار مثل آسيا والولايات المتحدة. ففي عام 2015، ارتفع الطلب العالمي بنحو 2 مليون برميل يوميًا، أي أكثر من المتوسط السنوي البالغ 1.3 مليون برميل في العقد الماضي. لكن في الوقت الراهن، تراجعت الأسعار بنسبة 20% منذ بداية العام، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى المخاوف بشأن تراجع الطلب العالمي، الذي يُعزى إلى التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
التحديات المستقبلية والتهديدات المحتملة
بالإضافة إلى ذلك، يعكس تباطؤ حركة الشحن بين أكبر اقتصادين في العالم تنامي التوترات التجارية، مما قد يُبقي الوضع على حاله لفترة طويلة. وهذا يخلق تحديات إضافية للدول المنتجة التي قد تجد نفسها تتنافس على حصة من سوق آخذة في الانكماش، مما يزيد من التقلبات ويضعف السيطرة السعودية على السوق. قد تكون المقارنة الأنسب لما يحدث الآن هي ما حدث في أواخر عام 1997، عندما رفعت 'أوبك' حصص الإنتاج قبل أشهر فقط من وقوع الأزمة المالية الآسيوية، مما أدى إلى انهيار الأسعار بنسبة 50% خلال عام واحد.
السعودية وتأثير انخفاض الأسعار على اقتصادها
رغم قدرة السعودية على تحمل تراجع الأسعار لفترة طويلة بفضل قدرتها على الاقتراض، إلا أن المملكة تحتاج إلى سعر يتجاوز 90 دولارًا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها، وفقًا لصندوق النقد الدولي. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي استمرار ضعف السوق إلى إثارة التوترات داخل 'أوبك+'، مما يهدد بتفكك التحالف الذي أصبح أحد الركائز الأساسية في السياسة الخارجية السعودية في السنوات الأخيرة.
على الرغم من انخفاض تكلفة الإنتاج السعودي، إلا أن المملكة تجد نفسها في موقف حرج، حيث يتطلب الوضع الحالي تحركًا حاسمًا للتعامل مع التقلبات السوقية المتزايدة ولضمان استقرارها الاقتصادي في المستقبل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن الخليجية
منذ 7 ساعات
- الوطن الخليجية
الذهب أداة قطرية للتحوّط وتعظيم الأرباح في عالم مضطرب
في خضم عالم مالي يشهد تقلّبات جذرية، وبينما تواجه البنوك المركزية ضغوطات ناجمة عن أسعار الفائدة المنخفضة، اتجهت قطر إلى خيار استراتيجي مختلف: الاستثمار المكثف في الذهب. خلال السنوات الخمس الماضية، لم تكتف الدوحة بزيادة مخزونها من هذا المعدن الثمين فحسب، بل جعلت منه أحد أعمدة سياستها النقدية، لتحقق بذلك أرباحاً معتبرة وتتفوق خليجياً وعربياً في نسبته من إجمالي الاحتياطي النقدي. تحوّل استراتيجي في السياسة النقدية حتى عام 2006، لم يكن للذهب حضور يُذكر في محفظة الاحتياطي النقدي القطري. لكن مع بداية 2007، بدأت السياسة النقدية تنحو منحى جديداً. لم يكن هذا التحوّل اعتباطياً، بل جاء استجابة لمتغيرات عالمية شملت أزمات مالية وصراعات جيوسياسية وضغوطاً على العملات، وأدى إلى قناعة مفادها أن التنويع هو أفضل وسيلة للتحصين. اليوم، يشكل الذهب نحو 13.2% من احتياطي قطر النقدي – وهي أعلى نسبة في الخليج – بعدما قفز المخزون من أقل من طن واحد إلى ما يزيد على 110 أطنان حتى نهاية 2024. هذا التحول ليس مجرد تعديل فني، بل يعكس فلسفة اقتصادية تتطلع إلى الاستقرار طويل الأمد والربحية في آن واحد. لجنة الاستثمار والبنية التنظيمية يقود هذا التحول لجنة الاستثمار التابعة لمصرف قطر المركزي، وهي الجهة المسؤولة عن رسم سياسة إدارة الاحتياطي وتوزيعها على إدارات متخصصة. تقوم إدارة المخاطر بترشيح الأصول الآمنة، بينما تضبط إدارة عمليات الاستثمار توقيتات الشراء، وتتابع إدارة الاستثمار أسعار صرف الريال، في تنسيق يعكس احترافية مؤسسية تندر في المنطقة. أهداف السياسة القطرية في هذا الإطار ثلاثية الأبعاد: حماية سعر صرف الريال، تأمين العملات الأجنبية اللازمة للنظام المالي، وتحقيق عائد على الاحتياطيات من خلال أدوات متنوعة تتضمن الذهب، السندات، الأسهم، والودائع. مكاسب الذهب مقابل تراجع العملات في الوقت الذي كانت فيه أسعار الفائدة تتراجع عالمياً، وتحديداً منذ جائحة كورونا، حافظ الذهب على مسار صاعد. بين 2020 و2024، ارتفع سعر الأونصة بنسبة تقارب 80%، مدفوعاً بعوامل أبرزها الحروب، العقوبات الدولية، سياسات الحمائية التجارية، وتخفيضات أسعار الفائدة التي قادتها الولايات المتحدة وأوروبا. قطر استغلت هذا الاتجاه بذكاء. فبدلاً من إبقاء احتياطياتها في ودائع منخفضة العائد، حولت جزءاً منها إلى ذهب، فارتفعت قيمة المعدن المملوك للمصرف المركزي القطري من نحو 757 مليون دولار في 2015 إلى أكثر من 9.2 مليار دولار بنهاية 2024. في المقابل، تراجعت نسبة العملات الأجنبية من إجمالي الاحتياطي من أكثر من 50% عام 2015 إلى أقل من 35% في 2024. هذا التحول لم يكن مجرد استجابة آنية، بل يعكس تصوراً جديداً لدور الذهب كأصل استراتيجي لا يتآكل بفعل التضخم أو تقلبات السوق. قطر في الصدارة خليجياً لا توجد دولة خليجية أخرى بادرت إلى شراء الذهب منذ عقود. السعودية والإمارات والكويت والبحرين وعُمان حافظت على احتياطياتها القديمة دون تحديث يُذكر، ويُحتسب الذهب لديها بقيمته التاريخية لا السوقية. هذا يعني أن احتياطياتها الثمينة تبقى 'راكدة' من حيث القيمة المحاسبية، ولا تعكس الارتفاع الفعلي في أسعار الذهب. قطر، على النقيض، تنتهج سياسة تقييم الذهب بسعر السوق، ما يجعل أرقامها أكثر شفافية ويعزز من قدرتها على رصد الأداء الحقيقي لاستثماراتها. تقديرات للأرباح بالرغم من غياب بيانات رسمية مفصلة عن أرباح الاستثمار في الذهب، إلا أن التقديرات تشير إلى أرقام معتبرة. في عام واحد فقط (بين نهاية 2023 ونهاية 2024)، اشترت قطر نحو 9.9 أطنان من الذهب، ارتفع خلالها سعر الأونصة من 2050 إلى 2617 دولاراً. هذه العملية وحدها قد تكون قد حققت أرباحاً تقدر بـ197 مليون دولار تقريباً. ومنذ عام 2020، ارتفع إجمالي الذهب الذي تمتلكه قطر من نحو 56 طناً إلى أكثر من 112 طناً، ما يعني أن الأرباح المتراكمة على مدى خمس سنوات قد تكون مضاعفة بعدة مرات. الذهب كملاذ في أوقات الأزمات التوجه نحو الذهب يتجاوز الحسابات الربحية قصيرة الأجل. فالذهب يُعتبر ملاذاً آمناً في أوقات التوتر العالمي. وقد أسهمت أحداث مثل الحرب الروسية الأوكرانية، العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، والتوتر في مضيق تايوان، في تغذية الطلب عليه. كما أن الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، والعقوبات المتزايدة على قوى إقليمية، أدت إلى فقدان الثقة بالدولار واليورو، وهو ما دفع البنوك المركزية – ومنها القطرية – إلى رفع حيازتها من الذهب بشكل غير مسبوق. دروس للدول الأخرى اللافت أن دولاً عربية ذات احتياطيات نقدية متواضعة مقارنة بقطر، مثل لبنان والأردن ومصر، تمتلك نسباً أعلى من الذهب في احتياطاتها. إذ تصل النسبة إلى أكثر من 50% في لبنان و23% في مصر، ما يعكس إدراكاً مبكراً لأهمية هذا المعدن في تحصين الاقتصاد. لكن ما يميز قطر أنها تدخلت في التوقيت المناسب واستفادت من طفرة الأسعار، بينما بقيت دول الخليج الأخرى على هامش هذا التحول. آفاق المستقبل من المتوقع أن يستمر الطلب على الذهب في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية والغموض الاقتصادي العالمي. ويبدو أن الدوحة تدرك ذلك جيداً، فقد واصلت الشراء حتى فبراير 2025 بإضافة طنين آخر إلى مخزونها. إذا واصلت قطر هذه السياسة، فقد تكون على موعد مع المزيد من المكاسب، خصوصاً إذا تسارعت الأزمات العالمية أو استمرت أسعار الفائدة بالانخفاض. وفي غياب مبادرات مماثلة من دول الخليج الأخرى، تبقى قطر المثال الخليجي الوحيد على توظيف الذهب كأداة فعالة للتحوط وتعظيم الأرباح في عالم لا يمكن التنبؤ به.


الرأي
منذ 21 ساعات
- الرأي
النفط يصعد 1 في المئة بعد تقرير عن تحضير إسرائيل لضرب منشآت نووية إيرانية
قفزت أسعار النفط بأكثر من واحد في المئة، اليوم الأربعاء، بعد تقرير لشبكة (سي.إن.إن) أفاد بأن إسرائيل تجهز لتوجيه ضربة لمنشآت نووية إيرانية، مما أثار مخاوف من أن يؤدي الصراع إلى اضطراب الإمدادات بالشرق الأوسط المنتج الرئيسي للخام. وبحلول الساعة 00.03 بتوقيت غرينتش، زادت العقود الآجلة لخام برنت لشهر يوليو 86 سنتا أو 1.32 في المئة إلى 66.24 دولار للبرميل. وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي لشهر يوليو 90 سنتا أو 1.45 في المئة مسجلة 62.93 دولار. كانت (سي.إن.إن) قد ذكرت أمس الثلاثاء نقلا عن مسؤولين أمريكيين مطلعين أن معلومات استخباراتية جديدة حصلت عليها الولايات المتحدة تشير إلى أن إسرائيل تستعد لضرب المنشآت النووية الإيرانية. وأضافت الشبكة الإخبارية نقلا عن المسؤولين أنه لم يتضح ما إذا كان القادة الإسرائيليون قد اتخذوا قرارا نهائيا. وارتفعت العقود الآجلة للخام الأميركي بأكثر من دولارين للبرميل في أعقاب نشر التقرير، بينما ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بأكثر من دولار. إيران ثالث أكبر منتج بين أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك»، وقد يؤدي أي هجوم إسرائيلي إلى اضطراب إمداداتها من الخام. وتوجد أيضا مخاوف من احتمال رد إيران، في حال مهاجمتها، بمنع تدفقات ناقلات النفط عبر مضيق هرمز بالخليج الذي تصدر من خلاله السعودية والكويت والعراق والإمارات النفط الخام والوقود. ومع ذلك، ظهرت بوادر على زيادة الإمدادات. وذكرت مصادر بالسوق، نقلا عن أرقام معهد البترول الأميركي، أمس أن مخزونات النفط الخام بالولايات المتحدة ارتفعت الأسبوع الماضي بينما انخفضت مخزونات البنزين ونواتج التقطير. وقالت المصادر التي اشترطت عدم الكشف عن هويتها إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للخام في العالم، ارتفعت بمقدار 2.5 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 16 مايو. ويترقب المستثمرون أيضا بيانات مخزونات النفط الأميركية الحكومية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة في وقت لاحق اليوم الأربعاء. وكشف مصدر بالقطاع عن أن إنتاج كازاخستان من النفط زاد بنسبة اثنين في المئة في مايو، وهي زيادة تتحدى ضغوط منظمة «أوبك» وحلفائها على البلاد لخفض إنتاجها.


الرأي
منذ 2 أيام
- الرأي
أسواق الطاقة في 2025... بين تحولات جيوسياسية وتحديات الاستدامة
- الرسوم الجمركية تقلق أسواق الطاقة - تقلبات أسعار النفط تهدد اقتصادات الخليج رغم استقرار التوقعات نسبياً يشهد عام 2025 تقاطعاً حاسماً في مسار أسواق الطاقة العالمية، حيث تتفاعل قوى جيوسياسية متغيرة مع ضغوط متزايدة نحو الاستدامة والانتقال إلى مصادر طاقة أنظف، وبينما لا يزال النفط يلعب دوراً محورياً، تتشكل ملامح مستقبل الطاقة بتأثيرات متعددة الأوجه، بدءاً من التطورات التكنولوجية وصولاً إلى السياسات الحكومية الطموحة. في أحدث تقاريرها، قامت وكالة الطاقة الدولية بتحديث توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في عام 2025 بخفض كبير، عقب يوم واحد من خطوة مماثلة اتخذتها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). ويُعد هذا التخفيض من جانب الوكالة، التي تقدم استشاراتها للدول الصناعية، أحدث دليل على تراجع الآمال في شأن نمو الطلب على النفط. ويُعزى هذا التراجع بشكل كبير إلى الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأميركية، والتي كان لها بالفعل تأثير ملحوظ على أسعار النفط في أبريل الماضي. انخفاض حاد وفي تقريرها الشهري، ذكرت الوكالة أن الطلب العالمي على النفط سيرتفع هذا العام بمقدار 730 ألف برميل يومياً، وهو انخفاض حاد مقارنة بتوقعات مارس الماضي التي بلغت 1.03 مليون برميل يومياً. وأوضحت الوكالة أن «التدهور في النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي، في ظل التصاعد الحاد والمفاجئ في التوترات التجارية في أوائل أبريل، دفعنا إلى خفض توقعاتنا لنمو الطلب على النفط هذا العام»، مشيرة إلى أن «الولايات المتحدة والصين تتحملان نصف هذا الخفض، بينما تتحمل الاقتصادات الآسيوية ذات التوجه التجاري الجزء الأكبر المتبقي». وتتوقع الوكالة أن «يتباطأ النمو بشكل أكبر 2026 ليصل 690 ألف برميل يومياً، حيث إن انخفاض أسعار النفط لم يعوض سوى جزء من تأثير ضعف البيئة الاقتصادية». توقعات الطلب وقد خفضت «أوبك» توقعاتها للطلب على النفط للعام الجاري إلى 1.3 مليون برميل يومياً وللعام المقبل إلى 1.28 مليون، بانخفاض 150 ألف برميل يومياً لكل عام عن أرقام شهر مارس. وتشير توقعات «أوبك» للطلب على النفط إلى الحد الأقصى لتوقعات القطاع، حيث تتوقع استمرار زيادة استخدام النفط لسنوات مقبلة. ويختلف هذا التوجه مع وكالة الطاقة الدولية، التي تتوقع أن يبلغ الطلب ذروته خلال هذا العقد مع تحول العالم نحو أنواع وقود أنظف. وقد شكلت الرسوم الجمركية التي أعلنت، إضافة إلى خطة مجموعة «أوبك+» التي تضم دول «أوبك» وحلفاء من بينهم روسيا لزيادة الإنتاج، ضغوطاً على أسعار النفط خلال شهر أبريل وأثارت مخاوف في شأن النمو الاقتصادي. تقلبات الأسعار في المقابل، يركز صندوق النقد الدولي في تحليلاته على الجانب الاقتصادي لأسواق الطاقة، خصوصاً تأثير تقلبات أسعار النفط على الاقتصادات العالمية، بما في ذلك دول الخليج المصدرة للنفط. ويشير الصندوق إلى أن أسعار النفط لا تزال عرضة لتقلبات كبيرة ناتجة عن عوامل جيوسياسية، ومخاطر الإمدادات، وقرارات الإنتاج من قبل الدول الأعضاء في «أوبك+». ورغم أن التوقعات تشير إلى استقرار نسبي في أسعار النفط حول نطاق 70-85 دولاراً للبرميل في 2025 وفقاً لبعض التحليلات، إلا أن هناك سيناريوهات أخرى قد تدفع الأسعار نحو الهبوط. يمكن أن يؤدي تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، أو زيادة المعروض من خارج أوبك+، أو تحقيق تقدم أسرع في تبني الطاقة المتجددة، إلى الضغط على أسعار النفط. ويمثل هبوط أسعار النفط تحدياً كبيراً لدول الخليج التي تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على عائدات النفط. ووفقاً لوكالة التصنيف الائتماني العالمية «فيتش» فإن فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للرسوم الجمركية لن يكون له تأثير مباشر على التصنيف الائتماني لدول مجلس التعاون الخليجي، مفيدة أن الصادرات من دول الخليج إلى الولايات المتحدة منخفضة وتميل بشدة نحو المنتجات المرتبطة بالطاقة، وهي معفاة من الرسوم الجمركية. تأثير محتمل وأوضحت «فيتش» أن الآثار غير المباشرة للتأثير المحتمل لزيادة الرسوم الجمركية قد تحمل أثراً أكبر على المنطقة. إذ قد يؤدي ضعف الطلب، على وجه الخصوص، إلى ضغط سلبي على أسعار الطاقة، التي تمثل معظم الإيرادات الحكومية في دول الخليج. وحسب تقديرات الوكالة، فإن انخفاض سعر البرميل بمقدار 10 دولارات مقارنةً بتوقعاتها الأساسية البالغة 70 دولاراً للبرميل في 2025، سيؤدي إلى خسارة في الإيرادات المالية تتراوح بين 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الإماراتي، و4.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الكويتي. وتتفاوت درجة تأثر دول الخليج بصدمات أسعار النفط، حيث تُعتبر البحرين الأكثر تأثراً. وبدأت بالفعل العديد من دول الخليج في تنفيذ برامج طموحة للتنويع الاقتصادي بهدف تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات. وتشمل هذه البرامج استثمارات ضخمة في قطاعات السياحة، والصناعة، والتكنولوجيا، والطاقة المتجددة. وتسعى هذه الدول إلى استغلال مواردها الطبيعية الأخرى وموقعها الإستراتيجي لبناء اقتصادات أكثر مرونة واستدامة على المدى الطويل. أسواق الطاقة 2025 ديناميكية عالية بين التحديات والفرص يمكن القول إن أسواق الطاقة في عام 2025 تتسم بديناميكية عالية وتواجه تحديات وفرصاً متداخلة. فبينما يشهد الطلب على النفط تباطؤاً تدريجياً، تبرز أهمية الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي كبدائل. وتواجه دول الخليج المصدرة للنفط ضرورة تسريع وتيرة التنويع الاقتصادي والتكيف مع التحولات في أسواق الطاقة لضمان استدامة النمو والازدهار في المستقبل.